بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حوارنا اليوم عن مشكلة بتواجه الكثير من أخواتنا الملتزمات وخصوصاً الملتزمات حديثاً .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألا وهي ( الشك في قبول التوبة ) ..
فنجد أختنا التائبة كثيراً ما تقول لنا
انا مش عارفه ابدأ منين كل مانوي اتغير وافوق افتكر الي عملته وذنوبي الي فاتت واقول ربنا مش هيسامحني .. أنا الذنوب اللي عملتها كبيرة أوي وحاسة أن ربنا مش هيغفرلي .
انا لسه حديثة فى الالتزام و بصوم وبصلي .....الخ بس مش حاسة بطعم الايمان فى قلبى انا عارفة ان ربنا انعم عليا بالالتزام وانعم عليا بنعمة الاسلام بس انا مستهلش كل ده لانى فعلا مقصرة وكثيرة الذنوب بس والله انا بقيت بستحى من الله بستحى منه وانا ادعوه بستحى وانا اصلى واسجد اليه وادعوه فكيف ادعوه واريد ان بستجيب لى وانا مذنبة "
قال تعالى ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿الزمر: ٥٣﴾
وهذه الأفكار التي تمر في تفكيركِ هي أمر طبيعي جداً بما أنكِ حديثة الألتزام
أنه حتى الملتزمات قديماً تمر في بالهم هذه الأفكار أيضاً ...
هذه الأفكار يحاول الشيطان الرجيم زرعها في تفكيركِ حتى يعرقل تقدمكِ في طريق التوبة .. يريد أن يلحقكِ وأنتِ مازلتِ في البداية .. قبل أن يقوى ألتزامكِ وتكبر أثار توبتكِ في نفسكِ .
لأن الشيطان الرجيم من المستحيل أن يترككِ تخرجين من تحت سلطانه بهذه السهولة التي ممكن أن يتصورها أنسان .. فليس معنى أن الإنسان يندم على الذنب وينوي التوبة يكون تائباً وأنتهى الأمر .
لا أختي الكريمة .. إن الشيطان سيضع لكِ العقبات في طريقكِ لكي يُصعّب عليكِ طريق الألتزام .. ولو أستطعتي تخطي أول عقبة وأكملتي طريق توبتكِ إلى الله .. يبحث لكِ عن عقبة أخرى وذنب أخر يجعلكِ تفعلينه لكي يوصلكِ لأن تصبحي خجلانة من الرجوع إلى الله تعالى . ويوسوس لكِ ويقول كيف تضعين وجهكِ في وجه الله تعالى في الصلاة وأنتِ تعصيه .. وبذلكِ يوصلكِ لترك الصلاة التي بها صلاح جميع أموركِ والتي بها أيضاً يمكنكِ التغلب على هذا الشيطان الرجيم . ويجعل خجلكِ أيضاً يوصلكِ لعدم المقدرة على طلب المغفرة من الله وحتى عدم الإستغفار .وتقولين لنفسكِ كيف أطلب منه المغفرة وأنا أعصيه ؟!
ولكن أعلمي أبنتي أنه مهما فعلتي من ذنوب فإن باب الغفور الرحيم مفتوح لكِ دائماً
أن رجلا قال يا رسول الله أحدنا يذنب الذنب قال يكتب عليه قال ثم يستغفر ويتوب قال يغفر له ويتاب عليه قال ثم يعود فيذنب قال يكتب عليه قال ثم يستغفر ويتوب قال يغفر له ويتاب عليه ولا يمل الله حتى تملوا .
الراوي: عقبة بن عامر المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الأمالي المطلقة - الصفحة أو الرقم: 134
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح وله شاهد في الصحيحين
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح وله شاهد في الصحيحين
ولن يُغلق باب التوبة أبداً إلا حينما يحين أجلكِ وتأتي ساعتكِ ( الموت ) . هذا هو فقط الوقت الوحيد الذي يتوقف فيه قبول توبة العبد .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللَّهَ يقبلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغَرغِرْ ) حديث صحيح .
يغرغر : هو وقت خروج الروح من الجسد .
وأعلمي أن المغفرة والأستغفار نعمة وهبهم لكي الله تعالى فلا تفرطي في هذه النعمة أبداً وأستغليها طوال وجود هذه النعمة .. وكما ذكر الله تعالى في الأحاديث القدسية أن نعمة الغفران لا تنتهي أبداً .. وأعلمي أنه حتى لو لم تنتهي ذنوبكِ فإن أمامها مغفرة بقدرها أو أكثر منها .. فأستمري في التوبة من الذنب وطلب المغفرة من الله.. ولا تخجلي من طلب المغفرة من الله .. لأنه لو لم يكن يريد أن يغفر لكي .. ما كان وهبكِ نعمة التوبة والأستغفار .. وحينما يلهمكِ الله بالتوبة وطلب الغفران أعتبريه نداء من الله لكي لأنه يريد أن يغفر لكي ... فلا تخجلي منه ولبّي النداء .
وحينما تتخطي عقبة خجلكِ من طلب المغفرة .. وتواظبي على الألتزام في الصلاة .
يقوم الشيطان الرجيم بوضع عقبة أخرى في طريقكِ .
هذه العقبة أنه يجعلكِ لا تشعري بلذة أي هبة أو نعمة وهبكِ الله أياها .. وهذا عن طريق أن يزرع في تفكيركِ أنك لا تستحقين هذه النعم.. لانكِ حينما تُحرمي من الشعور بلذة النعم.. لن تُقدِّري قيمتها الحقيقية .. وهكذا تبتعدين عن الله ... وعن النعم اللي أعطاها لكي الله لأنكِ ترين أنكِ لا تستحقينها .. وطبعاً بُعدكِ عن هذه النعم .. معناه بُعدكِ عن الاشياء التي تقربكِ أكثر من الله .. وتُثبِّت إلتزامكِ أكثر .. وبهذا يكون الشيطان نجح في أنه يستردكِ لصفه مرة أخرى والعياذ بالله .
قال الله تعالى ( وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ }البقرة168) .. لقد ذكر الله تعالى كلمة خطوات .. لكي نعرف أن الشيطان الرجيم لا يأتي لنا مباشرة ويأمرنا بالمعصية .. لا .. يل يتَّبع معانا خطوات تظهر لنا في البداية أنها بسيطة وليس بها شيء .. ولكنها للأسف توصلنا في النهاية للطريق التي يريدنا فيها الشيطان أعاذنا الله وأياكم منه .
وحينما تأتيكِ هذه الأفكار أبنتي .. أعلمي أنكِ تسيرين على الطريق الصحيح للتوبة .. وإنها مقبولة بإذن الله تعالى .
لأن الشيطان الرجيم ما حاول وضع هذه الأفكار في رأسكِ إلا لأن توتبكِ صادقة حقاً .. وتلقى القبول عند الله تعالى .
فلو كانت توبتكِ غير صادقة ولن يقبلها الله تعالى فما كانت ستشكِّل للشيطان أي تهديد .. وما كان ليسعى لهدمها .
فعليكِ بالثبات .. وليشتد عودكِ أكثر في مواجهة هذا العدو الرجيم .
ولتكوني قوية وكلما واجهتكِ عقبة أو زلة ووقعتي مرة أخرى .. عودي إلى الله سريعاً بقوة وثبات وبدون تردد .
قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي : "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة"
الراوي:أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3540 .. خلاصة حكم المحدث:صحيح
هذا ما أعلم والله تعالى أعلى وأعلم .. اللهم أجعل كلامي حجة لي وليست علي .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق