رد: فتاوى شاملة لجميع الأسماء المستعارة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
جَزَاكُم اللهُ خَيْرًا عَلَى هذا العَمَلِ والجَهْدِ الطَّيِّبِ، أدْعُو الله أنْ يَنْفَعَكُم والمُسْلِمِينَ بِهِ نَفْعًا طَيِّبًا في الدُّنْيَا والآخِرَة، اللَّهُمَّ آمِينَ.
لي اقْتِرَاح أُخْتنَا الكَرِيمَة: أنْ يَتِمَّ الاتِّفَاق مَعَ الإدَارَةِ عَلَى عَمَلِ حَمْلَةٍ لتَغْيِيرِ الأسْمَاء المُخَالِفَة، لأنَّ الاقْتِصَارَ عَلَى بَيَانِهَا في شَكْلِ مَوْضُوعٍ لا يَفِي بالغَرَضِ، فَهُنَاكَ مَنْ يَقْرَأ ولا يُطَبِّق، وهُنَاكَ مَنْ لا يَقْرَأ، ووَاجِبُ وَلِيّ الأمْر أنْ يَجْعَلَ الجَمِيع يُطَبِّقُونَ الصَّحِيح سَوَاء اقْتَنَعُوا أو لَمْ يَقْتَنِعُوا، لأنَّ مَسْئُولِيَّة وَلِيّ الأمْر هي تَطْبِيق الصَّحِيح بغَضِّ النَّظَر عَنْ رَأيِ النَّاس فِيهِ، فهذا دِينٌ لا يُؤْخَذُ بالرَّأيِ، وكُلّ مَرَاتِب الإدَارِيِّينَ في المُنْتَدَى هُمْ أوْلِيَاء الأُمُور في هذا المَكَان، وعَلَيْهم مَسْئُولِيَّة تَغْيِير المُنْكَر باليَدِ أوَّلاً لأنَّهُم يَمْلِكُونَ ذَلِكَ، لا مُجَرَّد طَرْح باللِّسَانِ ليَفْعَل مَنْ يَفْعَل ويَبْقَى مَنْ لا يُرِيد كَمَا هُوَ، فَأرْجُو التَّنْسِيق مَعَ الإدَارَةِ وتَخْصِيص عُضْو أو أكْثَر مِنْ طَاقَمِ الإدَارَة الَّذِينَ عَلَى عِلْمٍ وقُدْرَةٍ لتَغْيِيرِ هذه الأسْمَاء، وتَلَقِّي طَلَبَات التَّغْيِير وضَبْط الأسْمَاء الجَدِيدَة، فَيَقُومُوا بمُرَاسَلَةِ أصْحَاب الأسْمَاء المُخَالِفَة مُبَاشَرَة برَسَائِلٍ خَاصَّةٍ وإعْطَائِهِم رَابِط هذا المَوْضُوع كَمَرْجِعِيَّة لمَعْرِفَةِ الضَّوَابِط، ومُطَالَبَتهم بتَغْيِيرِ أسْمَائهم المُخَالِفَة إلى أُخْرَى صَحِيحَة، ثُمَّ إخْبَارهم ثَانِيَةً لَوْ كَانَ الاسْم الجَدِيد فِيهِ مُشْكِلَة، أو تَنْفِيذه لَهُم لَوْ كَانَ صَحِيحًا، أرَى أنَّ هذا هُوَ الحَلّ الوَحِيد لهذه المُشْكِلَة، ومَا عَدَاهُ مِنْ حُلُولٍ هُوَ كَالدَّوَرَان في حَلَقَةٍ مُفْرَغَةٍ، فَمَا أكْثَر المَوْضُوعَات التي تَكَلَّمَت في هذا الأمْرِ، ومَا أكْثَر الأسْمَاء المُخَالِفَة، واللهُ المُسْتَعَانُ.
وإذا سَمَحْتُمْ لَنَا، سَنَقُومُ بإذْنِ الله بإضَافَةِ المَزِيد مِنَ الفَتَاوَى بخُصُوصِ هذا الأمْر، يُمْكِنكُم بَعْدَ ذَلِكَ أخْذهَا ووَضْعهَا في مُشَارَكَتِكُم الأُولَى لتَبْقَى كُلّ الفَتَاوَى مَعًا في مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَيَسْهُل عَلَى زُوَّارِ المَوْضُوع رُؤْيَتهَا، ولَكِنْ قَبْلَ وَضْع الفَتَاوَى أُرِيدُ تَوْضِيح خُطُورَة هذا الأمْر ولماذا نَجْمَع حَوْلَهُ كُلّ هذا الكَمّ مِنَ الفَتَاوَى ونُصِرُّ عَلَيْهِ.
لا شَكَّ أنَّ مَسْألَةَ الأسْمَاء مِنَ المَسَائِلِ المُهِمَّةِ في حَيَاةِ النَّاس، إذْ أنَّ الاسْمَ هُوَ عُنْوَانُ المُسَمَّى ودَلِيلٌ عَلَيْه، وضَرُورَةٌ للتَّفَاهُمِ مَعَهُ ومِنْهُ وإلَيْهِ، وهُوَ للمُسَمَّى زِينَةٌ ووِعَاءٌ وشِعَارٌ يُدْعَى بِهِ، وهُوَ أيْضًا تَنْوِيهٌ بالدِّينِ، وإشْعَارٌ بأنَّهُ مِنْ أهْلِ هذا الدِّين، وهُوَ في طَبَائِعِ النَّاس لَهُ اعْتِبَارَاته ودَلاَلاَته، فهُوَ عِنْدَهُم كَالثَّوْب؛ إنْ قَصُرَ شَانَ، وإنْ طَالَ شَانَ، والاسْمُ كَلِمَة، والإسْلاَم عَظَّمَ خُطُورَة الكَلِمَة التي يَتَكَلَّم بِهَا المَرْء, قَالَ تَعَالَى [ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ] (سُورَةُ ق: 18)، وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ – أيْضًا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ الله [ وقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إلى الإمْسَاك عَنْ كَثِيرٍ مِنَ المُبَاحَاتِ؛ لئلا يَنْجَرّ صَاحِبهَا إلى المُحَرَّمَاتِ أو المَكْرُوهَاتِ, وقَدْ أخَذَ الإمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَعْنَى الحَدِيث فَقَالَ (إذا أرَادَ أنْ يَتَكَلَّم: فَلْيُفَكِّر, فَإنْ ظَهَرَ لَهُ أنَّهُ لا ضَرَرَ عَلَيْهِ: تَكَلَّمَ, وإنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضَرَر، أوشَكَّ فِيهِ: أمْسَكَ) ] شَرْحُ مُسْلِم (2/19).
وآيَةُ [ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ] تَحْدِيدًا نَرَاهَا تَتَصَدَّر أغْلَب المُنْتَدَيَات حتى المُنْتَدَيَات التي تَعُجّ بالفِسْقِ والمَعَاصِي، ولَكِنْ هَلْ تُطَبَّق هذه الآيَة فِعْلاً في المُنْتَدَيَاتِ؟؟ لنَأخُذ مِثَالاً وَاحِدًا في تَطْبِيقِهَا ونَتَكَلَّم عَنْهُ، ألاَ وهُوَ الأسْمَاء المُسْتَعَارَة للأعْضَاءِ في المُنْتَدَيَاتِ، لنَقِف عَلَى مَدَى خُطُورَة الأمْر إذا لَمْ نَهْتَمّ بِهِ، والتي تَتَمَثَّل في عِدَّةِ نِقَاطٍ:
1) تَعْطِيلُ تَطْبِيقِ قَوْل الله تَعَالَى [ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ] (سُورَةُ الأنْعَامِ: 162) حتى في مُجَرَّدِ اخْتِيَار اسْم، واعْتِبَاره أمْرًا بَسِيطًا لا يَسْتَحِقّ التَّفْكِير فَضْلاً عَنْ رَبْطِهِ بالدِّينِ وأحْكَامِهِ، وكَأنَّنَا مَا سَمِعْنَا قَوْل الله تَعَالَى مُحَذِّرًا مِنَ الاسْتِهَانَةِ بصَغَائِرِ الأُمُور [ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ] (سُورَةُ النُّورِ: 15)، وذَلِكَ مَا فَهِمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ مُوَافِقًا للآيَةِ [ إيَّاكُمْ ومُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإنَّمَا مَثَلُ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ؛ وجَاءَ ذَا بِعُودٍ؛ حتى حَمَلُوا مَا أنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُم، وإنَّ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ متى يُؤْخَذ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ ] صَحَّحَهُ الألْبَانِيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ وصَحِيحِ التَّرْغِيبِ والسِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ، فَفَهِمَهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فَقَالَ أنَسَ بْن مَالِك رَضِيَ اللهُ عَنْه في زَمَنِ الخِلاَفَة [ إنَّكُم لَتَعْمَلُونَ أعْمَالاً؛ هي أدَقُّ في أعْيُنِكُم مِنَ الشَّعْرِ، إنْ كُنَّا لنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ المُوبِقَاتِ. (قَالَ أبُو عَبْد الله: يَعْنِي بذَلِكَ المُهْلِكَات) ]، حتى أنَّ أحَدَ التَّابِعِينَ قَالَ:
2) اعْتِيَادُ الإقْدَامِ عَلَى عَمَلِ الفِعْل وإصْدَارِ القَوْل ونَشْرِ الكَلاَم دُونَ تَثَبُّت أوَّلاً مِنْ صِحَّتِهِ؛ هَلْ يُوَافِق شَرْع الله أمْ يُخَالِفهُ، وهذا إنْ كَانَ اليَوْم في مَسْألَةٍ مُبَاحَةٍ أو فِيهَا خِلاَف مَثَلاً، فَإنَّهُ سَيَجُرّ غَدًا إلى مَسَألَةٍ مُحَرَّمَةٍ تُخَالِفُ الدِّين، ومَا انْتَشَرَت البِدَع إلاَّ بهذه الطَّرِيقَة، وقَدْ حَذَّرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وأمَرَ بتَوَخِّي الحَذَر، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ الحَلاَلُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأ لدِينِهِ وعَرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألاَ وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، ألاَ وإنَّ حِمَى الله في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألاَ وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذا صَلُحَتْ صَلَحَ الجَسَدَ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألاَ وهي القَلْبُ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ، ولَكِنْ للحَدِيثِ رِوَايَة أُخْرَى صَحِيحَة عِنْدَ الألْبَانِيّ وأبِي دَاوُد تَقُول [ وإنَّهُ مَنْ يَرْتَع حَوْلَ الحِمَى يُوشِك أنْ يُخَالِطَهُ، وإنَّ مَنْ يُخَالِطهُ الرَّيْبَة يُوشِك أنْ يَجْسُرَ ] صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وصَحِيحُ أبِي دَاوُد للألْبَانِي، وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى [ والمُؤْمِنُونَ وَقَّافُونَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ ] إرْشَادُ الفُحُولِ للشَّوْكَانِيِّ.
3) الوُقُوعُ في مُخَالَفَاتٍ عَدِيدَةٍ لا يقِرّهَا الشَّرْع، والتي قَدْ تَصِل إلى الشِّرْكِ والعِيَاذُ باللهِ، فَالصَّغِيرَةُ تَجُرُّ إلى الكَبِيرَةِ.
4) نَشْرُ البَاطِلِ عَلَى النَّاسِ في صُورَةٍ إسْلاَمِيَّةٍ، فَعَوَامّ النَّاس يَدْخُلُونَ المُنْتَدَيَات الإسْلاَمِيَّة ويَحْسَبُونَهَا عَلَى خَيْرٍ لدَرَجَةِ أنَّهُم يَرْفَعُونَ الأعْضَاء إلى مَصَافِّ العُلَمَاء، وأصْبَحَت المُنْتَدَيَاتُ عِنْدَهُم مَصْدَرًا مِنْ مَصَادِرِ تَلَقِّي العِلْم، وصَارُوا يُقَلِّدُون ويَتَشَبَّهُونَ بكُلِّ مَا ومَنْ فِيهَا، سَوَاء في الأسْمَاءِ أو في طَرِيقَةِ الكِتَابَة أو في التَّوْقِيعَاتِ وغَيْر ذَلِكَ الكَثِير، وهذا مَا جَعَلَنَا نَجِدُ البِدَع والأحَادِيث المَوْضُوعَة تَنْتَشِر بَيْنَ المُنْتَدَيَات كَانْتِشَارِ النَّار في الهَشِيمِ حتى دُونَ تَغْيِير حَرْف وَاحِد، وأحْيَانًا يَنْقِلُونَهَا بنَفْسِ خَطَأ الكِتَابَة، فَإنْ كَانَ عَلَيْهم وِزْر عَدَم التَّثَبُّت فِيمَا يَنْقِلُون، فَعَلَى الكَاتِبِ الأوَّلِ وِزْر عَدَم التَّثَبُّت مِنْ صِحَّةِ مَا يَكْتُبهُ ويَعْرِضهُ عَلَى النَّاسِ، بِدَايَةً مِنْ اسْمِهِ وانْتِهَاءً برُدُودِهِ ومَوْضُوعَاتِهِ.
ولَمَّا زَادَ الأمْرُ وفَشَا، وتَجَاسَرَ النَّاس عَلَى البَاطِلِ بجَهْلٍ وجَهَالَةٍ، ولَمَّا وَصَلَ الأمْرُ إلى المُنْتَدَيَاتِ الإسْلاَمِيَّةِ، كَانَ لاَبُدَّ لَنَا مِنْ وَقْفَةٍ مَعَ الأمْرِ، وبإذْنِ الله نَتَنَاوَل فِيمَا يَلِي فَتَاوَى العُلَمَاء فِيمَا يَخُصّ الأسْمَاء المُسْتَعَارَة وضَوَابِط ذَلِكَ شَرْعًا، واللهُ الهَادِي لسَوَاءِ السَّبِيل، والآن مَعَ الفَتَاوَى:
تَعْقِيبٌ عَلَى فَتْوَى الدُّكْتُور عَبْد الله الفَقِيه في فَتْوَى (عَاشِقُ الشَّهَادَةِ...)
مَا قَالَهُ الشَّيْخ بَكْر أبُو زَيْد في كِتَابِهِ القَيِّم (مُعْجَم المَنَاهِي اللَّفْظِيَّة):
عَاشِقُ الله:
هذا مِمَّا يَتَسَمَّى بِهِ الأعَاجِم مِنَ الهُنُودِ وغَيْرِهِم، وهي تَسْمِيَة لا تَجُوز، لِمَا فِيهَا مِنْ سُوءِ الأدَب مَعَ الله تَعَالَى، فَلَفْظ (العِشْق) لا يُطْلَق عَلَى المَخْلُوقِ للخَالِقِ بمَعْنَى مَحَبَّة الله، ولا يُوصَف بِهِ الله سُبْحَانَهُ.
العِشْق: فِيهِ أمْرَان:
θ مَنْعُ إطْلاَقِهِ عَلَى اللهِ تَعَالَى: ذَكَرَ ابْن القَيِّم رَحِمَهُ الله تَعَالَى خِلاَف طَائِفَة مِنَ الصُّوفِيَّةِ في جَوَازِ إطْلاَق هذا الاسْم في حَقِّ الله تَعَالَى، وذَكَرُوا فِيهِ أثَرًا لا يَثْبُت، وأنَّ جُمْهُور النَّاس عَلَى المَنْعِ، فَلاَ يُقَالُ (إنَّ الله يَعْشَق)، ولا (عَشِقَهُ عَبْدُهُ)، وذَكَرَ الخِلاَف في عِلَّةِ المَنْع.
θ امْتِنَاعُ إطْلاَقِهِ في حَقِّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: كَمَا في اعْتِرَاضَاتِ ابْن أبِي العِزّ الحَنَفِيّ عَلَى قَصِيدَةِ ابْن أبِيك؛ لأنَّ العِشْقَ هُوَ المَيْل مَعَ الشَّهْوَةِ، ووَاجِبٌ تَنْزِيه النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ إذِ الأصْل عِصْمَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
===================
تَعْقِيبٌ: كَلاَمُ الإمَام ابْن القَيِّم الجَوْزيَّة في كِتَابِهِ المَاتِع (طَرِيقُ الهِجْرَتَيْنِ وبَابُ السَّعَادَتَيْنِ):
يَقُولُ الإمَامُ ابْن القَيِّم [ واللَّفْظُ الَّذِي أطْلَقَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ وأخْبَرَ بِهِ عَنْهَا أتَمّ مِنْ هذا وأجَلّ شَأنًا هُوَ لَفْظ المَحَبَّة، فَإنَّهُ سُبْحَانَهُ يُوصَف مِنْ كُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ بأكْمَلهَا وأجَلّهَا وأعْلاَهَا، فَيُوصَف مِنَ الإرَادَةِ بأكْمَلِهَا وهُوَ الحِكْمَة وحُصُول كُلّ مَا يُرِيد بإرَادَتِهِ ... ] إلى أنْ قَالَ [ وهَكَذَا المَحَبَّة، وَصَفَ نَفْسهُ مِنْهَا بأعْلاَهَا وأشْرَفهَا فَقَالَ (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهَ)، (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، (يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، (يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)، ولَمْ يَصِفْ نَفْسه بغَيْرِهَا مِنَ العِلاَقَةِ والمَيْلِ والصَّبَابَةِ والعِشْقِ والغَرَامِ ونَحْوِهَا، فَإنَّ مُسَمَّى المَحَبَّة أشْرَف وأكْمَل مِنْ هذه (المُسَمَّيَات)، فَجَاءَ في حَقِّهِ إطْلاَقه دُونِهَا، وهذه (المُسَمَّيَات) لا تَنْفَكُّ عَنْ لَوَازِمٍ ومَعَانٍ تَنَزَّهَ تَعَالَى عَنِ الاتِّصَافِ بِهَا، وهَكَذَا جَمِيع مَا أطْلَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ صِفَاتِهِ العُلَى أكْمَل مَعْنَىً ولَفْظًا مِمَّا لَمْ يُطْلِقْهُ ]، ويُرَاجَع كِتَاب رَوْضَةُ المُحِبِّين للإمَامِ ابْن القَيِّم لمَزِيدٍ مِنَ الفَائِدَةِ حَوْلَ الرَّدّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ في هذه المَسْألَة.
السُّؤَالُ: إنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُسَمُّونَ (عَاشِقُ الله، ومُحِبُّ الله)، فَهَلْ يَجُوز التَّسْمِيَة بهذه الأسْمَاءِ أمْ لا؟
المُفْتِي: اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ للبُحُوثِ العِلْمِيَّةِ والإفْتَاءِ
الجَوَابُ:
في التَّسْمِيَةِ بـ (عَاشِقِ الله) سُوء أدَب، ولا بَأسَ بالتَّسْمِيَةِ بـ (مُحِبِّ الله)، والأوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ، والتَّسْمِيَة بالتَّعْبِيدِ لله أو نَحْوِ (مُحَمَّد – صَالِح – أحْمَد) ونَحْوِ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ إضَافَة.
السُّؤَالُ: مَا حُكْم تَسَمِّي إحْدَى الأخَوَات في سَاحَاتِ الحِوَار بـ (حَبِيبَة الله)؟
المُفْتِي: الشَّيْخُ حَامِد بْن عَبْد الله العَلِيّ
الجَوَابُ:
هي تَقْصد أنَّهَا تُحِبُّ الله، ولَكِنَّ اللَّفْظَ يُوهِم أنَّهَا مَحْبُوبَة لله، فَيَنْبَغِي تَجَنُّبَهُ، إذْ لا يَتَهَجَّم المُسْلِم عَلَى الغَيْبِ، ولا يُزَكِّي نَفْسهُ، قَالَ تَعَالَى [ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ]، وقَدْ سَمَّت صَحَابِيَّة ابْنَتهَا (بَرَّة) أيّ تَقِيَّة، فَأمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنْ يُغَيَّرَ الاسْم إلى (زَيْنَب)، فَالاسْم يَنْبَغِي أنْ لا يُشْعِر بأنَّ الإنْسَانَ يُزَكِّي نَفْسه، فَلاَ يَجُوزُ التَّسْمِيَة بـ (حَبِيبَةِ الله).
