إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ماذا تعرف عن الخوارج

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماذا تعرف عن الخوارج



    الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن تمسك بهداه إلى يوم الدين أما بعد :

    اعلموا وفقكم الله تعالى لمعرفة الصواب ونجاكم من فرق الضلالة والغواية أن نبينا عليه الصلاة والسلام أخبرنا أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي ما عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ، وأول فرقة خرجت على أمة الإسلام الخوارج ثم القدرية ثم الروافض ثم تتابعت الفرق فرقة تلو أخرى وفرق تكفر أخرى ، ومن هنا أضع بين أيديكم نبذة مختصرة عن هذه الفرق الضالة وعقائدها الباطلة كي يعرف المنصف مناهج هذه الفرق الضالة ولا يسلك سبيلها ..


    أولا : الخوارج :
    ـــــــــــــــــــــــــــ

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أول البدع ظهوراً في الإسلام ، وأظهرها ذماً في السنة والآثار بدعة الحرورية المارقة ، فإن أولهم قال للنبي صلى الله عليه وسلم في وجهه : اعدل يا محمد! فإنك لم تعدل ! وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم وقتالهم ، وقاتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مستفيضة بوصفهم وذمهم والأمر بقتالهم. ا.هــ

    فهم أول فرقة خرجت في هذه الأمة وكان خروجهم يوم صفين بسبب التحكيم ، وقصة التحكيم كالتالي :

    وكان أول ظهور لها تحديدا في معركة صفين التي جرت أحداثها بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وذلك حين رفع أهل الشام " جيش معاوية " المصاحف داعين أهل العراق " جيش علي " إلى الاحتكام إليها، فاغتر الخوارج بتلك الدعوة ، في حين رآها علي رضي الله عنه حيلة من أهل الشام لدفع هزيمة بدت علاماتها ، فتوجه إليهم - رضي الله عنه - بأن يواصلوا القتال إلا أنهم أبوا إلا قبول تلك الدعوة ، وحَمْل علي على قبولها ، وتهددوه قائلين : " أجب إلى كتاب الله عز وجل إذ دعيت إليه، وإلا دفعناك برمتك إلى القوم .. ! " فنهاهم - رضي الله عنه - فأبوا فقبل رضي الله عنه بالتحكيم استجابة لهم وصيانة لجماعة المسلمين من التفرق والتشرذم .

    ثم انتدب رضي الله عنه ابن عباس للمفاوضة عنه ، فرغب الخوارج عنه وقال هو منك وسيحابيك ولكن أرسل أبا موسى فإنه قد اعتزل القتال ونصح لنا ، فوافق علي رضي الله عنه على كره منه.

    وعندما اجتمع الحكمان - أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص - اتفقا على تأجيل التحكيم إلى رمضان فرجع علي بمن معه من صفين إلى الكوفة ، إلا أن الخوارج انقلبوا على موقفهم وأعلنوا البراءة من التحكيم، ورأوا فيه ضلالا وكفرا ، وهم الذين تهددوا عليا رضي الله عنه بقبوله والرضا به ! ففارقوا الجماعة رأيا وفارقوها جسدا إذ انحاز اثنا عشر ألفا منهم إلى حروراء فأرسل إليهم عليٌ رضي الله عنه عبدَالله بن عباس رضي الله عنهما ، وقال له : لا تعجل إلى جوابهم وخصومتهم حتى آتيك ، فاستعجلوا محاورته فحاورهم رضي الله عنه ، فلجوا في خصامه . فلما جاء علي أجابهم على ما نقموا عليه من أمر الحكمين ، وكان مما اعترضوا عليه قولهم : خَبِّرْنا : أتَراهُ عَدْلاً تَحكيمَ الرجالِ في الدماء ؟ فقال لهم علي رضي الله عنه : إنا لسنا حكمنا الرجال إنما حكمنا القرآن ، وهذا القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال . قالوا : فخَبِّرْنا عن الأجل لم جعلته بينكم ؟ قال : ليعلم الجاهل ويتثبت العالم ، ولعل الله يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة، ادخلوا مصركم رحمكم الله . فدخلوا من عند آخرهم.

    ولما دخلوا الكوفة أظهروا المعارضة مرة أخرى لقضية التحكيم ، وعندما اعتزم علي أن يبعث أبا موسى للحكومة ، أتاه زرعة بن البرح الطائي وحرقوص بن زهير السعدي من الخوارج وقالا له : تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم ، وقال علي : قد كتبنا بيننا وبينهم كتابا وعاهدناهم ، فقال حرقوص : ذلك ذنب تنبغي التوبة منه، فقال علي: ليس بذنب ولكنه عجز من الرأي ، فقال زرعة : لئن لم تدع تحكيم الرجال لأقاتلنك أطلب وجه الله ! فقال علي : بؤسا لك كأني بك قتيلا تسفى عليك الرياح ، قال : وددت لو كان ذلك . وخرجا من عنده يناديان لا حكم إلا الله ، وخطب علي يوما فتنادوا من جوانب المسجد بهذه الكلمة ، فقال علي : الله أكبر كلمة حق أريد بها باطل ، وخطب ثانيا فقالوا كذلك ، فقال: أما إن لكم عندنا ثلاثا ما صحبتمونا ، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه ، ولا الفيء ما دمتم معنا ، ولا نقاتلكم حتى تبدؤنا ، وننتظر فيكم أمر الله . ا.هــ


    وهذه بداية أمرهم وخروجهم على علي رضوان الله عليه ، ثم قاتلهم في وقعة النهروان وهزمهم والقصة طويلة مبسوطة في الكتب فليراجعها من أراد الفائدة ..


    o ما صح من الحديث في شأنهم :

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال الإمام أحمد : صح الحديث في الخوارج من عشرة .ا.هــ

    وأوجه هذه العشرة أخرجها مسلم في صحيحه موافقة لأحمد وروى البخاري منها عدة اوجه وروى أحاديثهم أهل السنن والمسانيد من وجوه أخر ا.هــ

    أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سلمة وعطاء بن يسار أنهما أتيا أبي سعيد الخدري فسألاه عن الحرورية هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها ؟ قال : لا أدري من الحرورية ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( يخرج في هذه الأمة قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم فيقرءون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه فيتمارى في الفوقة هل علق بها من الدم شيئ ) .

