إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

    محبة رسول الله
    -صلًّ الله عليه وسلم-

    كتبه/ ياسر عبد التواب


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    ومن مظاهر حبك لله محبتك للرسول -صلوات الله وسلامه عليه- إذ أنه حامل الوحي، ومبلغ الرسالة، وقائد الخلق إلى الحق، والهادي إلى الصراط المستقيم، صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض.


    وهذه حقيقة مستقرة في قلوب المؤمنين أنهم يحبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويفدونه بأرواحهم وبأعز ما يملكون؛ فمحبته -صل الله عليه وسلم- من أصول الإيمان، ومن سلامة الفطر، وقد جبلت القلوب على محبة من يحسن إليها فهل تعلم إنسانـًا أحسن إليك بأفضل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يأمرك بكل خير وينهاك عن كل شر؟!


    عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (متفق عليه).

    وعن عبد الله بن هشام قال: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِي. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم-: (الآنَ يَا عُمَرُ) (رواه البخاري)، يعني: الآن تم إيمانك.

    يقول الأستاذ سيد قطب -رحمه الله تعالى- معلقـًا على الحديث: "وليست هذه كلمة تقال، ولكنها مرتقى عال، لا يصل إليه القلب إلا بلمسة لدنية مباشرة تفتحه على هذا الأفق السامي الوضيء؛ الذي يخلص فيه من جاذبية الذات، وحبها المتوشج بالحنايا والشعاب، فإن الإنسان ليحب ذاته ويحب كل ما يتعلق بها حبًا فوق ما يتصور، وفوق ما يدرك! وإنه ليخيل إليه أحيانـًا أنه طوّع مشاعره، وراض نفسه، وخفـَّض من غلوائه في حب ذاته، ثم ما يكاد يمس في شخصيته بما يخدش اعتزازه بها، حتى ينتفض فجأة كما لو كانت قد لدغته أفعى! ويحس لهذه اللمسة لذعًا لا يملك انفعاله معه، فإن ملكه كمن في مشاعره، وغار في أعماقه! ولقد يروض نفسه على التضحية بحياته كلها؛ ولكنه يصعب عليه أن يروضها على تقبل المساس بشخصيته فيما يعده تصغيرًا لها، أو عيبًا لشيء من خصائصها، أو نقدًا لسمة من سماتها، أو تنقصًا لصفة من صفاتها" انتهى.


    وقد قـُتل أبو امرأة من الأنصار، وأخوها، وزوجها، يوم أحد فأخبروها بذلك. فقالت:

    "ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

    قالوا: هو كما تحبين.

    قالت: أرونيه حتى أنظره.

    فلما رأته قالت: "كل مصيبة بعدك صغيرة".


    ولما أخرج أهل مكة، زيد بن الدثنة -وكانوا قد أسروه- ليقتلوه؛ قال له أبو سفيان: "أنشدك الله -أي سألتك به- يا زيد، أتحب أن محمدًا الآن مكانك تضرب عنقه، وأنك في أهلك؟

    فقال زيد: والله ما أحب أن محمدًا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة، وإني لجالس في أهلي!

    فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدًا من الناس يحب أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا".


    موقع صوت السلف
    وللحديث بقية إن شاء الله
    التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:01 AM. سبب آخر: التنسيق
    عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
    أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
    فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
    وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
    ***
    عن الحب نتحدث

    تعليق


    • #92
      رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

      كيف الطريق إلى أن يحبك الله (2-4)

      كتبه/ ياسر عبد التواب
      الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

      فللظفر بمحبة الله منهج مرسوم وطريق معلوم، وفي طليعة هذا المنهج متابعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحسن الاقتداء به، والتأسي به في أقواله وأفعاله، والتخلق بأخلاقه وآدابه، فذلك أهدى السبل، وأقرب الطرق، وآية كمال الإيمان وصدق اليقين.

      يقول الله -تعالى-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31).
      ومنها أيضًا القيام بشرائع الإسلام وشعائره، والاضطلاع بفرائضه ونوافله، واحتمال أعبائه وتبعاته هي الركائز الأساسية لمن يحاول القرب من الله.

      فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: (إِنَّ اللَّهَ -تعالى- قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) (رواه البخاري)، ومعنى آذنته: أعلمته بأني محارب له. وقوله: استعاذني روي بالباء وروى بالنون.
      قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "الْمُرَاد بِوَلِيِّ اللَّهِ الْعَالِم بِاَللَّهِ الْمُوَاظِب عَلَى طَاعَته الْمُخْلِص فِي عِبَادَته. وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ وُجُود أَحَدٍ يُعَادِيهِ لأَنَّ الْمُعَادَاةَ إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمَنْ شَأْن الْوَلِيِّ الْحِلْم وَالصَّفْح عَمَّنْ يَجْهَل عَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُعَادَاةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْخُصُومَةِ وَالْمُعَامَلَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَثَلا، بَلْ قَدْ تَقَع عَنْ بُغْضٍ يَنْشَأُ عَنْ التَّعَصُّبِ كَالرَّافِضِيِّ فِي بُغْضِهِ لأَبِي بَكْرٍ، وَالْمُبْتَدِع فِي بُغْضِهِ لِلسُّنِّيِّ، فَتَقَعُ الْمُعَادَاةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، أَمَّا مِنْ جَانِب الْوَلِيِّ فَلِلَّهِ -تعالى- وَفِي اللَّه، وَأَمَّا مِنْ جَانِب الآخَر فَلِمَا تَقَدَّمَ... وَغَايَة الْحَرْب الْهَلاك وَاَللَّه لا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ، فَكَأَنَّ الْمَعْنَى فَقَدْ تَعَرَّضَ لإِهْلاكِي إِيَّاهُ. فَأَطْلَقَ الْحَرْبَ وَأَرَادَ لازِمَهُ أَيْ أَعْمَلُ بِهِ مَا يَعْمَلُهُ الْعَدُوُّ الْمُحَارَبُ. قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: فِي هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ، لأَنَّ مَنْ حَارَبَهُ اللَّهُ أَهْلَكَهُ، وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ الْبَلِيغِ، لأَنَّ مَنْ كَرِهَ مَنْ أَحَبَّ اللَّهُ خَالَفَ اللَّهَ وَمَنْ خَالَفَ اللَّهَ عَانَدَهُ وَمَنْ عَانَدَهُ أَهْلَكَهُ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي جَانِبِ الْمُعَادَاةِ ثَبَتَ فِي جَانِب الْمُوَالاةِ، فَمَنْ وَالَى أَوْلِيَاءَ اللَّه أَكْرَمَهُ اللَّهُ. وَقَالَ الطُّوفِيُّ: لَمَّا كَانَ وَلِيُّ اللَّهِ مَنْ تَوَلَّى اللَّهَ بِالطَّاعَةِ وَالتَّقْوَى تَوَلاهُ اللَّهُ بِالْحِفْظِ وَالنُّصْرَةِ، وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ بِأَنَّ عَدُوَّ الْعَدُوّ صِدِّيقٌ وَصِدِّيقَ الْعَدُوِّ عَدُوٌّ، فَعَدُوُّ وَلِيِّ اللَّهِ عَدُوُّ اللَّهِ فَمَنْ عَادَاهُ كَانَ كَمَنْ حَارَبَهُ وَمَنْ حَارَبَهُ فَكَأَنَّمَا حَارَبَ اللَّه.