السُّؤَالُ: مَا هي الأسْمَاء المَكْرُوهَة في الإسْلاَمِ والمَمْنُوعَة؟ (رَبَاح، نَجَاح، أبْرَار) يُقَالُ بأنَّ هذه الأسْمَاء مَكْرُوهَة، وهَلْ اسْم (خُلُود) للفَتَاةِ جَائِز؟ عِلْمًا بأنَّ اسْم خَالِد مَوْجُود في عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وهَلِ التَّسْمِيَة باسْمِ (نَائِلَة) جَائِز؟
المُفْتِي: مَرْكَزُ الفَتْوَى؛ بإشْرَافِ الدُّكْتُور: عَبْد الله الفَقِيه
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛ والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ الله وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، أمَّا بَعْـُد؛
فَإذَا كَانَ الاسْمُ يَقْتَضِي تَعْظِيمًا أو تَفْخِيمًا؛ فَلاَ يَنْبَغِي التَّسْمِيَة بِهِ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ [ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ] (النَّجْم: 32)، وقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ تَسْمِيَةِ الغُلاَم (رَبَاحًا أو نَجِيحًا)، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ أَحَبُّ الْكَلاَمِ إلى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ، وَلا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلا رَبَاحًا، وَلا نَجِيحًا، وَلا أَفْلَح، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ، فَيَقُولُ لا، إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ، فَلاَ تَزِيدُنَّ عَلَيَّ ]، وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أيْضًا أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [ لا تُسَمِّ غُلاَمَكَ رَبَاحًا وَلا يَسَارًا وَلا أَفْلَحَ وَلا نَافِعًا ]، وكَذَلِكَ الاسْم (بَرَّة)، نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ [ سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الاسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ، فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا، قَالَ: سَمُّوهَا زَيْنَبَ ] رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أمَّا اسْم (أبْرَار) فَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ نَهْيًا، وإنْ كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (اللهُ أعْلَمُ بأهْلِ البِرِّ مِنْكُمْ) يَجْعَل في النَّفْسِ مِنْهُ شَيْئًا، وقَدْ غَيَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَذَلِكَ أسْمَاء بَعْض زَوْجَاته رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، كـ (زَيْنَب بِنْت جَحْش وجُوَيْرِيَة بِنْت الحَارِث المُصْطَلَقِيَّة)، وكَانَ اسْمُ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (بَرَّة) كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وبهذا يُعْلَمُ أنَّ هذه الأسْمَاءَ يَنْبَغِي تَجَنُّبهَا.
وأمَّا تَسْمِيَة (خُلُود) فَالظَّاهِر جَوَاز ذَلِكَ، لأنَّ الخُلُودَ في ذَاتِهِ نِسْبِيّ، وهُوَ هُنَا التَّفَاؤُل بطُولِ البَقَاء، والكَلِمَة نَفْسهَا تَدُلّ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ، مِنْهَا المَيْلُ إلى الشَّيْءِ والسُّكُونُ إلَيْهِ، فَلاَ نَرَى حَرَجًا في التَّسْمِيَةِ بِهِ، وكَذَلِكَ اسْم (نَائِلَة)، فَإنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّفَاؤُل بنَيْلِ المَطْلُوب، مِثْل اسْم (صَالِح ومُعَاذ) ونَحْوهمَا، فَلاَ حَرَجَ فِيهِ إنْ شَاءَ الله، ونُنَبِّهُ إلى أنَّ مِنْ حُقُوقِ الوَلَد عَلَى وَالِدَيْهِ أنْ يُسَمَّى باسْمٍ حَسَنٍ.
وجِمَاعُ الأسْمَاءِ المَكْرُوهَةِ والمَمْنُوعَةِ يَرْجِعُ إلى الأُمُورِ التَّالِيَةِ:
1- أنْ يَكُون فِيهَا تَعْبِيد لغَيْرِ الله كـ (عَبْد الرَّسُول).
2- أنْ يَكُون مِمَّا هُوَ مُخْتَصٌّ باللهِ مِنَ الأسْمَاءِ، أو مُعَرَّفٌ بـ (أل) مِنَ الصِّفَاتِ، كـ (الرَّحْمَن والعَلِيم ومَلِك المُلُوك).
3- أنْ يَكُون ذَا مَعْنَى مَذْمُوم، كـ (حَرْب ومُرَّة وحَزَن).
4- أنْ يَكُون مِنَ الأسْمَاءِ المَائِعَةِ التي لا مَعْنَى لَهَا كـ (زُوزُو ومِيمِي).
5- مَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ للنَّفْسِ كـ (بَرَّة).
ولمَزِيدِ فَائِدَةٍ يُرَاجَعُ كِتَاب ابْن القَيِّم (تُحْفَةُ المَوْدُودِ بأحْكَامِ المَوْلُودِ)، وكِتَاب الشَّيْخ بَكْر أبُو زَيْد (تَسْمِيَة المَوْلُود). انْتَهَى
السُّؤَالُ: مَا حُكْم التَّسْمِيَة بـ (نِكْ نِيم: عِشْقُ السَّمَاءِ) في المُنْتَدَيَاتِ؟ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أمْ حَلاَلٌ؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
لَمْ تَرِدْ كَلِمَةُ (العِشْقِ) فِيمَا نَعْلَمُ في كَلاَمِ السَّلَفِ والأئِمَّةِ عَلَى مَعْنَىً مَحْمُودٍ قَطُّ؛ وذَلِكَ لأنَّ العِشْقَ فِيهِ إفْرَاطٌ وتَعَدٍّ في المَحَبَّةِ، وكُلّ شَيْء كَانَ بتِلْكَ المَثَابَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ، قَالَ ابْن مَنْظُور رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ سُئِلَ أبُو العَبَّاس أحْمَد بْن يَحْيَى عَنِ الحُبِّ والعِشْقِ أيّهمَا أحْمَدُ؟ فَقَالَ: الحُبُّ؛ لأنَّ العِشْقَ فِيهِ إفْرَاطٌ، وسُمِّيَ العَاشِقُ عَاشِقًا لأنَّهُ يَذْبُلُ مِنْ شِدَّةِ الهَوَى كَمَا تَذْبُل العَشَقَةُ إِذا قُطِعَتْ، والعَشَقَةُ شَجَرَةٌ تَخْضَرُّ ثُمَّ تَدِقُّ وتَصْفَرُّ ] لِسَانُ العَرَبِ (10/251)، وقَالَ أبُو هِلاَل العَسْكَرِيّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ الفَرْقُ بَيْنَ العِشْق والمَحَبَّة: أنَّ العِشْقَ شِدَّةُ الشَّهْوَةِ لنَيْلِ المُرَاد مِنَ المَعْشُوقِ إذا كَانَ إنْسَانًا؛ والعَزْمُ عَلَى مُوَاقَعَتِهِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، ولَوْ كَانَ العِشْقُ مُفَارِقًا للشَّهْوَةِ لَجَازَ أنْ يَكُونَ العَاشِق خَالِيًا مِنْ أنْ يَشْتَهِي النَّيْل مِمَّنْ يَعْشَقهُ، إلاَّ أنَّهُ شَهْوَة مَخْصُوصَة لا تُفَارِق مَوْضِعهَا، وهي شَهْوَة الرَّجُل للنَّيْلِ مِمَّنْ يَعْشَقهُ، ولا تُسَمَّى شَهْوَته لشُرْبِ الخَمْر وأكْل الطِّيبِ عِشْقًا، والعِشْقُ أيْضًا هُوَ الشَّهْوَة التي إذا أُفْرِطَتْ وامْتَنَعَ نَيْلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا قَتَلَت صَاحِبهَا، ولا يَقْتِلُ مِنَ الشَّهَوَاتِ غَيْرهَا، ألاَ تَرَى أنَّ أحَدًا لَمْ يَمُتْ مِنْ شَهْوَةِ الخَمْر والطَّعَام والطِّيبِ ولا مِنْ مَحَبَّةِ دَاره أو مَاله، ومَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ شَهْوَةِ الخُلْوَة مَعَ المَعْشُوقِ والنَّيْل مِنْهُ ] الفُرُوقُ اللُّغَوِيَّةُ (ص 358-359).
وأيْضًا: فَالعِشْقُ لا يُعْرَفُ في كَلاَمِ العَرَب إلاَّ فِيمَا يُرْغَب في نِكَاحِهِ، قَالَ ابْن الجَوْزِيّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ العِشْقُ عِنْدَ أهْل اللُّغَة لا يَكُون إلاَّ لِمَا يُنْكَح ] تَلْبِيسُ إبْلِيس (ص153).
وعَلَيْهِ: فَلاَ يَصِحُّ أنْ يُقَال: أعْشَقُ أبِي أو أُمِّي أو دَارِي أو فَرَسِي، ونَحْو ذَلِكَ، وكَذَا لا يَصِحُّ أنْ يُقَال: أعْشَقُ القَمَرَ أو الكَوْكَبَ أو السَّمَاءَ ونَحْو ذَلِكَ.
فَإنْ قُصِدَ بـ (عَاشِق السَّمَاء) أو (عِشْقُ السَّمَاء) عِشْقُ أهْلهَا؛ فَهُوَ أعْظَمُ في الإسَاءَةِ والنَّكَارَة، وفي الأسْمَاءِ الحَسَنَةِ والكُنَيِّ المَلِيحَةِ مَا يُغْنِي المُسْلِم عَنْ هذه الأسْمَاءِ المُخْتَرَعَةِ التي لا تَخْلُو مِنْ مُخَالَفَةٍ للشَّرْعِ أو العَقْلِ أو اللُّغَةِ أو العُرْفِ، وخَاصَّةً إذا كَانَ مَنْ تَسَمَّى بذَلِكَ امْرَأة، فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي تَعَلُّقِ الرِّجَال بِهَا، وتَطَلُّعِهِم إلَيْهَا، ولا يُبْعَدُ أنْ يصِيبهَا هي لَوْنٌ مِنَ التَّشَبُّهِ بأفْعَالِ أهْل العِشْق والمُجُون؛ مِنْ تَأثُّرِهَا بذَلِكَ الاسْم. انْتَهَى
السُّؤَالُ: مَا حُكْم الشَّرْع في امْرَأةٍ أو رَجُلٍ يَتَسَمَّى بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ) في المُنْتَدَيَاتِ، ويَطْلُب دَلِيلاً مِنَ القُرْآنِ والسُّنَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَمِّي للبَشَرِ بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ)؟ وهَلْ تَصِحُّ مُنَادَاته بـ (أخِي القُرْآن والسُّنَّة)؟ ومَا حُكْم الشَّرْع في التَّسَمِّي بأسْمَاءٍ تَبْدَأبلَفْظِ الجَلاَلَة مِثْل (اللهُ المُسْتَعَان)؛ (اللهُ أعْلَم)؛ (اللهُ رَبِّي)؛ (اللهُ كَرِيمٌ)؟ ومِثْل (القُرْآنُ طَرِيقِي)؛ (القُرْآنُ حَيَاةُ القُلُوبِ)؛ (القُرْآنُ مَنْهَجِي)؟ أفِيدُونَا جَزَاكُم اللهُ تَعَالَى كُلّ خَيْر.
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
أوَّلاً: لا شَكَّ أنَّ التَّسْمِيَةَ مِنَ المَطَالِبِ الشَّرْعِيَّةِ التي عَملَ الشَّرْعُ عَلَى ضَبْطِهَا، ووَضَعَ القَوَاعِد لَهَا؛ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ التَّسْمِيَةِ بالأسْمَاءِ القَبِيحَةِ, وبالأسْمَاءِ التي تَقْتَضِي تَزْكِيَةً ومَدْحًا، كـ (بَرَّة) و(تَقِيَّة) وغَيْرهَا، وحَثَّ عَلَى التَّسْمِيَةِ ببَعْضِ الأسْمَاء كـ (عَبْدُ اللهِ) و(عَبْدُ الرَّحْمَنِ)، وكَرِهَ التَّسْمِيَة ببَعْضِ الأسْمَاء، كـ (حَرْب)، و(مُرَّة).
وسَبَب هذا الاهْتِمَام مِنَ الشَّرْعِ أنَّ المُسْلِمَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ التَّمَيُّز في كُلِّ الأُمُور، حتى في مِثْلِ هذه الأُمُور التي قَدْ يَسْتَقِلّهَا بَعْض النَّاس، ويُنْظَر أجْوِبَة الأسْئِلَة (7180) و(1692) و(101401) فَفِيهَا ضَوَابِط تَسْمِيَة الذُّكُور والإنَاث وإطْلاَق الألْقَاب، وفِيهَا بَيَان الأسْمَاء المُحَرَّمَة والمَكْرُوهَة.
ثَانِيًا: الَّذِي يَظْهَر: أنَّ التَّسْمِيَةَ بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ)، أو (القُرْآن طَرِيقِي)، أو (القُرْآنُ حَيَاةُ القُلُوبِ)، أو (القُرْآنُ مَنْهَجِي) لا تَصِحُّ، وذَلِكَ لأسْبَابٍ:
1. سَبَقَ في الأجْوِبَةِ المُحَال عَلَيْهَا أنَّهُ مِنَ الأسْمَاءِ المَكْرُوهَة التي تَشْتَهِر في بَعْضِ بِلاَد المُسْلِمِين؛ الأسْمَاء المُضَافَة إلى لَفْظِ (الدِّين) أو (الإسْلاَم)، مِثْل (نُورُ الدِّينِ، عِمَادُ الدِّينِ، نُورُ الإسْلاَم)، ونَحْو ذَلِكَ، فَقَدْ كَرِهَهَا أهْلُ العِلْمِ للذُّكُورِ والإنَاثِ، لِمَا فِيهَا مِنْ تَزْكِيَةِ صَاحِبهَا تَزْكِيَةً عَظِيمَةً، قَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ وذَلِكَ لعَظِيمِ مَنْزِلَة هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ (الدِّين) و(الإسْلاَم)، فَالإضَافَة إلَيْهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّسْمِيَة فِيهَا دَعْوَى فَجَّة تُطُلّ عَلَى الكَذِبِ ] تَسْمِيَةُ المَوْلُودِ (ص22)، فهذا الكَاتِب وذَاكَ: لَيْسَا هُمَا الكِتَاب ولا السُّنَّة، لا حَقِيقَةً ولا حَالاً، ومَثَلُهُ بَلْ أشَدُّ مِنْهُ في المَنْعِ التَّلَقُّب بـ (سُبْحَانَ الله)، أو (سُبْحَانَ الله وبحَمْدِهِ)، سُئِلَ عُلَمَاءُ اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ (مُقَدَّم لسَعَادَتِكُم السَّيِّد: سُبْحَانَ الله مِيَانقل، بَاكِسْتَانِي الجِنْسِيَّة، والمُقِيمُ بالمَمْلَكَةِ العَرَبِيَّة السُّعُودِيَّة، بمَدِينَةِ جَدَّة، وأعْمَلُ مُؤَذِّنًا في وَزَارَةِ الأوْقَاف، ولَقَدْ تَمَّ الاعْتِرَاض مِنْ قِبَلِ إدَارَة الحَجّ والأوْقَاف بخُصُوصِ اسْمِي، وكُلّ مَا أرْجُوه مِنْ سَعَادَتِكُم هُوَ إفْتَاؤنَا عَنْ هذا الاسْمِ مِنَ النَّاحِيَةِ الإسْلاَمِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ، هَلْ هُوَ اسْمٌ جَائِزٌ أمْ لا؟ وإنْ كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ: فَالرَّجَاء إفَادَتنَا بمَعْرُوضٍ مِنْ قِبَلِكُم حتى يَتَسَنَّى لِي تَغْيِير الاسْم مِنَ الجَوَازَات، ولَكُم جَزِيل الشُّكْر والعِرْفَان)، فَأجَابُوا [ يَجِبُ عَلَيْكَ تَغْيِير هذا الاسْم؛ لأنَّ شَخْصَكَ لَيْسَ هُوَ سُبْحَانَ الله، وإنَّمَا (سُبْحَانَ الله) ذِكْرٌ مِنَ الأذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ، ويَجِبُ أنْ يُغَيَّرَ إلى اسْمٍ جَائِزٍ شَرْعًا، كعَبْد الله، ومُحَمَّد، وأحْمَد، ونَحْوهَا ] فَتَاوَى اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ (11/477، 478).
2. أنَّ في تِلْكَ الأسْمَاء تَزْكِيَة للمُتَسَمِّي أو المُتَلَقِّب بِهَا، وقَدْ نَهَى اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْس، وقَدْ ذَكَرْنَا التَّفْصِيل في الأجْوِبَةِ المُحَال عَلَيْهَا، وقَدْ سُئِلَ الشَّيْخ مُحَمَّد بْن صَالِح العُثَيْمِين رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ (مَا حُكْم هذه الألْقَاب: حُجَّةُ اللهِ، حُجَّةُ الإسْلاَمِ، آيَةُ الله؟)، فَأجَابَ [ هذه الألْقَابُ (حُجَّةُ الله - حُجَّةُ الإسْلاَمِ) ألْقَابٌ حَادِثَةٌ لا تَنْبَغِي؛ لأنَّهُ لا حُجَّة لله عَلَى عِبَادِهِ إلاَّ الرُّسُل ] مَجْمُوع فَتَاوَى الشَّيْخ العُثَيْمِين (3/88).
3. أنَّ فِيهَا مُنَافَاة لأُسْلُوبِ لُغَة العَرَب؛ فَإنَّ هذه العِبَارَات قَدْ وُضِعَت لمَعَانٍ مَقْصُودَةٍ شَرْعًا، مَعْرُوفَةٍ في لُغَةِ العَرَب، ولا يُعْرَف في لُغَةِ العَرَب التَّسَمِّي أو التَّلَقُّب بـ (اللهُ المُسْتَعَان)، أو (اللهُ أعْلَم)، أو (اللهُ رَبِّي)، أو (اللهُ كَرِيمٌ)، ومَثِيلاَتِهَا.
4. أنَّهُ رُبَّمَا يَتَرَتَّب عَلَى أُولَئِكَ الأعْضَاء الَّذِينَ تَسَمُّوا وتَلَقَّبُوا بتِلْكَ الأسْمَاء والألْقَاب: رُدُودٌ؛ وتَعَقُّبَاتٌ؛ فِيهَا إنْقَاصٌ لقَدْرِ القُرْآن والسُّنَّة والرَّبّ تَبَارَكَ وتَعَالَى، كَقَوْلِهِم لَهُم [ أخْطَأتَ يَا (الكِتَاب والسُّنَّة) ]، و[ لَمْ تُصِب يَا (القُرْآن طَرِيقِي) ]، هذا عَدَا عَمَّا يُمْكِن أنْ يَكُونَ مِنْ سَبٍّ وشَتْمٍ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى امْتِهَانِ هذه المُسَمَّيَات والقَدْحِ بِهَا.
5. أنَّهُ قَدْ يُذْكَر وَفَاة مَنْ تَسَمَّى أو تَلَقَّبَ بتِلْكَ الألْقَاب، فَمَاذَا سَيُقَال في ذَلِكَ المُنْتَدَى وغَيْره؟! سَيُقَالُ [ وَفَاةُ (الله رَبِّي) ]، وسَيُقَالُ [ تُوُفِّيَ اليَوْم (القُرْآن والسُّنَّة) ]، ولاشَكَّ أنَّ هذا قَبِيح أشَدّ القُبْح، ومُحَرَّم أشَدّ التَّحْرِيم.
والخُلاَصَة:
أنَّهُ يَحْرُم التَّسْمِيَة والتَّلَقُّب بتِلْكَ الأسْمَاء والألْقَاب الوَارِد ذِكْرهَا في السُّؤَالِ، والنَّصِيحَة لأُولَئِكَ بَلْ الوَاجِب الشَّرْعِيّ: أنْ يَجْتَنِبُوا هذه التَّسْمِيَّات والألْقَاب، وعَلَيْهم أنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مَا هُوَ صَحِيح ومُبَاح مِنَ الأسْمَاءِ والألْقَابِ، ويَخْلُو مِنَ المُخَالَفَةِ الشَّرْعِيَّةِ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: يَقُومُ بَعْض الإخْوَة في مُنْتَدَيَاتِ الإنْتَرْنِتّ بوَضْعِ مَوْضُوعٍ يَكُون عُنْوَانهُ (سَجِّل حُضُوركَ اليَوْمِيّ بذِكْرِ اسْم الله) أو (سَجِّل حُضُوركَ اليَوْمِيّ بالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ)، وفِكْرَة هذا المَوْضُوع هُوَ أنَّ أعْضَاءَ المُنْتَدَى كُلَّمَا دَخَلُوا إلى المَوْقِعِ يَقُومُونَ بالاشْتِرَاكِ في هذا المَوْضُوع بكِتَابَةِ بَعْض ألْفَاظ الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ وبَعْض التَّسَابِيح والأذْكَار، ونَحْنُ نَكْتُب هذا المَوْضُوع لغَرَضِ الفَائِدَةِ والدَّعْوَةِ إلى الله، وتَنْبِيهِ الغَافِلِينَ عَنْ ذِكْرِ الله، لا أكْثَر ولا أقَلّ، والله مِنْ وَرَاءِ القَصْد، فَمَا هُوَ رَأيكُم في ذَلِكَ؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
نَشْكُرُ لَكُم حِرْصكُم عَلَى الخَيْرِ، ونَسْألُ اللهَ أنْ يزِيدَكُم حِرْصًا وهُدَىً.
