الحمد لله بجميع محامده، على جميل عوائده، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد خاتم أنبيائه، ومبلغ أنبائه، وعلى آله الكرام، وأصحابه مصابيح الظلام. وبعد:
حياكم الله وبارك فيكم أخوتي الكرام، ونسأل الله حسن القول والعمل والفهم ... آمين.
أقول وبالله التوفيق:
كنت قد قدمت فصلا في بعض أحكام البسملة واليوم بفضل الله وحده نقف عل لطائف أرى أنها من الأهمية بمكان؛ كونها تعين على فهم النص القرآني العزيز ...
فصل في إعراب البسملة:
قلت وإعراب البسملة مختصرا : بـ ) : الباء حرف جر ، مبني على الكسر ، ( اسم ) : اسم مجرور بحرف الجر الباء ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره كونه صحيح الآخر. والجار والمجرور ( بسم ) متعلق بمحذوف ، اختلف النحاة والمفسرون في تقديره ،
والتقدير على الراجح عندي فعل مضارع ( أبتدئ ، أو أقرأ ) فيكون التقدير ( بسم الله ابتدئ ) أو ( بسم الله أقرأ ) . ( الله ) :اسم الجلالة مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره ؛ لأنه صحيح الآخر . ( الرحمن ) : مجرور للتبعيه على الوصفية (نعت)، وعلامة جره الكسرة الظاهرة؛ لأنه صحيح الآخر . ( الرحيم ) : مجرور للتبعيه على الوصفية (نعت) ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة؛ لأنه صحيح الآخر . (1)
وتفصيل ذلك موجزا: ( بـ ) : الباء حرف جر ، مبني على الكسر ، وهو للاستعانة، كقول القائل : كتبت بالقلم ، أتيت بالسيارة . فلا يكون الفعل إلا به. (2)
( اسم ) : اسم مجرور بعد حرف الجر الباء ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره – أي في الميم - ، وظهرت الكسرة لأنه صحيح الآخر ، وهو مضاف . واسم الجلالة مجرور على الإضافة – سيأتي الكلام عنه - .
والاسم عند النحاة : هو مادل على معنى في نفسه ولم يقترن بزمن ، وعند اللغويين : هو مادل على مسمى .
وقد أنشأت في ذلك (محفظا تلاميذ فصلي):
و الاسْمُ ما دلَّ على مَعَانِ تُعْرَفْ بِحَاسَّةِ الإنْسانِ
وتُدركُ الأسماءُ بالعقولْ لا بالزمنْ حَدٌ بِهِ نقولْ
كقولهم هذا شريفٌ عاقلُ وذاك فارسٌ وذا مقاتلُ
أو كالذي وكالذين واللذانِ وكالتي ومَنْ وهُوْ وكاللتانِ(3)
و قلت : والجار والمجرور ( بسم ) متعلق بمحذوف ، اختلف النحويّْون في تقديره كما ذكرت آنفًا، فذهب (الكوفيون ) إلى أن التقدير (المحذوف) فعل مضارع ( أبتدئ ، أو أقرأ ) فيكون تقدير المعنى المفهوم ( بسم الله أبتدئ ) أو ( بسم الله أقرأ ).(4)
و بذلك يكون الجار والمجرور : في محل نصب مفعول ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا .
وذهب (البصريون ) إلى أن التقدير المحذوف تقديره اسم وهو ( قراءتي ، أو ابتدائي ) ، فيكون التقدير ( بسم الله ابتدائي ) أو ( بسم الله قراءتي ). (5)
وهنا يكون الجار والمجرور : في محل رفع خبر مقدم – وسيأتي بيان لماذا هو مقدم – والاسم ( قراءتي ، أو ابتدائي ) : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدره منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة ، وهو مضاف ، والياء : مضاف إليه مبني على السكون في محل جر بالإضافة .
وبكليهما جاء القرآن
فبالفعل ، قال تعالى : (( اقرأ بسم ربك الذي خلق )) ،
وبالاسم ، قال تعالى : (( قال اركبوا فيها بسم الله مجراها )) .