    وعن أبي سعيد الخدري قال : بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال : يا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ اعدل ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ويلك من يعدل إن لم أعدل ؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل ) فقال عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ : يا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ إئذن لي فيه أضرب عنقه . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شي ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيئ ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيئ ــ وهو القدح ــ ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيئ سبق من الفرث والدم ..... ) وفي رواية ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) وفي رواية ( يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيئ ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيئ ولا صيامكم إلى صيامهم بشيئ يقرءون القرآن يحسبونه أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ) وفي رواية ( يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه هم شر الخلق والخليقة ) .

    ( يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ) قال النووي : قال القاضي : فيه تأويلان أحدهما معناه : لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف ، والثاني معناه : لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل . ا.هــ


    o فرق الخوارج :
    ــــــــــــــــــــــــــــ

    يقول الإمام البغدادي رحمه الله : وأما الخوارج فإنها لما اختلفت صارت عشرين فرقة وهذه أسماؤها : المحكمة الأولى ، والأزارقة ثم النجدات ثم الصفرية ، ثم العجاردة .( * )

    ــ فرق العجاردة : وقد افترقت العجاردة فيما بينها فرقا كثيرة منها : الخزامية والشعبية والمعلومية والمجهولية والمعبدية والرشيدية والمكرمية والحمزية والإبراهيمية والواقفة .

    ــ فرق الأباضية : وافترقت الأباضية منها فرقا : حفصية وحارثية ويزيدية وأصحاب طاعة لا يراد الله بها .

    واليزيدية منهم : أتباع يزيد بن أبي أنيسة ، ليست من فرق الإسلام لقولها بأن شريعة الإسلام تنسخ في آخر الزمان بنبي من العجم ! وكذلك في جملة العجاردة فرقة يقال لها : الميمونية ليست من فرق الإسلام لأنها أباحت نكاح بنات البنات وبنات البنين كما أباحته المجوس . ا.هــ


    o مذهب الخوارج وعقائدهم :

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله : أما مذهب الخوارج فإنهم يكفرون أهل الإيمان بارتكاب الذنوب ما كان منها دون الكفر والشرك ، وإنهم قد خرجوا في خلافة علي رضي الله عنه وكفروا الصحابة ، بما جرى بينهم من القتال واستدلوا على ذلك بآيات وأحاديث لكنهم أخطئوا في الإستدلال . ا.هــ

    ــ عقائدهم :

    1. الخروج على الحكام إذا خالفوا منهجهم وفهمهم للدين.

    2. تكفير أصحاب الكبائر.

    3. التبروء من الخليفتين الراشدين عثمان وعلي رضي الله عنهما.

    4. تجويز الإمامة العظمى في غير القرشي، فكل من ينصبونه ويقيم العدل فهو الإمام، سواء أكان عبدا أم حرا، عجميا أم عربيا. وذهبت طائفة منهم وهم النجدات إلى عدم حاجة الناس إلى إمام، وإنما على الناس أن يتناصفوا فيما بينهم، فإن رأوا أن لابد من إمام جاز لهم أن يقيموا لهم إماماً.

    5. إسقاط حد الرجم عن الزاني، وإسقاط حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال دون من قذف المحصنات من النساء .

    6. إنكار بعضهم سورة يوسف، وهو من أقبح أقوالهم وأشنعها، وهذا القول ينسب إلى العجاردة منهم، حيث قالوا لا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن !!

    7. القول بوجوب قضاء الصلاة على الحائض، فخالفوا النص والإجماع .



    o حكم الخوارج :
    ــــــــــــــــــــــــــ


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم ، وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين : في مذهب مالك وأحمد وفي مذهب الشافعي أيضا نزاع في كفرهم .ا.هــ

    ونقل النووي في المجموع عن أبي حامد الإسفراييني ومتابعيه قوله: والخوارج ليسوا بكفار. انتهى

    وإلى هذا القول يميل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو القول بعدم كفرهم لقول علي رضي الله عنه لما سئل عنهم : أكفار هم ؟ فقال : إخواننا بغوا علينا .

    وعلى هذا : لا يجوز إطلاق الكفر على الخوارج عموما فمنهم فرق ظهر منها الكفر كاليزيدية ومنها لم يظهر منها الكفر ، ولا ريب أن حالهم اليوم أشنع وأقبح إذ أن الأباضية منهم وهم منتشرون اليوم قد سقطوا في أمور مصادمة لأصول الدين نسأل الله السلامة .


  • #2
    رد: ماذا تعرف عن الخوارج

    جزاكم الله خيرا
    نفع الله بنا وبكم



    تعليق


    • #3
      رد: ماذا تعرف عن الخوارج

      جزاكم الله خيرا
      نفع الله بنا وبكم

      تعليق


      • #4
        رد: ماذا تعرف عن الخوارج

        اخى مراكب
        شكرا لك
        مرورك العطر
        وردك المميز

        تعليق


        • #5
          رد: ماذا تعرف عن الخوارج

          جزاكم الله خيرا
          منتظرين الفرق الأخرى

          تعليق


          • #6
            رد: ماذا تعرف عن الخوارج

            المشاركة الأصلية بواسطة amerghool مشاهدة المشاركة
            جزاكم الله خيرا

            نفع الله بنا وبكم
            شكرا لك
            اخى الكريم
            للمرور والمشاركه العطره

            تعليق


            • #7
              رد: ماذا تعرف عن الخوارج

              بسم الله الرحمن الرحيم
              لعل الكثير منكم لاحظ كثرة القيل والقال في أن الإباضية من الخوارج ، وأنهم الفرقة الوحيدة التي بقيت من فرق الخوارج ، والبعض تجاوز ذلك إلى وصفهم ب " أفراخ الخوارج " ، ومنهم من جنح إلى التطرف والغلو في الرأي ( نتيجةً للتعصب المذهبي المقيت ) حيث قال أحدهم في مقالٍِ له : " ولذلك استحقّوا التسمية النبويّة أنّهم: ( كلاب أهل النار ...)!! " ، حيث عد كاتب المقال الإباضية فرقة من فرق الخوارج ، وأنها الوحيدة الباقية منهم حتى عصرنا هذا – نسأل الله لهم الهداية - ، وغيرها من الأقاويل الباهتة التي لا تصدر إلا عن هوى وجهل وتعصب. وفي مقابل هؤلاء وجد هناك بعض المنصفين – على الرغم من إنصافهم وحديثهم بخير عن الإباضية ، إلا أن بعضهم وقع في ما وقع فيه غيره من نسبة الإباضية إلى الخوارج ، ولكن نلتمس لهم العذر في ذلك ، ولا نذكرهم إلا بالخير ، والله الهادي إلى الصواب – نذكر من ذلك ما قاله الشيخ عزالدين التنوخي ، حيث يقول في تقديمه لشرح الجامع الصحيح بعد كلام : " ... لتطمئن قلوب إخواني أبناء السنة بإن مسند الربيع الذي بني عليه المذهب الإباضي هو صحيح الأحاديث ، وأكثرها مما جاء في الصحيحين ، وجابر بن زيد ممن روى عنهم البخاري وغيره لكيلا يقع فيما وقع فيه خصوم الإباضية أو من لم يعرف حقيقة مذهبهم وعقيدتهم فيظنهم من الخوارج الغلاة كالأزارقة والنجدية والصفرية المانعين لموارثة ومناكحة مخالفيهم . ومن أعلم أهل السنة بالإباضية وأعظم من كتب عن الخوارج الإمام المبرد في كتابه الكامل فقد قال ما نصه : ( قول إبن إباض أقرب الأقاويل إلى السنة ) , وقال إبن حزم : ( أسوأ الخوارج حالاً الغلاة ، وأقربهم إلى قول أهل الحق الإباضية ) " , ثم يواصل الشيخ التنوخي حديثه حيث يقول : " فالإباضية اليوم بعمان والمغرب من بقايا الخوارج المعتدلين والمتمسكين
              نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

              تعليق


              • #8
                رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                بالكتاب والسنة ، وقال النور السالمي أيضاً : ( ليس من رأينا بحمد الله الغلو في ديننا ولا الغشم في أمرنا ولا التعدي على من فارقنا ... الله ربنا ومحمد نبينا والقرآن إمامنا والسنة طريقتنا وبيت الله الحرام قبلتنا والإسلام ديننا ) ، ولذلك يحرم على المسلم إتهام أخيه المسلم في دينه بعد مثل هذا الإعتراف ، فيكون من المتألين الذين يسارعون في تكفير المسلمين وهم الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( ويلٌ للمتألين من أمتي ) أي الذين يحكمون على الله بقولهم فلان في الجنة وفلان في النار " ، ثم يختم تقديمه للكتاب بقوله : " هذا ، وما كان أهل عمان أقرب فرق الخوارج إلى أهل السنة إلا لأن مذهبهم كما أطلعت عليه مبني على السنة وتقديم العمل على الحديث ، لا على الفقه والمذهب ، عملاً بما جرى عليه إمامهم جابر بن زيد الذي عمل بنصيحة شيخه عبدالله بن عمر الذي روى عنه " . إنتهى ما قاله الشيخ عزالدين التنوخي . ومحاولة لإزالة اللبس الذي حصل من نسبة الإباضية إلى الخوارج ، وكثرة الأقوال في ذلك إتجهت إلى كتابة هذا الموضوع – وهي فرصة لجميع الأخوة من المذاهب الأخرى للتعرف على الحقيقة ، وفرصة كذلك للإباضية ممن لديهم لبس أو شك في الأمر أو ممن يتساهل ( من الإباضية ) في قبول إطلاق لفظ الخوارج على الإباضية – نسأل الله أن يوفقنا في إخراج الموضوع بالصورة المناسبة التي لا تدع مجالاً للشك في قطعية براءة الإباضية من الخوارج . داعياً الأخوة من المذاهب المختلفة قراءة الموضوع بإنصاف وتجرد ، وترك التعصب المذهبي . وسيكون هذا المبحث البداية لدراسة أوسع .
                نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                تعليق


                • #9
                  رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                  ورأيت أنه من المناسب أن أبتديء هذا الموضوع بتعريف الخوارج عند الإباضية – فمن حق الآخرين علينا , أن نعرف لهم الخوارج حتى نزيل اللبس الموجود عندهم – ، ثم من حقهم علينا كذلك أن نذكر لهم عقيدة الإباضية التي خالفوا فيها الخوارج ، أتبعها بعد ذلك بذكر " إشكاليات حول مصطلح الخوارج " ، وأختم الموضوع بذكر نصوص بعض علماء الإباضية وغيرهم المصرحة بمخالفتهم للخوارج والبراءة منهم . والله الموفق .

