إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من كتـم داءه قتــــله !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    رد: من كتـم داءه قتــــله !

    مقاييس مؤكدة


    وهي مقاييس تضمن لك تجاوزك لهواك من أجل مولاك

    1.الفور

    ولو تأملنا عبدا يأمره سيده فيتلكأ ويأمره مرة أخرى فيتكاسل فما رتبة هذا العبد أمام سيده ... لا شك أنها رتبة وضيعة تجعله للطرد أقرب منه للقرب

    وكذلك حال عبيد الله فبعضهم مقرب موفق وبعضهم مخذول مطرود والسبب الفورية في التنفيذ أو كما عبر عنها السعيد الشهيد سيد رحمه الله "التلقي فالتنفيذ" عندما وصف الجيل الفريد جيل الصحابة

    فماذا تعرف عن نفسك مع هذا المصطلح ...
    لو نصحك أحدهم بآية من كتاب الله وأنت غضوب هل تهدأ وتلتزم بأمر الله
    لو نصحك أحدهم بأنك قائم على محرم هل تقلع فورا أم في النفس تردد

    تأمل حال الصحابة حين نزلت آية تحريم الخمر هل ترددوا لحظة ... كلا لأنهم تربوا على مائدة العبد الأول رسول الله صلى الله عليه وسلم

    وتأمل حال المغضوب عليهم حتى تتقي ميراثهم

    إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ... أمر بسيط

    قالوا أتتخذنا هزوا ... استهزاء وتلكؤ

    قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي .. بقرة!؟ ويريدون أن يعرفوا ما هي ؟؟؟ مماطلة ولؤم مع خالق الكون

    قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ... استهزاء بالأمر لأنهم لم يعظموا الآمر

    قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا ... عودة للسؤال ليدلك على نفسهم المريضة التي لم تجد بدا من المماطلة إلا إعادة السؤال

    فذبحوها وما كادوا يفعلون : نعم لأنهم لا يملكون مقومات التنفيذ وهي أنهم عبيد لله

    هذا أنموذج يضربه القرآن لك لتتنبه لنفسك

    2.التضحية

    التضحية بالمحبوبات من أجل تنفيذ المأمورات أو بعبارة أخصر "مخالفة الطبع ومتابعة الشرع"

    وعنوانها الكبير التضحية

    والقرآن ضرب أنموذجا لأم موسى وكيف استجابت لأمر ربها

    وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ

    أم تخاف على وليدها من القتل على يد فرعون يأتيها الأمر الإلهي بقذفه في البحر ... أي أمر هذا ... ولكن قل أي امرأة هذه التي وافقت على ذلك ... نعم تضحي بخوفها ومشاعرها وطبعها من أجل الله

    طبعها يقول لها ضميه وأمر الله يقول لها ألقيه .... فخالفت طبعها واتبعت شرعها فألقته مطمئنة لأمر الله

    وليس هذا فحسب ... فالله لا يترك عبيده من غير تعليم

    فقال في آية أخرى
    أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ

    ليس هذا فقط يا أم موسى بل بعد أن تلقيه سوف نأخذه لك لفرعون الذي تخشينه ... إنه والله لأمر تنوء الجبال عن حمله ... ولكن الآمر هو الله والمأمور إحدى إمائه وليس لها إلا التسليم

    فماذا حدث بعد هذه المخالفة للطبع والمتابعة للشرع من قبل أم موسى ... لقد حول الله طبائع الأشياء إكراما لأم موسى التي ضحت من أجله

    فأمر البحر بحمله فأصبح له كالأم الرؤوم وابتعد عن طبيعته الهائجة المائجة
    أمر قلب زوجة فرعون بحبه
    أمر فرعون بطاعة زوجته والرضا بأمرها
    أمر الطفل بأن لا يرضع من أي امرأة وهل يملك الطفل الجائع حديث الولادة أن لا يرضع ولكنها مخالفة الطبائع لمن خالفت الطبائع
    ثم دلهم على أم موسى فعادت الأم لوليدها ترضعه
    ولسان الحال يقول : ها قد رجعت يا أم موسى ترضعيه وأمام فرعون وبأجرة زائدة لتعلمي من هو الله ومن هو فرعون

    وأعجب من شباب ملتزمين غير مستعدين بعد للتضحية بشهوة النوم من أجل خالقهم العظيم ثم تراهم بعد ذلك يفخرون بالتزامهم ودينهم

    هذا عن ركن الخضوع لله وبه اكتمل عقد أركان العبودية (التعظيم والمراقبة والخضوع)

    وهذا الأصل أعني أصل ترسيخ العبودية في قلوبنا وقلوب الناس هو الأصل الأول من أصول البناء الحقيقي والتخلص من الداء ورفض كتمه

    وللحديث بقية مع الأصل الثاني وهو الاستغراق بالآخرة والتخلص من حب الدنيا ... ولعلي أكتب قبله بعض الاستدراكات على الركن الأول


    وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
    رضي الله عنك وأرضاك


    تعليق


    • #77
      رد: من كتـم داءه قتــــله !

      الوقوف على بعض الظواهر المرضية وعلاقتها بالأصل الأول

      وقد ذكرتها في ثنايا الكلام ولا بأس من تصنيفها وترتيبها

      الظاهرة الأولى : ضعف الأرادة

      وقد أتاني من الشباب الكثير من يشكو ضعف مقاومته للمعاصي وآخر يشكو فتوره لفترات ومنهم أحسن حالا فشكواه تتمثل بتثاقل شديد نحو العبادات الخاصة كالقيام والصيام وغيره ...

      والحق أنها مظاهر لشيء واحد هو ضعف الإرادة .. كما أن ضعف الإرادة ما هو في الحقيقة إلا صورة لمعنى واحد وهو سيطرة الشهوات على القلب .. والإنسان لا ينشط إلا لشيء تغلغل بقلبه وصار من اهتماماته ولن يتحقق للملتزم قوة الإرادة كم يريد ربه إلا إذا أتغلغلت عظمة الله قلبه وسيطرت عليه وعندها سترى قوة عجيبة يحق لمن يراها أن يقول لو أراد هذا قلع الجبل لقلعه

      تساؤل

      وقد يتساءل البعض ويقول إننا نرى نماذج من غربيين بل ومسلمين لم تتحقق فيهم عظمة الله ومع ذلك فإننا نرى عجبا من إرادتهم

      والجواب أن قوة الإرادة تتحقق بأي اهتمام يتغلغل في قلبك ...لكن المشكلة أنك لن تكون قوي الإرادة إلا في الأمور المتعلقة فيه

      فعبد المال والمهتم به نشيط قوي الإرادة في الأمور المتعلقة بجمع المال ضعيف الإرادة في غير ذلك وأعرف منهم من يسهر الليل ويصوم النهار ولا يأكل إلا لقيمات في سبيل اجتماعاته ولقاءاته ولكن انظر إلى صلاته فستجد الكسل متمثلا بأعلى صوره وبعضهم استغرقت في كيانه فكرة ارتباط الرزق الكثير بالصلاة فتجده ينشط لها من هذا الباب ....وإذا نقلت نظرك لمعاصيه فستجد عجبا في ضعف الإرادة فما هو إلا ككرة تنقلت بين أيدي الشياطين

      ويبرز منهج آخر وهو أننا نستطيع أن نكون أقوياء الإرادة بقرارنا فنحن الذين نقرر أن نكون أقوياء الإرادة أو ضعفاء الإرادة

      وهذا صحيح ولكن يحتاج هذا القرار لقاعدة يرسو عليها ألا وهي القلب القوي ولذا فإن هذا المنهج لم يعط الكثيرين القدرة على الثبات على قراراتهم والمعنى أن الذين أمسكوا بزمام هذه القاعدة ثم راقبوا أنفسهم بصدق فإنهم سيجزمون أن هذه القاعدة لم تمكنهم من حل مشكلة الضعف في الأمور التي هي محل المشكلة بل تجدهم يقررون ثم يتراجعون وهذه هي نزوات الإدارة الحديثة والتي لا تصلح في كثير من الأحيان لتربية المؤمن!!!