وأمَّا مَا ذَكَرْتهُ مِنِ افْتِتَاحِ بَعْض المُنْتَدَيَات بقَوْلِهِم (سَجِّل حُضُوركَ اليَوْمِيّ بذِكْرِ اسْم الله)؛ ومَا شَابَهَ ذَلِكَ، فَالأوْلَى بِهِم أنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مُجَرَّدِ التَّذْكِير بذِكْرِ اسْم الله، لكَوْنِ البَدَاءَة بذِكْرِ اسْم الله سُنَّة جَارِيَة عِنْدَ أهْل العِلْم في افْتِتَاحِهِم لكِتَابَاتِهِم وأُمُورِهِم، وأمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ رَبْطِ تَسْجِيل الحُضُور بذِكْرِ الله أو الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَالأوْلَى البُعْد عَنْ ذَلِكَ لأنَّ فِيهَ نَوْعًا مِنَ التَّحْدِيدِ، ورَبْط الذِّكْر بسَبَبٍ مُعَيَّنٍ، وهذا قَدْ يَكُون فِيهِ نَوْع ابْتِدَاع يُخْشَى أنْ يَجُرّ إلى مَا هُوَ أكْبَر مِنْهُ، والسَّلَف رَحِمَهُم الله كَانُوا يَحْذَرُونَ مِنْ صِغَارِ البِدَع لأنَّهَا تَجُرُّ في الغَالِبِ إلى كِبَارِهَا، كَمَا في سُنَنِ الدَّارِمِيّ عَنْ عَمْرُو بْن سَلَمَة [ أنَّ أبَا مُوسَى جَاءَ إلى ابْن مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ فَقَالَ: يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَن؛ إنِّي رَأيْتُ في المَسْجِدِ آنِفًا أمْرًا أنْكَرْتُهُ، ولَمْأرَ - والحَمْدُ لله - إلاَّ خَيْرًا، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ، قَالَ: رَأيْتُ في المَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلاَة، في كُلِّ حَلَقَةٍ رَجُل، وفي أيْدِيهِم حَصَى، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مَائَة، فَيُكَبِّرُونَ مَائَة، فَيَقُولًُ: هَلِّلُوا مَائَة، فَيُهَلِّلُونَ مَائَة، ويَقُولُ: سَبِّحُوا مَائَة، فَيُسَبِّحُونَ مَائَة، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُم؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُم شَيْئًا انْتِظَار رَأيكَ، وانْتِظَار أمْركَ، قَالَ: أفَلاَ أمَرْتهُم أنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتهم، وضَمَنْتَ لَهُم أنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِم شَيْء؟ ثُمَّ مَضَى ومَضَيْنَا مَعَهُ، حتى أتَى حَلَقَة مِنْ تِلْكَ الحِلَق، فَوَقَفَ عَلَيْهم، فَقَالَ: مَا هذا الَّذِي أرَاكُم تَصْنَعُون؟ قَالُوا: يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَن؛ حَصَى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِير والتَّهْلِيل والتَّسْبِيح، قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُم، فَأنَا ضَامِنٌ أنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُم شَيْء، وَيْحَكُم يَا أُمَّة مُحَمَّد، مَا أسْرَعَ هَلَكَتكُم! هَؤُلاَء صَحَابَة نَبِيّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وهذه ثِيَابَهُ لَمْ تُبْلَ، وآنِيَتَهُ لَمْ تُكْسَر، والَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّكُم لعَلَى مِلَّة أهْدَى مِنْ مِلَّة مُحَمَّد، أو مُفْتَتِحُو بَاب ضَلاَلَة، قَالُوا: والله يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَن مَا أرَدْنَا إلاَّ الخَيْر، قَالَ: وكَمْ مِنْ مُرِيدٍ للخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حَدَّثَنَا أنَّ قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآن لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيهم، وأيَمُ الله مَا أدْرِي، لَعَلَّ أكْثَرَهُم مِنْكُم، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُم، فَقَالَ عَمْرُو بْن سَلَمَة: رَأيْنَا عَامَّة أُولَئِكَ الحِلَق يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَان مَعَ الخَوَارِجِ ]، قَالَ الألْبَانِيُّ (إسْنَادهُ صَحِيح) كَمَا في إصْلاَح المَسَاجِد (ص11).
فَلَوْ أنَّكُم في كُلِّ يَوْمٍ ذَكَرْتُم فَضْل أحَد الأذْكَار الشَّرْعِيَّة مِنَ الكِتَابِ أو السُّنَّة، أو ذَكَّرْتهُ باسْتِصْحَابِ الذِّكْر والتَّسْبِيح ونَحْو ذَلِكَ، لَكَانَ ذَلِكَ أحْسَن في دِلاَلَةِ النَّاس عَلَى الخَيْرِ وإرْشَادِهِم إلَيْهِ، لأنَّهُم إذا عَلِمُوا فَضْل التَّسْبِيح أو التَّحْمِيد أو التَّهْلِيل أو الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَدَاوَمُوا عَلَيْهِ، ولا يَكُون ذَلِكَ مُخْتَصًّا بتَسْجِيلِ الدُّخُول فَقَط، فَيَحْصُل المَقْصُود وهُوَ حَثّ النَّاس عَلَى الأذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ، وسَلِمْتُم مِنْ شُبْهَةِ الابْتِدَاع.
وأمَّا مَا ذُكِرَ في بَعْضِ المُنْتَدَيَات أنَّ هذا مِنَ الذِّكْرِ الجَمَاعِيِّ، أو مِنِ اتِّخَاذِ آيَات الله هُزُوًا، فهذا فِيهِ مُبَالَغَة شَدِيدَة ومُخَالَفَة في الوَاقِعِ، ولَيْسَ هذا مِنَ الذِّكْرِ الجَمَاعِيِّ في شَيْءٍ، بَلْ غَايَة مَا فِيهِ أنْ يَكُونَ مِنْ تَحْدِيدِ الذِّكْر بسَبَبٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يُحَدِّدهُ الشَّارِعُ، فَكَانَ اجْتِنَابه أوْلَى. انْتَهَى
السُّؤَالُ: لَقَدْ نَسَخْتُ عِدَّة فَتَاوَى مِنْ مَوْقِعِكُم تََتَكَلَّم حَوْلَ الأسْمَاء المُسْتَعَارَة في المُنْتَدَيَاتِ، وأشَرْنَا إلى المَصْدَرِ، ولَقِيَ والحَمْدُ للهِ قَبُولاً، حتى إنَّ بَعْضَهُم غَيَّرَ اسْمه المُسْتَعَار، جَزَاهُم اللهُ خَيْرًا، وبَعْضهُم سَألَ عَنْ بَعْضِ هذه الأسْمَاء، فَوَعَدْتُهُم أنْ أُوَصِّلَ الاسْتِفْسَار إلى شَيْخِنَا الفَاضِل، والأسْمَاء هي كَالتَّالِي (جِهَادُ النَّفْسِ - شَمْسُ الإسْلاَمِ - طُيُورُ الجَنَّةِ - زَهْرَةُ الإيِمَانِ - مُتَقَصِّي الحَقّ).
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
أوَّلاً: سَبَقَ في جَوَابِ السُّؤَال (71417) بَيَان جَوَاز اسْتِعْمَال الأسْمَاء المُسْتَعَارَة في دُخُولِ المُنْتَدَيَات ومَوَاقِعِ الإنْتَرْنِتّ.
ثَانِيًا: يُكْرَهُ أنْ يُسَمِّيَ الإنْسَانُ نَفْسه أو يُلَقَّب بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَزْكِيَةِ النَّفْس ومَدْحِهَا، وتَزْدَادُ الكَرَاهَة إذا كَانَ الوَصْفُ الَّذي مَدَحَ بِهِ نَفْسه غَيْر حَقِيقِيّ ولا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ، ومِنْ ذَلِكَ الأسْمَاء التي تُضَافُ إلى الدِّينِ، مِثْل (عِمَادُ الدِّينِ، شَمْسُ الدِّينِ، نُورُ الدِّينِ، مُحْيِي الدِّين) ونَحْو ذَلِكَ، قَالَ ابْن عَابِدِين رَحِمَهُ الله [ المَنْعُ عَنْ نَحْوِ (مُحْيِي الدِّين، شَمْسُ الدِّين) مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الكَذِبِ، وألَّفَ بَعْضُ المَالِكِيَّةِ في المَنْعِ مِنْهُ مُؤَلَّفًا، وصَرَّحَ بِهِ القُرْطُبِيّ في شَرْحِ الأسْمَاء الحُسْنَى، ونَقَلَ عَنِ الإمَامِ النَّوَوِيّ أنَّهُ كَانَ يَكْرَه مَنْ يُلَقِّبهُ بمُحْيِي الدِّين ويَقُول (لا أجْعَل مَنْ دَعَانِي بِهِ في حِلٍّ)، ومَالَ إلى ذَلِكَ العَارِفُ بالله تَعَالَى الشَّيْخ سَنَّان في كِتَابِهِ (تَبْيِينُ المَحَارِمِ)، وأقَامَ الطَّامَةُ الكُبْرَى عَلَى المُتَسَمِّينَ بمِثْلِ ذَلِكَ، وأنَّهُ مِنَ التَّزْكِيَةِ المَنْهِيُّ عَنْهَا في القُرْآنِ، ومِنَ الكَذِبِ ] رَدُّ المحْتَار (6/418)، وقَالَ ابْنُ الحَاجّ المَالِكِيّ رَحِمَهُ الله [ ويَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ هذه البِدْعَةِ التي عَمَّت بِهَا البَلْوَى، وقَلَّ أنْ يَسْلَم مِنْهَا كَبِير أو صَغِير، وهي مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ مِنْ تَسْمِيَتِهِم بهذه الأسْمَاءِ القَرِيبَةِ العَهْد بالحُدُوثِ، التي لَمْ تَكُن لأحَدٍ مِمَّنْ مَضَى، بَلْ هي مُخَالِفَة للشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وهي (فُلاَنُ الدِّينِ) و(فُلاَنُ الدِّينِ)، ألاَ تَرَى أنَّ هذه الأسْمَاءَ فِيهَا مِنَ التَّزْكِيَةِ مَا فِيهَا، فَيَقَع بسَبَبِهَا في المُخَالَفَةِ بدَلِيلِ كِتَاب الله وسُنَّة رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأقْوَال العُلَمَاء؟ فإذا قَالَ مَثَلاً (مُحْيِي الدِّينِ أو زَكِيُّ الدِّينِ) فَلاَبُدَّ أنْ يُسْأل عَنْ ذَلِكَ يَوْم القِيَامَة، ويُقَالُ لَهُ (هذا هُوَ الَّذِي أحْيَا الدِّين؟!! وهذا هُوَ الَّذِي زَكَّى الدِّين؟!!) إلى غَيْرِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ يَكُون حَاله إذْ ذَاكَ حِينَ السُّؤَال، بَلْ حِينَ أخْذه صَحِيفَته فَيَجِدُهَا مَشْحُونَة بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْره مِنَ التَّزْكِيَةِ؟ ولَوْ كَانَت هذه الأسْمَاء تَجُوز لَمَا كَانَ أحَدٌ أوْلَى بِهَا مِنْ أصْحَابِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، إذْ إنَّهُم شُمُوسُ الهُدَى، وأنْوَارُ الظُّلْمِ، وهُمْ أنْصَارُ الدِّينِ حَقًّا كَمَا نَطَقَ بِهِ القُرْآن، والخَيْر كُلَّهُ في الاتِّبَاعِ لَهُم في الاعْتِقَادِ والقَوْلِ والعَمَل، ألاَ تَرَى إلى أزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اللاَّتِي اخْتَارَهُنَّ اللهُ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ واصْطَفَاهُنَّ لَمَّا عَلِمَ الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى مَا فِيهِنَّ مِنَ الشِّيَمِ الكَرِيمَةِ والأحْوَالِ العَالِيَةِ المُرْضِيَةِ؛ لَمَّا أنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بزَيْنَب أُمّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَ لَهَا (مَا اسْمُكِ؟ فَقَالَت: بَرَّة، فَكَرِهَ ذَلِكَ الاسْم، وقَالَ: لا تُزَكُّوا أنْفُسَكُم) لِمَا فِيهِ مِنْ اشْتِقَاقِ اسْم البِرّ، ومَعْلُومٌ بالضَّرُورَةِ أنَّهَا مَا اخْتِيرَت لسَيِّدِ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ إلاَّ وفِيهَا مِنَ البِرِّ بحَيْثُ المُنْتَهَى; إلاَّ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ كَرِهَ ذَلِكَ الاسْم - وإنْ كَانَ حَقِيقَة - لِمَا فِيهِ مِنَ التَّزْكِيَةِ، فَجَدَّدَ اسْمهَا: زَيْنَب ] المَدْخَل (1/122-130)، وقَالَ البُهُوتِيّ الحَنْبَلِيّ رَحِمَهُ الله [ ويُكْرَه مَا فِيهِ تَزْكِيَة (كَالتَّقِيّ، والزَّكِيّ، والأشْرَف، والأفْضَل، وبَرَّة)، قَاَل القَاضِي: وكُلّ مَا فِيهِ تَفْخِيم أو تَعْظِيم، ومَنْ لُقِّبَ بِمَا يُصَدِّقهُ فِعْلهُ - بأنْ يَكُونَ فِعْله مُوَافِقًا للَقَبِهِ: جَازَ ] كَشَّافِ القِنَاع (3/26).
وهذه الأسْمَاءُ الوَارِدَةُ في السُّؤَالِ فِيهَا تَزْكِيَة النَّفْس، مِثْل (شَمْسُ الإسْلاَمِ) و(زَهْرَةُ الإيِمَانِ)، مَعَ مَا في بَعْضِهَا مِنَ الكَذِبِ والوَصْفِ بِمَا لا يُمْكِن، مِثْل (طُيُورُ الجَنَّةِ)، أمَّا (مُتَقَصِّي الحَقّ) فَالَّذِي يَظْهَر أنَّ فِيهِ نَوْع تَزْكِيَة، فَالأحْوَط تَرْكه، وأمَّا (جِهَادُ النَّفْسِ) فإذا كَانَ هذا الوَصْفُ مُنْطَبِقًا عَلَى مَنْ تَسَمَّى بِهِ، أو كَانَ يَرْجُو أنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بهذا الوَصْفِ، فَلاَ يَظْهَر مَانِع مِنَ التَّسَمِّي بِهمَا، مَعَ أنَّهُ في الحَقِيقَةِ وَصْف مُلاَزِم لكُلِّ مُؤْمِنٍ، فَكُلّ مُؤْمِن لاَبُدَّ أنْ يَكُونَ مُجَاهِدًا لنَفْسِهِ، ويَكُونَ مُتَقَصِّيًا للحَقِّ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: مَا حُكْمُ تَسْمِيَةِ الطِّفْل (مُحَمَّد الفَاتِح)؟ وهَلْ هُوَ وَاحِدٌ مِنْ أسْمَاءِ الأنْبِيَاء؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛
مِنَ السُّنَّةِ تَسْمِيَة المَوْلُود باسْمٍ حَسَنٍ، ومِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَته بِمَا جَاءَت الشَّرِيعَة باسْتِحْسَانِهِ، ونَدَبَت إلى التَّسْمِيَةِ بِهِ، كَعَبْد الله، وعَبْد الرَّحْمَن، ومُحَمَّد. وكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَيِّرُ الاسْمَ الْقَبِيحَ إلى الحَسَنِ.
أمَّا التَّسْمِيَة بـ"مُحَمَّد الفَاتِح":
فـ "مُحَمَّد" أشْهَر أسْمَاء النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَعْنَاهُ: كَثِيرُ الخِصَالِ التي يُحْمَدُ عَلَيْهَا.
و"الفَاتِحُ" أيْضًا مِنْ أسْمَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذَكَرَ ابْنُ القَيِّم رَحِمَهُ الله في زاد المعاد (1/96) مَعْنَاهُ فَقَالَ [ وأمَّا الفَاتِحُ، فَهُوَ الَّذِي فَتَحَ اللهُ بِهِ بَابَ الهُدَى بَعْدَ أنْ كَانَ مُرْتَجًاَ، وفَتَحَ بِهِ الأعْيُنَ العُمْي، والآذَانَ الصُّمّ، والقُلُوبَ الغُلْف، وفَتَحَ اللهُ بِهِ أمْصَارَ الكُفَّار، وفَتَحَ بِهِ أبْوَابَ الجَنَّة، وفَتَحَ بِهِ طُرُقَ العِلْم النَّافِع والعَمَل الصَّالِح، فَفَتَحَ بِهِ الدُّنْيَا والآخِرَة، والقُلُوبَ والأسْمَاعَ والأبْصَارَ والأمْصَارَ ].
والَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَيُسَمَّى الوَلَدُ بـ (مُحَمَّد الفَاتِح)، لأنَّ الجَمْعَ بَيْنَهُمَا سَيَكُون تَزْكِيَة عَظِيمَة لهذا الوَلَد، وقَد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ الأسْمَاءِ التي فِيهَا تَزْكِيَة ومَدْح لصَاحِبِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ [ الَّذِي يَنْبَغِي أنْ لا يُسَمِّي الإنْسَان ابْنَهُ أو ابْنَتَهُ باسْمٍ فِيهِ تَزْكِيَة؛ لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غَيْرَ َاسْم بَرَّة إلى زَيْنَب؛ لِمَا في اسْمِ بَرَّة مِنَ التَّزْكِيَةِ، ولَدَيْنَا أسْمَاء أفْضَل مِنَ ذَلِكَ وأحْسَن: وهي مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَة والسَّلاَم في قَوْلِهِ (أحَبُّ الأسْمَاءِ إلى اللهِ عَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن)، فإذا اخْتَارَ الإنْسَانُ لأبْنَائِهِ اسْمًا مِنْ هذه الأسْمَاء كَانَ أحْسَنُ وأوْلَى لِمَا فِيهَا مِنَ التَّعْبِيدِ للهِ عَزَّ وجَلَّ، ولاَسِيَّمَا التَّعْبِيد للهِ أو للرَّحْمَنِ، ومِثْل ذَلِكَ عَبْد الرَّحِيم وعَبْد الوَهَّاب وعَبْد السَّمِيع وعَبْد العَزِيز وعَبْد الحَكِيم وأمْثَال ذَلِكَ ] فَتَاوَى نُورٌ عَلَى الدَّرْبِ (228 / 23).
ويَنْبَغِي الإشَارَة هُنَا إلى السُّلْطَانِ العُثْمَانِيِّ السَّابِعِ في سِلْسِلَةِ آل عُثْمَان، وهُوَ القَائِد المُسْلِم الَّذِي فَتَحَ القُسْطَنْطِينِيَّة، عَاصِمَة الدَّوْلَة البِيزَنْطِيَّة، فَلُقِّبَ بالفَاتِحِ، فَاسْمه هُوَ: مُحَمَّد، و(الفَاتِح) لَيْسَ اسْمًا لَهُ، وإنَّمَا هُوَ لَقَبٌ اسْتَحَقَّهُ لَمَّا فَتَحَ تِلْكَ المَدِينَة، وهُوَ لَقَبٌ صَادِقٌ عَلَيْهِ بِلاَ شَكّ، رَحِمَهُ الله.
والخُلاَصَةُ:
أنَّهُ لا يُشْرَع تَسْمِيَة الوَلَد باسْمِ (مُحَمَّد الفَاتِح) وإنَّمَا المَشْرُوع تَسْمِيَته باسْمِ (مُحَمَّد) فَقَط، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ عَمَل المُسْلِمِينَ، أو بأيِّ اسْمٍ آخَر مِمَّا جَاءَت الشَّرِيعَةُ بالحَضِّ عَلَى التَّسْمِيَةِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: حُكْمُ التَّسَمِّي بـ (عَوَاطِف) و(وِصَال)؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛
السُّنَّةُ اخْتِيَارِ الاسْم الحَسَن، ونَبْذ وتَغْيِير الاسْم القَبِيح، وقَد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْظُر في دَلاَلَةِ الاسْم، ويُغَيِّر الاسْمَ القَبِيحَ إلى الاسْمِ الحَسَنِ.
وللأسْمَاءِ دَلاَئِل عَلَى مُسَمَّيَاتِهَا، وتَنَاسُبٌ بَيْنَهَا وبَيْنهَا، قَالَ ابْن القَيِّم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى [ واللهُ سُبْحَانَهُ بحِكْمَتِهِ في قَضَائِهِ وقَدَرِهِ يُلْهِمُ النُّفُوسَ أنْ تَضَعَ الأسْمَاء عَلَى حَسَبِ مُسَمَّيَاتهَا لتُنَاسِب حِكْمَته تَعَالَى بَيْنَ اللَّفْظِ ومَعْنَاهُ، كَمَا تَنَاسَبَت بَيْنَ الأسْبَابِ ومُسَبِّبَاتهَا... وبالجُمْلَةِ: فَالأخْلاَق والأعْمَال والأفْعَال القَبِيحَة تَسْتَدِعي أسْمَاء تُنَاسِبهَا، وأضْدَادهَا تَسْتَدْعِي أسْمَاء تُنَاسِبهَا، وكَمَا أنَّ ذَلِكَ ثَابِت في أسْمَاءِ الأوْصَاف فَهُوَ كَذَلِكَ في أسْمَاءِ الأعْلاَم، ومَا سُمِّيَ رَسُول اللهِ مُحَمَّدًا وأحْمَد إلاَّ لكَثْرَةِ خِصَال الحَمْد فِيهِ؛ ولهذا كَانَ لِوَاءُ الحَمْد بيَدِهِ وأُمَّته الحَمَّادُونَ وهُوَ أعْظَم الخَلْق حَمْدًا لرَبِّهِ تَعَالَى؛ ولهذا أمَرَ رَسُولُ اللهِ بتَحْسِينِ الأسْمَاء فَقَالَ (حَسِّنُوا أسْمَاءكُم) فَإنَّ صَاحِبَ الاسْم الحَسَن قَدْ يَسْتَحِي مِنِ اسْمِهِ وقَدْ يَحْمله اسمه عَلَى فِعْلِ مَا يُنَاسِبه وتَرْكِ مَا يُضَادّه؛ ولهذا تَرَى أكْثَر السُّفَّل أسْمَاؤُهُم تُنَاسِبُهُم، وأكْثَر العِلْيَة أسْمَاؤُهُم تُنَاسِبُهُم ] تُحْفَةُ المَوْدُودِ (ص 146-147).
