إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دعوني أرحل ...,

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    (7)




    بركات الماء والطعام !!



    أوه أنهن يتنافسن في أخذ الماء المتواجد لدى القارئات ! ما دهاهن ؟ .. والدة الزوج وأخواته أيضاًَ ؟ إنهن يتخاطفن أكواب الماء وجوالينه !! ما هذا ! هذه امرأة شتمت أخرى لأنها كانت سبب في سكب بعض الماء من كوبها !!


    بضع دقائق .. انتهت الفوضى ! عادت كل واحدة ، وكأنها تحمل كنوزاً من الذهب والفضة !! قلت في نفسي :

    - ماهؤلاء النسوة الغافلات ؟ الماء منتشر في كل مكان ! لم هذا بالذات ؟

    ولم يمض وقت حتى نادت صاحبات العزاء النسوة إلى الطعام .. أيضاً إنهن يتنافسن في الدخول إلى غرفة الطعام .. مهلاً .. ما بهن ؟ ليس للطعام جناحان ليطير بهما !!

    شدت والدة زوجي على يدي بقوى وأخذت تسرع وأنا خلفها .. فبدأت بالكلام ولكنها قاطعتني :- فيما بعد ... فيما بعد .... هيا الآن .. أنت بالذات يجيب أن تأكلي وتتصدري غرفة الطعام ... بسرعة !

    سألتها بفضول بريء :

    - لماذا ؟ لا أريد طعاماً ! كلي أنت يا خالتي بالهناء !.. قاطعتني وهي تنظر إلى بمرك وهاء لم أعرف كنهه :

    - بل أنت أولى الفتيات التي يجب أن تأكل هذا العام !!

    جلست هي وأجلستني بجانبها ! وأخذت تطعمني بيدها أمام النساء ! أحممر وجهي خجلاً .. نظرات النساء سلطت علينا ! قلت لها بلطف :
    بالخجل أرجوكي ..

    ضحكت النسوة استلطافاً لما رأين .. فأشرقت عينا والدة الزوج وهي تقول : ولو لقمة واحدة .. أجعلي البركة تسير في دمائك وجسدك ... !!!!

    توقفت عن الطعام وأنا تحت تأثير هذه الكلمات ! شعرت برغبة صارخة في التقيؤ !! لا .. لا... لا...
    كيف استطاعوا فعل ذلك ؟ كيف؟ لقد نذروا بالذبح لغير الله ؟!! كيف يجرؤن ! لايمكن ! يارب يارب لم تعد لي قدرة على الحياة معهم !! هذا فعل قبيح ! أنه شرك أكبر !! رباه أنا لست منهم يا رب .. رباه أ‘لم قولك في كتابك الكريم : (( إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً )) - ( النساء : 48)

    وقفت .. أقاوم جوعي وعطشي .. تركتهم وما يصنعون ! ذهبت مسرعة إلى أقرب دورة للمياه ! أخرجت ما أكلته حراماً ! ولكني أشعر بالوهن والجوع .. أنهم يستخدمون معي عقاب التجويع بأقوى درجاته حتى أؤمن .. ولكن لا ... الجوع أرحم من طعام حرام .. الجوع أهون من إيماني بما يدعون .. لامت جوعاً .. لأجاهد نفسي ضد نفسي .. لابأس حسبي لقيمات قليلات بالحلال !.

    تلفت حولي بدهشة كبيرة ... أريد العودة إلى المنـزل .. إني أتضور جوعاً ... آه وآه لما أصابني .. أريد العودة إلى أهلي ... لحقت بي أم الزوج تنبهني بأخذ كأس من الماء من إحدى القارئات .. انتبهي إليه ..وإلا فاشربيه ..هيا يا ابنتي أشربيه .. ابتسمت بألم وقلت لها حتى أرد كيدها عني :

    - شربت الآن كأساً مماثلاً أخذته من المكان نفسه !!

    - رائع ! إذا سنأخذ كأساً أخرى لابنتي في المنـزل .. خذيه وانتبهي له جيداً أرجوك.. لا تدعي قطرة منه تتسرب !



    ما العمل الآن !! سوف أعود للمنـزل ! وسأجده هناك ينتظرني ! وسيسألني عما إذا امتثلت لما أمرني به أم لا ! ولكني لم أستطع ذلك .. كيف له أن يفهم ؟ كيف أنجو منه ؟ ما العمل يارب ما العمل ؟ اللهم إني انتظر منك فرجاً ومخرجاً من بعد ما عانيت من الضيف والبلاء!!
    التعديل الأخير تم بواسطة العابدلله; الساعة 05-07-2009, 01:24 AM.

    تعليق


    • #17

      (8)



      كيف أنجو ؟

      عدنا إلى المنـزل ! وفي الطريق أخذت والدته الكأس من يدي وهي تحافظ عليه كما تحافظ الأم على الوليد لم أعلق ولم أنطق .. كان تفكيري منصباً على هذا الزوج الذي ينتظرني في المنـزل ! أوه . . تذكرت ..

      عضضت على فمي بقوى كدت أن أدميه .. يا ويلتي .. لقد نسيت المفتاح بالداخل .. لابد من الصدام !!!

      طرقت الباب بأنامل قد جمعها الخوف .. استجمعت قواي ..طرقت مراراً وأنا أشعر بالهلع العظيم !!!
      أخيراً .. فتح الباب على مصراعيه .. رأيته أمامي ... تنحي على الباب قليلاً .. دخلت نبضت خفقات قلبي بقوى أسمعت من في المشرق والمغرب .


      أغلق الباب خلفه بركلة من رجله ونظراته تحدق بي ... نقل نظراته إلى والدته التي تقف بجانبي وقال :
      - أماه .. هل فعلت ما أمرتها به ؟

      لم ترد أمه .. نظرت إلي بعيني جامدتين خائفتين ...

      أضاف هو يحرقني بنظراته موجهاً الحديث لأمه :

      - تكلمي يا أماه .. هل فعلت أم لا ؟ الطبع لا !! تكلموا ... لم تفعل ألي كذلك يا أمي؟!

      شعرت بثقل يكبل أجزائي وبقلبي يصارع في الخروج من مخبأه من وطأة الخوف !
      قالت أمه بخوف أما نظراته المثبتة علي :

      - يابني .. هدي من روعك . إنها .. أه.. نعم نعم .. لقد فعلت !!


      مشي بخطوات عريضة تجاهي .. نظر إلى بتحد عندما طال صمتي ..عرف أنه والدته قد كذبت عليه .. فأمعن النظر في وجهي وركز على أسنانه بقوه جباره .
      إما أنا فقد أدركت بأن شعوري بالأمان في هذه اللحظة قد ابتعد عني بعيداً جداً في الأفق !!

      -لافائدة ترجى منها في هذا المجال يا أمي أفقدتني الذاكرة لبضع دقائق .. فبدا لي وكأنه يقهقه ضاحكاً من شدة القهر والغيظ .. والخيبة فيما يرجو !!!


      صرخ قائلاً :-

      - لا فائدة ترجى منها في هذا المجال يا أمي .. ما عساي أن أصنع بها ؟ لقد أملت فيها خيراً كثيراً ولكن يبدو أنني كنت مخطئاً ! أخبروني ماذا أفعل معها ؟ أقتلها ؟ سأصبح عما قريب أمام للأولياء والصوفية ! زوجتي هي العدو الأول لي في مذهبي !! كيف سيصوت الجميع لي وهي بهذه الطريقة ؟


      كيف ؟ كيف ؟ انفجرت باكية حينها :

      - إذاً ..أطلق سراحي ..والآن .. أنا لا أريدك .. لا مجال للعيش بيننا .. هيا .. افعل .. لاتعذبني ..لماذا تصر على بقائي معك ؟ أنا سأضرك أكثر من أن أنفعك ! كانت أنفاسه تترد بصوت مسموع لكنه قال بهدوء :- وهل تظنين بأني فاعل ؟ أرجو ألا يراودك الأمل في ذلك مطلقاً! لن أتركك أبداً مهما طال النـزاع بيننا !! ثم انسحب بسرعة ودون أن يضيف شيئاً آخر....

      ارتميت على الأريكة وامتلأت عيناي حسرة وحزناً على حالي ! يا إلهي أنت ملاذي وملجأي فساعدني .. ذهب الجميع .. بقيت وحدي .. ولكن لن أقول سوى الحمد لله على كل حال ! أتت والدته بعد قليل وكأنها تشفى مما حدث ...


      اقتربت ممني وأنا ارتجف كطائر جريح لم يجد له راعياً ومطمئناً .. وقفت قليلاً ثم ابتعدت عنها وحاولت التظاهر بالفتح والنسيان فقت لها :

      - لابأس .. كل شيء على مايرام ياخالتي !! لاتقلقي سيعتدل الوضع قريباً .. سيعتدل..
      تركتها بخطوات زاحفة .. شعرت بأنها تريد أن تقول شيئاً ما.. ولكن أفضل البقاء ! توجهت نحو غرفتي .. استلقيت على فراشي ..أخذت أفكر ملياً بالوضع . . أه يا رأسي إ،ه يؤلمني من كثير البكاء .. والأنين .. ما سر حقدهم المتناهي علي ؟ هل لأنني سنية ؟ ولكن لو كان طريقهم يؤدي إلى الجنة وإلى رضوان الله فأنا مستعدة لإتباعه .. ابتسمت متحسرة .. الحمد لله الذي نجاني مما هما فيه!

      سمعت صوتاً ينادي ! لم أجب ! أشعر برغبة في الإنفراد والانعزال ! نحن لا نتفق فما الذي يجبرني على البقاء ؟ يجب أن أذهب بأي طريقة ! ليس لي مكان في هذا المكان !!!

      سمعت الصوت مره أخرى .. إنه صوته .. سكت ! ثم أجبت ... ماذا بعد ؟! ماذا يريدون بي؟


      نزلت إلى الطابق السفلي وآثار الصفعة الموجعة مازالت تعلن عن إصرارها على البقاء وجهي الحزين .. شعرت بوجوده دون أن أنظر إليه .. أجبته وأنا أنظر إلى أصابعي المرتعشة :

      - نعم .. بم تأمرني !!!

      نظر إلى ما تركه من أثر في وجهي .. اقتربت قليلاً ليتأكد منه ... ثم تنهد .. ومشى بخطواته الثقيلة إلى مكان وجود أكواب الماء وأخذ كوباً وقدمه إلى وهو ينظر بمكر دون أن يحاول إخفاء نبرة البرودة التي تشع من صوته .. ثم جاء بجالون ماء كبير وسكب في كأسي وقال آمراً.. ط

      - تفضلي بشرب هذا الماء ..

      نظرت إلى الجالون في يده .. عد بذاكرتي إلى الوراء قليلاً .. أين شاهدته ؟ لقد رأيته في مكان ما بهذه الإشارة الحمراء .. نعم .. نعم تذكرت !! إنه الماء الذي تخاطفته النسوة في العزاء ! كيف أتى به إلى هنا ؟

      ما يحدث ؟

      شعرت بأنها محاولة منه لامتحان ذكائي وقدرتي على الملاحظة .. لأنه وضع الجالون أمام عيني .

      حاولت التصرف برزانة .. فقلت وقد رفعت نظري إليه ..

      - عذراً .. لارغبة لي في شرب الماء الآن .. لقد شرب للتو كأسين من الماء .. اعتذر عن شربه..


      قاطعني بحدة :

      - ولكنك ستشربين .. أليس كذلك ؟!

      دخلت أمه وإخوته في هذه اللحظة .. مسحت جبيني بالمنديل ..هممت بالاحتجاج .. وهنا بادرني كما قرأ أفكاري .


      -قال: ستشربين !! أم أنك ستعارضيني على ذلك أمام أهلي جميعاً ؟!

      أشعر بأن هذا الماء يحوي شيئاً ما لا أعرفه ! أردت الاعتذار ثانية . . وفعلت .. ولكن اعتذاري هذه المرة كان عن طريق عيني اللتين تضرعتا للجميع بأن يقنعوه بأن يتركني وشأني .. وعرفت أن لافائدة ترجى منه أو منهم !!


      شربته !!! لم أبق فيه قطرة واحدة .. فلمعت عيناه بالانتصار العظيم .. وازداد انكسار قلبي وألمه .. فقال مبتهجاً ضاحكاً :

      - صدقيني .. أتوقع أن تفوق النتيجة آمالنا !

      حدقت فيه ثم قلت بهدوء وأنا أمسح وجهي المعروق بظاهر يدي :

      - كي تحصل فيه على ما تريد فإن تدوس على مشاعر الآخرين دون أن تهتم بقليل من اعتبارهم .. أليس كذلك ؟ !!

      قال بمرح دون أن ينظر وهو يستدير ليعيد الماء إلى مكانه :

      - نعم .. أصبت ... أصبت ... !

      في اليوم التالي مباشرة علمت أن الماء الذي شربته كان لأحد أوليائهم !! لقد غسلوا فيه هذه الولي الذي حضرنا عزائه !! بعد موته !! إي أنه غسول ميت !! والغرض بالطبع منه أن تسري بركته في جسدي مجرى الدم فأتأثر وأصبح صوفية !!!!


      سألته وقد عانيت ما عانيت من الشعور بالإستياء والظلم ، وبكل لطف يخفي ما أنا فيه من لوعة ومرارة وحزن :

      - مانوع الماء الذي أسقيتنيه البارحة ؟


      فقال شارداً ، وقد أحسست من خلال شروده أنه فوجيء بمعرفتي لمصدر الماء :

      - الماء ! إنه ماء طبيعي ! أم أنك ستقولين بأنك تشكين بمصدره أيضاً ؟!

