إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

(( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

    هل حقا جمـــــال البنـّــا مفكـــر إســـلامي؟

    الحلقة الأولى

    بقلم : محمــد إبراهيـم مبـروك


    ما الذي يمكن أن نفعله تجاه تلال من الزيف تجمعها عشرات الكتب ومئات المقالات لكي ندحضها ونبرز ما فيها من ضلالات؟

    أعتقد أن الحل الوحيد هو أن نصبر على معظمها ونعمد مباشرة إلى المنظومة الأساسية التي تنطلق منها لنكشف عن أسرارها.

    هذا ما جال بخاطري وأنا بصدد مناقشة أفكار الأستاذ جمال البنا الذي تتجاوز كتبه المائة ويبلغ الكثير منها حجم المجلدات وتتجاوز مقالاته الألف يشغل الكثير منها الصفحات الكاملة. وليس دافعي للقيام بهذه المهمة عمق هذه الأفكار أو تأثيرها الكبير على عقول الماس أو حتى ما حققته من استياء ونفور في نفوس من قرأها من المسلمين. فلقد عاش الأستاذ جمال البنا ثمانين عاما لا يكاد يعرف به أحد أو تصنع أفكاره – على الرغم من كل هذه الكتب والمقالات – أثرا ذا شأن لدى القراء ولا حتى المتخصصين، وهو ما ظل يشكو هو نفسه أمام الكثيرين (ولنا ان ندرس مدى تأثير ذلك على توجهاته خصوصا لو ربطنا بينه وبين إدراكه الذكي لمدى ما بلغه أخوه الإمام حسن البنا من شهرة ومجد وتأثير على تاريخ العالم) ولكن منذ عامين فقط أدرك الماركسي القديم الأستاذ صلاح عيسى بذكاء لا يحسد عليه مدى ما يمكن حصده من ثمار خلال توظيف جمال البنا لتوجهات التيار العلماني الذي ينتمي إليه. ليس فقط استغلالا لاسم الرجل الذي يرتبط بأخوته للإمام حسن البنا أو حتى لصفة المفكر الإسلامي الملتصقة به. ولكن وقبل كل ذلك لأنه فهم مشكلة الرجل ومن هنا أتاح له الفرصة عبر صحيفته "القاهرة" أن يقول كل ما يريده، بل وكل ما يريده هو أيضا. وحتى إلى هذا الحد فليست هناك مشكلة ذات بال. فالجريدة تكاد تكون حكرا على العلمانيين واما توزيعها فحدث عنه ولا حرج. وبعض الإسلاميين الذين كانت تفزعهم آراء وفتاوى البنا في أول الأمر سريعا ما صاروا يقرؤونها من باب الطرائف والعجائب ولكن يبدو أن هذا الأمر ذاته أثار غضب الأستاذ البنا وعناده فقرر أن يعلن في الآونة الأخيرة عن أفكار أشد حدة وإثارة مثل كون الإسلام دينا علمانيا وانه ليس دينا ودولة وبطلان الجهاد في الإسلام وأن الحضارة الأمريكية حضارة رائعة رغم لوثاتها وأن على المسلمين أن يطوروا عقائدهم ومناهجهم الدينية استجابة لطلب بوش والإدارة الأمريكية. وبذلك حقق للتيار العلماني وللقوى التي يخدمها أكثر مما يريدون.

    ورغم كل ما سبق فإن ما أفزعني حقا ودعاني للقيام بهذه المهمة أنه قد بدأنا نرى من يظهر في القنوات التلفزيونية الحكومية وغير الحكومية مطلقا مثل هذه الأفكار مدعيا أنه يستند في ذلك إلى مفكر إسلامي مستنير هو الأستاذ جمال البنا. وعلى هذا فإنني – كما قدمت – سأعمد مباشرة إلى مناقشة ما يمكن تسميته بالمنظومة الفكرية للأستاذ البنا لنرى ماذا بها من صفة الإسلامية لأن فكر الرجل إذا كان في حقيقته مجردا من تلك الصفة لم تعد هناك أهمية كبيرة لمناقشة كل تلك الأفكار التي يطلقها فهو لن يعدو حين ذاك سوى مجرد واحد من الكتاب العلمانيين المنتشرين في البلاد.

    المرجعية الإسلامية وموقفه من السنة النبوية

    المرجعية الإسلامية الملزمة حقا – كما يحددها الأستاذ جمال البنا – "القرآن الكريم والصحيح المنضبط من السنة النبوية أما أحكام الفقهاء وأئمة المذاهب والصحابة إلخ.. فلا تعد ملزمة" (ما هي المرجعية الإسلامية الملزمة: القاهرة 15/8/2000). وهكذا جاءت الأجزاء الثلاثة لكتابه الأساسي في هذا الموضوع (الفقه الجديد) على هذا النحو (فهم الخطاب القرآني – السنة النبوية – أصول الفقه التقليدي وأصول الفقه الجديد) ولكننا بخلاف هذا الترتيب سنبدأ بمناقشة مفهومه للسنة النبوية أولا لأن ذلك بحسب تصوري هو المدخل الحقيقي لفهم فكر جمال البنا.

    يذهب الأستاذ جمال البنا إلى رفض منهج العلماء في إثبات صحة الأحاديث النبوية ويستند على ذلك على ذلك إلى عدة أشياء أهمها:

    إن هناك اختلافا بين العلماء أنفسهم على الأحاديث التي تنطبق عليها صفة الحديث الصحيح. فكما ينقل البنا عن الإمام الحاكم فإن "عدد من خرج لهم البخاري في الجامع الصحيح ولم يخرج لهم مسلم أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخا وعدد من احتج بهم مسلم في المسند الصحيح ولم يحتج بهم البخاري في الجامع الصحيح ستمائة وخمسة وعشرون شيخا" ويضيف إلينا إلى ذلك في كتابه (السنة) "أن هناك اختلافا في تحديد مضمون كلمة ثقة من بعض المحدثين والبعض الآخر كما يظهر من قبول البخاري لمن رفضه مسلم والعكس بالعكس".

    وظاهر الخلاف هنا يبدو وكأنه يدور حول الصحة والضعف. ولكن الحقيقة هي أنه يدور حول الصحة وزيادة التوثيق من هذه الصحة. فقد اشترط البخاري في رجال صحيحة العدالة الضبط واللقيا بينما اشترط مسلم العدالة والضبط والمعاصرة. ومعنى ذلك أن مسلم كان يكتفي لصدق الحديث معاصرة الشيخ للشيخ الذي يروى عنه بينما البخاري لا يكتفي بذلك بل يشترط التحقق من التقاء الشيخ بالشيخ الذي يروي عنه. فالمسألة تعني الزيادة في التأكد عند البخاري دون أن تعني ضعف منهج مسلم في تحقق الصحة.

    أما حكاية اختلاف الثقة في الشيوخ بين إمام وآخر، فهذا يتعلق بمدى تحقق كل إمام من ثقة الشيخ المروي عنه بحسب درجة تحفظه في مدى توفر تلك الثقة والتي كانت تبلغ درجة من التشدد في التحفظ عند البعض لا يعيب البعض الآخر أن يتخفف منها. فقد كان يسقط الكثير من الأئمة الثقة عن بعض الرواة لمجرد أنه يأكل في الأسواق أو يصيح فيها. وللزهري (إبراهيم بن سعد) الذي ولي قضاء بغداد واتفق الكثير من الرواة على عدالته (وهو غير الزهري التابعي الشهير) قصة لها أهميتها الخاصة حيث يروي عنه الإمام ابن القيسراني في كتابه السماع. أنه كان يفتي بتحليل الغناء (وهو أمر يتفق معه فيه أئمة آخرون كابن حزم والغزالي بعكس ما يعتقد البعض من الاتفاق على تحريمه) وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه فسمعه يتغنى فقال: لقد كنت حريصا على أن أسمع منك فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا. قال إذن لا أفقد إلا شخصك. أ.هـ. ولا نعتقد أن من يترك على سبيل المثال تلك الدرجة من التحفظ في أخذ الأحاديث يكون في حديثه ضعف بسبب ذلك.

    ويستدل البنا على موقفه أيضا في رفض منهج العلماء في إثبات صحة الحديث بما يذهب إليه من تعذر التوصل ولو إلى حديث واحد متواتر (أي رواه جميع من الثقات عن جمع من الثقات)
    تواترا لفظيا (158). ويضرب لذلك مثلا بحديث "من كذب علي .. إلخ" حيث يذكر من رواياته الروايات التالية:

    1- من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.

    (وهذه في معظم الروايات التي رويت عن مائة صحابي).

    2- من كذب علي فيلتمس لجنبه مضجعا من النار.

    (وهذه لقتادة رضي الله عنه).

    3- من كذب علي متعمدا ورد أو رد شيئا مما أمرت به فليتبوأ بيتا في جهنم. (وهذه عن أبي بكر).

    ترى لو جاء عن أحد الزعماء انه قال: "أننا سنحارب الأعداء بكل عزم وقوة" في عشر روايات. وقال في غيرها "أننا سنحارب اعداءنا بكل قوة وعزم" فهل يحق لنا أن تسقط هذا الكلام ونبقي روايته عن هذا الزعيم ولا يشك العالم اجمع في قوانا العقلية ؟

    ولكن ماذا نفعل إذا كان الأستاذ جمال البنا يعلق على الروايات السابقة للحديث المذكور بقوله: "فإذا كان هذا هو المثال الذي يضربونه بالمتواتر والذي نرى أن تواتره اللفظي غير قائم. وأن تواتره المعنوي متفاوت فكيف يمكن الوثوق في حديث متواتر؟" (السنة: ص140).

    ويستدل الأستاذ على موقفه أيضا بأن علماء الحديث اهتموا بسند الحديث (الرواة) دون المتن (مدى صحة نص الحديث نفسه. وينقل في ذلك عن الدكتور إسماعيل منصور من كتابه (تبصير الأمة بحقيقة السنة) قوله : " أن ما وضعه المحدثون من ضوابط في السند صرفت المحدثين عن العناية الواجبة بالمتن في حين أن هذه لن يعنوا بالمتن إلا بالبحث عن العلة القادحة أو الشذوذ من باب إتمام الأمر لا من باب تأسسه أو حتى المساواة بين الأمرين مما جعل ضوابط حكمهم على الحديث ما هي إلا مجرد ضوابط شكلية لا تمثل قيمة بالنسبة لصحة المرويات" (السنة: 52-53) ويقول البنا تأكيدا لذلك عند إنكاره لبعض الأحاديث المتواترة في هذه الموضوعات مع وجود علل في روايات بعض الأحاديث التي تعالج أصولا هامة يصور جريرة التعويل على السند وليس المتن" (السنة : ص158).

    أقول أن اتهام علماء الأمة بالاهتمام بالسند دون المتن اتهام شديد البطلان ومن يطلع على كتب علوم الحديث التي تتعدى الخمسين علما يحد العجائب الذكية في نقد العلماء للأحاديث من خلال المتن يقول الإمام داؤد بن علي: "من لم يعرف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد سماعه ولم يميز صحيحه من سقيمه فليس بعالم" (كتاب السماع لابن القيسراني : ص89). لقد ألف العلماء الكثير من الكتب في ذلك ووضعوا علامات عديدة للوضع في المتن منها : ركاكة اللفظ – مخالفته لبدهيات العقول – مخالفته للقواعد العامة في الحكم والأخلاق – مخالفته للحس والمشاهدة – مخالفته للبدهي في الطب والحكمة – مخالفته لسنن الله في الكون والإنسان – إشتماله على سخافات يصان منها العقول – مخالفته للحقائق التاريخية المعروفة عن عصر النبي – إخباره عن أمر وقع بمشهد عظيم وينفرد راو واحد بروايته" (راجع د. مصطفى السباعي: السنة وأثرها في التشريع الإسلامي):

    وللإمام ابن القيم كتاب رائع العمق والطرافة في ذلك هو كتاب (المنار المنيف في الصحيح من الضعيف) يقول فيه: "ونحن ننبه على أمور كلية يعرف بها كون الحديث موضوعا. فمنها اشتماله على المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله  (أحاديث تكافئ الناس على جملة يقولونها أو على بضع ركعات نافلة تكافئهم بعجائب المكافآت التي لا يعلمها الأعلام الغيوب) . ومنها تكذيب الحس لخا كحديث "الباذنجان لما أكل له .. ومنها مخالفة الحديث صريح القرآن. ومنها أحاديث المناقب للأشخاص أو البلدان" وذكر ابن القيم عشرين علامة من علامات الحديث الموضوع يمكن إدراكها من المتن يكفي الاعتماد عليها لإبطال ما يشاع من أحاديث تجافي العقل دون التضحية بالسنة النبوية كلها إرضاء للأستاذ البنا ومن يذهبون مذهبه.

