إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ملمح من مخططات النصارى في مصر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ملمح من مخططات النصارى في مصر

    مِنْ كِتَابِ: قَذَائِفُ الحَقِّ - للشَّيْخِ مُحَمَّدِ الغَزَالِيِّ
    البَابُ الثَّالِثُ: الأقْبَاط؛ ماذا يُرِيدُونَ
    الفَقْرَةُ الأُولَى: ماذا يُرِيدُونَ - الفَقْرَةُ الثَّانِيَةُ: تَقْرِيرٌ رَهِيبٌ - الفَقْرَةُ الثَّالِثَةُ: الحَقَائِقُ تَتَكَلَّم
    هذا التَّقْرِير قَدِيم، ولَكِنِّي اسْتَحْلِفُكَ باللهِ أنْ تَقْرَأ كُلّ حَرْفٍ وتَرْبُط بَيْنَهُ وبَيْنَ الوَاقِع الحَالِي اليَوْم، ثُمَّ اسْتَنْتِج مَا شِئْت
    الفَقْرَةُ الأُولَى .. مَاذَا يُرِيدُونَ:
    إذا أرَادَ الأقْبَاطُ أنْ يَعِيشُوا كَأعْدَادِهِم مِنَ المُسْلِمِينَ؛ فَأنَا مَعَهُم في ذَلِكَ، وهُمْ يُقَارِبُونَ الآنَ مِلْيُونَيْنِ ونِصْف، ويَجِبُ أنْ يَعِيشُوا كَمِلْيُونَيْنِ ونِصْف مِنَ المُسْلِمِينَ، لَهُم مَا لَهُم مِنْ حُقُوقٍ، وعَلَيْهم مَا عَلَيْهم مِنْ وَاجِبَاتٍ، أمَّا أنْ يُحَاوِلُوا فَرْض وِصَايَتهُم عَلَى المُسْلِمِينَ، وجَعْل أزِمَّة الحَيَاة الاجْتِمَاعِيَّة والسِّيَاسِيَّة في أيْدِيهِم فَلاَ.
    إذا أرَادُوا أنْ يَبْنُوا كَنَائِس تَسَع أعْدَادهم لصَلَوَاتِهِم وشَعَائِرِهِم الدِّينِيَّة فَلاَ يَعْتَرِضهُم أحَد، أمَّا إذا أرَادُوا صَبْغ التُّرَاب المِصْرِيّ بالطَّابِعِ المَسِيحِيّ وإبْرَاز المَسِيحِيَّة وكَأنَّهَا الدِّين المُهَيْمِن عَلَى البِلاَدِ فَلاَ.
    إذا أرَادُوا أنْ يَحْتَفِظُوا بشَخْصِيَّتِهِم فَلاَ تُمْتَهَن؛ وتَعَالِيمِهِم فَلاَ تُجَرَّح، فَلَهُم ذَلِكَ، أمَّا أنْ يَوَدُّوا (ارْتِدَاد) المُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِم، ويُعْلِنُوا غَضَبَهُم إذا طَالَبْنَا بتَطْبِيقِ الشَّرِيعَة الإسْلاَمِيَّة وتَعْمِيمِ التَّرْبِيَة الدِّينِيَّة؛ فهذا مَا لا نَقْبَلهُ.

    إنَّ الاسْتِعْمَارَ أوْعَزَ إلى بَعْضِهِم أنْ يَقِفَ مُرَاغِمًا للمُسْلِمِينَ، ولَكِنَّنَا نُرِيدُ تَفَاهُمًا شَرِيفًا مَعَ نَاسٍ مَعْقُولِينَ، إنَّ الاسْتِعْمَارَ أشَاعَ بَيْنَ مَنْ أعْطُوهُ آذَانهم وقُلُوبهم أنَّ المُسْلِمِينَ في مِصْر غُرَبَاء، وطَارِئُونَ عَلَيْهَا، ويَجِب أنْ يَزُولُوا، إنْ لَمْ يَكُن اليَوْم فَغَدًا، وعَلَى هذا الأسَاسِ أسْموا جَرِيدَتهم الطَّائِفِيَّة (وَطَنِي).

    ومِنْ هذا المُنْطَلَق شَرَعَ كَثِيرُونَ مِنَ المُغَامِرِينَ يُنَاوِشُ الإسْلاَمَ والمُسْلِمِينَ، وكُلَّمَا رَأى عَوْدَة مِنَ المُسْلِمِينَ إلى دِينِهِم هَمَسَ أو صَرَخَ (عَادَ التَّعَصُّب، الأقْبَاط في خَطَر)، ولا ذَرَّة مِنْ ذَلِكَ في طُولِ البِلاَد وعَرْضِهَا، ولَكِنَّهَا صَيحَات مُرِيبَة أنْعَشَهَا وقَوَّاهَا (بَابَا شُنُودَة) دُونَ أيِّ اكْتِرَاثٍ بالعَوَاقِبِ.

    وقَدْ سَبَقَت مُحَاوَلاَت مِنْ هذا النَّوْعِ أخْمَدَهَا العُقَلاَء، نَذْكُرُ مِنْهَا عَلَى سَبِيلِ المِثَال لا الحَصْر كِتَابَات القُمُّص سرجيوس الَّذِي احْتَفَلَ البَابَا شُنُودَة أخِيرًا بذِكْرَاه، فَفِي العَدَد 41 مِنَ السَّنَةِ 20 مِنْ مَجَلَّةِ المَنَارَة الصَّادِر في 6/12/1947 كَتَبَ هذا القُمُّص تَحْتَ عُنْوَان (حَسَن البَنَّا يُحَرِّض عَلَى قِتَالِ الأقَلِّيَّات بَعْدَ أنْ سَلَّحَ جُيُوشه بعَلَمِ الحُكُومَة)، يَقُولُ [ نَشَرْنَا في العَدَدِ السَّابِقِ تَفْسِير الشَّيْخ حَسَن البَنَّا لآيَةِ سُورَةُ التَّوْبَةِ قَوْله (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التَّوْبَةُ: 29)، قَالَ: وقَدْ قَالَ الفُقَهَاءُ وتَظَاهَرَتُ عَلَى ذَلِكَ الأدِلَّةُ مِنَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ: أنَّ القِتَالَ فَرْضُ عَيْنٍ إذا دِيسَت أرْض الإسْلاَم، أو اعْتَدَى عَلَيْهَا المُعْتَدُونَ مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ، وهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لحِمَايَةِ الدَّعْوَة الإسْلاَمِيَّة وتَأمِينِ الوَطَن الإسْلاَمِيّ، فَيَكُون وَاجِبًا عَلَى مَنْ تَتِمُّ بِهِم هذه الحِمَايَة وهذا التَّأمِين، ولَيْسَ الغَرَض مِنَ القِتَالِ في الإسْلاَم إكْرَاه النَّاس عَلَى عَقِيدَةٍ، أو إدْخَالهم قَسْرًا في الدِّينِ، والله يَقُولُ (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البَقَرَةُ: 256)، كَمَا أنَّهُ لَيْسَ الغَرَض مِنَ القِتَالِ كَذَلِكَ الحُصُول عَلَى مَنَافِعٍ دُنْيَوِيَّةٍ أو مَغَانِمٍ دِينِيَّةٍ، فَالزَّيْتُ والفَحْمُ والقَمْحُ والمَطَّاطُ لَيْسَت مِنْ أهْدَافِ المُقَاتِل المُسْلِم الَّذِي يَخْرُجُ عَنْ نَفْسِهِ ومَالِهِ ودَمِهِ لله بأنَّ لَهُ الجَنَّة (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ) (التَّوْبَةُ: 111)، وأهْلُ الكِتَابِ يُقَاتَلُونَ كَمَا يُقَاتَلُ المُشْرِكُونَ تَمَامًا إذا اعْتَدَوا عَلَى أرْضِ الإسْلاَم، أو حَالُوا دُونَ انْتِشَار دَعْوَته ..

    الرَّدُّ: للشَّيْخِ حَسَن البَنَّا أُسْلُوبهُ الخَاصّ في الكِتَابَةِ والتَّفْسِيرِ وفي الفَتَاوَى، ويُعْرَفُ بالأُسْلُوبِ المَائِعِ؛ إذْ يَتْرُك دَائِمًا الأبْوَاب مَفْتُوحَة، ليَدْخُل مَتَى شَاءَ في مَا أرَادَ دُونَ أنْ يَتَقَيَّد أو يُمْسَك، ومِنْ آيَاتِ مُيُوعَتِهِ أنَّهُ يَقُول أنَّ القِتَالَ يَكُون فَرْض عَيْن إذا دِيسَت أرْض الإسْلاَم، أو اعْتَدَى عَلَيْهَا المُعْتَدُونَ مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ، دُونَ أنْ يُبَيِّن أو يُحَدِّد مَا هي أرْض الإسْلاَم أو الوَطَن الإسْلاَمِيّ: هَلْ هي الحِجَاز فَقَط أمْ هي كُلّ بَلَد مِنْ بِلاَدِ العَالَم يَكُون فِيهَا المُسْلِمُونَ أغْلَبِيَّة أو أقَلِّيَّة أو مُتَعَادِلِين؟ وكَانَ في عَدَمِ تَحْدِيده لأرْضِ الإسْلاَم أو الوَطَن الإسْلاَمِيّ مَاكِرًا سَيِّئًا ؛ ليَكُون حُرًّا في إعْلاَنِ القِتَال عَلَى مَنْ يَشَاء مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المَسِيحِيِّينَ واليَهُود الَّذِينَ يَقْوَى عَلَى مُحَارَبَتِهِم في أيِّ بَلَدٍ كَانَ، وكَانَ أحْرَى بِهِ أنْ يَقُولهَا كَلِمَة صَرِيحَة: أنَّ أرْضَ الإسْلاَم هي الحِجَاز، أي الأرْض التي نَشَأ عَلَيْهَا الإسْلاَم ـ أي الدِّين الإسْلاَمِيّ ـ ولَيْسَت البِلاَد التي يَعِيشُ فِيهَا المُسْلِمُونَ في العَالَمِ، وسَوَاء كَانَت أرْض الإسْلاَم أو وَطَن الإسْلاَم هي الحِجَاز أمْ هي كُلّ بَلَدٍ مِنْ بِلاَدِ العَالَم يَعِيشُ فِيهِ المُسْلِمُونَ، فَلاَ يُمْكِن العَمَل بِمَا يَقُولُ بِهِ الشَّيْخ حَسَن البَنَّا بأنَّ القِتَال فَرْض عَيْن أو فَرْض كِفَايَة عَلَى المُسْلِمِينَ إذا دِيسَت أرْض الإسْلاَم أو اعْتَدَى عَلَيْهَا المُعْتَدُونَ مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ ].

    وأنَا أسْألُ أيّ قَارِئ اطَّلَعَ عَلَى تَفْسِيرِ حَسَن البَنَّا: هَلِ اشْتَمَّ مِنْهُ رَائِحَة تَحْرِيض عَلَى الأقْبَاطِ أو اليَهُودِ؟ وأسْألُ أيّ مُنْصِفٍ قَرَأ الرَّدّ عَلَيْهِ: هَلْ وَجَدَ فِيهِ إلاَّ التَّحَرُّش والرَّغْبَة في الاشْتِبَاكِ دُونَ أدْنَى سَبَب؟

    إنَّ هذا القُمُّص المُفْتَرِي لا يُرِيدُ إلاَّ شَيْئًا وَاحِدًا: إبْعَادُ الصِّفَةِ الإسْلاَمِيَّةِ عَنْ مِصْر، واعْتِبَار الحِجَاز وَحْدهُ وَطَنًا إسْلاَمِيًّا، أمَّا مِصْر فَلَيْسَت وَطَنًا إسْلاَمِيًّا لأنَّ سُكَّانَهَا المُسْلِمِينَ فَوْق 92 % مِنْ جُمْلَةِ أهْلهَا، ولِمَاذَا تُنْفَى الصِّفَة الإسْلاَمِيَّة عَنْ مِصْر مَعَ أنَّ هذه الصِّفَة تُذْكَر لجَعْلِ الدِّفَاع عَنْهَا فَرِيضَة مُقَدَّسَة؟ هذا مَا يُسْأل عَنْهُ القُمُّص الوَطَنِيّ، والَّذِينَ احْتَفَلُوا بذِكْرَاه بَعْدَ رُبْع قَرْنٍ مِنْ وَفَاتِهِ.