وقلت: (أبو أنس)
ورجح ابن سيده ما ذهب إليه أهل الكوفة (أي بتقدير الفعل) وهو قول الزمخشري كما قدمت وهذا عين ما بينه الشيخ المبارك ابن عثيمين ( رحمه الله ) في كثير من كتبه: قال :
" نقدره فعلاً، لأن الأصل في العمل الأفعال لا الأسماء، ولهذا كانت الأفعال تعمل بلا شرط، والأسماء لا تعمل إلا بشرط، لأن العمل أصل في الأفعال ، فرع في الأسماء .
ونقدره متأخراً لفائدتين: الأولى:
الحصر، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر – القاعدة البلاغية تقول : تأخير ما حقه التقديم يفيد الحصر - ، فيكون: باسم الله أقرأ، بمنزلة: لا أقرأ إلا باسم الله. الثانية:
تيمناً بالبداءة باسم الله سبحانه وتعالى.(6)
* زيادة إيضاح لسبب اختياري أن المقدر المحذوف في البسملة هو فعل وليس اسما قلت :وهذا المحذوف يقَدَّر فعلاً متأخراً مناسباً لمحله ومعناه؛ فإذا قلت: "باسم الله" وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: "باسم الله آكل"..كما أشار لذلك ابن عثيمين – رحمه الله في تفسيره
= فإذا سأل سائل لماذا قدر العلماء التقدير والحذف في البسملة؟ قلت: لأن الجار والمجرور من المعمولات؛ ولا بد لكل معمول من عامل..
= فإذا قيل ولماذا قُدر المحذوف متأخرا؟ قال ابن عثيمين – رحمه الله - وقدرناه متأخراً لفائدتين: الفائدة الأولى:
التبرك بتقديم اسم الله عزّ وجل. والفائدة الثانية:
الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم الله عزّ وجلّ.
وقدرناه فعلاً؛ لأن الأصل في العمل الأفعال . وهذه يعرفها أهل النحو؛ ولهذا لا تعمل الأسماء إلا بشروط
وقدرناه مناسباً؛ لأنه أدلّ على المقصود؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يذبح فليذبح باسم الله"(7)
. أو قال صلى الله عليه وسلم "على اسم الله"(8)
: فخص الفعل..(9)
.................................................. ..... (1) وهذا هو اختياري والله أعلم بالصواب.
(2) وانظر إعراب القرآن لابن سيده وتفسير القرآن لابن عثيمين - رحمهم الله – على سورة الفاتحة.
(3) هذا جزء من أرجوزة كنت قد نظمتها على علة ما فيها من وزن مكسور لأسهل حفظ الشرح على التلاميذ.
(4) وهذا مذهب الزمخشري كما نقل عنه ابن سيده
(5) وهو مذهب (سيبويه)
(6) أ هـ انظر شرح العقيدة الواسطية مجلد 1 ص 37 بتصرف يسير .
(7) أخرجه البخاري في صحيحه ص77، كتاب العيدين، باب 23: كلام الإمام والناس في خطبة العيد، حديث رقم 985؛ وأخرجه مسلم في صحيحه ص1027، كتاب الأضاحي، باب 1: وقتها، حديث رقم 5064 [1] 1960.
(8)أخرجه البخاري في صحيحه ص474، كتاب الذبائح والصيد، باب 17: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فليذبح على اسم الله"، حديث رقم 5500؛ وأخرجه مسلم في صحيحه ص1027، كتاب الأضاحي، باب 1: وقتها، حديث رقم 5064 [2] 1960.
(9)وانظر تفسير ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – على الفاتحة
..........................
هذا ما تيسر من فضل الله وللحديث بقية ، دمتم بخير
ختاما تقبلوا تحيات محبكم في الله (أبو أنس)
عفا الله عنه عنكم
وقبل أن أشرع في شرح اسم الجلالة أُرَوَّحُ عن قلوبكم قليلا بهذه القصة المكررة والتي لها أصل في كتب السلف ...