      إنهمرت أدمعي .. أحشفة وسوء كلية ؟! لماذا يكذب علي أيضاً ؟ ! فقلت منهارة :

      - ولكني علمت من مصدر موثوق طبيعة هذا الماء حرام عليك حرام ما تفعله بي .. لماذا تفعل كل ذلك بي لماذا ؟ قال جاداً وبحماس :

      - ماذا ؟ يجب أن تتباركي بهذا الماء ، فإنت قد شربت من غسول ولي صالح ... فمن يحصل له ذلك !! عجباً لأمرك !!

      دعوت الله أن يفرج همي وأن يبقي على ما بقي من صبري وجلدي فيخرجني من بين هؤلاء القوم الظالمين .. ويعتقني من أسرهم !

      وللقصة بقية ........

      ,

      تعليق


      • #18
        (9) زيارة الولي الصالح


        وقف .. تردد برهة ثم قال باسماً :

        - مارأيك في أن نخرج الآن إلى مكان مهم جداً ... ؟؟؟

        - تسمرت في مكاني وأنا أتنهد ، فسألته :

        - إلى أين ؟ لا أريد الخروج كفى أرجوك ..

        - هيا هيا ... سنذهب إلى مكان ستعجبين مما سترين فيه وتسمعين .. قلب :

        - ولكن الوقت مـأخر .. ومن الأفضل أن .. قاطعني بسرعة :

        - هيا لا مجال الآن لتضييع الوقت ...

        ذهبت معه ... أخذ ينعطف بسيارته يميناً ثم يساراً ... وأنا صامتة أنتظر فرج الله ، فقد أصبحت زاهدة حتى في حياتي .. وفقنا عند منـزل متواضع صغير ... سألته بخوف :

        - أين تذهب بي ؟ ألا تزال مصراً على إخفاء ذلك عني ؟ ! سكت وطرق في الباب .. فتح الباب على يد خادمة غضبى .. دخل مسلماً على الرجل الطاعن في السن وأمرني أن أتبعه .. فوجئت !!!

        - ألم ينته الهزل بعد ؟! ( خاطبت نفسي متألمة ) !!

        جلست مقابلاً له .. شرح قضيتي وأنني من أهل السنة !! تبادل الرجلان النظرات الحانقة ، وبد علامات التعجب والتفاجؤ على الرجل لسماعه هذا الخبر !! امتعض كثيراً وكأنه سمع عني بأني ارتددت عن الإسلام !!

        اكفهر وجهه .. وتلونت ملامحه ، قال بحقد :

        - ما هذا الخبر والحدث الجلل ؟! هل ما يقوله زوجك صحيح ؟ لا أصدق ! لا أصدق !!

        - انتابني الذعر والرعب , تلفت حولي بدهشة .. لاحظ العجوز دهشتي وقال مستنكراً :

        - - لا لا يا أبنتي هذا شيء خطير جداً ابتعدي عن ذلك .. انتبهي إلى أن يجرفك تيارهم !!
        واستمعي إلى كلام زوجك فهو أعلم بمصلحتك ! لا أريد سماع ذلك عنك من اليوم فصاعداً !! لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!!

        أصابني الخوف والهلع .. اعتذر الرجل المسن ليخرج من المكان .. وأنه سيأتي بعد قليل .. وعند خروجه قال الزوج واثقاً من قوله :

        - هل رأيت هذا الرجل ؟! إنه علام الغيوب .. !!

        أجبته بحماس كبير يطوي تحته السخرية من كلامه :

        - حقاً ؟ ! وهل كان يعلم بمجيئنا إليه ؟ وفي هذا الوقت ؟!!
        - نظر إلي باستغراب وكأنه يشك في صدق نيتي .. ثم قال :
        - بالتأكيد !! وسيخبرك الآن عن كل ما تفكرين به .. وستدهشين من إجابته على كل الأسئلة التي تطرح عليه !! وسترين ذلك بأن عينك !

        امتلأت غيظاً ... فكتمته !! وعاد الرجل المدعي وجلس في مكانه السابق .. وإذا بالزوج يخضع ويذل نفسه إليه .. وينحني .. وينكسر !! وإذا به يقبل يديه ورأسه .. ثم خلع قبعته وفاضت عيناه إجلالاً !!!!

        - اقترب بعدها الزوج كثراً من الرجل .. وأخذ يتمتمان بكلمات لم أفهمها ! وفجأة نظر إلي وقال :

        اجلسي .. لم تقفين كل هذا الوقت ؟!

        جلست .. ركزا نظرهما نحوي ! يا إلهي ماذا فعلت أيضاً ؟ لم أعد أحتمل ! لم أعد أستطيع المنافحة ! ماذا ينويان أ، يفعلا بي هذه المرة !!!

        أمرني الزوج بانكسار أمام الولي أن أخلع حجابي .. رأيت اللهفة في يعني الرجل ليرى أن نوع من الكائنات أنا !!! ولماذا تركتهم وما يدعون !! تردتت كثيراً .. وامتنعت .. فأمرني الزوج بتلك النظرات المخيفة الكريهة ...

        فإذا بالولي يبتسم ابتسامة عريضة ! إنه رجل مسن ! بالكاد يرى ويسمع !! وأمرني أن أجلس أمامه مباشرة فرفضت بحياء وخجل .. وهمست في أذن الزوج متوسلة :

        -أرجوك لا أستطيع .. أقسم بالله العظيم لا أستطيع .. أرجوك . إني أخاف .. ابتسم بدوره ابتسامة صفراء حاقدة :

        - لاتخافي إنه ولي صالح جداً ... سيعرفك على مستقبلك ... إنه يكشف الغيب ويعلمه .. هيا تقدمي .. هيا ...

        ارتجفت وشعرت بالإغماء .. رباه اصرف أذاهم عني .. رباه ..

        قام الزوج وأمسك بيدي بقوة آلمتني .. وأجبرني على الجلوس أمام الرجل المسن قائلاً بلطف مصطنع :
        -هيا تعالي .. إنه لايخيف .. واخفضي نظرك عنه إجلالاً لقدرته ومكانته .. ففعلت .. نظر إلي الرجل المسن ثانية ثم قال :

        - ما أسمك يا فتاة ؟!

        لم أنطق خشية إن نطقت أن يسقط سقف المنـزل علينا من غضب الله ! فأجاب الزوج بلهفة :

        - أسمها .... ! أخبرنا يا ولينا العظيم عما سينكشف لك !!

        ما زالت نظرات الرجل عالقة بي .. ثم قال :

        - أنت فتاة صالحة .. ولكنك منحرفة عقائدياً .. وسيحل عليك غضب الله تعالى إن لم تتركي ما أ،ت فيه من خزعبلات .. وأوهام .. عودي إلى الطريق السوي .. عودي .... لأن الخير كل الخير في طريقنا .. واتركي عنك كل أقوال الكافرين ... لأنهم سيزيدونك كفراً وإضلالاً وذنوباً .. هل فهمتي ؟!!

        ارتعشت .. ثم اجبته وأنا أشعر بأنني أخضع لتأثير سحر عظيم ... و ... غريب !!!
        - فهمت .. فهمت .. !!!

        ارتجفت يداي .. شعرت بذهول .. ثم .. أفقت ما يقول ذلك المعتوه !!!!

        اخفض نظره .. ثم أغمض عينه وكأنه ينظر إلى شيء ما .. لا أراه !!! ثم قال:

        - ستعودين اليوم إلى المنـزل .. سيتراءى لك في المنام الولي الصالح الذي قد مات منذ زمن ( فلان بن فلان ) ! لا أحد يراه في منامه إلا قلة من الناس ! فإذا رأيته فأخبريه بما تريدين وسيخبرني هو فيما بعد بما دار بينكما !!!

        فتح عينيه المغمضتين .. ونظر إلي مجدداً ... ثم قال :

        - ستنجبين ولداً نجيباً .. وستكونين من أولياء الله الصالحين لأنك مترفعة في أخلاقك .. وسيخلف الله لك خيراً من دينك الزائف .. وستنضمين إلينا على الرحب والسعة .. !!

        رباه .. رباه ... ماذا يقول هذا الرجل ؟ أريد الخروج ... أنا لا أحتمل .. وفجأة سمعت صوتاً بجانبي .. انتقلت نظراتي بسرعة ... إنه الزوج يجهش بالبكاء الحار !! إنه متأثر .. منفعل جداً .. مصدق !!
        مابه ؟! ثم .. سالت دمعات لاهبات من عيني وليهم !!!!

        أرجوك يا رب .. أبعدني عنهم ! رباه .. إنهم يريدون إغراقي معهم ! .. إنني أتهاوى .. وفجأة .. عكف الزوج على يدي الولي وبالغ في تقبيلها .. ثم تمسح به !!

        ماذا يقصد ؟ إنه يضع يده على رأس الولي ويأمرني بوضع يدي أيضاًَ !!! أدرت وجهي .. إلاهذا ! لا أستطيع !! وأمرت مرة أخرى فرفضت ببقائي صامة جامدة !

        نظر الرجل إلي بقلق عندما طال صمتي .


        قال للزوج وقد مد يده إليه بقبعة قديمة :

        - إذا جعلها تخلع حجابها كاملاً حتى تلبس هذه القبعة وتتبارك بها ! ..

        فنهض بقوة وشد عني حجابي بكيد دفين ألبسني القبعة ..ودمعاتي تحرق كل جزء في وجهي المتألم ! وتناول من الرجل قطعة قماش بالية وهو يشكره بذلك !!

        فقال الرجل يوجه إلي الحديث :

        - أما هذه القطعة فضعيها تحت وسادتك وستقيك الشر وتدفع عنك الضر !

        قمت من مكاني أترنح من شدة البأس الذي أصابني حتى هذه اللحظة الصعيبة ! لا أحد يبالي بمشاعري ! يارب رحماك !!!

        سمعت الزوج في هذه الأثناء يقول والدموع الذليلة لا تزال تتدفق من حجرها :

        - أتوسل إليك يا ولينا العظيم أن تخبرني عن أبي .. لقد مات منذ وقت قصير .. هل في الجنة هو أم في النار ؟ وهل هو في نعيم أم جحيم !

        وزاد بكاؤه وعويله فأطرق الولي ملياً .. ثم وضع أصابعه على صدغيه .. واغمض عينه .. وافتعل حركات كأنما هو يرى أشياء أغضبته .. فتلوى وجهه .. وتقطب حاجباه .. ثم .. أشياء سرته .. فقال له : لاتحزن فأبوك في الجنة ... لقد رأيته الآن .. إنه يرتع فيها ..هنيئاً لك وله .. إنه في نعيم مقيم .. لا تخف .. فأبوك بخير فاطمئن وطمئن ذويك عنه ..


        زاد بكاء الزوج وارتفع صوته ولكن هذه المرة .. بكاء الفرح والحبور هو الذي كان له صدى في الأرجاء !!! استغفر الله العظيم .... ماذا يفعل هؤلاء ؟ هل فقدوا صوابهم ؟ لماذا يفعلون ذلك ؟ وأمامي ؟ إن هذا الرجل المسن يدعي علم الغيب والإحاطة به !! ثم يقول إنه كشف وإلهام ؟! ولكن لايعلم الغيب .. إلا الله تعالى فكيف يجرؤون ؟! إنه شرك ! كيف أخبرهم ؟ كيف أقنعهم ؟ سيقتلوني إن تفوهت بكلمة واحدة !

        ولكن ألم يقل الله تعالى لرسوله الكريم : ( ( ولوكنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ان انا الا نذير وبشير لقوم يؤمنون ) ) الأعراف 188

        إذا كان رسول الله إلى الناس وخاتم الأنبياء والمرسلين لايعلم الغيب .. فهل يعلمه هؤلاء إنهم قوم يستكبرون !!! هممت بالإحتجاج ..تراجعت .. سيؤذوني بلا شك ... أعرف ذلك !

        وللقصة بقية .... ,
        التعديل الأخير تم بواسطة العابدلله; الساعة 12-01-2010, 10:48 PM.

        تعليق


        • #19
          (10) خزعبلات العجوز !!!