      والذي نريده منك أن تكون قوي الإرادة في سرك وعلانيتك في نهارك وليلك ولن يتحقق لك ذلك حتى تصبح عبدا حقيقيا لله من خلال هيمنة عظمته على قلبك ... ولذا كانت تربية القرآن المتمثلة بمنهجية التفكر الواسع وطريق الذكر الكثير وسبيل التدبر الواعي للقرأن مع الدوام على السجود والركوع آناء الليل وأطراف النهار هي الطريق الأمثل لحل كثير من مشكلاتنا






      وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
      رضي الله عنك وأرضاك


      تعليق


      • #78
        رد: من كتـم داءه قتــــله !

        الظاهرة الثانية : التناقض

        ويتساءل بعض الحريصين على أمر الدعوة لماذا نرى هذه التناقضات المخزية في أوساط المسلمين فمن ملتزم بالصف الأول وواضع ماله في البنك وآخر يخطب بالناس ويبكيهم ثم لا تجده متورعا عن الغيبة والنميمة .....هذا بشكل عام ..

        أما عن الوضع الخاص فرجل قد تملكته أمور الدعوة وهو مع هذا عاق لوالديه أو سيء الخلق مع زوجته وآخر كثير التعبد(الشكلي!!) ولكن لا يحرك ساكنا لأمور المسلمين
        وحقيقة الأمر أن هذه الظاهرة لها سببان

        1.هيمنة الشهوات على القلب وقد يقول لي البعض إنا نرى أن هذه الكلمة في كل موضع من مقالك والقول عندي أن هذا متعمد حتى تترسخ عندك منهجية الحل الجذري لا السطحي الهالك
        وأضرب لك مثالا على هذا السبب
        شاب قد هيمنت عليه شهوات الذات .. شهوة الشهرة دفعته للدعوة والعمل المتواصل وأصبح حب الإنجاز متعمقا في دواخله وتعاظمت في قلبه أهداف الوصول للمكانة والشهرة من خلال الدعوة أو الوعظ أو المشاريع ...
        ثم دفعته للنقد اللاذع ليهدم غيره من أجل البروز ثم كسى هذا النقد بلبوس التقوى والحجة الكبرى مصلحة الدعوة
        فلما اقترب أحدهم من ذاته المقدسة بنقد مؤدب انطلقت شهوة الحماية للذات بالدفاع الصارخ وتبرير تصرفات الذات المعصومة!! ولا بأس بعدها من غيبة الناقد لبيان الحق للمستمعين
        فلما وصل بيته لم يعد هناك حاجة لشهوة الشهرة فتركها خارجا ودخل بيته بقلبه المحاط بالشهوات الغضبية لينزل هذا الداعية المنهك جام غضبه على زوجته المسكينة بكلام فاضح وظلم واضح ...ثم نامت المسكينة لتسيقظ عنده شهوة الجنس فيشبعها بنظرة خائنة وتصرف قبيح...
        ولاحظ ان هذا المتناقض هو في الحقيقة منسجم انسجاما كاملا مع شهواته مع ملاحظة أمرين وهما أن الشهوات قد تنتج أعمالا صالحة بصورتها وكذلك فإن بعض الشهوات تخفي غيرها فشهوة الشهرة قد تخفي لبعض الوقت الشهوات الغضبية والجنسية

        2.هيمنة بعض المعاني الشرعية دون غيرها فالذي يتملك قلبه إقامة الخلافة فقط فإنه سينفذ الأمور التي تحقق هذا المطلوب أما الأمور الأخرى والتي هي في أصلها مطلوبات شرعية ولكن ليس لها علاقة بما يتملك قلبه فإنه لن يلتفت لها كثيرا كالأخلاق مثلا وعندها سيتجلى عنده التناقض في صورة من صوره

        ونحن نريد أن يتملك قلب المسلم عظمة الله ثم نعظم في قلبه مرادات الله على السواء وعندها سوف يهتم بإقامة الخلافة وتحرير الأقصى والأخلاق وإصلاح القلب وكل ما له علاقة بإرضاء الله وعندها سوف ترى مسلما منسجما متوازنا يمثل الإسلام حق التمثيل...

        ولذا كرر الصالحون ضرورة تعظيم الآمر قبل تعظيم الأمر وكلمتهم المشهورة في ذلك

        متى عظمنا الآمر قبل الأمر تفانى الخلق في تنفيذ الأمر
        ومتى عظمنا الأمر قبل الآمر تفنن الخلق في التفلت من الأمر

        والآن أترك لك ظواهر مرضية لتتأمل فيها مثل الفتور .. الانقلاب والتساقط ... الانتقاء والتضخيم.. فساد ذات البين ... عدم الثقة ... الخ من هذه الظواهر لتكتب فيها السبب الوحيد والحل الوحيد!!!

        وللحديث بقية مع أخطاء الدعاة في المعالجة والتغيير





        وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
        رضي الله عنك وأرضاك


        تعليق


        • #79
          رد: من كتـم داءه قتــــله !

          البرج والسيارة

          همس احدهم في أذني بعد محاضرة سمعها مني قائلا : لقد شددت على الملتزمين بالوسائل

          فقلت له: لقد شددوا على أنفسهم بالغايات فذكرت لهم الوسائل التي تناسب غاياتهم

          فاستوضح مني!!

          فقلت له: هب أن أحدهم أراد بناء برج مكون من 100 طابق ثم جاء للناس بسيارة تحمل كيسين من الإسمنت وحفنة تراب لتتم له البناء ألا تستغرب منه

          قال : بلى

          قلت: أفلا تتعجب ممن نصبوا أنفسهم ليقيموا صرح الدين العظيم في القلوب وعلى الأرض ثم تراهم بعد ذلك يتشبهون بصاحب السيارة!!!



          وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
          رضي الله عنك وأرضاك


          تعليق


          • #80
            رد: من كتـم داءه قتــــله !

            مع الدعاة ............أخطاء وتصويبات

            الخطأ الأول : إهمال الجوانح وتعظيم الجوارح

            ملخص القول

            وينظر الناس إلى الدعوات إلى مظاهرها العملية وألوانها الشكلية ويهملون كثيرا النظر إلى الدوافع النفسية والإلهامات الروحية التي هي في الحقيقة مدد الدعوات وغذاؤها وعليها يتوقف إخصابها ونماؤها ... الإمام البنا

            ولا بد من تذكير

            لا شك أنك عشت معي في جولة بناء القلب الضخمة قراءة وأمنيتي بل رجائي أن نعيشها سلوكا وتطبيقا وواقعا

            أول الطريق نقل القلب من دوائر النفس والدنيا ألى دائرة تعظيم الله والاستغراق في الآخرة ...

            ثم بناء بيت التعظيم لله والاستغراق في الآخرة لتكون له الهيمنة الكاملة على الشهوات وعندها ستسير نفسك بكل راحة وطمأنينة وسعادة هذا ما ذكرته لك ....

            هذا البناء سينقل مشاعر الخوف والحب والرجاء عندك إلى موضعها الصحيح فتصبح منسجما مع غاية وجودك

            مع تكرر هذه المشاعر فإنها ستولد لك الاهتمامات العظيمة والتي ستجعل منك إنسانا عظيما ...

            فإذا تركزت هذه الاهتمامات في القلب تولدت عندك بداية العبودية لله وهذه الدائرة الإيجابية المطلوبة

            والخلق قد وقعوا في نقيضها فتكونت عندهم المشاعر والعواطف المنسجمة مع النفس حتى انتقلت إلى اهتمامات ثم توغلوا حتى صاروا عبيدا لها في كل تفصيلات حياتهم ...

            ولذا كان تركيزنا على القلب وعلى بنائه وبناء عواطفه ومشاعره واهتماماته بناءا صحيحا ... وهذا مشروعك الذي يجب أن يسيل عرق جبينك لتحقيقه وعندها يحق لك يوم القيامة أن تحمل هذا القلب الذي تقطعت عروقك وانساحت دموعك من أجله وبلغت الجهد في تحقيقه يحق لك أن تقدمه مفتاحا لدخول الجنة ...

            يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم


            وعمل الجوارح لا شك أنه مهم لكنه يفقد أهميته بل يصبح وزرا على صاحبه حين يستند لقلب فاسد وما خبر الثلاثة الذين سعرت فيهم جهنم عنك ببعيد ... أفلا ترى معي أن تركيزا على الجوارح لا يسبقه هم في الجوانح من عمل الحمقى والمغفلين وعندها يحق لابن الجوزي أن يفرد لهم بابا!!!

            وهناك كلام للإمام البنا واجب على العامل أن يتأمله بعين التدقيق

            قال رحمه الله :
            نريد أول ما نريد يقظة الروح وحياة القلوب وصحوة حقيقية في الوجدان و المشاعر نحن نريد نفوسا حية قوية فتية .. وقلوبا جديدة خفاقة ومشاعر غيورة ملتهبة وأرواحا متطلعة متوثبة تتخيل مثلا عليا وأهدافا سامية

            ثم زاد عليك التبعة ... فقال
            "ولا بد من أن تحصر هذه العواطف والمشاعر ولا بد من أن تركز حتى تصبح عقيدة لا تقبل جدلا ولا تحتمل شكا ولا ريبا وبغير هذا التحديد والتركيز سيكون مثل هذه الصحوة مثل الشعاع التائه في البيداء لا ضوء له ولا حرارة "

            ويؤكد على أوليته وأولويته بقوله
            "قبل أن نتحدث إليكم في هذه الدعوة عن الصلاة والصوم وعن القضاء والحكم وعن العادات والعبادات وعن النظم والمعاملات نتحدث إليكم عن القلب الحي والروح الحية والنفس الشاعرة والوجدان اليقظ والإيمان العميق

            ثم يدلل على أهميته بقوله
            "وهذا الشعور القوي الذي يجب أن تفيض به النفوس وهذه اليقظة الروحية التي ندعو الناس إليها لا بد أن يكون لها أثرها العملي في حياتهم ستعمل هذه اليقظة عملها في الفرد فإذا به نموذج قائم بما يريده الإسلام من الإفراد إن الإسلام يريد في الأرض وجدانا شاعرا يتذوق الجمال والقبح وإدراكا صحيحا يتصور الصواب والخطأ وإرادة حازمة لا تضعف ولا تلين أمام الحق وبهذا نوجب على الداخل أن يتعبد بما أمره الله به ليرقى وجدانه"
            وهناك أمران خاطئان يتفرعان من هذا الخطأ لا بد من التنبيه لهما


            وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
            رضي الله عنك وأرضاك


            تعليق


            • #81
              رد: من كتـم داءه قتــــله !

              الأمر الأول :الاعتماد الكامل في التربية على المحاضرات والدورات

              ولعل تعبير بعضهم بتخمة الدورات صادق مصيب ... ولا نعيب على الدروس بل نعيب الاعتماد عليها في أمر التربية فالدروس ميدانها العقل إفهاما ... وتأثيرها على القلب موجود ولكنه لا يكفي لهيمنة الصواب عليه والذي هو أساس التربية

              ومثلها كمثل المخطط الهندسي للبناء .. هو مهم ولا ينكر أهميته إلا جاهل ولكن أجهل منه من حمله ظانا أن بيته قد بني واكتمل ...
              ومثل المعتمدين في التربية على المحاضرات مثل صاحبنا هذا الذي بنى بيته في عالم الأحلام وقد يذهب مرة أخرى لإحضار مخطط آخر وثالث ورابع باذلا جهده لبناء مدينته الفاضلة ... وما هي في الحقيقة إلا مجموعة أوراق ليس لك إلا أن تشعل بها عود ثقاب ليستيقظ صاحبنا من غفلته ويعلم أنه في العراء قد أضاع الوقت والجهد في الأماني ونسي حقيقة البناء


              ومثل آخر موقظ لأصحاب المخططات...خلاصته أن مجموعة أرادت التدرب على السباحة ... فذهبوا فوجدوا المكان مهيئا لدورة عن السباحة ..كراسي فاخرة ومدرب فاضل وdata show يوضح ليكون التعليم أجدى ...
              فجلسوا واستمعوا وتعلموا وقدموا امتحانا على الورق ونجحوا وتخرجوا وأعطيت لهم شهادات النجاح ثم استعدوا ليكونوا هم المدرسين لغيرهم بدورات نظرية خلاصتها أنه يمكنك تعلم السباحة دون أن تمس الماء ...
              ثم كان أن جاء وقت المسابقات الدولية فذهب القوم وبدات المسابقة وقيل لهم تقدموا فقالوا أين الورق ... فقيل لهم المسابقة سباحة وليست مساحة ... فنظروا إلى مدربهم وحاله كحالهم .. فنكسوا على رؤوسهم ووصلتهم رسالة القدماء
              لن تتعلم السباحة على البر ... ولا بد من الغطس والمعاناة والبلل والاختناق حتى تحسن السباحة ثم لا بد من التدرب أكثر في وسط البركة لتستطيع تعليم غيرك هذه هي المعادلة الصحيحة

              وقد يخرج البعض من هذين المثلين يبخسون حق الدروس والدورات ويسخرون منها والأمر ليس كذلك بل هي مهمة جد مهمة ... أما ترى المتدرب في المسبح يستمع لتعليمات المدرب ولولاها لتأخر كثيرا في التعلم هذه هي الدروس...

              والذي أريد أن تخرج فيه من هذه النقطة أن الدروس أمرها مهم ولكنها لا تكفي وحدها للبناء التربوي


              والإمام البنا رحمه الله نبه الناس لهذا بقوله

              أما بث قواعد الأخلاق ... وتلقين المعلمومات التي تخالط الأذهان ولكن لا تصل إلى القلوب والمشاعر فأمر لا يجدي فالفضيلة ليست علما ولكنها عاطفة والفضيلة قد يعرفها الناس جميعا ولكن لا يعمل بها إلا قليل .... لهذا لو لقنا العلم في المدارس ما فعلنا شيئا ولكن أساس التربية الفاضلة والرقي الوجداني هو العاطفة فلا بد ان يكون الإحساس هو عماد التربية الدينية فهي وحدها التي تفيض في النفس الشعور وتقوي معنى الإنسانية في الإنسان

              وينطق بالحكمة رحمه الله
              "حكمة من الحكم جديرة بالعناية بها والفهم لها فالدين في نظر الناس : هو مجموعة من الأخلاق والوصايا والشرائع التي بلغها لنا الأنبياء عن ربهم ولكن الحقيقة يا إخوان هي أن الدين عاطفة وإحساس قبل أن يكون شرائع ووصايا تحفظ في الرؤوس والأذهان هو إحساس عميق وشعور وجداني

              وقد يسألني سائل فإن كانت الدروس لا تكفي فما هي مكملاتها

              والجواب ان مفاتيح القلب تكمن في الخلوات والتعبدات والمجاهدات والمذاكرات والبيئات والقدوات فاقرأ وأنت جالس ثم قم واقفز داخل المسبح لتعلم الحقيقة وإياك أن تكون منهم فإن طالبتني بالمزيد طالبتك بالصبر والله المستعان





              وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
              رضي الله عنك وأرضاك


              تعليق


              • #82
                رد: من كتـم داءه قتــــله !

