إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    حياكم الله وبارك فيكم





    ما اسم الله الأعظم؟

    دعنا أخي الحبيب قبل الإجابة على هذا السؤال الهام جدا في حياة كل مسلم أن نقف على بعض الأدلة الصحيحة التي نستعين الله في أن يهدينا بها إلى ما يحب و يرضى



    أنقل لكم من كتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم – رحمه الله - : حيث نقل بعض ما ورد في ذلك من الأحاديث:

    - حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : ( اللهم إني أسألك بأنك أنت الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لقد سأل الله بالإسم الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي به أجاب ) وفي لفظ : ( لقد سألت الله باسمه الأعظم ).

    - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلى ثم دعا فقال : ( اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والارض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى ). وأخرج الحديثين أحمد فى مسنده.

    - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) وفاتحة آل عمران: ( آلم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) حديث حسن صحيح .

    - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء وإذا اجتهد في الدعاء قال: ( يا حي يا قيوم ) وعن أنس بن مالك قال كان النبي إذا كربه أمر قال:( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث ) .

    - وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن البقرة وآل عمران وطه ). قال القاسم فالتمستها فإذا هي آية الحي القيوم .

    - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( دعوة ذي النون اذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين إنه لم يدع بها مسلم في شي قط إلا استجاب الله له ). قال الترمذي حديث صحيح

    - وفي الصحيحين من حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب :( لا إله الا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم ).

    - وعن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب أن أقول: ( لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين ).

    - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا ) فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها قال عليه الصلاة والسلام :( بل ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها ) .


    وقد وقفت على بحث قيم حول اسم الله الأعظم للعلامة الألباني رحمه الله يتناول فيه الأحاديث السابقة وغيرها بالنقد والتحليل ...




    وقد أورد رحمه الله تعالى حديث : ( اسم الله الأكبر رب رب )

    في السلسلة الضعيفة حديث رقم -6124- وقال :

    (موقوف)) : أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي الدرداء وابن عباس أنهما كان يقولان : .. فذكره موقوفا عليهما .

    قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون غير هشام بن أبي رقية ..... فمثله يحسن حديثه إن شاء الله تعالى .



    وإنما ذكرت له هذا الأثر هنا ،لأن الحافظ ابن حجر رحمه الله ذكره في الفتح دليلا من حديث أبي الدرداء وابن عباس لقول من قال : إن الاسم الأعظم : رب رب .. فأوهم انه مرفوع من قوله صلى الله عليه وسلم ، .....



    واعلم أن العلماء اختلفوا في تعيين اسم الله الأعظم على أربعة عشر قولاً ، ساقها الحافظ في الفتح ، وذكر لكل قول دليله ، وأكثرها أدلتها من الأحاديث ، وبعضها مجرد رأي لا يلتفت إليه ، مثل القو ل الثاني عشر ، فإن دليله : أن فلاناً سأل الله أن يعلمه الاسم الأعظم فرأى في النوم : هو الله ، الله ، الله ، الذي لا إله إلا هو رب العرش العظيم !!



    وتلك الأحاديث منها الصحيح ، ولكنه ليس صريح الدلالة ، ومنها الموقوف كهذا ، ومنها الصريح الدلالة ، وهو قسمان :

    قسم صحيح صريح ، وهو حديث بريدة : ( الله لا إله إلا هو ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ... ) إلخ ، وقال الحافظ :

    وهو أرجح من حيث السند من جميع ما ورد في ذلك .

    وهو كما قال رحمه الله ، واقره الشوكاني في ( تحفة الذاكرين ( ص 52 ) ، وهو مخرج في صحيح أبي داود ( 1341 ) . * 1 *



    والقسم الآخر : صريح غير صحيح ، بعضه مما صرح الحافظ بضعفه ، كحديث القول الثالث عن عائشة في ابن ماجه ( 3859 ) * 2 * وهو في ضعيف ابن ماجه رقم ( 841 ) ، وبعضه مما سكت عنه ، فلم يحسن !

    كحديث القول الثامن من حديث معاذ بن جبل في الترمذي ن وهو مخرج في الضعيفة برقم ( 4520 ) ، وهناك أحاديث أخرى صريحة لم يتعرض الحافظ لذكرها ولكنها واهية ، وهي مخرجة هناك برقم ( 2772- * 3 * ، و ، 2773 - * 4 * - و 2775 * 5 * ) .

    ********************

    المصدر : السلسلة الضعيفة – المجلد الثالث عشر – ص 278- 280 – تحت حديث رقم ( 6124 )



    1- ولفظه : عن عبد الله بن بريدة عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب

    حديث رقم -1493-



    2- ولفظه : عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

    اللهم إني أسألك باسمك الطاهر الطيب المبارك الأحب إليك، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سئلت به أعطيت، وإذا استرحمت به رحمت، وإذا استفرجت به فرجت، قالت : وقال ذات يوم : يا عائشة هل علمت أن الله قد دلني على الاسم الذي إذا دعي به أجاب؟ قالت : فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي فعلمنيه، قال : إنه لا ينبغي لك يا عائشة قالت : فتنحيت وجلست ساعة، ثم قمت فقبلت رأسه، ثم قلت : يا رسول الله علمنيه قال : إنه لا ينبغي لك يا عائشة أن أعلمك إنه لا ينبغي لك أن تسألين به شيئا من الدنيا قالت : فقمت فتوضأت : ثم صليت ركعتين، ثم قلت : اللهم إني أدعوك الله، وأدعوك الرحمن، وأدعوك البر الرحيم، وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم، أن تغفر لي، وترحمني، قالت : فاستضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال : إنه لفي الأسماء التي دعوت بها