    ويقف الأستاذ البنا كثيرا عند الأخذ بحديث الآحاد (وهو ما يرويه الثقة عن الثقة حتى يصل إلى الرسول  لاحتمال تطرق الخطأ إليه. والسؤال المطروح هنا: هل إفادة حديث الآحاد الظن الراجح دون اليقين الذي لا يتطرق إليه الشك لا يقتضي العمل به في الشريعة؟. إننا لو أخذنا بذلك فإننا نبطل حركة الحياة في الكون كله. فمدار العلم في تأريخ الدنيا يقوم على الظن الراجح وليس اليقين، وكما يقول البروفيسور سوليفان: "إن معنى نظرية علمية صحيحة أنها فروض علمية ناجحة ومن الممكن تماما أن تكون سائر النظريات العلمية باطلة ذلك أن النظريات التي نعتبرها اليوم حقيقة ليست إلا قياسا على وسائلنا المحدودة للملاحظة، (نقلا عن وحيد الدين خان: الإسلام يتحدى).

    وهنا قد يقال: ولكننا الآن أمام دين ولينا أمام علم والدين لا يتصور فيه غير الثبات تعكس العلم. وأرد على ذلك بأن المسألة هنا في الفروع وليست في الأصول ومن هنا كان الاجتهاد. فالاجتهاد ليس في القدرة على التطبيق فقط ولكن في اعتماد أدلة الفروع. ولكن المشكلة الكبرى هي في اعتقاد البعض أن الأمور منتهية وكل شيء على ما يرام.

    إن كل المقدمات والأسانيد التي بنى عليها الأستاذ جمال البنا موقفه حتى لو كانت كلها صحيحة لا تكفي بأية حال من الأحوال لأن تأتي بهذه النتيجة الكبرى وهي رفض الأخذ بالأحاديث النبوية بناء على منهج العلماء. ومن ثم فإن الظاهر أن هذه النتيجة محددة سلفا وأن كل هذه المقدمات والأسانيد ما هي إلا محاولة للوصول إليها. وهنا نقف على قضية القضايا في موقفه من السنة النبوية وهي: هب أن كل الأحاديث الموجودة لدينا صحيحة السند والمتن فهل يكفي هذا عنده للإستدلال بها؟ أقول أنه سوف يرفضها أيضا بناء على موقفه من قضية تدوين السنة .

    فهو يذهب استنادا إلى بعض الأحاديث (ويا للعجب في ذلك) إلى أن الرسول  نهى عن كتابة الأحاديث ، وبناء عليه فقد ذهب الأستاذ البنا إلى أن "الدلالة الوحيدة التي تستخلص من هذه الوقائع أن الجميع: الرسول والخلفاء الراشدين من هذه الوقائع أرادوا عدم تأييد ما جاءت به السنن من أحكام رغم التزام جيل الرسول والأجيال بعده ما لم تمثل عنتا أو حرجا. أو جاءت هذه الأجيال بعوامل لم تكن معهودة لجيل الرسول. ففي هذه الحالات يجتهد للتوصل إلى حلول تتفق مع الثوابت القرآنية حتى وإن خالفت الأحكام السنية." (السنة : ص 202). والثابت أنه قد جاءت الأحاديث أيضا التي تذكر أن الرسول  قد أذن لبعض الصحابة بكتابة بعض الأحاديث ويستدل بعض المدافعين عن السنة من ذلك بأن الإذن بالكتابة قد نسخ النهي عنها ويرى آخرون منهم أن النهي خاص بمن لا يؤمن عليه الغلط والخلط بين القرآن والسنة. أما الإذن فهو خاص بمن أمن عليه ذلك. واستجلاء الأمر عندي فيما يمكن فهمه من ذلك أو بمعنى أدق فيما تقتضيه طبيعة الإرشاد النبوي هو أن ما كان يهدف إليه الرسول  هو حفظ قداسة القرآن بإحاطته بسياج من الخصوصية تفصل بينه وبين كلام النبوة وكانت الكتابة من بين ذلك في الوقت الذي يشق فيه في حفظ السنة النبوية عن طريق السمع والذاكرة والرواية لأن هذا هو الطريق الذي عرفه العرب في حفظ علومهم وحين تأكد له ذلك سمح بكتابة السنة رويدا رويدا. ومن ثم فلا علاقة على الإطلاق بين ذلك النهي عن الكتابة وعدم اهتمامه  بحفظ السنة ومن بتلك الاستنتاجات الشاطحة التي يذهب إليها البنا وغيره.

    فإذا كان هذا هو موقفه من السنة فترى ما هو موقفه من القرآن ؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة.

    تعليق


    • #62
      رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

      هل حقا جمـــال البنـّـا مفكــــر إسـلامي؟
      موقف جمال البنا من القرآن وقواعد أصـول الفقــه

      الحلقة الثانية

      بقلم : محمــد إبراهيــم مبـروك

      يقول الأستاذ جمال البنا " أن المرجعية الإسلامية الملزمة حقا هي القرآن الكريم والصحيح المنضبط بالقرآن من السنة النبوية" (القاهرة: 15/8/2000). وقد رأينا في الحلقة السابقة موقفه من منهج العلماء في إثبات صحة السنة حيث رأى أنه "ليس من معيار يمكن أن يفصل لنا في هذا سوى القرآن فالموضوع هو حديث الرسول وليس هناك ما يسامي هذا في أقوال البشر - ولا بد من أن نذهب إلى القرآن رأسا حتى تطمئن القلوب وتزول ما يمكن أن يعرض لها من غضاضة أو تردد". (السنة: 245).



      إن ابسط ما يقتضيه هذا الموقف الذي يذهب إليه البنا هو أن يضع لنا منهجا في استنباط الأحكام الفقهية وإلتماس المعايير التي يتحدث عنها للفصل في صحة الأحاديث أو ضعفها. فترى ماذا فعل الأستاذ البنا من أجل ذلك؟



      بادئ ذي بدء فإن فإن البنا يرفض كل تفسيرات المفسرين بل والمذاهب الفقهية ايضا حيث يقول في ذلك: "نحن نرى أن هذه التفسيرات وكذلك المذاهب الفقهية تميل لأن تكون نوعا من الأفتيات والإسقاط البشري على القرآن" (القاهرة: 15/8/2000).



      وهو يقف بالمفسرين كل من مرصد فهم في زعمه قد حشوا التفاسير بالإسرائيليات. يقول البنا في ذلك : "إن الفقهاء وليس المحدثين – رأوا ان شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخه ناسخ في الإسلام وهذه الروح المنفتحة الطلقة السمحة هي التي تفسر لنا كيف تقبل المفسرون الأساطير الإسرائيلية وكيف حشوا بها تفسيراتهم" (فهم الخطاب القرآني: ص102). وهو يسقط أيضا أسباب النزول "نكاد نقطع بأن معظم ما جاء عن "أسباب النزول" منحول أو موضوع أو مروي بالمعنى الذي ينال من مصداقيته ولكن المفسرين تلقفوا هذه الأحاديث لأنها حلت لهم مشكلتهم حتى وإن قالوا العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" (فهم الخطاب القرآني: ص103) فإذا تجاوزنا مناقشة صحة أو خطأ ما يقول ونحينا كتب التفسير وأسباب النزول أيضا فإلى أي شيء نلتجئ لفهم القرآن؟. إن ابن رشد مثلا الذي يعترض على منهجه أمثالي يذهب إلى أن قواعد اللغة العربية هي الحدود التي لا ينبغي أن يخرج عنها تفسير أو تأويل. فهل رضي جمال البنا بالوقوف عند تلك الحدود؟. أقول إن جمال البنا يرفض ذلك أيضا حيث يقول: "عز على اللغويين أن يبدع القرآن لغته الخاصة وصياغاته المميزة وظنوا – وبعض الظن إثم – أن عليه أن يتبع قواعدهم ! فأخذوا يفتاتون عليه" (فهم الخطاب القرآني: ص104). ويقول في موضع آخر:" وفكرة أن القرآن نزل بلغة العرب وبالتالي تأثر باللغة العربية وأثر فيها – هو مما لا يجوز المبالغة فيه، لأن القرآن نزل بلغة العرب وأستهدف التأثير أولا على هؤلاء العرب فإن هذا لم يكن إلا بداية لهدف كبير أراده الله هو هداية البشرية كلها والذين يعلمون اللغة العربية فيها قلة. كما أن القرآن لم يتأثر بلغة العرب قدر ما أبدع لغته الخاصة" (فهم الخطاب القرآني: ص106).



      ترى ما هي هذه اللغة الخاصة التي يتهم اللغويون – حتى يبرر تنحيتهم عن التفسير – بأنهم أرادوا إخضاعها لقواعدهم بينما الحقيقة أنهم استقوا تلك القواعد من القرآن نفسه.. أتكون هي اللغة التي لا يهمها سوى جمال البنا فقط؟ وحتى لا يتهمني أحد بالتهكم فلننظر كيف يجيب المفكر الكبير عن السؤال المطروح: كيف نفسر القرآن يجب أن يكون بالقرآن وتبعا لروحه ومقاصده وليس تبعا للقواعد أو الأصول التي يضعونها أو حتى المعنى الحرفي للكلمة. لأن للقرآن معانيه الخاصة التي يضفيها على الكلمات". هل قال البنا بذلك شيئا؟ هل أجاب على السؤال؟! . ولكنه في موضع آخر يقول: "والنظر في القرآن ككل هو ما يقربنا إلى روح القرآن ومضامينه العامة التي نستلمها في وضع القواعد واستنباط الأحكام" (القاهرة: 12/9/2000) فيظل السؤال مطروحا : ما هو المنهج الذي نستخدمه في تفسير القرآن ووضع تلك القواعد؟! . إن البنا لا يقول في ذلك شيئا إلا مطلقات في مطلقات (القرآن ككل – روحه ومقاصده العامة – تفسير القرآن بالقرآن).



      لقد ذبح البنا الأحاديث النبوية جميعا إلا ما أدعى اتفاقه مع صريح القرآن ، فهل قال لنا شيئا عما هو هذا الصريح من قواعده؟. إنه بعد أن يتهكم على ما وضعه الأصوليون من قواعد في فهم النص القرآني يقول: "وقد تكون هناك فصيلة واحدة من فصائل "الألفاظ الواضحة" وهي المحكم وهي التي ينطبق عليها "لا إجتهاد في النص" ويضربون لها المثل بقوله تعالى بالنسبة لمرتكبي جريمة القذف "ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا". وحتى هذا ظهر من يقبل الشهادة بعد التوبة لقوله تعالى: إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم". (فهم الخطاب القرآني: ص82). وهكذا قرر البنا أنه ليس هناك محكم في القرآن نفسه. ومن ثم فقد بنى على ذلك أنه "لا مفر في النهاية من أن إعمال النص والتعرف عليه هو أمر من أمور العقل والفهم والفكر والتقدير مهما كانت مظنة وضوح وقطعية النص" (المرجع السابق : ص80).



      وهكذا في ضربة واحدة أنهى البنا على كل القواعد الثابتة في الدين. هذه المسألة التي عالجها البنا في بضعة سطور تمثل قضية القضايا في الدين كله وهي قضية الثابت والمتغير في الإسلام والتي يجب أن نعرض لها من منظورين: منظور أصول الفقه والمنظور الفلسفي. فمن المنظور الأول فلا تناقض في معنى الآيتين اللتين ذكرهما لأنهما ليسا منفصلتين كما يوهم حديثه بهذا وإنما هما جاءتا متتابعتين في سورة النور هكذا "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون. إلا الذين من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم" والمعنى الواضح الذي لا أملك سوى أن أكرره هو أن هؤلاء لا تقبلوا لهم شهادة أبدا إلا إذا أعلنوا توبتهم.



      وأما مسألة المحكم والمتشابه في القرآن فهي مسألة ما كان يملك جمال البنا – الذي يعلن أنه لا يؤخذ عن كتب الأصول القديمة بدعوى أن كتب الأصول المعاصرة تغني عنها – أن يتعمق فيها خصوصا أنه يريد مادة تسعفه في الإعلان على القواعد الثابتة في الدين أمام الجماهير واستباحة حكامه للهوى العقلي. وما لا يدركه جمال البنا – الذي لا يمل من التسفيه من كل علماء وأئمة الإسلام في التاريخ الذين يتهمهم بعدم فهمهم لحقيقة الدين بينما فهمها هو وحده – إن هؤلاء المعاصرين لم يؤخذوا عن القدماء إلا شذرات من إبداعهم العقلي في أصول الفقه وهو القدر الذي لا يسمح لغيره إدراك المعاصر لعلوم الإسلام في ظل حالة التغريب التي تعيشها وما أذهب إليه أن مشكلتنا الأساسية في الاجتهاد المعاصر ليس في تحديد أصول الفقه بقدر ما هي في تفعيل الإبداعات العظيمة في أصول الفقه للقدماء تطبيقيا على الواقع المعاصر. ومن هنا كان هذا التلاعب بقواعد الاسلام بكل هذا التسطيح الذي يحدث. ولو رجع البنا لابن حزم في الأحكام في أصول الأحكام، أو للشاطبي في الموافقات لوجد التالي: المعنى الأساسي لهذا الموضوع جاء في قوله تعالى: "هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب" فيقول الإمام الشاطبي عن المحكمات "قوله "هن أم الكتاب" يدل على أنها المعظم والجمهور. وأم الشيء معظمه وعامته كما قالوا "أم الطريق" بمعنى معظمه "وأم الدماغ" بمعنى الجلدة الحاوية له الجامعة لأجزائه ونواحيه. "والأم" ايضا الصل" وهذا المعنى الأخير ركز عليه الكثير من العلماء على اساس ان المحكمات هن الأصل الذي تقاس عليه الأحكام. وبناء على ما سبق يذهب ابن حزم والشاطبي إلى أن الآيات المحكمات هن الأعم الأغلب من آيات القرآن، ويحتجان على ذلك بأن المتشابه لو كان كثيرا لكان الالتباس والإشكال كثيرا وعند ذلك لا يطلق على القرآن أنه بيان وهدى. كقوله تعالى "هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين".



      ولكن الوعي بذلك يقتضي عدة تقسيمات ويفرق الإمام ابن حزم بين المتشابهات في القرآن والمشتبهات في الأحكام التي جاءت في قول الرسول  :"الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات" فإذا كان تم النهي عن تطلب معاني مشتبهات القرآن كالحروف المقطعة في أوائل السور أما المشتبهات من الأحكام فقد حث الشارع على فقهها وتبيينها وعند ذلك تصير هي نفسها من المحكمات. ويذهب الشاطبي إلى نفس المعنى حيث يرى ن المتشابه الأول هو الذي لم يجعل لنا إلى علمه سبيل، أما المشتبهات في الأحكام فهي التي تصير الاجتهاد عن بيانها فإذا تم له ذلك صارت من المحكمات. وبناء على ذلك فإن المحكمات نفسها تنقسم إلى قسمين محكمات بحسب الأصل كما جاءت كالأحكام المتعلقات بالتوحيد وأصول الدين وكبائر المحرمات. كتحريم القتل والزنا والسرقة، ومحكمات بحسب المآل، كالعام بعد تخصيصه، مثل تخصيص قوله تعالى في القرآن "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما" بما جاء في الحديث "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا". والمطلق بعد تقييده مثل تقييد الدم الذي جاء مطلقا في قوله تعالى:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير" بصيغة المسفوح التي جاءت في قوله تعالى: "قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس" (يراجع فيما سبق، أحكام الأحكام، الباب الحادي والعشرون، والموافقات، القسم الرابع).



      أما من المنظور الفلسفي، فإن الإسلام ينقسم إلى ثوابت ومتغيرات يدور تحديدها في إطار الثوابت. وأما القول بانتفاء الثوابت فهو يعني إلغاء الإسلام نفسه وتحوله إلى مادة تأويلية لتبرير هوى العقل، وهو الأمر الذي سنعمل على شرحه في حلقة قادمة بإذن الله.



      فالمهم الآن أن الأستاذ جمال البنا أحالنا في معرفة السنة إلى الصريح من القرآن، ثم انتهى في فهمه للقرآن أنه ليس به صريحا. لقد كتب البنا فصلا من خمسين صفحة بالضبط عن فهم الخطاب القرآني كما يجب أن يكون. قرأته مرارا وتكرارا بحثا عن أي منهج لهذا الفهم فلم أجد شيئا سوى قوله "ومن مفاتيح الفهم السليم للقرآن أن نتعرف عل معنى المعجزة بالنسبة للقرآن لأن مدلولها ومضمونها يختلفان عن مدلول ومضمون المعجزات في الأديان الأخرى" (المرجع السابق، ص153) وتحت هذا المعنى كتب كلاما جميلا في عشرات الصفحات عن التأثير النفسي للقرآن وعن الموسيقى القرآنية. ووجدت قوله أيضا "إعمال العقل في كل ما يتعلق بالدنيا والإيمان بالقيم والمبادئ النبيلة السامية" وكل هذا مطلقات وكلام إنشاء وأتحدى أن يشير لي البنا نفسه عن أي موضع في هذا الفصل أو في كتابه كله عن أي منهج وقواعد لذلك الفهم القرآني الذي يجب أن يكون بحسب تصوره. لأننا كلما بحثنا في كتاباته لا نجد في النهاية سوى حكم العقل والعقل وحده وما كل ما يتحدث عنه من منهج فقهي جديد في فهم الإسلام سوى سلسلة من المراوغات التي لا تنتهي والتي يمكن الاحتماء بها إذا تمت مواجهته بأنه ينحي الشريعة كلها جانبا. ولكنه مع ذلك يترك بعض الثقوب بين تلك الستر الكثيفة من المراوغة ليصرح من خلالها بأفكاره الحقيقية دون أي مواربة ومن بين ذلك قوله :"إن كل ما يتعلق بالشريعة من علاقات يفترض أن تتفق مع العقل أولا ولا يكون الوحي إلا مؤكد ومكللا له. أي إعمال العقل في فهم النص وهذا يجعل العقلانية هي المرجعية الإسلامية فيما يتعلق بالشريعة" (القاهرة: 15/8/2000).



      إن الأستاذ الكبير بعد أن يسطر مئات الصفحات في جزئيه الأول والثاني من كتابه (الفقه الجديد) عن القرآن والسنة يقرر في الجزء الثالث أن أصول الشريعة عنده هي العقل أولا ثم القيم الإسلامية ثانيا، ثم تأتي بعد ذلك بقية المصادر الأخرى (وما الضرر في ذلك ما دام سيتم تأويلها بما يتفق مع هذين الأصلين الجماليين (نسبة إلى جمال البنا) الأولين. بل قل الأصل الأول وهو العقل لأن الأصل الثاني لا يعني شيئا سوى مطلقات سيتم إرجاعها إلى الأصل الأول كما سنرى). وبعد أن يذكر أن اصله الأول هو العقل وأنه يقدم العقل على النقل يورد اعتراض العلماء على ذلك ويوجزه في نقطتين: الأولى: أن الله أعلم بالمصلحة من الإنسان. والثانية: أن العقول نسبية وأن هناك عقلي وعقلك. ويرد على النقطة الأولى بأن الله تعالى لا يريد للمؤمنين أن يكونوا صما وعميانا وقد وهبهم الله تعالى العقل الثمين لكي يستخدموه لا لكي يهملوه.. وشبه الذين لا يتدبرون بالأنعام "بل هم أضل أولئك هم الغافلون" (الجزء الثالث: ص208) وطبعا لن يعدم الأستاذ البنا استخدام الآيات في غير محلها حيث أن منهجه الأساسي هو تأويل الآيات للاتفاق مع حكم العقل ونحن هنا أمام عقله هو. فكون الله أمر المؤمنين باستخدام عقولهم لا يعني ذلك أنه أمرهم بإلغاء شرعه بدعوى استخدام العقل. فنحن أمام مصلحين شرعية ومصلحة عقلية عند من يرون ذلك، فهل نترك حكم الله من أجل تقدير بعض العقول؟ وإذا كان في ذلك امتثال لأمر الله بالتدبر والتعقل فلماذا شرع شرعه أصلا؟ أما كان يكفي أن يأمر المؤمنين بالتفكر والتدبر دون أن يشرع لهم شرعا؟ ويجيب البنا على النقطة الثانية بأن كون العقول نسبية ومختلفة فإن هذا مما يثري الموضوع لأنه يكشف عن كافة جوانبه وليس هذا الموضوع هو "طبقك المفضل" الذي يخضع للذوق الشخصي ولكنها قضايا عامة يعالجها الكتاب والعلماء والمفكرون والفقهاء وكل يدلي بدلوه وكل يكشف عن جانب منها وفي النهاية يتبلور الحل الأمثل أو الحل الأقل سوءا او تعرف جوانب القوة والضعف وتتكشف المحاذير والمزالق". (المرجع السابق: ص209). والذي نقوله أنه إذا كان الأمر هكذا فالأصح إذن أن نعود لنقطة الأصل عند البنا وهي تحكيم العقل فقط ولا داعي المشرع في شيء وليجلس هؤلاء يفكرون ويتدبرون وما ينتهون إليه يكون هو الشرع وهذا هو الذي يقوله العلمانية بالضبط فما الداعي إذن للزج بالكتاب والسنة في حديث لا ينتهي ما دام الفصل في النهاية سيكون لما ينتهي إله هؤلاء؟! .



      يقول البنا أنه يجب الإهتداء في ذلك بالقيم القرآنية مثل الحق والعدل والتيسير والرحمة والتوبة ! فمن قال أن هذه القيم هي قيم قرآنية فقط؟! إن أغلب الأديان والفلسفات تقول بتلك القيم أيضا ولا جدوى لوجود تلك القيم دون أن تكون لها محددات واضحة، وإلا فماذا يفرق الإسلام عن غيره من تلك الأديان والفلسفات؟ إنه "الدور" الذي يتحدث عنه الفلاسفة القدماء حيث نبدأ بنقطة ونلف وندور كثيرا ثم نعود إليها مرة أخرى. فالواقع الذي نحن بصدده أننا – كما قلت سابقا- أمام علمانية حقيقية تتستر بأردية لا نهائية من المراوغات المصطبغة بالشرع وإن كانت تتكشف بشكل صريح في بعض الفجوات التي يتعمد جمال البنا تركها ليصرح من خلالها بأفكاره الحقيقة. ولكننا بعد أن كشفنا هنا عن حقيقة منهجه المدعي نستطيع الآن أن نفسر تلك الآراء والفتاوى العجيبة التي يصرح بها


      غرائب وعجائب آراء وفتاوى جمال البنا..!!!هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة.

      تعليق


      • #63
        رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

        جزاك الله خيرا

        ونفعنا الله بعلمكم وجعله الله فى حسناتكم

        تعليق


        • #64
          رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

          المشاركة الأصلية بواسطة mahmoud7maimy مشاهدة المشاركة
          جزاك الله خيرا



          ونفعنا الله بعلمكم وجعله الله فى حسناتكم


          اللهم آمين واياكم

          وخيراً جزاكم أخى الحبيب

          وتسعدنا دائما مشاركتك معنا أخى الحبيب

          أحبك فى الله

          تعليق


          • #65
            رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

            سلمت وسلم لنا قلمك المبدع
            كلمات في منتهى الجمال
            ابدعت بمعنى الابداع
            نحن هنا نرتقب رشف قلمك وننتظر فوحه العطر
            دمت متألق
            ¬°|منتديات الطريق الى الله.. لاندعي القمـه ولكن .. نسعى للوصول إليها |•°¬



            تعليق


            • #66
              رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

              المشاركة الأصلية بواسطة عبده الامير مشاهدة المشاركة
              سلمت وسلم لنا قلمك المبدع
              كلمات في منتهى الجمال
              ابدعت بمعنى الابداع
              نحن هنا نرتقب رشف قلمك وننتظر فوحه العطر
              دمت متألق

              آمييييييييين ولك بالمثل أخى الحبيب

              أسأل الله أن يبارك فيك وينفع بك

              أحبك فى الله

              تعليق


              • #67
                رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                ......................................