          لم أحتمل هذا القول .. فقمت من مكاني غضبي إلى الداخل .. فوجدت زوجة الولي تسرح شعرها !!! إنها عجوز أيضاً سلمت عليها بريبة وتخوف ... ربما كانت ذات عقل.. أفضل من زوجها .. إنها تقبع وحيدة .. ربما هي لا توافق زوجها ولا تقتنع بصنيعه .. مثلي !!! قلت لها باسمة :
          - كيف حالك يا خالة ؟ فبادرتني بالتحية ، وأجلستني بجانبها وقالت :
          - بحال طيبة .. أهذه أول زيارة لك في بيتنا ؟ وجهك غير مألوف لدي !
          - فقلت :
          - نعم .. هذه أول مرة .. ( وخاطبت نفسي ) .. وآخر مرة إن شاء الله !!
          قالت بدهاء :
          - ما رأيك بالولي ؟! إنه علامة وعارف بالله .. إن له أموراً لا يصدقها البشر ! عندما تجلسين معه مرة ستأتين اكثر من مرة صدقني ثم قالت :
          - هل تعلمين أنه في يوم ما كان يحدث الناس ويعظهم ..وفجأة سكت !
          فنظر إليه الجالسون وقالوا ...
          - ما بك يا ولينا العظيم .. ما بك ؟ فقال :
          - انتظروا لقد دعيت ..ويجب أن ألبي النداء ( وكان الجميع ينظرون إ‘ليه ) ..
          وفجأة تبلل كمه الأيمن بالماء !! فهاج الحضور وصاحوا وقالوا له :
          - ماذا حدث يا ولينا .. وما بال كمك امتلأ بالماء ؟ فقال :
          - كان هناك رجل يسبح بالبحر فغرق . . فاستغاث بي فأخرجته بيدي الآن .. والحمد لله فقد نجا من موت محتم !! فقالوا وهم يكبرون علمه :
          - ولكن كيف ؟ وأنت تجلس معنا يا ولينا العظيم .. يا إلهي ما أعظمك !!!! إنك عظيم كبير قادر على كل شيء !!! ياولينا !!
          قال مزهواً بنسفه :
          - هذه من الكرامات الخارجة .. فلا تسألون عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم !!!
          ( انتظرت مني رداً ... وأنا كالمصعوقة مما أسمع ! ) . . هل أصاب عقلي شيء ؟ ! هل أنا في كامل وعيي ؟ هل أعيش كابوساً مروعاً ؟ أما أنا موجودة حقاً بين هؤلاء ؟!
          بدأ عقلي يضعف فقلت لها بذهول :
          - ولكن !!! كيف ؟ !!! هل يستطيع ؟! كيف يرسل يده إلى البحر وهو يجلس في مكانه ؟!! كيف ... ؟!
          نظرت إليها بتوجس .. رأيتها تضحك !! رأيت عينيها الغائرتين تنظران إلي بنظرات تعني شيئاً ما !!! هل أقنعوها بأن تفعل معي ذلك ؟! هل سلطوها علي هي أيضاً ؟! .. يارب .. يارب .. سمعت صوت ينادي الزوج ينادي ... فخرجت أستجمع مابقي من عقل ودين !!

          ركبت السيارة .. لم أنطق ولم ينطق .. ماذا يحدث حولي ؟!! ماذا يحصل ؟ أين أنا ؟ أشعر بأن ما يدور هنا هي قصة نسجها الخيال إلى أبعد مدة !!!
          عدنا إلى المنـزل .. أول ما عمله الزوج هو أن وضع قطعة القماش تحت وسادتي .. وقال بتوسل :
          - أرجو أن تعتقدي فيها ! فهي ستنير لك طريقك وستقنعين فيما بعد !... أجوك !!
          أومأت برأسي بالإيجاب .. وتمالكت نفسي .. ما أصعب هذا الموقف .. من سينتصر ؟ ومن سيرفع راية الإستسلام البيضاء ؟! ويطأطيء راسه خيبة وخذلاناً !!!!
          لم يغمض لي جفن طوال الليل .. تضرعت إلى الله باكية .. رجوت الله أن يثبتني .. فلو رأي الحلم الذي نسجه لي ذلك الرجل الأرعن .. فأخشى أن أؤمن بهم ! يارب أنت ملجأي .. يارب أنت ملاذي .. يارب وجهني إلى طريق الخير والصواب .. لقد ظهرت خيوط الصبح وأنا لم أنم !! أخشى أن أحلم .. يارب ساعدني .. ثم .. انسدلت أجفاني تغطي عيني بدون وعي مني !!!

          وفي الصباح .. فتحت عيني بثقل شديد .. رأيته يزرع الغرفة ذهاباً وإياباً .. إنه ينتظر نهوضي بفارغ الصبر .. وقفت إنظر إليه .. تذكرت !!! ... جاء يهرول إلي .. راجياً ... باسماً ...
          - هاه ماذا رأيت ؟! هل صدق بالطبق صدق !! أخبرني بالتفاصيل .. هيا أسرعي .. لاأطيق الإنتظار !! أخبريني ... فصلي رؤياك . . هيا ...
          يا إلهي .. تذكرت ماذا يقصد .. تنهدت بعمق .. ثم ابتسمت أخيراً ابتسامة نصر وثقة واختيال وعجب وازدراء !!!!!
          - لا .. لا .. لا لم أحلم بما قاله وليك ذاك !! لم أحلم .. الحمد لله .. الحمد لله .. ربي لك الحمد والشكر والثناء .. فقام من مكانه مدحوراً مذموماً .. قال باهتمام :
          - ليس من المشترط أن تكون الرؤيا في الليلة الماضية .. من الممكن أن تكون الليلة أو غداً .. أو بعد غد .. قاطعته بتحد :
          - ولكن هذا الرجل أكد لي بأنها ستكون الليلة الماضية .. فلا مجال إذا !! ..آه يارب لك الحمد ...
          خرج من الغرفة غاضباً .. وسمعته يتمتم بكلمات ساخطة فضحكت في قرارة نفسي على خذلانهم !

          وللقصة بقية .......... ,

          تعليق


          • #20
            (11)
            القطب والغوث

            بعد يومين .. ذهبوا بي عند أعظمهم بلاءاً .. وأكثرهم شهرة .. ووقفوا بي الساعات الطوال ينتظرون الإذن بالدخول ! سبحان الله !!! لهذا الحد يمنع دخول أي شخص ؟! هل هو إله مقدس ؟ هل يختلف تكويناً عن البشر ؟!

            طال الإنتظار ... وهم ينتظرون إلي بين اللحظة والأخرى ! إنهم ينتظرون اهتماماً مني أو سؤالاً ! ترددت كثيراً في طرح السؤوال أو إبداء الإهتمام والقلق يساورني ! ترى أي نوع من الناس يكون هذا أيضاً ؟!

            أخيراً .. فتح الباب الكبير على مصراعيه !!

            ارتجفوا !!! فتح كبير ونصر بالدخول إليه أكبر !

            تسارعت خطاهم ! أي مغفرة ستقع لهم أي رضى عنهم بفتح الباب السماح بالدخول إليه ؟

            (
            تسائلت باستهتار في نفسي ) !!! تقدمني الجميع وأنا أنظر في دهشة ! ثم عادوا يمسكون بي وقالوا :

            -
            أنت ولية من أولياء الله الصالحين ! لقد فتح الباب بسببك !! كما حاولنا الدخول ولكنه لم يسمح لنا ولم يسمع لرجائنا ؟!!!

            دخلت بخطواتت مترددة .. البيت مظلم ، سكان ، لاحراك فيه مطلقاً .. ولا أصوات تبدد وحشة المكان .. بدأت المخاوف تنتابني شيئاً فشيئاً ؟

            وعندما فتح الباب الداخلي .. ركضوا .. فتبعتهم بتردد وتخوف شديد .. ما نوع الكائن الموجود بالداخل ؟!!! فجأة .. رأيته !!! شخص قرب موته كثيراً ! لاحراك ! ينام على سرير وكأنه جثة هامدة ! هو لا يتلكم ! لايتحرك ! لا ينظر ! لا يعلم من دخل إليه ومن خرج ؟! لايفقه شيئاً ! إنه شبه ميت ! ! !

            توجهت أنظر فيمن معي .. أي عقول معتوهة يحملون ؟ تهافتوا عليه كالمصروعين ؟! ماهذا ؟ إنهم يلمسونه !! يتباركون به ! أوه ! حتى النساء يلمسنه ! يقبلن يديه ورأسه ووجهه !! يمسحون على وجهه الهرم ! رباه .. إنهم يبكون ! بل ينتحبون ؟! علا بكاؤهم ودوت صيحاتهم !! إنهم يلهوجن بالدعاء ! لمن ؟! له !! يتوسلون ؟!

            أما أنا فقد وقفت وحدي .. هائمة على وجهي ! ماذا حدث ؟ لم كل هذا التبجيل والتعظيم ؟! إنه بشر مثلنا ؟ بل هو أشلاء إنسان !!

            وفيما أخذ التفكير مني والتأمل والتعجب وقتاً طويلاً .. إذ بالزوج يقول من بين أدمعه وشهيقه:
            -
            هيا تعالي والمسيه .. فرصتك الذهبية ! لايحصل عليها أي كان ! انظري إلى وجهه ..ونور الصوفية الظاهر عليه .. يا إلهي لو تعلمين ماذا كسبنا وماذا جنينا !!!

            فخاطبت نفسي بتشكك :

            -
            هل كسبوا الجنة مثلاً ؟!!! ربما !! لسان حالهم يجزم بذلك !

            بقيت جامدة في مكاني .. كيف لي أن أمسك برجل ؟! حتى وإن كان الموت يتهافت لخطفه ! .. لا .. لن أسمع لنفسي بذلك ! فأنا أخاف من الله .. كفاني إلى هذا الحد .. كفاني ...

            ثم .. أكرهوني .. وأجبروني بغضب وأحرجوني .. فتوقفت أمام هذه البقايا الهامدة .. أخاطبها :

            - بما تشعرين ؟!! هل أنت على حق ؟!! أما أنك خارجة عن جادة الطريق القويم ؟!!!

            أمسك الزوج بيدي وهو غارق بالبكاء :

            هيا أسرعي بالإمساك به ، بيديه ، قبليها ، قبلي رأسه . أمسكي بجسده والمسي وجهه !!! انظري بربك إلى هذا النور والإيمان انظري !!!

            نظرت إليهم وقد عكفوا على أقدامه أذلاء صاغرين ! ماذا جرى لهم ؟ .. قام الزوج بأمري مرة أخرى . . فقمت وبحركة آلية لا شعورية .. ثم بحركة متعمدة .. وسترت يدي بإدخالها في ثنايا العباءة .. وأمسكت بيد الصوفي بطريق غير مباشر .. ثم... تصنعت تقبليها حتى لايفعلوا بي ما ينوون فعله أكثر من ذلك ...
            تطاير الشرر من عينيه الباكيتين فجفت ! على يديه بقوة كادتا منها أن تتهشم ! انتفض جسده رغبة في الانتقام مني ! رأيت التقريع والتأنيب يتفجران من أنفاسه !!!

            يا إلهي ! ما الخطأ الجدي الذي ارتكبته ؟! أهو الستر أيضاً ؟! رباه ما العمل ؟! ما العمل ؟! عدنا إلى المنـزل وما أن دخلنا من عتبة الباب حتى انفجر كالبركان قائلاً والكل يؤيده:

            - والآن ! .. لم فعلت ما فعلته أيتها ألـ .. ؟ هل تتحدينني ؟!

            فقلت بهدوء وذهول يطويان الخوف والهلع منه :

            -
            وماذا .. وماذا فعلت ؟ أنا لم أفهم ؟!....

            قال حانقاً منفجراً :

            -
            لما لم تتركي يديك تلامس يديه الطاهرتين ؟ يديه الشريفتين ؟ لم ؟ لم ؟ أجيبي !! ثم قال مردفاً قبل أن أجيب:

            -
            نعم .. لو كان أباك أو خالك أو عمك أوأنا .. لما توانيتي مطلقاً عن تقبيل أيدينا !! صح ؟! ولكن هذا الولي الصالح الغوث القطب تضعين بينك وبينه حجاب !!


            -
            سبحان الله !!
            -
            وبحركة لا شعورية استدرت نحوه قائلة :

            -
            أي غوث وقطب تعني ؟

            رفع رأسه وهو يتقدم نحوي ببطء .. ثم قال بعد صمت ثقيل وبلهجة متلعثمة :

            -
            أقصد أن الله عندما يريد إنزال أمر ما بالعباد من غضب أو حكم يظلم به الناس .. فإن الغوث يغيث هؤلاء العباد ويخفف عنهم الحكم ويعد له . ثم ينـزله إلينا .. أو أنه يلطف بقدرته من قسوة وقوة حكم الله علينا ... أفيكون هذا جزاؤه ؟!!

            آه .. ماذا يقول هذا الأرعن ؟! رباه ... ما للموازين أخلت ؟ قلت بلهجة متهدجة :

            -
            ولكن الله هو المتحكم بالكون ولا سلطة لأحد سواه عليه !!

            -
            سيطر عليه الارتباك .. ثم قال :

            -
            تباً لكم من وهابيين !! إن القطب هو أكمل إنسان .. وهو نظر الله في الأرض .. وفي كل زمان ! عليه تدور أحوال الخلق .. ويلجأ إليه الملهوف عند حاجته ..افهمني ؟ !

            قاطعته باعتراض :

            -
            ولكن .. إن هذه معتقدات كالأساطير الخرافية .. أقصد .. !!!

            -
            صرخت أمه في وجهي غاضبة :

            - الويل لك ! ماذا تقولين ؟! إنك حمقاء !!

            دق قلبي بشدة .. فقلت استحث الكلمات على الخروج :

            -
            ولكن .. هذه الصفات .. تنـزع إلى تجريد الله .. من .. الربوبية أطبق الصمت !!

            -
            حملقوا في بنيران نظراتهم ... ولكني لم أعد احتمل .. دعوني وشأني .. دعوني ..

            وقف الزوج هائجاً يصول ويجول .. يريد الإمساك بي .. وإخفائي عن الدنيا .. فأمسك به أخوه بسرعة .. وفهمت على الفور بأنني ارتكبت في نظرهم خطأ جسيماً في سخريتي من حديثهم .. لابأس .. إلى متى هذا الخوف ؟ إلى متى هذا التراجع ؟!
            بادرت بالإعتذار فوراً تخفيفاً من وطأة غضبه الجامح :





            -
            بادرت بالإعتذار فوراً تخفيفا من وطأة غضبه الجامح :
            -
            أنا آسفة .. آسفة .. لم أقصد إغضابك .. ولكنك فتحت باب النقاش .. أعذر منك مرة أخرى .. أعتذر لم أنتظر المزيد من الجدل .. انطلقت بسرعة .. أخذت أصعت السلم .. لامكان له هنا .. يجب أن أرجل .. !!

            وللقصة بقية .........