                الأمر الأول :الاعتماد الكامل في التربية على المحاضرات والدورات

                ولعل تعبير بعضهم بتخمة الدورات صادق مصيب ... ولا نعيب على الدروس بل نعيب الاعتماد عليها في أمر التربية فالدروس ميدانها العقل إفهاما ... وتأثيرها على القلب موجود ولكنه لا يكفي لهيمنة الصواب عليه والذي هو أساس التربية

                ومثلها كمثل المخطط الهندسي للبناء .. هو مهم ولا ينكر أهميته إلا جاهل ولكن أجهل منه من حمله ظانا أن بيته قد بني واكتمل ...
                ومثل المعتمدين في التربية على المحاضرات مثل صاحبنا هذا الذي بنى بيته في عالم الأحلام وقد يذهب مرة أخرى لإحضار مخطط آخر وثالث ورابع باذلا جهده لبناء مدينته الفاضلة ... وما هي في الحقيقة إلا مجموعة أوراق ليس لك إلا أن تشعل بها عود ثقاب ليستيقظ صاحبنا من غفلته ويعلم أنه في العراء قد أضاع الوقت والجهد في الأماني ونسي حقيقة البناء


                ومثل آخر موقظ لأصحاب المخططات...خلاصته أن مجموعة أرادت التدرب على السباحة ... فذهبوا فوجدوا المكان مهيئا لدورة عن السباحة ..كراسي فاخرة ومدرب فاضل وdata show يوضح ليكون التعليم أجدى ...
                فجلسوا واستمعوا وتعلموا وقدموا امتحانا على الورق ونجحوا وتخرجوا وأعطيت لهم شهادات النجاح ثم استعدوا ليكونوا هم المدرسين لغيرهم بدورات نظرية خلاصتها أنه يمكنك تعلم السباحة دون أن تمس الماء ...
                ثم كان أن جاء وقت المسابقات الدولية فذهب القوم وبدات المسابقة وقيل لهم تقدموا فقالوا أين الورق ... فقيل لهم المسابقة سباحة وليست مساحة ... فنظروا إلى مدربهم وحاله كحالهم .. فنكسوا على رؤوسهم ووصلتهم رسالة القدماء
                لن تتعلم السباحة على البر ... ولا بد من الغطس والمعاناة والبلل والاختناق حتى تحسن السباحة ثم لا بد من التدرب أكثر في وسط البركة لتستطيع تعليم غيرك هذه هي المعادلة الصحيحة

                وقد يخرج البعض من هذين المثلين يبخسون حق الدروس والدورات ويسخرون منها والأمر ليس كذلك بل هي مهمة جد مهمة ... أما ترى المتدرب في المسبح يستمع لتعليمات المدرب ولولاها لتأخر كثيرا في التعلم هذه هي الدروس...

                والذي أريد أن تخرج فيه من هذه النقطة أن الدروس أمرها مهم ولكنها لا تكفي وحدها للبناء التربوي


                والإمام البنا رحمه الله نبه الناس لهذا بقوله

                أما بث قواعد الأخلاق ... وتلقين المعلمومات التي تخالط الأذهان ولكن لا تصل إلى القلوب والمشاعر فأمر لا يجدي فالفضيلة ليست علما ولكنها عاطفة والفضيلة قد يعرفها الناس جميعا ولكن لا يعمل بها إلا قليل .... لهذا لو لقنا العلم في المدارس ما فعلنا شيئا ولكن أساس التربية الفاضلة والرقي الوجداني هو العاطفة فلا بد ان يكون الإحساس هو عماد التربية الدينية فهي وحدها التي تفيض في النفس الشعور وتقوي معنى الإنسانية في الإنسان

                وينطق بالحكمة رحمه الله
                "حكمة من الحكم جديرة بالعناية بها والفهم لها فالدين في نظر الناس : هو مجموعة من الأخلاق والوصايا والشرائع التي بلغها لنا الأنبياء عن ربهم ولكن الحقيقة يا إخوان هي أن الدين عاطفة وإحساس قبل أن يكون شرائع ووصايا تحفظ في الرؤوس والأذهان هو إحساس عميق وشعور وجداني

                وقد يسألني سائل فإن كانت الدروس لا تكفي فما هي مكملاتها

                والجواب ان مفاتيح القلب تكمن في الخلوات والتعبدات والمجاهدات والمذاكرات والبيئات والقدوات فاقرأ وأنت جالس ثم قم واقفز داخل المسبح لتعلم الحقيقة وإياك أن تكون منهم فإن طالبتني بالمزيد طالبتك بالصبر والله المستعان





                وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                رضي الله عنك وأرضاك


                تعليق


                • #83
                  رد: من كتـم داءه قتــــله !

                  الأمر الثاني : الشغف الكبير بالتربية الحديثة

                  من إدارة الذات إلى البرمجة العصبية إلى الجاذبية إلى صناعة القائد إلى غيرها من مصطلحات القوم..

                  وقد يتوهم البعض من عنواني أني سأشن غارتي عليها والأمر ليس كذلك فهي علم والحكمة ضالة المؤمن وفي هذا العلم فوائد جمة لمن تعلمه وعلمه..

                  ولا بد لي من بعض التوضيحات حتى تتنبه لموضع الخطورة في هذا الأمر

                  1.قلب المسلم إما أن تتحكم به النفس وشهواتها أو الله سبحانه وعظمته وقد وضحنا هذا سابقا

                  2.إذا تحكمت النفس والشهوات بهذا القلب فقد يثمر على الجوارح أعمال سيئة في صورتها كالزنى وأساسها الشهوات الجنسية أو الغيبة مثلا وأساسها الشهوة الغضبية
                  وقد تنتج أعمالا حسنة في صورتها كالدعوة مثلا وأساسها شهوات الذات إو إتقان العمل وأساسها حب المال

                  3.والهدف من النقطة الثانية هو ان لا تحكم على نفسك من خلال عمل الجوارح فقط

                  4.منطلق التربية الحديثة هو الإنجاز وعدم إيذاء الآخرين والعيش بسعادة ومن هذه المنطلقات شكلوا قواعد معينة لإقناع الفرد بسلوكيات معينة لتحصيل هذه الأمور من غير النظر للدوافع القلبية لتلك السلوكيات

                  فعلى سبيل المثال قد يقنعون الشخص من خلال الشهرة ومدح الآخرين له ليقوم بتصرفات حسنة والمهم عندهم تحسين تصرفات الخلق من خلال تهييج بعض الشهوات وإخماد أخرى ...

                  5.في التربية القرآنية يهتم بالبواعث قبل التصرفات وبالقلب قبل الجوارح وتأمل معي قوله تعالى "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
                  ولا يريد الإسلام شخصا يدعو لدين الله من أجل شهرته بل هو مذموم وأول من تسعر به النار

                  6.الفرق الكبير بين التربية القرآنية والتربية الحديثة هو أن الأخيرة قامت بتهييج الشهوات من أجل سلوك حسن في بعض الأمور والأولى قامت بنقل القلب من عالم الشهوات إلى عالم الربانيات أولا ثم تحسين السلوك كاملا مصبوغا بصبغة العبودية ولذا فإن الذي يترك الأول ويذهب للأخير مخطئ كبير

                  7.كل الذين ترجموا كتب الإدارة والتربية قاموا بأسلمة الكتب من خلال تغيير بعض القصص وإقحام الصحابة في الموضوع والاستدلال ببعض الآيات ونسوا أساس الفوارق المتمثل بالمنطلقات

                  والذي أرجوه من المهتمين بهذا الموضوع أن يتنبهوا لهذا ويبدأوا بالاستفادة من هذا العلم من خلال القرآن ولن يتم لهم هذا إلا بعد رسوخهم في تربية القرآن سلوكا وعملا ...

                  وقد قرأت في الفترة السابقة كثيرا من هذه الكتب وقد قرأت في واحد منها 23 دعوة للرياء و17 دعوة للعجب و22 دعوة للاستغراق في حب الدنيا ... ومع هذا فأنا أجزم أن الذي سيقرأ الكتاب سيخرج وقد عقد العزم على تغيير سلوكه ولكن بقلب فاسد

                  وكل من يربي على القيادة بهذا العلم فقط فسيخرج له أناس منتجون منجزون ولكن سيظهر فساد قلوبهم عند الفتن ولا ذنب لهم سوى هذه المنهجية التي لم تستق وتتشبع من القرآن العظيم

                  وليسامحني المتخصصين بهذا المجال ولكن هم أملي بأن يقوموا بهذه الغربلة الحقيقة والتي تمكننا من الاستفادة من هذا العلم من غير شوائب

                  وقد قام الدكتور ماجد عرسان الكيلاني بكتابه فلسفة التربية الإسلامية ليضع حجر الأساس للمقارنة الحقيقة وهو كتاب يستحق القراءة من كل داعية مهتم بدينه

                  وللإمام البنا كلمات تناسب المقام

                  يقول رحمه الله
                  "الأمة الناهضة التي تطلب سبيل النجاة وبناء المستقبل في أشد الحاجة إلى نوع من انواع العلاج والمجاهدة قد يكون أجدى الأنواع وأقرب السبل الموصلة إلى الغاية هي التربية وصياغة نفوس الأمة على نسق يضمن لها مناعة خلقية قوية ومبادئ فاضلة ثابتة وعقائد صادقة راسخة هذه الغاية هي إنشاء النفوس وبناء صرح الأخلاق وتثبيت العقائد الصادقة التي تدفع إلى جلائل الأعمال "
                  وقد قال مخاطبا أهل الإصلاح
                  "أيها المصلحون الحائرون الذين تتلمسون طرائق الإصلاح كل هذه المشروعات أجسام لا روح فيها فجملوها بما شئتم وحسنوها ما شئتم وزينوها ما استطعتم التزيين ولكن اعلموا أنها لن تغني عن الناس شيئا ما دامت تفقد الروح ومثلها مثل التمثال من العاج يقر في الفاترينات يحسبه الجاهل إنسانا وما هو بإنسان ولكن ابحثوا مع هذا عن الروح لتنفخوها في هذه الهياكل والأجسام ولن تجدوا الروح إلا بتزكية النفوس وتطهير القلوب ولن تصلوا لذلك إلا بوحي السماء فالقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف يشاء"

                  وهنا ينتهي حديثي عن الخطأ الأول من أخطاء الدعاة وما يتفرع عنه من أمور



                  وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                  رضي الله عنك وأرضاك


                  تعليق


                  • #84
                    رد: من كتـم داءه قتــــله !

                    الخطأ الثاني : تبخيس التعبدات

                    والتعبدات ومعها الخلوات والتي عبر عنها القرآن بالتبتل من أجل الأمور المؤثرة على القلب ولعل الذي تابع معي الموضوع وقرأه كاملا أيقن بأهمية هذه التعبدات فهي الطريق لهيمنة المشاعر على القلب وتحقق المراقبة فيه وهما المدخلان لعبودية القلب والذي هو أساس عبودية الجوارح ....

                    والذي يتابع حركة التاريخ لا يجد في عصر من عصوره تبخيس لقيمة التعبدات من ذكر وقيام وقراءة للقرآن كما هو حادث في عصرنا الحالي أعني من طائفة القائمين على نصرة الدين ...

                    ولا بد لي من صياغة قانون عام حتى تكون على بينة من أمرك

                    القانون الرباني

                    ** الله أراد منك أن تكون عبدا له .... حتى تقوم بكل ما أمرك به من شعائر وشرائع ... وهذه النقطة يجب أن تدور كل حياتك حولها فإن لم تفعل لم تفقه بعد "إلا ليعبدون"

                    **إذا أردت السير بشكل صحيح في الغاية التي خلقت من أجلها ... هناك ثلاث خطوات متكاملة ومتوازية

                    **الخطوة الأولى أن تصير عبدا ... والمعنى أن تتحقق بمعاني العبودية القلبية... ويعبر عنه بالإيمان والخطوة الثانية أن تعلم ما هو المطلوب منك ... وهذا هو العلم والخطوة الثالثة أن تنفذ المطلوبات ومن أجلها الدعوة وإقامة الدين

                    ولذا فإن دوائر الإيمان والعلم والدعوة هي محاور الحديث للتحقق بالغاية ... ولاحظ الكلام المختصر من الإمام البنا إذ يقول "إيمان عميق .. وفهم دقيق ... وعمل متواصل" .... عند حديثه عن الوسائل

                    الخطوة الأولى (الإيمان العميق)
                    **لن تتم الخطوة الأولى حتى يصبح قلبك عبدا لله ولن يتم له ذلك حتى تهيمن عليه مشاعر العبودية ومن أجل الوسائل لذلك هي التعبدات الخاصة من قيام وتدبر للقرآن وذكر كثير ... والقرآن الكريم ذكر مداخل ثلاثة لوصول القلب لمرحلة العبودية وذلك في قوله تعالى
                    "يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا إن لك في النهار سبحا طويلا واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا

                    وهذه المداخل الثلاثة ... من لم يلجها من الملتزمين فهو على خطر عظيم ... ولن تتم له أمور العبودية الأخرى على وجه مستقيم ...

                    الخطوة الثانية (معرفة مراد الله)
                    **الخطوة الثانية أساسها العلم ... وهو مراتب أجلها العلم بالله ثم بالآخرة ثم بمراد الله الموصل لرضا الله والفوز بالآخرة ... والعلم بمراد الله بعضه متعلق بالقلوب من معرفة بواجباتهها وأمراضها وبعضه متعلق بالجوارح من معرفة بما يتوجب القيام به ولا بد من علم بغاية ما يريده الله من العبد في قلبه وفي الأرض وهذا يلزمه علم بالسنن الكونية من خلال البحث والتحري بكتاب الله المقروء والمنظور وسبر حركة التاريخ وتجارب الأمم والشعوب ...

                    وقد قصر طائفة من البسطاء العلم على أحكام الطهارة وبعض القضايا الخلافية العلمية والعملية وهم في ذلك واهمون ... ولست أبخسها فهي من مرادات الله المتوجب معرفتها ولكن لا بد من ميزان ... أفلا ترى معي هدرا للوقت في رسالة يكتبها أحدهم عن حد الوجه في الوضوء وهو لم يتعرف بعد على واجبات القلوب من إخلاص وتوكل ...

                    وهذا الذي ذكرته مطلوب من المسلمين بمجموعهم وليس مطالب به كل فرد ولكن إذا وصل له واحد استحق أن يطلق عليه لقب أمة

                    والداعية له حد أدنى يجب تحصيله من العلوم ولا يصح له التبرم بكثرة المشاغل ليعذر نفسه من تحصيلها

                    وهذا الحد الأدنى مشتمل على العلوم الواجبة وهي

                    العقيدة ليعرف ما يجب وما يجوز وما يستحيل ولا داعي للمكوث طويلا عند الخلافيات بين علمائنا الإجلاء في هذا العلم

                    والفقه وأعني به فقه الطهارة والصلاة والصوم ويضاف عليه للأغنياء الزكاة وللمستطيع كذلك أحكام الحج .. ولا بد للتاجر من معرفة إجمالية بأحكام البيوع في الدين مع ضرورة تواصله مع أهل العلم حتى لا يقع في المحظور ... والخلاصة أنه لا بد لك من تعلم الأحكام المتعلقة بالواجبات المناطة بك

                    والتزكية وأعني به علم القلوب من إخلاص وتوكل ... وكذا الأمراض من رياء وعجب والعجيب أن كثيرا من الملتزمين تعمقوا كثيرا بأحكام الجوارح حتى ترى بعضهم بلم بالمذاهب والأدلة والعلل في مسائل فرعية ولو سئل عن حد التوكل لفر من الإجابة

                    وهذه العلوم الواجبة لا بد من دراستها وعدم التضخم بالعلوم الشرعية الأخرى قبل دراستها ولقد صاحبت أحد الملتزمين في رحلة وكان بارعا جدا في القراءات ثم سأله أحدهم عن بعض نواقض الوضوء فلم يجر جوابا وهذا من التضخم المرفوض

                    ولا بد أيضا من دراسة العلوم الشرعية الأخرى من نحو وتجويد وحديث الخ بحدها الأدنى حتى يكون الداعية ذا ثقافة طيبة ...