    إنَّ الدِّفَاعَ عَنْ مِصْر ضِدّ الاسْتِعْمَار العَالَمِيّ يَنْبَغِي أنْ تَهْتَزَّ بَوَاعِثُهُ وأنْ تَفْتُرَ مَشَاعِرُهُ، لَقَدْ كَانَت مِصْر وَثَنِيَّة في العُصُورِ القَدِيمَة، ثُمَّ تَنَصَّرَ أغْلَبُهَا، فَهَلْ يَقُولُ الوَثَنِيُّونَ المِصْرِيُّونَ لِمَنْ تَنَصَّرَ: إنَّكَ فَقَدْتَ وَطَنكَ بتَنَصُّرِكَ؟ ثُمَّ أقْبَلَ الإسْلاَم فَدَخَلَ فِيهِ جُمْهُور المِصْرِيِّينَ، فَهَلْ يُقَالُ للمُسْلِمِ: إنَّكَ فَقَدْتَ وَطَنكَ بإسْلاَمِكَ؟ مَا هذه الرَّقَاعَة؟!
    الفَقْرَةُ الثَّانِيَةُ .. تَقْرِيرٌ رَهِيبٌ:
    بِيدَ أنَّ الحَمْلَة عَلَى الإسْلاَمِ مَضَت في طَرِيقِهَا، وزَادَت ضَرَاوَة وخِسَّة في الأيَّامِ الأخِيرَةِ، ثُمَّ جَاءَ (الأنْبَا شُنُودَة) رَئِيسًا للأقْبَاطِ، فَقَادَ حَمْلَة لاَبُدَّ مِنْ كَشْفِ خَبَايَاهَا، وتَوْضِيحِ مَدَاهَا؛ حتى يَدْرِكُ الجَمِيع: مِمَّ نُحَذِّر؟ ومَاذَا نَخْشَى؟ ومَا نَسْتَطِيعُ السُّكُوت ومُسْتَقْبَلنَا كُلّهُ تَعْصِفُ بِهِ الفِتَن، ويَأتَمِر بِهِ سَمَاسِرَة الاسْتِعْمَار.

    كُنْتُ في الإسْكَنْدَرِيَّةِ في مَارِسِ مِنْ سَنَة 1973وعَلِمْتُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بخِطَابٍ ألْقَاهُ البَابَا شُنُودَةُ في الكَنِيسَةِ المُرْقُصِيَّةِ الكُبْرَى في اجْتِمَاعٍ سِرِّيٍّ أعَانَ اللهُ عَلَى إظْهَارِ مَا وَقَعَ فِيهِ، وإلى القُرَّاءِ تَقْرِيرُ مَا حَدَثَ كَمَا نُقِلَ مُسَجَّلاً إلى الجِهَاتِ المَعْنِيَّةِ:

    بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
    نُقَدِّمُ لسِيَادَتِكُمْ هذا التَّقْرِيرَ لأهَمِّ مَا دَارَ في الاجْتِمَاعِ:
    بَعْدَ أدَاءِ الصَّلاَةِ والتَّرَاتِيلِ طَلَبَ البَابَا شُنُودَةُ مِنْ عَامَّةِ الحَاضِرِينَ الانْصِرَافَ ولَمْ يَمْكُثْ مَعَهُ سِوَى رِجَالِ الدِّينِ وبَعْضِ أثْرِيَاءِ الإسْكَنْدَرِيَّةِ، وبَدَأ كَلِمَتَهُ قَائِلاً:

    إنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُرَامُ ويَجْرِي حَسَبَ الخُطَّةِ المَوْضُوعَةِ لكُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ العَمَلِ عَلَى حِدَةٍ في إطَارِ الهَدَفِ المُوَحَّدِ، ثُمَّ تَحَدَّثَ في عَدَدٍ مِنَ المَوْضُوعَاتِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

    أوَّلاً .. شَعْبُ الكَنِيسَةِ:
    صَرَّحَ لَهُمْ (أي شُنُودَةُ) أنَّ مَصَادِرَهُمْ ـ في إدَارَةِ التَّعْبِئَةِ والإحْصَاءِ ـ أبْلَغَتْهُمْ أنَّ عَدَدَ المَسِيحِيِّينَ في مِصْرَ بَلَغَ مَا يُقَارِبُ الثَّمَانِ مِلْيُونَ (8.000.000) نَسَمَةٍ (هذا الكَلاَمُ في عَامِ 1973)، وعَلَى شَعْبِ الكَنِيسَةِ أنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ جَيِّدًا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أنْ يَنْشُرَ ذَلِكَ ويُؤَيِّدَهُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إذْ سَيَكُونُ ذَلِكَ سَنَدَنَا في المَطَالِبِ الَّتي سَنَتَقَدَّمُ بِهَا إلى الحُكُومَةِ الَّتي سَنَذْكُرُهَا لَكُمُ اليَوْمَ، والتَّخْطِيطُ العَامُّ الَّذِي تَمَّ الاتِّفَاقُ عَلَيْهِ بالإجْمَاعِ والَّذِي صَدَرَتْ بشَأنِهِ التَّعْلِيمَاتُ الخَاصَّةُ لتَنْفِيذِهِ وُضِعَ عَلَى أسَاسِ بُلُوغِ شَعْبِ الكَنِيسَةِ إلى نِصْفِ الشَّعْبِ المِصْرِيِّ، بحَيْثُ يَتَسَاوَى عَدَدُ شَعْبِ الكَنِيسَةِ مَعَ عَدَدِ المُسْلِمِينَ لأوَّلِ مَرَّةٍ مُنْذُ 13 قَرْنًَا، أيْ مُنْذُ الاسْتِعْمَارِ العَرَبِيِّ والغَزْوِ الإسْلاَمِيِّ لبِلاَدِنَا ـ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ ـ والمُدَّةُ المُحَدَّدَةُ وفْقًا للتَّخْطِيطِ المَوْضُوعِ للوُصُولِ إلى هذه النَّتِيجَةِ المَطْلُوبَةِ تَتَرَاوَحُ بَيْنَ 12 ـ 15 سَنَةً مِنَ الآنَ.

    ولِذَلِكَ فَإنَّ الكَنِيسَةَ تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا تَامًّا تَحْدِيدَ النَّسْلِ أو تَنْظِيمَهُ، وتَعُدُّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خَارِجًا عَنْ تَعْلِيمَاتِ الكَنِيسَةِ، ومَطْرُودًا مِنْ رَحْمَةِ الرَّبِّ، وقَاتِلاً لشَعْبِ الكَنِيسَةِ، ومُضَيِّعًا لمَجْدِهِ، وذَلِكَ باسْتِثْنَاءِ الحَالاَتِ الَّتي يُقَرِّرُ فِيهَا الطِّبُّ والكَنِيسَةُ خَطَرَ الحَمْلِ أوِ الوِلاَدَةِ عَلَى حَيَاةِ المَرْأةِ، وقَدْ اتَّخَذَتِ الكَنِيسَةُ عِدَّةَ قَرَارَاتٍ لتَحْقِيقِ الخُطَّةِ القَاضِيَةِ بزِيَادَةِ عَدَدِهِمْ:
    1) تَحْرِيمُ تَحْدِيدِ النَّسْلِ.
    2) تَشْجِيعُ تَحْدِيدِ النَّسْلِ وتَنْظِيمِهِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ (خَاصَّةً وأنَّ أكْثَرَ مِنْ 65% مِنَ الأطِبَّاءِ والقَائِمِينَ عَلَى الخَدَمَاتِ الصِّحِّيَّةِ هُمْ مِنْ شَعْبِ الكَنِيسَةِ).
    3) تَشْجِيعُ الإكْثَارِ مِنْ شَعْبِنَا ووَضْعُ حَوَافِزَ ومُسَاعَدَاتٍ مَادِّيَّةٍ ومَعْنَوِيَّةٍ للأُسَرِ الفَقِيرَةِ مِنْ شَعْبِنَا.
    4) التَّنْبِيهُ عَلَى العَامِلِينَ بالخَدَمَاتِ الصِّحِّيَّةِ عَلَى المُسْتَوَيَيْنِ الحُكُومِيِّ وغَيْرِ الحُكُومِيِّ كَيْ يُضَاعِفُوا الخَدَمَاتِ الصِّحِّيَّةَ لشَعْبِنَا، وبَذْلُ العِنَايَةِ والجُهْدِ الوَافِرَيْنِ، وذَلِكَ مِنْ شَأنِهِ تَقْلِيلِ الوَفَيَاتِ بَيْنَ شَعْبِنَا عَلَى أنْ نَفْعَلَ عَكْسَ ذَلِكَ مَعَ المُسْلِمِينَ.
    5) تَشْجِيعُ الزَّوَاجِ المُبَكِّرِ وتَخْفِيضِ تَكَالِيفِهِ، وذَلِكَ بتَخْفِيفِ رُسُومِ فَتْحِ الكَنَائِسِ ورُسُومِ الإكْلِيلِ بكَنَائِسِ الأحْيَاءِ الشَّعْبِيَّةِ.
    6) تُحَرِّمُ الكَنِيسَةُ تَحْرِيمًا تَامًّا عَلَى أصْحَابِ العِمَارَاتِ والمَسَاكِنِ المَسِيحِيِّينَ تَأجِيرَ أيِّ مَسْكَنٍ أو شَقَّةٍ أو مَحَلٍّ تُجَارِيٍّ للمُسْلِمِينَ، وتَعْتَبِرُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الآنَ فَصَاعِدًا مَطْرُودًا مِنْ رَحْمَةِ الرَّبِّ ورِعَايَةِ الكَنِيسَةِ، كَمَا يَجِبُ العَمَلُ بشَتَّى الوَسَائِلِ عَلَى إخْرَاجِ السُّكَّانِ المُسْلِمِينَ مِنَ العِمَارَاتِ والبُيُوتِ المَمْلُوكَةِ لشَعْبِ الكَنِيسَةِ، وإذا نَفَّذْنَا هذه السِّيَاسَةَ بقَدْرِ مَا يَسَعُنَا الجُهْدُ فَسَنُشَجِّعُ ونُسَهِّلُ الزَّوَاجَ بَيْنَ شَبَابِنَا المَسِيحِيِّ، كَمَا سَنُصَعِّبُهُ ونُضَيِّقُ فُرَصَهُ بَيْنَ شَبَابِ المُسْلِمِينَ، مِمَّا سَيُكَوِّنُ أثَرًا فَعَّالاً في الوُصُولِ إلى الهَدَفِ، ولَيْسَ بخَافٍ أنَّ الغَرَضَ مِنْ هذه القَرَارَاتِ هُوَ انْخِفَاضُ مُعَدَّلِ الزِّيَادَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ وارْتِفَاعُ هذا المُعَدَّلِ بَيْنَ المَسِيحِيِّينَ.

    ثَانِيًا .. اقْتِصَادُ شَعْبِ الكَنِيسَةِ:
    قَالَ شُنُودَةُ: إنَّ المَالَ يَأتِينَا بقَدْرِ مَا نَطْلُبُ وأكْثَرَ مِمَّا نَطْلُبُ، وذَلِكَ مِنْ مَصَادِرَ ثَلاثَةٍ: أمْرِيكَا، الحَبَشَةُ، والفَاتِيكَانُ، ولَكِنْ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ الاعْتِمَادُ الأوَّلُ في تَخْطِيطِنَا الاقْتِصَادِيِّ عَلَى مَالِنَا الخَاصِّ الَّذِي نَجْمَعُهُ مِنَ الدَّاخِلِ، وعَلَى التَّعَاوُنِ عَلَى فِعْلِ الخَيْرِ بَيْنَ أفْرَادِ شَعْبِ الكَنِيسَةِ، كَذَلِكَ يَجِبُ الاهْتِمَامُ أكْثَرَ بشِرَاءِ الأرْضِ، وتَنْفِيذِ نِظَامِ القُرُوضِ والمُسَاعَدَاتِ لمَنْ يَقُومُونَ بذَلِكَ لمُعَاوَنَتِهِمْ عَلَى البِنَاءِ، وقَدْ ثَبَتَ مِنْ وَاقِعِ الإحْصَاءَاتِ الرَّسْمِيَّةِ أنَّ أكْثَرَ مِنْ 60 % مِنْ تِجَارَةِ مِصْرَ الدَّاخِلِيَّةِ هي بأيْدِي المَسِيحِيِّينَ، وعَلَيْنَا أنْ نَعْمَلَ عَلَى زِيَادَةِ هذه النِّسْبَةِ.

    وتَخْطِيطُنَا الاقْتِصَادِيُّ للمُسْتَقْبَلِ يَسْتَهْدِفُ إفْقَارَ المُسْلِمِينَ ونَزْعَ الثَّرْوَةِ مِنْ أيْدِيهِمْ مَا أمْكَنَ، بالقَدْرِ الَّذِي يَعْمَلُ بِهِ هذا التَّخْطِيطُ عَلَى إثْرَاءِ شَعْبِنَا، كَمَا يَلْزَمُنَا مُدَاوَمَةُ تَذْكِيرِ شَعْبِنَا والتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ تَنْبِيهًا مُشَدَّدًا مِنْ حِينٍ لآخَرٍ بأنْ يُقَاطَعَ المُسْلِمُونَ اقْتِصَادِيًّا، وأنْ يُمْتَنَعَ عَنِ التَّعَامُلِ المَادِّيِّ مَعَهُمْ امْتِنَاعًا مُطْلَقًا، إلاَّ في الحَالاَتِ الَّتي يَتَعَذَّرُ فِيهَا ذَلِكَ، ويَعْنِي ذَلِكَ مُقَاطَعَةُ: المُحَامِينَ؛ المُحَاسِبِينَ؛ المُدَرِّسِينَ؛ الأطِبَّاءِ؛ الصَّيَادِلَةِ؛ العِيَادَاتِ؛ المُسْتَشْفَيَاتِ الخَاصَّةِ؛ المَحَلاَّتِ التِّجَارِيَّةِ الكَبِيرَةِ والصَّغِيرَةِ؛ الجَمْعِيَّاتِ الاسْتِهْلاكِيَّةِ أيْضًا، وذَلِكَ مَادَامَ مُمْكِنًا لَـهُمُ التَّعَامُلُ مَعَ إخْوَانِهِمْ مِنْ شَعْبِ الكَنِيسَةِ، كَمَا يَجِبُ أنْ يُنَبَّهُوا دَوْمًا إلى مُقَاطَعَةِ صُنَّاعِ المُسْلِمِينَ وحِرَفِيِّيهِمْ والاسْتِعَاضَةِ عَنْهُمْ بالصُّنَّاعِ والحِرَفِيِّينَ النَّصَارَى، ولَوْ كَلَّفَهُمْ ذَلِكَ الانْتِقَالَ والجُهْدَ والمَشَقَّةَ.
    ثُمَّ قَالَ البَابَا شُنُودَةُ: إنَّ هذا الأمْرَ بَالِغُ الأهَمِّيَّةِ لتَخْطِيطِنَا العَامِّ في المَدَى القَرِيبِ والبَعِيدِ.

    ثَالِثًا .. تَعْلِيمُ شَعْبِ الكَنِيسَةِ:
    قَالَ البَابَا شُنُودَةُ: إنَّهُ يَجِبُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بالتَّعْلِيمِ العَامِّ للشَّعْبِ المَسِيحِيِّ الاسْتِمْرَارُ في السِّيَاسَةِ التَّعْلِيمِيَّةِ المُتَّبَعَةِ حَالِيًا مَعَ مُضَاعَفَةِ الجُهْدِ في ذَلِكَ، خَاصَّةً وأنَّ بَعْضَ المَسَاجِدِ شَرَعَتْ تَقُومُ بمَهَامٍّ تَعْلِيمِيَّةٍ كَالَّتِي نَقُومُ بِهَا في كَنَائِسِنَا، الأمْرُ الَّذِي سَيَجْعَلُ مُضَاعَفَةَ الجُهْدِ المَبْذُولِ حَالِيًا أمْرًا حَتْمِيًّا حَتَّى تَسْتَمِرَّ النِّسْبَةُ الَّتي يُمْكِنُ الظَّفْرُ بِهَا مِنْ مَقَاعِدِ الجَامِعَةِ وخَاصَّةً الكُلِّيَّاتِ العَمَلِيَّةِ.

    ثُمَّ قَالَ: إنِّي إذْ أُهَنِّئُ شَعْبَ الكَنِيسَةِ خَاصَّةً المُدَرِّسِينَ مِنْهُمْ عَلَى هذا الجُهْدِ وهذه النَّتَائِجِ، إذْ وَصَلَتْ نِسْبَتُنَا في بَعْضِ الوَظَائِفِ الهَامَّةِ والخَطِيرَةِ كَالطِّبِّ والصَّيْدَلَةِ والهَنْدَسَةِ وغَيْرِهَا أكْثَرَ مِنْ 60%، إنِّي إذْ أُهَنِّئُهُمْ أدْعُو لَـهُمْ يَسُوعَ المَسِيحَ الرَّبَّ المُخْلِصَ أنْ يَمْنَحَهُمْ بَرَكَاتِهِ وتَوْفِيقَهُ، حَتَّى يُوَاصِلُوا الجُهْدَ لزِيَادَةِ هذه النِّسْبَةِ في المُسْتَقْبَلِ القَرِيبِ.

    رَابِعًا .. التَّبْشِيرُ:
    قَالَ البَابَا شُنُودَةُ: كَذَلِكَ فَإنَّهُ يَجِبُ مُضَاعَفَةُ الجُهُودِ التَّبْشِيرِيَّةِ الحَالِيَةِ؛ إذْ أنَّ الخُطَّةَ التَّبْشِيرِيَّةَ الَّتي وُضِعَتْ بُنِيَتْ عَلَى أسَاسِ هَدَفٍ اتُّفِقَ عَلَيْهِ للمَرْحَلَةِ القَادِمَةِ، وهُوَ زَحْزَحَةُ أكْبَرِ عَدَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ عَنْ دِينِهِمْ والتَّمَسُّكِ بِهِ، عَلَى ألاَّ يَكُونَ مِنَ الضَّرُورِيِّ اعْتِنَاقُهُمُ المَسِيحِيَّةِ، فَإنَّ الهَدَفَ هُوَ زَعْزَعَةُ الدِّينِ في نُفُوسِهِمْ، وتَشْكِيكُ الجُمُوعِ الغَفِيرَةِ مِنْهُمْ في كِتَابِهِمْ وصِدْقِ مُحَمَّدٍ، ومِنْ ثَمَّ يَجِبُ عَمَلُ كُلِّ الطُّرُقِ واسْتِغْلالُ كُلِّ الإمْكَانِيَّاتِ الكَنَائِسِيَّةِ للتَّشْكِيكِ في القُرْآنِ وإثْبَاتِ بُطْلاَنِهِ وتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ.

    وإذا أفْلَحْنَا في تَنْفِيذِ هذا المُخَطَّطِ التَّبْشِيرِيِّ في المَرْحَلَةِ المُقْبِلَةِ فَإنَّنَا نَكُونُ قَدْ نَجَحْنَا في إزَاحَةِ هذه الفِئَاتِ مِنْ طَرِيقِنَا، وإنْ لَمْ تَكُنْ هذه الفِئَاتُ مُسْتَقْبَلاً مَعَنَا فَلَنْ تَكُونَ عَلَيْنَا.

    غَيْرَ أنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يُرَاعَى في تَنْفِيذِ هذا المُخَطَّطِ التَّبْشِيرِيِّ أنْ يَتِمَّ بطَرِيقَةٍ هَادِئَةٍ وذَكِيَّةٍ، حَتَّى لا يَكُونَ سَبَبًا في إثَارَةِ حَفِيظَةِ المُسْلِمِينَ أو يَقَظَتِهِمْ.

    وإنَّ الخَطَأَ الَّذِي وَقَعَ مِنَّا في المُحَاوَلاَتِ التَّبْشِيرِيَّةِ الأخِيرَةِ - الَّتي نَجَحَ مُبَشِّرُونَا فِيهَا في هِدَايَةِ عَدَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ إلى الإيِمَانِ والخَلاَصِ عَلَى يَدِ الرَّبِّ يَسُوعَ المُخْلِصِ - هُوَ تَسَرُّبُ أنْبَاءَ هذا النَّجَاحِ إلى المُسْلِمِينَ، لأنَّ ذَلِكَ مِنْ شَأنِهِ تَنْبِيهِ المُسْلِمِينَ وإيِقَاظِهِمْ مِنْ غَفْلَتِهِمْ، وهذا أمْرٌ ثَابِتٌ في تَارِيخِهِمُ الطَّوِيلِ مَعَنَا، ولَيْسَ هُوَ بالأمْرِ الهَيِّنِ، ومِنْ شَأنِ هذه اليَقَظَةِ أنْ تُفْسِدَ عَلَيْنَا مُخَطَّطَاتِنَا المَدْرُوسَةَ، وتُؤَخِّرَ ثِمَارَهَا وتُضَيِّعَ جُهُودَنَا، ولِذَا فَقَدْ أُصْدِرَتِ التَّعْلِيمَاتُ الخَاصَّةُ بهذا الأمْرِ، وسَنَنْشُرُهَا في كُلِّ الكَنَائِسِ لكَيْ يَتَصَرَّفَ جَمِيعُ شَعْبِنَا مَعَ المُسْلِمِينَ بطَرِيقَةٍ وِدِّيَّةٍ تَمْتَصُّ غَضَبَهُمْ، وتُقْنِعُهُمْ بكَذِبِ هذه الأنْبَاءِ، كَمَا سَبَقَ التَّنْبِيهُ عَلَى رُعَاةِ الكَنَائِسِ والآبَاءِ والقَسَاوِسَةِ بمُشَارَكَةِ المُسْلِمِينَ احْتِفَالاَتِهِمُ الدِّينِيَّةِ، وتَهْنِئَتِهِمْ بأعْيَادِهِمْ، وإظْهَارِ المَوَدَّةِ والمَحَبَّةِ لَـهُمْ، وعَلَى شَعْبِ الكَنِيسَةِ في المَصَالِحِ والوزَارَاتِ والمُؤَسَّسَاتِ إظْهَارُ هذه الرُّوحِ لمَنْ يُخَالِطُونَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ.

    ثُمَّ قَالَ بالحَرْفِ الوَاحِدِ: إنَّنَا يَجِبُ أنْ نَنْتَهِزَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ نَكْسَةٍ ومِحْنَةٍ (يَقْصُدُ مَا قَبْلَ حَرْبِ 1973 ومَا بَعْدَ نَكْسَةِ يُونْيُو 1967) لأنَّ ذَلِكَ في صَالِحِنَا، ولَنْ نَسْتَطِيعَ إحْرَازَ أيَّةَ مَكَاسِبَ أو أيَّ تَقَدُّمٍ نَحْوَ هَدَفِنَا إذا انْتَهَتِ المُشْكِلَةُ مَعَ إسْرَائِيلَ سَوَاءً بالسِّلْمِ أو بالحَرْبِ.

    ثُمَّ هَاجَمَ مَنْ أسْمَاهُمْ بضِعَافِ القُلُوبِ الَّذِينَ يُقَدِّمُونَ مَصَالِحَهُمُ الخَاصَّةَ عَلَى مَجْدِ شَعْبِ الرَّبِّ والكَنِيسَةِ، وعَلَى تَحْقِيقِ الهَدَفِ الَّذِي يَعْمَلُ لَهُ الشَّعْبُ مُنْذُ عَهْدٍ بَعِيدٍ، وقَالَ أنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلى هَلَعِهِمْ، وأصَرَّ عَلَى أنَّهُ سَيَتَقَدَّمُ للحُكُومَةِ رَسْمِيًّا بالمَطَالِبِ الوَارِدَةِ بَعْدُ، حَيْثُ أنَّهُ إذا لَمْ يَكْسَبْ شَعْبُ الكَنِيسَةِ في هذه المَرْحَلَةِ مَكَاسِبَ عَلَى المُسْتَوَى الرَّسْمِيِّ فَرُبَّمَا لا يَسْتَطِيعُ إحْرَازَ أيَّ تَقَدُّمٍ بَعْدَ ذَلِكَ.

    ثُمَّ قَالَ بالحَرْفِ الوَاحِدِ: وليَعْلَمِ الجَمِيعُ خَاصَّةً ضِعَافُ القُلُوبِ أنَّ القُوَى الكُبْرَى في العَالَمِ تَقِفُ وَرَاءَنَا ولَسْنَا نَعْمَلُ وَحْدَنَا، ولا بُدَّ مِنْ أنْ نُحَقِّقَ الهَدَفَ، لَكِنَّ العَامِلَ الأوَّلَ والخَطِيرَ في الوُصُولِ إلى مَا نُرِيدُ هُوَ وِحْدَةُ شَعْبِ الكَنِيسَةِ وتَمَاسُكُهُ وتَرَابُطُهُ، ولَكِنْ إذا تَبَدَّدَتْ هذه الوِحْدَةُ وذَلِكَ التَّمَاسُكُ فَلَنْ تَكُونَ هُنَاكَ قُوَّةٌ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ مَهْمَا عَظُمَ شَأنُهَا تَسْتَطِيعُ مُسَاعَدَتَنَا.