وأمَّا اسْمُ (وِصَال) و(عَوَاطِف) فَإنَّهُمَا يَحْمِلاَنِ مَعْنَى الحُبّ والغَرَام، ويُهَيِّجَانِ عَلَى ذَلِكَ، فَيُكْرَه التَّسَمِّي بِهمَا، قَالَ الشَّيْخُ الألْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ (1/ 8) [ ومِنْ أقْبَحِ الأسْمَاء التي رَاجَت في هذا العَصْر ويَجِب المُبَادَرَة إلى تَغْيِيرِهَا لقُبْحِ مَعَانِيهَا، هذه الأسْمَاء التي أخَذَ الآبَاء يُطْلِقُونَهَا عَلَى بنَاتِهِم مِثْل (وِصَال) و(سِهَام) و(نُِهَاد) و(غَادَة) و(فُِتْنَة) ونَحْوِ ذَلِكَ ]، وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحِمَهُ اللهُ [ ويُكْرَهُ التَّسَمِّي بأسْمَاءٍ فِيهَا مَعَانٍ رَخْوَةٌ شَهْوَانِيَّةٌ، وهذا في تَسْمِيَةِ البَنَاتِ كَثِيرٌ، ومِنْهَا: أحْلاَم، أرِيج، عَبِير، غَادَة (وهي التي تَتَثَنَّى تِيهًا ودَلاَلاً)، فُِتْنَة، نُِهَاد، وِصَال، فَاتِن (أي بجَمَالِهَا)، شَادِيَة، شَادِي (وهُمَا بمَعْنَى المُغَنِّيَة) ] تَسْمِيَةُ المَوْلُودِ (ص 23). انْتَهَى
السُّؤَالُ: رُزِقْتُ في الأيَّامِ المَاضِيَةِ بوَلَدٍ، اخْتَرْتُ لَهُ اسْم (عَبْد المُطَّلِب)، لَكِنَّ بَعْض النَّاس قَالُوا لِي إنَّ هذا الاسْم غَيْر جَائِز شَرْعًا، أفِيدُونِي أفَادَكُم الله.
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛
اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ كُلّ اسْمٍ مُعَبَّدٍ لغَيْرِ الله، كعَبْد المَسِيح وعَبْد الكَعْبَة ونَحْو ذَلِكَ، ولَمْ يَخْتَلِفُوا إلاَّ في (عَبْد المُطَّلِب). نَقَلَ الشَّيْخُ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رَحِمَهُ اللهُ عَنِ ابْن حَزْم قَوْله [ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلّ اسْمٍ مُعَبَّدٍ لغَيْرِ الله، كَعَبْد عَمْرُو، وعَبْد الكَعْبَة، ومَا أشْبَه ذَلِكَ، حَاشَا عَبْد المُطَّلِب ]، قَوْله (حَاشَا عَبْد المُطَّلِب) هذا مُسْتَثْنَى مِنَ الإجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْم بجَوَازِ التَّسْمِيَة بـ (عَبْد المُطَّلِب)، واسْتَدَلُّوا بقَوْلِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ أنَا النَّبِيُّ لا كَذِب، أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب ]، وهذا اسْتِعْمَالٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لهذا الاسْم وإقْرَارٌ لَهُ، فَيَدُلّ عَلَى جَوَازِهِ.
وذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ العُلَمَاءِ إلى تَحْرِيم التَّسَمِّي بـ (عَبْد المُطَّلِب), لأنَّهُ تَعْبِيد لغَيْرِ الله تَعَالَى، وأجَابُوا عَنْ قَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب) بأنَّ هذا لَيْسَ إقْرَارًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لهذا الاسْمِ، وإنَّمَا هُوَ مُجَرَّد إخْبَار أنَّ جَدّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُسَمَّى عَبْد المُطَّلِب، بقَطْعِ النَّظَر هَلْ هذا الاسْم يَجُوز أمْ لا. قَالَ ابْنُ القَيِّم في تُحْفَةِ المَوْلُود (ص79) [ أمَّا قَوْله (أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب) فهذا لَيْسَ مِنْ بَابِ إنْشَاء التَّسْمِيَة بذَلِكَ، وإنَّمَا هُوَ بَابُ الإخْبَارِ بالاسْمِ الَّذِي عُرِفَ بِهِ المُسَمَّى دُونَ غَيْره، والإخْبَارُ بمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ تَعْرِيف المُسَمَّى لا يُحَرَّم، ولا وَجْهَ لتَخْصِيصِ أبِي مُحَمَّد بْن حَزْم ذَلِكَ بعَبْد المُطَّلِب خَاصَّةً، فَقَدْ كَانَ الصَّحَابَة يُسَمُّونَ بَنِي عَبْد شَمْس وبَنِي عَبْد الدَّار: بأسْمَائِهِم، ولا يُنْكِر عَلَيْهم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَبَابُ الإخْبَارِ أوْسَعُ مِنْ بَابِ الإنْشَاء، فَيَجُوزُ فِيهِ مَا لا يَجُوز في الإنْشَاءِ ].
وقَالَ الشَّيْخُ ابْن عُثَيْمِين [ الصَّوَابُ: تَحْرِيم التَّعْبِيد للمُطَّلِب، فَلاَ يَجُوز لأحَدٍ أنْ يُسَمِّيَ ابْنَهُ عَبْد المُطَّلِب، وأمَّا قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب)، فَهُوَ مِنْ بَابِ الإخْبَار ولَيْسَ مِنْ بَابِ الإنْشَاء، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أخْبَرَ أنَّ لَهُ جَدًّا اسْمُهُ عَبْد المُطَّلِب، ولَمْ يَرِد عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ سَمَّى عَبْد المُطَّلِب، أو أنَّهُ أذِنَ لأحَدِ صَحَابَته بذَلِكَ، ولا أنَّهُ أقَرَّ أحَدًا عَلَى تَسْمِيَتِهِ عَبْد المُطَّلِب، والكَلاَم في الحُكْمِ لا في الإخْبَارِ، وفَرْقٌ بَيْنَ الإخْبَارِ وبَيْنَ الإنْشَاءِ والإقْرَارِ، ولهذا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (يَا بَنِي عَبْد مَنَاف) ولا يَجُوز التَّسَمِّي بعَبْد مَنَاف، وقَدْ قَالَ العُلَمَاء: إنَّ حَاكِي الكُفْر لَيْسَ بكَافِرٍ، فَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ عَنْ شَيْءٍ قَدْ وَقَعَ وانْتَهَى ومَضَى، فَالصَّوَاب أنَّهُ لا يَجُوز أنْ يُعَبَّد لغَيْرِ الله مُطْلَقًا، لا بعَبْد المُطَّلِب ولا غَيْره، وعَلَيْهِ فَيَكُون التَّعْبِيد لغَيْرِ الله مِنْ بَابِ الشِّرْك ] القَوْلُ المُفِيدُ (3/64).
وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد في مُعْجَمِ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّة (ص383) [ والصَّوَابُ في عَبْد المُطَّلِب: المَنْعُ ].
وعَلَى هذا فَيَجِب عَلَى السَّائِلِ أنْ يُغَيِّرَ هذا الاسْم إلى اسْمٍ حَسَنٍ كَعَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن. انْتَهَى
السُّؤَالُ: رَزَقَنَا اللهُ ببِنْتٍ وسَمَّيْنَاهَا (مَلَك)، فَهَلْ هُنَاكَ كَرَاهِيَة في التَّسَمِّي بهذا الاسْم؟ فَمَا حُكْم الشَّرْع في هذا؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ لله؛
تُكْرَهُ التَّسْمِيَة بمَلَكٍ أو مَلاَكٍ، فَالَّذِي يَنْبَغِي هُوَ العُدُول عَنْ هذا الاسْمِ وتَغْيِيره إلى اسْمٍ حَسَنٍ لا كَرَاهَةَ فِيهِ شَرْعًا.
وقَدْ سُئِلَ الشَّيْخ ابْن عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ عَنِ التَّسَمِّي بهذه الأسْمَاء: أبْرَار – مَلاَك – إيِمَان – جِبْرِيل؟ فَأجَابَ [ لا يُتَسَمَّى بأسْمَاءِ أبْرَار ومَلاَك وإيِمَان وجِبْرِيل ] مَجْمُوعُ فَتَاوَى الشَّيْخ ابْن عُثَيْمِين (3/67).
وسُئِلَ الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن البراك حَفِظَهُ اللهُ عَنْ تَسْمِيَةِ البِنْت بـ مَلاَك فَقَالَ [ الأوْلَى تَرْكه، وذَلِكَ لأمْرَيْنِ: أوَّلاً: أنَّ المُرَادَ بمَلاَكِ المَلَكُ، وفي هذا مُبَالَغَة في تَسْمِيَةِ المُسَمَّى بهذا الاسْمِ، وثَانِيًا: أنَّهُ اسْمٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّصَارَى، وهُم الَّذِينَ يُعَبِّرُونَ عَنِ المَلَكِ بـ (مَلاَك)، والأسْمَاء الحَسَنَة التي لا شُبْهَةَ فِيهَا كَثِيرَة، فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَمَّا فِيهِ إشْكَال وشُبْهَة ].
وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر بْن عَبْد الله أبُو زَيْد حَفِظَهُ اللهُ [ أمَّا تَسْمِيَة النِّسَاء بأسْمَاءِ المَلاَئِكَة؛ فَظَاهِر الحُرْمَة؛ لأنَّ فِيهَا مُضَاهَاة للمُشْرِكِينَ في جَعْلِهِم المَلاَئِكَة بَنَات الله، تَعَالَى الله عَنْ قَوْلِهِم. وقَرِيبٌ مِنْ هذا تَسْمِيَة البِنْت: مَلاَك، مَلَكَة، ومَلَك ] مُعْجَمُ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّة (ص 565).
وبنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَإنَّهُ يَنْبَغِي أنْ تَسْعَى في تَغْيِيرِ هذا الاسْم إنْ أمْكَنَ ذَلِكَ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: هَلْ يَجُوز تَسْمِيَة البِنْت بـ (مِنَّة الله) والوَلَد بـ (أمَان الله)؟
المُفْتِي: مَرْكَزُ الفَتْوَى؛ بإشْرَافِ الدُّكْتُور: عَبْد الله الفَقِيه
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، أمَّا بَعْدُ:
فَالأوْلَى أنْ يُسَمِّيَ المُسْلِم أبْنَاءَهُ بالأسْمَاءِ الحَسَنَةِ كَعَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن وأسْمَاء الأنْبِيَاء، وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَرْفُوعً [ إنَّ أحَبَّ أسْمَائكُم إلى اللهِ عَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن ]، وأنْ يُسَمِّيَ بَنَاتَهُ بالأسْمَاءِ الطَّيِّبَةِ كَأسْمَاءِ بَنَات النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وزَوْجَاته والصَّحَابِيَّات، وإنْ سَمَّى بغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَحْذُور شَرْعِيّ فَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ في ذَلِكَ.
أمَّا التَّسْمِيَةُ بـ (أمَان الله) فَتُكْرَه، وذَلِكَ لأنَّ التَّسَمِّيَ بهذا الاسْمِ فِيهِ دَعْوَى غَيْر صَحِيحَة، ولهذا السَّبَب نَفْسهُ كَرِهَ العُلَمَاء التَّسَمِّي بالأسْمَاءِ المُضَافَة إلى الدِّينِ مِثْل: نُور الدِّين، وضِيَاء الدِّين، وكَذَلِكَ الأسْمَاء المُضَافَة للإسْلاَمِ مِثْل: سَيْف الإسْلاَم.
قَالَ الشَّيْخ بَكْر أبُو زَيْد رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ تَسْمِيَة المَوْلُود [ وتُكْرَهُ التَّسْمِيَة بكُلِّ اسْمٍ مُضَافٍ مِنِ اسْمٍ أو مَصْدَرٍ أو صِفَةٍ مُشَبَّهَةٍ مُضَافَة إلى لَفْظِ (الدِّين) ولَفْظ (الإسْلاَم) مِثْل: نُور الدِّين، ضِيَاء الدِّين، سَيْف الإسْلاَم، نُور الإسْلاَم، وذَلِكَ لعَظِيمِ مَنْزِلَة هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ (الدِّين) و(الإسْلاَم)، فَالإضَافَة إلَيْهمَا عَلَى وَجْهِ التَّسْمِيَة فِيهَا دَعْوَى فَجَّة تُطِلُّ عَلَى الكَذَبِ، ولهذا نَصَّ بَعْضُ العُلَمَاء عَلَى التَّحْرِيمِ، والأكْثَرُ عَلَى الكَرَاهَةِ ]، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخ رَحِمَهُ اللهُ [ وكَانَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يَكْرَهُ تَلْقِيبه بمُحْيِي الدِّين، وشَيْخ الإسْلاَم ابْن تَيْمِيَّة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يَكْرُه تَلْقِيبه بتَقِيِّ الدِّين، ويَقُول (لَكِنَّ أهْلِي لَقَّبُونِي بذَلِكَ فَاشْتُهِر) ]، وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ المَذْكُور أيْضًا [ ويَلْحَقُ بِهَا (أي بالأسْمَاءِ المَكْرُوهَةِ) المُضَافَة إلى لَفْظِ الجَلاَلَة (الله)، مِثْل: حَسَب الله، رَحْمَة الله، جبره الله، حَاشَا: عَبْد الله، فَهُوَ مِنْ أحَبِّ الأسْمَاء إلى الله ].
أمَّا تَسْمِيَة البِنْت بـ (مِنَّة الله) فَهُوَ أيْضًا مَكْرُوه، وإنْ كَانَ أخَفُّ في الكَرَاهَةِ مِنْ (أمَان الله)، وقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ تَسْمِيَةِ الغُلاَم رَبَاحًا أو نَجِيحًا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ ولا تُسَمِّ غُلاَمَكَ يَسَارًا ولا رَبَاحًا ولا نَجِيحًا ولا أفْلَحًا، فَإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ، فَيَقُولُ: لا ]، وفي التَّسْمِيَةِ بـ (مِنَّة الله) نَفْس المَعْنَى؛ لأنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ مِنَّة الله؟ فَلاَ يَكُونُ فَيَقُولُ: لا، فَالرَّدُّ فِيهِ بَشَاعَة وكَرَاهَة, ورُبَّمَا أوْقَعَ بَعْض النَّاس في التَّشَاؤُم، وطَالَمَا وُجِدَت العِلَّة فَلاَبُدَّ مِنْ تَعَدِّيَةِ الحُكْم، وهُوَ الكَرَاهَة، ولِذَا قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ [ قَالَ أصْحَابُنَا: يُكْرَهُ التَّسْمِيَة بهذه الأسْمَاء المَذْكُورَة في الحَدِيثِ ومَا في مَعْنَاهَا، ولا تَخْتَصُّ الكَرَاهَة بِهَا وَحْدَهَا، وهي كَرَاهَة تَنْزِيه لا تَحْرِيم، والعِلَّة في الكَرَاهَةِ مَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في قَوْلِهِ: (فَإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فَيَقُولُ: لا)، فَكُرِهَ لبَشَاعَةِ الجَوَاب، ورُبَّمَا أوْقَعَ بَعْض النَّاس في شَيْءٍ مِنَ الطِّيَرَة ] شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ. انْتَهَى
الإخْوَةُ والأخَوَاتُ الكِرَامُ؛؛
أطَلْتُ وأكْثَرْتُ عَلَيْكُم، ولَكِنْ لَعَلَّ هذه الإطَالَة تَكُون إشَارَة طَيِّبَة تَخْدُم المَوْضُوع:
Ω فَانْظُرُوا كَمْ مِنْ مُسْلِمٍ يَهْتَمُّ بمَسْألَةِ الاسْم المُسْتَعَار في المُنْتَدَيَاتِ ويَسْأل عَنْ حُكْمِهَا؟ فَهَلاَّ فَعَلْنَا مِثْلهُم، أمْ أنَّنَا نُقَلِّدُ البَاطِل فَقَط ولا نُقَلِّد الحَقّ؟؟
Ω انْظُرُوا كَمْ مِنْ عَالِمٍ تَكَلَّم في المَوْضُوعِ قَدِيمًا وحَدِيثًا وأفْرَدَ لَهُ في كُتُبِهِ ومُؤَلَّفَاتِهِ نَصِيبًا وَافِرًا مِنَ البَحْثِ والتَّأصِيلِ، بَلْ هُنَاكَ مُؤَلَّفَات كَامِلَة لا تَتَكَلَّم إلاَّ عَنْ مَسْألَةِ المُسَمَّيَات، ألاَ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أهَمِّيَّةِ المَوْضُوع؟ فَهَلاَّ اتَّبَعْنَا العُلَمَاء الأفَاضِل الَّذِينَ جُعِلُوا هِدَايَة لَنَا بَعْدَ الرُّسُلِ، والَّذِينَ أفْنُوا عُمْرَهُم في العِلْمِ، وتَوَقَّفْنَا عَنِ اتِّبَاعِ الهَوَى وكُلّ جَاهِلٍ يَتَكَلَّمُ بغَيْرِ عِلْمٍ؟؟
Ω انْظُرُوا إلى وَاقِعِ حَالنَا اليَوْم ومَا تَعُجّ بِهِ المُنْتَدَيَات مِنْ أخْطَاءٍ بَدَأت وتَزَايَدَت بسَبَبِ الجَهْل بالعِلْمِ والكِبْر في اتِّبَاعِ الحَقّ والجِدَال المَبْنِيّ عَلَى الهَوَى لا عَلَى الدَّلِيلِ والتَّقْلِيد بغَيْرِ تَثَبُّتٍ؟؟
فَهَلاَّ صَحَّحْنَا أخْطَائنَا وكُنَّا فِعْلاً كَمَا نُرِيدُ: حَمَلَةُ الدِّينِ في عَصْرِنَا؟؟
والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الأُخْتُ الفَاضِلَةُ / محبة السلف
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
جَزَاكُم اللهُ خَيْرًا عَلَى هذا العَمَلِ والجَهْدِ الطَّيِّبِ، أدْعُو الله أنْ يَنْفَعَكُم والمُسْلِمِينَ بِهِ نَفْعًا طَيِّبًا في الدُّنْيَا والآخِرَة، اللَّهُمَّ آمِينَ.
لي اقْتِرَاح أُخْتنَا الكَرِيمَة: أنْ يَتِمَّ الاتِّفَاق مَعَ الإدَارَةِ عَلَى عَمَلِ حَمْلَةٍ لتَغْيِيرِ الأسْمَاء المُخَالِفَة، لأنَّ الاقْتِصَارَ عَلَى بَيَانِهَا في شَكْلِ مَوْضُوعٍ لا يَفِي بالغَرَضِ، فَهُنَاكَ مَنْ يَقْرَأ ولا يُطَبِّق، وهُنَاكَ مَنْ لا يَقْرَأ، ووَاجِبُ وَلِيّ الأمْر أنْ يَجْعَلَ الجَمِيع يُطَبِّقُونَ الصَّحِيح سَوَاء اقْتَنَعُوا أو لَمْ يَقْتَنِعُوا، لأنَّ مَسْئُولِيَّة وَلِيّ الأمْر هي تَطْبِيق الصَّحِيح بغَضِّ النَّظَر عَنْ رَأيِ النَّاس فِيهِ، فهذا دِينٌ لا يُؤْخَذُ بالرَّأيِ، وكُلّ مَرَاتِب الإدَارِيِّينَ في المُنْتَدَى هُمْ أوْلِيَاء الأُمُور في هذا المَكَان، وعَلَيْهم مَسْئُولِيَّة تَغْيِير المُنْكَر باليَدِ أوَّلاً لأنَّهُم يَمْلِكُونَ ذَلِكَ، لا مُجَرَّد طَرْح باللِّسَانِ ليَفْعَل مَنْ يَفْعَل ويَبْقَى مَنْ لا يُرِيد كَمَا هُوَ، فَأرْجُو التَّنْسِيق مَعَ الإدَارَةِ وتَخْصِيص عُضْو أو أكْثَر مِنْ طَاقَمِ الإدَارَة الَّذِينَ عَلَى عِلْمٍ وقُدْرَةٍ لتَغْيِيرِ هذه الأسْمَاء، وتَلَقِّي طَلَبَات التَّغْيِير وضَبْط الأسْمَاء الجَدِيدَة، فَيَقُومُوا بمُرَاسَلَةِ أصْحَاب الأسْمَاء المُخَالِفَة مُبَاشَرَة برَسَائِلٍ خَاصَّةٍ وإعْطَائِهِم رَابِط هذا المَوْضُوع كَمَرْجِعِيَّة لمَعْرِفَةِ الضَّوَابِط، ومُطَالَبَتهم بتَغْيِيرِ أسْمَائهم المُخَالِفَة إلى أُخْرَى صَحِيحَة، ثُمَّ إخْبَارهم ثَانِيَةً لَوْ كَانَ الاسْم الجَدِيد فِيهِ مُشْكِلَة، أو تَنْفِيذه لَهُم لَوْ كَانَ صَحِيحًا، أرَى أنَّ هذا هُوَ الحَلّ الوَحِيد لهذه المُشْكِلَة، ومَا عَدَاهُ مِنْ حُلُولٍ هُوَ كَالدَّوَرَان في حَلَقَةٍ مُفْرَغَةٍ، فَمَا أكْثَر المَوْضُوعَات التي تَكَلَّمَت في هذا الأمْرِ، ومَا أكْثَر الأسْمَاء المُخَالِفَة، واللهُ المُسْتَعَانُ.
وإذا سَمَحْتُمْ لَنَا، سَنَقُومُ بإذْنِ الله بإضَافَةِ المَزِيد مِنَ الفَتَاوَى بخُصُوصِ هذا الأمْر، يُمْكِنكُم بَعْدَ ذَلِكَ أخْذهَا ووَضْعهَا في مُشَارَكَتِكُم الأُولَى لتَبْقَى كُلّ الفَتَاوَى مَعًا في مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَيَسْهُل عَلَى زُوَّارِ المَوْضُوع رُؤْيَتهَا، ولَكِنْ قَبْلَ وَضْع الفَتَاوَى أُرِيدُ تَوْضِيح خُطُورَة هذا الأمْر ولماذا نَجْمَع حَوْلَهُ كُلّ هذا الكَمّ مِنَ الفَتَاوَى ونُصِرُّ عَلَيْهِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الإخْوَةُ والأخَوَاتُ الكِرَامُ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
الإخْوَةُ والأخَوَاتُ الكِرَامُ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
عُذْرًا عَلَى طُولِ المَوْضُوع، ولَكِنَّهُ جَدٌّ خَطِير وهَامّ، وسَبَبُ طُولِهِ أنَّهُ يَجْمَع فَتَاوَى تَخُصّ غَالِب الأسْمَاء البَاطِلَة المُنْتَشِرَة في المُنْتَدَيَاتِ، والمَطْلُوب مِنْ كُلِّ عُضْوٍ يَجِد اسْمه مُخَالِفًا وِفْقَ مَا سَيَتَقَدَّم مِنْ فَتَاوَى؛ أنْ يَخْتَارَ لنَفْسه اسْمًا جَدِيدًا صَحِيحًا ويُرَاسِل إدَارَة المُنْتَدَى ويَطْلُب مِنْهَا تَغْيِير اسْمه الحَالِي المُخَالِف بالاسْمِ الجَدِيدِ الصَّحِيحِ، وكَذَا تَصْحِيح التَّوْقِيع لَوْ كَانَ بِهِ شَيْء مُخَالِف أيْضًا، ولا تَجْعَلُوا حُجَّة (النَّاس عَرَفَتْنِي بهذا الاسْم) فَوْقَ دِين الله، ويُمْكِن كِتَابَته في التَّوْقِعِ وبِِجَانِبِهِ كَلِمَة (سَابِقًا)، وذَلِكَ لفَتْرَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ حتى يَرْبُط النَّاس بَيْنَ الاسْمَيْنِ لنَفْسِ العُضْو، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُحْذَف مِنَ التَّوْقِيعِ وإلاَّ مَا نَكُونُ قَدْ فَعَلْنَا شَيْئًا، وهذا الحَلّ للأعْضَاءِ فَقَط، لأنَّ المُشْرِفِينَ يُعْرَفُونَ بمَرَاكِزِهِم، المَوْضُوعُ جَدٌّ خَطِير ويُرْجَى الاهْتِمَامُ بِهِ
لا شَكَّ أنَّ مَسْألَةَ الأسْمَاء مِنَ المَسَائِلِ المُهِمَّةِ في حَيَاةِ النَّاس، إذْ أنَّ الاسْمَ هُوَ عُنْوَانُ المُسَمَّى ودَلِيلٌ عَلَيْه، وضَرُورَةٌ للتَّفَاهُمِ مَعَهُ ومِنْهُ وإلَيْهِ، وهُوَ للمُسَمَّى زِينَةٌ ووِعَاءٌ وشِعَارٌ يُدْعَى بِهِ، وهُوَ أيْضًا تَنْوِيهٌ بالدِّينِ، وإشْعَارٌ بأنَّهُ مِنْ أهْلِ هذا الدِّين، وهُوَ في طَبَائِعِ النَّاس لَهُ اعْتِبَارَاته ودَلاَلاَته، فهُوَ عِنْدَهُم كَالثَّوْب؛ إنْ قَصُرَ شَانَ، وإنْ طَالَ شَانَ، والاسْمُ كَلِمَة، والإسْلاَم عَظَّمَ خُطُورَة الكَلِمَة التي يَتَكَلَّم بِهَا المَرْء, قَالَ تَعَالَى [ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ] (سُورَةُ ق: 18)، وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ – أيْضًا – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ، قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ الله [ وقَدْ نَدَبَ الشَّرْعُ إلى الإمْسَاك عَنْ كَثِيرٍ مِنَ المُبَاحَاتِ؛ لئلا يَنْجَرّ صَاحِبهَا إلى المُحَرَّمَاتِ أو المَكْرُوهَاتِ, وقَدْ أخَذَ الإمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَعْنَى الحَدِيث فَقَالَ (إذا أرَادَ أنْ يَتَكَلَّم: فَلْيُفَكِّر, فَإنْ ظَهَرَ لَهُ أنَّهُ لا ضَرَرَ عَلَيْهِ: تَكَلَّمَ, وإنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضَرَر، أوشَكَّ فِيهِ: أمْسَكَ) ] شَرْحُ مُسْلِم (2/19).
وآيَةُ [ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ] تَحْدِيدًا نَرَاهَا تَتَصَدَّر أغْلَب المُنْتَدَيَات حتى المُنْتَدَيَات التي تَعُجّ بالفِسْقِ والمَعَاصِي، ولَكِنْ هَلْ تُطَبَّق هذه الآيَة فِعْلاً في المُنْتَدَيَاتِ؟؟ لنَأخُذ مِثَالاً وَاحِدًا في تَطْبِيقِهَا ونَتَكَلَّم عَنْهُ، ألاَ وهُوَ الأسْمَاء المُسْتَعَارَة للأعْضَاءِ في المُنْتَدَيَاتِ، لنَقِف عَلَى مَدَى خُطُورَة الأمْر إذا لَمْ نَهْتَمّ بِهِ، والتي تَتَمَثَّل في عِدَّةِ نِقَاطٍ:
1) تَعْطِيلُ تَطْبِيقِ قَوْل الله تَعَالَى [ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 162 لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ] (سُورَةُ الأنْعَامِ: 162) حتى في مُجَرَّدِ اخْتِيَار اسْم، واعْتِبَاره أمْرًا بَسِيطًا لا يَسْتَحِقّ التَّفْكِير فَضْلاً عَنْ رَبْطِهِ بالدِّينِ وأحْكَامِهِ، وكَأنَّنَا مَا سَمِعْنَا قَوْل الله تَعَالَى مُحَذِّرًا مِنَ الاسْتِهَانَةِ بصَغَائِرِ الأُمُور [ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ] (سُورَةُ النُّورِ: 15)، وذَلِكَ مَا فَهِمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ مُوَافِقًا للآيَةِ [ إيَّاكُمْ ومُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإنَّمَا مَثَلُ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا بَطْنَ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ؛ وجَاءَ ذَا بِعُودٍ؛ حتى حَمَلُوا مَا أنْضَجُوا بِهِ خُبْزَهُم، وإنَّ مُحَقِّرَاتِ الذُّنُوبِ متى يُؤْخَذ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْهُ ] صَحَّحَهُ الألْبَانِيُّ في صَحِيحِ الجَامِعِ وصَحِيحِ التَّرْغِيبِ والسِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ، فَفَهِمَهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فَقَالَ أنَسَ بْن مَالِك رَضِيَ اللهُ عَنْه في زَمَنِ الخِلاَفَة [ إنَّكُم لَتَعْمَلُونَ أعْمَالاً؛ هي أدَقُّ في أعْيُنِكُم مِنَ الشَّعْرِ، إنْ كُنَّا لنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ المُوبِقَاتِ. (قَالَ أبُو عَبْد الله: يَعْنِي بذَلِكَ المُهْلِكَات) ]، حتى أنَّ أحَدَ التَّابِعِينَ قَالَ:
لا تُحَقِّرَنَّ مِنَ الذُّنُوبِ صَغِيرًا ** إنَّ الصَّغِيرَ غَدًا يَعُودُ كَبِيرَا
إنَّ الصَّغِيرَ وقَدْ تَقَادَمَ عَهْده ** عِنْدَ الإلَهِ مُسَطَّرٌ تَسْطِيرَا
فَازْجُر هَوَاكَ عَنِ البَطَالَةِ لا تَكُنْ ** صَعْب القِيَادِ وشَمِّرَنَّ تَشْمِيرَا
إنَّ المُحِبَّ إذا أحَبَّ إلَهَهُ ** طَارَ الفُؤَادُ وألْهَمَ التَّفْكِيرَا
فَاسْألْ هِدَايَتَكَ الإلَهُ بنِيَّةٍ ** فَكَفَى برَبِّكَ هَادِيًا ونَصِيرَا
إنَّ الصَّغِيرَ وقَدْ تَقَادَمَ عَهْده ** عِنْدَ الإلَهِ مُسَطَّرٌ تَسْطِيرَا
فَازْجُر هَوَاكَ عَنِ البَطَالَةِ لا تَكُنْ ** صَعْب القِيَادِ وشَمِّرَنَّ تَشْمِيرَا
إنَّ المُحِبَّ إذا أحَبَّ إلَهَهُ ** طَارَ الفُؤَادُ وألْهَمَ التَّفْكِيرَا
فَاسْألْ هِدَايَتَكَ الإلَهُ بنِيَّةٍ ** فَكَفَى برَبِّكَ هَادِيًا ونَصِيرَا
2) اعْتِيَادُ الإقْدَامِ عَلَى عَمَلِ الفِعْل وإصْدَارِ القَوْل ونَشْرِ الكَلاَم دُونَ تَثَبُّت أوَّلاً مِنْ صِحَّتِهِ؛ هَلْ يُوَافِق شَرْع الله أمْ يُخَالِفهُ، وهذا إنْ كَانَ اليَوْم في مَسْألَةٍ مُبَاحَةٍ أو فِيهَا خِلاَف مَثَلاً، فَإنَّهُ سَيَجُرّ غَدًا إلى مَسَألَةٍ مُحَرَّمَةٍ تُخَالِفُ الدِّين، ومَا انْتَشَرَت البِدَع إلاَّ بهذه الطَّرِيقَة، وقَدْ حَذَّرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ وأمَرَ بتَوَخِّي الحَذَر، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ [ الحَلاَلُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأ لدِينِهِ وعَرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألاَ وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى، ألاَ وإنَّ حِمَى الله في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألاَ وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذا صَلُحَتْ صَلَحَ الجَسَدَ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألاَ وهي القَلْبُ ] رَوَاهُ البُخَارِيُّ، ولَكِنْ للحَدِيثِ رِوَايَة أُخْرَى صَحِيحَة عِنْدَ الألْبَانِيّ وأبِي دَاوُد تَقُول [ وإنَّهُ مَنْ يَرْتَع حَوْلَ الحِمَى يُوشِك أنْ يُخَالِطَهُ، وإنَّ مَنْ يُخَالِطهُ الرَّيْبَة يُوشِك أنْ يَجْسُرَ ] صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وصَحِيحُ أبِي دَاوُد للألْبَانِي، وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى [ والمُؤْمِنُونَ وَقَّافُونَ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ ] إرْشَادُ الفُحُولِ للشَّوْكَانِيِّ.
3) الوُقُوعُ في مُخَالَفَاتٍ عَدِيدَةٍ لا يقِرّهَا الشَّرْع، والتي قَدْ تَصِل إلى الشِّرْكِ والعِيَاذُ باللهِ، فَالصَّغِيرَةُ تَجُرُّ إلى الكَبِيرَةِ.
4) نَشْرُ البَاطِلِ عَلَى النَّاسِ في صُورَةٍ إسْلاَمِيَّةٍ، فَعَوَامّ النَّاس يَدْخُلُونَ المُنْتَدَيَات الإسْلاَمِيَّة ويَحْسَبُونَهَا عَلَى خَيْرٍ لدَرَجَةِ أنَّهُم يَرْفَعُونَ الأعْضَاء إلى مَصَافِّ العُلَمَاء، وأصْبَحَت المُنْتَدَيَاتُ عِنْدَهُم مَصْدَرًا مِنْ مَصَادِرِ تَلَقِّي العِلْم، وصَارُوا يُقَلِّدُون ويَتَشَبَّهُونَ بكُلِّ مَا ومَنْ فِيهَا، سَوَاء في الأسْمَاءِ أو في طَرِيقَةِ الكِتَابَة أو في التَّوْقِيعَاتِ وغَيْر ذَلِكَ الكَثِير، وهذا مَا جَعَلَنَا نَجِدُ البِدَع والأحَادِيث المَوْضُوعَة تَنْتَشِر بَيْنَ المُنْتَدَيَات كَانْتِشَارِ النَّار في الهَشِيمِ حتى دُونَ تَغْيِير حَرْف وَاحِد، وأحْيَانًا يَنْقِلُونَهَا بنَفْسِ خَطَأ الكِتَابَة، فَإنْ كَانَ عَلَيْهم وِزْر عَدَم التَّثَبُّت فِيمَا يَنْقِلُون، فَعَلَى الكَاتِبِ الأوَّلِ وِزْر عَدَم التَّثَبُّت مِنْ صِحَّةِ مَا يَكْتُبهُ ويَعْرِضهُ عَلَى النَّاسِ، بِدَايَةً مِنْ اسْمِهِ وانْتِهَاءً برُدُودِهِ ومَوْضُوعَاتِهِ.
ولَمَّا زَادَ الأمْرُ وفَشَا، وتَجَاسَرَ النَّاس عَلَى البَاطِلِ بجَهْلٍ وجَهَالَةٍ، ولَمَّا وَصَلَ الأمْرُ إلى المُنْتَدَيَاتِ الإسْلاَمِيَّةِ، كَانَ لاَبُدَّ لَنَا مِنْ وَقْفَةٍ مَعَ الأمْرِ، وبإذْنِ الله نَتَنَاوَل فِيمَا يَلِي فَتَاوَى العُلَمَاء فِيمَا يَخُصّ الأسْمَاء المُسْتَعَارَة وضَوَابِط ذَلِكَ شَرْعًا، واللهُ الهَادِي لسَوَاءِ السَّبِيل، والآن مَعَ الفَتَاوَى:
تَعْقِيبٌ عَلَى فَتْوَى الدُّكْتُور عَبْد الله الفَقِيه في فَتْوَى (عَاشِقُ الشَّهَادَةِ...)
مَا قَالَهُ الشَّيْخ بَكْر أبُو زَيْد في كِتَابِهِ القَيِّم (مُعْجَم المَنَاهِي اللَّفْظِيَّة):
عَاشِقُ الله:
هذا مِمَّا يَتَسَمَّى بِهِ الأعَاجِم مِنَ الهُنُودِ وغَيْرِهِم، وهي تَسْمِيَة لا تَجُوز، لِمَا فِيهَا مِنْ سُوءِ الأدَب مَعَ الله تَعَالَى، فَلَفْظ (العِشْق) لا يُطْلَق عَلَى المَخْلُوقِ للخَالِقِ بمَعْنَى مَحَبَّة الله، ولا يُوصَف بِهِ الله سُبْحَانَهُ.
العِشْق: فِيهِ أمْرَان:
θ مَنْعُ إطْلاَقِهِ عَلَى اللهِ تَعَالَى: ذَكَرَ ابْن القَيِّم رَحِمَهُ الله تَعَالَى خِلاَف طَائِفَة مِنَ الصُّوفِيَّةِ في جَوَازِ إطْلاَق هذا الاسْم في حَقِّ الله تَعَالَى، وذَكَرُوا فِيهِ أثَرًا لا يَثْبُت، وأنَّ جُمْهُور النَّاس عَلَى المَنْعِ، فَلاَ يُقَالُ (إنَّ الله يَعْشَق)، ولا (عَشِقَهُ عَبْدُهُ)، وذَكَرَ الخِلاَف في عِلَّةِ المَنْع.
θ امْتِنَاعُ إطْلاَقِهِ في حَقِّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: كَمَا في اعْتِرَاضَاتِ ابْن أبِي العِزّ الحَنَفِيّ عَلَى قَصِيدَةِ ابْن أبِيك؛ لأنَّ العِشْقَ هُوَ المَيْل مَعَ الشَّهْوَةِ، ووَاجِبٌ تَنْزِيه النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ؛ إذِ الأصْل عِصْمَته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
===================
تَعْقِيبٌ: كَلاَمُ الإمَام ابْن القَيِّم الجَوْزيَّة في كِتَابِهِ المَاتِع (طَرِيقُ الهِجْرَتَيْنِ وبَابُ السَّعَادَتَيْنِ):
يَقُولُ الإمَامُ ابْن القَيِّم [ واللَّفْظُ الَّذِي أطْلَقَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نَفْسِهِ وأخْبَرَ بِهِ عَنْهَا أتَمّ مِنْ هذا وأجَلّ شَأنًا هُوَ لَفْظ المَحَبَّة، فَإنَّهُ سُبْحَانَهُ يُوصَف مِنْ كُلِّ صِفَةِ كَمَالٍ بأكْمَلهَا وأجَلّهَا وأعْلاَهَا، فَيُوصَف مِنَ الإرَادَةِ بأكْمَلِهَا وهُوَ الحِكْمَة وحُصُول كُلّ مَا يُرِيد بإرَادَتِهِ ... ] إلى أنْ قَالَ [ وهَكَذَا المَحَبَّة، وَصَفَ نَفْسهُ مِنْهَا بأعْلاَهَا وأشْرَفهَا فَقَالَ (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهَ)، (يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، (يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، (يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)، ولَمْ يَصِفْ نَفْسه بغَيْرِهَا مِنَ العِلاَقَةِ والمَيْلِ والصَّبَابَةِ والعِشْقِ والغَرَامِ ونَحْوِهَا، فَإنَّ مُسَمَّى المَحَبَّة أشْرَف وأكْمَل مِنْ هذه (المُسَمَّيَات)، فَجَاءَ في حَقِّهِ إطْلاَقه دُونِهَا، وهذه (المُسَمَّيَات) لا تَنْفَكُّ عَنْ لَوَازِمٍ ومَعَانٍ تَنَزَّهَ تَعَالَى عَنِ الاتِّصَافِ بِهَا، وهَكَذَا جَمِيع مَا أطْلَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ صِفَاتِهِ العُلَى أكْمَل مَعْنَىً ولَفْظًا مِمَّا لَمْ يُطْلِقْهُ ]، ويُرَاجَع كِتَاب رَوْضَةُ المُحِبِّين للإمَامِ ابْن القَيِّم لمَزِيدٍ مِنَ الفَائِدَةِ حَوْلَ الرَّدّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ في هذه المَسْألَة.
السُّؤَالُ: إنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُسَمُّونَ (عَاشِقُ الله، ومُحِبُّ الله)، فَهَلْ يَجُوز التَّسْمِيَة بهذه الأسْمَاءِ أمْ لا؟
المُفْتِي: اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ للبُحُوثِ العِلْمِيَّةِ والإفْتَاءِ
الجَوَابُ:
في التَّسْمِيَةِ بـ (عَاشِقِ الله) سُوء أدَب، ولا بَأسَ بالتَّسْمِيَةِ بـ (مُحِبِّ الله)، والأوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ، والتَّسْمِيَة بالتَّعْبِيدِ لله أو نَحْوِ (مُحَمَّد – صَالِح – أحْمَد) ونَحْوِ ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ إضَافَة.
السُّؤَالُ: مَا حُكْم تَسَمِّي إحْدَى الأخَوَات في سَاحَاتِ الحِوَار بـ (حَبِيبَة الله)؟
المُفْتِي: الشَّيْخُ حَامِد بْن عَبْد الله العَلِيّ
الجَوَابُ:
هي تَقْصد أنَّهَا تُحِبُّ الله، ولَكِنَّ اللَّفْظَ يُوهِم أنَّهَا مَحْبُوبَة لله، فَيَنْبَغِي تَجَنُّبَهُ، إذْ لا يَتَهَجَّم المُسْلِم عَلَى الغَيْبِ، ولا يُزَكِّي نَفْسهُ، قَالَ تَعَالَى [ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ]، وقَدْ سَمَّت صَحَابِيَّة ابْنَتهَا (بَرَّة) أيّ تَقِيَّة، فَأمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنْ يُغَيَّرَ الاسْم إلى (زَيْنَب)، فَالاسْم يَنْبَغِي أنْ لا يُشْعِر بأنَّ الإنْسَانَ يُزَكِّي نَفْسه، فَلاَ يَجُوزُ التَّسْمِيَة بـ (حَبِيبَةِ الله).