                    ولا بد ايضا من التشبع من السيرة النبوية والتي هي بحق المقياس لترى بعدك وقربك من الإسلام العملي

                    ولا بد من إطالة المكث مع كتب دعاتنا الإجلاء فهي خلاصة يقدمها لك العالم للتعامل مع وقتك بما هو مطلوب منك

                    وللشيخ سعيد حوى في كتابه جند الله ثقافة وأخلاقا تفصيل لهذه العلوم وكذا الشيخ القرضاوي في كتابه ثقافة الداعية

                    والذي ذكرته خاص بالدعاة الذين لا ينوون التخصص بالعلم الشرعي أما المتخصصون فخطتهم مختلفة والحديث معهم يطول

                    الخطوة الثالثة
                    الخطوة الثالثة وهي الخطوة التي تجعلك مقبولا عند الله ففي الخطوة الأولى صرت عبدا وفي الثانية علمت المطلوب وفي الثالثة نفذت ذاك المطلوب وهذا متعلق بصورتك وسيرتك وسريرتك وأساسه التضحية بنفسك وأنفاسك ونفائسك ... وقد ذكرت لك في فصل الخضوع من هذا الموضوع ما يشفي ويكفي

                    وأهم ما يقدمه العبد لربه ليثبت عبوديته هو أن يتحرك ليل نهار لتعبيد الناس لله وهذه أجل وظيفة يمكن أن يتحرق أو يتحرك لها إنسان ويكفيها شرفا أنها وظيفة الأنبياء ...


                    هذا هو قانون العبد ... التحقق بالعبودية عن طريق الذكر والتبتل ... والتفهم للطريق عن طريق العلم .. والتحقق بالوظيفة من خلال الدعوة

                    وسورة الكهف (والتي يسميها بعض مشايخنا العهد الأسبوعي) ذكرت هذه النقاط الثلاث

                    إنهم فتية آمنوا بربهم ...(الإيمان العميق)

                    هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ...(العلم والفهم)

                    إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا...فأتبع سببا (الحركة والدعوة والجهاد)

                    وكأن الرسول حين أوصاك بقرائتها أراد منك ان تعاهد كل أسبوع على هذا القانون

                    وكذلك قوله تعالى

                    ولكن كونوا ربانيين ...بما كنتم تعلمون الكتاب ..وبما كنتم تدرسون ...
                    ملمح لهذا القانون


                    وأخالك قد لا حظت معي مكانة التعبدات الخاصة بهذا القانون وأهميتها .. ومهمتي القادمة هو تركيز الضوء على ما فعله بعض المشاغبين لكسر هذا القانون وتبخيس قيمة التعبدات



                    وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                    رضي الله عنك وأرضاك


                    تعليق


                    • #85
                      رد: من كتـم داءه قتــــله !

                      معركة وهمية
                      وقبل أن أبدأ اود أن أذكر ان بعضهم قد أثار معركة وهمية بين العبادة والعلم والدعوة

                      فترى بعض الدعاة إذا ذكر له العلم أشاح وجهه عنك وقال لك نحن نؤلف الرجال ولا نؤلف الكتب ونحن نطالبه الآن بالقراءة ولم يدر أخونا أن مرحلة الـتأليف متقدمة قليلا ...
                      فإذا ذكرت له موضوع التعبد والقيام حزن على حالك وأفهمك قاعدة العلماء بتقديم العبادة المتعدية النفع على العبادة القاصرة ووضح لك معها كذلك فقه الأولويات والموازنات والمآلات والخلاصة أن لا يجوز للداعية أن يركع في الليل فهذه أنانية منه ويجب أن يملأ وقته بالعمل النافع المتعدي!!

                      وترى أهل العلم من الشباب !! إذا ذكرت له التعبد قال لك بلسان مالك مسألة أقرأها أحب إلى الله من مئة ركعة تركعها ...
                      وإذا طالبته بالدعوة أفتى لك فتوى موقعة بتوقيعه بتحريم الدعوة لغير العلماء ثم زاد عليك وقرر بأنه لا يمكن الوصول للعلم المطلوب إلا بعد سنين طويلة والخلاصة من هذا الفقه هدم الدعوة ...

                      وترى المتبتلين المنعزلين .. إذا أوصيته بطلب العلم أعطاك درسا عن الإخلاص وأنتوجهه للعلم من غير زاد ما هو إلا شهوة من الشهوات ولعله نسي أن فهمه للإخلاص يحتاج إلى علم ...
                      وبعضهم يزيد عليك ويحاول أن يعطيك شيئا من فهم العلم اللدني ولسان حاله يقول ألم يحفظ بعض الصالحين القرآن في ليلة !! ونسي أن الوهب فعل الله والكسب فعل العبد ولا أدري كيف أقحم نفسه بأفعال الله سبحانه وتعالى ...
                      واما الدعوة فخلاصة ما يقول لك المتبتل وهل يعقل أن أغبر غيري قبل أن أغير نفسيوحاله مثل العالم الذي مر معنا قبل قليل أعني أنه لن يصلح إلا بعد أعوام مديدة وهو يشارك معه في معول هدم الدعوة

                      والحق أنني لا أرى هذه المعركة سوى مظهر من مظاهر تحكم النفس بالقلب فكل قد وجد ش___ه في مكان لا يريد أن ينتقل معه لمكان آخر

                      وحديثي الآن سيكون عن الأمور التي قللت من شأن التعبدات عن الدعاة وطلبة العلم


                      وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                      رضي الله عنك وأرضاك


                      تعليق


                      • #86
                        رد: من كتـم داءه قتــــله !

                        الامور التي قللت شان التعبد عن الدعاة وطلبة العلم

                        الأمر الأول (فقه الأولويات)
                        وفقه الأولويات فقه مهم ولكن الاستخدام الخاطئ له مورث للمشكلات وعندنا قصتان الأولى بين الدعوة والتعبد والثانية بين العلم والتعبد

                        قصة الدعوة والتعبد

                        وهو منهج اختطه كثير من المربين لمريديه يتمثل بضرورة التفاني في الدعوة إلى الله ... ونفع الغير ..ورفع راية الدين وهو يدل على حرقة الدعاة ورغبتهم في الخير وهو لاشك منهج ممدوح وناقده مجروح ..

                        فإذا ما سأله المتربي عن نفسه وتقصيره وبعض معاصيه وكيفية الرقي أشار له بأن يبذل أكثر في الدعوة والحركة والاجتماعات ليرتقي بإيمانه وهنا صواب وخطأ

                        فإذا ما طالبه المتربي بضرورة أن يقتطع وقتا لنفسه ذكرا وتبتلا علمه المربي أصول فقه الأولويات ويتمثل بان الدعوة واجبة وقيام الليل نافلة والواجب مقدم على المندوب والدعوة متعدية النفع والعبادة قاصرة والمتعدي أولى من القاصر وهنا ايضا صواب وخطأ

                        ويمكن تلخيص هذا المنهج بما يلي الدعوة تزيد الإيمان مثل التعبدات ... الدعوة أولى لوجوبها وتعديها ..الانغماس في التعبدات انغماس في العمل المفضول وترك للعمل الفاضل ... ترك التعبدات لن يؤثر على الإيمان لانك استبدلته بعمل أولى وتأثيره على الإيمان أكبر

                        وحتى أكون منصفا فالمنهج الموجود ليس بهذه الحدة بل هو يعتبر التعبد ولكن لا يهتم به كثيرا وثمرة المنهجين واحدة

                        وقد أثمر هذا المسلك أمرين

                        الأول : وجود دعاة إلى الله ليس لهم نصيب من الانقطاع الى الله!! فلا فمه يتمتم بذكر وهو في الليل خشبة ولن تمسكه يوما متلبسا بدموع انساحت على خديه ..