                  أولاً : التعريف بالخوارج .

                  تعريف الخوارج ( كما جاء في كتاب أصدق المناهج في تمييز الإباضية من الخوارج ) – وقد رأيت أن أنقله بنصه ، فهو تعريف جامع مفصل القول ، والله الموفق - :
                  " الخوارج في الأصل جمع خارجة ، وهي طوائف تخرج في الإسلام ضالة ومحقة ( محقة أي هالكة ) . وفي عرف الفقهاء فرق من فرق الإسلام رأسهم نافع بن الأزرق ، ونجدة بن عامر وعبدالله الصفار . وأتباعهم خرجوا على أهل الحق في زمن التابعين وتابعيهم . وحكموا على مرتكب الكبير من الذنوب بالشرك . وفرعوا عليه حلية ماله فيُغنم ، ودمه فيسفك . ورأوا أن ذلك هو الحق . وإشتدوا على الناس , وثقلت وطأتهم على من تسلطوا عليه . وإشتدت شوكتهم , وعظمت محنتهم على الأمة الإسلامية إبتلاءاً من الله لها بمثل هؤلاء . وتعلقوا بتأويلات خالفوا فيها غيرهم من سائر الأمم الإسلامية . ولم يصغوا على قول غيرهم من أهل الحق ، فإستعرضوا الناس بالسيف ، وقتلوا من لم يحل قتله , ونهبوا الأموال ، وإستعبدوا النساء والرجال لإنهم في نظرهم مشركون . فكان لهم خطب جسيم في الإسلام , وإستحلوا ما حرم الله بالمعصية متأولين قوله تعالى : ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) الأنعام 121 . وكان معنى الآية : وإن أطعتم المشركين في القول بتحليل الميتة فأنتم مشركون مثلهم . ولكن هؤلاء تأولوها على غير وجهها , فكان معناها معهم وإن أطعتموهم في أكل الميتة , فأخطأوا بذلك في تأويل الآية وجه الحق . ولا يخفى أن استحلال ما حرم الله رد على الله عز وجل , وهو شرك محض لا يرتاب فيه من له تمييز بين الحق والباطل .
                  نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                  تعليق


                  • #10
                    رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                    ولما عظم خطب الخوارج ، وتكاتف فلهم ( الفل يعني الجماعة تجمع على فلول وفلال ) , أثار الله لهم القائد الكبير : المهلب بن أبي صفرة سارف بن ظالم بن صبح بن كندة بن عمرو ابن عدي بن وائل بن الحارث بن العتيك بن الأسد بن عمران بن عامر ماء السماء الأزدي العماني المشهور ، فأضرم بينهم نيران الحرب والدهاء ، حتى دقهم دق العصف وأبادهم حتى عرفت البصرة به فقالو ( بصرة المهلب ) , وقد بسط القضية العوتبي في الأنساب موضحة غاية الإيضاح ." إنتهى تعريف الشيخ سالم بن حمود السيابي للخوارج كما جاء في كتابه في صفحة 21 حتى 23 .
                    يقول الشيخ السالمي – واصفاً الخوارج :
                    خوارجٌ غلت وصارت مارقه **** من دينها صفريةٌ أزارقه
                    فحكموا بحكم المشركينا **** جهلاً على بغاة المسلمينا
                    فعرضوا للناس بالسيف كما **** قد إستحلوا المال منهم مغنما
                    وأمة المختار فارقتهم **** وضللتهم وفسقتهم
                    ووردت فيهم عن المختار **** جملة أخبار مع الآثار
                    وفيهمُ المروق يُعرفنا **** ومنهمُ لا شك نبرأنا


                    ثانياً : بيان عقيدة الإباضية المخالفة لعقيدة الخوارج .