                تعليق


                • #68
                  رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!


                  الحلقة الثالثة


                  جمــــــــال البنـّـــــــا: هل هو مفكــــــــر إســــــــلامي أم علماني؟

                  غرائب وعجائب آراء وفتاوى جمال البنا

                  بقلم : محمــــد إبراهيــــم مبــــروك

                  يلاحظ القاريء الذي يتتبع مقالتي السابقتين كثرة علامات التعجب فيهما وكنا ما زلنا نتناول ما يقوله الأستاذ جمال البنا في قواعد أصول الفقه الإسلامي ولم نتعرض للأكثر إثارة من آرائه وفتاويه بعد .. ومن ثم، فليعذرني القاريء إذا طغت هذه العلامات في مقالنا الحالي الذي يتناول الكثير من تلك الآراء والفتاوى. وعلى المستوى الشخصي فأنا أتسامح تماما مع وجود أي قدر من علامات الاستفهام في كتابات أي كاتب يكتب عن الأستاذ جمال البنا حتى ولو شغلت نصف مساحة ما يكتبه
                  .

                  وما كان هناك أي قدر من العجب لو كان ما يكتبه أو يقوله الأستاذ البنا باسم العلمانية ولكن العجب كله يأتي من كونه يقوله باسم الإسلام. وليسمح لي القاريء أن استطرد قليلا لأوضح مسألة خطيرة في الموضوع وهي أن مصدر العجب لا يأتي من أكذوبة المفكر الإسلامي المستنير التي يتستر فيها بعض العلمانيين بالإسلام لتمرير أفكارهم التي تعمل على تفريغ الإسلام من محتوياته وهي قضية قديمة تناولتها منذ أكثر من عشرة سنوات في كتابي (تزييف الإسلام وأكذوبة المفكر الإسلامي المستنير) والذي تناولت فيه أفكار حسن حنفي ومحمد أحمد خلف الله وزكي نجيب محمود، ولكن العجب يأتي من كون البنا يبدو وكأنه مقتنع بما يقوله بالفعل وان هناك من سيصدق بالفعل أن هذا الذي يقوله ويسقط به كل قواعد وشرائع الدين هو فكر إسلامي حقيقي خصوصا أنه مطالب بالتسليم مسبقا بتلك المقولة التي تتردد دواما في كتابات البنا وهي أن علماء الإسلام وأئمته على امتداد أربعة عشر قرنا لم يفهموا الإسلام على حقيقته وفهمه هو وحده
                  !!!! .

                  هل أتقول على الرجل؟ هل أتجرأ عليه بالتهكم؟ سيعلم القاريء الذي يتابع هذه المقالة وما بعدها أنني أبعد ما أكون عن ذلك
                  .

                  أول العجائب التي نذكرها هنا هي قول الأستاذ البنا أن الإسلام دين علماني وهو قول يتفق تماما مع القول بأن الشيء موجود وغير موجود في نفس الوقت، أي الاصطدام مع قانون عدم التناقض الذي قام عليه الفكر الإسلامي كله ! . ولكي نشرح للقاريء ذلك نقول: أن الفكر العلماني هو سبة يتميز بها الفكر اليوناني (الذي هو اصل الحضارة الغربية) بوجه خاص ، فبعكس كونفوشيوس في الحضارة الصينية وجوتاما بوذا في الحضارة الهندية، وزرادشت في الحضارة الفارسية، وإخناتون في الحضارة المصرية، الذين أقاموا افكارهم على قاعدة من الدين، فإن قادة الفكر في الحضارة الغربية أقاموا أفكارهم حتى بالنسبة للدين نفسه على اساس العقل المجرد. ولا يختلف معنا الأستاذ البنا في هذا الذي ذكرناه حيث يقول: "مما لا يخلو من دلالة اننا لا نجد في التاريخ الأوروبي – من اليونان حتى اليوم – ذكرا للرسل والأنبياء، فقد حل الفلاسفة والأدباء والمفكرون محلهم" نحو علمانية إسلامية: القاهرة 11 ديسمبر
                  ).

                  فالعلمانية تحديدا هي الاقتصار على العقل البشري وخبراته في تصور حقائق الوجود وتصريف شئون الحياة وهذا يعني استبعاد الدين بمعناه المقدس (الوحي) عن أن يكون مصدرا لتصور حقائق الوجود أو التدخل في وضع النظم والقوانين التي تدير شؤون الحياة. ليس هذا فقط بل أن الدين نفسه ينبغي تصوره على هذا الأساس العقلاني. فقد يعتقد المفكر أو الفيلسوف العلماني بوجود الله أو بعدم وجوده، فإذا أعتقد بوجوده فهو الذي يحدد تصوره أو كونه واحدا أو اثنين أو حتى عشرة. فليس حقيقيا ما يشاع من كون العلمانية تنحي الدين جانبا فقط عن التدخل في نظام الحكم وإنما هي تنحية تماما عن التدخل في أي شأن من شؤون الحياة. غاية ما في الأمر أن تعطي الحق كل إنسان في ان يتصور الدين بالطريقة اتي يراها او لا يتصوره على الإطلاق. وتنقسم العلمانية بعد ذلك في موقفها من الدين إلى علمانية محايدة تمنح الناس الحرية فيما يعتقدون كالعلمانية الغربية في بلادها بوجه عام، وعلمانية متطرفة تقهر الناس على ترك الدين كلية كما حدث في الاتحاد السوفيتي، وهو الاتجاه الذي ينتمي إليه أغلب العلمانيين العرب، والذي يبدو جليا عند تمكنهم من الحكم. أما الإسلام فهو دين شمولي قائم على الوحي المقدس "وما فرطنا في الكتاب من شيء". "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما". بل ويقرر الإسلام أن الإيمان ببعضه والكفر بالبعض الآخر، هو الكفر الصراح، كما جاء في قوله تعالى: "افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى اشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" بل أنه يقرر أن عدم قبول أي جزء منه هو بمثابة الكفر"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان يكون لهم الخيرة من أمرهم" ومع ذلك تبرز عقلانية الإسلام في اتجاهين (طبعا بعد حرية الإيمان أو عدم الإيمان به) الأول في التعامل مع حقائق الطبيعة والثاني في الاجتهاد في ربط العلاقة بين الأحكام الإسلامية والواقع (هذا غير العلاقة الجدلية بين التفكير في الوجود والإيمان بالله ذاته، وهو أمر شديد العمق لا يسمح المجال هنا بشرحه
                  ).

                  ومع كل ما سبق فلا يرى الأستاذ جمال البنا في المشكلة سوى مجرد التباس، حيث ان هذا الالتباس يعود في نظره (ولكل قاريء ان يضع علامات التعجب كما يشاء بالنسبة للكلام القادم) إلى أن كل علماء وأئمة الإسلام على امتداد تاريخه كله لم يفهموه ولم يفهموا موقفه من العلمانيين لأنهم اعتقدوا الأحكام التي فهموها هم والأمة جمعاء من الدين هي التي تمثل احكام الدين، بينما أحكام الدين الحقيقية (كما فهمها البنا والتيار العلماني الذي أطلقه علينا من خلال صحيفة القاهرة) هي عدم وجود أحكام للدين. يقول البنا في ذلك: "نشأ هذا اللبس من اعتبار الأحكام التي اسسها الفقهاء والأئمة منذ ظهور المذاهب في القرن الثالث الهجري (ملحوظة هنا: المذاهب ظهرت في القرن الثاني لا الثالث وإن كان الإمام أحمد بن حنبل كان لا يزال شابا حتى نهاية ذاك القرن) ومن ظهر بعدهم من المجددين مثل ابن تيمية وابن حزم في القرن الثامن (ملحوظة: من الصعب جدا تصور جهل أي مثقف عادي بالتراث بتاريخ عصر الإمام ابن حزم الذي هو واحد من أبرز المفكرين الإسلاميين بل والعالميين في التاريخ والذي توفي في منتصف القرن الخامس وقامت على فقهه دولة الموحدين بالأندلس والمغرب العربي في القرن السادس الهجري). والشوكاني في القرن الحادي عشر ومحمد عبده في القرن الرابع عشر الهجري حتى زعماء الحركات الإسلامية المعاصرة (المودودي – حسن البنا – سيد قطب) هي الآراء التي تمثل وجهة نظر الإسلام في العلمانية وغيرها وهذا لبس مفهوم فاساتذة الجامعات الدينية يرون في هؤلاء أساتذتهم العظام كما أن أساتذة الجامعات المدنية والمستشرقين (وهنا عجب خاص فحتى المستشرقين الذين لا تفترض فيهم عقلا تهمة التقليد لم يسلموا من هذا الجهل) يرون في هؤلاء الأئمة الطبيعيين للفكر الإسلامي : القاهرة: 18 ديسمبر 2001. ولكن ترى ما السبب الذي جعل هؤلاء جميعا يجهلون الحقائق التي علمها البنا ! (أرجو أن لا يعتقد القاريء انني خرجت عن نطاق الدراسة إلى الحديث عن مسرح اللامعقول عند بيكيت على سبيل المثال) يذكر لنا هذا السبب فيقول: "والحقيقة أن هؤلاء جميعا حتى المتقدمين منهم كأئمة المذاهب الأربعة خضعوا لمناخ سياسي واجتماعي وثقافي معين وتأثروا تأثرا عميقا ببيئاتهم" ولا أدري كيف يمكن القول على التاريخ الإسلامي كله : مناخ اجتماعي وثقافي معين. ولكن البنا يضيف إلى ذلك سببا آخر ناقشناه طويلا في بداية هذه الحلقات هو سقوط هؤلاء الأئمة جميعا في خطأ الأخذ بالأحاديث النبوية التي يشكك البنا في صحتها جميعا إلا ما يعتقد فيها أنها تتفق مع حكم العقل
                  .

                  ولأن المسألة ليست إلا مجرد لبس في النزاع الحادث بين الإسلام والعلمانية فإن الاقتراح الذي يقدمه لحل ذلك "ظهور صورة شرقية من العلمانية تحتفظ بالقيم الإسلامية ويستلهمها المجتمع بنسبة تفوق كثيرا استلهام المجتمع الأوروبي للقيم المسيحية وبهذا يحدث نوع من التوازن ما بين عناصر الحفاظ والثبات وقوى التقدم والتطور ويفترض أن يرضى الذين يمثلون الدعوة الإسلامية بهذه القسمة، وليست هي بالقسمة الضيزة وان يصرفوا النظر تماما عن إعادة عقارب الساعة أو إحياء الماضي كما كان فهذا ليس ممكنا.. وقد لا يكون مطلوبا" (القاهرة: 18 ديسمبر 2001
                  ).

                  وهكذا يتم حل المشكلة بالنسبة للبنا بمجرد استلهام القيم الإسلامية (بعد تأويلها طبعا) لتتوافق مع العلمانية التي تكون لها القيادة الفعلية في المجتمع. فهل من الممكن ان يكون هذا الحل مقبولا لدى الإسلام الذي يعتبر أن التفريط في أي جزء منه هو خروج عن الدين؟ وكفر به وهل من الممكن أن يتحدث احد بذلك ويقول أن هذا هو الفهم الإسلامي الصحيح؟ !. ثم ما الفرق إذن بين ما يقوله البنا وبين ما يقوله العلمانيون الصرحاء والذين ربما تكرموا علينا بالاحتفاظ بقدر أكبر من الإسلام. إن مشكلتنا مع جمال البنا هي قوله عن نفسه أنه يمثل الفكر الإسلامي الصحيح أما إذا أعلن صراحة أنه مجرد فكر علماني ولم يستخدم الشكل الإسلامي في تبرير افكاره فإنه يكون قد أراحنا وأراح نفسه منا
                  .

                  ولكن هل يتوقف العلمانيون عند حد إقصاء الدين عن التدخل في الحكام الدنيوية كما يدعون؟.كما قلت سابقا فإن أغلب العلمانيين العرب لا يهون عليهم ذلك وللنظر ماذا فعل البنا نفسه
                  .