قرأت قصة فتاة أسبانية تدرس الآن ماجستير لغة عربية في جامعة اليرموك الأردنية
وذات يوم وأثناء إحدى المحاضرات في السنة الثانية طرح الدكتور/ فخري كتانة سؤالا على طلابه من منكم يحدثني عن لفظ الجلالة) الله(من الناحية الإعجازية اللغوية ومن الناحية الصوتية؟ لم يرفع يده أحد ... ما عدا فتاة أسبانية تدعى "هيلين" والتي تجيد التحدث باللغة العربية الفصحى على الرغم من كونها أسبانية نصرانية قالت
:إن أجمل ما قرأت بالعربية هو اسم (اللهُ(فآلية ذكر اسمه سبحانه وتعالى على اللسان البشري لها نغمة متفردة
فمكونات حروفه دون الأسماء جميعهايأتي ذكرها من خالص الجوف , لا من الشفتين فـلفظ الجلالة (اللهُ) لا تنطق به الشفاه لخلوه من النقاط
اذكروا اسم .. (اللهُ) الآن
وراقبوا كيف نطقتموها هل استخرجتم الحروف من باطن الجوف أم أنكم لفظتموها ولا حراك في وجوهكم وشفاهكم؟ ...
ومن حكم ذلك أنه إذا أراد ذاكر أن يذكر اسم(اللهُ) فإن أي جليس لن يشعر بذلك
ومن إعجاز اسمه انه مهما نقصت حروفه فإن الاسم يبقى كما هو وكما هو معروف أن لفظ الجلالة(اللهُ) يُشَكل بالضمة في نهاية الحرف الأخير
"اللهُ"
وإذا ما حذفنا الحرف الأول يصبح اسمه
" لله "كما تقول الآية (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)
وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت
" له " ولا يزال مدلولها الإلهي كما يقول سبحانه وتعالى ( له ما في السموات والأرض)
وإن حذفت الألف واللام الأولى والثانية بقيت الهاء بالضمة
" هـُ "
ورغم ذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه
(هو الذي لا اله إلا هو) وإذا ما حذفت اللام الأولى بقيت " إله " كما قال تعالي في الآية ( اللهُ لا إله إلا هو)
قالوا : هيلين اسمها الآن "عابدة " انتهت القصة
قلت (أبو أنس):
وإن كانت القصة لها أصل في كثير من كتب السلف فإننا نخلص أن لاسم الجلالة خصوصية منفردة عن بقية الأسماء والألفاظ العربية،
فاسم الجلالة الله علم على الذات العلية ، وله معان كثيرة باعتبار كونه مشتقا من غيره أو مشتقا منه غيره ،
والخلاصة:
أن هذا الاسم العظيم نستطيع أن نلخص معانيه في جملة واحدة وهي:
(لما كانت الذات عظيمة كان الاسم الدال عليها عظيما)
والمعنى الأقرب هو المتحير في كمال كنوه ذات هوأصل مادته" أله" ووزنه الصرفي العال
وقد أثبت الطب والعلم الحديث أن القلب ينقبض أثناء الكلام إلا في كلمة واحدة وهي كلمة الله عندما ينطقها الإنسان ينبسط القلب ويضخ الدم بقوة
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
وسيأتي تفصل ذلك في الحلقة القادمة إن شاء الله
فلا تنسوني من خالص دعائكم
(أبو أنس) عفا الله عنه وعنكم ... آمين
التعديل الأخير تم بواسطة om khadija; الساعة 24-03-2009, 10:12 PM.
سبب آخر: تصحيح املائى
جزاك الله خيرا كثيرا اخى وحبيبى فى الله ابو انس بارك الله لك وبك ونفعنا الله بطول بقائك حبيبى فى الله
*******
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر " يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة قال ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي" قال أبو عبد الله دف نعليك يعني تحريك
اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خيرا أختنا الفاضلة (أم خديجة)
وجزاك الله خيرا على حسن متابعتك
تنبيه: ما نقلته عن الفتاة الأسبانية هو بنصه كما وقفت عليه فإن كان هناك من خطأ نحوي فهو من كلامها أو من كتب عنها وأعتذر كوني لم أنتبه لهذا الخطأ فسبحان من له الكمال المطلق ويأبى الله إلا أن تكون العصمة للأنبياء فقط لذا أعتذر ... غفر الله لنا ولكم أجمعين
السلام عليكم...