    مَطَالِبُ البَابَا شُنُودَة:
    ثُمَّ عَدَّدَ البَابَا شُنُودَةُ المَطَالِبَ الَّتي صَرَّحَ بِهَا بَأنَّهُ سَوْفَ يُقَدِّمُهَا رَسْمِيًّا إلى الحُكُومَةِ:
    1) أنْ يُصْبِحَ مَرْكَزُ البَابَا الرَّسْمِيُّ في البُرُوتُوكُولِ السِّيَاسِيِّ بَعْدَ رَئِيسِ الجُمْهُورِيَّةِ وقَبْلَ رَئِيسِ الوُزَرَاءِ.
    2) أنْ تُخَصَّصَ لَـهُمْ (للنَّصَارَى) ثَمَانِ وزَارَاتٍ.
    3) أنْ تُخَصَّصَ لَـهُمْ رُبْعَ القِيَادَاتِ العُلْيَا في الجَيْشِ والشُّرْطَةِ.
    4) أنْ تُخَصَّصَ لَـهُمْ رُبْعَ المَرَاكِزِ القِيَادِيَّةِ المَدَنِيَّةِ، كَرُؤَسَاءِ مَجَالِسِ المُؤَسَّسَاتِ والشَّرِكَاتِ والمُحَافِظِينَ ووُكَلاءِ الوِزَارَاتِ والمُدِيرِينَ العَامِّينَ ورُؤَسَاءِ مَجَالِسِ المُدُنِ.
    5) أنْ يُسْتَشَارَ البَابَا عِنْدَ شَغْلِ هذه النِّسْبَةِ في الوِزَارَاتِ والمَرَاكِزِ العَسْكَرِيَّةِ والمَدَنِيَّةِ، ويَكُونُ لَهُ حَقُّ تَرْشِيحِ بَعْضِ العَنَاصِرِ والتَّعْدِيلِ فِيهَا.
    6) أنْ يُسْمَحَ لَـهُمْ بإنْشَاءِ جَامِعَةٍ خَاصَّةٍ بِهِمْ، وقَدْ وَضَعَتِ الكَنِيسَةُ بالفِعْلِ تَخْطِيطَ هذه الجَامِعَةِ، وهي تَضُمُّ المَعَاهِدَ اللاَّهُوتِيَّةَ والكُلِّيَّاتِ العَمَلِيَّةَ والنَّظَرِيَّةَ، وتُمَوَّلُ مِنْ مَالِـهِمْ الخَاصِّ.
    7) أنْ يُسْمَحَ لَـهُمْ بإقَامَةِ إذَاعَةٍ مِنْ مَالِـهِمُ الخَاصِّ.

    ثُمَّ خَتَمَ حَدِيثَهُ بأنْ بَشَّرَ الحَاضِرِينَ وطَلَبَ مِنْهُمْ نَقْلَ هذه البُشْرَى لشَعْبِ الكَنِيسَةِ بأنَّ أمَلَهُمْ الأكْبَرَ في عَوْدَةِ البِلاَدِ والأرَاضِي إلى أصْحَابِهَا مِنَ (الغُزَاةِ المُسْلِمِينَ) قَدْ بَاتَ وَشِيكًا، ولَيْسَ في ذَلِكَ أدْنَى غَرَابَةٍ - في زَعْمِهِ - وضَرَبَ لَـهُمْ مَثَلاً بأسْبَانِيَا النَّصْرَانِيَّةِ الَّتي ظَلَّتْ بأيْدِي (المُسْتَعْمِرِينَ المُسْلِمِينَ) قُرَابَةَ ثَمَانِيَةَ قُرُونٍ (800 سَنَة)، ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا أصْحَابُهَا النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ: وفي التَّارِيخِ المُعَاصِرِ عَادَتْ أكْثَرُ مِنْ بَلَدٍ إلى أهْلِهَا بَعْدَ أنْ طُرِدُوا مِنْهَا مُنْذُ قُرُونٍ طَوِيلَةٍ جِدًّا (قَالَ الشَّيْخُ: وَاضِحٌ أنَّ شُنُودَةَ يَقْصِدُ إسْرَائِيلَ)، وفي خِتَامِ الاجْتِمَاعِ أنْهَى حَدِيثَهُ ببَعْضِ الأدْعِيَةِ الدِّينِيَّةِ للمَسِيحِ الرَّبِّ الَّذِي يَحْمِيهِمْ ويُبَارِكُ خُطُوَاتِهِمْ.
    الفَقْرَةُ الثَّالِثَةُ .. الحَقَائِقُ تَتَكَلَّمُ:
    بَيْنَ يَدَيْ هذا التَّقْرِيرِ المُثِيرِ لاَبُدَّ مِنْ كَلِمَةٍ: إنَّ الوِحْدَةَ الوَطَنِيَّةَ الرَّائِعَةَ بَيْنَ مُسْلِمِي مِصْرَ وأقْبَاطِهَا يَجِبُ أنْ تَبْقَى وأنْ تُصَانَ، وهي مَفْخَرَةٌ تَارِيِخِيَّةٌ، ودَلِيلٌ جَيِّدٌ عَلَى مَا تُسْدِيهِ السَّمَاحَةُ مِنْ بِرٍّ وقِسْطٍ.

    ونَحْنُ نُدْرِكُ أنَّ الصَّلِيبِيَّةَ تَغُصُّ بهذا المَظْهَرِ الطَّيِّبِ، وتُرِيدُ القَضَاءَ عَلَيْهِ، ولَيْسَ بمُسْتَغْرَبٍ أنْ تَفْلَحَ في إفْسَادِ بَعْضِ النُّفُوسِ، وفي رَفْعِهَا إلى تَعْكِيرِ الصَّفْوِ، وعَلَيْنَا في هذه الحَالَةِ أنْ نَرْأبَ كُلَّ صَدْعٍ، ونُطْفِئَ كُلَّ فِتْنَةٍ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى حِسَابِ الجُمْهُورِ الطَّيِّبِ مِنَ المُوَاطِنِينَ الأقْبَاطِ.

    وقَدْ كُنْتُ أُرِيدُ أنْ أتَجَاهَلَ مَا يَصْنَعُ (البَابَا شُنُودَةُ)، الرَّئِيسُ الدِّينِيُّ للأقْبَاطِ، غَيْرَ أنِّي وَجَدْتُ عَدَدًا مِنْ تَوْجِيهَاتِهِ قَدْ أخَذَ طَرِيقَهُ إلى الحَيَاةِ العَمَلِيَّةِ:
    θ فَقَدْ قَاطَعَ الأقْبَاطُ مَكَاتِبَ تَنْظِيمِ الأُسْرَةِ تَقْرِيبًا.
    θ ونَفَّذُوا بحَزْمٍ خُطَّةَ تَكْثِيرِ عَدَدِهِمْ في الوَقْتِ الَّذِي تُنَفَّذُ فِيهِ بقُوَّةٍ وحَمَاسَةٍ سِيَاسَةُ تَقْلِيلِ المُسْلِمِينَ، وأعْتَقِدُ أنَّ الأقْبَاطَ الآنَ يُنَاهِزُونَ ثَلاَثَةَ مَلاَيِينَ، أي أنَّهُمْ زَادُوا في الفَتْرَةِ الأخِيرَةِ بنِسْبَةِ مَا بَيْنَ 40% و 50%.
    θ ثُمَّ إنَّ الأدْيِرَةَ تَحَوَّلَتْ إلى مَرَاكِزِ تَخْطِيطٍ وتَدْرِيبٍ - خُصُوصًا أدْيِرَةُ وَادِي النَّطْرُونَ الَّتي يَذْهَبُ إلَيْهَا بَابَا الأقْبَاطِ ولَفِيفٌ مِنْ أعْوَانِهِ المُقَرَّبِينَ، والَّتي يُسْتَقْدَمُ إلَيْهَا الشَّبَابُ القِبْطِيُّ مِنْ أقَاصِيِّ البِلاَدِ لقَضَاءِ فَتَرَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وتَلَقِّي تَوْجِيهَاتٍ مُرِيبَةٍ.
    θ وفى سَبِيلِ إضْفَاءِ الطَّابِعِ النَّصْرَانِيِّ عَلَى التُّرَابِ المِصْرِيِّ، اسْتَغَلَّ (البَابَا شُنُودَةُ) وَرْطَةَ البِلاَدِ في نِزَاعِهَا مَعَ اليَهُودِ والاسْتِعْمَارِ العَالَمِيِّ لبِنَاءِ كَنَائِسٍ كَثِيرَةٍ لا يَحْتَاجُ العَابِدُونَ إلَيْهَا - لوُجُودِ مَا يُغْنِي عَنْهَا - فَمَاذَا حَدَثَ؟ لَقَدْ صَدَرَ خِلاَلَ أُغُسْطُس وسِبْتَمْبِر وأُكْتُوبَر سَنَةَ 1973 خَمْسُونَ مَرْسُومًا جُمْهُورِيًّا بإنْشَاءِ 50 كَنِيسَةً، يَعْلَمُ اللهُ أنَّ أغْلَبَهَا بُنِيَ للمُبَاهَاةِ وإظْهَارِ السَّطْوَةِ وإثْبَاتِ الهَيْمَنَةِ في مِصْرَ.

    وقَدْ تَكُونُ الدَّوْلَةُ مُحْرَجَةً عِنْدَمَا أذِنَتْ بهذا العَدَدِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ في تَارِيخِ مِصْرَ، لَكِنَّنَا نُعَرِّفُ المَسْئُولِينَ أنَّ (البَابَا شُنُودَةَ) لَنْ يَرْضَى، لأنَّهُ في خِطَابِهِ كَشَفَ عَنْ نِيَّتِهِ، وهي نِيَّةٌ تُسِيءُ إلى الأقْبَاطِ والمُسْلِمِينَ جَمِيعًا.

    وقَدْ نَفَى رَئِيسُ لَجْنَةِ (تَقَصِّي الحَقَائِقِ) أنْ يَكُونَ هذا الخِطَابُ صَادِرًا عَنْ رَئِيسِ الأقْبَاطِ، ولَمَّا كَانَ رَئِيسُ اللَّجْنَةِ ذَا مُيُولٍ (شِيُوعِيَّةٍ) وتَهَجُّمُهُ عَلَى الشَّرْعِ الإسْلاَمِيِّ مَعْرُوفٌ، فَإنَّ هذا النَّفْيَ لا وَزْنَ لَهُ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ المُتَحَدِّثَ الرَّسْمِيَّ باسْمِ الكَنِيسَةِ المِصْرِيَّةِ، ومَبْلَغُ عِلْمِي أنَّ الخِطَابَ مُسَجَّلٌ بصَوْتِ البَابَا نَفْسِهِ ومَحْفُوظٌ، ويُوجَدُ الآنَ مَنْ يُحَاوِلُ تَنْفِيذَهُ كُلِّهِ. انْتَهَى كَلاَمُ الشَّيْخِ.

    اقْرَأ – فَكَّرْ – تَدَبَّرْ – اسْتَنْتِجْ – تَكَلَّمْ إنِ اسْتَطَعْتَ – افْعَلْ إنْ قَدَرْتَ
    وإلى اللِّقَاءِ مَعَ المُفَاجَأةِ المُرَوِّعَة في المَوْضُوعِ القَادِمِ
    الحَلَقَاتُ الثَّلاَثُ لفَضْحِ عُبَّادِ التَّثْلِيثِ
    والتي تَشْرَحُ كَيْف يَتِمّ غَسِيل المُخّ للنَّاسِ عَامَّة وللنَّصَارَى الَّذِينَ أسْلَمُوا وأُودِعُوا في الأدْيِرَةِ خَاصَّةً، وتَفْضَحُ أسَالِيب التَّعْذِيب دَاخِل الكَنَائِس والأدْيِرَة وحَقَائِق أُخْرَى مُرَوِّعَة

    والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

  • #2
    رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرا
    نسأل الله أن يحفظ مصر من الفتن ما ظهر منها وما بطن وسائر بلاد المسلمين
    نفع الله بكم

    تعليق


    • #3
      رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      الله المستعان ..
      ( البابا شنودة ) معروف منذ زمن بأنه محرض ورجل حرب ..
      وإلى اللِّقَاءِ مَعَ المُفَاجَأةِ المُرَوِّعَة في المَوْضُوعِ القَادِمِ
      الحَلَقَاتُ الثَّلاَثُ لفَضْحِ عُبَّادِ التَّثْلِيثِ

      والتي تَشْرَحُ كَيْف يَتِمّ غَسِيل المُخّ للنَّاسِ عَامَّة وللنَّصَارَى الَّذِينَ أسْلَمُوا وأُودِعُوا في الأدْيِرَةِ خَاصَّةً، وتَفْضَحُ أسَالِيب التَّعْذِيب دَاخِل الكَنَائِس والأدْيِرَة وحَقَائِق أُخْرَى مُرَوِّعَة
      الله المستعان ..
      أتابع معكم إن شاء الله فالأمر خطير فعلا ..

      رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

      تعليق


      • #4
        رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

        جزاكم الله خير وبارك الله فيكم

        الصبر هو الدواء
        ربما يكون مذاقه مر على النفس
        ولكنه يحمل لها الشفاء
        ويخفف عنها الآلام بإذن الله

        تعليق


        • #5
          رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

          بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
          الأخَوَاتُ الكَرِيمَاتُ
          السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
          بَارَكَ اللهُ فِيكُنَّ وأعْلَى قَدْرَكُنَّ، وجَعَلَكُنَّ مِنَ الصَّالِحَاتِ القَانِتَاتِ الحَافِظَاتِ لحُدُودِ الله، اللَّهُمَّ آمِينَ.

          الإخْوَةُ والأخَوَاتُ الكِرَامُ: أدْعُو كُلّ مَنْ شَارَكَ بالرَّدِّ وكُلّ مَنْ قَرَأ ولَمْ يُشَارِك، أنْ يُشَارِكُونَا بِمَا اسْتَنْتَجُوه مِنَ المَوْضُوع، ومَا يَرَوْنَهُ في الوَاقِعِ، ومَا يَشْغَل بَالهُم في هذه القَضِيَّةِ، فَلَقَدِ امْتَلأت المُنْتَدَيَات بكَلِمَاتِ الشُّكْر والمَدْح والصَّمْت ولَمْ نَسْتَفِد مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا يُذْكَر، نُرِيدُ إيِجَابِيَّة أكْثَر، اشْكُر ولَكِنْ قُلّ رَأيكَ، امْدَح ولَكِن اعْرِض وِجْهَة نَظَر أو اسْتِنْتَاج أو مَعْلُومَة، كَفَانَا صَمْتًا حتى وإنْ تَكَلَّمْنَا، ولَيْسَ مَطْلُوب مِنْكَ أنْ تَكُونَ بَلِيغًا في الكَلاَمِ أو صَاحِب مَعْلُومَة لَمْ يَعْرِفهَا غَيْرك كي تُشَارِك وإلاَّ تَصْمُت، لا، مَطْلُوبٌ مِنْكَ إعْمَال فَرِيضَة غَائِبَة، فَرِيضَة التَّدَبُّر، لَدَيْكَ عَقْل، فَكِّر بِهِ ثُمَّ قُلْ مَا فَتَحَ اللهُ بِهِ عَلَيْكَ، إنْ كَانَ صَوَابًا سَنَسْتَفِيدُ مِنْهُ جَمِيعًا، وإنْ كَانَ خَطَأ سَيُصَحِّحُهُ لَكَ غَيْركَ فَتَسْتَفِيدَ ويَسْتَفِيد النَّاس مِنْ مَعْرِفَةِ خَطَأ وتَصْحِيحِهِ، لَكِنْ باللهِ عَلَيْكَ تَكَلَّم.
          والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
          بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
          الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
          السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
          لاَحَظْتُ في تَوْقِيعِكِ وُجُود الحَدِيث (مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَار جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ومِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ورَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب)، وأوَدُّ أنْ أقُولَ:
          بِدَايَةً: هذا الحَدِيثُ ضَعِيفٌ ولَمْ تَصِحّ فِيهِ رِوَايَة عِنْدَ أيٍّ مِنَ المُحَدِّثِين، وضَعَّفَهُ الشَّيْخُ الألْبَانِيُّ في سَبْعِ كُتُبٍ مِنْ كُتُبِهِ.
          ثَانِيًا: إنْ كُنْتِ كَتَبْتِهِ عَلَى أنَّهُ حَدِيث، فَيَجِبُ حَذْفَهُ لضَعْفِهِ، أمَّا إنْ كُنْتِ كَتَبْتِهِ عَلَى أنَّهُ مَعْنَى طَيِّب ولَيْسَ بحَدِيثٍ لمَعْرِفَتِكِ بضَعْفِهِ، فَبَارَكَ اللهُ فِيكِ لكَوْنكِ لَمْ تَكْتبِي أنَّهُ حَدِيث، ولَكِنْ أُخْتِي الكَرِيمَة: وَضْعكِ إيَّاه يُوحِي لِمَنْ يَقْرَأهُ بأنَّهُ صَحِيح، سَوَاء في كَوْنِهِ حَدِيث أو في مَعْنَاهُ، وطَالَمَا ثَبَتَ ضَعْفُ الحَدِيثِ فَلاَ يَصِحُّ أنْ يُبْنَى عَلَيْهِ عَمَل أو يُعْتَقَدُ في فَضْلِ مَا جَاءَ فِيهِ، وبالتَّالِي حتى كَوْنه مَعْنَى طَيِّب لا يَصِحّ وَضْعهُ، لاسِيَّمَا في وُجُودِ أحَادِيثٍ أُخْرَى صَحِيحَة تَفِي بالغَرَضِ، فَأنْصَحُكِ أُخْتِي الكَرِيمَة بحَذْفِهِ.

          وهذا مَا أعْلَمُ، واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
          والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

          تعليق


          • #6
            رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

            وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
            بخصوص الجزء الأول من كلامكم فهذا مطلوب فعلا وأنا ممن لا يحبون عبارات الشكر الكثيرة دون إضافة
            لكن أحيانا لا يتم الرد والتحاور لظروف مصر الحالية والله المستعان فنخشى ألا يكون الرد منضبط ويحدث إثارة للفتنة ..
            -----------------------
            وأما بخصوص الحديث فجزاكم الله خيرا ,, نعم ذٌكر لي هذا الكلام من قبل من الأخت ( أم خطاب ) جزاها الله خيرا ,, فتركته كنصيحة لأن المعنى صحيح ومحقق في الواقع ,, ( وإن كنت أعلم أنه يجوز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال بالضوابط التي ذكرها العلماء ) .. ( وأعلم أن الأمر فيه خلاف ) .. لكن أنا أقلد من يأخذ بالعمل بالأحاديث الضعيفة مع ذكر ضعفها ..
            لا بأس ,, سأحذفه إن شاء الله ..
            وجزاكم الله خيرا على التنبيه ..

            رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

            تعليق


            • #7
              رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

              بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
              الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
              السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
              بَارَكَ اللهُ فِيكِ أُخْتِي الكَرِيمَة عَلَى حَذْفِكِ الحَدِيث وأخْذِكِ بالأحْوَط، جَعَلَكِ اللهُ دَوْمًا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَدَبَّرُونَهُ فَيَتَّبِعُونَ أحْسَنَهُ حتى لَوْ خَالَفَ هَوَاهُمْ، وأقُولُ لَكِ بهذا الشَّأن أنَّ القَوْلَ بجَوَازِ العَمَل بالأحَادِيثِ الضَّعِيفَة لَيْسَ هُوَ القَوْلُ الرَّاجِحُ، بَلِ المَرْجُوح بأدِلَّةِ المَانِعِين، ولَيْسَ كُلّ خِلاَفٍ جَاءَ مُعْتَبَرًا إلاَّ خِلاَف لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ، وأنْقِلُ لَكِ فَتْوَى صَغِيرَة في ذَلِكَ مِنْ مَوْقِعِ طَرِيق الإسْلاَم ثُمَّ أُبَيِّن بَعْض الأُمُور الهَامَّة:

              السُّؤَالُ: مَا حُكْم الاحْتِجَاج والعَمَل بالحَدِيثِ الضَّعِيف؟
              المُفْتِي: الشَّيْخ عَبْد الكَرِيم عَبْد الله الخُضِير
              الجَوَابُ:
              الحَمْدُ للهِ؛؛
              حُكْمُ العَمَلِ بالحَدِيثِ الضَّعِيفِ يَحْتَاجُ إلى تَفْصِيلٍ:
              أوَّلاً: العَمَلُ بالضَّعِيفِ في العَقَائِدِ: لا يَجُوزُ إجْمَاعًا.
              ثَانِيًا: العَمَلُ بِهِ في الأحْكَامِ: جَمَاهِيرُ أهْلِ العِلْم عَلَى مَنْعِهِ.
              ثَالِثًا: العَمَلُ بِهِ في الفَضَائِلِ والتَّفْسِير والمَغَازِي والسِّيَر: جُمْهُورُ أهْلِ العِلْم عَلَى جَوَازِ الاحْتِجَاج بِهِ في هذه الأبْوَاب شَرِيطَة أنْ يَكُون ضَعْفهُ غَيْر شَدِيد، وأنْ يَنْدَرِج تَحْتَ أصْلٍ عَامٍّ، وأنْ لا يُعْتَقَد عِنْدَ العَمَل بِهِ ثُبُوتَهُ، بَلْ يُعْتَقَدُ الاحْتِيَاط.
              ونَقَلَ النَّوَوِيّ وملاَّ عَلِي قَارِي الإجْمَاع عَلَى العَمَلِ بِهِ في فَضَائِلِ الأعْمَال، لَكِنَّ الخِلاَف فِيهِ مَنْقُولٌ عَنْ جَمْعٍ مِنْ أهْلِ العِلْم كَأبِي حَاتِم وأبِي زَرْعَة وابْن العَرَبِيّ والشَّوْكَانِيّ والألْبَانِيّ، وإلَيْهِ يُومِئ كَلاَمُ شَيْخ الإسْلاَم ابْن تَيْمِيَّة وابْن القَيِّم، ويَدُلُّ عَلَيْهِ صَنِيع البُخَارِيّ ومُسْلِم رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى.
              وعَلَى هذا فَلاَ يُعْمَل بالضَّعِيفِ مُطْلَقًا في أيِّ بَابٍ مِنْ أبْوَابِ الدِّين، ويُذْكَر حِينَئِذٍ للاسْتِئْنَاس، وأشَارَ ابْن القَيِّم إلى أنَّهُ يُمْكِن أنْ يُرَجَّح بِهِ أحَد القَوْلَيْن المُتَعَادِلَيْن.
              فَالصَّوَابُ أنَّ الضَّعِيفَ لا يُعْمَل بِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَغْلُب عَلَى الظَّنِّ ثُبُوته فَيَصِل إلى دَرَجَةِ الحَسَن لغَيْرِهِ. انْتَهَت الفَتْوَى