    سنن ابن ماجه – 3859 -



    3- اسم الله الأعظم الذي إذا دعي يه أجاب في هذه الآية من آل عمران

    { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء } إلى آخره . ( موضوع ) حديث رقم -2772-



    4- ( اسم الله الأعظم في ست آيات في آخر سورة الحشر ) ( ضعيف ) حديث رقم -2773-



    5- اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى الدعوة التي دعا بها يونس حيث ناداه في الظلمات الثلاث { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } ( ضعيف ) حديث رقم -2775



    وأخيرا تذكروا إخوتي أن هناك في النار الآن رجلا قد علم اسم الله الأعظم ولكنه لم يعمل به إنه
    (بلعم بن باعوراء)
    الذي ذكره الله في كتابه،


    آتاه الله الآيات ولكنه لم ينتفع بها وعلمه الاسم الأعظم ولكنه لم يكن أهلا لذلك،

    لنتعلم أن العبرة في هذا الأمر ليس بمن يعلم أكثر وإنما بمن يعمل عملا خالصا صوابا لله وحده.




    هذا ما تيسر وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

    تعليق


    • #77
      رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمد لله كاشف الغطاء ومانح العطاء ذي الجود والإيداء والإعادة والإبداء المتوحد بالذات القديمة المقدسة عن الحين والفناء،

      الحمد لله حمدا ملؤه الثناء كما يليق برب الأرض والسماء، حمـدا مدخــرا إلىيــوم اللقاء ،

      الحمد لله بجميع المحامد على جميع النعم والصلاة والسلام على خير خلقه محمد المبعوث إلى خير الأمم وعلى آله وصحبه مفاتيح الحكم ومصابيح الظلم،... وبعد،

      فصل في معنى الحمد :

      جاء في كتاب المحيط في اللغة لابن عباد:

      الحَمْدُ نَقِيضُ الذَّمِّ. بَلَوْتُه فأحْمَدْتُه وَجَدْتَه حَمِيْداً مَحْمُوْداً. ومنه المَحْمِدَةُ.

      وحُمَاداكَ أنْ تَفْعَلَ كذا أي نَحْمَدُكَ.

      والتَّحْمِيْدُ كَثْرَةُ حَمْدِ الله.

      وأحْمَدَ الرَّجُلُ فَعَلَ ما يُحْمَدُ عليه.

      ومُحَمَّدٌ وأحْمَدُ اسْمَانِ.

      وقَوْلُهم أحْمَدُ إِليكَ اللَّه أي أحْمَدُ مَعَكَ اللَّه.

      ورَجُلٌ حُمَدَةٌ يَحْمَدُ النّاسَ. وأتَيْنا مَنْزِلاً حَمْداً وذَمّاً، ورَجُلٌ حَمْدٌ وذَمٌّ.

      وأحْمَدْتُ الرَّجُلَ وحَمِدْتُه بمعنىً...اهـ



      وقال الأزهري صاحب تهذيب اللغة:

      " قال الأخفش: الحمد لله: الشُّكر لله، قال: والحمدُ أيضاً: الثناء، قلت: الشكرُ لا يكون إلا ثناءٍ ليدٍ أوليتها، والحمدُ قد يكون شُكراً للصنيعة ويكون ابتداء للثناء على الرَّجُل، فحمدُ الله الثناء عليه، ويكون شُكراً لنعمه التي شملت الكُل.

      قال الليث:التَّحْميد: كُثرة حمد الله بالمحامد الحسنة. قال: واحمد الرَّجلُ إذ فعل ما يُحمد عليه.

      ومُحمَّداً وأحمد اسما نبينا المصطفى صلى اله عليه.

      وقول العرب: أحمد إليك الله.

      وقال الليث معناه أحمد معك الله، وقال غيره: أشكر إليك أيادية ونعمه.

      ويقال: هل تحمد لي هذا الامر أي هل ترضاه لي.

      وقول المُصلي: سُبحانك الله وبحمدك المعنى وبحمدك أبتدي،

      والحميدُ من صفات الله بمعنى المحمُود، ورجل حُمَدَة: كثير الحمد. ورجل حمَّاد مثله.

      والخلاصة من ذلك ما ذكره الدكتور/ المرائي – حفظه الله – في كتابه الرائع لمسات بيانية:

      قال: الثناء على الجميل من النعمة أو غيرها مع المحبة والإجلال ، فالحمد أن تذكر محاسن الغير سواء كان ذلك الثناء على صفة من صفاته الذاتية كالعلم والصبر والرحمة أم على عطائه وتفضله على الآخرين.

      ولا يكون الحمد إلا للحي العاقل.


      وهذا أشهر ما فرق بينه وبين المدح

      فقد تمدح جمادا ولكن لا تحمده ؛ وقد ثبت أن المدح أعم من الحمد.

      فالمدح قد يكون قبل الإحسان وبعده ؛ أما الحمد فلا يكون إلا بعد الإحسان ، فالحمد يكون لما هو حاصل من المحاسن في الصفات أو الفعل فلا يحمد من ليس في صفاته ما يستحق الحمد ؛

      أما المدح فقد يكون قبل ذلك فقد تمدح إنساناً ولم يفعل شيئا من المحاسن والجميل ولذا كان المدح منهياً عنه ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"احثوا التراب في وجه المداحين" بخلاف الحمد فإنه مأمور به فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من لم يحمد الناس لم يحمد الله"


      وبذا علمنا من قوله:
      الحمد لله" أن الله حي له الصفات الحسنى والفعل الجميل فحمدناه على صفاته وعلى فعله وإنعامه ولو قال المدح لله لم يفد شيئا من ذلك، فكان اختيار الحمد أولى من اختيار المدح.

      ولم يقل سبحانه الشكر لله لأن الشكر لا يكون إلا على النعمة ولا يكون على صفاته الذاتية فانك لا تشكر الشخص على علمه أو قدرته وقد تحمده على ذلك

      وقد جاء في لسان العرب "والحمد والشكر متقاربان والحمد أعمهما لأنك تحمد الإنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته.فكان اختيار الحمد أولى أيضاً من الشكر لأنه أعم فانك تثني عليه بنعمه الواصلة إليك والى الخلق جميعا وتثني عليه بصفاته الحسنى الذاتية وان لم يتعلق شيء منها بك.

      فكان اختيار الحمد أولى من المدح والشكر.


      هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنه قال: الحمد لله ولم يقل أحمد الله أو نحمد الله وما قاله أولى من وجوه عدة:
      إن القول " أحمد الله " أو " نحمد الله
      " مختص بفاعل معين ففاعل أحمد هو المتكلم وفاعل نحمد هم المتكلمون في حين أن عبارة "الحمد لله" مطلقة لا تختص بفاعل معين وهذا أولى فإنك إذا قلت " أحمد الله " أخبرت عن حمدك أنت وحدك ولم تفد أن غيرك حمده وإذا قلت " نحمد الله " أخبرت عن المتكلمين ولم تفد أن غيركم حمده في حين أن عبارة "الحمد لله" لا تختص بفاعل معين فهو المحمود على وجه الإطلاق منك ومن غيرك.


      وقول " أحمد الله " تخبر عن فعلك أنت ولا يعني ذلك أن من تحمده يستحق الحمد ؛ في حين إذا قلت " الحمد لله" أفاد ذلك استحقاق الحمد لله وليس مرتبط بفاعل معين.

      وقول " أحمد الله " أو " نحمد الله " مرتبط بزمن معين لأن الفعل له دلالة زمنية معينة ، فالفعل المضارع يدل على الحال أو الاستقبال

      ومعنى ذلك أن الحمد لا يحدث في غير الزمان الذي تحمده فيه ،

      ولا شك أن الزمن الذي يستطيع الشخص أو الأشخاص الحمد فيه محدود وهكذا كل فعل يقوم به الشخص محدود الزمن فإن أقصى ما يستطيع أن يفعله أن يكون مرتبطا بعمره ولا يكون قبل ذلك وبعده فعل فيكون الحمد أقل مما ينبغي فإن حمد الله لا ينبغي أن ينقطع ولا يحد بفاعل أو بزمان

      في حين أن عبارة "الحمد لله" مطلقة غير مقيدة بزمن معين ولا بفاعل معين فالحمد فيها مستمر غير منقطع.


      جاء في تفسير الرازي:

      أنه لو قال " أحمد الله " أفاد ذلك كون القائل قادرا على حمده ، أما لما قال "الحمد لله" فقد أفاد ذلك ، أنه كان محمودا قبل حمد الحامدين وقبل شكر الشاكرين فهؤلاء سواء حمدوا أم لم يحمدوا فهو تعالى محمود من الأزل إلى الأبد بحمده القديم وكلامه القديم.


      وقول "أحمد الله" جملة فعلية و"الحمد لله" جملة اسمية

      والجملة الفعلية تدل على الحدوث والتجدد في حين أن الجملة الاسمية دالة على الثبوت وهي أقوى وأدوم من الجملة الفعلية. فاختيار الجملة الاسمية أولى من اختيار الجملة الفعلية ههنا إذ هو أدل على ثبات الحمد واستمراره.


      وقول "الحمد لله" معناه

      أن الحمد والثناء حق لله وملكه فانه تعالى هو المستحق للحمد بسبب كثرة أياديه وأنواع آلائه على العباد.

      فقولنا "الحمد لله" معناه أن الحمد لله حق يستحقه لذاته ولو قال "أحمد الله" لم يدل ذلك على كونه مستحقا للحمد بذاته ومعلوم أن اللفظ الدال على كونه مستحقاً للحمد أولى من اللفظ الدال على أن شخصاً واحداً حمده.

      والحمد : عبارة عن صفة القلب وهي اعتقاد كون ذلك المحمود متفضلا منعما مستحقا للتعظيم والإجلال.

      فإذا تلفظ الإنسان بقوله : "أحمد الله" مع أنه كان قلبه غافلا عن معنى التعظيم اللائق بجلال الله كان كاذبا لأنه أخبر عن نفسه بكونه حامدا مع انه ليس كذلك.

      أما إذا قال "الحمد لله" سواء كان غافلاً أو مستحضراً لمعنى التعظيم فإنه يكون صادقاً لأن معناه: أن الحمد حق لله وملكه وهذا المعنى حاصل سواء كان العبد مشتغلاً بمعنى التعظيم والإجلال أو لم يكن.

      فثبت أن قوله "الحمد لله" أولى من قوله أحمد الله أو من نحمد الله.

      ونظيره قولنا "لا اله إلا الله" فانه لا يدخل في التكذيب بخلاف قولنا "اشهد أن لا اله إلا الله" لأنه قد يكون كاذبا في قوله "أشهد" ولهذا قال تعالى في تكذيب المنافقين: "والله يشهد إن المنافقين لكاذبون" (المنافقون، آية 1)


      فلماذا لم يقل " الحمدَ لله " بالنصب؟
      الجواب أن قراءة الرفع أولى من قراءة النصب ذلك أن قراءة الرفع تدل على أن الجملة اسمية في حين أن قراءة النصب تدل على أن الجملة فعلية بتقدير نحمد أو احمد أو احمدوا بالأمر.

      والجملة الاسمية أقوى وأثبت من الجملة الفعلية لأنها دالة على الثبوت.