                        الثاني : الصورة القبيحة للتعبد الكثير والتي استقرت في أذهان الدعاة فإذا ما رأوا أحدهم منقطعا في زاوية من زوايا المسجد يثني على ربه ويعتذر له ويناجيه ... انبعث في قلوبهم فورا معاني السلبية والانعزال ولا أشك أن بعض العباد قد ساهم في إعطاء هذه الصورة السلبية ولكن يجب الاتفاق على إبعاد الذكر والتبتل من دائرة النقد

                        وقد لاحظ أرباب الدعوة الصادقون أزمة هذا المسلك وأنه لم يثمر ذاك الإيمان الذي تحدثوا عنه ... فالجفاف الروحي ضرب خيامه بفنائهم ... وتساقط الشباب في دوامة الشهوة واضح لكل ذي عينين ... والأزمة الإيمانية هي حديث الدعاة .. بل أصبحت الدعوة والتي هي وسيلة الإيمان وثمرته عبئا على الشباب يشعر بقسوة القلب كلما اقترب من ترتيباتها... وما هذا إلا أثر بسيط من آثار التخلف عن القانون الرباني ...وسنن الله لا تحابي أحدا والإيمان له ترتيب ومن ظنه يأتي بهذه المسالك الفوضوية فهو واهم ومثله من أراد زراعة الأرض بمجرد الحرث فقط .. ولن تختلف معي بفساد طريقته وعقم نتاجها

                        والآن سأذكر لك بعض القواعد المنبثقة عن القانون الذي وضحناه سابقا والتي تعطيك توازنا دقيقا للتوفيق بين الدعوة والعبادة

                        القاعدة الأولى : أنت عبد
                        فالله الذي أمرك بالدعوة هو الذي أمرك بإصلاح نفسك ويجب أن تنظر إلى أوامره جميعا بعين التعظيم فإذا ما رأيت الشخص مشغولا بالدعوة عن إصلاح نفسه وبناء إيمانه فقل لماذا تدعو لدين الله فسيأتي الجواب .. الله وأمره فقل له ولم لم تدفعك هذه الغاية لإصلاح نفسك مع أن الآمر واحد


                        القاعدة الثانية :أمور التعبد مرتبطة بفريضة عين
                        فإصلاح القلب فرض عين ومثله بناء الإيمان ولذا فإن بعض أهل السلوك عكس قضية الأولوية التي ذكرت فوق فجعل إصلاح القلب فرض عين والدعوة فرض كفاية والعين مقدم على الكفاية وقد أورث هذا التفصيل عند بعضهم قعودا عن الدعوة بحجة الإصلاح ونحن لا نريد هذا ولا ذاك بل الذي نريده منك أن تكون مهتما بأمور التعبد والتي ترتبط بتلك الفريضة الكبيرة ...
                        وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديثه إشارات فهم منها الصحابة الاهتمام بتلك النوافل اهتمامهم بالفريضة ...
                        ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو "يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل" وفي هذا توبيخ لمن قام وترك فكيف بمن لا يقوم ...وستأتي أحاديث أخرى تشير لذلك..

                        القاعدة الثالثة : حاجة الدعوة للعبادة
                        والذين يفصلون بين الأمور الإيمانية والأمور الدعوية أمرهم عجيب فالدعوة حركة لن تصدر حتى يكون هناك باعث قوي تصدر عنه هذه الدعوة ولا بد لقبولها من أمرين انتفاء الرياء والعجب وحتى تنجح يجب أن تحمى من أمراض القلوب من حسد وحقد ونحوه وحتى تحصل المعية لا بد من التوكل والاعتماد الكامل وهاأنت تشاهد الدعوة وقد أحاطتها الأمور الإيمانية من جميع جهاتها وإلا كانت مظهرا من مظاهر الشهوة ....

                        والقرآن قد أشار القرآن لهذا بأول تنزلاته يا ايها المدثر لتشير للحركة ويايها المزمل لتشير للعبادة ... وهما جناحان لا بد للطائر منهما وقد كان بعض مشايخنا يقول لنا ...في الليل يا رب عبدك وفي النهار يا عبد ربك ...

                        وسيدنا عمر يعطينا قاعدة لا تتغير ولا تتبدل حين سئل هل تنام فقال إن نمت في النهار ضيعت حق الرعية وإن نمت في الليل ضيعت حق ربي ... وبربك لم لم يقل عمر إن سياسة الناس ورعاية شؤونهم من أجل العبادات وهي تكفي لتحقيق معنى العبودية ... والسبب أن عمر تربى على مائدة النبي صلى الله عليه وسلم بقاعدة واضحة وهي أنعبادة السر هي التي تحمي عبادة العلن ... وإيما شخص اكتفى بعبادة الخلطة دون عبادة العزلة فسوف تتحول عبادته لشهوة شاء أم أبى..
                        وعلى هذا المنهج سار جميع الولاة ... فتراهم يجمعون على لفظ واحد تركت النهار لهم والليل لربي ...

                        وانظر إلى خبر الجيوش الإسلامية وحرصهم على التعبدات مع أنهم في أشرف المقامات ليركزوا عندك القاعدة أنه لا بد للعبادات الظاهرة من مدد وأنوار العبادات الباطنة

                        وهذا صلاح الدين ينظر إلى خيام الجيش في الليل فإذا وجد بعضها مطفئا قال من هنا تأتينا الهزيمة والسبب أن أصحاب هذه الخيمة الذين لم يحرصوا على عبادة السر سيكونون وبالا على المسلمين بأمراض قلوبهم

                        هذه هي قصة الدعوة والتعبد!






                        وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                        رضي الله عنك وأرضاك


                        تعليق


                        • #87
                          رد: من كتـم داءه قتــــله !

                          قصة العلم والتعبد

                          وللعلم شأن عظيم ومقام مكرم في شريعتنا الغراء .. فالعلماء ورثة الأنبياء وليس بعد ذلك فضل .. لهم تضع الملائكة أجنحتها .. طريقهم للجنة ميسر مسهل .. ولهم دعوات ليست لغيرهم تسمعها في قاع البحر وفي باطن الأرض ... هم وصية رسول ...قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيأتيكم أقوام يطلبون العلم فإذا رأيتموهم قولوا مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفتوهم"

                          بالعلم نرد سهام الشبهات وسموم المستشرقين وحقائد المستغربين .. به نفهم كتاب ربنا وكلام نبينا وأسرار شرعنا ... "من أخذه اخذ بحظ وافر وموت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد ونجم طمس وموت قبيلة أيسر من موت عالم"

                          وقد يسأل سائل ممن يتابعون فيقول ... ذكرت خطأ الدعاة بتبخيسهم التعبد وفصلت بذكر سببه متحدثا عن فقه الأولويات ووضحت بذكرك للقصص مع التعبد ومنها العلم فما مشكلة العلم؟!!

                          وجوابنا أن مشكلتنا ليست مع العلم بل هو سبب لحل المشكلات وإنما المشكلة تتمحور في أفراد رأوا أنه من لوازم التفضيل ترك المفضول .. ومثلهم كمثل رجل ذكر فضائل المقود في السيارة فما كان من سامع له إلا أن خلع عجلات السيارة واستبدل كلا منها بمقود جريا وراء التطوير وأخلد لرأيه مع يقينه بأن السيارة لن تسير

                          وهذا مثل لك لتخاطب نفسك بأهمية العلم والدعوة والتعبد معا .. ثم فضل ما شئت كيفما شئت

                          والقاعدة المقررة من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ثم علمائنا الربانيين انه لا بد أن يمازج العلم ركوع طويل ... وإلا صار شهوة ووبالا على صاحبه

                          فإن قيل لك "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ..." تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم لأفضلية العلم .. فما رأيك بأحدهم لو ملأ وقته بالعلم فقط ألا يكون قد أتى بالفاضل وترك المفضول وكان أجدر برضا الله عنه ...

                          والجواب :
                          أننا امام صنفين

                          الأول قوم ملؤوا أوقاتهم بالعلم دون تعبد وهذا الصنف بحثت عنه كثيرا في تراجم أهل العلم فلم أجده فمن وجده فليخبرني حتى أغير هذه السطور!!