                    قال الشيخ السالمي في صفحة 81 ( تحفة الاعيان ) عند الحديث عن عقيدة أهل عمان :
                    " ونؤدي الامانة الى من استأمننا عليها من قومنا او غيرهم ونوفي بعهود قومنا واهل الذمة وغيرهم ونجير من استجارنا من قومنا وغيرهم ويأمن عندنا منهم الكاف عن القتال المعتزل بنفسه من غير ان نشك في ضلالته , وندعو الى كتاب الله ومعرفة الحق وموالاة اهله ومفارقة الباطل ومعاداة اهله فمن عرف منهم الحق واقر به وتولانا عليه توليناه وحرمنا دمه , ومن انكر حق الله منهم واستحب العمى على الهدى وفارق المسلمين وعاندهم فارقناه وقاتلناه حتى يفيء الى امر الله او يهلك في ضلالته من غير ان ننزلهم منازل عبدة الاوثان فلا نستحل سباهم ولا قتل ذراريهم ولا غنيمة اموالهم ولا قطع الميراث منهم "
                    جاء في تعليق الشيخ ابو اسحاق على كلام السالمي اعلاه :
                    " هذا رد لقول الخوارج الصفرية والازارقة والنجدية المانعين لموارثة ومناكحة مخالفيهم . وكذلك ما ياتي بعده من امر الفتك فهو رد لما ذهبوا اليه من جواز الفتك بمن يخالفهم واغتياله كما اجازوا قذفه بالزنا والله اعلم ."
                    ثم يكمل الشيخ السالمي :
                    " ولا نرى الفتك بقومنا ولا قتلهم في السر وان كانوا ضلالا , لان الله لم يامر به في كتابه ولم يفعله احد من المسلمين ممن كان بمكة باحد من المشركين , فكيف نفعله بأهل القبلة ؟ وقد امر الله نبيه ان ينبذ الى من خاف منه خيانة فقال : ( وأما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء ان الله لا يحب الخائنين ) ونرى ان مناكحة قومنا وموارثتهم لا تحرم علينا ما داموا يستقبلون قبلتنا , لان المسلمين قد كانوا يناكحون المنافقين ويوارثونهم ويظهر من المنافقين من المعاصي اكثر مما يظهر اليوم من كثير قومنا , ولا نرى ان نقذف احدا ممن يستقبل قبلتنا بما لم نعلم انه فعله خلافا للخوارج الذين يستحلون قذف من يعلمون انه بريء من الزنا من قومهم وهم بذلك مضلون ونبرأ ممن زعم ان الزنا في دينه حلال , ولا نرى استعراض قومنا بالسيف ما داموا يستقبلون القبلة , ولا نرى قتل الصغير من اهل قبلتنا ولا غيرهم ."
                    جاء في تعليق الشيخ ابو اسحاق على الفقرةالاخيرة :
                    " لان حكم الاطفال انهم من اهل الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( سألت الله في اللاهين فأعطانيهم خدما لأهل الجنة ) وهذا رد لقول الخوارج أن الأطفال تبع لآبائهم مستدلين على زعمهم بقوله تعالى في قوم نوح ( ولا يلدوا الا فاجرا كفارا ) حملا للآية على قاعدتهم ."
                    أكتفي في هذا الجانب بذكر ما قاله الشيخ السالمي ، لإن المقام لا يتسع لذكر ما قاله بقية علماء الإباضية في هذا الجانب ، ولكن لا بأس هنا من إحالة القاريء – ممن يرغب في التوسع في الإطلاع والبحث – إلى كتاب ( أصدق المناهج في تمييز الأباضية من الخوارج ) – للشيخ سالم بن حمود السيابي ففيه ذكر الخبر بتفاصيله ، وهو من الكتب القيمة في هذا الجانب ، والله الموفق .
                    نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                    تعليق


                    • #11
                      رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                      ثالثاً : إشكاليات حول مصطلح الخوارج .

                      تقرر هذه الإشكاليات الأستاذة الدكتورة " سيدة إسماعيل كاشف " ( والدكتورة سيدة إسماعيل هي أستاذة التاريخ الأسلامي بكلية البنات في جامعة عين شمس بالقاهرة ) , تقول في تقديمها لكتاب ( أصدق المناهج في تمييز الأباضية من الخوارج ) – للشيخ سالم بن حمود السيابي – ما نصه :
                      " لكن الدارس للمصادر والمراجع الإباضية يرى الإباضيين ينكرون نسبتهم إلى الخوارج كما يتبرءون من الفرق الغالية .فالخوارج في نظر جل المؤرخين وكتاب الفرق والعقائد والفلاسفة والأدباء , هم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب حين قبل التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان سنة 37 هـ . أما أباضية عُمان وزنجبار وشرقي أفريقية , وشمال أفريقية في جبل نفوسة في ليبيا , وجزيرة جربة في تونس , ووادي ميزاب في الجزائر , وغير ذلك من الأماكن , فيتبرءون من نسبتهم إلى الخوارج , والخوارج في نظرهم معناها الخروج على الإسلام " .
                      فكما هو واضح من كلام الدكتورة سيدة أن المؤرخين وكتاب الفرق والعقائد والفلاسفة والأدباء – وجميع هؤلاء من غير الإباضية نذكر منهم على سبيل المثال : أبو حنيفة الدينوري وإبن الأثير والمبرد والبلاذري والشهرستاني وغيرهم – يعرفون الخوارج بمن خرج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حادثة التحكيم . في حين أن الإباضية يرون أن الخوارج هم من خرجوا على الإسلام وتعاليمه السمحة ، بإستحلال دماء المسلمين ونهب أموالهم وتكفير مذنبيهم .
                      نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                      تعليق