      وقَوْله: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا اِفْتَرَضْت عَلَيْهِ): يَجُوزُ فِي "أَحَبّ" الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ جَمِيعُ فَرَائِضِ الْعَيْنِ وَالْكِفَايَةِ... وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ أَدَاء الْفَرَائِض أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّه. قَالَ الطُّوفِيُّ: الأَمْرُ بِالْفَرَائِضِ جَازِمٌ وَيَقَعُ بِتَرْكِهَا الْمُعَاقَبَةُ بِخِلافِ النَّفْلِ فِي الأَمْرَيْنِ وَإِنْ اِشْتَرَكَ مَعَ الْفَرَائِضِ فِي تَحْصِيلِ الثَّوَابِ فَكَانَتْ الْفَرَائِضُ أَكْمَلَ، فَلِهَذَا كَانَتْ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ -تعالى- وَأَشَدَّ تَقْرِيبًا، وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ كَالأَصْلِ وَالأُسِّ وَالنَّفْلُ كَالْفَرْعِ وَالْبِنَاءِ، وَفِي الإِتْيَانِ بِالْفَرَائِضِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ اِمْتِثَالُ الأَمْرِ وَاحْتِرَامُ الآمِرِ وَتَعْظِيمُهُ بِالانْقِيَادِ إِلَيْهِ وَإِظْهَارُ عَظَمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ فَكَانَ التَّقَرُّبُ بِذَلِكَ أَعْظَمَ الْعَمَلِ، وَاَلَّذِي يُؤَدِّي الْفَرَائِض قَدْ يَفْعَلهُ خَوْفًا مِنْ الْعُقُوبَةِ وَمُؤَدِّي النَّفْلِ لا يَفْعَلُهُ إِلا إِيثَارًا لِلْخِدْمَةِ فَيُجَازَى بِالْمَحَبَّةِ الَّتِي هِيَ غَايَةُ مَطْلُوبِ مَنْ يَتَقَرَّبُ بِخِدْمَتِهِ".

      فلنهتم بأداء الفرائض والنوافل يحبنا الله -تعالى-.

      موقع صوت السلف

      وللحديث بقيه ان شاء الله
      التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:02 AM. سبب آخر: التنسيق
      عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
      أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
      فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
      وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
      ***
      عن الحب نتحدث

      تعليق


      • #93
        رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

        كيف الطريق إلى أن يحبك الله (3-4)
        كتبه/ ياسر عبد التواب

        الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

        فهناك مجموعة من الخصال جاء النص بها صريحًا على محبة الله -تعالى- لمن يفعلها ومنها: نظافة البدن، والثوب، والقلب، والعقل، والسلوك والخلق، توصل إلى الله مباشرة؛ قال -تعالى-: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة:222).
        فالله يحبك إن أتيته تائبًا فهلا سارعت بالتوبة كلما بدر منك ذنب؟

        ويحبك إن كنت متطهرًا فهلا اجتهدت في التخلص من النجاسات؟

        والنجاسة: نجاسة البدن، والثوب، وأيضًا القلب، والعقل، وهي تحجب عن الله وتقطع الصلة دونه.

        قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:28)، فنجاستهم معنوية لا حسية؛ لأن المسلمين لم يكونوا يتخلصون من آثارهم ولا يغسلون ما استعمله المشركين فعلم من ذلك أن نجاستهم في أفكارهم وعقائدهم وأخلاقهم؛ فإذا أردت أن تجتنب النجاسة فأولى بك أن تجتنب النجاسة المعنوية ربما قبل الحسية، فتحسن أخلاقك وعقيدتك، وتبعد شبح السوء والتشبه بأهله.
        قال -سبحانه-: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) (يونس:100).
        فالنظافة تعني أولاً التخلص من الذنوب، والاجتهاد في التوبة منها؛ عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يقول: "الذنوب أربعة: ذنبان مغفوران، وذنبان لا يغفران، رجل عمل ذنبًا خطأ فالله يمن ولا يعذبه عليها، وقد قال فيما أنزل: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (الأحزاب:5).
        ورجل عمل ذنبًا قد علم ما فيه فتاب إلى الله منه، وندم على ما فعل، وقد جزى الله أهل هذا الذنب أفضل الجزاء، فقال في كتابه: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران:135).
        وذنبان لا يغفرهما لأهلهما: رجل قد عمل ذنبًا قد علم ما فيه، فأصر عليه ولم يتب إلى الله منه، ولن يتوب الله على عبد حتى يتوب، ولن يغفر الله لمذنب حتى يستغفر.

        ورجل عمله فرآه حسنـًا؛ قال -تعالى-: (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) (فاطر:8)، فإن هذه التي يهلك فيها عامة من يهلك من هذه الأمة".


