إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

    الفوضوية في المواعيد




    - بعضهم ليس لمواعيده زِمامٌ و لا خطام !
    فلا يُقيم للمواعيد و لا لأصحابها وزنًا ، يَعِدُ فلانًا بأنه سيحضر إليه في وقت كذا
    ثم يَعِدُ آخر بأن يأتي إليه في وقت كذا ، ثمَّ إذا طرأ له شغلٌ - من سفر أو غيره -
    اشتغل به و لم يهتمَّ عن سبق الوعد معهم !


    - بعضهم يتعمَّد في جعل أوقات مواعيده تتضارب مع مصالح أهم ،
    كِبَر الوالدين بقضاء حوائج لهما في ذلك الوقت يضيق وقت الوالدين أو أحدهما بتأخير قضاء
    تلك الحاجة عن وقتها .


    - بعضهم يجعل مواعيده تتضارب مع أوقات حضوره لدرس مهم أو محاضرة مهمة .


    - بعضهم يَعِد الآخرين بعشوائية ، ثمَّ يفاجأ بموعدين أو ثلاثة في وقت واحد ، فيُحرج نفسه و غيْرَه
    بل قد يتسبَّب في إدخال الضجر أو الغيظ أحيانًا بسبب إرباك الموعودين بتأجيل أو إخلاف مواعيدهم
    دون سابق إخبارٍ لهم .
    و لا شك و لا ريب أن سبب إحراجه لنفسه و الآخرين هو الفوضوية و عدم الترتيب في ذلك كله .




    و إليك - رعاك الله - شيئَا من أثر الترتيب في مواعيد طالب العلم ، و شيئًا من الوسائل المُعِينة عليه
    و قبل ذلك يقال :

    إنَّ الوفاء بالعهد من أخلاق الأنبياء عليهم السلام ، و قد ذكر الله ذلك في كتابه في مدح أنبيائه :
    [وَاذَكُرْ فِيِ الكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إنََّهُ كَانَ صَادِقَ الوَعْدِ وَ كَانَ رَسُولًا نَبِيًَّا] مريم : 54
    و أنعِم بصفةٍ أثنى عليها الله تعالى و تخلَّقَ بها أنبياؤه عليهم السلام .

    و العجب أنَّ أهل الجاهلية كانوا يُعظِّمون شأن الوعد ، و من شواهد ذلك
    قول عوف بن النعمان في الجاهلية الجهلاء : "لأن يموت الرجل عطشًا خيرٌ له من أن يكون مخلافًا لموعد"
    [أدب الإملاء و الإستملاء ص :41 ]

    و بكل حال ؛ فطالب العلم من اولى الناس بلزوم تلك الخصلة ، و ذلك لأمور كثيرة .. منها :
    طاعة الله تعالى ، و التخلق بخلق الأنبياء عليهم السلام و أنعم و أكرم بهم و بأخلاقهم
    و الحذر من الوقوع في ضدها من إخلاف المواعيد فذلك من صفات المنافقين كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
    و منها - و هو الشاهد في هذا الموضوع - :
    أنَّ ترتيب طال العلم لأوقاته و تنظيم شؤونه و أموره يُعينُه على تقسيم مواعيده ، و في الوقت نفسه
    يُسهِّل عليه الوفاء بتلك المواعيد كل في مكانه و زمانه .






    و مما يُعين على ترتيب المواعيد بعد فضل الله تعالى :

    - كتابة تلك المواعيد في ورقة أو سجل خاص ، و سحسن إذا كان الوعد مهما أو بعيد الأجل
    أن يعلق تلك الورقة في مكان بارز في مكتبته أو غيرها ليكون ذلك الموعد ماثلًا أمامه .

    - الإستعانة بوسائل التقنية الحديثة ، كجهاز الجوال الذي يتضمن بارمج للتذكير بالمواعيد .