            تعليق


            • #21

              (12) الحلف والاستغاثة !

              مضت أيام قلائل بعد النقاش والصراع .. خفت حدة التوتر قليلاً ذهبنا جميعاً إلى البحر في وقت الفجر .. آه ما أجمله !! كانت النجوم ما تزال تلمع في كبد السماء .. وأشعة الشمس لقد بدأت بالظهور شيئاً فشيئاً ..
              دخل الزوج مع أخوته إلى البحر .. يتلاعبون يتمازحون تذكرت أخوتي ؟
              !
              كما أشتاق إليهم .. ناداني الجميع لإشراكهم المرح واللعب في البحر .. اعتذرت وعللت بقائي برغبتي في الجلوس مع والدة الزوج قليلاً ولكن الرفض كان سببه أني لا أريد كسر طوق الجليد مع إخوته ! فكيف أوافق على اللعب معهم إذا ؟
              !

              بقيت مع والدته .. استرقت النظر إليها .. إنها تتأمل أبناءها .. تذكرت أمي .. إخوتي أبي .. تنهدت بعمق .. مسحت دمعة حزينة كادت أن تفتح بابا لأنهار الدمع بداخلي آه عائلتي تعتقد بأن السعادة ترفرف على أرجاء حياتي ! إنها لاتعلم معاناتي
              !

              حدقت في البحر .. في الزرقة الممتدة أمامي بلانهاية .. آه ... اشتاق كثيراً لسماع صوت أمي .. لمداعبات أبي وإخوتي ... أوه ... أفقت من أحلامي الجميلة عندما تحركت والدة الزوج ونظرت إلي ! تحركت بحذر ثم قلت بابتهاج مصطنع
              :

              خالتي هل تريدين أن أعد لك بعض الطعام


              لا لا أشعر بالجوع الآن شكراً لك فقط أريد كوباً من الشاي فالطقس يساعد على الانشراح ابتسمت بصدق وأحضرت لها كوب الشاي لتشربه إنها تفضله دائماً من صنع يدي ناولتها الكوب .. حذرتها من إمكان وقعه فالأرض غير مستوية
              ...

              عبرت عن امتنانها لي بابتسامة مسرورة.. وقامت بوضعه أمها .. اما أنا فعدت مرة ثانية لتأمل ظهور قرص الشمس كاملاً
              ..

              تحركت الأم وهي تحدق في أبنائها مسرورة .. فانسكب الشاي على قدمها وأحرقها فتمتمت قائلة بغضب وهي تحدث نفسها
              ....

              (
              يا فلان بن فلان ) .. تتوسل بأحد الأموات وتستنجد به
              !!

              استولى الاستياء علي فأدرت ظهري للبحر وقابلتها مباشرة .. ثم قلت لها بلطف
              :

              خالتي .. ما تقصدين بـ ( فلان بن فلان ) ! ولم هو بالذات !؟


              نظرت إلي باستغرار وكأنها لم تكن تنظر مني مثل هذا السؤال ثم قالت بعد صمت وتعلثم
              :

              إنه إنه أحد أولياء الله الصالحين المقربين إلى الله آه مات مذ زمن بعدي نستنجد به ونتوسل إليه وهذا أمر واجب ومفروض يا ابنتي .. واجب ومفروض يا ابنتي .. واجب ديني يجب علينا وعليك أيضاً عمل
              !!

              حدقت بها .. شككت في صحة معلوماتها فقلت
              :

              ولكنك كما قلت ما !! فماذا تطلبين من ميت أو ترجين منه يا خالتي ؟
              !!!!

              شعرت بأنها تاخذ نفساً عميقاً .. ضمت يديها وقالت بتعجرف
              :

              ولكن روحه تخرج إلينا وتساعدنا وتجيب ملهوفنا .. لذلك نطلب منه ومن غيره من ألواء الله ما نريد
              !

              تطلبون منه ما تريدون ؟!! مثل ماذا ؟


              مثل .. مثل .. الر زق ... الأولاد .. الزواج ... النجاح ... الشفاء من الأمراض والأوجاع
              ...

              حبست أنفاسي .. في مكان ما حول قلبي الذي كان يطرق بقوة وعنف ... هناك صوت صغير بداخلي قد يئس منهم يهتف بي بقوة بأن هذه حقائق زائفة .. ولا يهمني سماعها
              ..

              ألا يجب أن تكون أكثر عقلانية في مثل هذه السن ؟ قلت بقلق
              :

              خالتي الحبيبة .. فكري معي قليلاً أرجوكي حسنا لنتبادل وجهات النظر ونؤيد أصحها ألا ترين معي أن سؤال الميت أو الغائب يعد منكراً لنفوسنا ؟ لا نرتضيه لأنفسنا !! ثم إنه لم يأمر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولافعله أحد من الصحابة والتابعين ... فكيف نفعله نحن ؟


              قاطعتني بجددية وهي تؤمن بكلمة تقولها
              :

              أوووه ... ماذا تقولين ؟ ما هذا الهراء ؟ ! إننا قد تعودنا أن نستغيث بهم إذا نزلت بنا ترة أن عرضت لنا حاجة ! إني أقول لميت من الأولياء ( ياسيدي فلان بن فلان ) أنا في حسبك أو اقض لنا حاجتنا
              ....
              وسرعان ما يقضيها
              ...

              تجهم وجهي على الفور فقلت بغيظ كظيم
              :

              ولكن أحداً من الصحابة لم يستغث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ( وهو نبي ) !! ولا بأحد من الأنبياء أو بغيرهم .. والاستغاثة بغير الله عزوجل محرمة
              ...

              فقدت أعصابها عند سماع كلماتي لم تجد بداً من الإدلاء بدليل تحاول به تشويه الواقع
              :


              لن أقتنع .. هلا علمتي بأن أحد أئمة الصوفية العظماء كان قد دعا الله ست سنوات أن يرزقه الولد .. فلم يرزق !!! فذهب إلى ولي صالح .. فما ان استغاث به وطلب منه الولد حتى رزق بطفلين توأمين
              !!!!!

              حملقت فيها بعني شعرت بأن لمعات البرق تكاد أن تمزق السماء! شجب وجهي لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم هل بعد هذا الشرك من شرك ؟
              !

              وبحركة لا شعورية تابعت قولها وهي ترتعد غضباً مني وأنفاسها تتمزق
              ....

              ألا تصدقين ؟! حسناً .. بجاه فلان بن فلان وبحق النبي .. أن هذا ما حدث له !! ولكن ما إدراكي أنت ؟
              !!!

              إن تربيتك الدنية كانت غير سليمة .. أعانك الله عليها با بني
              !!!

              امتقع وجهي فأصبح كالغمام .. طالت فترة الصمت .. وساد صمت آخر ... إنها تحلف بمن ؟ أيضاً بغير الله
              !!

              خالتي .. خالتي نحن نتجاذب أطرف الحديث !! يجب أن تقنع إحدانا الآخرى ! كيلف .. كيف تدعين وتستغيثين بغير الله ؟ ! خالتي إنك تفتقرين إلى غير الله .. ألا تعلمين أن في ذلك إذلال للنفس وظلم لها ؟


              ثم . .. ثم ... إنك تحلقين أيضاً بغير الله .. خالتي
              ..

              رفعت حاجبها باستغراب بسرعة .. ترددت قليلاً قبل أن تجيب
              :

              كوني على ثقة ويقين بأنك عندما تطلبين اليمين بالله منا نحن الصوفين فإننا نعطيك ما تريدين صدقاً أو كذباً .. بينما عندما تطلبين منا اليمن بالشيخ أو الولي أوصاحب القبر فإننا نصدق معك و نجرؤ على الكذب أبداً .. وذلك لعظمتهم وجلالة قدرهم
              !!!!

              تملكني موجة من الغضب والانقعال اللا إرادي .. فهتفت وأنا أقف وأجمع حاجياتي رغبة في الهروب منها
              :

              ولكن هذا لايجوز !! حرام أن تسألي بمخلوق يا خالتي !! عودي إلى رشدك يا خالتي افهميني أرجوكي ! ألم تسمعي قوله تعالى : ( ادعوني استجب لكم ) ؟


              ألم تستمعي إلى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( من حلف بغير الله فقد أشرك ؟
              !!!

              لم ترد .. لم تتحدث !! فضلت السكوت للحظات لقد بلغ الصمت حداً يثير الأعصاب !! لا طيور تزقزق
              !

              و أوراق تهتز مع نسيم الريح الخفيف .. حتى صوت البحر بدا مكتوماً
              !!

              قلت لها قبل أن أفترق عنها بلطف ورجاء
              :

              خالتي لقد شاهدت قبل قليل ولادة لنهار جديد .. واعتقد أنه باستطاعة المرء أن يولد مرة أخرى إذا فتح صفحة جديدة ناسياً كل الأمور والأحداث الماضي
              !!

              خففت لهجتي الهادئة من اضطرباها وغضبها فنقلت نظرها إلى البحر خلفي واعتقدت أنها تتأمله
              !!

              قالت بدون أن تنظر إلي وقد ركزت نظرها خلفي
              :

              إنها فكرة جيدة لم تخطر ببالها يوماً !! ولكن .. لا تظني بأنها ممكنة
              !!

              شعرت بخيبة أمل عنيفة .. تنهدت بأسى من الأعماق .. وبرحكة لاشعورية التفت إلى الوراء خلفي حيث كانت نظراتها مسلطة وإذا بي اجده ورائي وقد بدت عليه امارات الغضب ا لشديد
              !!!!

              نعم ( لقد كانت والدته تنظر إليه هو ولم تكن تتأمل البحر
              ) !!!

              اكتفيت بالنظر إليه وقد اتسعت عياني تعجباً وتحجر قلبي تخوفاً فلم أجد الكلمات المناسبة للدفاع
              !!

              فضلت الصمت ! منذ متى وهو يقف خلفي ؟! شعرت بالوهن الشديد أما نظراته التي كانت تنم عن حقد دفين وقهر شديد
              !!






              وللقصة بقية .........

              تعليق


              • #22
                لاحول ولا قوه الا بالله العلى العظيم
                http://www.shbab1.com/2minutes.htm

                تعليق


                • #23
                  (13)العودة المفاجئة من الرحلة


                  وقف ساكناً وقد اختفت من وجهه كل آثار السرور السابقة .. تقارب حاجباه وهو يتقدم نحوي غاضباً لقد سمع الحديث بأكمله !!! أما الآن .. فأنا في نظره استحق القتل والصلب والسحق !!

                  رفع يده بقوة وهوى بها على وجهي بقوة أشد فقدت ا لقدرة على الصمود والتحمل أمام غضبه الجامح !!

                  استجمعت كل قواي لاتمكن من الثبات واقفة على الأرض .. فأخفقت !!وقعت أرضاً .. جثوت على ركبتي استجمع ما بقي من قوتي ثم أجهشت ببكاء مرير يتبعه أنين مؤلم لاقيت صعوبة قاتلة في إدراك ما يدور حولي من شدة الألم ..

                  انسحبت بدون أن ينطق بكلمة واحدة الجميع ينظر إلي !! هل تجسد نظراتهم الشفقة أم التشفي ؟ أم تراها تصور انتصار لمذهبهم ودحراً لسنتي ؟!!

                  أمر الجميع بجمع الأمتعة وأعلن لهم عن قطع رحلتهم الممتعة الإسراع الفوري بالاستعداد للعودة ! ..

                  فأطاعوه !! عاد مرة أخرى .. أمرني بالوقوف فشلت ثم وقفت أترنح!! أمسك بيدي بكل قوته وشدني نحو إحدى الغرف القريبة من البحر .


                  حبس الجميع أنفاسهم .. وسرت قشعريرة مريرة في جسدي ! اعتراني توتر يحمل تحذيراً خافتاً .. كنت أعلم أنه يجب علي أن أمتثل له ... ولكني لم أشأ ذلك !!!

                  أمرني بالجلوس فجلست فوق إحدى المقاعد .. وضعت يدي على ركبتي كطفلة دون أن أنبس بكلمة ! فأخذ هو يزرع الغرفة ذهاباً وإياباً .. لقد ثار علي وتصرف معي تصرفاً مجرداً من الإنسانية والرحمة !!

                  ولكني واثقة من أن ذلك لن يغير شيئاً من موقفي ! فخططهم واضحة ..ومفهومة ... إنهم يحاولون بكل الطرق معاقبتي على تمسكي بسنتي !

                  لم يجرؤ على الحديث معي مع أنه احترق لمعرفة ما يجول في ذهني من أفكار تجاهه!

                  نظر إلي بقلق عندما طال صمتي ... وبنوع من الارتباك صرخ قائلاً وأنا أرتجف من حدة صوته :

                  والله لأعملن على تغيير هذه الأفكار الضالة التافهة !! وأردك إلى صوابك !!! ضبطت نفسي وقلت بشكل حازم دون أن أنظر إليه :
                  ولكنها ليست بالأفكار التافهة ... وأنت تعلم ذلك جيداً إنها الحقائق التي لايريد أحد سماعها ...
                  خزني بعنف قائلاً :

                  أولاً من الأدب أن تنظري إلي عندما أوجه إليك الحديث !! ثانياً: أي حقائق هذه التي تتشدقين بها ؟ هل تقصدين حقائق العته والضلال ؟ حقائق الجنون ؟

                  أرجوك ..كفى .. إلى متى سنظل مختلفين في هذه الأمور ؟!!! أرجوكي هلا أسديتي إلي معروفاً ؟ هلا ....

                  قاطعته بحزن وتوسل وقد أصابني ما أصابني من الهذيان واليأس :

                  بل أرجوك أنت أن تسدي إلي معروفاً .. أرجوك أبق بعيداً عني أنت وأهلك ! نحن لانتفق إطلاقاً أتركني وما دمنا نختلف دوماً كما تقول .. فلماذا لا تتركني أذهب من حيث أتيت ؟ ! لما تحتفظ بحطامي ؟! لماذا ونحن متناقضان في كل شيء ؟! لماذا ؟ لا أريد البقاء معك أرجوك .. لقد تعبت .. تعبت .. تعبت .... ثم وضعت رأسي بين يدي أجمع دمعاتي الملتهبة ..

                  رباه رباه لم أعد استطيع أن أقاوم أريد الخلاص .. أصابني اليأس والهلاك يا الله .. ارحمني يارب ..
                  سيطر عليه الارتباك فقال :

                  إنك إنك تحاولي اختلاق الأعذار من أجل تبرير تصرفاتك .. لا داعي لتحملي مسؤولية تهورك وعنادك الآن .. أنا لا أسيء إليك ولا أريد إيذاءك .. أنت السبب .. إنك لا تؤمنين مطلقاً بما أقوله لك ولا تصدقين ؟! أخاف أن تكوني من الهالكين ؟؟!!

                  أغمضت عيني ... تذكرت قول الله تعالى : ( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعوني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ) [غافر : 41-44]

                  خاطبت نفسي وأنا أراهم يتهامسون .. ستظلون يا ضحايا الصوفية عمي البصائر والقلوب ، مختوماً على سمعكم فلا تسمعون من أحد كلمة حق تجادل باطلاً صوفياً !!!

                  عدنا إلى المنـزل المشؤوم ، جلست على الأريكة .. أفكر في حياتي .. في مصيري .... يا رب إن مع العسر يسرا .. وقفت أتهاوى ... مشيت بخطى وئيدة نحو المرآة .... نظرت إلى نفسي فيها ... لا أكاد أصدق عيني !!! لقد طرأ تغيير كبير علي !!! ارتميت على الفراش .. أخذت أنفاسي تنتظم ..ومشاعري تهدأ .. وقلبي يسكن ... ثم ..




                  وللقصة بقية ......

                  التعديل الأخير تم بواسطة العابدلله; الساعة 12-01-2010, 10:45 PM. سبب آخر: تعديل فى الاية الكريمة

                  تعليق


                  • #24

                    (14)

                    مراسم المولد النبوي الشريف !

                    طرق الباب .. ! استدرت نحون بعينين أثقلهما النوم ... قلت بإعياء
                    :

                    -
                    من الطارق ؟


                    سمعت صوت أخت الزوج تسـتأذن بالدخول .. نظرت إلى الحائط .. الساعة الثانية عشر والنصف ظهراً .. ساعتان مضتا منذ أن عدنا من البحر .. حلقت أفكاري حول ما حدث اليوم
                    ..

                    طرق الباب مرة أخرى أوه تذكرت !! وثبت واقفة وأدرت مفتاح الباب وقلت لها بإرهاق
                    :

                    تفضلي عذراً كنت نائمة


                    قالت بصوت ينم عن بهجتها الخفية
                    :

                    هل .. هل ستذهبين معنا اليوم ؟
                    !!

                    ترددت برهة ثم ابتسمت وأنا أسألها بفضول
                    :

                    إلى أين ؟ هل سنتنزه قليلاً مثلاً ؟ أشعر بالضجر
                    !

                    قالت بمكر
                    :

                    لا أعلم لا أعلم ألم ألم يخبرك زوجك عن ذاهبنا اليوم ؟


                    أحسست بانقباض في صدري لا أعرف له سبباً
                    :

                    لا ياعزيزتي .. حتى الآن لم يخبرني أحد إلى أي سنذهب ! ألا تعلمي
                    !

                    بعد تردد أجابت
                    :

                    لا أعلم أقصد حسناً أراك فيما بعد . سوف حسناً لآأعتقد أن والدتي تنادني .. بالإذن
                    !!!

                    ما بها ؟ لم هي مرتبكة ؟ لا يهم أشعر برغبة في الاستلقاء وأخذ قسط من الراحة بعد القراءة .. قرأت

                    قليلاً .. ثم أعدت وضعت كتبي في الدرج الخاص بي .. وفيما أنا أفعل دخل الزوج
                    :

                    ماذا تفعلين ؟! ألم تنامي بعد ؟؟


                    سأفعل .. فضلت قراءة بعض الكتب .. سآخذ قسطاً من الراحة الآن
                    ,..

                    قراءة بعض الكتب ؟ أي كتب تقصدين ؟


                    نهض من مكاننه وشعرت بأنه يفضل الإطلاع على الكتب بنفسه .. لم أمانع من حقه ان يراها
                    .. !!
                    فتحالدرج .. أخرج الكتب امتقع وجهه وهو يقرأ العناوين بصوت خافت
                    :

                    الكلم الطيب لابن تيمية ، الأذكار للنووي ، جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام لابن القيم .. الشفا بتعرفي حقوق المصطفى للقاضي عياض .. فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية ، رسالة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في حم ا لاحتفال بالمولد ... د


                    صاح بي قائلاً وصدره يتأجج غضباً :

                    من أين جاءت هذه الكتب ؟
                    !!

                    جئت بها من منـزل عائلتي .. ما بك ؟


                    اعترض على وجودها معي بإصرار
                    :

                    كان يجدر بك استشارتي في قراءة هذه الكتب السخفية
                    !!!

                    ألقى نظرةً إلى الكتب مرة أخرى واضاف حانقاً : وهو يلقي بها ارضاً
                    :

                    كان بإمكاني أن أختار لك الكتب التي يجب عليك قرائها والتدبر فيها
                    !!

                    إن يتضايق كثيراً عندما أبدي إهتماماً بالغاً بالكتب والمطالعة
                    !!

                    كرر حديثه مرة أخرى وقال بإصرار
                    :

                    لا أريد أن أرى هذه الكتب في الحجرة ولا في البيت بأكمله ! أنا سآتي لك بالكتب التي أرغب في قرائتك لها
                    !

                    ابتسمت لهذه الفكرة وأجبت
                    :

                    ولكن لا أطن بأننا نفضل نوعية الكتب نفسها .. أليس كذالك ؟
                    !

                    لم يجد أي تعليق يضيفه على كلامي سوى
                    :

                    لن تقرأي هذه الكتب مرة أخرى هذا امر لا أريد تكرار الكلام تخلصي منها بأسرع وقت فهذه الكتب هي التي تغسل أفكار ك وتحجر معتقداتك
                    !!

                    آه .. لا مجال للمناقشة .. لا أر يد الدخول في حلقة مفرغة جديدة .. لن أنازعه قلت باستسلام
                    :

                    حسناً لك ما تريد .. سأحرقها إن أردت
                    !

                    رأيت وميضاً راقصاً في عينيه
                    !!

                    استقيظت على صوت آذان العصر ... ما زالت الكتب في مكانها !! أخذتها بسرعة .. خبأتها تحت السرير .. في مكان لن يراها فيه ! أيقظته .. قام كالملدوغ وهو ينظر إلى الساعة ! ما بال ؟! هل خاف أن تفوته صلاة العصر في المسجد ؟
                    !

                    مستحيل !!! لم اسأله
                    ...

                    قال لي وعيناه ما تزالان مغمضتين
                    :

                    هيا بسرعة .. استعدي سنذهب بعد نصف ساعة .. لا تعتذري عن الذهاب .. لاأريد اعتراضات بسرعة سأذهب إلى أمي لاستحثها على الاستعداد بسرعة .. أمامك متسع من الوقت .. تزيني بأفضل الملابس !! ثم .. خرج
                    ....

                    ما يقصد ؟ لم يخبرني أحد بأن هناك وليمة أو حفلة زفاف
                    !!!

                    عاد
                    ..

                    هل أنت جاهزة ؟


                    تقريباً ! ولكن أريد أن اصلي العصر أولاً .. انتظر
                    ...

                    قال : وأكنه قد تذكر شيئا مهما
                    ..

                    آه نسيت أن أصلي !! هيا سأصلي أمامك تراجعي إلى الخلف
                    ..

                    قلت في نفسي : _ أي الصلاة في المسجد ؟ لماذا لا تلبي داعي الله إلى المسجد وا حسرتاه
                    !!!

                    التفت إلى قبل أن يكبر وقال
                    :

                    هيا اجهري بنية الصلاة .. وبصوت مسموع .. كي أسمعك .. رددي خلقي .. نوت أن أصلي لله تعالى أربع ركعات لصلاة ا لعصر إماماً
                    ...

                    ثم سكت .. رفعت حاجبي استغراباً .. وذهلت ! التفت مرةً أخرى إلي وقال
                    :

                    ما بالك ؟! ألم تستمعي إلى قولي ؟
                    !

                    قلت مذهولة
                    :

                    بلى !! ولكن الجهر بالنية والتلفظ بها
                    :

                    قاطعني بغضب
                    :

                    سنة !! وليس بدعة كما تعتقدين .. هيا رددي ما قلته .. ألا تسمعين ؟
                    !

                    ولكني نويتها في قلبي مثلما نويت الوضوء الذي قبلها وهذا يكفي
                    !

                    ضرب كفيه ببعضهما في نفاذ صبر وقال
                    :

                    وماذا بعد ؟؟!! قلت لك تلفظي والآن أمام أريد أن أسمع .. تباً لكم من وهابيين .. كل مستقيم تجعلونها أعوجاً !! هيا أنطقي بها
                    ..

                    نطقت بها مكرهة ! فتظاهرت بالصلاة معه .. وقد كنت أصلي بمفردي .. آه .. لقد شككت حتى في صلاتي .. وهي ما أشعر فيها بالراحة والسعادة !!! أنهينا الصلاة وعند التسليم لاحظت كفيه يتحركان يمنة ويسرةً .. ماباله ؟ لماذا يحركها مع التسليمة ؟


                    أردت السؤال فامتنعت .. لا أريد المزيد من الجدل .. تظاهرت بالتسليم معه حتى لايقيم غضب الدنيا .. فأنا لم أعد أحتمل كفاني .. قلت : ألن تخبرني إلى مكان ذهابنا ؟

                    ستعرفين فيما بعد .. لانريد التأخر .. بقيت لنا عشر دقائق فقط .. أين ملابس ؟


                    جاهزة ، ولكن أرجوك أخبرني إلى أين ؟ لا أعرف لماذا أنا غير مطمئنة
                    !

                    تمالك نفسه وأراد الخروج فأوقفته
                    :

                    انتظر أرجوك أخبرني أولا إلى أين ؟ ! إلى أين ؟
                    !

                    أجاب وهو يبتعد خارجاً من الغرفة
                    :

                    سنذهب إلى مكان يقام في مولد نبوي .. هل اطمأننتي ؟


                    اوقفته مرة أخرى .. نظرت إليه بتشكك ووجل
                    :

                    مولد نبوي ؟! ماذا تعني بذلك ؟
                    !!

                    لن أخبرك سترين بنفسك ستسعدين بحضوره والآن هيا حتى أغلق باب الحجرة تقدمي


                    أغلالق الحجرة هرول هابطاً قبلي إلى الدور السفلي فكرت في كلماته ملياً ماذا يقصد ؟


                    هبطت السلالم ببطء شديد هل لهذه المناسبة ارتباط بمعتقدات الصوفية ؟ لماذا لايريد إخباري ؟ هناك شيء ما أجهله ؟

                    قابلت أمه في البهو .. إنها بكامل زينتها .. وكذلك أخته !! نظراتها شاردة .. لاتريد أن تلتقي بنظراتي المرتابة !! لماذا ؟


                    قالت الأم لابنتها بلطف وهي تتأملها
                    :

                    إنك جميلة يا ابنتي بهذا الثوب .. هل أخذت معك كل الكتب المطلوبة ؟


                    أجابت أبنتها وقد أشرق وجهها بابتسامة تنم عن فرحها بحضور هذه المناسبة
                    :

                    نعم يا أمي كل شيء جاهز كتاب دلائل الخيرات والبردة وكتاب الغزالي ومجالس العرائس وكذلك أخذت معي الدفوف والمزامير لا تخافي لم أنس شيئاً
                    !!

                    قلت في نفسي
                    :

                    عجباً .. عم تتحدثان ؟! كتبهم الدنية مع دفوف ومزامير ؟! ما هذا التناقض ؟! تذكرت بسرعة ما تحتويه الكتب من زيغ وضلال عرفت إذا أن ذهبنا لشيء ما غير سؤي!! لا أريد الذهاب ! ولكن ستقلب الدنيا إن رفضت
                    !!

                    واجهته قبل خروجه من المنـزل وقلت له متوسلة
                    :

                    أرجوك .. لا أريد الذهاب .ز أرجوك اذهب أنت وعائلتك سوف أنتظركم هاهنا
                    !

                    أتركوني فأنا فلن أستطيع الذهاب اذهبوا أنتم إلى أي مكان ترغبون
                    !

                    ابتسم ابتسامة ماكرة تحمل ألوان الدهاء والخبث
                    :

                    ألا تريدين الذهاب معنا يا عزيزتي ؟!! حسناً
                    ..

                    صدقته وقد امتلأ قلبي بالفرح أخيراً فهم ؟! أحسست بأني أطير في السماء من شدة الفرح والحبور ولكن للأسف .. وئدت تلك الفرحة للتو فلم تعرف النور
                    !!

