حيّاكم الله أخواتى الفضليات
حديثنا اليوم نتوجه به إلى الجميع
إلى من غرقت فى المعاصى و وقعت أسيرة لنفسها وشهواتها ولا تستطيع الخروج من هذا الأسر ،
إلى من انتبهت من غفلتها وعادت إلى ربها و تابت و لكنها تراجعت و عادت إلى سابق حالها من جديد و انتكست ،
إلى من تابت من المخالفات الظاهرة و لكن مازال قلبها يُعانى من القسوة و الوحشة ،
إلى من تابت و استقامت و مازالت ثابتة بفضل الله
فحديثتنا اليوم إلى جميع الفئات بلا استثناء .. لأنه حديث عن التوبة
ولا ريب ولا شك أن التوبة هى أهم ما نحتاجه فى حياتنا على الإطلاق لأننا لا نخلو من ذنب فى ليلٍ أو نهارٍ ،
فإذا كنا قد تركنا المعاصى الظاهرة " من تبرجٍ و كذب و غيبة ، .. "
فهناك المعاصى القلبية الباطنة " من كبر و عُجب و رياء ، .. "
و هناك عدم الإتقان فى الطاعة و عدم شكر النعمة و غيرها الكثير
فلا يأتى على العبد لحظة إلا وهو محتاج للتوبة و تجويدها و تجديدها
وخير دليل على هذا قول الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا )
فالنداء هنا لم يكن للكافرين ولا للعصاة ولا للظالمين إنما كان للمؤمنين
فالتوبة إذًا لا تنتهى بتحقيق الإيمان إنما هى عمل متجدد دائم يستمر معنا طوال العمر
يقول ابن القيم _ رحمه الله _ :
" ومنزل التوبة أول المنازل وأوسطها وآخرها، فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات ،
وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه ونزل به فالتوبة هي بداية العبد ونهايته ،
وحاجته إليها في النهاية ضرورية ، كما أن حاجته إليها في البداية كذلك ،
وقد قال الله تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه ،
بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم ، ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بأداة " لعل " المشعرة بالترجي ،
إيذانًا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح ، فلا يرجو الفلاح إلا التائبون ، جعلنا الله منهم .
قال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
قسم العباد إلى تائب وظالم وما ثم قسم ثالث البتة وأوقع اسم الظالم على من لم يتب ،
ولا أظلم منه لجهله بربه وبحقه وبعيب نفسه وآفات أعماله
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يا أيها الناس ، توبوا إلى الله ، فوالله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة "
وكان أصحابه يعدون له في المجلس الواحد قبل أن يقوم " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور " مائة مرة ،
وما صلى صلاة قط بعد إذ أنزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخرها ،
إلا قال فيها : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : لن ينجي أحدا منكم عمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟
قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل .
فصلوات الله وسلامه على أعلم الخلق بالله وحقوقه وعظمته ، وما يستحقه جلاله من العبودية ، وأعرفهم بالعبودية وحقوقها وأقومهم بها ." انتهى .
ونحن فى موضوعنا هذا نسعى أن نأخذ موضوع التوبة من جميع جوانبه وبكل تفاصيله
فبدايةَ نريد أن نعرف لماذا لا نتوب ؟
لأننا لا نعرف أهمية التوبة وفضلها ، فسنذكر فضلها و أهميتها
ثم قد تقول قائلة إنى لأعرف فضل التوبة جيدًا و أعرف كل ماورد فيها من آيات و أحاديث
ولكنى لا أجد فى قلبى الرغبة الصادقة فيها ولا العزيمة الجادة عليها ،
فسنذكر ماهى الأسباب التى تجعل القلب يرغب فى التوبة وتحثُه عليها و تدفعه دفعًا إليها
ثم سنذكر كيف نتوب التوبة النصوح الصادقة المقبولة بإذن الله و نذكر علامات قبول التوبة
ثم أخيرًا نذكر كيف نثبت على التوبة ولا نعود إلى ما كنا عليه من ذنوب و آثام مرة أخرى و ماهى أسباب عدم الثبات و كيف نعالجها ؟
ثم نفتح النقاش لتتحدث كل منا عن قصتها هى مع التوبة – إن أرادت - و ما يُعيقها عن الثبات عليها و نذكر العلاج
فنحن معًا فى رحلة طويلة بعض الشئ
نُبحر معًا سويًا من البداية و كيف نُحث همتنا و عزيمتنا على التوبة ؟
إلى النهاية و كيفية الثبات على التوبة إلى أن نلقى الله تائبين صادقين منبين
وكل هذا من كلام شيوخنا وعلمائنا من السلف ومن المحدثين ومما علمنى الله إياه بفضله و منّه
فكونوا معنا
فهــرس المـوضـوع
لماذا لا نتوب ؟ .. فضائل التوبة
كيف نحفز أنفسنا للتوبة ونثير بداخلنا الرغبة فيها ؟
بواعـــــث النــدم
استشعار عواقب الذنوب
التــــــوبة النصوح
تعليق