                          والثاني قوم ملؤوا نهارهم باللغو واللهو وقضوا ليلهم بالنوم ولهم بعض الدروس والقراءات فإن طالبتهم بالتعبد عدوا أنفسهم من أهل الفهم وأرشدوك لأفضلية العلم على التعبد ولو صدقوا وأنصفوا لعلموا أنهم فضلوا اللهو والنوم على التعبد...

                          فهم الحديث

                          واما حديث التفضيل فله هذا التفصيل

                          تفضيل الإنسان إنما يكون بتقواه وورعه وخشوعه وهذا لا بد منه في العالم والعابد على حد سواء ومزية العالم انه يعرف مراد الله فلا يصرف هذا الورع والخشية في مكان خاطئ

                          العالم هو من يعرف الله ويعرف مراده ... والعابد هو من يعرف الله ولكنه يجهل تفصيل مراداته

                          معرفة الله تورث العظمة وهيمنة الإيمان على القلب ومعرفة مراد الله تعطي الإنسان الطريق الصحيح لتفريغ شحنات الإيمان التي استولت على قلبه...ومن هنا تبرز أهمية العالم في توضيح الطريق لنفسه وللعابد وللأمة جمعاء..

                          لاحظ أنه لا يوجد صنف ممدوح في شريعتنا يعرف مراد الله دون أن يكون قلبه قد استقى من معرفة الله والسبب أن هذا الصنف حركته منبعثة من شهواته ومزيته أنه يعرف ما يريد الله دون أن يكون عنده دوافع لتطبيق هذا المراد ... وهذا الصنف خطير جدا لأنه سوف ينفذ مرادات نفسه وملذاتها ومطيته في ذلك شرع الله فهو يعرف جيدا مداخله ومخارجه .. ولعلك تذكرت معي فتاوى بعضهم عن الحجاب والجدار ..

                          وأرى لزاما علي أن أسوق الحديث بمعناه فأقول
                          "فضل العالم العابد على العابد كفضلي على أدناكم ... والمعنى فضل العارف بالله العالم بمراده على العارف بالله كفضلي على أدناكم ... وأما العالم بمراد الله فقط فلا مزية له ولعل إبليس أعلم الخلق بمرادات الله

                          ومثلوه بنهر جار بقوة تفيض مياهه بالخير هذا مثل لمعرفة الله .. فإن جاء أحدهم وشق القنوات وبنى السدود فضاعف خيرات المياه أضعافا كثيرة .. تمثلت لك معرفة مراد الله ... اما الذي يشق القنوات من غير وجود ماء أصلا فهو كالراسم في الهواء أو الراقم في الماء وهذا مثل من يعرف تفاصيل الفقه دون أن يكون عنده خشية وورع ..

                          وقد قرر القرآن هذا المعنى في قوله تعالى " أمن هوقانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"
                          وهذا توضيح صريح من القرآن لتعريف أهل العلم فقد وصفهم بكثرة القيام والسجود مع التذكر الدائم للآخرة وتعريف القرآن تعريف قطعي لا يحتمل الشك


                          وكذا قرره الصحابة والتابعون وعلمائنا الربانيين بفتاواهم العملية ..فلا تجد ترجمة لصحابي أو تابعي أو عالم رباني إلا وللتعبد حظه الكبير من هذه الترجمة ...





                          وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                          رضي الله عنك وأرضاك


                          تعليق


                          • #88
                            رد: من كتـم داءه قتــــله !

                            نماذج ..

                            فهذا عثمان بن العاص يتزوج امرأة من نساء عمر بعد وفاته ..فيقول والله ما نكحتها رغبة في مال وولد ولكني احببت أن تخبرني عن ليل عمر ....ويأتيك الخبر ..تقول زوجته .. مرة قام بعد العشاء فقرأ عم يتساءلون عن النبأ العظيم فبقي يكررها حتى السحر " لله درك يا عمر

                            وأما أبو هريرة فقسمته عادلة مع أهله يقوم هو الثلث وزوجته الثلث وابنه الثلث إذا نام هذا قام هذا

                            وأما ابن عمر فقد قطع ظلمة الليل بأنوار القيام فكان كلما استيقظ صلى رضي الله عنه

                            وأبو إسحق السبيعي يوقدها نارا في قلوب الشباب حين يقول : ذهبت الصلاة مني وضعفت ورق عظمي إني اليوم أقوم فما أقرأ إلا البقرة وآل عمران ...

                            واما أخبار علمائنا وفقهائنا فكثيرة هذا طرف منها

                            فأبو حنيفة كان يسمى الوتد لكثرة صلاته وكان يحيي الليل وبيكي حتى يرحمه جيرانه... ويرقبه مسعر بن كدام ليتأكد من إمامته قال: أتيت أبا حنيفة في مسجده فرأيته يصلي الغداة ثم يجلس للناس في العلم حتى يصلي العصر فإذا صلى العصر جلس إلى المغرب فإذا صلى المغرب جلس إلى العشاء ..فقلت : هذا الرجل في هذا الشغل فمتى يتفرغ للعبادة لأتعاهدنه الليلة قال فتعاهدته فلما هدأ الناس خرج إلى المسجد فانتصب للصلاة إلى أن طلع الفجر ثلاث ليال .. فقال مسعر لألزمنه إلى أن يموت أو أموت

                            وأما الشافعي فقد قسم ليله قسمة تقرر في قلبك ما سبق ... يقول الربيع كان الشافعي قسم الليل ثلاثة اجزاء الأول يكتب والثاني يصلي والثالث ينام

                            وعلى هذا تحمل كلمة الإمام مالك حين قال "لئن أتعلم مسألة خير من أن أقوم الليل كله" والمعنى لأن تقسم وقتك بين العلم والعبادة خير لك من أن تقصره على العبادة .. وهذا المعنى يظهر من سيرته رضي الله عنه كيف لا وهو القائل "ما بت ليلة إلا ورأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"

                            وتعلم هذا المعنى طالب عند الإمام أحمد حين بات ليلة عنده وقد وضع بجانبه إبريقا فلما حان وقت الفجر نظر إلى الإبريق والماء على حاله فقال له الإمام أحمد كلمة خالدة "طالب علم وليس له حظ من قيام الليل!!" وطلبة العلم يحبون كلمة مالك ولا يذكرون كلمة أحمد رضي الله عن الجميع

                            وأختم بهذه اللطيفة
                            قال أبو اليمان عامر بن عبد الله الحمصي : " كان إسماعيل جارنا منزله إلى جنب منزلي فكان يحيي الليل وربما قرأ ثم قطع ثم رجع فسألته يوما عن ذلك فقال وما سؤالك ؟ قلت أريد أن أعرف قال: إني اصلي فأقرأ فأذكر الحديث في الباب فأكتبه ثم أرجع لصلاتي"

                            قال الذهبي معلقا على قصة مشابهة "كذا والله كان أهل الحديث العلم والعبادة واليوم فلا علم ولا عبادة بل تخبيط ولحن وتصحيف كثير وحفظ يسير وإذا لم يرتكب العظائم ولا يخل بالفرائض فلله دره"

                            وبهذا نختم السبب الأول من أسباب بخس التعبد
                            وللحديث بقية


                            وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                            رضي الله عنك وأرضاك


                            تعليق


                            • #89
                              رد: من كتـم داءه قتــــله !

                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                              جزااااااكم الله خير الجزاااااااااء
                              ماااااااااااااااشااااااااااااااااء الله موضوع رااااااااائع
                              جعله الله فى ميزااااااااان حسناتكم

                              تعليق


                              • #90
                                رد: من كتـم داءه قتــــله !

                                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                                اللهم آمين وإياكِ

                                بارك الله فيكِ ورفع قدرك ..اللهم آمين

                                جزانا الله وإياكِ كل خير
                                وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                                رضي الله عنك وأرضاك


                                تعليق

                                يعمل...
                                X