    -أن يطلب من صاحب المواعد - إذا كان وعده بعيد الأجل - أن يُشعره بالمواعد المتفق عليه
    قبل وقته بمدة كافية حتى لا يرتبط بأمور أخرى تُصَعِّبُ عليه الوفاء بالوعد المسبق .



    يُتبع ــ ..

    تعليق


    • #17
      رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

      وقفة

      أحدُهما في وقتٍ قليل ينجز كثيرًا ..
      و آخر في وقت كثير ينجز قليلا .. و السرُّ في ذلكـ
      شيء رآه الأَّول فوطئه بقدميه و مر عليه ، و رآه الثاني
      فوطأه و نام عليه .. ذلك الشيء
      اسمه : الفوضوية

      تعليق


      • #18
        رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

        المكتبة بين الترتيب و الفوضوية




        من آثار الفوضوية في شأن المكتبة و عدم العناية بترتيبها ما يلي :

        - ذهاب وقت مثير في البحث عن كتاب معيَّين في مكتبته ،
        ثم إذا عثر عليه و قضى منه مراده و احتاج إليه بعد مدَّة فقد يُعاوِد البحث عنه مرَّة أخر
        بوقت كسابقه .. و هلمَّ جرّا .


        - قد يشتري بعضَ الكتب مرَّتين أو ثلاثًا .


        - قد يتأخر عن بحث موضوع قراءة أو كتابة لظنه عدم وجود الكتاب المقصود عنده ،
        بينما الكتاب في متناول يده و لو عُني بالترتيب ، و قد يكون تحصّل عليه منذ زمن طويل
        في مكتبته لكن كل ذلك بسبب الفوضوية في عدم عنايته بمكتبته .


        ,‘..

        و إذا كان كذلك ؛ فاحرص-سدد الله أقوالك و أرشد أفعالك- على ترتيب مكتبتك لتزول تلك
        الجهود المهدرة في غير محلها ؛ من بذل جهد يمكن توفيره ، و ذهاب وقت يمكن حفظه و إنفاق مال
        يمكن إدخاره .

        و من طرق ترتيب المكتبة :

        - تقسيمها على حسب الفنون العلمية تقسيمًا إجماليًا ثم تفصيليًّا ،
        فمثلا : علم التفسير بعدما يخصص له ركنًا معينا يبدأ بوضع كتب التفسير ، ثم ما يتعلق بعلم القراءات
        ثم بأسباب النزول ، و كلما أكثر التقسيم التفصيلي كلما سهُل عليه الوصول إلى مراده مع توفير جهد و مال .

        و مثل ذلك أيضا كتب الفقه ، يرتبها على حسب مذاهب أصحابها ، ثم يرتب الكتب و الرسائل
        الفقهية المنثورة على حسب مضامينها ، فيجعل ما يتعلق بالصلاة سويَّا ، ثمَّ الزكاة ، ثمَّ الصيام /
        ثمَّ الحج ، ثم المعاملات ..

        و من طرق الترتيب أيضـــــًا :

        - إفراد مصنفات المكثرين من التصنيف ، فيجعل ركنًا خاصَّا لمصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية
        و ركنًا لابن القيم ، و ركنًا للسيوطي .. و هكذا .


        و ما ذكر هنا مجرد إشارة إلى أهمية ترتيب المكتبة و ما يحصل من عدم الترتيب من الفوضى في وقت طالب العلم
        و من أراد الزيادة على العناية بشؤون مكتبته فتفصيل ذلك موجود في مظانه من الكتب التي تُعنى بتنظيم
        المكتبات و ترتيبها ، و لكن مرادي هنا ما يتعلق ببعض مكتبات طلاب العلم التي يغلب عليها عدم الترتيب .


        يتبع إن شاء الله >>

        تعليق


        • #19
          رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

          الفوضوية في إيقاف السيارة بما يسبب أذى بعض المسلمين

          مراعاة شعور المسلمين و عدم أذيتهم من التعبُّد لله تعالى ،
          فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق صدقة و من شُعَب الإيمان ،
          فكيف بمن كفَّ الأذى عن المسلمين ؟ و في المقابل كيف بمن خالف هذا و تسبب في أذى المسلمين ؟!