                      • #12
                        رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                        إذاً هناك كما نلاحظ تعريفان للخوارج ، أولها يتعلق ب ( خروج سياسي ) وهو ما ذهب إليه المؤرخون – من غير الإباضية - من نسبته إلى من خرجوا على الأمام علي رضي الله عنه ، وثانيها ( خروج ديني عقائدي ) أي خروج على تعاليم الإسلام ، وهو المروق من الدين ، وهذا ما ذهب إليه علماء المذهب الإباضي . – لا يفوتنا هنا أن نذكر أن علماء جميع المذاهب الإسلامية ينطلقون عند حديثهم عن الخوارج من الأعمال التي قاموا بها وخالفوا بها الأمة ( خروج ديني ) ، وغير الإباضية يضيفون على ذلك الخروج على الأمام علي رضي الله عنه ( الخروج السياسي ) . وقبل الخوض في تفصيل الحديث عن التعريفان ( الخروج السياسي ، والخروج الديني العقائدي ) والإشكاليات التي وقع فيها المؤرخون ورواة التاريخ والعقائد ، لا بد من ذكر بعض الإشكاليات الأخرى نذكر منها ما يلي :
                        أولاً : أن المتتبع لكتب التاريخ والسير سيجد أن جميع من أطلق لفط الخوارج على أهل النهروان ثم على الإباضية هم من مخالفي الإباضية من المذاهب الأخرى ، وسنبين موقف علماء الإباضية من الخوارج لاحقاً . فلا يمكن قبول حكمهم دون الرجوع إلى الإباضية أنفسهم والإستماع لقولهم ورأيهم في الأمر كون الأمر يمسهم بالدرجة الأولى . وهذه أبسط القواعد الشرعية بموجب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقرر ذلك الشيخ سعيد القنوبي في قوله :" ومن الجدير بالذكر أن المتقرر عند أرباب الجدل والمناظرة أن المرء لا يدان إلا بكلامه , أو فعله , ولا يحتج عليه بمجرد دعوى خصمه ، وهذه أبسط القواعد الشرعية في الحكم كما يدل على ذلك الحديث الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : ( لو يعطى الناس بدعواهم ، لإدعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه ) رواه جماعة كبيرة من أئمة الحديث .
                        ولفظ البيهقي : ( لو يعطى الناس بدعواهم لإدعى رجال أموال قوم ودماءهم , ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر ) . " إنتهى . راجع الطوفان الجارف , صفحة 11 .
                        لذلك تجد عند السنة والشيعة والمعتزلة وغيرهم , من يطلق لفظ " الخوارج " على الإباضية إلى يومنا هذا ، ولا غرابة في ذلك طالما أن مصادرهم وسلفهم من العلماء ورد عندهم ذلك ، في حين أنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة من مصادر الإباضية . لا أقول سوى – هداهم الله وأصلح أمرهم ، وأنصحهم بالإنصاف والتجرد في البحث ، والله الموفق لكل خير .
                        ثانياً : مدى مصداقية الأخبار الواردة من كتبة التاريخ والسير والعقائد ورواتها .
                        • ويقرر هذه الإشكالية الدكتور عوض محمد خليفات في كتابه " الأصول التاريخية للفرقة الإباضية " صفحة 53 : " ويمكن للباحث المطلع على هذه المؤلفات أن يسجل الملاحظات التالية حول بعض الأمور التي لا تزال محل نقاش وجدل بين الباحثين والمفكرين .
                        - أن الإباضيين ليسوا خوارج كما تزعم بعض كتب المقالات والملل والنحل وكما يدعي بعض الكتاب المحدثين الين قلدوا هذه المؤلفات دون تدقيق وتمحيض . "
                        فهذه هي الطامة الكبرى التي حدثت ولا زالت تحدث ، فالمؤرخين والرواة دسوا وقلبوا الحقائق ، ومن جاء بعدهم قلدوهم في ذلك ، دون بحث أو تحقيق وتدقيق .
                        أقول أنه لمن المؤسف تغاضي الكثير من المحققين والدارسين للتاريخ العربي والإسلامي لهذا الجانب , في حين أن هذا الجانب هو من الخطورة مما لا يخفي على اللبيب العاقل , وقد يقلل البعض من أهميته ويظن أني قد بالغت في وصفه بالخطر ، لكن المطلع على كتب التاريخ يدرك حقيقة الأمر . فقد حدث هناك تشويه حقائق ، وقلب وقائع ، ومجانبة صواب . إنتصاراً للنفس وتعصباً للمذهب ، ولا يخفى كذلك التعصب السياسي .
                        نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                        تعليق


                        • #13
                          رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                          وقد يحصل هذا الخلط واللبس ومجانبة الصواب ، نتيجة لإجتهاد ذلك العالم أو الراوي ، فيخطيء في إجتهاده ، وإما إتباعاً منه للظن وكما هو معلوم قول الله تعالى :" وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) " . وأما أن يكون ذلك تعمداً منه على تشويه صورة الحق وتعتيمها للأسباب التي أسلفنا ذكرها من تعصبٍ مذهبي وسياسي .
                          وهذه الحقيقة لا يمكن التغاضي عنها ، وقد صرح بها بعض العلماء ، أذكر مثالاً ما قاله الشيخ إبن تيمية في " منهاج السنة " الجزء الرابع , صفحة 543 ، إذ يقول :
                          " أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة ، والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة , أهل البيت وغيرهم , قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ، ونوع من الهوى الخفي ، فيحصل بسبب ذلك مالا ينبغي اتباعه فيه ، وإن كان من أولياء الله المتقين ، ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة "
                          أذكر أيضاً ما أورده الشيخ القنوبي ( الطوفان , ص 9 " هامش " ) من كلام بعض العلماء في هذا الجانب منها :
                          • ما قاله الشيخ أبو الحسن الأشعري في " المقالات " ج1 ص33 :
                          " ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات ، ويصنفون في النحل والديانات ، من بين مقصر فيما يحكيه ، وغالط فيما يذكره من قول مخالفيه ، ومن بين متعمد للكذب في الحكاية إرادة التشنيع على من يخالفه ، من بين تارك للتقصي في روايته لما يرويه من إختلاف المختلفين ، ومن بين من يضيف إلى قول مخالفيه ما يظن أن الحجة تلزمهم به ، وليس هذا سبيل الربانيين ولا سبيل الفطناء المميزين " .
                          • ما قاله الفخر الرازي كما في " المذاهب " لعبد الحميد عرفان ص39 : " هذا الأستاذ ( البغدادي ) شديد التعصب على المخالفين فلا يكاد ينقل مذهبهم على الوجه " .
                          • ما قاله العلامة إبن السبكي الشافعي في " طبقات الشافعية الكبرى " , ج1 ، ص 90-91 :
                          " وهذا إبن حزم رجل جريء بلسانه متسرع إلى النقل بمجرد ظنه ، هاجم على أئمة الإسلام بألفاظه . وكتابه هذا " الملل والنحل " من شر الكتب ، وما برح المحققون من أصحابنا ينهون عن النظر فيه " . إنتهى ما أورده الشيخ القنوبي .
                          نضرب مثالاً على ذلك بالشهرستاني في كتابه " الملل والنحل " ، إذ يقول الشهرستاني : ( وشرطي على نفسي أن أورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في كتبهم ، من غير تعصب لهم ، ولا كسر عليهم ، دون أن أبين صحيحه من فاسده ، وأعين حقه من باطله ) .
                          فهل إتبع الشهرستاني منهجه كما قال عند حديثه عن الفرق في كتابه " الملل والنحل " ؟؟
                          والجواب على هذا أن الشهرستاني لم يتقيد بمنهجه كما قال ، بل خالفه مخالفات صارخة ، منها أنه عد الإباضية في عداد الخوارج ، ثم وصفهم ب " المارقة " !!!
                          فسبحان الله الذي لا إله إلا هو ، كيف قال الشهرستاني :" وشرطي على نفسي أن أورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في كتبهم " ، ثم خالف ذلك الشرط !!
                          فهل يعقل أن يرد في كتب الإباضية أنهم يسمون أنفسهم بالخوارج ، وأنهم يصفون أنفسهم بالمارقة !!؟؟
                          والحقيقة التي لا مرية فيها ، أن الإباضية أعلنوا البرءاة من الخوارج ، وكفروهم وخالفوهم في عقائدهم وما جاءوا به من مخالفات لشرائع الإسلام . وسأورد أقوال علماء الإباضية في البراءة من الخوارج لاحقاً .
                          نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                          تعليق


                          • #14
                            رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                            ثالثاً : هل هو خروج سياسي أم ديني عقائدي ؟
                            إن المتتبع لكتب التاريخ والسير سيجد تضارب الأقاويل تضارباً صارخاً في هذا الجانب ، وسيلاحظ كيف لعب التعصب المذهبي والسياسي – التعصب السياسي نتيجة الموقف الإباضي من الخلافة الأموية كما لا يخفى – دوراً بارزاً عند بعض المؤرخين . وبغض النظر عن تلك الأقاويل ننطلق من الحديث الذي يذكره المؤرخون والرواه عند حديثهم عن الخوارج ، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم ، يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، تنظر في النصل فلا ترى شيئا ، ثم تنظر في القدح فلا ترى شيئا ، ثم تنظر في الريش فلا ترى شيئا ، وتتمارى في الفوق " . والحديث ورد في الربيع والبخاري ومسلم .
                            جاء في شرح النووي على مسلم في تعريف الخوارج : " وسموا : خوارج ; لخروجهِم على الْجماعة , وقيل : لخروجهِم عن طريق الْجماعة " ، فهذا التعريف يحمل بين ثناياه التعريفان ( الخروج السياسي والخروج الديني ) ، فسياسياً يكون بالخروج على ولي الأمر ، ويكون دينياً بالمروق من الدين ومخالفة المسلمين .
                            - فلو أخذنا معنى الخروج ب ( الخروج السياسي ) ، وهو الخروج على ولي الأمر ، سنجد أن أول خروج على الخليفة لم يحدث في زمن علي ، بل حدث قبل ذلك في زمن عثمان وإنتهى بقتله رضي الله عنه . فكما هو معلوم أن أول إفتراق وفتنة وخلاف حدث في أواخر زمن عثمان رضي الله عنه ، حين خرج عليه عدد من الصحابة في حادثة الفتنة المشهورة – والتي عُرفت بالفتنة الكبرى – ولذلك قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في محاضرة له بعنوان ( فتنة الخوارج ) : " ابن تيمية رحمه الله تعالى لما ذكر الخوارج قال: إن سبب ظهورهم.
                            هم ظهروا في أي زمن؟ ظهروا في زمن عثمان رضي الله عنه، هل هناك أنقى في زمن عثمان رضي الله عنه من عثمان؟ هل هناك أنقى من دولة عثمان؟ لكنهم نقموا عليه وخرجوا عليه وقتلوه في بيته وهو ناشر المصحف يقرأ فيه وكان صائما رضي الله عنه وأرضاه." . ثم يقول بعد ذلك : " من ذلك وهو أشهرها وأولها الخوارج، الخوارج خرجوا على الإمام الحق؛ خرجوا على عثمان رضي الله عنه وقتلوه.
                            ضحوا بأشمط عنوان السجود به يُقَطِّعُ الليلَ تسبيحا وقرآنا
                            ثم قتلوا من؟ قتلوا علي بن أبي طالب خير الناس في زمانه، وهؤلاء مبشرين بالجنة.
                            والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في حق عثمان «ما ضرَّ عثمان ما فعل بعد اليوم» لكنهم أداهم القول بالخروج وأداهم الهوى إلى أن يقتلوا عثمان ويقتلوا عليا، هل كانت حين ذاك كانت لهم معتقدات خاصة؟ لا، خرجوا وقتلوا لأنهم رأوا أن هؤلاء تجاوزوا الشريعة، قبل أن يحكموا على عثمان بالتكفير، عثمان ما حكموا عليه بالكفر، وإنما حكموا عليه بالضلال في باب المال، وفي باب الولايات وقالوا أنت تقسم المال كما تشاء، وتعطي الإقطاعات كما تشاء.
                            وأجمع أهل العلم على ضلال هؤلاء، وعلى أنهم من كلاب أهل النار.
                            كذلك قتلوا عليا رضي الله عنه " . إنتهى كلام الشيخ صالح .
                            ثم حدث بعد ذلك خروج آخر على الخليفة ، تمثل في خروج طلحة والزبير على علي بن أبي طالب ، وما حدث بعد ذلك من الفتن والتي قادت لحدوث ( معركة الجمل ) .
                            وبعد ذلك حدث خروج آخر ، تمثل في خروج معاوية بن أبي سفيان على خليفة المسلمين علي رضي الله عنه ، وخروجه لقتال علي وإلتقاء الطرفان في ( صفين ) .
                            ثم خرج على علي بعد ذلك أهل النهروان وهم من القراء ، عندما رفضوا قبول التحكيم ، فحدثت بعد ذلك معركة النهروان والتي أدت إلى قتل عدد كبير منهم .
                            نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                            تعليق