                  يقول البنا عن العقيدة الإسلامية: "لو أقحمت الدولة الإسلامية العقيدة في اهتماماتها فيغلب ان تسيء إلى العقيدة وإلى نفسها" (القاهرة: 20/7/2000) ولنا أن نتساءل : كيف يمكن وصف الدولة بالإسلامية دون إقحام العقيدة الإسلامية؟!!! .. ليس هذا فقط بل أنه يتدخل في الأعمال التعبدية أيضا إلى الدرجة التي تؤدي إلى إلغائها. فهو يذهب إلى أن التيسير في الإسلام يسمح باختصار الصلوات الخمس المفروضة إلى صلاتين فقط وذلك استنادا (ويا للعجب في ذلك) إلى حديثين نبويين (ويبدو أن عقل الأستاذ البنا لا يقبل إلا الأحاديث التي يؤدي تأويلها عنده إلى إلغاء قواعد الدين) حيث يقول: "بل وصل التيسير إلى الصلاة المقدسة فقد روى ابو داؤد عن عبد الله بن فضالة عن أبيه قال: "علمني رسول اللهeوكان فيما علمني، وحافظ على الصلوات الخمس فقلت إن هذه ساعات لي فيها اشغال فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ عني، فقال حافظ على العصرين، وما كانت من لغتنا . فقلت وما العصران؟ قال: "صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها" ومثل هذه الرواية "أن رجلا أتى النبيeفاسلم على أن لا يصلي إلا صلاتين فقبل ذلك
                  " ".

                  والرواية الأخيرة لا تهمنا في شيء فهي حديث منقطع عند الإمام أحمد. أما الحديث الأول الذي رواه أبو داؤد والنسائي وغيرهما فإن المسألة بالغة الوضوح كما ذكرها العلماء وهي أن قولهe: "حافظ على العصرين" لا يقصد به سوى الحفاظ على وقت العصرين دون أن يعني ذلك إهدار القيام بالصلوات الأخرى وإنما التيسير في وقت أدائها فقط. ولو كان أحد في تاريخ الأمة فهم من الحديث ما فهمه البنا لأجاز ذلك في نفسه ولكن ماذا نفعل في أهواء العلمانيين؟
                  .

                  ويبدو أنه لخطورة الكلام القادم فإن صلاح عيسى قد نشره في القاهرة بطريقة شديدة المراوغة تعبر عن مدى إدراكه لما جاء فيه من خطورة وإصراره على نشره في نفس الوقت. فقد نشر هذا الكلام في العدد 117 تحت عنوان (نواصل الحوار حول بيان المثقفين) في الصفحة الرابعة على صورة حوار وكتب فقط اسم المحاور ولم يكتب أي اسم للمحاور معه وإنما نشر فقط صورة الأستاذ البنا وصورة الشيخ القرضاوي الذي يتم الرد عليه في الحوار. بينما نشر في العد السابق مباشرة لهذا لعدد وفي نفس الصفحة وتحت نفس العنوان مناقشة البنا لبيان المثقفين وهو الأمر الذي يفهم منه مباشرة أن المنشور في العدد 117 هو استكمال لما قاله البنا في العد السابق دون أن يذكر اسمه مباشرة، ومع ان هذا الحديث يتفق تماما مع أسلوب البنا في تناوله للأحكام الإسلامية ولكن أيا ما كان الأمر فإن التعرض لهذا الحديث يدخل في سياق موضوعنا حول موقف العلمانيين من أحكام الإسلام.. من بين ذلك القول بأن "الكثيرين يظنون أننا نذبح باسم الله لأننا نذكر اسم الله عند الذبح ويتصور هؤلاء أن الله أمرنا أن نذكر اسمه عندما نذبح وهو تصور خاطيء لأن الله تعالى لو اراد ذلك لقال لنا مثلا "يا أيها الذين آمنوا إذا ذبحتم فأذكروا اسم الله" .. ومن جهة اخرى فإن الذبح معاش وليس من المتوقع ان يكون للدين دخل به" وهكذا لا يعتقدون أن من المتوقع أن يتدخل الله في الأمور المعاشية ولهذا يتم إلغاء هذه الشعيرة تبعا لذلك. ليس هذا فقط، وإنما يجيء في هذا لحديث ايضا المواظبة على ذكر اسم الله عند فعل كل شيء أمر غير مشروع لأنه نوع من الكذب على النفس لأننا لم نكن لنكف عن الأكل والشرب والسفر وغير ذلك من الأمور المعاشية لو كنا كافرين" . وهكذا يغدوا الذاكرين لاسم الله عند كل موضع هم الكاذبين والذين لا يذكرونه هم الصادقين. ولم يتم الاكتفاء بذلك بل يدعو أيضا إلى إبطال شريعة القصاص "لم يأمر النص القرآني بقتل القاتل بل يفهم منه (من هذا لذي يفهم ؟! أجيبوني يرحمكم الله) الترغيب في عدم القتل حيث اعتبر إصرار الولي على قتل القاتل إسرافا في القتل. قال تعالى: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا" وبيان الإسراف في القتل هنا أن إصراره على قتل القاتل ينتهي بوجود قتيلين بدلا من واحد". وطبعا ليس مهما في شيء أن كل أمة الإسلام فهمت أن المقصود بهذا الإسراف تعدي القاتل إلى قتل غيره لأن الأمة كلها كما يقول الأستاذ البنا لم تفهم حقيقة الشرع حتى لو روي ذلك عن الرسول نفسه فسوف يتم الرد علينا ببساطة أن هذا الحديث حديث كاذب
                  !!!..

                  ولننظر ماذا أدت إليه عقلانية البنا، أو علمانيته كما ينبغي ان نقول، في قضية مثل قضية حجاب المرأة. فهو يفسر قوله تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن.." كالتالي: "أن القرآن الكريم لم يامر صراحة إلا بستر الجيوب أي فتحات الصدور وإدناء الأزياء" (المرأة المسلمة: ص34). أما خمار المرأة "فقد تقبله للنساء كما تقبل العمامة للرجال – كزي لتغطية الراس ووقايتها دون البعد العبادي" (ص 34) "لأن الآية – وإن اقرت الخمار فإنها لم تأمر به – والإقرار به هو إقرار بعادة" (29) فإذا كان قوله تعالى: "وليضربن بخمورهن على جيوبهن" ليس امرا بالاختمار فعلينا أن نلغي قواعد اللغة العربية هي الأخرى. ثم يفسر قوله تعالى "إلا ما ظهر منها" بأنه كل ما لم يامر القرآن بستره وهو لم يأمر صراحة إلا بستر فتحة الصدر وإدناء الثوب" والخلاصة هنا أنه يبطل فريضة الحجاب ايضا ولا نستطيع أن نرد عليه تفسير العلماء ذلك لأنه ليس هناك علماء غيره ولا بمحاورته الأحاديث عن الحجاب لأنه سيتهمها بالضعف. والحقيقة أن إنكاره للعملاء والأحاديث يقتضي علينا منطقيا ألا نناقشه في أي حكم من الأحكام خصوصا بعد أن أكدنا علمانيته بل نستطيع القول أن رأي البنا في أي حكم من أحكام الإسلام هو أنه حكم باطل ورغم أن ذلك يتنافى مع أي عقل ولكن بحسب الشكل الإسلامي الذي يتستر به فإنه يكفي لأن يستخدم فكره كآلية من قبل العلمانيين الذين فسحوا له صحيفة كاملة فيسألونه ما رأيكم كمفكر إسلامي مستنير في حكم كذا؟ فيجيبهم هذا باطل وليس من الإسلام. ثم في حكم كذا؟ فيجيب وهذا باطل .. وحكم هذا؟ فيجيب وهذا باطل وهكذا قاعدة قاعدة وحكم حكم من قواعد واحكام الدين. ويبدو أن جمال البنا شعر أنه من الممكن أن يتعب من هذا الأمر فأراد أن يضع قاعدة عامة تبطل الدين بكامله بمجرد إعمالها وتريحه من هذا التعب، هذه القاعدة هي حرمة إفتاء الفقهاء عن الحلال والحرام بل وحرمة سؤال الناس عن ذلك من أصل (وأقسم للقاريء أنني لم أترك موضوع المقال لأنقل له جزءا من فيلم شهير لإسماعيل يس) فالآية التي تقول: "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون" والتي يفهم الناس منذ نزول الوحي وحتى الآن أن المقصود منها هو زجر من يحرمون أو يحللون ما لم ينزل الله به سلطانا، هذه الآية استخدمها البنا للتدليل على حرمة حديث الفقهاء عن الحلال والحرام بإطلاق أي من خلال التفسير والفقه والاجتهاد وإنما الذي عليهم هو نقل فقط ما حرمه الله وما حلله الله إلى الناس ولم يقل البنا ما الذي سيتم نقله من هذا الحلال والحرام ! هل هو الذي فهمه البنا فقط ؟ !!! … ولذلك أراد أن يحسم الأمر من الأساس فقرر أن الناس لا يحق لها أن تسأل عن الحلال والحرام "لأن هناك نهيا عن السؤال جاء في القرآن "يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم" " (القاهرة: 26/9/2000) مع أن الآية نفسها تقرر أن السؤال مشروع بعد نزول القرآن وقد نزل القرآن بالفعل واكتمل الوحي فلما يحرم السؤال؟!!!!!!!.

                  يتبع بمشيئة الرحمن

                  تعليق


                  • #69
                    رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                    باااااااااارك الله فيك
                    اللهم إنى أسالك أن تعجل بقتل الكلب النصيرى فإنه لا يعجزك

                    لاتنسونى من صالح الدعاء

                    تعليق


                    • #70
                      رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!







                      تعليق


                      • #71
                        رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                        الكافر المجرم ... علاء حامد .. ! ( قصته وقضيته )