              وهُنَاكَ مَلْحُوظَة في غَايَةِ الأهَمِّيَّة يَجِبُ الانْتِبَاه إلَيْهَا؛ وهي أنَّهُ لا يَجُوز انْتِقَاء الأقْوَال والرُّخَص مِنْ بَيْنِ أقْوَال العُلَمَاء الَّذِينَ يُخَالِفُونَ بَعْضهُم البَعْض، فَمَثَلاً لا يَصِحّ أنْ يَكُون مَرْجِعِيَّتنَا في الحُكْمِ عَلَى الحَدِيث هُوَ الإمَامُ الألْبَانِيّ ثُمَّ نَأخُذُ قَوْلاً ضَعِيفًا عِنْدَهُ ونَعْمَلُ بقَاعِدَةٍ هُوَ نَفْسهُ رَفَضَهَا وأنْكَرَهَا عَلَى القَائِلِينَ بِهَا، قَالَ الشَّيْخُ الألْبَانِيُّ في الثَّمَرِ المُسْتَطَابِ (1/218) [ والَّذِي أعْتَقِدُهُ وأدِينُ اللهَ بِهِ أنَّ الحَقَّ في هذه المَسْألَة مَعَ العُلَمَاءِ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلى تَرْكِ العَمَل بالحَدِيثِ الضَّعِيفِ في فَضَائِلِ الأعْمَال، وذَلِكَ لأُمُورٍ:
              أوَّلاً: أنَّ الحَدِيثَ الضَّعِيفَ لا يُفِيدُ إلاَّ الظَّنِّ اتِّفَاقًا، والعَمَلُ بالظَّنِّ لا يَجُوز لقَوْلِهِ تَعَالَى (إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) (النَّجْمُ: 28)، وقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (إيَّاكُمْ والظَّنّ، فَإنَّهُ أكْذَبُ الحَدِيثِ).
              ثَانِيًا: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أمَرَنَا باجْتِنَابِ الرِّوَايَة عَنْهُ إلاَّ مَا عَلِمْنَا صِحَّته عَنْهُ، فَقَالَ (اتَّقُوا الحَدِيث عَنِّي إلاَّ مَا عَلِمْتُم)، ومِنَ المَعْلُومِ أنَّ رِوَايَة الحَدِيث إنَّمَا هي وَسِيلَة للعَمَلِ بِمَا ثَبَتَ فِيهِ، فإذا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ يَنْهَانَا عَنْ رِوَايَةِ مَا لَمْ يَثْبُت عَنْهُ؛ فَمِنْ بَابِ أوْلَى أنْ يَنْهَى عَنِ العَمَلِ بِهِ، هذا بَيِّنٌ وَاضِحٌ.
              ثَالِثًا: أنَّ فِيمَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غُنْيَة عَمَّا لَمْ يَثْبُت ]، وقَالَ أيْضًا [ عَلَى أنَّ المُهِمَّ هَهُنَا أنْ يَعْلَمَ المُخَالِفُونَ أنَّ العَمَلَ بالحَدِيثِ الضَّعِيفِ في الفَضَائِلِ لَيْسَ عَلَى إطْلاَقِهِ عِنْدَ القَائِلِينَ بِهِ، فَقَدْ قَالَ الحَافِظُ ابْن حَجَر في (تَبْيِين العَجَبِ) (ص 3-4) (اشْتَهَرَ أنَّ أهْلَ العِلْم يَتَسَاهَلُونَ في إيِرَادِ الأحَادِيث في الفَضَائِلِ وإنْ كَانَ فِيهَا ضَعْف مَا لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَة، ويَنْبَغِي مَعَ ذَلِكَ اشْتِرَاط أنْ يَعْتَقِدَ العَامِل كَوْن ذَلِكَ الحَدِيث ضَعِيفًا، وأنْ لا يُشْهِر ذَلِكَ لئلا يَعْمَل المَرْء بحَدِيثٍ ضَعِيفٍ فَيَشْرَع مَا لَيْسَ بشَرْعٍ، أو يَرَاهُ بَعْضُ الجُهَّال فَيَظُنّ أنَّهُ سُنَّة صَحِيحَة)، وقَدْ صَرَّحَ بمَعْنَى ذَلِكَ الأُسْتَاذ أبُو مُحَمَّد بْن عَبْد السَّلاَم وغَيْره، وليَحْذَر المَرْء مِنْ دُخُولِهِ تَحْتَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ (مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بحَدِيثٍ يَرَى أنَّهُ كَذِب فَهُوَ أحَد الكَاذِبِين)، فَكَيْفَ بِمَنْ عَمِلَ بِهِ؟! ولا فَرْقَ في العَمَلِ بالحَدِيثِ في الأحْكَامِ أو في الفَضَائِلِ؛ إذِ الكُلّ شَرْع ]، وهذا رَابِط مَرْئِي للشَّيْخِ أبُو إسْحَاق الحوَيْنِيّ يَحْكُمُ فِيهِ عَلَى حَدِيثِ (مَنْ لَزِمَ الاسْتِغْفَار...) بالضَّعْفِ (هُنَا)، وهَؤُلاَء الأعْلاَم في عُلُومِ الحَدِيثِ لَوْ وَجَدُوا للضَّعِيفِ مِنَ الشَّوَاهِدِ مَا يُحَسِّنهُ لَفَعَلُوا، ولَوْ صَحَّ لَدَيْهم العَمَل بالضَّعِيفِ لعَمِلُوا وقَالُوا بِهِ، فَكَيْفَ نَتَّبِعُهُم ونُخَالِفُهُم.

              أُخْتِي الكَرِيمَة، إذا مَرِضَ أحَدنَا - حَفِظَنَا اللهُ وإيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ سُوءٍ - وذَهَبَ إلى طَبِيبٍ؛ فَوَصَفَ لَهُ دَوَاءً غَالِي الثَّمَن لَكِنَّهُ قَوِيّ الأثَر، ودَوَاءً آخَرًا رَخِيصُ الثَّمَنِ ضَعِيفُ الأثرِ، فإذا كُنْتِ تُرِيدِينَ النَّفْعَ للمَرِيضِ فَبِمَاذَا تَنْصَحِيه؟ هَلْ يَأخُذ الدَّوَاء قَوِيّ الأثَر أمِ الضَّعِيف؟
              غَلاَءُ الصَّحِيحِ في البَحْثِ عَنْهُ، ورُخْصُ الضَّعِيفِ في اسْتِسْهَالِهِ، ودِينُنَا دِينٌ مَتِينٌ قَوِيمٌ، لا يَحْتَاجُ إلى الضَّعِيفِ ليُوهِنُهُ، وأخْتَتِمُ كَلاَمِي الَّذِي مَا أطَلْتُ فِيهِ إلاَّ بغَرَضِ النُّصْح بالخَيْرِ لَكِ وللقُرَّاءِ بهذه الفَتْوَى المُفَصِّلَة مِنْ مَوْقِعِ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب بإشْرَافِ الشَّيْخ مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد حَفِظَهُ الله:

              السُّؤَالُ: أرْجُو إفَادَتِي في حُكْمِ قَوْل بَعْض أذْكَار الصَّبَاح والمَسَاء التي حَكَمَ بَعْضُ العُلَمَاء ومِنْهُم الشَّيْخ الألْبَانِيّ بضَعْفِهَا.
              الجَوَابُ:
              الحَمْدُ للهِ؛؛
              هذه المَسْألَةُ مَشْهُورَةٌ بَيْنَ أهْلِ العِلْم باسْمِ (حُكْمُ العَمَلِ بالأحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ في فَضَائِلِ الأعْمَال)، وقَدِ اخْتَلَفَت فِيهَا أقْوَالُ المُحَدِّثِينَ والفُقَهَاء قَدِيمًا وحَدِيثًا، والَّذِي نَرَاهُ أقْرَب للصَّوَابِ إنْ شَاءَ الله هُوَ أنَّ الحَدِيثَ الضَّعِيفَ لا يُعْمَل بِهِ في فَضَائِلِ الأعْمَال ولا في غَيْرِهَا، وقَدْ سَبَقَ اخْتِيَار هذا القَوْل في جَوَابِ السُّؤَال رَقْم: (44877)، (49675)، (98780)، (85609).

              وقَدِ اخْتَارَ هذا القَوْل جَمَاعَةٌ مِنْ أهْلِ العِلْم، مِنْهُم الإمَامُ مُسْلِمُ في مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ حَيْثُ قَالَ [ الأخْبَارُ في أمْرِ الدِّين إنَّمَا تَأتِي بتَحْلِيلٍ أو تَحْرِيمٍ؛ أو أمْرٍ أو نَهْيٍ؛ أو تَرْغِيبٍ أو تَرْهِيبٍ، فَإذَا كَانَ الرَّاوِي لَهَا لَيْسَ بمَعْدَنٍ للصِّدْقِ والأمَانَة، ثُمَّ أقْدَمَ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ مَنْ قَدْ عَرَفَهُ ولَمْ يُبَيِّن مَا فِيهِ لغَيْرِهِ مِمَّنْ جَهِلَ مَعْرِفَته؛ كَانَ آثِمًا بفِعْلِهِ ذَلِكَ، غَاشًّا لعَوَامِ المُسْلِمِينَ؛ إذْ لا يُؤْمَنُ عَلَى بَعْضِ مَنْ سَمِعَ تِلْكَ الأخْبَار أنْ يَسْتَعْمِلهَا أو يَسْتَعْمِل بَعْضهَا، ولَعَلَّهَا أو أكْثَرهَا أكَاذِيب لا أصْلَ لَهَا ].

              قَالَ ابْنُ رَجَب رَحِمَهُ الله [ ظَاهِر مَا ذَكَرَهُ مُسْلِم في مُقَدِّمَة كِتَابِهِ يَقْتَضِي أنَّهُ لا تُرْوَى أحَادِيث التَّرْغِيب إلاَّ عَمَّنْ تُرْوَى عَنْهُ الأحْكَام ] شَرْحُ عِلَلِ التِّرْمِذِيّ (1/373).

              وهذا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْن حِبَّان رَحِمَهُ الله في مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ المَجْرُوحِين، واخْتَارَهُ أكْثَر عُلَمَائنَا المُعَاصِرِينَ.

              قَالَ العَلاَّمَةُ ابْن عُثَيْمِين رَحِمَهُ الله [ الأحَادِيثُ الضَّعِيفَةُ لا يُسْتَدَلُّ بِهَا، ولا يَجُوزُ أنْ تُنْسَبَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إلاَّ عَلَى وَجْهٍ يُبَيَّنُ فِيهِ أنَّهَا ضَعِيفَة، ومَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بحَدِيثٍ يُرَى أنَّهُ كَذِب فَهُوَ أحَد الكَاذِبِين، وقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)، فَلاَ يَجُوز العَمَل بالحَدِيثِ الضَّعِيف.
              لَكِنْ بَعْضُ أهْلِ العِلْم رَخَّصَ في ذِكْرِ الحَدِيث الضَّعِيف بشُرُوطٍ ثَلاَثَة:
              الشَّرْطُ الأوَّلُ: ألاَّ يَكُون ضَعْفهُ شَدِيدًا.
              والشَّرْطُ الثَّانِي: أنْ يَكُونَ لَهُ أصْل.
              والشَّرْطُ الثَّالِثُ: أنْ لا يُعْتَقَد أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَهُ.
              فَإنْ كَانَ الضَّعْفُ شَدِيدًا فَإنَّهُ لا يَجُوز ذِكْر الضَّعِيف أبَدًا إلاَّ إذا كَانَ الإنْسَان يُرِيدُ أنْ يُبَيِّنَ ضَعْفَهُ، وإذا كَانَ لَيْسَ لَهُ أصْل فَإنَّهُ لا يَجُوز ذِكْره أيْضًا، مِثَال الَّذِي لَهُ أصْل: أنْ يَأتِي حَدِيث في فَضْلِ صَلاَة الجَمَاعَة مَثَلاً وهُوَ ضَعِيف، فَلاَ حَرَجَ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا للتَّرْغِيبِ في صَلاَةِ الجَمَاعَة؛ لأنَّهُ يُرَغِّب في صَلاَةِ الجَمَاعَة ولا يَضُرّ؛ لأنَّهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا فَقَدْ نَالَ الثَّوَاب المُرَتَّب عَلَيْهِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فَقَدِ اسْتَعَانَ بِهِ عَلَى طَاعَةِ الله، لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ يَأتِي الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أنْ لا تَعْتَقِدَ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَهُ، ولَكِنْ تَرْجُو أنْ يَكُون قَالَهُ مِنْ أجْلِ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنَ الثَّوَاب.
              عَلَى أنَّ بَعْضَ أهْل العِلْم قَالَ: إنَّ الحَدِيثَ الضَّعِيفَ لا يَجُوز ذِكْره مُطْلَقًا إلاَّ مَقْرُونًا ببَيَانِ ضَعْفِهِ، وهذا القَوْل لا شَكَّ أنَّهُ أحْوَط، وأسْلَم للذِّمَّةِ، ومَسْألَة التَّرْغِيب والتَّرْهِيب يَكْفِي فِيهَا الأحَادِيث الصَّحِيحَة عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ] فَتَاوَى نُورٌ عَلَى الدَّرْبِ (مُصْطَلَح الحَدِيث).

              وقَالَ الشَّيْخُ الألْبَانِيُّ رَحِمَهُ الله [ ومِنَ المُؤْسِفِ أنْ نَرَى كَثِيرًا مِنَ العُلَمَاءِ - فَضْلاً عَنِ العَامَّةِ - مُتَسَاهِلِينَ بهذه الشُّرُوط، فَهُمْ يَعْمَلُونَ بالحَدِيثِ دُونَ أنْ يَعْرِفُوا صِحَّته مِنْ ضَعْفِهِ، وإذا عَرفُوا ضَعْفَهُ لَمْ يَعْرِفُوا مِقْدَاره، وهَلْ هُوَ يَسِير أو شَدِيد يُمْنَع العَمَل بِهِ، ثُمَّ هُمْ يُشْهِرُونَ العَمَل بِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَدِيثًا صَحِيحًا، ولذَلِكَ كَثُرَت العِبَادَات التي لا تَصِحّ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وصَرَفَتْهُم عَنِ العِبَادَاتِ الصَّحِيحَةِ التي وَرَدَت بالأسَانِيدِ ] تَمَامُ المِنَّةِ (ص/36).