                            • #15
                              رد: ماذا تعرف عن الخوارج

                              فهذه الأمثلة الأربعة في الخروج على ولي الأمر إبتداءاً بالفتنة في عهد عثمان وإنتهاءاً إلى حادثة التحكيم ، والتي تمثلت في الخروج السياسي ، تنفي أن يكون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " يخرج فيكم قوم .... " ، منطبقاً على أحد الأمثلة الأربعة أعلاه . إذ أن الذين خرجوا على ولي الأمر في الحالات السالفة الذكر ، هم من الصحابة المعروفين ، وفيهم القراء وفيهم من وردت فيه الفضائل في كتب الحديث ، فكيف يعقل أن ينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " ؟؟!! . وتبعاً لذلك ، فإنا نستبعد ونرفض أن يكون لفظ الخوارج ومعه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم دالاُ أو مشيراً إلى خروجٍ سياسي .
                              - وبعد نفي أن يكون الخروج المتعلق بلفظ الخوارج هو ( خروج سياسي ) ، لا نجد أمامنا سوى التفسير الآخر للخوارج متمثلاً في ( الخروج الديني والمروق من الإسلام ) . وننطلق مرة إخرى من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم ، يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، تنظر في النصل فلا ترى شيئا ، ثم تنظر في القدح فلا ترى شيئا ، ثم تنظر في الريش فلا ترى شيئا ، وتتمارى في الفوق " ، كون هذا الحديث إرتبط عند الأمة بالخوارج . فكما هو واضح من الحديث : أن الخروج هو خروج من الدين , خروج على تعاليم الإسلام والعبادات وتمثل ذلك في الصلاة والصوم وبقية الأعمال كذلك العقائد . ثم أكد ذلك بقوله : " يمرقون من الدين " ، إذاً فالخروج هو ( خروج ديني ) لا ( خروج سياسي ) . وهذا ما نجده في تعريف الشيخ السيابي حين قال : " وحكموا على مرتكب الكبير من الذنوب بالشرك . وفرعوا عليه حلية ماله فيُغنم ، ودمه فيسفك . ورأوا أن ذلك هو الحق " ، ثم يقول الشيخ : " فإستعرضوا الناس بالسيف ، وقتلوا من لم يحل قتله , ونهبوا الأموال ، وإستعبدوا النساء والرجال لإنهم في نظرهم مشركون " .
                              ومن الجدير بالذكر ومما لا ينبغي أن يُغفل ذكره أن المؤرخين وقعوا في لبس كبير في ربطهم بين الخوارج وبين الإباضية ، وذلك أن بعض زعماء الخوارج كانوا في صف أهل النهروان في رفض التحكيم ، ولكن ما غفل عنه المؤرخون أو تجاهلوه ، أن أولئك الزعماء كانوا في ذلك الوقت على الإسلام الخالص ، ولم يظهروا بعد كتيار تكفيري مارق من الدين مروق السهم من الرمية ، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم .
                              والحق أن الخوارج بكل ما يحملون من إنتهاكات صارخة لتعاليم الإسلام ، ظهروا بعد حادثة النهروان بسنين عديدة . إذ أن معركة النهروان حدثت في سنة 38 هجرية ، في حين أن ظهور الخوارج حدث بعد إنقسام أهل النهروان أو المحكمة بفترة طويلة . وهذه الحقيقة يقررها الدكتور عوض محمد خليفات ( الجامعة الأردنية – عمّان , الأردن ) ، في كتاب " الأصول التاريخية للفرقة الإباضية " حيث يقول : " وبعد إستشهاد أبي بلال بثلاثة أعوام ( 64 هـ ) حدث إنقسام نهائي بين المحكمة ( أهل النهروان ) فمال فريق منهم إلى التطرف بينما حبذ فريق آخر الإعتدال وإنتهى هذا الخلاف إلى إنشقاق أبدي برز على أثره جماعة القعدة المعتدلة التي آثرت الهدوء والسير على نهج أبي بلال في عدم إستعراض الناس ومهاجمتهم إلا دفعاً لعدوان . وفي بداية الربع الأخير من القرن الأول الهجري إنقسم القعدة إلى فرقتين : الصفرية والإباضية . "
                              نحن لا ننكر على أي مذهب دافع عن نفسه وبيّن للناس ما عنده من الحق ودرأ عن نفسه التهم التي تُلصق به ، ولكن ننكر أن يهاجم مذهب مذهباً آخر مهاجمة غير مبنية على علم وعلى معرفة ، بل بمجرد أن يكون هذا منتمياً إلى ذلك المذهب يجد المهاجمة ويجد التعصب من قبل الفئة الأخرى أو من قبل الطرف الآخر. سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي حفظه الله المفتي العام لسلطنة عمان

                              تعليق

                              يعمل...
                              X