          و من الصُّور المشينة في أذية المسلمين ما يحصل من إيقاف بعض السيارات أمام أبوابهم ،
          و يتأكد الضرر إذا كان ذلك أمام أبواب مداخل سياراتهم ، و هذا من الفوضوية و عدم مراعاة مشاعر المسلمين ،
          و ليضع ذلك المؤذي نفسه مكان المؤذّى ليستشعر الضرر !

          و مما يزيد تلك الصورة قبحًا إذا كان أصحاب عبض تلك السيارات من الموسومين بالخير و الصلاح ،
          و غالبًا ما يكون هذا عند حضور محاضرة أو درس .


          فعلى من كان هذا شأنه أن يتقي الله تعالى في عدم أذية المسلمين ليسلم من الإثم و أيضًا دعاء
          المتضرر بسببه ،
          و قد بلغ ببعض أولئك المتضررين أنه سبَّ و دعا على من آذاه بإيقاف سيارته أمام بابه
          و لقد أطلعني أحدُهم على ورقة من أحد جيران مسجدهم فيها سبٌّ للملقى عليهم بسبب إيقاف
          سيارات بعضهم أمام بيته .

          فعلى صاحب السيارة أن يحرص جاهدًا على إبعادها عن بيوت الناس ، كإيقافها عند سور المسجد
          أو مدرسة أو حديقة أو غير ذلك ، فإن شقَّ ذلك عليه فعليه أن يجتنب الوقوف أمام أبواب البيوت .

          و من الفوضوية فيما يتعلق بوقوف السيارات أيضًا ما يحصل من بعضهم في إيقاف سيارته بطريقة عشوائية
          فيأخذ مكانا يكفي لسيارتين ، و أحيانا لثلاث !

          و خلاصة القول : أنَّ على المسلم - و بخاصة القدوة عند الناس- أن يحرص جاهدًا على تجنب ما يُسبب أذى للناس .
          و مما يُحسن ذِكرُه هنا أن يجتمع الاثنان و الثلاثة في سيارة واحدة عند المجيء للمسجد ، و في ذلك
          مصالح كثيرة ، منها :
          -تقليل عدد السيارات .
          -ضعف إحتمال أذية الجيران .
          -تذاكر العلم فيما بينهم .


          يُتبع إن شاء الله >>

          تعليق


          • #20
            رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية


            الفوضوية في الترويح عن النفس




            الترويح عن النفس أمرٌ مشروع ، ودين الإسلام دين السماحة واليُسر ، ودين الكمال والجدِّ
            والمتأمل في دواوين السنة النبوية عمومًا - وفي كتب الشمائل النبوية خصوصًا-
            سيرى نصوصًا كثيرة فيها تنوّع في أساليب الترويح عن النفس ، فمن ذلك على سبيل المثال :

            - مسابقته -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنه -

            - ومسابقته -صلى الله عليه وسلم - بين الخيل المضمّرة وغير المضمّرة .

            - ومشاهدته -صلى الله عليه وسلم - للحبشة وهم يلعبون بحرابهم .


            والشاهد في هذا المبحث ما يحصل من بعض الناس من الإيغال في أمور الترويح ، حتى يكون
            الترويح هو الغالب ، بل قد يكون الأصل في حياته ...
            فيأنس بذلك الترويح ويحثَّ غيره عليه ، فإذا نُبَّه على إفراطه في ذلك الأمر ، تذرَّع بنصوص الترويح في السُنَّة
            ومنها ما سبق ، ولا شكَّ أنَّ هذا من الجهالة أو التجاهل ، وبيان ذلك :

            أن الأصل في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- الجد والعزيمة ، والترويح ، عارض ، وهو مع ذلك يتقوى به
            على وطيفته العظيمة في دلالة الناس على الخير .