السُّؤَالُ: مَا هي الأسْمَاء المَكْرُوهَة في الإسْلاَمِ والمَمْنُوعَة؟ (رَبَاح، نَجَاح، أبْرَار) يُقَالُ بأنَّ هذه الأسْمَاء مَكْرُوهَة، وهَلْ اسْم (خُلُود) للفَتَاةِ جَائِز؟ عِلْمًا بأنَّ اسْم خَالِد مَوْجُود في عَهْدِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وهَلِ التَّسْمِيَة باسْمِ (نَائِلَة) جَائِز؟
المُفْتِي: مَرْكَزُ الفَتْوَى؛ بإشْرَافِ الدُّكْتُور: عَبْد الله الفَقِيه
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛ والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ الله وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، أمَّا بَعْـُد؛
فَإذَا كَانَ الاسْمُ يَقْتَضِي تَعْظِيمًا أو تَفْخِيمًا؛ فَلاَ يَنْبَغِي التَّسْمِيَة بِهِ، لأنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ [ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ] (النَّجْم: 32)، وقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ تَسْمِيَةِ الغُلاَم (رَبَاحًا أو نَجِيحًا)، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ أَحَبُّ الْكَلاَمِ إلى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، لا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ، وَلا تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا، وَلا رَبَاحًا، وَلا نَجِيحًا، وَلا أَفْلَح، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ، فَيَقُولُ لا، إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ، فَلاَ تَزِيدُنَّ عَلَيَّ ]، وفي رِوَايَةٍ أُخْرَى في صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أيْضًا أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ [ لا تُسَمِّ غُلاَمَكَ رَبَاحًا وَلا يَسَارًا وَلا أَفْلَحَ وَلا نَافِعًا ]، وكَذَلِكَ الاسْم (بَرَّة)، نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ [ سَمَّيْتُ ابْنَتِي بَرَّةَ، فَقَالَتْ لِي زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ هَذَا الاسْمِ، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمُ، اللهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْبِرِّ مِنْكُمْ، فَقَالُوا: بِمَ نُسَمِّيهَا، قَالَ: سَمُّوهَا زَيْنَبَ ] رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
أمَّا اسْم (أبْرَار) فَلاَ نَعْلَمُ فِيهِ نَهْيًا، وإنْ كَانَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (اللهُ أعْلَمُ بأهْلِ البِرِّ مِنْكُمْ) يَجْعَل في النَّفْسِ مِنْهُ شَيْئًا، وقَدْ غَيَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَذَلِكَ أسْمَاء بَعْض زَوْجَاته رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، كـ (زَيْنَب بِنْت جَحْش وجُوَيْرِيَة بِنْت الحَارِث المُصْطَلَقِيَّة)، وكَانَ اسْمُ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (بَرَّة) كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ في صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وبهذا يُعْلَمُ أنَّ هذه الأسْمَاءَ يَنْبَغِي تَجَنُّبهَا.
وأمَّا تَسْمِيَة (خُلُود) فَالظَّاهِر جَوَاز ذَلِكَ، لأنَّ الخُلُودَ في ذَاتِهِ نِسْبِيّ، وهُوَ هُنَا التَّفَاؤُل بطُولِ البَقَاء، والكَلِمَة نَفْسهَا تَدُلّ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ، مِنْهَا المَيْلُ إلى الشَّيْءِ والسُّكُونُ إلَيْهِ، فَلاَ نَرَى حَرَجًا في التَّسْمِيَةِ بِهِ، وكَذَلِكَ اسْم (نَائِلَة)، فَإنَّ فِيهِ مَعْنَى التَّفَاؤُل بنَيْلِ المَطْلُوب، مِثْل اسْم (صَالِح ومُعَاذ) ونَحْوهمَا، فَلاَ حَرَجَ فِيهِ إنْ شَاءَ الله، ونُنَبِّهُ إلى أنَّ مِنْ حُقُوقِ الوَلَد عَلَى وَالِدَيْهِ أنْ يُسَمَّى باسْمٍ حَسَنٍ.
وجِمَاعُ الأسْمَاءِ المَكْرُوهَةِ والمَمْنُوعَةِ يَرْجِعُ إلى الأُمُورِ التَّالِيَةِ:
1- أنْ يَكُون فِيهَا تَعْبِيد لغَيْرِ الله كـ (عَبْد الرَّسُول).
2- أنْ يَكُون مِمَّا هُوَ مُخْتَصٌّ باللهِ مِنَ الأسْمَاءِ، أو مُعَرَّفٌ بـ (أل) مِنَ الصِّفَاتِ، كـ (الرَّحْمَن والعَلِيم ومَلِك المُلُوك).
3- أنْ يَكُون ذَا مَعْنَى مَذْمُوم، كـ (حَرْب ومُرَّة وحَزَن).
4- أنْ يَكُون مِنَ الأسْمَاءِ المَائِعَةِ التي لا مَعْنَى لَهَا كـ (زُوزُو ومِيمِي).
5- مَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ للنَّفْسِ كـ (بَرَّة).
ولمَزِيدِ فَائِدَةٍ يُرَاجَعُ كِتَاب ابْن القَيِّم (تُحْفَةُ المَوْدُودِ بأحْكَامِ المَوْلُودِ)، وكِتَاب الشَّيْخ بَكْر أبُو زَيْد (تَسْمِيَة المَوْلُود). انْتَهَى
السُّؤَالُ: مَا حُكْم التَّسْمِيَة بـ (نِكْ نِيم: عِشْقُ السَّمَاءِ) في المُنْتَدَيَاتِ؟ هَلْ هُوَ حَرَامٌ أمْ حَلاَلٌ؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
لَمْ تَرِدْ كَلِمَةُ (العِشْقِ) فِيمَا نَعْلَمُ في كَلاَمِ السَّلَفِ والأئِمَّةِ عَلَى مَعْنَىً مَحْمُودٍ قَطُّ؛ وذَلِكَ لأنَّ العِشْقَ فِيهِ إفْرَاطٌ وتَعَدٍّ في المَحَبَّةِ، وكُلّ شَيْء كَانَ بتِلْكَ المَثَابَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ، قَالَ ابْن مَنْظُور رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ سُئِلَ أبُو العَبَّاس أحْمَد بْن يَحْيَى عَنِ الحُبِّ والعِشْقِ أيّهمَا أحْمَدُ؟ فَقَالَ: الحُبُّ؛ لأنَّ العِشْقَ فِيهِ إفْرَاطٌ، وسُمِّيَ العَاشِقُ عَاشِقًا لأنَّهُ يَذْبُلُ مِنْ شِدَّةِ الهَوَى كَمَا تَذْبُل العَشَقَةُ إِذا قُطِعَتْ، والعَشَقَةُ شَجَرَةٌ تَخْضَرُّ ثُمَّ تَدِقُّ وتَصْفَرُّ ] لِسَانُ العَرَبِ (10/251)، وقَالَ أبُو هِلاَل العَسْكَرِيّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ الفَرْقُ بَيْنَ العِشْق والمَحَبَّة: أنَّ العِشْقَ شِدَّةُ الشَّهْوَةِ لنَيْلِ المُرَاد مِنَ المَعْشُوقِ إذا كَانَ إنْسَانًا؛ والعَزْمُ عَلَى مُوَاقَعَتِهِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ، ولَوْ كَانَ العِشْقُ مُفَارِقًا للشَّهْوَةِ لَجَازَ أنْ يَكُونَ العَاشِق خَالِيًا مِنْ أنْ يَشْتَهِي النَّيْل مِمَّنْ يَعْشَقهُ، إلاَّ أنَّهُ شَهْوَة مَخْصُوصَة لا تُفَارِق مَوْضِعهَا، وهي شَهْوَة الرَّجُل للنَّيْلِ مِمَّنْ يَعْشَقهُ، ولا تُسَمَّى شَهْوَته لشُرْبِ الخَمْر وأكْل الطِّيبِ عِشْقًا، والعِشْقُ أيْضًا هُوَ الشَّهْوَة التي إذا أُفْرِطَتْ وامْتَنَعَ نَيْلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا قَتَلَت صَاحِبهَا، ولا يَقْتِلُ مِنَ الشَّهَوَاتِ غَيْرهَا، ألاَ تَرَى أنَّ أحَدًا لَمْ يَمُتْ مِنْ شَهْوَةِ الخَمْر والطَّعَام والطِّيبِ ولا مِنْ مَحَبَّةِ دَاره أو مَاله، ومَاتَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ شَهْوَةِ الخُلْوَة مَعَ المَعْشُوقِ والنَّيْل مِنْهُ ] الفُرُوقُ اللُّغَوِيَّةُ (ص 358-359).
وأيْضًا: فَالعِشْقُ لا يُعْرَفُ في كَلاَمِ العَرَب إلاَّ فِيمَا يُرْغَب في نِكَاحِهِ، قَالَ ابْن الجَوْزِيّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ العِشْقُ عِنْدَ أهْل اللُّغَة لا يَكُون إلاَّ لِمَا يُنْكَح ] تَلْبِيسُ إبْلِيس (ص153).
وعَلَيْهِ: فَلاَ يَصِحُّ أنْ يُقَال: أعْشَقُ أبِي أو أُمِّي أو دَارِي أو فَرَسِي، ونَحْو ذَلِكَ، وكَذَا لا يَصِحُّ أنْ يُقَال: أعْشَقُ القَمَرَ أو الكَوْكَبَ أو السَّمَاءَ ونَحْو ذَلِكَ.
فَإنْ قُصِدَ بـ (عَاشِق السَّمَاء) أو (عِشْقُ السَّمَاء) عِشْقُ أهْلهَا؛ فَهُوَ أعْظَمُ في الإسَاءَةِ والنَّكَارَة، وفي الأسْمَاءِ الحَسَنَةِ والكُنَيِّ المَلِيحَةِ مَا يُغْنِي المُسْلِم عَنْ هذه الأسْمَاءِ المُخْتَرَعَةِ التي لا تَخْلُو مِنْ مُخَالَفَةٍ للشَّرْعِ أو العَقْلِ أو اللُّغَةِ أو العُرْفِ، وخَاصَّةً إذا كَانَ مَنْ تَسَمَّى بذَلِكَ امْرَأة، فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي تَعَلُّقِ الرِّجَال بِهَا، وتَطَلُّعِهِم إلَيْهَا، ولا يُبْعَدُ أنْ يصِيبهَا هي لَوْنٌ مِنَ التَّشَبُّهِ بأفْعَالِ أهْل العِشْق والمُجُون؛ مِنْ تَأثُّرِهَا بذَلِكَ الاسْم. انْتَهَى
السُّؤَالُ: مَا حُكْم الشَّرْع في امْرَأةٍ أو رَجُلٍ يَتَسَمَّى بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ) في المُنْتَدَيَاتِ، ويَطْلُب دَلِيلاً مِنَ القُرْآنِ والسُّنَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّسَمِّي للبَشَرِ بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ)؟ وهَلْ تَصِحُّ مُنَادَاته بـ (أخِي القُرْآن والسُّنَّة)؟ ومَا حُكْم الشَّرْع في التَّسَمِّي بأسْمَاءٍ تَبْدَأبلَفْظِ الجَلاَلَة مِثْل (اللهُ المُسْتَعَان)؛ (اللهُ أعْلَم)؛ (اللهُ رَبِّي)؛ (اللهُ كَرِيمٌ)؟ ومِثْل (القُرْآنُ طَرِيقِي)؛ (القُرْآنُ حَيَاةُ القُلُوبِ)؛ (القُرْآنُ مَنْهَجِي)؟ أفِيدُونَا جَزَاكُم اللهُ تَعَالَى كُلّ خَيْر.
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
أوَّلاً: لا شَكَّ أنَّ التَّسْمِيَةَ مِنَ المَطَالِبِ الشَّرْعِيَّةِ التي عَملَ الشَّرْعُ عَلَى ضَبْطِهَا، ووَضَعَ القَوَاعِد لَهَا؛ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ التَّسْمِيَةِ بالأسْمَاءِ القَبِيحَةِ, وبالأسْمَاءِ التي تَقْتَضِي تَزْكِيَةً ومَدْحًا، كـ (بَرَّة) و(تَقِيَّة) وغَيْرهَا، وحَثَّ عَلَى التَّسْمِيَةِ ببَعْضِ الأسْمَاء كـ (عَبْدُ اللهِ) و(عَبْدُ الرَّحْمَنِ)، وكَرِهَ التَّسْمِيَة ببَعْضِ الأسْمَاء، كـ (حَرْب)، و(مُرَّة).
وسَبَب هذا الاهْتِمَام مِنَ الشَّرْعِ أنَّ المُسْلِمَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ التَّمَيُّز في كُلِّ الأُمُور، حتى في مِثْلِ هذه الأُمُور التي قَدْ يَسْتَقِلّهَا بَعْض النَّاس، ويُنْظَر أجْوِبَة الأسْئِلَة (7180) و(1692) و(101401) فَفِيهَا ضَوَابِط تَسْمِيَة الذُّكُور والإنَاث وإطْلاَق الألْقَاب، وفِيهَا بَيَان الأسْمَاء المُحَرَّمَة والمَكْرُوهَة.
ثَانِيًا: الَّذِي يَظْهَر: أنَّ التَّسْمِيَةَ بـ (القُرْآنُ والسُّنَّةُ)، أو (القُرْآن طَرِيقِي)، أو (القُرْآنُ حَيَاةُ القُلُوبِ)، أو (القُرْآنُ مَنْهَجِي) لا تَصِحُّ، وذَلِكَ لأسْبَابٍ:
1. سَبَقَ في الأجْوِبَةِ المُحَال عَلَيْهَا أنَّهُ مِنَ الأسْمَاءِ المَكْرُوهَة التي تَشْتَهِر في بَعْضِ بِلاَد المُسْلِمِين؛ الأسْمَاء المُضَافَة إلى لَفْظِ (الدِّين) أو (الإسْلاَم)، مِثْل (نُورُ الدِّينِ، عِمَادُ الدِّينِ، نُورُ الإسْلاَم)، ونَحْو ذَلِكَ، فَقَدْ كَرِهَهَا أهْلُ العِلْمِ للذُّكُورِ والإنَاثِ، لِمَا فِيهَا مِنْ تَزْكِيَةِ صَاحِبهَا تَزْكِيَةً عَظِيمَةً، قَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ [ وذَلِكَ لعَظِيمِ مَنْزِلَة هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ (الدِّين) و(الإسْلاَم)، فَالإضَافَة إلَيْهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّسْمِيَة فِيهَا دَعْوَى فَجَّة تُطُلّ عَلَى الكَذِبِ ] تَسْمِيَةُ المَوْلُودِ (ص22)، فهذا الكَاتِب وذَاكَ: لَيْسَا هُمَا الكِتَاب ولا السُّنَّة، لا حَقِيقَةً ولا حَالاً، ومَثَلُهُ بَلْ أشَدُّ مِنْهُ في المَنْعِ التَّلَقُّب بـ (سُبْحَانَ الله)، أو (سُبْحَانَ الله وبحَمْدِهِ)، سُئِلَ عُلَمَاءُ اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ (مُقَدَّم لسَعَادَتِكُم السَّيِّد: سُبْحَانَ الله مِيَانقل، بَاكِسْتَانِي الجِنْسِيَّة، والمُقِيمُ بالمَمْلَكَةِ العَرَبِيَّة السُّعُودِيَّة، بمَدِينَةِ جَدَّة، وأعْمَلُ مُؤَذِّنًا في وَزَارَةِ الأوْقَاف، ولَقَدْ تَمَّ الاعْتِرَاض مِنْ قِبَلِ إدَارَة الحَجّ والأوْقَاف بخُصُوصِ اسْمِي، وكُلّ مَا أرْجُوه مِنْ سَعَادَتِكُم هُوَ إفْتَاؤنَا عَنْ هذا الاسْمِ مِنَ النَّاحِيَةِ الإسْلاَمِيَّةِ والشَّرْعِيَّةِ، هَلْ هُوَ اسْمٌ جَائِزٌ أمْ لا؟ وإنْ كَانَ غَيْرُ جَائِزٍ: فَالرَّجَاء إفَادَتنَا بمَعْرُوضٍ مِنْ قِبَلِكُم حتى يَتَسَنَّى لِي تَغْيِير الاسْم مِنَ الجَوَازَات، ولَكُم جَزِيل الشُّكْر والعِرْفَان)، فَأجَابُوا [ يَجِبُ عَلَيْكَ تَغْيِير هذا الاسْم؛ لأنَّ شَخْصَكَ لَيْسَ هُوَ سُبْحَانَ الله، وإنَّمَا (سُبْحَانَ الله) ذِكْرٌ مِنَ الأذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ، ويَجِبُ أنْ يُغَيَّرَ إلى اسْمٍ جَائِزٍ شَرْعًا، كعَبْد الله، ومُحَمَّد، وأحْمَد، ونَحْوهَا ] فَتَاوَى اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ (11/477، 478).
2. أنَّ في تِلْكَ الأسْمَاء تَزْكِيَة للمُتَسَمِّي أو المُتَلَقِّب بِهَا، وقَدْ نَهَى اللهُ تَبَارَكَ وتَعَالَى عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْس، وقَدْ ذَكَرْنَا التَّفْصِيل في الأجْوِبَةِ المُحَال عَلَيْهَا، وقَدْ سُئِلَ الشَّيْخ مُحَمَّد بْن صَالِح العُثَيْمِين رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ (مَا حُكْم هذه الألْقَاب: حُجَّةُ اللهِ، حُجَّةُ الإسْلاَمِ، آيَةُ الله؟)، فَأجَابَ [ هذه الألْقَابُ (حُجَّةُ الله - حُجَّةُ الإسْلاَمِ) ألْقَابٌ حَادِثَةٌ لا تَنْبَغِي؛ لأنَّهُ لا حُجَّة لله عَلَى عِبَادِهِ إلاَّ الرُّسُل ] مَجْمُوع فَتَاوَى الشَّيْخ العُثَيْمِين (3/88).
3. أنَّ فِيهَا مُنَافَاة لأُسْلُوبِ لُغَة العَرَب؛ فَإنَّ هذه العِبَارَات قَدْ وُضِعَت لمَعَانٍ مَقْصُودَةٍ شَرْعًا، مَعْرُوفَةٍ في لُغَةِ العَرَب، ولا يُعْرَف في لُغَةِ العَرَب التَّسَمِّي أو التَّلَقُّب بـ (اللهُ المُسْتَعَان)، أو (اللهُ أعْلَم)، أو (اللهُ رَبِّي)، أو (اللهُ كَرِيمٌ)، ومَثِيلاَتِهَا.
4. أنَّهُ رُبَّمَا يَتَرَتَّب عَلَى أُولَئِكَ الأعْضَاء الَّذِينَ تَسَمُّوا وتَلَقَّبُوا بتِلْكَ الأسْمَاء والألْقَاب: رُدُودٌ؛ وتَعَقُّبَاتٌ؛ فِيهَا إنْقَاصٌ لقَدْرِ القُرْآن والسُّنَّة والرَّبّ تَبَارَكَ وتَعَالَى، كَقَوْلِهِم لَهُم [ أخْطَأتَ يَا (الكِتَاب والسُّنَّة) ]، و[ لَمْ تُصِب يَا (القُرْآن طَرِيقِي) ]، هذا عَدَا عَمَّا يُمْكِن أنْ يَكُونَ مِنْ سَبٍّ وشَتْمٍ، مِمَّا يُؤَدِّي إلى امْتِهَانِ هذه المُسَمَّيَات والقَدْحِ بِهَا.
5. أنَّهُ قَدْ يُذْكَر وَفَاة مَنْ تَسَمَّى أو تَلَقَّبَ بتِلْكَ الألْقَاب، فَمَاذَا سَيُقَال في ذَلِكَ المُنْتَدَى وغَيْره؟! سَيُقَالُ [ وَفَاةُ (الله رَبِّي) ]، وسَيُقَالُ [ تُوُفِّيَ اليَوْم (القُرْآن والسُّنَّة) ]، ولاشَكَّ أنَّ هذا قَبِيح أشَدّ القُبْح، ومُحَرَّم أشَدّ التَّحْرِيم.
والخُلاَصَة:
أنَّهُ يَحْرُم التَّسْمِيَة والتَّلَقُّب بتِلْكَ الأسْمَاء والألْقَاب الوَارِد ذِكْرهَا في السُّؤَالِ، والنَّصِيحَة لأُولَئِكَ بَلْ الوَاجِب الشَّرْعِيّ: أنْ يَجْتَنِبُوا هذه التَّسْمِيَّات والألْقَاب، وعَلَيْهم أنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مَا هُوَ صَحِيح ومُبَاح مِنَ الأسْمَاءِ والألْقَابِ، ويَخْلُو مِنَ المُخَالَفَةِ الشَّرْعِيَّةِ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: يَقُومُ بَعْض الإخْوَة في مُنْتَدَيَاتِ الإنْتَرْنِتّ بوَضْعِ مَوْضُوعٍ يَكُون عُنْوَانهُ (سَجِّل حُضُوركَ اليَوْمِيّ بذِكْرِ اسْم الله) أو (سَجِّل حُضُوركَ اليَوْمِيّ بالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ)، وفِكْرَة هذا المَوْضُوع هُوَ أنَّ أعْضَاءَ المُنْتَدَى كُلَّمَا دَخَلُوا إلى المَوْقِعِ يَقُومُونَ بالاشْتِرَاكِ في هذا المَوْضُوع بكِتَابَةِ بَعْض ألْفَاظ الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ وبَعْض التَّسَابِيح والأذْكَار، ونَحْنُ نَكْتُب هذا المَوْضُوع لغَرَضِ الفَائِدَةِ والدَّعْوَةِ إلى الله، وتَنْبِيهِ الغَافِلِينَ عَنْ ذِكْرِ الله، لا أكْثَر ولا أقَلّ، والله مِنْ وَرَاءِ القَصْد، فَمَا هُوَ رَأيكُم في ذَلِكَ؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
نَشْكُرُ لَكُم حِرْصكُم عَلَى الخَيْرِ، ونَسْألُ اللهَ أنْ يزِيدَكُم حِرْصًا وهُدَىً.