حيى الله الشيخ الحبيب "أبا أنس" ^_^
كيف الحالُ أُستاذنا الكريم؟ أسألُ اللهَ لكَ تمامَ العافية .. و كيف الأبطالُ "أنس" و "سلمى" بارك الله لكَ بهما... أبلغ أنس مني سلاما^_^
لا تعترض على لفظ "شيخ"أو "أُستاذ"... فمُذ عرفتك و لليوم أحسستُ أنَّ خلفَ هذه الأقلام إنسانٌ آتاهُ الله علماً... زادكَ الله علما و عملاً به و نفعكَ به يا ذاالجلال و الإكرام...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله أخي الحبيب (أبو بكر الشامي) عودا حميدا أخي الغالي أحمد لله بجميع محامده، على جميل عوائده، فلله الحمد والمنة أن أعادك إلينا ونسأله سبحانه أن يكون غيابك في طاعته وعودك إلينا في ظل محبته ، فكم افتقدناك أخي الغالي وكم من مرة رأيت اسم أخي الحبيب (راجي رحمة الله) وذكرت قرين الدرب (أبو بكر الشامي) ولا أخفيك سرا فقد قبلت شاشة الحاسوب فرحا بعودتك وسجدت لله شكرا على على جميل عوائده فنسأل الله أن يجمعنا في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في ظل محبته
وأما عن ثنائك فلا أقول إلا (غفر الله لك)ونسأل الله حسن القول والعمل والفهم وحسن البلاغ عنه أن يجعلنا خيرا مما تظنون وأن يغفر لنا ما لا تعلمون...
آمين.
ينقل لنا الشيخ/ عبدالله الغامدي -حفظه الله- خلاف اللغويين والعلماء في ذلك، .
وهل لفظ الجلالة جامد أم مشتق ؟
اختلفوا في ذلك على قولين :
القول الأول : عدم الإشتقاق
وقال به: الخليل وسيبويه(لعله قول عنه ) وجماعة من أئمة اللغة والشافعي والخطابي وإمام الحرمين
وأبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي (حكاه ابن القيم عنهما )
قال ابن القيم
(زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي: أن اسم الله غير مشتق لأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق )
قلت : وقد رد عليهما فيما يأت ذكره إن شاء الله .
قلت وفي عصرنا : الشيخ عبد الرزاق عفيفي وله استلالات فيها قوة .
من استدلالاهم :
1- لأن الألف واللام فيه لازمة فتقول : ياالله ولاتقول : ياالرحمن
فلولا أنه من أصل الكلمة لما جاز إدخال حرف النداء على الألف واللام .
2-ولأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق .
الرد :
قال ابن القيم في الفوائد : (ولا ريب أنه إن أريد بالاشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل) .
وسيأتي تفصيل مكمل لهذا من كلامه رحمه الله .
القول الثاني :الإشتقاق
وقال به آخرون من العلماء ومنهم : سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ.
واختلفوا في اشتقاقه فذكروا عدة أقوال :
أقواها ماقاله الكسائي وابن جرير الطبري أيضا : أنه مشتق من أله يأله إلاهة فأصل الإسم الأله
فحذفت الهمزة وأدغمت اللام الأولى في الثانية وجوبا فقيل : الله .
قال ابن جرير : (وأما تأويل قول الله: "الله"، فإنه على معنى ما روي لنا عن عبد الله بن عباس: هو الذي يا لهه كل شيء، ويعبده كل خلق. وذلك أن أبا كريب حدثنا قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، قال: حدثنا أبو روق، عن الضحاك، عن عبد الله بن عباس قال: الله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين.
فإن قال لنا قائل: فهل لذلك في "فعل ويفعل" أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قيل: أما سماعا من العرب فلا، ولكن استدلالا
فإن قال: وما دل على أن الألوهية هي العبادة، وأن الإله هو المعبود، وأن له أصلا في فعل ويفعل؟ قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم - لقول القائل يصف رجلا بعبادة ويطلب مما عند الله جل ذكره: تأله فلان بالصحة - ولا خلاف. ومن ذلك قول رؤبة بن العجاج:
لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهي
يعني من تعبدي وطلبي الله بعمل.
ولا شك أن التأله "التفعل" من: أله يأله، وأن معنى "له" إذا نطق به: عبد الله. وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه ب "فعل يفعل" يغير زيادة)
ومعناها : ذو الألوهية التي لاتنبغي إلا له .ومعنى أله يأله إلهة : عبد يعبد عبادة فالله المألوه أي : المعبود .
