يغلقون القنوات الإسلامية, فلم هذا الجزع..؟!
الحمد لله الموفق إلى ما يحب ويرضى, والصلاة والسلام على من اتّبعناه فسوف نجد ما به نرضى, وبعد,
روى لنا الإمام مسلم -رحمه الله- عن يُسَيْرِ بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة, فجاء رجلٌ ليس له هِجِّيرَى إلا: يا عبد الله بن مسعود, جاءت الساعة !,
قال: فقعد -أي ابن مسعود- وكان متكئًا فقال: إنّ الساعة لا تقوم حتّى لا يُقسم ميراث ولا يُفرح بغنيمة...إلخ(1)
هذا الأثر جال بخاطري عندما رأيت ردود الأفعال عقب الحملات الآثمة من قِبَلِ العلمانيين والمُغَفِّلين من المسلمين وغير المُغَفَّلين! على القنوات الإسلامية بالغلق والتشويش .
كانت إهراصات غلق هذه القنوات منذ فترة, منذ بدءوا أن ينشروا بالجرائد صور المشائخ الفضلاء , ثم يتناقلون بأن هذه القنوات ما هي إلا "بزنس"... من حينها -بل ومن قبلها- وقد أبصر ذوي البصائر بأن هناك "طبخة" تُجَهَّز في "مطبخ العفن" بتصميمات "صهوأمريكية" على أيدي "مصراوية" للقضاء على هذه القنوات كلية أو جزئيًا . إلى أن خرج أشقى القوم في برنامج "مصر النهارده" ليتناول ملف "القنوات الإسلامية!"... ولا أريد أن أطيل النفس مع هؤلاء القوم بالتعقيب والتحليل وما إلى ذلك,
إنما الذي أريد أن أقف معهم هم إخواني وأخواتي -حفظهم الله- المتسنِّنين المُحبين لهذا الدين, الذين يَوَدُّون لو تُسَوَّى بهم الأرض وينتصر دين الله وترفرف رايته عالية فوق أعلى قمة على الكرة الأرضية !
إليكم يا إخواني.. لِمَ هذا الجزع الذي أصاب البعض -وليسوا قلة- عند غلق مثل هذه القنوات, وكأن لسان حالهم يقول: يا عبد الله ابن مسعود !: أوْقَفُوا القنوات أَوْقَفُوا الدعوة !
ودعوني أعرض ما أريد قوله على شقين:
الشق الأول: الجزع الذي أصاب البعص عند استقبال الخبر .
الشق الثاني: حول " أوْقَفُوا القنوات أَوْقَفُوا الدعوة ! "
أما عن الشق الأول:
لعل الكثير ممن أصيبوا بهذا الجزع يظنّون أن "صحوة التدين" الذي مرت بها البلاد في الفترة الماضية انتقلت من الشعوب والجماهير إلى أصحاب القرارات في البلاد(2) .
وهذا ظنٌّ لا يصح, حيث أن من بيدهم القرارات والمناصب في البلاد والذين يتحكمون في رقاب العباد هُمْ هُمْ, لم يتغيروا, مواقفهم تجاه كل ماهو إسلاميٌّ واضحة, ومواقفهم مع كل ما يتعارض مع مصالحهم واضحة . هُم الحصاد المُرّ لزروع حنظلّ!, ولن يكن الخير فيهم إلا بأن يكون الزرع طيبًا ليُخرج طيبًا, أو معجزة من عند الله تأتيهم بياتًا وهم نائمون, أو ضُحًى وهم في مكرهم للسنة يفعلون !
أما مَنْ جعل مِنَ القرآن والسنة "فلتر شرعي" ليُمَرِّر عليه الأخبار والقضايا والآراء لاستقبل هذا الخبر كما استقبل ابن مسعود -رضي الله عنه- خبر هذا الرجل !