وأمَّا مَا ذَكَرْتهُ مِنِ افْتِتَاحِ بَعْض المُنْتَدَيَات بقَوْلِهِم (سَجِّل حُضُوركَ اليَوْمِيّ بذِكْرِ اسْم الله)؛ ومَا شَابَهَ ذَلِكَ، فَالأوْلَى بِهِم أنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مُجَرَّدِ التَّذْكِير بذِكْرِ اسْم الله، لكَوْنِ البَدَاءَة بذِكْرِ اسْم الله سُنَّة جَارِيَة عِنْدَ أهْل العِلْم في افْتِتَاحِهِم لكِتَابَاتِهِم وأُمُورِهِم، وأمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ رَبْطِ تَسْجِيل الحُضُور بذِكْرِ الله أو الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَالأوْلَى البُعْد عَنْ ذَلِكَ لأنَّ فِيهَ نَوْعًا مِنَ التَّحْدِيدِ، ورَبْط الذِّكْر بسَبَبٍ مُعَيَّنٍ، وهذا قَدْ يَكُون فِيهِ نَوْع ابْتِدَاع يُخْشَى أنْ يَجُرّ إلى مَا هُوَ أكْبَر مِنْهُ، والسَّلَف رَحِمَهُم الله كَانُوا يَحْذَرُونَ مِنْ صِغَارِ البِدَع لأنَّهَا تَجُرُّ في الغَالِبِ إلى كِبَارِهَا، كَمَا في سُنَنِ الدَّارِمِيّ عَنْ عَمْرُو بْن سَلَمَة [ أنَّ أبَا مُوسَى جَاءَ إلى ابْن مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ فَقَالَ: يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَن؛ إنِّي رَأيْتُ في المَسْجِدِ آنِفًا أمْرًا أنْكَرْتُهُ، ولَمْأرَ - والحَمْدُ لله - إلاَّ خَيْرًا، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ، قَالَ: رَأيْتُ في المَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلاَة، في كُلِّ حَلَقَةٍ رَجُل، وفي أيْدِيهِم حَصَى، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مَائَة، فَيُكَبِّرُونَ مَائَة، فَيَقُولًُ: هَلِّلُوا مَائَة، فَيُهَلِّلُونَ مَائَة، ويَقُولُ: سَبِّحُوا مَائَة، فَيُسَبِّحُونَ مَائَة، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُم؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُم شَيْئًا انْتِظَار رَأيكَ، وانْتِظَار أمْركَ، قَالَ: أفَلاَ أمَرْتهُم أنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتهم، وضَمَنْتَ لَهُم أنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِم شَيْء؟ ثُمَّ مَضَى ومَضَيْنَا مَعَهُ، حتى أتَى حَلَقَة مِنْ تِلْكَ الحِلَق، فَوَقَفَ عَلَيْهم، فَقَالَ: مَا هذا الَّذِي أرَاكُم تَصْنَعُون؟ قَالُوا: يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَن؛ حَصَى نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِير والتَّهْلِيل والتَّسْبِيح، قَالَ: فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُم، فَأنَا ضَامِنٌ أنْ لا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُم شَيْء، وَيْحَكُم يَا أُمَّة مُحَمَّد، مَا أسْرَعَ هَلَكَتكُم! هَؤُلاَء صَحَابَة نَبِيّكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وهذه ثِيَابَهُ لَمْ تُبْلَ، وآنِيَتَهُ لَمْ تُكْسَر، والَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، إنَّكُم لعَلَى مِلَّة أهْدَى مِنْ مِلَّة مُحَمَّد، أو مُفْتَتِحُو بَاب ضَلاَلَة، قَالُوا: والله يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَن مَا أرَدْنَا إلاَّ الخَيْر، قَالَ: وكَمْ مِنْ مُرِيدٍ للخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حَدَّثَنَا أنَّ قَوْمًا يَقْرَؤُونَ القُرْآن لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيهم، وأيَمُ الله مَا أدْرِي، لَعَلَّ أكْثَرَهُم مِنْكُم، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُم، فَقَالَ عَمْرُو بْن سَلَمَة: رَأيْنَا عَامَّة أُولَئِكَ الحِلَق يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَان مَعَ الخَوَارِجِ ]، قَالَ الألْبَانِيُّ (إسْنَادهُ صَحِيح) كَمَا في إصْلاَح المَسَاجِد (ص11).
فَلَوْ أنَّكُم في كُلِّ يَوْمٍ ذَكَرْتُم فَضْل أحَد الأذْكَار الشَّرْعِيَّة مِنَ الكِتَابِ أو السُّنَّة، أو ذَكَّرْتهُ باسْتِصْحَابِ الذِّكْر والتَّسْبِيح ونَحْو ذَلِكَ، لَكَانَ ذَلِكَ أحْسَن في دِلاَلَةِ النَّاس عَلَى الخَيْرِ وإرْشَادِهِم إلَيْهِ، لأنَّهُم إذا عَلِمُوا فَضْل التَّسْبِيح أو التَّحْمِيد أو التَّهْلِيل أو الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَدَاوَمُوا عَلَيْهِ، ولا يَكُون ذَلِكَ مُخْتَصًّا بتَسْجِيلِ الدُّخُول فَقَط، فَيَحْصُل المَقْصُود وهُوَ حَثّ النَّاس عَلَى الأذْكَارِ الشَّرْعِيَّةِ، وسَلِمْتُم مِنْ شُبْهَةِ الابْتِدَاع.
وأمَّا مَا ذُكِرَ في بَعْضِ المُنْتَدَيَات أنَّ هذا مِنَ الذِّكْرِ الجَمَاعِيِّ، أو مِنِ اتِّخَاذِ آيَات الله هُزُوًا، فهذا فِيهِ مُبَالَغَة شَدِيدَة ومُخَالَفَة في الوَاقِعِ، ولَيْسَ هذا مِنَ الذِّكْرِ الجَمَاعِيِّ في شَيْءٍ، بَلْ غَايَة مَا فِيهِ أنْ يَكُونَ مِنْ تَحْدِيدِ الذِّكْر بسَبَبٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يُحَدِّدهُ الشَّارِعُ، فَكَانَ اجْتِنَابه أوْلَى. انْتَهَى
السُّؤَالُ: لَقَدْ نَسَخْتُ عِدَّة فَتَاوَى مِنْ مَوْقِعِكُم تََتَكَلَّم حَوْلَ الأسْمَاء المُسْتَعَارَة في المُنْتَدَيَاتِ، وأشَرْنَا إلى المَصْدَرِ، ولَقِيَ والحَمْدُ للهِ قَبُولاً، حتى إنَّ بَعْضَهُم غَيَّرَ اسْمه المُسْتَعَار، جَزَاهُم اللهُ خَيْرًا، وبَعْضهُم سَألَ عَنْ بَعْضِ هذه الأسْمَاء، فَوَعَدْتُهُم أنْ أُوَصِّلَ الاسْتِفْسَار إلى شَيْخِنَا الفَاضِل، والأسْمَاء هي كَالتَّالِي (جِهَادُ النَّفْسِ - شَمْسُ الإسْلاَمِ - طُيُورُ الجَنَّةِ - زَهْرَةُ الإيِمَانِ - مُتَقَصِّي الحَقّ).
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛؛
أوَّلاً: سَبَقَ في جَوَابِ السُّؤَال (71417) بَيَان جَوَاز اسْتِعْمَال الأسْمَاء المُسْتَعَارَة في دُخُولِ المُنْتَدَيَات ومَوَاقِعِ الإنْتَرْنِتّ.
ثَانِيًا: يُكْرَهُ أنْ يُسَمِّيَ الإنْسَانُ نَفْسه أو يُلَقَّب بِمَا يَدُلُّ عَلَى تَزْكِيَةِ النَّفْس ومَدْحِهَا، وتَزْدَادُ الكَرَاهَة إذا كَانَ الوَصْفُ الَّذي مَدَحَ بِهِ نَفْسه غَيْر حَقِيقِيّ ولا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ، ومِنْ ذَلِكَ الأسْمَاء التي تُضَافُ إلى الدِّينِ، مِثْل (عِمَادُ الدِّينِ، شَمْسُ الدِّينِ، نُورُ الدِّينِ، مُحْيِي الدِّين) ونَحْو ذَلِكَ، قَالَ ابْن عَابِدِين رَحِمَهُ الله [ المَنْعُ عَنْ نَحْوِ (مُحْيِي الدِّين، شَمْسُ الدِّين) مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الكَذِبِ، وألَّفَ بَعْضُ المَالِكِيَّةِ في المَنْعِ مِنْهُ مُؤَلَّفًا، وصَرَّحَ بِهِ القُرْطُبِيّ في شَرْحِ الأسْمَاء الحُسْنَى، ونَقَلَ عَنِ الإمَامِ النَّوَوِيّ أنَّهُ كَانَ يَكْرَه مَنْ يُلَقِّبهُ بمُحْيِي الدِّين ويَقُول (لا أجْعَل مَنْ دَعَانِي بِهِ في حِلٍّ)، ومَالَ إلى ذَلِكَ العَارِفُ بالله تَعَالَى الشَّيْخ سَنَّان في كِتَابِهِ (تَبْيِينُ المَحَارِمِ)، وأقَامَ الطَّامَةُ الكُبْرَى عَلَى المُتَسَمِّينَ بمِثْلِ ذَلِكَ، وأنَّهُ مِنَ التَّزْكِيَةِ المَنْهِيُّ عَنْهَا في القُرْآنِ، ومِنَ الكَذِبِ ] رَدُّ المحْتَار (6/418)، وقَالَ ابْنُ الحَاجّ المَالِكِيّ رَحِمَهُ الله [ ويَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ هذه البِدْعَةِ التي عَمَّت بِهَا البَلْوَى، وقَلَّ أنْ يَسْلَم مِنْهَا كَبِير أو صَغِير، وهي مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ مِنْ تَسْمِيَتِهِم بهذه الأسْمَاءِ القَرِيبَةِ العَهْد بالحُدُوثِ، التي لَمْ تَكُن لأحَدٍ مِمَّنْ مَضَى، بَلْ هي مُخَالِفَة للشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وهي (فُلاَنُ الدِّينِ) و(فُلاَنُ الدِّينِ)، ألاَ تَرَى أنَّ هذه الأسْمَاءَ فِيهَا مِنَ التَّزْكِيَةِ مَا فِيهَا، فَيَقَع بسَبَبِهَا في المُخَالَفَةِ بدَلِيلِ كِتَاب الله وسُنَّة رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأقْوَال العُلَمَاء؟ فإذا قَالَ مَثَلاً (مُحْيِي الدِّينِ أو زَكِيُّ الدِّينِ) فَلاَبُدَّ أنْ يُسْأل عَنْ ذَلِكَ يَوْم القِيَامَة، ويُقَالُ لَهُ (هذا هُوَ الَّذِي أحْيَا الدِّين؟!! وهذا هُوَ الَّذِي زَكَّى الدِّين؟!!) إلى غَيْرِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ يَكُون حَاله إذْ ذَاكَ حِينَ السُّؤَال، بَلْ حِينَ أخْذه صَحِيفَته فَيَجِدُهَا مَشْحُونَة بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْره مِنَ التَّزْكِيَةِ؟ ولَوْ كَانَت هذه الأسْمَاء تَجُوز لَمَا كَانَ أحَدٌ أوْلَى بِهَا مِنْ أصْحَابِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، إذْ إنَّهُم شُمُوسُ الهُدَى، وأنْوَارُ الظُّلْمِ، وهُمْ أنْصَارُ الدِّينِ حَقًّا كَمَا نَطَقَ بِهِ القُرْآن، والخَيْر كُلَّهُ في الاتِّبَاعِ لَهُم في الاعْتِقَادِ والقَوْلِ والعَمَل، ألاَ تَرَى إلى أزْوَاجِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اللاَّتِي اخْتَارَهُنَّ اللهُ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ واصْطَفَاهُنَّ لَمَّا عَلِمَ الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى مَا فِيهِنَّ مِنَ الشِّيَمِ الكَرِيمَةِ والأحْوَالِ العَالِيَةِ المُرْضِيَةِ؛ لَمَّا أنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بزَيْنَب أُمّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَ لَهَا (مَا اسْمُكِ؟ فَقَالَت: بَرَّة، فَكَرِهَ ذَلِكَ الاسْم، وقَالَ: لا تُزَكُّوا أنْفُسَكُم) لِمَا فِيهِ مِنْ اشْتِقَاقِ اسْم البِرّ، ومَعْلُومٌ بالضَّرُورَةِ أنَّهَا مَا اخْتِيرَت لسَيِّدِ الأوَّلِينَ والآخِرِينَ إلاَّ وفِيهَا مِنَ البِرِّ بحَيْثُ المُنْتَهَى; إلاَّ أنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ كَرِهَ ذَلِكَ الاسْم - وإنْ كَانَ حَقِيقَة - لِمَا فِيهِ مِنَ التَّزْكِيَةِ، فَجَدَّدَ اسْمهَا: زَيْنَب ] المَدْخَل (1/122-130)، وقَالَ البُهُوتِيّ الحَنْبَلِيّ رَحِمَهُ الله [ ويُكْرَه مَا فِيهِ تَزْكِيَة (كَالتَّقِيّ، والزَّكِيّ، والأشْرَف، والأفْضَل، وبَرَّة)، قَاَل القَاضِي: وكُلّ مَا فِيهِ تَفْخِيم أو تَعْظِيم، ومَنْ لُقِّبَ بِمَا يُصَدِّقهُ فِعْلهُ - بأنْ يَكُونَ فِعْله مُوَافِقًا للَقَبِهِ: جَازَ ] كَشَّافِ القِنَاع (3/26).
وهذه الأسْمَاءُ الوَارِدَةُ في السُّؤَالِ فِيهَا تَزْكِيَة النَّفْس، مِثْل (شَمْسُ الإسْلاَمِ) و(زَهْرَةُ الإيِمَانِ)، مَعَ مَا في بَعْضِهَا مِنَ الكَذِبِ والوَصْفِ بِمَا لا يُمْكِن، مِثْل (طُيُورُ الجَنَّةِ)، أمَّا (مُتَقَصِّي الحَقّ) فَالَّذِي يَظْهَر أنَّ فِيهِ نَوْع تَزْكِيَة، فَالأحْوَط تَرْكه، وأمَّا (جِهَادُ النَّفْسِ) فإذا كَانَ هذا الوَصْفُ مُنْطَبِقًا عَلَى مَنْ تَسَمَّى بِهِ، أو كَانَ يَرْجُو أنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بهذا الوَصْفِ، فَلاَ يَظْهَر مَانِع مِنَ التَّسَمِّي بِهمَا، مَعَ أنَّهُ في الحَقِيقَةِ وَصْف مُلاَزِم لكُلِّ مُؤْمِنٍ، فَكُلّ مُؤْمِن لاَبُدَّ أنْ يَكُونَ مُجَاهِدًا لنَفْسِهِ، ويَكُونَ مُتَقَصِّيًا للحَقِّ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: مَا حُكْمُ تَسْمِيَةِ الطِّفْل (مُحَمَّد الفَاتِح)؟ وهَلْ هُوَ وَاحِدٌ مِنْ أسْمَاءِ الأنْبِيَاء؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛
مِنَ السُّنَّةِ تَسْمِيَة المَوْلُود باسْمٍ حَسَنٍ، ومِنْ ذَلِكَ تَسْمِيَته بِمَا جَاءَت الشَّرِيعَة باسْتِحْسَانِهِ، ونَدَبَت إلى التَّسْمِيَةِ بِهِ، كَعَبْد الله، وعَبْد الرَّحْمَن، ومُحَمَّد. وكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُغَيِّرُ الاسْمَ الْقَبِيحَ إلى الحَسَنِ.
أمَّا التَّسْمِيَة بـ"مُحَمَّد الفَاتِح":
فـ "مُحَمَّد" أشْهَر أسْمَاء النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومَعْنَاهُ: كَثِيرُ الخِصَالِ التي يُحْمَدُ عَلَيْهَا.
و"الفَاتِحُ" أيْضًا مِنْ أسْمَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذَكَرَ ابْنُ القَيِّم رَحِمَهُ الله في زاد المعاد (1/96) مَعْنَاهُ فَقَالَ [ وأمَّا الفَاتِحُ، فَهُوَ الَّذِي فَتَحَ اللهُ بِهِ بَابَ الهُدَى بَعْدَ أنْ كَانَ مُرْتَجًاَ، وفَتَحَ بِهِ الأعْيُنَ العُمْي، والآذَانَ الصُّمّ، والقُلُوبَ الغُلْف، وفَتَحَ اللهُ بِهِ أمْصَارَ الكُفَّار، وفَتَحَ بِهِ أبْوَابَ الجَنَّة، وفَتَحَ بِهِ طُرُقَ العِلْم النَّافِع والعَمَل الصَّالِح، فَفَتَحَ بِهِ الدُّنْيَا والآخِرَة، والقُلُوبَ والأسْمَاعَ والأبْصَارَ والأمْصَارَ ].
والَّذِي يَظْهَرُ لَنَا أنَّهُ لا يَنْبَغِي أنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَيُسَمَّى الوَلَدُ بـ (مُحَمَّد الفَاتِح)، لأنَّ الجَمْعَ بَيْنَهُمَا سَيَكُون تَزْكِيَة عَظِيمَة لهذا الوَلَد، وقَد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ الأسْمَاءِ التي فِيهَا تَزْكِيَة ومَدْح لصَاحِبِهَا.
قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ [ الَّذِي يَنْبَغِي أنْ لا يُسَمِّي الإنْسَان ابْنَهُ أو ابْنَتَهُ باسْمٍ فِيهِ تَزْكِيَة؛ لأنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ غَيْرَ َاسْم بَرَّة إلى زَيْنَب؛ لِمَا في اسْمِ بَرَّة مِنَ التَّزْكِيَةِ، ولَدَيْنَا أسْمَاء أفْضَل مِنَ ذَلِكَ وأحْسَن: وهي مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلاَة والسَّلاَم في قَوْلِهِ (أحَبُّ الأسْمَاءِ إلى اللهِ عَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن)، فإذا اخْتَارَ الإنْسَانُ لأبْنَائِهِ اسْمًا مِنْ هذه الأسْمَاء كَانَ أحْسَنُ وأوْلَى لِمَا فِيهَا مِنَ التَّعْبِيدِ للهِ عَزَّ وجَلَّ، ولاَسِيَّمَا التَّعْبِيد للهِ أو للرَّحْمَنِ، ومِثْل ذَلِكَ عَبْد الرَّحِيم وعَبْد الوَهَّاب وعَبْد السَّمِيع وعَبْد العَزِيز وعَبْد الحَكِيم وأمْثَال ذَلِكَ ] فَتَاوَى نُورٌ عَلَى الدَّرْبِ (228 / 23).
ويَنْبَغِي الإشَارَة هُنَا إلى السُّلْطَانِ العُثْمَانِيِّ السَّابِعِ في سِلْسِلَةِ آل عُثْمَان، وهُوَ القَائِد المُسْلِم الَّذِي فَتَحَ القُسْطَنْطِينِيَّة، عَاصِمَة الدَّوْلَة البِيزَنْطِيَّة، فَلُقِّبَ بالفَاتِحِ، فَاسْمه هُوَ: مُحَمَّد، و(الفَاتِح) لَيْسَ اسْمًا لَهُ، وإنَّمَا هُوَ لَقَبٌ اسْتَحَقَّهُ لَمَّا فَتَحَ تِلْكَ المَدِينَة، وهُوَ لَقَبٌ صَادِقٌ عَلَيْهِ بِلاَ شَكّ، رَحِمَهُ الله.
والخُلاَصَةُ:
أنَّهُ لا يُشْرَع تَسْمِيَة الوَلَد باسْمِ (مُحَمَّد الفَاتِح) وإنَّمَا المَشْرُوع تَسْمِيَته باسْمِ (مُحَمَّد) فَقَط، كَمَا جَرَى عَلَيْهِ عَمَل المُسْلِمِينَ، أو بأيِّ اسْمٍ آخَر مِمَّا جَاءَت الشَّرِيعَةُ بالحَضِّ عَلَى التَّسْمِيَةِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: حُكْمُ التَّسَمِّي بـ (عَوَاطِف) و(وِصَال)؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛
السُّنَّةُ اخْتِيَارِ الاسْم الحَسَن، ونَبْذ وتَغْيِير الاسْم القَبِيح، وقَد كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْظُر في دَلاَلَةِ الاسْم، ويُغَيِّر الاسْمَ القَبِيحَ إلى الاسْمِ الحَسَنِ.
وللأسْمَاءِ دَلاَئِل عَلَى مُسَمَّيَاتِهَا، وتَنَاسُبٌ بَيْنَهَا وبَيْنهَا، قَالَ ابْن القَيِّم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى [ واللهُ سُبْحَانَهُ بحِكْمَتِهِ في قَضَائِهِ وقَدَرِهِ يُلْهِمُ النُّفُوسَ أنْ تَضَعَ الأسْمَاء عَلَى حَسَبِ مُسَمَّيَاتهَا لتُنَاسِب حِكْمَته تَعَالَى بَيْنَ اللَّفْظِ ومَعْنَاهُ، كَمَا تَنَاسَبَت بَيْنَ الأسْبَابِ ومُسَبِّبَاتهَا... وبالجُمْلَةِ: فَالأخْلاَق والأعْمَال والأفْعَال القَبِيحَة تَسْتَدِعي أسْمَاء تُنَاسِبهَا، وأضْدَادهَا تَسْتَدْعِي أسْمَاء تُنَاسِبهَا، وكَمَا أنَّ ذَلِكَ ثَابِت في أسْمَاءِ الأوْصَاف فَهُوَ كَذَلِكَ في أسْمَاءِ الأعْلاَم، ومَا سُمِّيَ رَسُول اللهِ مُحَمَّدًا وأحْمَد إلاَّ لكَثْرَةِ خِصَال الحَمْد فِيهِ؛ ولهذا كَانَ لِوَاءُ الحَمْد بيَدِهِ وأُمَّته الحَمَّادُونَ وهُوَ أعْظَم الخَلْق حَمْدًا لرَبِّهِ تَعَالَى؛ ولهذا أمَرَ رَسُولُ اللهِ بتَحْسِينِ الأسْمَاء فَقَالَ (حَسِّنُوا أسْمَاءكُم) فَإنَّ صَاحِبَ الاسْم الحَسَن قَدْ يَسْتَحِي مِنِ اسْمِهِ وقَدْ يَحْمله اسمه عَلَى فِعْلِ مَا يُنَاسِبه وتَرْكِ مَا يُضَادّه؛ ولهذا تَرَى أكْثَر السُّفَّل أسْمَاؤُهُم تُنَاسِبُهُم، وأكْثَر العِلْيَة أسْمَاؤُهُم تُنَاسِبُهُم ] تُحْفَةُ المَوْدُودِ (ص 146-147).
وأمَّا اسْمُ (وِصَال) و(عَوَاطِف) فَإنَّهُمَا يَحْمِلاَنِ مَعْنَى الحُبّ والغَرَام، ويُهَيِّجَانِ عَلَى ذَلِكَ، فَيُكْرَه التَّسَمِّي بِهمَا، قَالَ الشَّيْخُ الألْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ (1/ 8) [ ومِنْ أقْبَحِ الأسْمَاء التي رَاجَت في هذا العَصْر ويَجِب المُبَادَرَة إلى تَغْيِيرِهَا لقُبْحِ مَعَانِيهَا، هذه الأسْمَاء التي أخَذَ الآبَاء يُطْلِقُونَهَا عَلَى بنَاتِهِم مِثْل (وِصَال) و(سِهَام) و(نُِهَاد) و(غَادَة) و(فُِتْنَة) ونَحْوِ ذَلِكَ ]، وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحِمَهُ اللهُ [ ويُكْرَهُ التَّسَمِّي بأسْمَاءٍ فِيهَا مَعَانٍ رَخْوَةٌ شَهْوَانِيَّةٌ، وهذا في تَسْمِيَةِ البَنَاتِ كَثِيرٌ، ومِنْهَا: أحْلاَم، أرِيج، عَبِير، غَادَة (وهي التي تَتَثَنَّى تِيهًا ودَلاَلاً)، فُِتْنَة، نُِهَاد، وِصَال، فَاتِن (أي بجَمَالِهَا)، شَادِيَة، شَادِي (وهُمَا بمَعْنَى المُغَنِّيَة) ] تَسْمِيَةُ المَوْلُودِ (ص 23). انْتَهَى
السُّؤَالُ: رُزِقْتُ في الأيَّامِ المَاضِيَةِ بوَلَدٍ، اخْتَرْتُ لَهُ اسْم (عَبْد المُطَّلِب)، لَكِنَّ بَعْض النَّاس قَالُوا لِي إنَّ هذا الاسْم غَيْر جَائِز شَرْعًا، أفِيدُونِي أفَادَكُم الله.
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ؛
اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ كُلّ اسْمٍ مُعَبَّدٍ لغَيْرِ الله، كعَبْد المَسِيح وعَبْد الكَعْبَة ونَحْو ذَلِكَ، ولَمْ يَخْتَلِفُوا إلاَّ في (عَبْد المُطَّلِب). نَقَلَ الشَّيْخُ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رَحِمَهُ اللهُ عَنِ ابْن حَزْم قَوْله [ اتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلّ اسْمٍ مُعَبَّدٍ لغَيْرِ الله، كَعَبْد عَمْرُو، وعَبْد الكَعْبَة، ومَا أشْبَه ذَلِكَ، حَاشَا عَبْد المُطَّلِب ]، قَوْله (حَاشَا عَبْد المُطَّلِب) هذا مُسْتَثْنَى مِنَ الإجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، فَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُ أهْلِ العِلْم بجَوَازِ التَّسْمِيَة بـ (عَبْد المُطَّلِب)، واسْتَدَلُّوا بقَوْلِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ أنَا النَّبِيُّ لا كَذِب، أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب ]، وهذا اسْتِعْمَالٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لهذا الاسْم وإقْرَارٌ لَهُ، فَيَدُلّ عَلَى جَوَازِهِ.
وذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ العُلَمَاءِ إلى تَحْرِيم التَّسَمِّي بـ (عَبْد المُطَّلِب), لأنَّهُ تَعْبِيد لغَيْرِ الله تَعَالَى، وأجَابُوا عَنْ قَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب) بأنَّ هذا لَيْسَ إقْرَارًا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لهذا الاسْمِ، وإنَّمَا هُوَ مُجَرَّد إخْبَار أنَّ جَدّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُسَمَّى عَبْد المُطَّلِب، بقَطْعِ النَّظَر هَلْ هذا الاسْم يَجُوز أمْ لا. قَالَ ابْنُ القَيِّم في تُحْفَةِ المَوْلُود (ص79) [ أمَّا قَوْله (أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب) فهذا لَيْسَ مِنْ بَابِ إنْشَاء التَّسْمِيَة بذَلِكَ، وإنَّمَا هُوَ بَابُ الإخْبَارِ بالاسْمِ الَّذِي عُرِفَ بِهِ المُسَمَّى دُونَ غَيْره، والإخْبَارُ بمِثْلِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ تَعْرِيف المُسَمَّى لا يُحَرَّم، ولا وَجْهَ لتَخْصِيصِ أبِي مُحَمَّد بْن حَزْم ذَلِكَ بعَبْد المُطَّلِب خَاصَّةً، فَقَدْ كَانَ الصَّحَابَة يُسَمُّونَ بَنِي عَبْد شَمْس وبَنِي عَبْد الدَّار: بأسْمَائِهِم، ولا يُنْكِر عَلَيْهم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فَبَابُ الإخْبَارِ أوْسَعُ مِنْ بَابِ الإنْشَاء، فَيَجُوزُ فِيهِ مَا لا يَجُوز في الإنْشَاءِ ].
وقَالَ الشَّيْخُ ابْن عُثَيْمِين [ الصَّوَابُ: تَحْرِيم التَّعْبِيد للمُطَّلِب، فَلاَ يَجُوز لأحَدٍ أنْ يُسَمِّيَ ابْنَهُ عَبْد المُطَّلِب، وأمَّا قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (أنَا ابْنُ عَبْد المُطَّلِب)، فَهُوَ مِنْ بَابِ الإخْبَار ولَيْسَ مِنْ بَابِ الإنْشَاء، فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أخْبَرَ أنَّ لَهُ جَدًّا اسْمُهُ عَبْد المُطَّلِب، ولَمْ يَرِد عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ سَمَّى عَبْد المُطَّلِب، أو أنَّهُ أذِنَ لأحَدِ صَحَابَته بذَلِكَ، ولا أنَّهُ أقَرَّ أحَدًا عَلَى تَسْمِيَتِهِ عَبْد المُطَّلِب، والكَلاَم في الحُكْمِ لا في الإخْبَارِ، وفَرْقٌ بَيْنَ الإخْبَارِ وبَيْنَ الإنْشَاءِ والإقْرَارِ، ولهذا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ (يَا بَنِي عَبْد مَنَاف) ولا يَجُوز التَّسَمِّي بعَبْد مَنَاف، وقَدْ قَالَ العُلَمَاء: إنَّ حَاكِي الكُفْر لَيْسَ بكَافِرٍ، فَالرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَكَلَّمُ عَنْ شَيْءٍ قَدْ وَقَعَ وانْتَهَى ومَضَى، فَالصَّوَاب أنَّهُ لا يَجُوز أنْ يُعَبَّد لغَيْرِ الله مُطْلَقًا، لا بعَبْد المُطَّلِب ولا غَيْره، وعَلَيْهِ فَيَكُون التَّعْبِيد لغَيْرِ الله مِنْ بَابِ الشِّرْك ] القَوْلُ المُفِيدُ (3/64).
وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد في مُعْجَمِ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّة (ص383) [ والصَّوَابُ في عَبْد المُطَّلِب: المَنْعُ ].
وعَلَى هذا فَيَجِب عَلَى السَّائِلِ أنْ يُغَيِّرَ هذا الاسْم إلى اسْمٍ حَسَنٍ كَعَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن. انْتَهَى
السُّؤَالُ: رَزَقَنَا اللهُ ببِنْتٍ وسَمَّيْنَاهَا (مَلَك)، فَهَلْ هُنَاكَ كَرَاهِيَة في التَّسَمِّي بهذا الاسْم؟ فَمَا حُكْم الشَّرْع في هذا؟
المُفْتِي: مَوْقِعُ الإسْلاَم سُؤَال وجَوَاب؛ بإشْرَافِ الشَّيْخ: مُحَمَّد صَالِح المُنَجِّد
الجَوَابُ:
الحَمْدُ لله؛
تُكْرَهُ التَّسْمِيَة بمَلَكٍ أو مَلاَكٍ، فَالَّذِي يَنْبَغِي هُوَ العُدُول عَنْ هذا الاسْمِ وتَغْيِيره إلى اسْمٍ حَسَنٍ لا كَرَاهَةَ فِيهِ شَرْعًا.
وقَدْ سُئِلَ الشَّيْخ ابْن عُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ عَنِ التَّسَمِّي بهذه الأسْمَاء: أبْرَار – مَلاَك – إيِمَان – جِبْرِيل؟ فَأجَابَ [ لا يُتَسَمَّى بأسْمَاءِ أبْرَار ومَلاَك وإيِمَان وجِبْرِيل ] مَجْمُوعُ فَتَاوَى الشَّيْخ ابْن عُثَيْمِين (3/67).
وسُئِلَ الشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَن البراك حَفِظَهُ اللهُ عَنْ تَسْمِيَةِ البِنْت بـ مَلاَك فَقَالَ [ الأوْلَى تَرْكه، وذَلِكَ لأمْرَيْنِ: أوَّلاً: أنَّ المُرَادَ بمَلاَكِ المَلَكُ، وفي هذا مُبَالَغَة في تَسْمِيَةِ المُسَمَّى بهذا الاسْمِ، وثَانِيًا: أنَّهُ اسْمٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّصَارَى، وهُم الَّذِينَ يُعَبِّرُونَ عَنِ المَلَكِ بـ (مَلاَك)، والأسْمَاء الحَسَنَة التي لا شُبْهَةَ فِيهَا كَثِيرَة، فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَمَّا فِيهِ إشْكَال وشُبْهَة ].
وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر بْن عَبْد الله أبُو زَيْد حَفِظَهُ اللهُ [ أمَّا تَسْمِيَة النِّسَاء بأسْمَاءِ المَلاَئِكَة؛ فَظَاهِر الحُرْمَة؛ لأنَّ فِيهَا مُضَاهَاة للمُشْرِكِينَ في جَعْلِهِم المَلاَئِكَة بَنَات الله، تَعَالَى الله عَنْ قَوْلِهِم. وقَرِيبٌ مِنْ هذا تَسْمِيَة البِنْت: مَلاَك، مَلَكَة، ومَلَك ] مُعْجَمُ المَنَاهِي اللَّفْظِيَّة (ص 565).
وبنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَإنَّهُ يَنْبَغِي أنْ تَسْعَى في تَغْيِيرِ هذا الاسْم إنْ أمْكَنَ ذَلِكَ. انْتَهَى
السُّؤَالُ: هَلْ يَجُوز تَسْمِيَة البِنْت بـ (مِنَّة الله) والوَلَد بـ (أمَان الله)؟
المُفْتِي: مَرْكَزُ الفَتْوَى؛ بإشْرَافِ الدُّكْتُور: عَبْد الله الفَقِيه
الجَوَابُ:
الحَمْدُ للهِ، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، أمَّا بَعْدُ:
فَالأوْلَى أنْ يُسَمِّيَ المُسْلِم أبْنَاءَهُ بالأسْمَاءِ الحَسَنَةِ كَعَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن وأسْمَاء الأنْبِيَاء، وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَرْفُوعً [ إنَّ أحَبَّ أسْمَائكُم إلى اللهِ عَبْد الله وعَبْد الرَّحْمَن ]، وأنْ يُسَمِّيَ بَنَاتَهُ بالأسْمَاءِ الطَّيِّبَةِ كَأسْمَاءِ بَنَات النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وزَوْجَاته والصَّحَابِيَّات، وإنْ سَمَّى بغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مَحْذُور شَرْعِيّ فَلاَ حَرَجَ عَلَيْهِ في ذَلِكَ.
أمَّا التَّسْمِيَةُ بـ (أمَان الله) فَتُكْرَه، وذَلِكَ لأنَّ التَّسَمِّيَ بهذا الاسْمِ فِيهِ دَعْوَى غَيْر صَحِيحَة، ولهذا السَّبَب نَفْسهُ كَرِهَ العُلَمَاء التَّسَمِّي بالأسْمَاءِ المُضَافَة إلى الدِّينِ مِثْل: نُور الدِّين، وضِيَاء الدِّين، وكَذَلِكَ الأسْمَاء المُضَافَة للإسْلاَمِ مِثْل: سَيْف الإسْلاَم.
قَالَ الشَّيْخ بَكْر أبُو زَيْد رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ تَسْمِيَة المَوْلُود [ وتُكْرَهُ التَّسْمِيَة بكُلِّ اسْمٍ مُضَافٍ مِنِ اسْمٍ أو مَصْدَرٍ أو صِفَةٍ مُشَبَّهَةٍ مُضَافَة إلى لَفْظِ (الدِّين) ولَفْظ (الإسْلاَم) مِثْل: نُور الدِّين، ضِيَاء الدِّين، سَيْف الإسْلاَم، نُور الإسْلاَم، وذَلِكَ لعَظِيمِ مَنْزِلَة هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ (الدِّين) و(الإسْلاَم)، فَالإضَافَة إلَيْهمَا عَلَى وَجْهِ التَّسْمِيَة فِيهَا دَعْوَى فَجَّة تُطِلُّ عَلَى الكَذَبِ، ولهذا نَصَّ بَعْضُ العُلَمَاء عَلَى التَّحْرِيمِ، والأكْثَرُ عَلَى الكَرَاهَةِ ]، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخ رَحِمَهُ اللهُ [ وكَانَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يَكْرَهُ تَلْقِيبه بمُحْيِي الدِّين، وشَيْخ الإسْلاَم ابْن تَيْمِيَّة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يَكْرُه تَلْقِيبه بتَقِيِّ الدِّين، ويَقُول (لَكِنَّ أهْلِي لَقَّبُونِي بذَلِكَ فَاشْتُهِر) ]، وقَالَ الشَّيْخُ بَكْر أبُو زَيْد رَحِمَهُ اللهُ في كِتَابِهِ المَذْكُور أيْضًا [ ويَلْحَقُ بِهَا (أي بالأسْمَاءِ المَكْرُوهَةِ) المُضَافَة إلى لَفْظِ الجَلاَلَة (الله)، مِثْل: حَسَب الله، رَحْمَة الله، جبره الله، حَاشَا: عَبْد الله، فَهُوَ مِنْ أحَبِّ الأسْمَاء إلى الله ].
أمَّا تَسْمِيَة البِنْت بـ (مِنَّة الله) فَهُوَ أيْضًا مَكْرُوه، وإنْ كَانَ أخَفُّ في الكَرَاهَةِ مِنْ (أمَان الله)، وقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ تَسْمِيَةِ الغُلاَم رَبَاحًا أو نَجِيحًا، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَالَ [ ولا تُسَمِّ غُلاَمَكَ يَسَارًا ولا رَبَاحًا ولا نَجِيحًا ولا أفْلَحًا، فَإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فَلاَ يَكُونُ، فَيَقُولُ: لا ]، وفي التَّسْمِيَةِ بـ (مِنَّة الله) نَفْس المَعْنَى؛ لأنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ مِنَّة الله؟ فَلاَ يَكُونُ فَيَقُولُ: لا، فَالرَّدُّ فِيهِ بَشَاعَة وكَرَاهَة, ورُبَّمَا أوْقَعَ بَعْض النَّاس في التَّشَاؤُم، وطَالَمَا وُجِدَت العِلَّة فَلاَبُدَّ مِنْ تَعَدِّيَةِ الحُكْم، وهُوَ الكَرَاهَة، ولِذَا قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ [ قَالَ أصْحَابُنَا: يُكْرَهُ التَّسْمِيَة بهذه الأسْمَاء المَذْكُورَة في الحَدِيثِ ومَا في مَعْنَاهَا، ولا تَخْتَصُّ الكَرَاهَة بِهَا وَحْدَهَا، وهي كَرَاهَة تَنْزِيه لا تَحْرِيم، والعِلَّة في الكَرَاهَةِ مَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في قَوْلِهِ: (فَإنَّكَ تَقُولُ: أثَمَّ هُوَ؟ فَيَقُولُ: لا)، فَكُرِهَ لبَشَاعَةِ الجَوَاب، ورُبَّمَا أوْقَعَ بَعْض النَّاس في شَيْءٍ مِنَ الطِّيَرَة ] شَرْحُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ. انْتَهَى
الإخْوَةُ والأخَوَاتُ الكِرَامُ؛؛
أطَلْتُ وأكْثَرْتُ عَلَيْكُم، ولَكِنْ لَعَلَّ هذه الإطَالَة تَكُون إشَارَة طَيِّبَة تَخْدُم المَوْضُوع:
Ω فَانْظُرُوا كَمْ مِنْ مُسْلِمٍ يَهْتَمُّ بمَسْألَةِ الاسْم المُسْتَعَار في المُنْتَدَيَاتِ ويَسْأل عَنْ حُكْمِهَا؟ فَهَلاَّ فَعَلْنَا مِثْلهُم، أمْ أنَّنَا نُقَلِّدُ البَاطِل فَقَط ولا نُقَلِّد الحَقّ؟؟
Ω انْظُرُوا كَمْ مِنْ عَالِمٍ تَكَلَّم في المَوْضُوعِ قَدِيمًا وحَدِيثًا وأفْرَدَ لَهُ في كُتُبِهِ ومُؤَلَّفَاتِهِ نَصِيبًا وَافِرًا مِنَ البَحْثِ والتَّأصِيلِ، بَلْ هُنَاكَ مُؤَلَّفَات كَامِلَة لا تَتَكَلَّم إلاَّ عَنْ مَسْألَةِ المُسَمَّيَات، ألاَ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أهَمِّيَّةِ المَوْضُوع؟ فَهَلاَّ اتَّبَعْنَا العُلَمَاء الأفَاضِل الَّذِينَ جُعِلُوا هِدَايَة لَنَا بَعْدَ الرُّسُلِ، والَّذِينَ أفْنُوا عُمْرَهُم في العِلْمِ، وتَوَقَّفْنَا عَنِ اتِّبَاعِ الهَوَى وكُلّ جَاهِلٍ يَتَكَلَّمُ بغَيْرِ عِلْمٍ؟؟
Ω انْظُرُوا إلى وَاقِعِ حَالنَا اليَوْم ومَا تَعُجّ بِهِ المُنْتَدَيَات مِنْ أخْطَاءٍ بَدَأت وتَزَايَدَت بسَبَبِ الجَهْل بالعِلْمِ والكِبْر في اتِّبَاعِ الحَقّ والجِدَال المَبْنِيّ عَلَى الهَوَى لا عَلَى الدَّلِيلِ والتَّقْلِيد بغَيْرِ تَثَبُّتٍ؟؟
فَهَلاَّ صَحَّحْنَا أخْطَائنَا وكُنَّا فِعْلاً كَمَا نُرِيدُ: حَمَلَةُ الدِّينِ في عَصْرِنَا؟؟
والسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ
تعليق