      وقد يقال أليس تقدير فعل الأمر في قراءة النصب أقوى من الرفع بمعنى "احمدوا الحمد لله" كما تقول "الإسراع في الأمر" بمعنى أسرعوا؟

      والجواب لا

      فإن قراءة الرفع أولى أيضاً ذلك لان الأمر بالشيء لا يعني أن المأمور به مستحق للفعل. وقد يكون المأمور غير مقتنع بما أمر به فكان الحمد لله أولى من الحمد لله بالنصب في الاخبار والأمر.

      ولماذا لم يقل " حمداً لله " ؟

      الحمد لله معرفة بأل و" حمداً " نكرة ؛ والتعريف هنا يفيد ما لا يفيده التنكير ذلك أن "أل" قد تكون لتعريف العهد فيكون المعنى : أن الحمد المعروف بينكم هو لله ، وقد يكون لتعريف الجنس على سبيل الاستغراق فيدل على استغراق الأحمدة كلها.

      ورجح بعضهم المعنى الأول ورجح بعضهم المعنى الثاني بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لك الحمد كله" فدل على استغراق الحمد كله

      فعلى هذا يكون المعنى:

      أن الحمد المعروف بينكم هو لله على سبيل الاستغراق والإحاطة فلا يخرج عنه شيء من أفراد الحمد ولا أجناسه.


      "الحمد لله" أهي خبر أم إنشاء؟

      الخبر هو ما يحتمل الصدق أو الكذب والإنشاء هو ما لا يحتمل الصدق أو الكذب.


      قال أكثر النحاة والمفسرين :

      أن الحمد لله إخبار كأنه يخبر أن الحمد لله سبحانه وتعالى ، وقسم قال : أنها إنشاء لأن فيها استشعار المحبة وقسم قال : أنها خبر يتضمن إنشاء.


      أحيانا يحتمل أن تكون التعبيرات خبرا أو إنشاء بحسب ما يقتضيه المقام الذي يقال فيه.

      فعلى سبيل المثال قد نقول (رزقك الله) ونقصد بها الدعاء وهذا إنشاء وقد نقول (رزقك الله وعافاك) والقصد منها أفلا تشكره على ذلك؟ وهذا خبر.


      والحمد لله هي من العبارات التي يمكن أن تستعمل خبرا وإنشاء بمعنى الحمد لله خبر ونستشعر نعمة الله علينا ونستشعر التقدير كان نقولها عندما نستشعر عظمة الله سبحانه في أمر ما فنقول الحمد لله.


      فلماذا لم يقل سبحانه " إن الحمد لله " ؟

      لا شك أن الحمد لله لكن هناك فرق بين التعبيرين أن نجعل الجملة خبراً محضا في قول الحمد لله (ستعمل للخبر أو الإنشاء) ولكن عندما تدخل عليه " إن " لا يمكن إلا أن يكون إنشاء ،

      لذا فقول " الحمد لله " أولى

      لما فيه من الإجلال والتعظيم والشعور بذلك. لذا جمعت الحمد لله بين الخبر والإنشاء ومعناهما ، مثلا نقول رحمة الله عليك (هذا دعاء) وعندما نقول إن رحمة الله عليك فهذا خبر وليس دعاء

      من المعلوم انه في اللغة قد تدخل بعض الأدوات على عبارات فتغير معناها مثال: رحمه الله (دعاء) ، قد رحمه الله (إخبار) ، رزقك الله (دعاء) ، قد رزقك الله (إخبار) .


      لماذا لم يقل سبحانه " لله الحمد " ؟
      الحمد الله تقال إذا كان هناك كلام يراد تخصيصه (مثال : لفلان الكتاب) تقال للتخصيص والحصر فإذا قدم الجار والمجرور على اسم العلم يكون بقصد الاختصاص والحصر (لإزالة الشك أن الحمد سيكون لغير الله)


      الحمد لله في الدنيا ليست مختصة لله سبحانه وتعالى ، الحمد في الدنيا قد تقال لأستاذ أو سلطان عادل ، أما العبادة فهي قاصرة على الله سبحانه وتعالى ، المقام في الفاتحة ليس مقام اختصاص أصلاً وليست مثل ( إياك نعبد ) أو ( إياك نستعين ).

      فقد وردت في القران الكريم (فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين) الجاثية (لآية 36)


      لا أحد يمنع التقديم لكن التقديم والتأخير في القرآن الكريم يكون حسب ما يقتضيه السياق ،

      المقام في سورة الفاتحة هو مقام مؤمنين يقرون بالعبادة ويطلبون الاستعانة والهداية ؛

      أما في سورة الجاثية فالمقام في الكافرين وعقائدهم وقد نسبوا الحياة والموت لغير الله سبحانه لذا اقتضى ذكر تفضله سبحانه بأنه خلق السموات والأرض وأثبت لهم أن الحمد الأول لله سبحانه على كل ما خلق لنا فهو المحمود الأول

      لذا جاءت فلله الحمد مقدمة حسب ما اقتضاه السياق العام للآيات في السورة.

      فلماذا التفصيل في الجاثية (رب السموات والأرض) ولم ترد في الفاتحة؟

      في الجاثية تردد ذكر السموات والأرض وما فيهن وذكر ربوبية الله تعالى لهما فقد جاء في أول السورة ( إن في السموات والأرض لآيات للمؤمنين )

      فلو نظرنا في جو سورة الجاثية

      نلاحظ ربوبية الله تعالى للسموات والأرض والخلق والعالمين مستمرة في السورة كلها. (ولله ملك السموات والأرض) يعني هو ربهما ( ويوم تقوم الساعة يخسر المبطلون) إذن هو رب العالمين ( وخلق الله السموات والأرض بالحق) فهو ربهما ( لتجزى كل نفس..) فهو رب العالمين.

      (فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين)

      جمع الربوبية في السموات والأرض والعالمين في آية واحدة ، أما في الكلام في الفاتحة فهو عن العالمين فقط وذكر أصناف الخلق من العالمين (المؤمنين، الضالين..) لذا ناسب التخصيص في الجاثية وليس في الفاتحة.


      (وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم) (الجاثية الآية 37) ولم يذكر الكبرياء في الفاتحة لأنه جاء في الجاثية ذكر المستكبرين بغير حق ( ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم .

      وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) (الجاثية الآيات 7-9) دل على مظهر من مظاهر الاستكبار لذا ناسب أن يرد ذكر الكبرياء في السموات والأرض.

      فسبحانه وتعالى يضع الكلام بميزان دقيق بما يتناسب مع السياق العام للآيات.


      الحمد لله: جاء سبحانه وتعالى باسمه العلم (الله) ،لم يقل الحمد للخالق أو القدير أو أي اسم آخر من أسمائه الحسنى فلماذا جاء باسمه العلم؟

      لأنه إذا جاء بأي اسم آخر غير العلم لدل على أنه تعالى استحق الحمد فقط بالنسبة لهذا الاسم خاصة فلو قال الحمد للقادر لفهمت على انه يستحق الحمد للقدرة فقط لكن عند ذكر الذات (الله) فإنها تعني انه سبحانه يستحق الحمد لذاته لا لوصفه.

      من ناحية أخرى

      " الحمد لله " مناسبة لما جاء بعدها (إياك نعبد) لأن العبادة كثيرا ما تختلط بلفظ الله. فلفظ الجلالة (الله) يعنى الإله المعبود مأخوذة من أله (بكسر اللام) ومعناها عبد ولفظ الله مناسب للعبادة وأكثر اسم اقترن بالعبادة هو لفظ الله تعالى (أكثر من 50 مرة اقترن لفظ الله بالعبادة في القرآن)

      لذا فالحمد لله مناسب لأكثر من جهة.


      " الحمدُ لله " أولى من قول الحمد للسميع أو العليم أو غيرها من أسماء الله الحسنى. وقول الحمد لله أولى من قول أحمد الله أو الحمدَ لله أو حمداً لله أو إن الحمد لله أو الحمد للحي أو القادر أو السميع أو البصير. جلت حكمة الله سبحانه وتعالى وجل قوله العزيز.


      هذا ما تيسر ولله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون



      وللحديث بقية بإذن الله تعالى

      فلا تنسونا من صالح دعائكم

      تعليق


      • #78
        رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        بسم الله الرحمن الرحيم

        رب العالمين:

        الرب هو المالك والسيد والمربي والمنعم والقيِّم ، فإذن رب العالمين هو ربهم ومالكهم وسيدهم ومربيهم والمنعم عليهم وقيُمهم لذا فهو أولى بالحمد من غيره وذكر (رب العالمين) هي أنسب ما يمكن وضعه بعد (الحمد لله)


        رب العالمين يقتضي كل صفات الله تعالى ويشمل كل أسماء الله الحسنى ،


        العالمين : جمع عالم والعالم هو كل موجود سوى الله تعالى ؛ والعالم يجمع على العوالم وعلى العالمين




        لكن اختيار العالمين على العوالم أمر بلاغي يعني ذلك أن العالمين خاص للمكلفين وأولي العقل (لا تشمل غير العقلاء)


        بدليل قوله تعالى (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) (الفرقان آية 1)




        ومن المؤكد أنه ليس نذيرا للبهائم والجماد.



        وبهذا استدلوا على أن المقصود بالعالمين أولي العقل وأولي العلم أو المكلفون.



        والعالمين جمع العالم بكل أصنافه لكن يغلُب العقلاء على غيرهم فيقال لهم العالمين لا يقال لعالم الحشرات أو الجماد أو البهائم العالمين وعليه فلا تستعمل كلمة العالمين إلا إذا اجتمع العقلاء مع غيرهم وغلبوا عليهم.



        أما العوالم قد يطلق على أصناف من الموجودات ليس منهم البشر أو العقلاء أو المكلفون (تقال للحيوانات والحشرات والجمادات)




        اختيار كلمة العالمين له سببه في سورة الفاتحة


        فالعالمين تشمل جيلا واحدا وقد تشمل كل المكلفين أو قسما من جيل (قالوا أولم ننهك عن العالمين) (الحجر آية 70) في قصة سيدنا لوط جاءت هنا بمعنى قسم من الرجال.



        و اختيار " العالمين " أيضاً

        لأن السورة كلها في المكلفين وفيها طلب الهداية وإظهار العبودية لله وتقسيم الخلق كله خاص بأولي العقل والعلم لذا كان من المناسب اختيار " العالمين " على غيرها من المفردات أو الكلمات.




        وقد ورد في آخر الفاتحة ذكر المغضوب عليهم وهم اليهود ، والعالمين رد على اليهود الذين ادعوا أن الله تعالى هو رب اليهود فقط فجاءت رب العالمين لتشمل كل العالمين لا بعضهم.



        أما اختيار كلمة رب

        فلأنها تناسب ما بعدها (اهدنا الصراط المستقيم) لأن من معاني الرب المربي وهي أشهر معانيه

        وأولى مهام الرب الهداية لذا اقترنت الهداية كثيراً بلفظ الرب


        كما اقترنت العبادة بلفظ الله تعالى

        (قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) (طه آية 49-50)


        (فاجتباه ربه فتاب عليه وهدى) (طه آية 122)


        (سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى) (الأعلى آية 1-3)


        (قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم) (الأنعام آية 161)


        (وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا) (الكهف آية 24)


        (قال كلا إن معي ربي سيهدين) (الشعراء آية 62)


        (وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين) (الصافات آية 99)


        (ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) (القصص آية 22)


        لذا ناسب لفظ " رب " مع " اهدنا الصراط المستقيم " وفيها طلب الهداية.




        هذا ما تيسر وللحديث بقية

        تعليق


        • #79
          رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          الرحمن الرحيم:

          الرحمن على وزن فعلان والرحيم على وزن فعيل ومن المقرر في علم التصريف في اللغة العربية أن الصفة فعلان تمثل الحدوث والتجدد والامتلاء والاتصاف بالوصف إلى حده الأقصى فيقال غضبان بمعنى امتلأ غضبا (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) لكن الغضب زال (فلما سكت عن موسى الغضب) ومثل ذلك عطشان ، ريان ، جوعان ، يكون عطشان فيشرب فيذهب العطش


          أما صيغة فعيل فهي تدل على الثبوت سواء كان خلقة ويسمى تحول في الصفات مثل طويل، جميل، قبيح فلا يقال خطيب لمن ألقى خطبة واحدة وإنما تقال لمن يمارس الخطابة وكذلك الفقيه.


          هذا الإحساس اللغوي بصفات فعلان وفعيل لا يزال في لغتنا الدارجة إلى الآن فنقول بدا عليه الطول (طولان) فيرد هو طويل (صفة ثابتة) فلان ضعفان (حدث فيه شيء جديد لم يكن) فيرد هو ضعيف (هذه صفته الثابتة فهو أصلاً ضعيف)


          ولذا جاء سبحانه وتعالى بصفتين تدلان على التجدد والثبوت معا فلو قال الرحمن فقط لتوهم السامع أن هذه الصفة طارئة قد تزول كما يزول الجوع من الجوعان والغضب من الغضبان وغيره.

          ولو قال رحيم وحدها لفهم منها أن صفة رحيم مع أنها ثابتة لكنها ليست بالضرورة على الدوام ظاهرة إنما قد تنفك مثلا عندما يقال فلان كريم فهذا لا يعني انه لا ينفك عن الكرم لحظة واحدة إنما الصفة الغالبة عليه هي الكرم.


          وجاء سبحانه بالصفتين مجتمعتين ليدل على أن صفاته الثابتة والمتجددة هي الرحمة ويدل على أن رحمته لا تنقطع وهذا يأتي من باب الاحتياط للمعنى وجاء بالصفتين الثابتة والمتجددة لا ينفك عن إحداهما ، إنما هذه الصفات مستمرة ثابتة لا تنفك البتة غير منقطعة.


          فلماذا إذاً قدم سبحانه الرحمن على الرحيم ؟


          قدم صيغة الرحمن والتي هي الصفة المتجددة وفيها الامتلاء بالرحمة لأبعد حدودها لأن الإنسان في طبيعته عجول وكثيراً ما يؤثر الإنسان الشيء الآتي السريع وان قل على الشيء الذي سيأتي لاحقاً وإن كثر (بل تحبون العاجلة) لذا جاء سبحانه بالصفة المتجددة ورحمته قريبة ومتجددة وحادثة إليه ولا تنفك لأن رحمته ثابتة.





          ووقوع كلمة " الرحيم " بعد كلمة الرب يدلنا على أن الرحمة هي من صفات الله تعالى العليا وفيها إشارة إلى أن المربي يجب أن يتحلى بالرحمة وتكون من أبرز صفاته وليست القسوة والرب بكل معانيه ينبغي أن يتصف بالرحمة سواء كان مربياً أو سيداً أو قيما وقد وصف الله تعالى رسوله بالرحمة.


          هذا ما تيسر وللحديث بقية

          تعليق


          • #80
            رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            بسم الله الرحمن الرحيم

            مالك يوم الدين:
            هناك قراءة متواترة (ملك يوم الدين) بعض المفسرين يحاولون تحديد أي القراءتين أولى وتحديد صفة كل منهما لكن في الحقيقة ليس هناك قراءة أولى من قراءة فكلتا القراءتين متواترة نزل بهما الروح الأمين ليجمع بين معنى المالك والملك.

            المالك من التملك والملك بكسر الميم (بمعنى الذي يملك الملك)
            وملك بكسر اللام من الملك بضم الميم والحكم (أليس لي ملك مصر) الملك هنا بمعنى الحكم والحاكم الأعلى هو الله تعالى.

            المالك قد يكون ملكا وقد لا يكون والملك قد يكون مالكا وقد لا يكون. المالك يتصرف في ملكه كما لا يتصرف الملك (بكسر اللام) والمالك عليه أن يتولى أمر مملوكه من الكسوة والطعام والملك ينظر للحكم والعدل والإنصاف.
            المالك أوسع لشموله العقلاء وغيرهم
            والملك هو المتصرف الأكبر وله الأمر والإدارة العامة في المصلحة العامة فنزلت القراءتين لتجمع بين معنى المالك والملك وتدل على انه سبحانه هو المالك وهو الملك (قل اللهم مالك الملك) الملك ملكه سبحانه وتعالى فجمع بين معنى الملكية والملك مالك يوم الدين ،

            لِمَ لمْ يذكر الدنيا ؟ سواء كان مالكا أو ملكا فلماذا لم يقل مالك يوم الدين والدنيا؟
            أولا قال " الحمد لله رب العالمين " فهو مالكهم وملكهم في الدنيا وهذا شمل الدنيا.

            مالك يوم الدين هو مالك يوم الجزاء يعني ملك ما قبله من أيام العمل والعمل يكون في الدنيا فقد جمع في التعبير يوم الدين والدنيا وبقوله " يوم الدين " شمل فيه الدنيا أيضاً.

            لم قال يوم الدين ولم يقل يوم القيامة؟
            الدين بمعنى الجزاء وهو يشمل جميع أنواع القيامة من أولها إلى آخرها ويشمل الجزاء والحساب والطاعة والقهر وكلها من معاني الدين

            وكلمة الدين انسب للفظ رب العالمين وانسب للمكلفين (الدين يكون لهؤلاء المكلفين) فهو أنسب من يوم القيامة

            لأن القيامة فيها أشياء لا تتعلق بالجزاء أما الدين فمعناه الجزاء وكل معانيه تتعلق بالمكلفين لأن الكلام من أوله لآخره عن المكلفين لذا ناسب اختيار كلمة الدين عن القيامة.

            لماذا قال مالك يوم واليوم لا يملك إنما ما فيه يملك ؟
            والسبب لقصد العموم ومالك اليوم هو ملك لكل ما فيه وكل من فيه فهو أوسع وهو ملكية كل ما يجري وما يحدث في اليوم وكل ما فيه ومن فيه فهي إضافة عامة شاملة جمع فيها ما في ذلك اليوم ومن فيه وإحداثه وكل ما فيه من باب الملكية (بكسر الميم) والملكية (بضم الميم)اقتران الحمد بهذه الصفات أحسن وأجمل اقتران.

            الحمد لله فالله محمود بذاته وصفاته على العموم والله هو الاسم العلم) ثم محمود بكل معاني الربوبية (رب العالمين)

            لأن من الأرباب من لا تحمد عبوديته وهو محمود في كونه رحمن رحيم، محمود في رحمته لان الرحمة لو وضعت في غير موضعها تكون غير محمودة

            فالرحمة إذا لم توضع في موضعها لم تكن مدحا لصاحبها، محمود في رحمته يضعها حيث يجب أن توضع وهو محمود يوم الدين محمود في تملكه وفي مالكيته (مالك يوم الدين) محمود في ملكه ذلك اليوم (في قراءة ملك يوم الدين)

            استغرق الحمد كل الأزمنة ،لم يترك سبحانه زمناً لم يدخل فيه الحمد أبداً من الأزل إلى الأبد

            فهو حمده قبل الخلق (الحمد لله) حين كان تعالى ولم يكن معه شيء قبل حمد الحامدين وقبل وجود الخلق والكائنات استغرق الحمد هنا الزمن الأول وعند خلق العالم (رب العالمين)

            واستغرق الحمد وقت كانت الرحمة تنزل ولا تنقطع (الرحمن الرحيم) واستغرق الحمد يوم الجزاء كله ويوم الجزاء لا ينتهي لأن الجزاء لا ينتهي فأهل النار خالدين فيها وأهل الجنة خالدين فيها لا ينقضي جزاؤهم فاستغرق الحمد كل الأزمنة من الأزل إلى الأبد كقوله تعالى له الحمد في الأولى والآخرة هذه الآيات جمعت أعجب الوصف.

            هذا ما تيسر من فضل الله وللحديث بقية

            تعليق


            • #81
              رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز


              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              بسم الله الرحمن الرحيم

              - قوله ( إياك نعبد وإياك نستعين ):
              قدم المفعولين لنعبد ونستعين وهذا التقديم للاختصاص لأنه سبحانه وتعالى وحده له العبادة

              لذا لم يقل نعبدك ونستعينك لأنها لا تدل على التخصيص بالعبادة لله تعالى ،



              أما قول ( إياك نعبد ) فتعني تخصيص العبادة لله تعالى وحده



              وكذلك في الاستعانة (إياك نستعين) تكون بالله حصرا (ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير) (الممتحنة آية 4) كلها مخصوصة لله وحده حصرا فالتوكل والإنابة والمرجع كله إليه سبحانه (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)(إبراهيم 12)


              (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) (الملك آية 29)
              تقديم الإيمان على الجار والمجرور هنا لأن الإيمان ليس محصورا بالله وحده فقط بل علينا الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقضاء والقدر لذا لم تأت به آمنا.

              أما في التوكل فجاءت وعليه توكلنا لا توكلنا عليه لان التوكل محصور بالله تعالى.


              الآن لماذا كررت إياك مع فعل الاستعانة ولم يقل إياك نعبد ونستعين ؟

              التكرار يفيد التنصيص على حصر المستعان به ؛

              لو اقتصرنا على ضمير واحد (إياك نعبد ونستعين) لم يعني المستعان إنما عني المعبود فقط ولو اقتصرنا على ضمير واحد لفهم من ذلك أنه لا يتقرب إليه إلا بالجمع بين العبادة والاستعانة بمعنى انه لا يُعبد بدون استعانة ولا يُستعان به بدون عبادة.

              يفهم من الاستعانة مع العبادة مجموعة تربط الاستعانة بالعبادة وهذا غير وارد وإنما هو سبحانه نعبده على وجه الاستقلال ونستعين به على وجه الاستقلال وقد يجتمعان



              لذا وجب التكرار في الضمير إياك نعبد وإياك نستعين. التكرار توكيد في اللغة ، في التكرار من القوة والتوكيد للاستعانة فيما ليس في الحذف.


              إياك نعبد وإياك نستعين : أطلق سبحانه فعل الاستعانة ولم يحدد نستعين على شيء أو نستعين على طاعة أو غيره ، إنما أطلقها لتشمل كل شيء وليست محددة بأمر واحد من أمور الدنيا.

              وتشمل كل شيء يريد الإنسان أن يستعين بربه لأن الاستعانة غير مقيدة بأمر محدد.



              وقد عبر سبحانه عن الاستعانة والعبادة بلفظ ضمير الجمع (نعبد ونستعين) وليس بالتعبير المفرد أعبد وأستعين وفي هذا إشارة إلى أهمية الجماعة في الإسلام لذا تلزم قراءة هذه السورة في الصلاة

              وتلزم أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين مرة ،

              وفيها دليل على أهمية الجماعة عامة في الإسلام مثل الحج وصلاة الجماعة ، الزكاة ، الجهاد ،الأعياد والصيام.

              إضافة إلى أن المؤمنين إخوة فلو قال إياك اعبد لأغفل عبادة إخوته المؤمنين وإنما عندما نقول ( إياك نعبد ) نذكر كل المؤمنين ويدخل القائل في زمرة المؤمنين أيضاً.


              لماذا قرن العبادة بالاستعانة؟

              أولاً ليدل على أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بعبادة الله إلا بإعانة الله له وتوفيقه فهو إذن شعار وإعلان أن الإنسان لا يستطيع أن يعمل شيئاً إلا بعون الله وهو إقرار بعجز الإنسان عن القيام بالعبادات وعن حمل الأمانة الثقيلة إذا لم يعنه الله تعالى على ذلك ،

              الاستعانة بالله علاج لغرور الإنسان وكبريائه عن الاستعانة بالله واعتراف الإنسان بضعفه.


              لماذا قدم العبادة على الاستعانة؟
              العبادة هي علة خلق الإنس والجن (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(الذاريات 56) والاستعانة إنما هي وسيلة للعبادة فالعبادة أولى بالتقديم.
              العبادة هي حق الله والاستعانة هي مطلب من مطالبه وحق الله أولى من مطالبه.


              تبدأ السورة بالحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين وهذه كلها من أسلوب الغيبة أي كلها للغائب ثم انتقل إلى الخطاب المباشر بقوله ( إياك نعبد وإياك نستعين ).



              فلو قسنا على سياق الآيات الأولى لكان أولى القول إياه نعبد وإياه نستعين. فلماذا لم يقل سبحانه هذا؟
              في البلاغة يسمى هذا الانتقال من الغائب للمخاطب أو المتكلم أو العكس " الإلتفات ".

              للإلتفات فائدة عامة وفائدة في المقام ،

              أما الفائدة العامة فهي تطرية لنشاط السامع وتحريك الذهن للإصغاء والانتباه.

              أما الفائدة التي يقتضيها المقام فهي إذا التفت المتكلم البليغ يكون لهذه الالتفاتة فائدة غير العامة



              مثال : (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) (يونس آية 22)

              لم يقل وجرين بكم فيها التفات لأنهم عندما ركبوا في البحر وجرت بهم الفلك أصبحوا غائبين وليسوا مخاطبين.



              وعندما قال سبحانه الحمد لله رب العالمين فهو حاضر دائما فنودي بنداء الحاضر المخاطب .



              فائدة:

              الكلام من أول الفاتحة إلى مالك يوم الدين كله ثناء على الله تعالى والثناء يكون في الحضور والغيبة والثناء في الغيبة أصدق وأولى أما ( إياك نعبد وإياك نستعين )فهو دعاء والدعاء في الحضور أولى وأجدى ؛

              إذن الثناء في الغيبة أولى والدعاء في الحضور أولى والعبادة تؤدى في الحاضر وهي أولى.




              هذا ما تيسر من فضل الله وللحديث بقية بإذن الله تعالى ...
              إلى أن نلتقي لا تنسوني من صالح دعائكم

              تعليق


              • #82
                رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                جزاكم الله خيرا
                ونفع الله بكم








                __________________

                تعليق


                • #83
                  رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  جزاكم الله خيرا
                  وتقبل الله منا و منكم

                  تعليق


                  • #84
                    رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                    أسأل الله أن يشرح صدروكم لاتباع دينه والسير في طريقه

                    للرفع

                    تعليق


                    • #85
                      رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                      جزاك الله خيرا
                      قال أحد الحكماء :
                      ليس كل مايعرف يقال - ولا كل مايقال جاء أوانه
                      ولا كل ماجاء أوانه حضر أهله

                      تعليق


                      • #86
                        رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                        جزاكم الله خيرا
                        وبارك الله فيكم

                        جزاكم الله خيرا
                        وبارك الله فيكم
                        لا يفوح العطر حتى يسحق، ولا يضوَّع العود حتى يُحرق
                        وكذلك الشدائد لك هي خير ونعمة
                        .. عائض القرني
                        إصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله
                        النار تأكل بعضها إن لم تجد ماتأكله

                        تعليق


                        • #87
                          رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                          جزاكم الله خيرا
                          وبارك الله فيكم

                          إن مرت الايام ولم تروني فهذه مشاركاتي فـتذكروني
                          ، وان غبت ولم تجدوني أكون وقتها بحاجة للدعاء فادعولي

                          شفاكِ الله أختنا محبة السلف دعواتكم
                          لها بالشفاء العاجل

                          تعليق


                          • #88
                            رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                            نفع الله بكم
                            أسألكم الدعاء بعمرة قريييبة وحفظ القرآن حفظ إتقان وأن يشفيني الله وأن يبارك الله في ابنتي خديجة ويربيها على عينه .... آميين

                            أدعوكم لتحميل رسالة العمرة خطوة خطوة http://forums.way2allah.org/sp/omra.doc

                            تعليق


                            • #89
                              رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                              جزاكم الله خيراَ شيخنا الفاضل ونفع بكم




                              تعليق


                              • #90
                                رد: سلسلة الإبريز في لطائف الكتاب العزيز

                                بوركتم........

                                تعليق

                                يعمل...
                                X