وقال عبد الله بن عباس: "هو الذي يألهه كل شيء ويعبده كل خلق ".
وعنه أيضا : " الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ".
الأظهر عندي من القولين قول من قال بالإشتقاق
قال ابن القيم -رحمه الله -:
(الصحيح: أنه مشتق،
وأن أصله الإله كما هو قول سيبويه وجمهور أصحابه إلا من شذ.
وهو الجامع لمعاني الأسماء الحسنى والصفات العلى.
والذين قالوا بالاشتقاق إنما أرادوا أنه دال على صفة له تعالى.
وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى، كالعليم والقدير، والسميع، والبصير; ونحو ذلك.
فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب، وهي قديمة،
ونحن لا نعني بالاشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى، لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله.
وتسمية النحاة للمصدر والمشتق منه: أصلا وفرعا، ليس معناه أن أحدهما متولد من الآخر، وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة).
ونقله صاحب فتح المجيد ولم يذكر غيره .
وقال ابن القاسم في حاشيته على التوحيد :
(و"الله" علم على ربنا تبارك وتعالى، وهو أعرف المعارف الجامع لمعاني الأسماء الحسنى، وهو مشتق بمعنى أنه دال على صفة له).
المراجع
1-بدائع الفوائد لابن القيم
2-فتح المجيد
3-معارج القبول للشيخ حافظ الحكمي
4-حاشية التوحيد لابن القاسم
5-فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي من موقع الأنترنت
6-تيسير العزيز الحميد
7-شرح الواسطية للفوزان
وانطلاقا من اختيارنا بالاشتقاق سوف نستكمل هذا الكلام الممتع عن الذات العلية جل وتعالى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم
حياك الله وبارك فيك أخي الحبيب (أبو بكر) وأسأل الله أن يجمعنا دائما تحت لواء نبيه وظل محبته
اقتباس : الله يرفع شأنك يا أُستاذي الحادي...
آمين ... ولك بمثل ما دعوت وخيرا منه
اقتباس: و أودُّ السؤال أخي الحبيب... هل "الله" هو اسمٌ لله فقط أم اسمٌ و صفة... على اعتبار أن الصفة هي معنى لفظ الجلالة أي "المعبود"...
أخي الحبيب ... والله الذي لا إله إلا هو لهي أوقع في قلبي من (أُستاذي) ... عموما غفر الله لك ولنا
وأما عن سؤالك أخي الغالي فقبل أن أحرر الإجابة مباشرة أود أن نقف أولا على معنى الاسم والصفة (في حق الله تعالى)
فالفرق بين أسماء الله تعالى وصفاته يرجع إلى أمرين: الأول: أن الأسماء هي كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به، مثل: الحكيم والعليم والسميع، فهي تدل على ذات الله، وما قام به من الحكمةوالعلم والسمع والبصر.
والصفات: هي نعوت الكمال القائمة بذات الله تعالى، كالحكمة والعلم والسمع والبصر. فالاسم يدل على أمرين، والصفة تدل على أمر واحد.
والثاني:أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء، فمن صفاته سبحانه، الإتيان والمجيئوالنزول، وليس لنا أن نشتق من هذه الصفات أسماء لله تعالى، فلا يقال: الآتي ولا الجائي ولا النازل. أما الأسماء فيدل كل اسم منها على صفة كما سبق، فالرحمن والسميع والبصير تدل على الرحمة والسمع والبصر. ومن صفات الله تعالى ما يتعلق بأفعاله سبحانه كالفرح والضحك والغضب، وأفعاله لا منتهى لها، جل وعلا.
و خلاصة كلام السادة العلماء :
أن الاسم: يدل على شيئين وربما ثلاثة،
والصفة: تدل على شيء واحد وهو المعنى الذي دلت عليه،
فمثلا: الاستواء صفة، وهو لفظيدل على ماذا؟ ...