                    كز على أسنانه بقوة .. ونطقت عيناه بالوعيد الذي عهدته لهما .. واحمر وجهه غضباً وشعرت بحرارة أنفاسه الساخطة وهو يهمس بصوت يرعد
                    :

                    لن أطيل الصبر في السيارة !!! بسرعة تقدمي قبل أن أفقد صبري معك
                    !!!!

                    آه .. لا مجال أيضاً للمراوغة .. اضطررت للذهاب .. كم رجوتهم بأن يتركوني .. لهم دينهم ولي ديني ! لا فائدة !! ذهبت معهم
                    ..

                    دخلنا في حارة أهم ما فيها الهدوء والنظافة
                    .

                    كنت مطرقة متجهمةً بليدة في السيارة وكلني أدركت أنني على وشك أن أفقد كل شيء
                    !
                    فاجأني صوت أمه تقول بابتهاج
                    :

                    هل أنت على ما يرام ؟
                    !

                    أومأت برأسي إيجاباً ولم أستطع الرد
                    !

                    سوف تبتهجين معنا الليلة .. أليس كذلك ؟


                    أطرقت ساهمةً .. ولم أجب ! فأمرني الزوج بأن أتحدث قائلاً وهو ينظر إلي من خلال مرأة السيارة الأمامية
                    :

                    ألم تسمعي ؟ ألست على ما يرام ؟ تكملي
                    !

                    بلي بلى على ما يرام على ما يرام
                    !

                    اقترب من والدته وبدأ الهمس الذي عهدته كثيراً في حضرتي بينهما
                    ..

                    فطلبت من الله العون والمساندة .ز


                    كان صوتي كسيراً عندما نطقت .. فانزويت أحتضن حقيبتي وأغمضت عيني وكأنني غريبة مسافرة وحدي .ز بيد أني اليوم بدأت أفكر في النهاية
                    . .

                    ووجدت نفسي أهتف
                    :

                    النهاية النهاية ترى ماذا ستكون
                    !!

                    توقفت السيارة أمام منزل متواضع رأيت الناس يتزاحمون في الدخول إليه ! سترك يا الله ! ما الذي سيفاجئني هنا أيضاً
                    !!

                    خرج الجميع فاستبقاني ! ماذايريد الآن ؟ ألا يكفيه ما يفعله بي ؟ ألا يكفيه حولي
                    !!

                    فقال بتشكك
                    :

                    أصلحي نيتك ولا تسخري من شيء هل ستفعلين ؟
                    !

                    نعم نعم سأفع
                    !

                    خرجت بسرعة .. أغلقت الباب بهدوء لم أنتظر المزيد من الحديث لقد سئمت تنهدت من الأعماق
                    ..
                    شعر الزوج كأن سهماً بارداً اخترق حناياه حين رأني أهبط من السيارة دون أن أنظر إليه سمعته ينادي وينادي لم ألتفت إليه لم أوجه إليه كلمة واحدة إن لايستحق لا يستحق لا يستحق
                    !!

                    وجدت أمامي سلماً طويلاً صعدته بتكاسل الحماس التحدي لم يعد لهما مكان لدي !! دخلت إلى دورة المياه غسلت وجهي وكأنما اغسل أحزاني .. خرجت وقد نزعت عني حابي سألت إحدى العابرات بصوت ضعيف
                    :

                    أين تجلس النسوة
                    !!

                    هنا من هذا الباب ثم اصعدي بعد ذلك إلى سطح المنـزل .. ففيه سيقام المولد اسرعي قبل أن يبدأ
                    !

                    أمسكت دمعةً كادت أن تلفت من عقالها .. ثم قلت
                    :

                    شكراً لك .. شكراً
                    ..

                    كان السكون مخيماً جداً في الممر أخيراً وجدة باب السطح ارتجفت بداي وارتعشت أناملي أمسكت بمقبض الباب آه كأنني أسمع من الخارج ابتهالات النساء بصوت موحد !! ترددت قليلاً ثم فتحت الباب ببطء توجهت أنظارهن إلي شد انتباهي ارتداء الجميتع لحجاب الرأس . ثم الابتهالات التي كن يرددنها خلف فتاة حسناء ذات صوت جميل !! ماذا يقل ؟! دققت النظر في الفتاة ثم في النساء وجدت مكاناً خالياً جلست امتعضت النساء من وجودي !! ما بهن ؟! أقبلت بعض النسوة مسرعات إلي أرى نظراتهن استنكاراً لعمل ما عملته !! همت إحداهن في أذني والجميع ينظر يرتقبن ردة فعلي وكأني لست من البشر
                    :

                    إذا سمحتي ! يجب أن ترتدي حجابك على رأسك قبل الدخول ؟
                    !

                    لماذا ؟ هل سيدخل رجال هنا مثلاً ؟
                    !

                    تبادلت النظرات اليائسة مع رفيقتها ثم قالت
                    :

                    بل لأنه مجلس ذكر ! والملائكة تفر من المجلس الذي تكون فيه أمرأة غير مرتدية لغطاء الرأس ! اتسعت حدقتاي فقت بتعجب
                    :

                    وما شأن الذكر وقبوله بالحجاب ؟! إن الله يذكر في أي حال ووضع ومكان ! ولايشترط فيه الحجاب حتى يقبل
                    !!!

                    أجاب بنفاذ صبر
                    :

                    بل لن يستجيب الله لدعائنا ! ولن ينظر إلينا ! والملائكة لن تحضر مجلسنا ولن ترضى عن هذا
                    !!

                    اعتذرت عن وضعه . فيئستا مني وذهبتا حانقتين ... وعادت النساء تحدقن بي وتتهامسن في وجودي ولكني أم أعد أكترث لقد يئست من كل شيء فرضى الناس غاية لاتدرك
                    ..

                    استمرت النسوة في الابتهالات .. فنظرت إليهن سمعتهن يقلن ألفاظاً غريبة
                    :

                    هو , هو ، هو ، الله ، الله ، حي . حي . !!


                    ماذا يقصدن ؟ لا أفهم ماذا يفعلن !! لقد أخذت منهن مأخذاً عظيماً ،وبلغ التفاعل بينهن مبلغاً أعظم !!

                    تغير بعد ذلك المجرى فتناولت بعضهن الطار والدف والمزمار وأخذن ينشدن المدائح والقصائد الشعرية !! ما هذا التغيير المفاجيء ؟ وما هذا التناقض ؟ مدائح نبوية ومزاميل ؟!! آه أحسست وأن مطرقة هوت على رأسي
                    !

                    قلت للمرأة التي تجاورني بلهجة أسف لم تخل من النقد
                    :

                    ما مناسبة هذا الإجتماع ؟


                    قالت باستغراب :


                    إنه ذكرى لمولد النبي الشريف !!!

                    سألتها بفضول
                    :

                    وهل هو خاص بوقت معين ؟


                    فمولد النبي كان شهر ربيع الأول في الثاني عشر منه ! وهو لا يصادف اليوم
                    !!!

                    آه نعم ولكن لايشترط ذلك ! فهو يقام عند وجود أي مناسبة من موت أن حياة أو تجدد حال لم تسألين ؟! ألم تحضري مولداً من قبل ؟!


                    قلت بدون أن ألتفت إليها ... متجاهلةً سؤالها :

                    وما مناسبة اليوم يا ترى ؟
                    !!

                    لقد انتقلوا إلى هذا المنـزل منذ وقت قريب .. وفرحاً بالمناسبة أقاموا اليوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
                    !!

                    أحسست في هذه الوهلة بأني وحيدة
                    ..

                    فليس هناك عزلة أشد من عزلة الرأي ، ولا انفراد أقوى من انفراد العقيدة والدين .. نظرات إلى كفي المعروقة .. مستحتها .. آه لحزنك يا قلباه .. ما أتعسك
                    !!!!

                    أقبلت صاحبات المنزل وقدمن الطعام وقد دعون إليه الأصدقاء والأقارب والقليل من الفقراء !! فأكلن وتلذذن بالطعام أما أنا فقد اكتفيت بأكل القليل من الفاكهة
                    ..

                    ما للوقت يمشي كئيباً .. بطيئاً ؟! زاد يقيني أن الذي حولي لا يشاركوني إحساسي بالاغتراب
                    !!!

                    رفعت راسي نحو الحائط .. وجدت صوراً لطالما رأيتها في الكثير من المنازل إنها صور أولياؤهم
                    !!!
                    يتبركون بها
                    !!!

                    لقد نصبوها في المنازل كلها وكأنها أوثان تعبد .. ما الفائدة منها يا ترى ؟
                    !

                    هل يعتقدون فيها ؟ هل تجلب لهم نفعاً أو تدفع عنهم ضراً ؟!! إنهم جاهلون
                    !!

                    غارقون في الوهم حتى الثمالة
                    !!!!

                    انتهت النساء من الطعام .. فجلسن للاستماع للأشعار المنشودة والترنم بالمدائح والشمائل المحمدية ومعرفة النسب الشريف .. ولكن مهلاً إن جل المدائح التي أسمعهن يتغنين بها لا تخلوا من ألفاظ شركية إنهم يطرون النبي الكريم كما أطرت النصارى عيسى بن مريم ؟! هل أخبرهم بذلك ؟
                    !

                    ولكني لن آمن العقاب ! رباه ساعدني
                    !!





                    وللقصة بقية..........

                    تعليق


                    • #25
                      جزاكى الله كل خير

                      اختنا فى الله
                      الْلَّهُم ارْحَم أَبِى رَحِمَه وَاسِعَه آسأل الله ان يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
                      ياالله كفانى عزا بأنك تكون لى ربا
                      وكفانى فخرا بأنى اكون لك عبدا

                      تعليق


                      • #26
                        (15)
                        حضر .. حضر ..

                        وفجأة قامت النساء واستقبلن القبلة عندما كانت الفتاة الحسناء تقرأ قصة المولد حتى إذا بلغت : ( وولدته آمنة مختوناً ) !! لقد قمن إجلالاً وتعظيماً لدقائق تخيلاً منهن وضع آمنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. نظرت إليهن إني خائفة مرتبكة ماذا يحدث حولي .. ثم قالت النساء بأصوات وجدانية :

                        لقد حضر ، حضر ، حضر ، أما القبلة !!

                        نظرت باستغراب وتخوف !! أين حجابي ؟ ! انتظرن ! من هذا الذي حضر ؟! أوقفنه .. أريد أن أرتدي حجابي ولكن أنا لا أرى شيئاً !! من الذي حضر ؟! هل .. هل يقصدون جنياً ؟ من يقصدون ؟ هلا يرين أشياءً لا أراها ؟! يا إلهي
                        !!!

                        ثم أتى لهن بالمجامر وطيب البخور فتطيبت النساء! ثم درن بكؤوس الماء والعصير فشربن منه بنهم
                        !!

                        أقبلت إلي بعض النسوة يركضن وأخذنني وقلن لي فرحات
                        :

                        هيا معنا .. بسرعة لا نريد أن يفوتك الموقف الشريف .. بسرعة لقد حضر حضر
                        ..

                        رأيت الصفقة خاسرة وأحسست بثقل يمشي في صدري فقلت بحسرة وأنا أرافقهن
                        :

                        من هو الذي حضر ؟! أهو رجل آخر تطالبنني فيه بالكشف عن وجهي وتقبيله أيضًا ؟
                        !

                        قلن لي وكأني قد اعتنقت دين اليهود والنصارى
                        :

                        إنه محمد صلى الله عليه وسلم
                        !!

                        صعت ونظراتي المكذبة والمصدقة قد آلمتني كثيراً ! عدت إلى مكاني بسرعة .. وعيون القوم ترمقني أن كيف أترك فرصة كهذه وأستهين بها
                        !!

                        جئن واللوم باد على وجوههن بع أن انتهين من الابتهالات الجماعية والدعوات والصراخ ! وبعد أن ذهبت المصطفى إلى بارئها
                        !!!

                        بالتأكيد أنت لا تحبين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم !! أنت لا تريدينه أن يشفع لك يوم القيامة !!! ستحدث لك نكبات ومصائب لأنك استهنت بحضوره بيننا ولأنك رفضت مشاركتنا في زمن حضوره
                        !!

                        يا إلهي ! هل ما يقلنه صحيح ؟! هل هن صادقات ؟


                        يبدو التأثر على أوجه الكثيرات منهن
                        !!

                        تقدمت إحداهن لي وكأنها تصب سمًا زعافاً في عقلي
                        :

                        أيتها الحمقاء المعتوهة !!! لقد كنت مثلك واشد منك ! وكنت أعتقد أن هذه خزعبلات وترهات !! ولكن بعد أن من الله اله علي شعرت بحلاوة الإيمان ! أه كم أنا سعيدة !

                        وأتمنى لو أنني أقيم في كل يوم مولداً نبوياً في منزلي !! جربي ولن تندمي ! وستصبحين مثلنا وأشد ! وإن لم يعجبك الحال فامتنعي ولكنني متأكدة من أنه سيعجبك !!

                        يا إلهي لم أعد أحتمل ! أين الصواب وأين الخطأ ؟! هل يعقل أن يكون أهلي على خطأ ؟!! هل يمكن ؟! وبدأت الشكوك تساورني ! لقد أثروا علي من كل اتجاه ! وحدي أنا ! بدأت أسلحتي تضعف شيئًا فشيئاً !!

                        رباه .. أرجوك .. أريد أن أعود لنقائي ... أفكاري النقية .. معتقداتي وعقيدتي الصافية ! سريرتي الطاهرة قلبي السليم هل يمكن ذلك ؟


                        مضى الوقت يتلكأ حتى أوشك الليل أن ينتصف !! وسيطر السكون بعدها على المكان فلم أر وأنا مكاني إلا عيوناً قد أخذها اللوم علي ! فخشخشت الأوراق بتأثير نسمة طرية باردة معلنة عن وقت الرحل من هذا المنزل
                        !!

