كنت أظن . . ولكني اكتشفت . . فقررت!!
. . الحلقة السادسة . .
(الجيران)
كنت أظن . .
أن جيراننا في حي شبرا سواء المسلمين منهم،والذين كانوا لا يعرفون للمسجد طريقاً، ويؤذوننا بأصوات الموسيقى الصاخبة طوال الليل والنهار، بالإضافة إلى ألوان السب والشتائم التي تشمئز أسماعنا منها كلما دبَّ بينهم العراك!!
أو النصارى الذين أتمنى زوال جوارهم في أقرب فرصة ممكنة، بسبب ما أزكموا به أنوفنا من روائحهم المنتنة؛ وأصوات تراتيل شيطانهم الأحول صباح كل يوم أحد؛ كفيل بألا يجعل لهم مني نصيباً كملتزم سوى عبوسة الوجه، وخشونة التعامل!!
إذ يكفيهم ما سببوه لنا من شدة الأذى وكثرة المضايقات!!
ولكني اكتشفت. .
أن الإسلام الذي عزمت عزماً أكيداً على الالتزام بأوامره؛ قد شرَّع حقوقاً للجار، مسلماً كان أم كافراً، قريباً كان أم غريباً!!
بل وشدد عليها؛ حتى ظن الصحابة رضوان الله عليهم أن الإسلام سوف يشرع للجار حقاً في ميراث جاره، من شدة ما كان من وصية النبي (صلى الله عليه وسلم) على حق الجوار!!
فوقفت أمام تلك المجموعة الكبيرة من الأحاديث النبوية مبهوراً، بل ومشدوهاً؛ من هول ما أحدثت من سوء فعلٍ بأسلوبي السيء في معاملة جيراني؛ متذرعاً بحجة أنهم ما بين عاصٍ وكافر، واستشعرت فداحة مخالفتي للشرع الذي زعمت الالتزام بأوامره، وأنني بالفعل أصبحت في ورطة!!
فقررت. .
التكفير عن هذا الجرم الكبير فوراً، وبدء استراتيجية جديدة في التعامل مع جيراني، ومحاولة طمس هذه الصفحات السوداء من أفعالي، على الرغم من يقيني بأن هذا التغيير المفاجيء قد يحدث لهم صاعقة من هول المفاجأة!! فما فعلته معهم ليس بالقليل!!
إلا أنه ليس أمامي أي خيار سوى الإذعان لشرع ربي، وتطبيق كل ما يأمرني به.
فقدر الله بعدها أن قابلت جدتهم النصرانية العجوز على باب البيت، وكانت تحمل في يديها أحمالاً كثيرة، وتريد أن تصعد بها إلى الدور الثاني، وقد بدا عليها الإجهاد، فما أسرع أن اقتربت منها مبتسماُ، وقلت لها دعيني أساعد؛ فأخذت أحمالها وصعدت بها حتى باب شقتها، فأيم الله كم كان مقدار سعادتها بفعلي، حتى أنها صعدت لوالدتي تنشد في من القصائد ما الله به عليم، من شدة فرحتها!!
أما المسلمين العصاة، فقد كانت ثمرة تغيير معاملتي لهم بفضل الله إلى الأحسن، التزام مجموعة من شبابهم معنا بالمسجد، ولله الحمد والمنة، حتى أنني كلما التقيت بوالدتي (رحمهاالله) على فترات متباعدة بالعمرة، خلال فترة اغترابي عن مصر، كانت تقول لي : (جيرانك الشباب يبلغونك حار السلام، وبالأخص أحمد ابن جارنا الحاج / حسني، الذي ما ذكر اسمك والله إلا ودمعت عيناه وهو يقول : (هذا الذي أضاء الله لي به الطريق الهداية)!!
قال تعالى : (فبما رحمةٍ من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حوالك . . الآية)
تابعوا . .
محبكم
أبو مهند القمري
تعليق