صفة الاستواء،
العلي اسم يدل على الذات، ويدل على الصفة؛فالعلي اسم يدل على الذات ويدل على الصفة التي هي العلو،
وإذا قلت: العلوفالعلو صفة لله - تبارك وتعالى-
وقالوا: "كل اسم يشتق لله منه صفة؛ بل بعض الأسماءيثبت لله منها أكثر من صفة، ، والصفات لايشتق لله منها أسماء، مثلا: ينزل ربنا، ثم استوى على العرش، ضحك ربنا، كلهذه تدل على صفات، لكن لا يشتق لله منها أسماء فلا يقال: من أسمائه النازلأو المستوي أو نحو ذلك.
أخي الحبيب كان ما سبق من باب قولهم (ثبت العرش ثم انقش)
أما عن إجابة السؤال فسوف أرجئها إلى ما بعد الحلقة الجديدة من السلسلة فهي في طور التنسيق فإن تأخير الإجابة سيكون له أثر كبير إن شاء الله.
تقبل تحيات محبك في الله (أبو أنس) ولا تنسني من صالح دعائك
وفي الصحيحين، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة"،
وقال في موضع آخر : "... وأصل ذلك (الإله)، فحذفت الهمزة التي هي فاء الكلمة، فالتقت اللام التي هي عينها مع اللام الزائدة في أوّلها للتعريف فأدغمت إحداهما في الأخرى، فصارتا في اللفظ لامًا واحدة مشددة، وفخمت تعظيما، فقيل: الله. وانظر تفسير القرآن العظيم / الفاتحة
وقال ابن منظور في لسان العرب / باب (أله):
الإلَهُ الله عز وجل وكل ما اتخذ من دونه معبوداً إلَهٌ عند متخذه والجمع آلِهَةٌ والآلِهَةُ الأَصنام سموا بذلك لاعتقادهم أَن العبادة تَحُقُّ لها وأَسماؤُهم تَتْبَعُ اعتقاداتهم لا ما عليه الشيء في نفسه. اهـ
قلت: وأصل الاسم الأعظم (باعتبار أنه مشتق) من لفظة (أله) (الهمزة) و(اللام) و(الهاء) كما قدم الإمام ابن كثير في تفسيره وكذا ابن منظور – رحمهم الله جميعا -
وقال ابن فارس في مقاييسه أنها أصل واحد، وهو التعبُّد.
فالإله الله تعالى،
وسمّيَ بذلك لأنّه معبود.
ويقال تألّه الرجُل، إذا تعبّد. وانظر مقاييس اللغة لابن فارس / باب (الهمزة واللام والهاء)
* ومن معنى اشتقاقات الاسم (وله): أي تحير، وكيف لا وهو سبحانه لا تدركه الأفهام ولا الأوهام (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103))
قلت (أبو أنس):" وكيف تركه الأفهام أو الأوهام وهو من تحير الخلق في صفاته وفي أقواله وفي أفعاله وفي ذاته وفي مخلوقاته وفي .... نسأل الله أن يرزقنا حسن البلاغ عنه والدلالة عليه سبحانه"
والوله ذهاب العقل؛ يقال: رجل واله، وامرأة ولهى، ، فالله تعالى تتحير أولو الألباب والفكر في حقائق صفاته، فعلى هذا يكون أصله: ولاه، فأبدلت الواو همزة، كما قالوا في وشاح: أشاح، ووسادة: أسادة،
* ومن معنى اشتقاقات الاسم (ألهت إلى فلان)، أي: سكنت إليه، فالعقول لا تسكن إلا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته؛ لأنه الكامل على الإطلاق دون غيره قال الله تعالى: { أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد: 28]
* ومن معنى اشتقاقات الاسم (لاه يلوه): إذا احتجب. (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)) فلا تدركه في الدنيا، وإن كانت تراه في الآخرة كما هو ثابت عند أهل السنة والجماعة
* ومن معنى اشتقاقات الاسم أنه مأخوذ من (أله الفصيل)، إذ ولع بأمه، والمعنى: أن العباد مألوهون مولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال،
* ومن معنى اشتقاقات الاسم أنه مشتق من (أله الرجل يأله): إذا فزع من أمر نزل به فألهه، أي: أجاره، فالمجير لجميع الخلائق من كل المضار هو الله سبحانه؛ لقوله تعالى: " { وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ } [المؤمنون: 88]،
وكيف لا يكون ذلك وهو المنعم لقوله: { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } [النحل: 53]
تعليق