                        ركبت في السيارة التقت نظراتي الحزينة التائهة بنظرات الزوج المتلهفة لمعرفة ردة فعلي على ما سمعت وما رأيت .. أغمضت عيني شعرت بحاجتي لصدر أمي الحنون حتى البكاء .. أصبح عسيراً علي رباه اللهم اكفنيهم بما شئت
                        !!

                        عدت إلى المنزل وقفت أفكاري وعاد إليها ركودها الأول أحسست برغبة جامحة في الدخول إلى مخدعي .. ولكن السكون المطلق الذي ران على المنزل لم يشجعني على سرعة الدخول فأخذت أنظر إلى غير هدف ! أنظر إلى أي شيء !! وأنظر إلى كل شيء
                        !

                        شعرت بتقدم خطى الليل فوقفت بتكاسل وتحسست طريقي في الظلام حتى وصلت إلى فراشي واندسست تحت اللحاف الخفيف أخذت نفساً عميقاً وأنا اشعر بالوحدة كان آخر ما تذكرته في هذه الليلة الكئيب الذي عاصرت فيه أحداثاً ثقيلة .. في البحر في المنزل في المولد النبوي
                        ..

                        بقيت نظراتي تائهة وأفكاري متلاطمة حتى بانت خيوط الصباح الأولى .. ثم ..أسدلت أجفاني بثقل شديد .. فنمت وأنا أسمع أنيني يخترق فضاء الأحزان
                        !!!!

                        وللقصة بقية ...

                        تعليق


                        • #27
                          جزاك الله خيرا ، وإن شاء الله نشوف بقية القصة عن قريب
                          التعديل الأخير تم بواسطة Mostafa Sultan; الساعة 09-01-2010, 11:01 PM. سبب آخر: تعديل لغوى لكلمة إنشاء الله إلى إن شاء الله


                          هذا التوقيع افتراضيا لأى عضو جديد لذا يمكنك تغييره من لوحة التحكم او بالضغط على الصورة بأعلى

                          تعليق


                          • #28
                            جزاكى الله كل خير اختى فى الله

                            اللهم اني اسالك رزق مريم وقصر اسيا وتقوي عائشة و قلب خديجة ورفقة فاطمة



                            تعليق


                            • #29
                              (16)
                              رحلة مع العبد الصالح الخضر !!!

                              عند الفجر .. دق جرس الساعة المنبهة إعلاناً لقرب الآذان .. فتحت عيني المجهدتين أغلقت المنبه استرخيت قليلاً ثم نهضت .. سمعت صوتاً على نافذتي اقتربت بخوف .. آه كان المطر ينهمر على سقف المنـزل !!!

                              نقراته اللطيفة هي التي تطرق نافذتي .. انشرحت كثيراً مرحباً بك أيها اقتربت من النافذة كثيراً أخذت أتأمل المنظر من ورائها .. ارتسمت على شفتي ابتسامة عريضة لقد أتى حتى يغسل همومي وآلامي .. مرحى .. مرحى .. تسللت ببطء نحو الضوء أشعلته أردت أن أوقظ الزوج للصلاة لم أجده
                              !

                              لم يأتي بعد
                              !!

                              هذا أفضل .. هذا أفضل
                              !!

                              ما أسعدني
                              !!

                              توضأت .. صليت دعوت الله أن يخرجني من هذا المكان أن ينير لي درب الخير لأتبعه .. بكيت كثيراً ضارعةً إلى الله تعالى .. إن الأمطار التي تهطل ما هي إلا قطرة من أدمعي التي تذرف من عيني الباكيتين .. رحماك يا الله .. رحماك .. رحماك
                              ..

                              عدت مجدداً إلى النافذة كان المطر قد توقف عندئذ عن الانهمار فتحتها قليلاً لم أعد أرى في الخارج إلا القطرات المتساقطة فوق السقف المنحدر لبناء المنزل أو من أغصان الشجر ابتسمت مجدداً ما أجمل المنظر
                              ..!

                              ثم .. أغلقت النافذة ببطء .. واستدرت لأرفع سجادتي .. فوجدته !! صرخت من شدة الخوف كتمت أنافسي فجأة غمرتني موجة حارقة جعلت سعادتي تتحول إلى كآبة . . كان وجهه شاحباً يبدو عليه الإرهاق وثوبه مكمشاً فرك يديه وهو يجلس ثم قال
                              :

                              أرغب في الخروج اليوم إلى النزهة في هذا الجو الجميل أيقظت الجميع للإستعداد .. هيا استعدي أنت أيضا نظرت بإمعان إلى وجهه لأرى هل هو جاد أم هازل فسألته
                              :

                              حقاً؟! هل أنت جاد ؟ هل سنتنزه في هذا الجو الجميل ؟ حقاً
                              !!

                              اعتدل في جلسته وقال في صوت هاديء
                              :

                              نعم سنتزه ... ألا تريدين الخروج معنا معنا؟ هل تفضلين عدم الذهاب معنا ؟
                              !

                              صرخت قائلةً في فرح مفاجيء أدهشه كثيراً
                              :

                              لا لا لا أريد أريد البقاء .. سأذهب للنـزهة .. كما أنا سعيدة ... أحب جو المطر هيا لنذهب .. هيا
                              :

                              حسناً استعدي سأنتظركم في السيارة لا تتأخروا
                              ..

                              وخرج .. شعرت بشيء من النشوة تسري في عروقي .. آه أخيراً سأخرج إلى الهواء الطلق بعيداً عن كل شيء ما أسعدني ما أسعدني تناولت معطفي الواقي من المطر وكذلك معطفه أغلقت حجرتي .. قفزت السلالم قفزاً وكأنني في واحة غناء رفرف قلبي من فرط الفرح .. منذ زمن لم أخرج للطبيعة أحتضن جمالها
                              ..
                              توقفنا في رائع الجمال كانت الأرض موحلة ومشبعة بالماء وأعواد القمح الممتلئة بعصارة الربيع قد خار وتمددت على الأرض في أمواج ممتدة على مد النظر
                              .

                              خرجت من السيارة فتحت عيني باتساع تلفت حولي بدهشة أرسلت ضحكة كانت مقيدة ومكبلةً أطلقت لها العنان شعرت بأني غارقة في محيط نظراتهم المتوجهة
                              !

                              وفجأة سمعت نفسي أول له وأنا لا أكاد اشعر بأني بدات الحديث
                              :

                              هل .. هل تسمح لي بالذهاب حول هذا المكان للتنزه .. لن أبتعد
                              ..

                              قال بصوت لا يخلو من حدة
                              :

                              ليس الآن .. اجلسي معنا لا تنفردي بنفسك .. نريد العودة باكراً فاليوم هو ليلة الخامس عشر من شعبان
                              !!

                              لم أكن أتوقع مثل هذه الإجابة .. فأحنيت رأسي بأسف وقد اضطرم وجهي خجلاً وحزناً ورحت أتأمل أطراف أصابعي وأحاول تمالك نفسي .. ولكن ماذا يعني بليلة الخامس عشر من شعبان ؟
                              !

                              تناولت الإفطار وحدي .. نظروا إلي وقد أدهشتهم ما طرأ علي من تغيير لا حظة دهشتهم بقلب مرتاب وأخذت أجمع بعض الأعواد من الأرض ترددت الأم برهة ثم قالت لي
                              :

                              يجب أن نعود مبكرين حتى نستعد للذهاب إلى المكان الذي سيتم فيه اجتماع الناس في هذه الليلة
                              ..

                              كتمت أنفاسي .. هذه المرة الثانية التي يؤكدون فيها أهمية هذه الليلة !! يا إلهي .. ماذا سيفاجئني اليوم أيضاً ؟! أومأت برأسي إيجاباً .. ابتسمت بهدوء
                              ..

                              في تلك اللحظة اختلست النظر إلى الزوج ووالدته راقبتهما في محاولة مني لفهم المعاني التي ينطوي عليها حديثهما .. ولكني لم أستطع أن أفهم شيئاً ! سوى أنهم جميعاً صائمون اليوم !!! لماذا ؟


                              قلت لهم بتوسل
                              ..

                              هل أذهب الآن ؟! لن أبتعد .. أرجوك
                              ..

                              أزال عن كتفه بعض القش العالق ثم قال
                              :

                              اذهبي ولكن
                              ..

                              وفتح فهمه ليقول شيئاً ولكني انصرفت بسرعة لم أنتظر ركضت ضحكت بكيت اختلفت مشاعري رحت أفقز في كل الأرجاء .. نظرت إلى الأرض الجميلة .. لقد تجمع المطر فيها ثم راح ينطلق في جداول صغيرة سريعة ويملأ كل منطقة منخفضة ... حدقت في روعة السماء
                              !

                              إن صفحة السماء تصفو من الغيوم التي تمزقت وتباعدت كتلها تاركة رقعاً واسعةً من الصفحة الزرقاء المضيئة
                              !

                              بعضها صاف تماماً وبعضها لايزال محجوباً بغلائل من السحاب الرقيق
                              !!

                              أما الهواء فقد سكن على الأرض تماماً وشاعت فيه رائحة العشب المبلل والجذور العارية .. لا أعرف كم من الوقت مضى ساعة ساعتان أكثر .. !! لم أشعر .. أوه !! لقد ابتعد كثيراً .. !! أين أنا ؟! بدأت أشعر بالخوف إلى أي إتجاه أعود ؟!! رباه .. اين المكان .. رباه !! .. أي معطفي ؟ أي أضعته ؟! بدأت أبحث .. وأبحث آه .. قطرات الماء عاودت في النزول يا رب أوه معطفي هنا وجدته ارتديته لأتقي المر ... ولكن أي المكان ؟ تناولت نظارتي مسحت قطرات المطر عنها بمنديلي ثم أعدتها إلى عيني رحت أنظر إلى الأرض الموحلة حتى أتجنب الخوض في إحدى الحفر المتناثرة حولي رفعت بصري إلى الأفق . . ازداد انهمار المطر .. رفعت النظارة عن عيني ووضعتها في جيبي
                              ..

                              رأيت عن بعد رجلاً يقدم تجاهي .. أسدلت غطائي .. رحماك يا رب أنه شيخ كبير .. يعمل على تنظيف المكان ..دب الرعب في أوصالي .. هل سيختطفني ؟! الويل لي .. تقدم إلي وسألتني وقد بدأت على وجهه آثار الزمن على هيئة خطوط عميقة تحيط بوجهه
                              :

                              كيف جئتي إلى هنا يا ابنتي ؟! المكان خطر .. هيا بسرعة الحقي بعائلتك .. انحدرت دموعي من شدة الخوف
                              :

                              ولكني أضعت المكان .. الويل لي كيف أصل إليهم ؟ أرجوك ساعدني أرجوك
                              ..

                              جل اهتمامي كان منصباً على غضب الزوج وحنقه .. وعدته ألا أبتعد !! يا ويلتي ! يا ويلتي
                              !

                              وبعد أن قطعنا ماسالإة من الطريق رفعت رأسي وإذا بالزوج يهرول قادماً فوجدت نفسي أقول بسرعة وكأني أشرح له موقفي الضعيف
                              :

                              أرجوك أنا أنا آسفة لم أقصد سرقني الوقت وأنا أتجول في هذا المكان ! ولكني نظر برفق إلى الشيخ الكبير مما أثار دهشتي لم يغضب منه أشار إلى أن أتقدمه ففعلت أقبلت على والدته وباقي الأسرة وجدتهم حانقين غاضبين !! استدرت لأرى الشيخ الكبر والزوج .ز جاء الزوج إلى أهله تشاوروا تهامسوا .. أكرموا الشيخ إكراماً عظيماً !!! أغدقوا عليه العطاء طلبوا منه الدعاء لهم .. ولي !! تسمرت في مكاني وأنا أرقبهم !! ما بالهم لم كل هذه الحفاوة ؟! من الجميع
                              !!!!

                              ذهب الشيخ الكبير في طريقه أخذ ينظف ما بقي من أقذار . وابتعد شيئاً فشيئاً حتى اختفى والجميع يرقبه .. تكاد قلوبهم أن تتبعه .. رأيت وجوههم في صورة أخرى اختفت إمارات القسوة والسخط نظروا إلي في قلق خاطبتني الأم قائلة في تودد
                              :

                              هل تعملين من يكون؟
                              !!

                              ارتعشت نظرت بوجل .. فقلت بصوت بالكاد سمعوه
                              :

                              من .. من يكون ؟
                              !

                              قال الزوج وهو يضع ساقاً على الأخرى ويتنهد بارتياح
                              :

                              إنه الخضر ... العبد الصالح الخضر الذي كان مع موسى .. بالتأكيد هو
                              !

                              يا فلان بن فلان
                              !!

                              أطبقت شفتي فوراً .. انعقد لساني من فرط الإضطراب والارتباك
                              :

                              من ؟ من ؟ أي خضر ؟ العبد الصالح ؟!! كيف ؟! لا بد أنك تمزح !! الخضر ؟!!! لا بدأنك .. رفع يده وقاطعني
                              :

                              هذه الأمور ليست مجالاً للهزل والمزاح قلت لك أنه الخضر ألم تسمعي عنه ؟
                              !