فقد روى الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده وغيره من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون , ثم يرفعها الله, ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ماشاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله, ثم تكون مُلْكًا عاضًا, فتكون ماشاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله, ثم تكون ملكًا جبرية, فيكون ماشاء الله أن يكون, ثم يرفعها الله, ثم تكون خلافة على منهاج النبوة, ثم سكت...(3)
* مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري (15/330):
"ثم تكون ملكا" ، والمعنى : ثم تنقلب النبوة خلافة أو تكون الحكومة أو الإمارة خلافة أي بنيابة حقيقية على منهاج نبوة أي طريقتها الصورية والمعنوية ما شاء الله أن تكون أي الخلافة وهي ثلاثون سنة على ما ورد، ثم يرفعها الله تعالى ثم تكون ملكا عاضا، أي: يعض بعض أهله بعضا كعض الكلاب فيكون ـ أي الملك / أي الأمر ـ على هذا المنوال ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى أي تلك الحالة ، ثم تكون( أي الحكومة) ملكا جبرية أي: جبروتية وسلطنة عظموتيةفيكون ـ أي الأمرـ على ذلك ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى( أي الجبرية) ثم تكون أي تنقلب وتصير خلافة ، وفي نسخة بالرفع أي تقع وتحدث خلافة كاملة على منهاج نبوة أي من كمال عدالة ، والمراد بها زمن عيسى عليه الصلاة والسلام والمهدي رحمه الله.ا.هـ(4)
فنحن في زمنٍ ليست فيه الكلمة العليا الرسمية فيه لدين الله تبارك وتعالى.. إنما الجبروت والظلم !
فالذي فعلوه من غلق هذه القنوات هو شيء الطبيعي المتوقع من أمثال هؤلاء.. بل إن الفترة الفائة ويكأنهم كانوا في غفلة من هذا, ويكأن الله قدّر هذه الفترة ليكون هناك قاعدة عريضة عند الجماهير متقبلة لهذا التدين, بل ومتعطشة .
فإن قال قائل: أنهم يقولون بالديمقراطية, حرية الرأي و و و...
نقول له: كُفّ أخي الحبيب عن هذه "السذاجة" واعذري, حيث أنهم يتشدقون بهذه الديمقراطية وحرية الرأي كي يُمَرِّروا جرائم الغرب الكافر والمنافقين على الإسلام!, أما مع المسلمين معهم إلا كبت الأنفس وتكبيل الأيادي, ولا بأس بأن يُقَنِّنوا مثل هذه الأشياء بمصطلحات مثل "الفتة الطائفية" وأخواتها كي لا يظهر عوارهم وظلمهم هكذا عيانًا بيانًا, حتى وإن ظهر فلسان الحال والمقال يقول لك يا مسلم "إخبط راسك في الحيط" .
فهذه الديمقراطية -الكفرية- وحرية الرأي كي يُمَرِّروا بها طعن هذا النائب الهولندي في الإسلام والنبي -محمد عليه الصلاة والسلام- باسم حرية الرأي !
وهذه الديمقراطية -الكفرية- وحرية الرأي ليُمَرِّروا بها أفعال "شنودة" و "بيشوي" تجاه الإسلام والمسلمين والضحايا ممن يُسلموا ثم يُسَلَّموا إلى الكنيسة, وعندما سُئل هذا الفسل عن مكان "كاميليا" حفظها الله استند في كلامه بالحرية في الرد بـ: انتوا ملكم !
أما هذه الديمقراطية -الكفرية- وحرية الرأي مع أي شيءٍ إسلامي "أمثال هذه القنوات" فيُقال عندها: عفوًا ! لقد نفذ رضيدكم, يُرجى عدم إعادة المحاولة في وقتٍ لاحق !
فهذه الأمور يجب أن تكون لنا ببالٍ يا عباد الله.. وليس معنى كلامي هو عدم التأثر بغلق هذه القنوات وألا نسعى في إرجاعها على القواعد السليمة التي توافق الشرع دون مداهنات .
إنما معنى كلامي بأن نكون أصحاب بصائر بما يُحاك بنا, وأن نكون على دراية بالواقع من حولنا, هذا كي نستطيع أن نتعامل معه بالطريقة المناسبة . فمن عرف قدر عدّوه تعامل معه بالقدر الذي يناسبه, وقديمًا كانوا يعلموننا في المدارس بـ: إذا كانت المدخلات سليمة , كانت المخرجات سليمة .
فلنجعل لنا "فلتر شرعي"(5) نُمَرِّر عليه ما يدور بحاياتِنا لنستنير بنور ربنا, فقال سبحانه " ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور "
أما عن الشق الثاني:
إن البعض من إخواننا تعامل مع غلق هذه القنوات بأن الدعوة إلى الله أُغلقت !, ولعل عوار هذا الفهم ظهر لبعض أصاحبه أنفسهم بعد أن هدءوا قليلًا, وهناك ممن يظل يتعامل مع هذا الأمر بإنه أمرٌ لا تحتمله الجبال الراسيات, ولا الحيتان في المحيطات !
وإلى هؤلاء -حفظهم الله-: كيف كانت الدعوة إلى الله من لدن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ما قبل القنوات الإسلامية -أعادها الله على خير-..؟!
كما سبق آنفا أن الكلمة العليا الرسيمة في البلاد ليست لدين الله تبارك وتعالى, إنما لأهواء ومصالح شخصية وصدٍّ عن سبيل الله " ويمكرون ويمكر الله ",
فيجب علينا أن نتعامل مع الدعوة إلى الله تحت أي ظرفٍ وأي ضغوط.. ونظرة يسيرة في دعوة النبي عليه الصلاة والسلام في الفترة المكية يُرى العجب العجاب في عدم الإستسلام لأي صعوبات; والتعامل معها, فإن لم تنفع فليُنظر لغيرها .(6)
وليُعلم -علمني الله وإياكم- أن أهمَّ شيءٍ خلال هذه الإِحَن والمِحَن هو: الثبات على المبدأ وعدم التغيير والخنوع !
فأن محاولات الحُكّام أو الملأ مع أصحاب الدعوات لا تكاد تهدأ أو تفتر; إذ يحاولون ترهيبهم وتهديدهم لينصرفوا عن دعوتهم بالكلية. وإذا لم يُفلحوا في هذا الجانب حاولوا إغراءهم بشتّى الوسائل لينحرفوا -ولو قليلًا- عن استقامة الدعوة وصلابتها, وليرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها.
ومن ثمَّ يطلبون منهم تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق; لأن الحكام يستدرجون أصحاب الدعوات, فإذا سلَّموا جزء فقدوا مقاومتهم وحصانتهم, وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة سينتهي إلى تسليم الصفقة كلِّها.
وجدير بالإشارة أن التسليم في جانب ولو ضئيل من جوانب الدعوة لِكَسْبِ الحكام إلى صفِّها هو هزيمة نفسية بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة, والله وحده هو الذي يعتمدُ عليه المؤمنون في نصرة الحقِّ.
وقد سطّرت كلمات في هذه النقطة "الثبات" في موضوعٍ مستقل, فليُنظر إليه تكملة لهذه النقطة من هذا الموضوع
الثبات الثبات ياعباد الله, ولا تستسلموا لضغوط الواقع والله ناصركم !!
وأختم هذا الموضوع ببشرى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الآنف الذكر حيث قال: " ثم تكون خلافة على منهاج النبوة "
فالخير آتٍ لا محالة.. وسوف تُقطع رؤوس وألسن كل من يتلاعب بالدين ولا يقدره حق قدره!
فأبشروا وسددوا وقاربوا والله معنا, فالله مولي الذي ءامنوا, والكافرين لا مولى لهم !
هذه كلمات يسيرات.. خرجت نُصحًا لدين رب البريات
فإن كان فيها من خيرٍ.. فهو فضل الله يسوقه على الصالح والطالح, وإن كان غير ذلك فما صاحبكم إلا كسائر البشر; يجري علي الخطأ والسهو النسيان, فكُن لي مُصَحِّحًا ومُذَكِّرًا .
والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله الموفق إلى ما يحب ويرضى, والصلاة والسلام على من اتّبعناه فسوف نجد ما به نرضى, وبعد,
روى لنا الإمام مسلم -رحمه الله- عن يُسَيْرِ بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة, فجاء رجلٌ ليس له هِجِّيرَى إلا: يا عبد الله بن مسعود, جاءت الساعة !,
قال: فقعد -أي ابن مسعود- وكان متكئًا فقال: إنّ الساعة لا تقوم حتّى لا يُقسم ميراث ولا يُفرح بغنيمة...إلخ(1)
هذا الأثر جال بخاطري عندما رأيت ردود الأفعال عقب الحملات الآثمة من قِبَلِ العلمانيين والمُغَفِّلين من المسلمين وغير المُغَفَّلين! على القنوات الإسلامية بالغلق والتشويش .
كانت إهراصات غلق هذه القنوات منذ فترة, منذ بدءوا أن ينشروا بالجرائد صور المشائخ الفضلاء , ثم يتناقلون بأن هذه القنوات ما هي إلا "بزنس"... من حينها -بل ومن قبلها- وقد أبصر ذوي البصائر بأن هناك "طبخة" تُجَهَّز في "مطبخ العفن" بتصميمات "صهوأمريكية" على أيدي "مصراوية" للقضاء على هذه القنوات كلية أو جزئيًا . إلى أن خرج أشقى القوم في برنامج "مصر النهارده" ليتناول ملف "القنوات الإسلامية!"... ولا أريد أن أطيل النفس مع هؤلاء القوم بالتعقيب والتحليل وما إلى ذلك,
إنما الذي أريد أن أقف معهم هم إخواني وأخواتي -حفظهم الله- المتسنِّنين المُحبين لهذا الدين, الذين يَوَدُّون لو تُسَوَّى بهم الأرض وينتصر دين الله وترفرف رايته عالية فوق أعلى قمة على الكرة الأرضية !
إليكم يا إخواني.. لِمَ هذا الجزع الذي أصاب البعض -وليسوا قلة- عند غلق مثل هذه القنوات, وكأن لسان حالهم يقول: يا عبد الله ابن مسعود !: أوْقَفُوا القنوات أَوْقَفُوا الدعوة !
ودعوني أعرض ما أريد قوله على شقين:
الشق الأول: الجزع الذي أصاب البعص عند استقبال الخبر .
الشق الثاني: حول " أوْقَفُوا القنوات أَوْقَفُوا الدعوة ! "
أما عن الشق الأول:
لعل الكثير ممن أصيبوا بهذا الجزع يظنّون أن "صحوة التدين" الذي مرت بها البلاد في الفترة الماضية انتقلت من الشعوب والجماهير إلى أصحاب القرارات في البلاد(2) .
وهذا ظنٌّ لا يصح, حيث أن من بيدهم القرارات والمناصب في البلاد والذين يتحكمون في رقاب العباد هُمْ هُمْ, لم يتغيروا, مواقفهم تجاه كل ماهو إسلاميٌّ واضحة, ومواقفهم مع كل ما يتعارض مع مصالحهم واضحة . هُم الحصاد المُرّ لزروع حنظلّ!, ولن يكن الخير فيهم إلا بأن يكون الزرع طيبًا ليُخرج طيبًا, أو معجزة من عند الله تأتيهم بياتًا وهم نائمون, أو ضُحًى وهم في مكرهم للسنة يفعلون !
أما مَنْ جعل مِنَ القرآن والسنة "فلتر شرعي" ليُمَرِّر عليه الأخبار والقضايا والآراء لاستقبل هذا الخبر كما استقبل ابن مسعود -رضي الله عنه- خبر هذا الرجل !
فقد روى الإمام أحمد -رحمه الله- في مسنده وغيره من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون , ثم يرفعها الله, ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ماشاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله, ثم تكون مُلْكًا عاضًا, فتكون ماشاء الله أن تكون, ثم يرفعها الله, ثم تكون ملكًا جبرية, فيكون ماشاء الله أن يكون, ثم يرفعها الله, ثم تكون خلافة على منهاج النبوة, ثم سكت...(3)
* مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري (15/330):
"ثم تكون ملكا" ، والمعنى : ثم تنقلب النبوة خلافة أو تكون الحكومة أو الإمارة خلافة أي بنيابة حقيقية على منهاج نبوة أي طريقتها الصورية والمعنوية ما شاء الله أن تكون أي الخلافة وهي ثلاثون سنة على ما ورد، ثم يرفعها الله تعالى ثم تكون ملكا عاضا، أي: يعض بعض أهله بعضا كعض الكلاب فيكون ـ أي الملك / أي الأمر ـ على هذا المنوال ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى أي تلك الحالة ، ثم تكون( أي الحكومة) ملكا جبرية أي: جبروتية وسلطنة عظموتيةفيكون ـ أي الأمرـ على ذلك ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله تعالى( أي الجبرية) ثم تكون أي تنقلب وتصير خلافة ، وفي نسخة بالرفع أي تقع وتحدث خلافة كاملة على منهاج نبوة أي من كمال عدالة ، والمراد بها زمن عيسى عليه الصلاة والسلام والمهدي رحمه الله.ا.هـ(4)
فنحن في زمنٍ ليست فيه الكلمة العليا الرسمية فيه لدين الله تبارك وتعالى.. إنما الجبروت والظلم !
فالذي فعلوه من غلق هذه القنوات هو شيء الطبيعي المتوقع من أمثال هؤلاء.. بل إن الفترة الفائة ويكأنهم كانوا في غفلة من هذا, ويكأن الله قدّر هذه الفترة ليكون هناك قاعدة عريضة عند الجماهير متقبلة لهذا التدين, بل ومتعطشة .
فإن قال قائل: أنهم يقولون بالديمقراطية, حرية الرأي و و و...
نقول له: كُفّ أخي الحبيب عن هذه "السذاجة" واعذري, حيث أنهم يتشدقون بهذه الديمقراطية وحرية الرأي كي يُمَرِّروا جرائم الغرب الكافر والمنافقين على الإسلام!, أما مع المسلمين معهم إلا كبت الأنفس وتكبيل الأيادي, ولا بأس بأن يُقَنِّنوا مثل هذه الأشياء بمصطلحات مثل "الفتة الطائفية" وأخواتها كي لا يظهر عوارهم وظلمهم هكذا عيانًا بيانًا, حتى وإن ظهر فلسان الحال والمقال يقول لك يا مسلم "إخبط راسك في الحيط" .
فهذه الديمقراطية -الكفرية- وحرية الرأي كي يُمَرِّروا بها طعن هذا النائب الهولندي في الإسلام والنبي -محمد عليه الصلاة والسلام- باسم حرية الرأي !
وهذه الديمقراطية -الكفرية- وحرية الرأي ليُمَرِّروا بها أفعال "شنودة" و "بيشوي" تجاه الإسلام والمسلمين والضحايا ممن يُسلموا ثم يُسَلَّموا إلى الكنيسة, وعندما سُئل هذا الفسل عن مكان "كاميليا" حفظها الله استند في كلامه بالحرية في الرد بـ: انتوا ملكم !
أما هذه الديمقراطية -الكفرية- وحرية الرأي مع أي شيءٍ إسلامي "أمثال هذه القنوات" فيُقال عندها: عفوًا ! لقد نفذ رضيدكم, يُرجى عدم إعادة المحاولة في وقتٍ لاحق !
فهذه الأمور يجب أن تكون لنا ببالٍ يا عباد الله.. وليس معنى كلامي هو عدم التأثر بغلق هذه القنوات وألا نسعى في إرجاعها على القواعد السليمة التي توافق الشرع دون مداهنات .
إنما معنى كلامي بأن نكون أصحاب بصائر بما يُحاك بنا, وأن نكون على دراية بالواقع من حولنا, هذا كي نستطيع أن نتعامل معه بالطريقة المناسبة . فمن عرف قدر عدّوه تعامل معه بالقدر الذي يناسبه, وقديمًا كانوا يعلموننا في المدارس بـ: إذا كانت المدخلات سليمة , كانت المخرجات سليمة .
فلنجعل لنا "فلتر شرعي"(5) نُمَرِّر عليه ما يدور بحاياتِنا لنستنير بنور ربنا, فقال سبحانه " ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور "
أما عن الشق الثاني:
إن البعض من إخواننا تعامل مع غلق هذه القنوات بأن الدعوة إلى الله أُغلقت !, ولعل عوار هذا الفهم ظهر لبعض أصاحبه أنفسهم بعد أن هدءوا قليلًا, وهناك ممن يظل يتعامل مع هذا الأمر بإنه أمرٌ لا تحتمله الجبال الراسيات, ولا الحيتان في المحيطات !
وإلى هؤلاء -حفظهم الله-: كيف كانت الدعوة إلى الله من لدن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ما قبل القنوات الإسلامية -أعادها الله على خير-..؟!
كما سبق آنفا أن الكلمة العليا الرسيمة في البلاد ليست لدين الله تبارك وتعالى, إنما لأهواء ومصالح شخصية وصدٍّ عن سبيل الله " ويمكرون ويمكر الله ",
فيجب علينا أن نتعامل مع الدعوة إلى الله تحت أي ظرفٍ وأي ضغوط.. ونظرة يسيرة في دعوة النبي عليه الصلاة والسلام في الفترة المكية يُرى العجب العجاب في عدم الإستسلام لأي صعوبات; والتعامل معها, فإن لم تنفع فليُنظر لغيرها .(6)
وليُعلم -علمني الله وإياكم- أن أهمَّ شيءٍ خلال هذه الإِحَن والمِحَن هو: الثبات على المبدأ وعدم التغيير والخنوع !
فأن محاولات الحُكّام أو الملأ مع أصحاب الدعوات لا تكاد تهدأ أو تفتر; إذ يحاولون ترهيبهم وتهديدهم لينصرفوا عن دعوتهم بالكلية. وإذا لم يُفلحوا في هذا الجانب حاولوا إغراءهم بشتّى الوسائل لينحرفوا -ولو قليلًا- عن استقامة الدعوة وصلابتها, وليرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها.
ومن ثمَّ يطلبون منهم تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق; لأن الحكام يستدرجون أصحاب الدعوات, فإذا سلَّموا جزء فقدوا مقاومتهم وحصانتهم, وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة سينتهي إلى تسليم الصفقة كلِّها.
وجدير بالإشارة أن التسليم في جانب ولو ضئيل من جوانب الدعوة لِكَسْبِ الحكام إلى صفِّها هو هزيمة نفسية بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة, والله وحده هو الذي يعتمدُ عليه المؤمنون في نصرة الحقِّ.
وقد سطّرت كلمات في هذه النقطة "الثبات" في موضوعٍ مستقل, فليُنظر إليه تكملة لهذه النقطة من هذا الموضوع
الثبات الثبات ياعباد الله, ولا تستسلموا لضغوط الواقع والله ناصركم !!
وأختم هذا الموضوع ببشرى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الآنف الذكر حيث قال: " ثم تكون خلافة على منهاج النبوة "
فالخير آتٍ لا محالة.. وسوف تُقطع رؤوس وألسن كل من يتلاعب بالدين ولا يقدره حق قدره!
فأبشروا وسددوا وقاربوا والله معنا, فالله مولي الذي ءامنوا, والكافرين لا مولى لهم !
هذه كلمات يسيرات.. خرجت نُصحًا لدين رب البريات
فإن كان فيها من خيرٍ.. فهو فضل الله يسوقه على الصالح والطالح, وإن كان غير ذلك فما صاحبكم إلا كسائر البشر; يجري علي الخطأ والسهو النسيان, فكُن لي مُصَحِّحًا ومُذَكِّرًا .
والحمد لله رب العالمين.
كتبه الراجي سِتْر وعفو ربه/
أبو مصعب السلفي
المشرف العام على منتدى الحور العين
----أبو مصعب السلفي
المشرف العام على منتدى الحور العين
(1) الحديث بطوله في صحيح مسلم, حديث رقم (2899) ,
(2) وأنا أتكلم عن مصر تحديدًا .
(3) حسنه بعض أهل العلم, منهم الألباني -رحمه الله- في تخريج مشكاة المصابيح -وفق موقع درر- .
(4) نقلًا من هذه المشاركة .
(5) هذا المصطلح مستفاد من الشيخ أحمد النقيب -حفظه الله- .
(6) أنصح بالكتاب الفذّ في بابه "منهج النبي عليه الصلاة والسلام في الدعوة" د/ محمد أمحزون. ط/ دار السلام .
تعليق