            وأيضا مع ترويح النبي -صلى الله عليه وسلم -عن نفسه قثد كان معطيا كل ذي حق حقه
            ومن أمثلة ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم - " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " .
            فلم يشغله ترويحه عن نفسه عن القيام بأعماله الخاصة والعامة للأمة ، بل كان يتقوى بذلك الترويح كما تقدم
            آنفا الإشارة إليه ،

            بخلاف من غلّب جانب الترويح وأضاع وأهمل الحقوق الخاصة بأهل بيته أو العامة للناس ..
            فحدِّث عن غيابه عن بيته وتضييع حقوق مسؤوليته عن أولاده وزوجته ، وكذا في شؤون الناس من إهمال للدوام
            الوظيفي أو تضييع أمانة المسجد إن كان مؤذنًا أم إمامًا .

            يتبع إن شاء الله >>..

            تعليق


            • #21
              رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

              الفوضوية في طلب العلم



              وأمورها كثيرة ، ويحسن تقسيم الكلام بذلم فأكتفي بذكر أمرين مع التمثيل كل أمر بعدة أمثلة ،
              ويقاس عليها نظائرها :


              الأمر الأول
              الفوضوية في حضور الدرس :

              ومن صور ذلك :
              - أنَّ بعضهم إذا لم يفهم شيئًا في أول حضوره للدرس أصابه إحباط فترك الدرس ولم يُعد إليه .

              - كثرة التنقل من درس إلى آخر بلا ضابط معيَّن ، بل عشوائية في الحضور أو تعجُّل في التحصيل .

              - يحاكي بعض أصحابه في حضوره وغيابه ، فمتى ما حضر فلانٌ حضر معه، وإن تغيَّب فمعهُ أيضًا .

              - يجعل الدرس عرضـًا بينما يجعل غيره من الأشغال التي تقبل التأخير أصلا ، بل يصل بعضهم إلى الترويح دائما
              على حضور الدرس .

              - كثرة الغياب والتساهل في الحضور ، مما يترتب عليه فوات كثير من الفوائد فضلا عن عدم الفهم المترابط
              لمواضيع الدرس .

              - إشغال نفسه بما لا ينفع أثناء الدرس ؛ من فضول النظر ، أو كثرة الحركة ، أو عبث بالقلم أو الجوال
              أو غير ذلك ، وقد يشغل غيره بفضول كلام أو كثرة حركة وتؤثر على من خلفه أو مَن بجانبه .

              - كثرة التأخر عن حضور الدرس بدنيا أو ذهنيّــًا ، وهذه الصفة قد تحرم بل ستحرم صاحبها كثيرًا من الخير ،
              بل وقد يكون التأخر طبعًا له في مسيرة حياته ، فيؤثر عليه في طاعاته الواجبة فضلا عن المستحبة .

              - عدم الإستعداد لحضور الدرس بدنيَّا وذهنيا ؛ فأما ذهنيا فتراه لا يُحضِّر للدرس قبل حضوره إليه ،
              ولا يُراجع ويتعاهد ما سمعه بعد انصرافه منه ، و أما عدم الإستعداد البدني فتراه يأتي إلى الدرس إن أتى -وهو مُجهد منهمك-
              بسبب كثرة أشغاله وإجهاده لنفسه في أمور يمكنه جعل كثير منها أو أكثرها في أوقات لا تزاحم راحته البدنية
              عند حضوره للدرس ، ومن الأسباب أيضا قلة النوم وكثرة السهر ، ويتأكد هذا في الدروس الصباحية ؛ فتراه إذا ما حضر
              إلى الدرس مستغرقا في نومه أو تراه يخفق برأسه أو يغالب نفسه .


              ودواء كل تلك الأدواء - بعد توفيق الله تعالى - هو مراعاة الترتيب والتنظيم في أوقاته وأموره .

              هذا الأمر الأول تابعن الأمر الثاني بإذن الله ..

              تعليق


              • #22
                رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

                الأمر الثاني :

                الفوضوية في القراءة ومن صورها :

                - عدم الاعتناء والمشورة في اختيار الكتاب المقروء ؛ فمثلا قد يكون محبَّا لنوع من العلوم-كالتفسير مثلا -
                فيختار كتابًا من كتب التفسير فيبدأ بقراءته ، و قد يكون ذلك المفسِّر ممن يُسهب في إيراد الشواهد النحوية والبلاغية
                ويُكثر الكلام حولها ،
                وهي - مع عظيم فائدتها في التفسير بخاصة وغيره عامة - لا يُدرك فائدتها كل واحد ،
                وقد يكون المحب للتفسير في أول مراحل الطلب فيثقل عليه ذلك الأمر فيترك القراءة أو ينقطع عنها مدة،
                ولو أنه رتَّب أمرَه واستشار أهلَ الدّراية بذلك العلم خاصة وغيره عامة لأرشدوه - بتوفيق الله - إلى ما يناسب مداركه .


                ومثل ذلك :
                أنه قد يبدأ بقراءة تفسير يُكثر مؤلفه من سرد الروايات الضعيفة والموضوعة،وذلك المبتديء
                لا يُميِّز ذلك ، وهنا محذورٌ عظيم ..
                هو أنه قد يَنقٌل تلك الروايات بغثها وسمينها ، ويسردها فيما يحضر من المجالس أو في محرابه إن كان إماما
                أو على منبره إن كان خطيبا ، وهنا يعظم الخطب في نشره للكذب وتوسيع دائرته ، ولا يشفع له صلاحُ نيَّته ،
                فالعجلة هنا مذمومة ، فلو أنه رتب قراءته وسأل أهلَ العلم عمَّا يناسب رغبته من الكتب لنفع نفسه وغيرَه
                بنشر العلم وحصول الأجر .


                ومن صور الفوضوية في القراءة :

                - عدم ترتيب وقت أو أوقات معينة للقراءة ، وبخاصة تلك القراءة التي تحتاج إلى تأمل ونظر وتأنِّ
                كقراءة المتون أو شروحها ، بل حتى القراءة الترويحية كالقراءة في بعض كتب الأدب أو التاريخ أو الثقافة العامة
                إذا لم يجعل لها حظًا من ترتيب وقتها فقد لا يستشعر فائدتها أو قد ينسى كثيرًا مما قرأ ويعجز عن استحضاره إذا
                أراد الاستشهاد به .


                ومن صور الفوضوية في القراءة :

                - كثرة التنقل بين الكتب ؛ فتراه إذا بدأ في كتاب ثمَّ وقع في يده آخر ترك الأول إلى الثاني !
                فإذا أشكلت عليه كلمة في الثاني ورجع إلى مظنة بيانها في كتاب ثالث ترك الكتاب الثاني إلى الثالث ،
                وهكذا كلما رام صيدًا وتبعه فرأي آخر تركه ، وهكذا يرجع خالي الفواض مُنهَك القوى .

                ومن جميل ما يذكر هنا ماقاله الإمام ابن جماعة رحمه الله تعالى ، ونص كلامه :

                [ وكذلك يحذر المتعلِّم في ابتداء طلبه من المطالعات في تفاريق المصنفات فإنه يضيع زمانه ويفرق ذهنه
                بل يعطي الكتاب الذي يقرؤه أو الفن الذي يأخذه كليته حتى يُتقنَه وكذلك يحذر من التنقل من كتاب إلى كتاب من غير
                موجب فإنه علامة الضجر وعدم الإفلاح ] "تذكرة السامع والمتكلم " (ص 117 - 119 ) .



                يُتبع إن شاء الله ..

                تعليق


                • #23
                  رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

                  الترتيب في حياة طالب العلم


                  طالب العلم أولى الناس بترتيب أوقاته وأعماله ، ذلك أنَّ طالب العلم من أعلم الناس بقيمة الوقت
                  وأيضا لكونه محط أنظار الناس وقدوتهم ، وأيضا لتنوع مسئولياته وكثرة حاجة الناس إليه .

                  لهذه الأسباب وغيرها .. كان لزامًا على طالب العلم أن يُعنَى عناية تامةَّ بالترتيب في جميع أموره العامة
                  والخاصة ، ولذا من تأمل في سير العلماء ورأي عظيم آثارهم - مع قصر أعمارهم - عَلِم أنَّ السبب -
                  بعد توفيق الله - هو حرصهم على لحظات أعمارهم والعناية باستثمارها وفي وجوه الخير ،
                  ولا يكون ذلك إلا بترتيبهم ومعرفتهم بالمهم والأهم ، ومتى يقدَّم هذا أو يؤخَّر ذاك .

                  تعليق


                  • #24
                    رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية


                    أسباب معينة
                    لحصول الترتيب والبركة في الوقت



                    من اعظم الأسباب في حصول الترتيب والبركة في الوقت إنجاز الكثير في الوقت القليل :

                    أولا :
                    الدعاء بصدق وإلحاح .

                    ثانيًا :
                    صدق النية في الأمور كلها .

                    ثالثا :
                    العزيمة وعدم اليأس والقنوط ، فلو لم تنتظم أمورك وترى ثمارها فلا تجعل للإحباط مدخلاً عليك ،
                    بل عاود العزيمة مرَّةً ومرَّات،وسترى-بحول الله تعالى - انتظاما في أمورك وبركةً في شؤونك .


                    رابعًا:
                    المشورة وطلب المناصحة ممن عُرف بترتيب أموره ، وبخاصة ممن تُشابِه أحواله أحوالك .

                    خامسًا :
                    حضور دورات تُعنَى بشأن الترتيب وحفظ الأوقات وتنمية القدرات .

                    سادسًا :
                    قراءةُ بعض الكُتب التي تُعنَى بشأن الترتيب والتنظيم في الأعمال ؛ لأنَّ هذا وما قبله في الغالب
                    أنَّ القائمين والكاتبين ممن هم خبرة ودراية بذلك .


                    سابعًا :
                    توظيف التقنية في شؤونك وبخاصة العلمية ؛ لأنَّ التقنية-بفضل الله تعالى- تختزل الزمن؛
                    فتقرب البعيد وتجمع المتفرق ، وتؤلف بين الناظرين .. إلى غير ذلك من الخدمات التقنية الهائلة .


                    ثامنًا :
                    ترتيب برنامج مسبق سواء كان ذهنيًا أو كتابيًا ، وضمِّن ذلك البرنامج أمورًا مهمة تعلم نفسك أنك ستحرص على الإتيان بها ؛ لأنها قاسم مشترك بين الناس ، وكثير من الناس لا يعيرها اهتماما إلا إذا طال إهماله لها تلك الساعة يتنبه لها او ينبَّه عليها ، ومن تللك الأمور :

                    صلة الرحم ، وزيارة مريض ، وترويح عن النفس ،فلو جعلت لك في كل أسبوع مرة واحدة لصلة الرحم،
                    وأخرى لزيارة مريض ، وأخرى لترويح عن النفس .. لو حددت لكل واحدة يومًا معينا ،
                    فمثلا بعد مغرب السبت لعيادة مريض ، ومغرب الأحد لصلة رحم ، ومغرب يوم الثلاثاء للترويح عن النفس
                    بما تشاء من أمور الترويح المباحة .. وأمَّا الدروي العلمية فلزامًا على طالب العلم الحريص أن يُرتِّب لنفسه
                    حضور درس أو درسين أو ثلاثة ، ويحرص جاهدًا على العناية بأوقات دروس العلم وعدم مزاحمتها بأشغال أخرى ؛
                    لأنَّ الانقطاع أو التأخُّر عن حضور الدروس التي رتبها لنفسه يُفقِد طالب العلم كثيرًا من الفوائد .


                    تاسعًا :
                    الرفق والتأني في ترتيب الأمور واتخاذ القرار ؛ لأنَّ الرفق من أبواب الخير ، ولذا جاءت النصوص
                    بالعناية بهذا الشأن .


                    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
                    "إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ، ولا يُنزَع من شيءٍ إلا شانه "


                    وقال -صلى الله عليه وسلم- :
                    "إنَّ الله رفيق يحب الرفق "


                    وفي المقابل جاءت نصوص تؤكد بل تمنع المضي في العبادة أو الحكم بين الناس إذا كان الذهن والبال مشغولا ،
                    فمثال عدم المضي بل البدء في العبادة قوله صلى الله عليه وسلم :
                    "لا صلاة بحضرة طعام ، ولا وهو يدافعه الأخبثان "


                    ومثال عدم الحكم بين الناس قوله صلى الله عليه وسلم :
                    "لا يقضي القاضي وهو غضبان "


                    والشاهد من هذا كله : أنَّ اشتغال الفكر وعدم استقراره يوقع في المحاذير القاصرة والمتعدِّية .

                    تعليق


                    • #25
                      رد: طالب العلم بين الترتيب ... والفوضوية

                      من طرق ترتيب الأوقات عند كثرة المشاغل

                      إذا اجتمعت عليك مشاغل وتداخلت ، فإليك هذه الخطوات لعلها -بعد توفيق الله- تكون عونًا لك على
                      ترتيب تلك الأمور أو قضاء أكثرها :

                      أولا:

                      اسأل الله تعالى دائمًا أن يعينك في جميع أمورك ، وتذكَّر أنك تقول في ركعة
                      وإياكَ نستعينُ
                      وفي دبر كل صلاة مكتوبة :
                      "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك "
                      وفي هذا المقام من تحقيق معنى الاستعانة بالله تعالى ,

                      ثانيـــًا :

                      اكتب جميع تلك المشاغل في ورقة ، وهذا أسهل من تذكرها ذهنيا ؛ لانك قد تعجز عن استحضارها كلها على
                      عجلة من امرك ، وأيضا لو حصل ذلك فقد يَصعب تصورها جميعًا ثمَّ المقارنة والمفارقة بينها ،
                      بخلاف كتابتها في ورقة والنظر فيها بتأنِّ ، فلذلك يأخذ منك وقتًا أكثر من التصور الذهني ، لكنه يوفر لك وقتا كثيرا ن
                      بخلاف التصور الذهني على عجل ، فذلك يأخذ منك وقتًا قليلا لكنه يضيع عليك وقتا كثيرًا .


                      ثالثــــًا :

                      استعرض تلك الأمور بتأن وروية ، تلك الساعة ربما يتبين لك أشياء قد لا تدركها إذا أخذت الأمور بفوضوية .

                      رابعـــًا :

                      بعد استعراضك لتلك الأمور مجتمعة احرص على تقديم ما يضرُّ تأخيره ، كقضاء حاجة للوالدين ، أو زيارة مريض به مرض
                      مخوف وهو يفرح بزيارتك ويحزن أو يجد في نفسه لعدم زيارتك .

                      خامســا :

                      إذا كان في بعض الأمور نفعٌ متعد ، وفي بعضها نفع قاصر ، فقدِّم ما كان نفعه متعديا على ما كان نفعه قاصرًا.

                      فمصلا : دُعيتَ إلى مجلس لإصلاح ذات بين أو لطرح مشروع خير يحتاج إلى إبداء رأي ومشورة ، وكان
                      لحضورك أثره في المجلسين فلا تتأخر عن حضور مثل لك المجالس على ما كان نفعه قاصرًا من المجالس الأخرى .

                      يتبع هذا الجزء إن شاء الله

                      تعليق

                      يعمل...
                      X