                        للشيخ سليمان الخراشى



                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        ( بدأت قصة محاكمة علاء حامد على روايته ((مسافة في عقل رجل.. محاكمة الإله)) في 3 مارس، 1990م عندما كتب الأستاذ أحمد بهجت في ركنه ((صندوق الدنيا)) بجريدة الأهرام المصرية مقالاً تحت عنوان ((سلمان رشدي آخر))قال فيه: " وها هو سلمان رشدي آخر يظهر في مصر ، مؤلف روائي يزعم أن ما كتبه قصة امتزج فيها فيض الخيال بنبض الفكر ، اسم الرواية ((مسافة في عقل رجل)) أو ((محاكمة الإله)) واسم المؤلف ((علاء حامد)) وليس هناك اسم لدار النشر أو المطبعة.
                        وفي الرواية إلحاد وتطاول على الذات الإلهية وسخرية من الأنبياء والرسل واستهزاء بالجنة و النار وتكذيب صريح للكتب المنزلة وهجوم عليها.
                        والكتاب يبدأ برحلة مؤلفه إلى الجنة حيث يكتشف أنها جنة اللذًّة الحسية ، وهو يقابل آدم فيسخر منه ومن خطيئته ، ويقابل موسى ويأخذ عصاه ويضرب بها الجدول وهو يقول ((جلا جلا جلا)) ((كالحواة)) فلا الماء ينشق ولا العصا تلد حية ولا ثعبانا ولا حتى سحلية ، وهو يقابل نوح الذي جلس أمام حوض من الماء وقد صنع سفينة من الورق وراح يلعب بها في الماء ! وهو يلخص هذيانه وهراءه في نهاية الكتاب بقوله: " إن الطقوس الدينية تبدأ من الوقوف على حائط لتنتهي بالدوران حول مبنى وحتى لحظتنا هذه لم يتأكد للبشرية أن الله استجاب لدعوة إنسان وأرسل إلى جائع مائدة طعام أو أرسل إلى معدمٍ مليون جنيه ذهباً أو ورقاً ولا حتى مليون جنيه صفيحاً... لم يتأكد للبشرية على مدى ملايين السنين ما قيل عن معجزات الأنبياء والرسل وأعاجيب السحرة وخوارق العفاريت ، ولم يحدث في عصور النهضة حدث واحد يؤكد ما سبق أن توارثناه من عقائد بالية وخرافات مهلهلة ، لماذا توقف فجأة بعث الأنبياء والرسل ، لماذا لم تتكرر الخوارق ليرسل الله خروفاً مشوياً كما أرسل لإبراهيم ؟ لماذا توقفت الذات العلية عن إيفاد ملائكتها وبعث الأنبياء وقد أصبح الكفر سمة العصر ؟ فالكثرة الغالبة لا تدين الآن إلا بالعلم أما القلة القليلة التي تؤمن بالإيمان فهي في الحضيض وفي الوحل ، لماذا لا يرسل الله إليهم رسله ؟ ولسبب بسيط جداً لأن الله لم يُرسل في وقت من الأوقات رسلاً ولن يفعل فالرسل من صنع الناس ، والإنسان الذي يؤمن بالغيبيات هو إنسان مريض ، على المجتمع أن يقيم له مصحة نفسية يعالج بها" !!
                        هذا بعض ما يضُمُّه الكتاب من هذيان وتطاول على المقدسات ولا علاقة للكتاب بالأدب أو الفن ، إنما هو جريمة نضعها تحت نظر المجتمع و النيابة العامة ".
                        ====================
                        و في 7 مارس، 1990م أرسل المستشار رفعت عبد المنعم إبراهيم رئيس هيئة النيابة الإدارية خطاباً إلى أ. أحمد بهجت نشره في بابه ((صندوق الدنيا)) يقول الخطاب: الأخ الفاضل العزيز الأستاذ أحمد بهجت ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ، فقد اطلعنا على ما ورد ببابكم اليومي ((صندوق الدنيا )) في جريدة الأهرام يوم السبت 3/3/1990م تحت عنوان((سلمان رشدي آخر)) ونود الإحاطة أنه بمناسبة التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية مع علاء حامد المفتش بالإدارة العامة للجان الطعن بمصلحة الضرائب في إحدى القضايا أثيرت واقعة تأليفه كتاباً بعنوان ((مسافة في عقل رجل)) تضمن مساساً شديداً بالمعتقدات الأساسية للمجتمع وعلى وجه الخصوص تلك المتصلة بذات الله سبحانه و تعالى وبالأديان السماوية و بالرسل و الأنبياء و البعث و اليوم الآخر مما يعد خرجاً على النظام العام للدولة و تحريضاً على الإلحاد و الانحلال ، الأمر الذي يشكل ذنباً تأديبياً قوامه الإخلال الخطير بواجبات الوظيفة و الخروج على مقتضياتها و ينطوي في ذات الوقت على جريمة عامة. ورغم ذلك فإن النيابة الإدارية لم تشأ أن تستقل بتقدير مدى خطورة ما تضمنه ذلك الكتاب فقامت في 31/10/1989م بالكتابة إلى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر للتنبيه بفحص الكتاب المذكور للوقوف على حكم الدين في ما ورد به و اتخاذ ما يلزم من إجراءات في شأن النُّسخ المتداولة منه بالأسواق على ضوء ما ينتهي إليه الفحص و إرجاء البَتِّ في مسؤولية مؤلف الكتاب إلى ما بعد ورود تقرير شيخ الأزهر الذي لم يرد بعد. رجاء التفضل بالإحاطة و تقبلوا و افر التحية و خالص التقدير. رئيس هيئة النيابة الإدارية مستشار رفعت عبد المنعم إبراهيم . وقد علق أ. أحمد بهجت على الخطاب قائلاً:"هذا هو الخطاب الذي وصل إليَّ من المستشار رفعت عبد المنعم إبراهيم ونحن نرجو من شيخ الأزهر أن يسارع ببيان موقف الأزهر من كتاب ينطوي على خروج على النظام العام للدولة وينطوي على خروج على الآداب العامة و ينطوي على دعوة للإلحاد و الانحلال ، وهو كتاب يُتادول في الأسواق".

                        ====================
                        وفي 14/3/1990م نشرت جريدة النور تحت عنوان ((سلمان رشدي المصري أمام المحكمة التأديبية... لجنة من علماء الأزهر لدراسة الكتاب)) تقول:" أحالت هيئة النيابة الإدارية برئاسة المستشار رفعت عبد المنعم إبراهيم ((علاء حامد)) مؤلف كتاب ((مسافة في عقل رجل)) إلى المحكمة التأديبية العليا ؛ وذلك لأن الكتاب تضمن مساساً شديداً بالأديان و المعتقدات الأساسية للمجتمع و به قدح في الذات الإلهية و الرسل و الأنبياء مما يعد خرجاً على النظام للدولة وتحريضاً على الإلحاد و الانحلال ، و إنه أسوأ من كتاب ((آيات شيطانية)) الذي أصدره الكاتب المارق سلمان رشدي. ومن ناحية أخرى صرح فضيلة الإمام الأكبر جاد الحق بأنه أصدر قراراً بتشكيل لجنة عليا من عدد من علماء مجمع البحوث الإسلامية لدارسة ما ورد بالكتاب ، وأضاف أن الأزهر سيتخذ إجراءً سريعاً و ذلك عقب انتهاء اللجنة من درا ستة وإعلان رأيها ".
                        وفي 21مارس 1990م نشرت جريدة ((الأخبار)) تحت عنوان: ((الأزهر يطالب بمعاقبة المؤلف المصري للآيات الشيطانية الجديدة)) تقول: " أكد مجمع البحوث الإسلامية على أن دستور مصر كفل حرية العقيدة و الفكر للشخص في ذاته بشرط ألا يتعدى هذا الفكر فيضر بالهيئة الاجتماعية أو بالأساس الاجتماعي للوطن و أشار إلى أن القانون لا يسمح بنشر الفكر إذا تضمن ما يهدم نظاماً من النظم الأساسية للمجتمع أو كان يزدري أحد الأديان السماوية أو يسئ إليها أو يضر بالوحدة الوطنية أو بالسلام الاجتماعي. جاء هذا في الرسالة التي أرسلها مجمع البحوث الإسلامية إلى النيابة الإدارية رداً على كتاب ((آيات شيطانية المصرية)) و الذي ألفه شخص يدعى علاء حامد و المحبوس حالياً على ذمة التحقيق الذي تجريه معه النيابة العامة حول هذا الكتاب ، و الذي صدر أمر بمصادرته. وأشار مجمع البحوث في رده على هذا الكتاب إلى أنه يعد ترويجاً و تحبيذاًً بالكتابة لآراء متطرفة و هدامة بقصد إثارة الفتنة و تحقير و ازدراء الأديان السماوية و أنبيائها و خاصةً دين الإسلام وكذلك الطوائف المنتمية لهذا الدين ولغيره من الأديان، كما دعا إلى ما يؤدي للإضرار بالوحدة الوطنية. وأضاف أن هذا الكتاب يمثل اعتداء من مؤلفه على الأصول الدينية للإسلام واتجه إليها بالازدراء واعتدى على القرآن وادعى أنه من صنع البشر ،كما تهكم على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى عدد من الأنبياء وتهكم بالرموز الإسلامية من علماء ، و شعائر ، وعقائد: وطالب الأزهر بمعاقبة مؤلف الكتاب طبقاً لأحكام قانون العقوبات المصري و الذي يحرم مثل هذا التصرف. وكانت النيابة قد صادرت أمس الأول 300نسخة من الكتاب بخلاف 400 نسخة معدة لتهريبها للمحافظات.

                        ====================
                        وفي 31مارس 1990م نشرت جريدة ((الجمهورية)) تحقيقاً صحفياً كاملاً حول الكتاب و مؤلفه ، قالت في هذا التحقيق:" أثار صدور كتاب ((مسافة في عقل رجل)) الذي ألفه علاء حامد مدير تفتيش لجان الطعون مصلحة الضرائب عدة تساؤلات بعد قرار النيابة العامة بحبسه و قرار النيابة الإدارية بمحاكمته تأديبياً. الكتاب تهكم على الأديان السماوية و على الرسل و الأنبياء ، أنكر الأديان و العقائد الدينية بصفة خاصة ، ذكر المؤلف أنه مسلم بالميراث و لو ولد من صلب ملحد لأصبح ملحداً. وجاء بالكتاب: ما جدوى الأديان وقد ارتفعت هامات شعوب ملحدة إلى قمة الحضارة و انقلب الحال فأصبح الدين سبة في تواريخ الشعوب ، وإن جميع الرسالات ليست إلا من صنع البشر وإن أصحابها تداولوها بدعوى أنها إلهية وعلى هذا فتصبح صلة الرسل بالله صلةً افتراضية لا تدعمها حقيقًة ولا يسندها برهان. لقد عجزت الأديان عن تفسير علمي مقنع و أذابت العقل الإنساني في محلول حمضي مركز من الخرافات .كما أنكر المؤلف الرسل و الأنبياء و سخر منهم وبهم و تساءل ما هي هويتهم؟ ومن هم؟ أنكر أيضاً البعث و الحياة الأخرى وقال: إن الإله هو الناس و إن المعجزات خداع للبشر.وبهذا الكتاب أصبح مؤلفه مرتداً عن دين الإسلام ، ولكن هل يُطبق عليه ما يوجب على المرتد؟ وما هو العقاب الذي يوجبه الشرع و المجتمع؟ " . ص 61-65
                        تقرير الأزهر عن الكتاب :
                        قال التقرير: " إن الكتاب ينكر الأديان بصفة عامة ثم ينكر العقائد الدينية وينكر الإله ويكذب بالرسل ويزدريهم وينكر الكتب السماوية ويكذب بالإيمان بالقدر وبالعبث و الحساب و بالجنة و النار..
                        وبالجملة فهو ينكر العقائد الدينية ويزدري ورموزها وشخصياتها ويسخر منها ، ويدعو إلى قيام الهيئة الاجتماعية على نظام مادي بحت لا مكانة فيه للروحانيات ؛ أي أنه يدعو إلى هدم الأساس الاجتماعي لهذا الوطن وإلى تغييره وإذا قرأنا الكتاب وجدنا به ما يلي ((أنا... مسلم بالميراث.. لو ولدت من صلب ملحد لأصبحت مثله.. فلا اختيار لمسلم في دينه)) صدر المقدمة
                        ((ثم لماذا يغير الإنسان عقيدته وقد فقد اهتمامه فالدين كمنهاج في الحياة))
                        ((هذا ما حدا بكثير من العقلانيين إلى التساؤل عن جدوى الأديان))
                        ((ما جدوى الأديان ؟ وقد شدت الشرق إلى أحضان التخلف وقد ارتفعت هامة شعوب لا تؤمن بالأديان لقمة الحضارة ))
                        (( و انقلب الحال فأصبح الدين سبة في تاريخ الشعوب))
                        وفي سخريته بالعلماء - بصفتهم رموزاً للعلم الديني - قال: ((وبالنسبة لأساتذتنا المتعلمين إخوان شمهورش أصبح الدين في حد ذاته هدفاً يجنون من ورائه ثمرات المال والشهرة و السلطة ومتع الحياة ما ظهر منها وما بطن )) ومن عباراته التي يبث بها الشك في الدين قوله:
                        ((أم أن تلك الرسالات ليست سوى صيغ بشرية آمن بها أصحابها ثم تداولوها بدعوى أنها إلهية ؟ و على هذا فتصبح صلة الرسل بالله صلة افتراضية لا تدعمها حقيقة ولا يسندها برهان)) وفي إنكاره وتعريضه وسخريته بالمسيحية والإسلام قال: ((عقيدة ترتبط بفكرة الخلاص والزهد والتثليث والأخرى ترتبط بفكرة الجنة التي شغف الناس بالاستشهاد من أهلها و النار التي وقودها الناس و الحجارة و إذا كان منطقياً ترغيب الأعرابي المتعطش للمال والجنس والطعام بالجنة التي تجري من حوله وفوقها وتحتها الأنهار بقطوفها الدانية وبنسائها الحور العين وخمرها المعتقة .. لم تعد تلك الأمور تهز وجدان الإنسان العصري... لم يعد هذا مقنعاً في عصر أصبح العقل فيه سيد الموقف ؛ ولذلك لم يبق أمام إقناع الإنسان سوى طريق واحد وعد في جنة أرضية واقعية يقطف ثمارها وهو حيٌ يرزق ، وأمة سلام يجد فيها متعه الحسية و العقلية والعاطفية.. لم يعد كافياً أن تكون حجة التحريم العبارة المأثورة ((هذه مشيئة الله)) لأنه حتى ولو كانت كذلك فلابد لها من تبرير مقنع و إلا وضعت كأي اجتهاد شخصي – ينقصه الدليل - في جعبة الخرافات))
                        وفي دعوته إلى ترك الفضائل التي دعت إليها الأديان قال: ((لقد باتت أخلاقيات العصر عامة و الشرق خاصة في حاجةٍ إلى مراجعة شاملة.. إلى تقييم جديد يضع الأمور في نصابها نقوم بموجب هذا التقييم إلى إعادة تبويب العلاقات الإنسانية... الحلال والحرام ؛ تبويباً يتأسس على أسس عصرية.. لا على ما توارثناه من تركة مثقلة بالخرافات و الخزعبلات )). وفي إنكاره الإله: ((نحن الحقيقة وما عدانا وهم.. نحن الحقيقة والحقيقة نحن.. وطالما أن الله حقيقة فلسنا سوى الله)). وفي زعمه أن الأديان خرافات قال: ((لقد عجزت الأديان عن تفسير علمي مقنع.. وأذابت العقل الإنساني في محلول حمضي مركز من الخرافات)) وفي إنكاره للرسل وسخريته بهم قال: (( أوليس من حقنا أن نسأل ونحن نصعد للقمر ونحن نصهر الخرافات لنقذف بها في بالوعات التاريخ القذرة: أليس من حقنا أن نسأل عن الرسل.. ما هم؟ وما هويتهم؟)) وفي دعوته للمذهب المادي العلماني قال: ((الإنسان الآن يريد بعثاً ، يضع الديانات في مكانها الصحيح:علاقة بين الإنسان وربه.. و المعاملات بين أفراد المجتمع)) .