              وقَدْ بَيَّنَ شَيْخُ الإسْلاَم ابْن تَيْمِيَّة رَحِمَهُ الله أنَّ الَّذِينَ أجَازُوا العَمَل بالحَدِيثِ الضَّعِيفِ مِنَ الحُفَّاظِ والمُحَدِّثِينَ المُتَقَدِّمِينَ لَمْ يَقْصِدُوا إثْبَات اسْتِحْبَاب الإتْيَان بأذْكَارٍ مُعَيَّنَةٍ بأعْدَادٍ مَخْصُوصَةٍ وأوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ إذا وَرَدَت في أحَادِيثٍ ضَعِيفَةٍ، وإنَّمَا أرَادُوا أنَّهُ إذا وَرَدَ حَدِيث ضَعِيف يُبَيِّن مِقْدَار ثَوَاب ذِكْر مُعَيَّن مَثَلاً، وكَانَ قَدْ وَرَدَ فَضْل هذا الذِّكْر نَفْسَهُ في حَدِيثٍ صَحِيحٍ، أنَّهُ يَجُوز العَمَل بهذا الذِّكْر مَعَ احْتِسَابِ الفَضْل الوَارِد في الحَدِيثِ الضَّعِيفِ، رَجَاء تَحْقِيقه وتَحْصِيله، أمَّا أنْ نَقُول باسْتِحْبَابِ عَمَلٍ – كَصَلاَةِ التَّسَابِيح مَثَلاً – بدَعْوَى أنَّهَا مِنْ فَضَائِلِ الأعْمَال والأحَادِيث الضَّعِيفَة يُؤْخَذ بِهَا في فَضَائِلِ الأعْمَال: فهذا لَمْ يَقُل بِهِ المُحَدِّثُونَ والحُفَّاظُ المُتَقَدِّمُونَ.

              قَالَ شَيْخُ الإسْلاَم ابْن تَيْمِيَّة رَحِمَهُ الله [ ولَمْ يَقُل أحَد مِنَ الأئِمَّةِ: إنَّهُ يَجُوز أنْ يَجْعَل الشَّيْء وَاجِبًا أو مُسْتَحَبًّا بحَدِيثٍ ضَعِيفٍ، ومَنْ قَالَ هذا فَقَدْ خَالَفَ الإجْمَاع، وهذا كَمَا أنَّهُ لا يَجُوز أنْ يُحَرَّم شَيْء إلاَّ بدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، ولكن إذا عُلِمَ تَحْرِيمهُ، ورُوِيَ حَدِيث في وَعِيدِ الفَاعِل لَهُ، ولَمْ يُعْلَم أنَّهُ كَذِب؛ جَازَ أنْ يَرْوِيهِ، فَيَجُوز أنْ يَرْوِي في التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ مَا لَمْ يُعْلَم أنَّهُ كَذِب، لَكِنْ فِيمَا عَلِمَ أنَّ الله رَغَّبَ فِيهِ أو رَهَّبَ مِنْهُ بدَلِيلٍ آخَرٍ غَيْرَ هذا الحَدِيث المَجْهُول حَالهُ ] مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (1/250)، ويَقُولُ أيْضًا رَحِمَهُ الله [ إذا ثَبَتَ أنَّ العَمَلَ مُسْتَحَبٌّ بدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، ورُوِيَ لَهُ فَضَائِل بأسَانِيدٍ ضَعِيفَةٍ: جَازَ أنْ تُرْوَى إذا لَمْ يُعْلَم أنَّهَا كَذِب، وذَلِكَ أنَّ مَقَادِيرَ الثَّوَاب غَيْر مَعْلُومَة، فإذا رُوِيَ في مِقْدَارِ الثَّوَاب حَدِيث لا يُعْرَف أنَّهُ كَذِب؛ لَمْ يَجُز أنْ يُكَذِّبَ بِهِ، وهذا هُوَ الَّذِي كَانَ الإمَامُ أحْمَد بْن حَنْبَل وغَيْرُه يُرَخِّصُونَ فِيهِ وفي رِوَايَاتِ أحَادِيث الفَضَائِل، وأمَّا أنْ يُثْبِتُوا أنَّ هذا عَمَل مُسْتَحَبّ مَشْرُوع بحَدِيثٍ ضَعِيفٍ، فَحَاشَا لله ] مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (10/408)، وقَالَ أيْضًا [ إذا تَضَمَّنَت أحَادِيثُ الفَضَائِلِ الضَّعِيفَةِ تَقْدِيرًا وتَحْدِيدًا؛ مِثْل صَلاَة في وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، بقِرَاءَةٍ مُعَيَّنَةٍ، أو عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ؛ لَمْ يَجُز ذَلِكَ – أي العَمَل بِهَا – لأنَّ اسْتِحْبَابَ هذا الوَصْف المُعَيَّن لَمْ يَثْبُت بدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، بخِلاَفِ مَا لَوْ رُوِيَ فِيهِ (مَنْ دَخَلَ السُّوق فَقَالَ لا إلَهَ إلاَّ الله كَانَ لَهُ كَذَا وكَذَا) فَإنَّ ذِكْرَ الله في السُّوقِ مُسْتَحَبٌّ، لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الله بَيْنَ الغَافِلِينَ، فَأمَّا تَقْدِير الثَّوَاب المَرْوِيّ فِيهِ فَلاَ يَضُرّ ثُبُوته ولا عَدَم ثُبُوته، وفي مِثْلِهِ جَاءَ الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (مَنْ بَلَغَهْ عَنِ الله شَيْء فِيهِ فَضْل فَعَمِلَ بِهِ رَجَاء ذَلِكَ الفَضْل؛ أعْطَاهُ الله ذَلِكَ وإنْ لَمْ يَكُن ذَلِكَ كَذَلِكَ) ] مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (18/67).

              وعَلَى هذا، فَأذْكَارُ الصَّبَاحِ والمَسَاءِ أو غَيْرِهَا مِنَ الأذْكَارِ المُقَيَّدَة بوَقْتٍ أو سَبَبٍ لا يُعْمَلُ بِهَا إذا رُوِيَت بأحَادِيثٍ ضَعِيفَةٍ، وفِيمَا ثَبَتَ في الأحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كِفَايَة. انْتَهَت الفَتْوى

              وأعْتَذِرُ عَنِ الإطَالَةِ نَظَرًا لأهَمِّيَّةِ الأمْر، عَلَّمَنَا اللهُ وإيَّاكُمْ مَا يَنْفَعنَا، ونَفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا، ونَفَعَ النَّاسَ مِنَّا خَيْرًا، اللَّهُمَّ آمِينَ.

              وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
              والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

              تعليق


              • #8
                رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

                بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
                الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
                السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
                أمَّا بخُصُوصِ قَوْلكِ (لكن أحيانا لا يتم الرد والتحاور لظروف مصر الحالية والله المستعان فنخشى ألا يكون الرد منضبط ويحدث إثارة للفتنة)، فَأقُولُ مُسْتَعِينًا بالله:
                أوَّلاً: مَسْئُولِيَّة الرَّدّ المُنْضَبِط هذه تَقَع عَلَى عَاتِقِ ثَلاَثَة أفْرَاد (الكَاتِب – المُشْرِف - القَارِئ):
                أمَّا الكَاتِبُ: فَمَسْئُولِيَّته تَكُون في تَحَرِّي صِحَّة مَا يَكْتُب، وضَبْطِهِ بالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ وأدَبِ الحِوَارِ والخِلاَفِ، فَإنْ زَلَّ في بَعْضِهَا أو كُلِّهَا، جَاءَ الدَّوْرُ الثَّانِي.
                دَوْرُ المُشْرِفِ: والَّذِي تَكُون مَسْئُولِيَّته مُرَاقَبَة مَا يُكْتَب والمُوَافَقَة عَلَى مَا صَحَّ مِنْهُ وحَذْف مَا يُخَالِف الضَّوَابِط، وبالتَّالِي يَجِب أنْ يَكُون المُشْرِف أصْلاً عَلَى قَدْرٍ مِنَ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ يُؤَهِّلهُ لمَهَامِّ مَنْصِبه، ولَكِنْ لا أحَد يَعْلَم كُلّ شَيْء، فَقَدْ يَجْهَل المُشْرِف أمْرًا، أو يَنْسَاه، أو يَكُون أصْلاً مِنَ العَامَّةِ ولَيْسَ مِنْ طَلَبَةِ العِلْم، أو يَتَغَيَّب عَنِ الإشْرَافِ لظُرُوفٍ لَهُ، وهُنَا يَأتِي الدَّوْر الثَّالِث.
                دَوْرُ القَارِئ: والَّذِي أرَاهُ أقْوَى مِنْ دَوْرِ المُشْرِفِ للأعْذَارِ السَّابِقَةِ دُونَ أنْ يَلْغِيه، فَعَدَد قُرَّاء المَوْضُوع سَوَاء كَانُوا أعْضَاء أو زُوَّار أكْثَر بالطَّبْعِ مِنْ عَدَدِ المُشْرِفِينَ، ولاَبُدَّ أنْ يَكُون مِنْ بَيْنِهِم مَنْ هُوَ عَلَى عِلْمِ ويُمْكِنهُ تَصْحِيح الخَطَأ للمُشْرِفِ وللكَاتِبِ.
                وعَلَى ذَلِكَ فَإنَّ الأصْلَ أنَّ الكُلّ يُشَارِك، والكُلّ يَتَكَلَّم، والعَالِم يُصَحِّح للجَاهِل اليَوْم ثُمَّ يَتَعَلَّم مِنْهُ غَدًا، وهَكَذَا، حتى لا نَقَع في مُشْكِلَةٍ عَظِيمَةٍ وهي الصَّمْتُ عَلَى البَاطِلِ، وفي النِّهَايَةِ لا نَجِد المُشَارَكَات إلاَّ عبَارَة عَنْ كَلِمَات شُكْر ودُعَاء واسْتِحْسَان فَقَط حتى عَلَى المَوْضُوعَاتِ البَاطِلَةِ.

                ثَانِيًا: بِمَا أنِّي خَتَمْتُ الفَقْرَةَ السَّابِقَةَ بمُشْكِلَةِ الصَّمْت، وبِمَا أنَّكِ تَعَرَّضْتِ لَهَا في كَلاَمِكِ، لَزِمَ بَيَانهَا، فَالصَّمْتُ في أحْيَانٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا يَكُون أسْوَأ مِنَ الكَلاَم، عَلَى الأقَلِّ المُتْكَلِّم إنْ أخْطَأ سَيَجِد مَنْ يَرُدَّهُ، لَكِنَّ الصَّامِت لا يَعْرِف هَلْ هُوَ عَلَى حَقٍّ أمْ بَاطِلٍ، ويَحْكُمُ بهَوَاه، هذا فِيمَا يَخُصّهُ، وبِسَلْبِيَّتِهِ يَضُرّ غَيْره بصَمْتِهِ لأنَّهُ عَرِفَ حَقًّا ولَمْ يَقُل بِهِ لسَبَبٍ أو لآخَرٍ، لأنَّ الصَّمْتَ عَلَى البَاطِلِ يزِيدُه كَالمَثَلِ المِصْرِيّ القَائِل (يا فرعون إيه فرعنك؟ قال: مالقيتش حد يردني).

                ثَالِثًا: لَمَّا أخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ببَعْضِ الفِتَن وأمَارَاتهَا، هَلْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ لإثَارَتِهَا أمْ لمَعْرِفَتِهَا والحَذَر مِنْهَا؟؟ بالطَّبْعِ للحَذَرِ مِنْهَا، وهذا هُوَ الأُسْلُوب العِلْمِيّ في حَلِّ المُشْكِلاَت، مَعْرِفَة الأسْبَاب والمُقَدِّمَات حتى نَتَجَنَّب النَّتَائِج، وكَوْننَا نَعْرِضُ ونُبَيِّنُ خَطَرًا قَائِمًا بالفِعْلِ ولَيْسَ مُتَوَقَّعًا؛ لا يُسَمَّى إثَارَة فِتْنَة، فَلَيْسَ مِنَ المَنْطِقِيِّ أو المَعْقُولِ أو المَقْبُولِ شَرْعًا أنْ يَعْرِفَ المُسْلِم خَطَرٌ مُحْدِقٌ بِهِ ويَسْكُتُ عَنْهُ بدَعْوَى مَخَافَة الفِتْنَة (وهي وَاقِعَة فِعْلاً مُنْذُ سَنَوَات ولَيْسَت مُحْتَمَلَة الوُقُوع)، حتى إذا فُوجِئَ بنَتَائِجِهَا أخَذَ يَبْكِي بَعْدَ أنْ يَكُون الأمْر قَدْ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ، نَعَمْ نَحْنُ مَأمُورُونَ بعَدَمِ إيِقَاظ الفِتَن، وهذا لا يَمْنَعُ مِنَ الاحْتِيَاطِ لَهَا ودِرَاسَتهَا لتَجَنُّبِ وُقُوعهَا، لَكِنْ إذا وَقَعَت بالفِعْلِ، وَجَبَ وَأْدهَا، ووَأْدهَا لا ولَنْ يَكُون بالصَّمْتِ عَنْهَا والتَّخَاذُلِ في شَأنِهَا، وأعُودُ وأُكَرِّرُ أنَّ هذا الصَّمْتَ والتَّخَاذُلَ في الفِتْنَةِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ والنَّصَارَى تَحْدِيدًا هُوَ مَا أدَّى إلى تَفَاقُمِهَا، وجَعَلَهُم يَسْتَأسِدُونَ عَلَى الإسْلاَمِ والمُسْلِمِينَ وحتى عَلَى الحُكُومَةِ نَفْسهَا، وهي فِتْنَة قَائِمَة مُنْذُ سَنَوَات، لَكِنْ كَانُوا يَسْتَمِيتُونَ في عَدَمِ إظْهَارهَا إلاَّ بالطَّرِيقَةِ وفي الوَقْتِ الَّذِي يُحَقِّق لَهُم أغْرَاضهُم، وذَلِكَ بدَعْمٍ مِنَ الحُكُومَاتِ الأجْنَبِيَّةِ وبالضَّغْطِ عَلَى الحُكُومَةِ المِصْرِيَّةِ، مُسْتَغِلِّينَ في ذَلِكَ جَهْل عَامَّة المِصْرِيِّين بالعِلْمِ الشَّرْعِيّ وصِرَاعهم عَلَى الدُّنْيَا ومَنْع العُلَمَاء مِنَ الكَلاَمِ في هذه الأُمُور والسَّيْطَرَة عَلَى الإعْلاَمِ بكُلِّ مَنَافِذِهِ لعَدَمِ نَشْر شَيْءٍ إلاَّ كَمَا يُرِيدُون وَقْتَمَا يُرِيدُون بالكَيْفِيَّةِ التي يُرِيدُون، حتى حَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ يُوشِكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأكَلَةُ إلى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: ومِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: بَلْ أنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، ولَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، ولِيَنْزَعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، ولِيَقْذِفَنَّ اللهُ في قُلُوبِكُم الوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ الله؛ ومَا الوَهْنُ؟ قَالَ: حُبُّ الدُّنْيَا وكَرَاهِيَةُ المَوْتِ ]، ويَكْفِي لبَيَانِ خُطُورَة صَمْتنَا قَوْل رَأس الفِتْنَة ومُؤَجِّجهَا وزَعِيمهَا (شُنُودَة) [ وإنَّ الخَطَأَ الَّذِي وَقَعَ مِنَّا في المُحَاوَلاَتِ التَّبْشِيرِيَّةِ الأخِيرَةِ - الَّتي نَجَحَ مُبَشِّرُونَا فِيهَا في هِدَايَةِ عَدَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ إلى الإيِمَانِ والخَلاَصِ عَلَى يَدِ الرَّبِّ يَسُوعَ المُخْلِصِ - هُوَ تَسَرُّبُ أنْبَاءَ هذا النَّجَاحِ إلى المُسْلِمِينَ، لأنَّ ذَلِكَ مِنْ شَأنِهِ تَنْبِيهِ المُسْلِمِينَ وإيِقَاظِهِمْ مِنْ غَفْلَتِهِمْ، وهذا أمْرٌ ثَابِتٌ في تَارِيخِهِمُ الطَّوِيلِ مَعَنَا، ولَيْسَ هُوَ بالأمْرِ الهَيِّنِ، ومِنْ شَأنِ هذه اليَقَظَةِ أنْ تُفْسِدَ عَلَيْنَا مُخَطَّطَاتِنَا المَدْرُوسَةَ، وتُؤَخِّرَ ثِمَارَهَا وتُضَيِّعَ جُهُودَنَا، ولِذَا فَقَدْ أُصْدِرَتِ التَّعْلِيمَاتُ الخَاصَّةُ بهذا الأمْرِ ]، فإذا كَانَ مُجَرَّدُ مَعْرِفَتنَا بنَتَائِجِ مُخَطَّطَاتهم ولَيْسَ بتَفْصِيلاَتِهَا يُسَبِّبُ لَهُمُ الزُّعْرَ ويَعْتَبِرُوه مُحْبِطًا لكُلِّ مُخَطَّطَاتهم، فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ نَقُولُ بالصَّمْتِ أمْ يَكُون فَرْض عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا أنْ يُخْرِجهُ إلى النُّورِ لنُحْبِط لَهُم مُخَطَّطَاتهم كَأبْسَط وأوَّل خُطُوَات وَأد الفِتْنَة.

                وأنَا بشَخْصِي وباسْمِي أسْألُ مَنْ يَصْمُت بحُجَّةِ عَدَم إثَارَة الفِتْنَة وأقُولُ لَهُ: صِفْ لَنَا هذه الفِتْنَة التي تَخَافُ مِنْ وُقُوعِهَا، وأكَادُ أجْزِمُ أنَّهُ لَنْ يَقُول شَيْئًا إلاَّ وسَيَجِدُهُ وَاقِعًا ومُتَحَقِّقًا مُنْذُ سَنَوَات، فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُوهِم أحَد نَفْسهُ أنَّ الفِتْنَة لَمْ تَقَع بَعْدُ ولا ضَرُورَة للكَلاَمِ فِيهَا مِنْ قَرِيبٍ أو بَعِيدٍ حتى لا نُثِيرُهَا؟؟!!

                وهذا مَا أعْلَمُ؛ واللهُ تَعَالَى أعْلَى وأعْلَمُ.
                والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

                تعليق


                • #9
                  رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

                  جزاكم الله خيرا على الفتاوى الطيبة نفع الله بها من قرأها ونشرها ..
                  الجزء الثاني :
                  لا أستطيع الرد عليه هنا لأسباب خاصة .. والأمر ليس تخذيلا يرحمكم الله فهذا قدح لنا في جانب الولاء والبراء ..
                  غفر الله لنا ولكم ..
                  التعديل الأخير تم بواسطة محبة السلف; الساعة 29-06-2011, 02:35 PM.

                  رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

                  تعليق


                  • #10
                    رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

                    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
                    الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
                    السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
                    لَكِ مَا تُرِيدِينَ أُخْتِي الكَرِيمَة، فَكَلاَمِي لَيْسَ الغَرَض مِنْهُ إجْبَار أحَد عَلَى الرَّدّ.

                    ولَكِنْ مَا أحْزَنَنِي فِعْلاً ولَمْ أكُنْ أتَوَقَّعُهُ أبَدًا هُوَ أنَّكِ أخَذْتِ كَلاَمِي بمَحْمَلٍ شَخْصِيٍّ عَلَيْكِ أو عَلَى أعْضَاءِ المُنْتَدَى، رَغْمَ وُضُوح الكَلاَم أنَّهُ عَامّ عَلَى المِصْرِيِّينَ طوال سَنَوَات، ومَعَاذَ الله أنْ أقْدَح في نِيَّةِ أحَد، فَالنَّوَايَا لا يَعْلَمهَا إلاَّ الله، ولَكِنْ يُمْكِن أنْ نَقْدَح في فِعْلِ أحَد لأنَّهُ هُوَ الظَّاهِر، وأنَا حَدِيثُ عَهْدٍ بِكُم وبمُنْتَدَاكُم، ولا أعْرِفكُم، وبالتَّالِي لَمْ أرَ مِنْكُم فِعْلاً يُمْكِنُنِي أنْ أقْدَح في ظَاهِرِهِ، وهذا يُؤَكِّدُ ثَانِيَةً أنَّ كَلاَمِي كَانَ خَاصّ بالمِصْرِيِّينَ عَامَّةً طوال سَنَوَات مَضَت، ظَهَرَت فِيهَا أفْعَالُهُم وظَهَرَت فِيهَا نَتَائِجُ تِلْكَ الأفْعَال، وإنْ كَانَ الكَلاَم بصِيغَةِ العُمُوم التي تَشْمَلُ الجَمِيع، فهي لَيْسَت للحَصْرِ والقَصْرِ، لأنَّ هُنَاكَ دَائِمًا (إلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبِّي)، حتى في الفِقْهِ نَقُولُ (الحُكْمُ العَامُّ لا يُخَصَّص إلاَّ بوُجُودِ دَلِيلٍ يُخَصِّصُهُ) ولَيْسَ في كَلاَمِي مَا يُخَصِّصكِ أو يُخَصِّص أعْضَاء المُنْتَدَى بالمَعْنَى الَّذِي أرَدْتُهُ، ولَكِنَّكِ وأعْضَاء المُنْتَدَى وأنَا أوَّلكُم نَدْخُلُ في العُمُومِ، فَإنْ كُنَّا مِنَ المُتَخَاذِلِينَ؛ صَدَقَ فِينَا الكَلاَم، وإنْ كُنَّا (مِمَّنْ رَحِمَ رَبِّي) العَامِلِينَ سَوَاء في السِّرِّ أو في العَلَنِ؛ فَنَأخُذُ العُمُوم عَلَى الغَالِبِيَّة الصَّامِتَة باسْتِثْنَاءِنَا، فَهَلْ مَعْنَى كَلاَمِي مَثَلاً أنَّ كُلّ المِصْرِيِّينَ بِلاَ اسْتِثْنَاء كَانُوا صَامِتِينَ ولا يَتَكَلَّمُونَ ولا يَتَحَرَّكُونَ؟؟؟ فَكَيْفَ عَرَفْتُ أنا هذا الكَلاَم إنْ لَمْ يَكُن الشَّيْخ الغَزَالِي قَدْ قَالَهُ؟ وكَيْفَ عَرفَهُ الشَّيْخ إنْ لَمْ يَكُن هُنَاكَ مَنْ أخْبَرَهُ بِهِ، لاَبُدَّ أنَّ هُنَاكَ مَنْ يَعْمَلُونَ، وهُمْ كَثِيرُونَ، لَكِنَّهُم نِسْبَة قَلِيلَة مُقَارَنَة بإجْمَالِي المُجْتَمَع، ومُقَارَنَة أيْضًا بنَتَائِجِ أعْمَالهم، فَالنَّصَارَى نِسْبَة قَلِيلَة ويَعْمَلُونَ أيْضًا، ولَكِنْ نَتَائِجهم مُرْتَفِعَة، فَهَلْ عَجَزْنَا أنْ نَكُونَ مِثْلهُم إذا كَانَت القِلَّة فَقَط عِنْدَنَا هي التي تَعْمَل؟ ولماذا لا نَكُون كُلّنَا نَعْمَل أو غَالِبِيَّتنَا؟ هذا هُوَ أصْلُ كَلاَمِي ومَعْنَاهُ لَفْظًا ومُحْتَوَى، ومَرَّة أُخْرَى، أعَاذَنَا اللهُ وإيَّاكُمْ مِنَ القَدْحِ في نَوَايَا لا يَعْلَمهَا إلاَّ الله.

                    عَفَا اللهُ عَنَّا وعَنْكُم.
                    والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

                    تعليق


                    • #11
                      رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

                      بشراكم
                      تم إضافة موضوعكم ضمن المواضيع المميزة
                      مثبــت: *.*.*::((( المواضيع المميزة فى قسم العقيدة )))::*.*.*

                      رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

                      تعليق


                      • #12
                        رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

                        بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
                        الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
                        السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
                        جَزَاكِ اللهُ خَيْرًا أُخْتِي الكَرِيمَة عَلَى بُشْرَاكِ الطَّيِّبَةِ، بَشَّرَكِ اللهُ بخَيْرٍ مِنْهَا في الدُّنْيَا والآخِرَة، اللَّهُمَّ آمِينَ.
                        والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ

                        تعليق


                        • #13
                          رد: ملمح من مخططات النصارى في مصر

                          جزاكم الله خيرا

                          تعليق

                          يعمل...
                          X