                              ارتسم الجزع على وجهي فقت
                              :

                              ولكن ثم نرظت إلى الجميع كلهم جادون .. فأكملت
                              :

                              ولكن .. الخضر عليه السلام قد مات منذ زمن بعيد هل تقصد أنه ما زال حياً يرزق ؟! لا .. كانت أخته تتولى في مقعدها لم تصبر فقالت
                              :

                              من غير الممكن ألا تكون على علم بحياته !!! إن الخضر صاحب موسى عليه السلام حي يرزق الآن ويطوف الدنيا كلها ويتشكل في صورة مختلفة .. فقد يأتي في صورة سائل مرة وفي صورة مريض مرة .. ينزل من جسده القيح والصديد .. أو في شكل شيخ كبير كهذا الرجل مثلاً فبالتأكيد هذا هو الخضر قد زارنا
                              !!!

                              ارتعدت نظرت إلى وجوههم !! تخوفت .. تململت .. أردت أن أنطق .. لم يتركوا لي مجالاً
                              ..

                              كانت الأم تراقب تعبيرات وجهي وترى أثر كلماتهم علي فقالت بسرعة
                              :

                              عندما يأتي الخضر بهذه الأشكال ويزور الناس فيطردونه يكون هذا دليلاً على شقاوتهم وتعاستهم .. أما إن رحبوا به وعالجوه وأكرموه .. اختفى بدون أن يترك أثراً له .. وكان ذلك دليل سعادتهم !!! فاحذري من طرد أي رجل بهذا الشكل أو تعنيفه .. احذري .ز فربما كان هو الخضر جاء لزيارتك
                              !

                              غصصت بريقي قلت متعلثمة من الصدمة
                              :

                              صدقوني لقد مات الخضر عليه السلام .. قبل إرسال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. إنه لم يخلد
                              !!
                              أرسل الزوج ضحكة جافةً ساخرةً وهو يقول
                              :

                              الخضر هو حارس الأنهار والصحارى ويعين كل من يضل عن الطريق إذا ناداه
                              ...

                              كيف يكون حارساً وهو ميت شأنه في ذلك شأن الأموات لايسمع نداء من ناداه ،ولايجيب من دعاه ولايهدي من ضل عن الطريق إذا استهداه
                              .. !!!

                              كشر عن نيابه وقال
                              :

                              إذا لم يكن ذلك صحيحاً .. فكيف اهديتي إلى مكاننا عن طريقه؟! أيتها الحمقاء .. لقد زارك وهداكي إلى طريقنا ومكاننا .. أفلا تعقلين ؟! أفلا تتفكرين ؟! عجباً لك أيتها العنيدة
                              !!

                              إنما هو رجل قد سخره الله لي لاستدل على طريقكم ليس إلا !! ولا يشترط أن .. تأفف .. في تلك اللحظة تلاشى جو الألفة والمودة بيني وبينهم .. وخيمت مكانه سحب الشك والتربص !!! .. لم يعتقدون ذلك ؟! هل اعتقادهم خاطيء حقاً ؟! نعم .. نعم .. أنا متأكدة .. نعم .. قطع صوت الزوج حبل أفكاري حين سمعته ينادي من السيارة
                              :

                              هيا لا نريد التأخر أمامنا ليلة حافلة .. فلنستعد للعودة المطر بتساقط بغزارة
                              ....

                              ركبنا جميعاً .. ابتسمت في قرارة نفسي ازداد إحساسي بالبهجة .. كم كنت أهفو إلى مثل هذا اليوم الذي أقضيه بمفردي تماماً .. بلا خوف من زوجي .. أو أهله .. وبلا أية هموم أو متاعب .. ولكن هذه الليلة .. ماذا عساها تكون ؟ ! سترك ورحمتك يا رب ...



                              وللقصة بقية ...

                              تعليق


                              • #30
                                (17)
                                ليلة الخامس عشر من شعبان

                                وصلنا كم أشعر بالإرهاق .. أتمنى أن أخذ قسطاً من الراحة أذن المؤذن لصلاة العصر إنها فرصة سأصلي .. ثم أخلد للراحة قليلاً صعدت .. أولى درجات السلم .. استوقفني الزوج بلهجة عاتبة وجادة :

                                توقفي لماذا لم تصومي معنا اليوم ؟ أم أنك تريدين مخالفتنا فقط !!!

                                استدرت نحوه بعينين أثقلهما النعاس ثم هززت كتفي ببراءة وقلت :

                                اصوم ؟! اليوم ؟ ! وأي مخالفة تلك التي تتحدث عنها ؟


                                تضايق من ردي ولكني لم أفهم ما يرمي إليه !!! مابه ؟! لماذا يوبخني على عدم الصوم اليوم ؟
                                !!

                                ردي قائلاً في غضب مفاجيء أدهشتني
                                :

                                كل من يعظم ليلة النصف من شعبان فإنه يصوم يوم الرابع عشر منه .. إلا أنت !! ألا تشعرين بنوع من المخالفة ِ
                                !!

                                قلت وقد فهمت غرضه الحقيقي
                                :

                                ولم هذا اليوم بالذات عن بقية الأيام ؟


                                سأصوم غداً إن شاء الله .. أو
                                ..

                                قال بعنف
                                :

                                لا أريد أن يعرف أحد من الناس أنك لم تصومي اليوم هل فهمتي ؟
                                !

                                ستذهبين معنا اليوم للإفطار وكأنك صائمة
                                !

                                ولاتفصحي لأحد عن إفطارك مطلقاً .. لانريد أن يلوكنا الناس بألسنتهم .. مفهوم
                                !!

                                لقد كثرت مخالفاتك ؟


                                وكثرت امتناعاتك ! إلى متى ؟! .. لقد ...

                                قلت له لما رأيت غضبه يزداد تأججاً بصوت خافت وهاديء
                                :

                                أرجوك كفى شجاراً . أرجوك ماذا دهاك ؟!! سأفعل ما تأمرني به .. لن يعرف إنس أو جن بإفطاري .. ولكن أرجوك .. أريد أن أعيش بسلام .. لا تغضب ولا تجرحني .. أكثر من ذلك .. كفى .. لك ما تريد.. سأكون جاهزة خلال عشرة دقائق .. ولكن اهدأ واتركني أنا أيضاً .. أتوسل إليك
                                ...

                                حسناً هيا اصعدي
                                ...

                                تنهدت بارتياح عندما لاحظت أن البرود يشع من صوته بعد العاصفة .. لقد اطمأننت أخيراً عرفت كيف أسكب على غضبه الجامح ماءً بارداً .. أنا لست نادمةً على تهدئته
                                !

                                لأن رجلاً كهذا كفيل بأن يخرجني عن طوري من فرط القليل والسأم
                                .

                                تناولت معطفي الذي سقط من يدي من دون وعي مني .. صعدت السلم قفزاً ..آه .. كما أنا متعبة .. صليت العصر .. لم أجادل في ذهابي
                                !

                                لن يسمح لي بالبقاء في المنـزل لاأريد أن أثير غضبه .. أو أن أتعب قلبي
                                !

                                سأذهب سأذهب أعدت المشط وأدوات التجميل في حقيبتي .. ارتديت ملابسي وحذائي لبست حجابي ركبنا معاً في السيارة وانسابت منحرفة إلى الطريق القديم .. وازداد وجه السماء تلبداً أطللت من النافذة .. حيث رأيت الظلام قد بدأ ينشر أجنحته في صفحة السماء
                                ....

                                دخلنا إلى مكان الاحتفال بليلة الخامس عشر من شعبان .. الجميع صائمات . وصائمون !! .. وهذه موائد قد أعدت عند أكثر الناس تقوى وإيماناً!! اجتمعت النسوة حول الطعام أجستني والدة زوجي بجانبها
                                ..

                                هل هذا الطعام من حلال أم من حرام ؟! مجموعة من النساء ما زالت تردد ابتهالاتها وتسبيحاتها بشكل جماعي ويقرأن القرآن أيضًا بصوت واحد
                                ...

                                الشحوب وهذا الذبول .. فتجيب والدة الزوج بسرعة
                                :

                                تعلمون أنها مازالت عروساً .. إنها لم تبلغ الثلاثة أشهر من زواجها بعد .. لذلك هي لا تأكل و تنام جيداً ما زالت الحياة الزوجية جديدة عليها .. نعم ..فقط هذا هو السبب
                                ..

                                انظر إليها بعينين زائغتين أومىء للنساء برأسي بأن هذا هو السبب فقط
                                ..

                                فقط .. فقط
                                .. !!

                                أذن المؤذن لصلاة المغرب .. تناولت النساء إفطارهن .. تصنعت التذوق أخاف أن يكون الطعام حراماً رباه أنا مكرهة ! أخشى مكرهم . ينظرون إلي ألى العروس التي ذبلت بعد زواجها ... كلي ما بك ؟
                                ! ..

                                فأصطنع الأكل وأشرب كميات الماء .. هل هذا الماء يحوي شيئاً ما أيضاً ؟ رباه ما العمل ؟
                                !

                                انتهينا .. تقدمت إحدى النساء الصالحات !!!! تعظ وتذكر بفضل هذا اليوم وبفضل صيامه وقيامه
                                !!

                                وبفضل صلاته وذكره !! ثم أمرت النساء بفتح المصاحف على سورة يس وبدأن جميعاً بصوت واحد بقرائتها .. حتى إذا انتهين منها .. كررن قرائتها مرة ثانية فثالثة !! واكتفين
                                !!

                                ثم قالت ا لمرأة بانفعال
                                :

                                والآن ادعين الله بأن يمحوا آجالكن السابقة ويثبت الآجال الجديدة بعد قراءة يس ثلاث مرات .. ولتطمئنوا .. فلن تموت إحداكن هذه السنة ما دامت قرأت معنا سورة يس . ثلاث مرات .. والآن سوف يوزع الله عليكم الأرزاق الجديدة والآجال الجديدة ويمحو الآجال القديمة التي كتب الله فيها بموت امرأة منكن في هذه السنة
                                !!

                                رباه .. أستغفر الله العظيم وكيف يضمن عدم موتتهم في هذه السنة ؟
                                !

                                رأيت الإريتاح بادياً على وجوههن لقد وثقن بعدم موتهن خلال العام ؟!! أي عقول يملكن ؟
                                !!

                                أضافت تلك المرأة في قولها وهي تثبت نظارتها السميكة على عينها
                                :

                                قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا علي ، من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات إلا قضى له كل حاجة .. ) إلخ
                                .

                                تعالت صيحات النسوة
                                :

                                يا فلان بن فلان .. فلان بن فلان
                                .. !!

                                آه بدأ الهزل واوشك الجد أن يختفي ! إنهن يستنجدن ويستغيث !! رباه .. أخرجن من بينهن يا رب !! ثم أكلمت المرأة في ابتسامة عريضة
                                :

                                كلنا نعلم أن هذه الليلة من أعظم الليالي المباركات وفضلها جد عظيم .. وسبب تفضيلها على باقي الليالي هو أنها المقصود في القرآن .. ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) في سورة الدخان لذلك يستجيب في ليلة النصف من شعبان العبادة والذكر والقيام وقراءة القرآن وصيام يوم أربعة عشرة منه
                                .

                                صرخت بالمرأة بدون وعي مني .. وقلت لها وقد خيم السكون على الجالسات
                                :

                                مهلاً مهلاً .. هناك لبس في الأمر .. المقصود بهذه الآية هي ليلة القدر في رمضان .. وليست ليلة النصف من شعبان
                                !!

                                رأيت المرأة تطرف بعينيها ويضطرم وجهها وترتبك فجأة فلا تحير جواباً نظرت إلى والدة الزوج .. فشعرت كأن سهماً قاتلاً أرداها قتيلةً وقد اخترق صدرها حين رأتني أعارض أمرهم العظيم .. بدأ الهمس ..نظرت المرأة إلي بنظرات محرقة .. ساخطة متحدية .. ابتعد النساء اللاتي بجانبي شيئاً فشيئاً !!! هل كفرت ؟
                                !!

                                توقفت المرأة عن الحديث .. انعقد لسانها تفاجأت بوجودي فيما بينهم !! وفقت وأنا أرى حقدهن ونظراتهن المغرضة ! وقلت بصوت مسموع
                                :

                                استغفر الله العظيم
                                .. !

                                ثم مضيت بسرعة نحو دورة المياه .. كنت واثقة بأني تركت تلك المرأة ومن معها في حالة يرثى لها من شدة الغيظ ... ولكن يا ويلتي من ذاك الزوج الذي لا يفتأ ينهرني ويعتدي علي بالتجريح والضرب .. بدأ الخوف يتشبث بأجزائي
                                ..

                                وجدت حجرة فارغة .. مكثت فيها وحدي .. الكل .. يحقد علي .. فكرت ملياً .. ما الذي يجبرني على البقاء أكثر ؟!! سأرحل .. ها أنا أشعر مرة أخرى بهذا السأم العميق الذي طالما أثقل علي بسبب هذه الحياة الرتيبة المخيفة معه ... ومعهم !! لشد ما تهفو نفسي إلى لون آخر من الحياة .. حياة يملأها الإيمان والصدق .. والراحة والطمأنينة .. بذكر الله وبالصلاة .. على وجهها الصحيح .. ولكن كيف ؟! كيف ؟!ّ كيف
                                !!!

                                سمعت النساء يصلين المائة ركعة ! يا رب .. أخرجني من هنا برحتمك .. اللهم ألهمني الصبر والسلوان تحسست وجههي بيدي .. آثار الشحوب قد ظهرت عليه . لقد ارتسمت علي سمات تنم عن أني سأفقد شبابي قبل الأوان ..هم السبب في تعاستي وذبولي .. اللهم خلصني منهم يارحيم
                                ..



                                وللقصة بقية ...

                                تعليق

                                يعمل...
                                X