                        ====================
                        وبعد هذه المقدمة التي أشار التقرير إلى بعض فقراتها وآرائها الخطيرة ينتقل إلى الموضوع الأصلي للكتاب وهو ((محاكمة الإله)) الذي جعله المؤلف في تمثيلية متخيلة وجعل نفسه قطب هذه التمثيلية فصوَّر نفسه إلهاً وأخذ يتصرف كما يتصرف الإله بين الخلق لينتهي من هذا كله إلى تقرير أن جميع المعتقدات في الإله وفي الرسل و الثواب والعقاب الدنيوي و الأخروي هي وهم من تصورات الناس على شبه ما تصور هو في نفسه أنه إله. ثم ختم التمثيلية التي صورها في صورة ((محاكمة إله)) بفصول خصصها للنقاش المباشر للعقائد الإسلامية و التنديد بها و السخرية منها ثم لعرض آرائه الشيوعية المادية. ويعرض التقرير شيئاً مما جاء في ثنايا هذه التمثيلية من خطايا المؤلف التي تزدري بالعقائد الدينة الإسلامية وتنكرها ثم تسخر من الرموز و المقدسات الإسلامية. فمن أمثلة سخريته بالجنة قال: (( أي جنَّة هذه التي يقطنها مجموعة من المرضى ؟)) وفي صفحة 32 يبث الشك في معتقد الجنة ويسخر منها ويعرض الحياة فيها صورة جنسية ساقطة ثم يقول (( إنها (أي الجنة) مستنقع للرذيلة وجنة المسكرات )). وفي صفحة 29 يقول عن المعجزات إنها خداع بصر وفي صفحة 31 ينكر البعث والحياة الأخرى. وفي صفحة 34، 35 يصف العلماء الإسلاميين بأنهم أصحاب خمر وشهوة وفي صفحة 36 يقول: ((آفة المجتمعات هي تلك الحثالة التي جعلت من الدين ستاراً تخفي خلفه كل الموبقات)) وفي صفحة 42 يقرِّرأنه إله وأن الإله هو الناس و الناس هم الإله ، والمعنى أنه لا إله إلا القدرة البشرية. وفي صفحة 52 يقول: ((كثيراً ما ساورني الشك في هوية هؤلاء الأنبياء لكني لم أستطع أن أعلن ش**** خشية اللعنة)) وهو يسخر بآدم وبالأنبياء صفحة 56 ثم ينتقل فجأةً إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - ويتهكم به وبقول: ((الأمي الذي يعجز عن الكتابة و القراءة الأمي الذي لا يستطيع أن يميِّز بين الألف وكوز الذرة)) وفي صفحة 61يتهكم بموسى - عليه السلام - وبمعجزة العصى و ينكرها في حين أنها مذكورة في القرآن الكريم ، ويستمر في التنديد بموسى و معجزاته ويجري على لسانه تحقير للنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه ((الرجل الذي يراد إظهاره في صورة الكمال بتضخيم أخطاء من سبقوه)) ويجري على لسان موسى ((كذلك أن اليهود في طريق الإجهاز على المسلمين أصحاب الأخلاق المنحطة)) ويقول: (( الملائكة خرافات دفنت من ثلاثة آلاف عام)) و الحضارة لا صلة بينها وبين الاعتقاد بوجود الإله ووجود الجنة والنار ، وإنه لا ارتباط بين الحضارة وهذه المعتقدات. ثم يقول: ((الإنسان ليس سوى نظرية مادية بحته جاء بالصدفة و سيموت بالصدفة و بموته يصبح مجرد ذكرى في أروقة الحياة ، فلا إله ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا جنُّ أزرق ولا أحمر ولا ملائكة بيضاء و الرسل ليسو سوى مجموعة من الدَّجَّالين والأدعياء...)) !!
                        ويقدم تقرير الأزهر الذي جاء في عشرين ورقة ((حجم الفلوسكاب)) نماذج متعددة للسقطات التي وقع فيها المؤلف مصحوبة بأرقام الصفحات التي وردت فيها. وينتهي إلى أن أمر هذا الكتاب لا يحتاج إلى تفنيد أو رد أو تعليق ؛ ذلك أنه هاجم العقائد و أنكر الأديان و الرسل والكتب السماوية و أن المؤلف قد قصد بكتابه هذا وما يحمله من آراء متطرفة هدَّامة إثارة الفتنة و تحقير و ازدراء الأديان السماوية و أنبياءها وبخاصة دين الإسلام و كذلك الطوائف المنتمية لهذا الدين ولغيره من الأديان ثم دعا إلى ما يؤدي إلا الإضرار بالوحدة الوطنية و السلام الاجتماعي ، وإن المؤلف قد اعتدى على الأصول الدينية للإسلام فاتجه إليها بالنقض و الازدراء و اعتدى على القرآن الكريم وادَّعى أنه من صنع البشر ، وتناول بالازدراء و التهكم نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - و كذلك تهكم بالرموز الإسلامية من علماء و شعائر و عقائد فضلاً عن تهديده للسلام و الأمن الاجتماعي. و بهذا فإن المؤلف يقع تحت طائلة القانون و بخاصة أحكام المادة 161 من قانون العقوبات التي تتصدى لمثل هذا العمل حفاظاً على الأديان و على سلامة وأمن المجتمع.
                        وقد طالب التقرير في نهايته بمساءلة هذا الرجل طبقاً لهذه المادة و غيرها من المواد السابق ذكرها وعلى أساس من أحكام القانون ) . ص 90-94

                        ( المرجع : " محاكمة سلمان رشدي المصري " للأستاذ أحمد أبوزيد . والنقولات موثقة بأرقام الصفحات أعلى ) .

                        تعليق


                        • #72
                          رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                          رأي الأستاذ محمود شاكر في الأفغاني ومحمد عبده وأحمد أمين
                          ورأي حسين أمين في العقاد

                          سليمان بن صالح الخراشي

                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          أصدر حسين ابن الأديب أحمد أمين كتابًا قبل سنتين ، بعنوان " شخصيات عرفتها " ، تحدث فيه عن الشخصيات التي كانت تتردد على والده ، أو الشخصيات التي زارها " حسين " ، ومن أبرز هذه الشخصيات :
                          سيد قطب - حسن البنا - زكي نجيب محمود - توفيق عبدالحكيم - العقاد - السادات - طه حسين - النقاش - فرج فوده ..
                          ومن أهم ما احتواه الكتاب - في نظري - : لقاؤه بالأستاذ محمود شاكر - رحمه الله - ، الذي جهر بآرائه دون مجاملة لحسين ، ومن ذلك : رأيه في والد حسين " أحمد أمين " ، ورأيه في العقاد ، وقبلها : رأيه المهم في " الأفغاني " و " محمد عبده " ، وأظنه سيفاجئ فئة لا زالت مغترة بالهالة التي صنعها الإعلام - عن عمد كما أشار الأستاذ محمد محمد حسين رحمه الله - لهؤلاء .
                          * * * * * * * *

                          1- قال حسين في ترجمته للعقاد ( ص 85 ) : " ما يحيرني منه هو موقفه من الإسلام ، فهو في مجالسه الخاصة وندواته الأسبوعية التي حرصتُ على حضور بعضها، كان يبدو صريح الإلحاد، صريح الاستخفاف بالعقائد، وقد تبدر منه فيها من التعابير ما يصدم مشاعر بعض جُلاّسه... ومع ذلك فما أكثر ما كتبه من كتب ومقالات في نصرة الإسلام والطعن على المستشرقين الطاعنين فيه، بل والتهجم على أقباط مصر، كما في المقالات التي كتبها لصحيفة "الدستور" عامي 1908 و1909م، وهو لا يزال دون العشرين.. ثم "العبقريات" المشهورة التي بدأت بعبقرية محمد عام 1942 – أثر العرب في الحضارة الأوربية – الفلسفة القرآنية – الديمقراطية في الإسلام – فاطمة الزهراء – بلال – أبو الأنبياء الخليل إبراهيم – الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله – مطلع النور وطوالع البعثة المحمدية – حقائق الإسلام وأباطيل خصومه- التفكير فريضة إسلامية – المرأة في القرآن الكريم – الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين – الإنسان في القرآن الكريم – ما يقال عن الإسلام – الإسلام دعوة عالمية... مثل هذا الكم الضخم دليل على عمق انشغال فكر الرجل بالإسلام، وربما على إخلاصه في الإيمان به، وامتعاضه من أي مساس به يأتي من قبل الغرب ومستشرقيه. وهو كمٌ لا يمكن الاقتصار في تفسيره على القول بأن الثلاثينيات – عقب الأزمة الاقتصادية العالمية التي مسّت آثارها مصر، وعقب اشتداد ساعد جماعة الإخوان المسلمين وانتشار تأثيرها – شهدت تحولاً ملحوظاً من جانب عدد كبير من الكتاب في مصر إلى الكتابة عن الإسلام تطلّعاً إلى مزيد من الشعبية والرواج لكتبهم، ومزيد من العائد المادي " .

                          2- وقال في ( ص 158 – 159 ) : " قلت في دهشة: قرأتَ سيادتك " دليل المسلم الحزين " - كتاب لحسين - ؟
                          ـ أيوه يا سيدي!
                          ـ وما رأيك فيه؟
                          ـ فَوّت (أي لا داعي للحديث عنه).
                          ـ اسمح لي بأن أصر على سماع رأيك مهما كان.
                          اعتدل في مجلسه ليواجهني، ثم قال:
                          ـ أتحسبني غافلاً يا سيد حسين عما تفعله؟ أتحسبني غافلاً عن نواياك وخططك من وراء مقالاتك في "المصور" أو كتابك هذا؟ لا يا سيد حسين! لا أنا بالغافل ولا أنا بالأبله حتى أسميك كما أسماك عبدالعظيم أنيس منذ أسبوع في "الأهالي" بالكاتب الإسلامي المستنير.. ! ما معنى "الإسلام المستنير" بالله عليك؟ أهناك إسلام مستنير وإسلام غير مستنير؟ أم أن الإسلام كله نور ، ومن لم يستنر به لا يجوز وصفه بأنه مسلم؟.. الكاتب الإسلامي المستنير حسين أمين! محمد عمارة! فهمي هويدي! حسن حنفي!! دعني أقول لك إن كل ما تكتبونه هو عبث أطفال. نعم، مجرد لعب عيال! كلكم أطفال.. يقرأ أحدكم كتابين أو ثلاثة فيحسب نفسه مجتهداً ومؤهلاً للكتابة عن الإسلام والإصلاح والاستنارة!.. محمد عمارة هذا تبلغ به الصفاقة والادعاء والجهل مبلغاً يجعله يصف كتاب محمد عبده "رسالة التوحيد" بأنه من أهم ما كُتب في التراث الإسلامي في علم الكلام! لا يا شيخ؟!! هل قرأت يا سيد عمارة كل ما كتب في التراث الإسلامي في علم الكلام ثم وصلت إلى اقتناع بأن هذا الكتاب الهزيل الحقير الغث لمؤلفه ضحل الثقافة، من أهم الكتب في الموضوع؟! ما هذا العبث وهذا الاستغلال لجهل الناس؟! لا.. الأمر أخطر من ذلك إنها مؤامرة!.
                          ـ مؤامرة؟
                          ـ مؤامرة تستهدف تمجيد رجلين من أخطر عملاء الاستعمار في تاريخ أمة الإسلام : جمال الدين الأفغاني الماسوني، ومحمد عبده الصديق الصدوق للورد كرومر.
                          إن المسؤولية عن معظم ما يعاني منه الإسلام اليوم تقع على عاتق هذين الخبيثين، خاصة الأفغاني الذي هو أس الفساد كله.. وقد تعجبان إن قلت لكم إنني متفق مع لويس عوض في الرأي بأن الأفغاني كان مجرد متآمر وأنه لم يكن صحيح الإسلام. وعلى أي حال فإن رأي لويس ليس جديد، وكل هذه الأمور كانت معروفة عن الأفغاني حتى أثناء حياته.
                          ألف حسرة على العالم الإسلامي وأمة الإسلام!.. جهل مطبق بالفكر الإسلامي وبالتاريخ الإسلامي.. تدهور رهيب في اللغة العربية .. نظم التعليم في مدارسنا غريبة محضة.. حتى الجماعات المسماة بالإسلامية ألقت بتراث أربعة عشر قرناً في صندوق القمامة.. نعم. ولكنهم ينبرون للتهليل لإسلام جاروي وكأنه حدث هام في تاريخ الإسلام، وذلك لمجرد أن هذا الأفَّاق الانتهازي نطق أمامهم بالشهادتين، وأثنى على الإسلام في كتب له كلها أخطاء وكفر ومغالطات.. وبعضهم يهلل للخميني والثورة الإيرانية والاثنا عشرية، وما منهم من يدري أن الاثنا عشرية هم غلاة الشيعة لا معتدلوها كما يزعمون، وأن الخميني كافر زنديق.
                          ـ كافر زنديق؟
                          ـ بالتأكيد.. ألم يقل بتحريف القرآن وتزنية عائشة؟ " .

                          3- وقال ( ص 161 – 163 ) : " عبدالوهاب عزام، على عيوبه، كان رجلاً طيباً بسيطاً، أما أحمد أمين فلا. ولكنه على أي الأحوال لم يكن في خبث طه حسين ودهائه ومكره.. غير أن ما أعيبه حقيقة على أحمد أمين هو أنه، وهو الرجل العالم المثقف الذي كان بوسعه أن يقدم فكراً جديداً مبتكراً في ميدان الدراسات الإسلامية، والذي يُجبُّ علمُه علم كافة المستشرقين، استسلم وأذعن لتأثير طه حسين وآرائه، ووقف موقفاً ذليلاً من أحكام المستشرقين الخبثاء الحاقدين على الإسلام، وتبنَّى في كتبه "فجر الإسلام وضحاه وظهره" هذه الأحكام، دون أن يجرؤ على تفنيدها والتصدي لها.. ما هذا الذّل؟ ما هذه الاستكانة وهذا الضعف، سواء منك أو من أبيك، تجاه المستشرقين الغربيين؟ أهم أدرى بتراثنا وأقدر على إصدار الأحكام بصدده من علمائنا نحن الذين نهلوا من هذا التراث مع لبن أمهاتهم، ونشأوا عليه منذ نعومة أظفارهم؟ كيف يكون من حق "خواجة" بدأ في تعلم العربية في سن العشرين أو الثلاثين، ويظل "يتهته" بها إلى أن يموت، أن يدلي برأي في المعلقات السبع، وأن يصدر حكماً على المتنبي أو أبي العلاء؟ كيف تُسوّغ لمسيحي صليبي نفسُه أن يتحدث عن الأشاعرة أو المعتزلة حديث الواثق المطمئن لمجرد أنه قرأ كتابين أو ثلاثة في الموضوع؟ أيجوز لي، وأنا العربي، مهما بلغ إتقاني للغة الإنجليزية والأدب الإنجليزي، أن أؤلف كتاباً عن تشوسر شبيهاً بذلك الذي كتبه بلاشير الفرنسي عن المتنبي؟ هل أسمح لنفسي، وأنا المسلم، أن تبلغ بها الصفاقة والغرور حد الكتابة عن دقائق الاختلاف بين المذاهب المسيحية؟ كيف لعالم إسلامي فذ كأحمد أمين أن يقع في فخ هؤلاء الصليبيين؟ الأمر في حالة طه حسين أيسر فهماً؛ فهو لم يقع في الفخ، وإنما قرر باختياره الحر أن يشارك الصليبيين في نصب الأفخاخ لبني قومه ودينه ، أما أحمد أمين، بالرغم من ذكائه وعلمه وصدق إسلامه، فقد وقع "زي الشاطر" في حبائل الشيطان.
                          واستطرد يقول:
                          ـ كلمني هذا الصباح المدعو مارسدن جونز الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، يريد أن يجتمع بي.. رفضت، وقلت له : إنني لا أريد أن أجتمع به.. أتسمع عن مارسدن جونز هذا؟.
                          ـ محقق كتاب "المغازي" للواقدي.
                          ـ آه! حتى أنت قد صدقت هذه الأكذوبة كسائر الناس.. مارسدن جونز لم يحقق مغازي الواقدي ولا بذل فيه إلا أضعف الجهد.. وهذا هو السبب في أني رفضت مقابلته. فقد حدث يوماً أن جاءني رجل مصري غلبان اسمه عبدالفتاح الحلو، وأخبرني أنه هو الذي حقق كتاب المغازي من أوله إلى آخره بناءً على تكليف من مارسدن جونز ، ومقابل بضعة جنيهات كان في حاجة ماسة إليها، ولم يظهر اسمه على الغلاف لا باعتباره محققاً ولا حتى باعتباره مشتركاً في التحقيق، واكتفى جونز بالإشارة إليه في المقدمة باعتباره أحد الذين قدّموا له العون أثناء تحقيقه للكتاب!! هذا مجرد مثل لأخلاقيات هؤلاء المستشرقين الذين تغنَّى والدك بفضلهم!.
                          ـ وما الذي مال بك إلى تصديق زعم عبدالفتاح الحلو دون تصديق زعم مارسدن جونز أنه محقق الكتاب؟.
                          قال شاكر في ضيق وهو يتململ في كرسيه مؤذناً بانتهاء الجلسة:
                          ـ الذي مال بي إلى تصديق زعم الحلو يا سيد حسين هو معرفتي بأخلاقيات المستشرقين.. بالمر، جيب، ماسينيون، مرجوليث، شاخت، كلهم خنازير استعماريون. وإني لأرد على كل عربي يتحدث عن فضل هؤلاء سواء في تعليمنا المنهج العلمي في تحقيق التراث أو في كتابة التاريخ أو غير ذلك، بأن المسلمين هم الذين خرجوا على الدنيا في عصرهم الذهبي بالمنهج العلمي في التأليف، وهم الذي ابتدعوا وضع الفهارس للكتب لا الغربيون كما يزعمون.. لقد وضعتُ بنفسي فهارس كتاب المقريزي " إمتاع الأسماع" الذي حقّقتُه، فوصلتني رسالة من مستشرق فرنسي شهير يُبدي فيها انبهاره بروعة هذه الفهارس، ويقول : إنه ليس بوسع أي غربي أن يأتي بمثلها...
                          المسألة إذن ليست مسألة فضل، وإنما هي تتعلق بخيبة المسلمين المحدَثين حيال تراثهم.. كل الأمور معنا تسير من سيء إلى أسوأ، في الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والأخلاق، أو ما شئت. والله سبحانه وتعالى إنما يعاقبنا على ما نرتكب وما نُهمل، وهو على كل شيء قدير " .انتهى .
                          تعليق
                          1- رحم الله الأستاذ محمود شاكر عن هذه الصراحة والنصيحة ، وكنتُ أتمنى أنه كتب كتابًا مفصلا عن هذه الشخصيات وجنايتها على الإسلام؛ كما فعل مع طه حسين .
                          2- سألتُ الدكتور المحقق عبدالرحمن العثيمين - حفظه الله - عن رأي محمود شاكر في الأفغاني وعبده ، فقال لي : " صدق ، فقد كانا كما قال " .
                          3- أخبرني الأستاذ خالد الغليقة أنه سأل الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - عن العقاد ، فقال : " كتاباته إسلامية ، وهو ليس بإسلامي " .
                          4- ذكر أنيس منصور تلميذ العقاد في كتابه " كانت لنا أيام في صالون العقاد " عنه كلامًا شبيهًا بما ذكر محمود شاكر .
                          5- الأستاذ أنور الجندي رحمه الله ممن يُحسن الظن بالأفغاني وعبده ، ويضع اللوم على تلاميذهما الذين انحرفوا عن نهجهما " سعد زغلول - قاسم أمين - لطفي السيد .. " . وليته - رحمه الله - واجه الحقيقة المرة الصعبة ، فإن البلاء " منهما " . ولازال بعض الفضلاء على نهج الجندي ، والأمر يحتاج لشجاعة ..
                          6- وجدتُ على الشبكة مايُفيد عن حقيقة الرجلين :
                          كتاب : ( دعوة الأفغاني في ميزان الإسلام ) :
                          http://kabah.info/uploaders/norh/jmal.pdf

                          ورسالة : ( محمد عبده وآراؤه في العقيدة ..) :
                          http://kabah.info/uploaders/norh/abdo1.pdf
                          http://kabah.info/uploaders/norh/abdo2.pdf

                          والله الموفق ..
                          يُضاف
                          1- قال الدكتور سعد الدين السيد : ( إن الشجرة ينبغي أن يقطعها أحد أعضائها ، إن خبرة الصيادين تعرف أن الفيَلة لا يقودها إلى سجن الصياد الماكر إلا فيلٌ عميلٌ أتقن تدريبه ؛ ليتسلل بين القطيع ؛ فيألفه القطيع ؛ لأن جلده مثل جلدهم ، ويسمعوا له ؛ لأن صوته يشبه صوتهم ؛ فيتمكن من التغرير بهم ، وسوقهم إلى حظيرة الصياد ) . " احذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام " ، ( ص 95 ) ، نقلاً عن رسالة " الزنادقة – عقائدهم وفرقهم وموقف أئمة المسلمين منهم " ؛ للأستاذ سعد العريفي ، ( ص 337 ) – تحت الطبع - .

                          2- مما جاء في كتاب " كانت لنا أيام في صالون العقاد " ؛ لأنيس منصور – وأنا مجرد ناقل - :
                          -( ص 21 ) : ( كان الأستاذ العقاد يزلزل وجودنا عندما يغضب من الدنيا فيقول : ماهذا الكون ؟ ماهذه الدنيا ؟ أعطني المادة الأولية لهذا الكون ، وأنا أصنع لك واحدًا أفضل منه ) !!
                          -( ص 22 ) : ( يامولانا ، إن الله لن يحاسبني على ما أفعل ، إذ كيف يحاسبني وقد خلقني في عصر كمال الدين حسين ، وجمال عبدالناصر ) .
                          -وتُنظر الصفحات : ( 577 و582 و583 و 590 و628) .

                          والله الهادي ..

                          تعليق


                          • #73
                            رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                            جزاك الله خيرا
                            قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ

                            تعليق


                            • #74
                              رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                              المشاركة الأصلية بواسطة follow his steps to win مشاهدة المشاركة
                              جزاك الله خيرا
                              وخيراً جزاكم أخى الحبيب

                              تعليق


                              • #75
                                رد: (( رموز لا بد أن تسقط )) ... فرقعة البالونات !!

                                نسأل الله السلامة والعافية
                                هؤلاء ليسوا رموز إنهم أقزام
                                حسبنا الله ونعم الوكيل
                                أسأل الله أن يجزي من جعل من خرب الفطرة والدين من السابقين ومن الإعلاميين ومن الذين زيفوا التاريخ وأخفوا حقائق أن يجزهم الله بما يستحقوا
                                جزاكم الله خيرا

                                تعليق

                                يعمل...
                                X