        موقع صوت السلف
        وللحديث بقية إن شاء الله
        التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:02 AM. سبب آخر: التنسيق
        عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
        أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
        فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
        وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
        ***
        عن الحب نتحدث

        تعليق


        • #94
          رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

          بارك الله فيكم
          يسر الله لك
          و نفع بك
          و ادخلك الجنة
          بدون حساب
          و جاورت الحبيب محمد صلي الله عليه و سلم
          و متعك الله بالنظر الي وجهه الكريم

          تعليق


          • #95
            رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

            شكر الله لكم ونفع بكم
            عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
            أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
            فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
            وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
            ***
            عن الحب نتحدث

            تعليق


            • #96
              رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

              كيف الطريق إلى أن يحبك الله (4-4)
              كتبه/ ياسر عبد التواب

              الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

              ومما يجلب لك محبة الله -تعالى- الاعتراف بنعمة الله، وحمده والثناء عليه، وشكره باللسان والقلب؛ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا) (رواه مسلم).

              وهذا الشعور بالنعمة هو خصلة عظيمة -تستوجب الشكر أيضًا- فيتبع هذا الشكر عمل يراه العبد المؤمن من شكره لربه بأن يسخر النعم التي منحها لطاعة ربه، وعن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ. قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ. قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَيُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ. قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَيَأْمُرُ بِالْخَيْرِ. أَوْ قَالَ بِالْمَعْرُوفِ. قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ قَالَ فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ) (متفق عليه).
              لقد أخبر -سبحانه- أن الشكر هو الغاية من خلقه وأمره، بل هو الغاية التي خلق عبيده لأجلها: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78)، فهذه غاية الخلق وغاية الأمر فقال: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (آل عمران:123).

              ويجوز أن يكون قوله: (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ): تعليلاً لقضائه لهم بالنصر ولأمره لهم بالتقوى ولهما معًا وهو الظاهر، كما قال ابن القيم في عدة الصابرين:
              "فالشكر غاية الخلق والأمر، وقد صرح -سبحانه- بأنه غاية أمره وإرساله الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قوله -تعالى-: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ . فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) (البقرة:151-152)، قالوا: فالشكر مراد لنفسه، والصبر مراد لغيره، والصبر إنما حمد لإفضائه وإيصاله إلى الشكر؛ فهو خادم الشكر، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قام حتى تفطرت قدماه فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: (أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).

              وثبت في المسند والترمذي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ -رضي الله عنه-: (يَا مُعَاذُ إِنِّي لأُحِبُّكَ) فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أُحِبُّكَ. قَالَ: (أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)، وقال ابن أبي الدنيا: عن هشام بن عروة قال: كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ.

              وذكر أيضًا عن يحيى بن عطارد القرشي عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (لا يرزق الله عبدًا الشكر فيحرمه الزيادة) لأن الله -تعالى- يقول: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم:7).
              وقال الحسن البصري: "إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابًا"، ولهذا كانوا يسمون الشكر (الحافظ)؛ لأنه يحفظ النعم الموجودة، و(الجالب)؛ لأنه يجلب النعم المفقودة، وذكر ابن أبي الدنيا عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال لرجل من همذان: "إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر يتعلق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن فلن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد"، وقال عمر بن عبد العزيز: "قيدوا نعم الله بشكر الله
              وكان يقال: "الشكر قيد النعم" انتهى من عدة الصابرين.


              وقد أمر الله -تعالى- نبيه أن يحدث بنعمة ربه فقال: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى:11)، والله -تعالى- يحب من عبده أن يرى عليه أثر نعمته فإن ذلك شكرها بلسان الحال، وقال علي بن الجعدي: "سمعت سفيان الثوري يقول: إن داوود -عليه الصلاة والسلام- قال: الحمد لله حمدًا كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، فأوحي الله إليه: يا داود أتعبت الملائكة".

              فهلم نكن من الشاكرين حتى ننال رضا رب العالمين.

              موقع صوت السلف
              وللحديث بقية إن شاء الله تعالى
              التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:03 AM. سبب آخر: التنسيق
              عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
              أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
              فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
              وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
              ***
              عن الحب نتحدث

              تعليق


              • #97
                رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                حب المال
                كتبه/ ياسر عبد التواب

                الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

                فضرب مثل لكثرة المال بما ينبت في فصل الربيع؛ فإن بعض النبات حلوة في فم الدابة، وهي حريصة على أكله، لكن ربما تأكل كثيرًا فيحصل بها داء من كثرة الأكل فتموت من ذلك الداء أو تقرب، فإن لم تأكل الدابة إلا بقدر ما تطيق؛ فتأكل وتترك الأكل حتى ينهضم ما أكلت، فلا يضرها الأكل، وكذلك من يحصل له مال كثير؛ فإن من يحرص على كنز المال، وتكثير الأكل والشرب، والتجمل يقسو قلبه، وتتكبر نفسه، ويرى نفسه أفضل من غيره، ويحتقر الناس ويؤذيهم، ولا يخرج حقوق المال من الزكاة، وأداء الكفارات، والنذور، وإطعام السائلين، والأضياف، وحقوق الجار، فمن كانت هذه صفته لا شك أن المال شر له، ويبعده عن الجنة، ويقربه من النار.

                ومن أدى حقوق المال ولم يحتقر الناس، ولم يفتخر عليهم، ولم يشتغل بجمع المال بحيث يفوت عنه طاعة، ويحسن إلى الناس فماله خير له كما قال -عليه السلام-: (نَعِمَّا بِالْمَالِ الصَّالِحِ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).

                فإذا عرفت هذا فقد عرفت أن الخير والشر لا يحصل للرجل من المال ذاته، بل نفس الرجل التي هي تصرف المال فيما فيه خير له أو شر له؛ ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَإِنَّ فِتْنَةَ أُمَّتِي الْمَالُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، فالمال فتنة، وهذا واقع مشاهد؛ قل لي: هل تعلم متيسرًا لم يزده ماله إلا طلبًا، وأنه كلما أعطي من الدنيا فإنه يسعى في زيادتها، هل تعلم من هو بخلاف هذا؟!

                وذاك مصداقـًا لما في الحديث من أن لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثـًا، وبينما هو في حرصه وفي لهفته على المال، وفي شدة حبه له يفجؤه الموت فيرى عندئذ ما كان غائبًا عنه من عدم تورعه عن أكل المال من حله أو عدم إنفاقه له في حقه.

                وعن عبد الله بن الشِخِّير -بكسر الشين والخاء المشددة المعجمتين رضي الله عنه-، أنه قال: "قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَقْرَأُ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) قَالَ: (يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالي مَالِي -قَالَ- وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟!) (رواه مسلم).
                قال يحيى بن معاذ -رحمه الله-: "مصيبتان لم يسمع الأولون والآخرون بمثلهما للعبد في ماله عند موته، قيل: وما هما؟ قال: يؤخذ منه كله ويسأل عنه كله"!

                ولقد ورد في ذم المال نقولاً كثيرة يمكن فهمها وفقـًا لما سقناه من ضابط للأمر؛ قال الحسن -رحمه الله-: "والله ما أعز الدرهم أحد إلا أذله الله".

                وقيل: "إن أول ما ضرب الدينار والدرهم رفعها إبليس ثم وضعهما على جبهته ثم قبلهما وقال: من أحبكما فهو عبدي حقـًا".

                وقال سميط بن عجلان: "إن الدراهم والدنانير أزمة المنافقين يقادون بها إلى النار".

                وقال يحيى بن معاذ: "الدرهم عقرب فإن لم تحسن رقيته فلا تأخذه، فإنه إن لدغك قتلك سمه، قيل: وما رقيته؟ قال: أخذه من حله ووضعه في حقه".

                وقال العلاء بن زياد: "تمثلت لي الدنيا وعليها من كل زينة فقلت: أعوذ بالله من شرك. فقالت: إن سرك أن يعيذك الله مني فابغض الدرهم والدينار". وذلك لأن الدرهم والدينار هما الدنيا كلها إذ يتوصل بهما إلى جميع أصنافها، فمن صبر عنهما صبر عن الدنيا؛ ولذا فإن من يتورع عن أكل المال من غير حقه فهو الورع حقـًا:


                إني وجدت فلا تظنوا غيره *** أن الـتورع عـنـد هـذا الدرهم


                فـإذا قـدرت عليه ثم تـركته *** فاعلم بأن تقاك تقوى المسلم


                وفي ذلك قيل أيضًا:


                لا يغرنك من المرء *** قـمـيـص رقــعـه


                أو إزار فـوق عظـم ***الساق منه رفعه



                أو جـبين لاح فـيـه *** أثــر قــد خـلـعـه



                أره الـدرهم تـعـرف *** غيّــه أو ورعــه




                ويُروى عن مسلمة بن عبد الملك أنه دخل على عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- عند موته فقال: يا أمير المؤمنين صنعتَ صنيعًا لم يصنعه أحد قبلك، تركت ولدك ليس له درهم ولا دينار -وكان له ثلاثة عشر من الولد- فقال عمر: أقعدوني! فأقعدوه فقال: أما قولك لم أدع لهم دينارًا ولا درهمًا فإني لم أمنعهم حقـًا لهم، ولم أعطهم حقـًا لغيرهم! وإنما ولدي أحد رجلين: إما مطيع لله فالله كافيه والله يتولى الصالحين، وإما عاص لله فلا أبالي على ما وقع".

                وروي أن محمد بن كعب القرظي أصاب مالاً كثيرًا فقيل له: "لو ادخرته لولدك من بعدك؟ قال: لا، ولكني أدخره لنفسي عند ربي، وأدخر ربي لولدي".


                موقع صوت السلف
                وللحديث بقية إن شاء الله
                التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:04 AM. سبب آخر: التنسيق
                عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                ***
                عن الحب نتحدث

                تعليق


                • #98
                  رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                  من أسباب المحبه:قراءة القرآن, وتفهم معانيه
                  كتبه/ ياسر برهامي.

                  الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
                  الأسباب الجالبة للمحبة

                  قال ابن القيم -رحمه الله-:

                  "فصلٌ في الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها، وهي عشرة:
                  أحدها: قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.

                  الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض؛ فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة.

                  الثالث: دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.

                  الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى، والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.

                  الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها، ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة وميادينها، فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة، ولهذا كانت المعطلة والفرعونية والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول إلى المحبوب.

                  السادس: مشاهدة بره، وإحسانه، وآلائه، ونعمه الظاهرة والباطنة؛ فإنها داعية إلى محبته.

                  السابع: وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الأسماء والعبارات.

                  الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

                  التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيدًا لحالك ومنفعة لغيرك.
                  العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله -عز وجل-.

                  فمن هذه الأسباب العشرة وصل المحبوب إلى منازل المحبة، ودخلوا على الحبيب، وملاك ذلك كله أمران: استعداد الروح لهذا الشأن، وانفتاح عين البصيرة، وبالله التوفيق" ((مدارج السالكين) (3/17- 18)).

                  1. قراءة القرآن بالتدبر، والتفهم لمعانيه:
                  قوله -رحمه الله-: "أحدها: قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه"، فأفضل ما يجلب لك حبَّ الله -عز وجل- وأعظم ما تجد به حبه في قلبك هو قراءة القرآن بالتدبر، وأخصُّ ذلك أن يكون في الصلاة، فقراءة القرآن في الصلاة أكثر عونًا للعبدِ على التدبر،
                  قال -عز وجل-: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) (ص: 29)،
                  وقال -عز وجل-: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد: 24)،
                  فالتدبر هو المرحلة التالية للفهم،
                  لذلك قال: "والتفهُّم لمعانيه".

                  فالمرحلة الأولى إقامة الحروف وحفظ الكلمات، ثم المرحلة التالية فهم معاني هذه الكلمات، وهو علم التفسير، ثم التدبر وهو أن تقف عند كل آية وكل كلمة، وأحيانًا كل حرف لتتدبر ما فيه؛ فإن دلالات الحروف والكلمات والترتيب كلها يتفاوت فيها الناس، ولا تحصل بمجرد معرفة الكلام، وإنما تحصل بالوقوف عند الآيات بالتدبر والتفكر فيها، وسؤال النفس ما أريد بها، فإن رزقه الله -عز وجل- الفهم والمعرفة فهذا غاية ما يتمناه، وبه يجد الفوائد المتتابعة التي قد تزيد في كل مرة يقرأ فيها الآية، وهذا مع كثرة القراءة، ولذا كان من السلف من يقوم الليل بآية، وسلفهم في ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي ذر قال: "قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بآية حتى أصبح يرددها، والآية:
                  (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة: 118)" (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

                  فتجد الفوائد العجيبة في ترتيب آيات القرآن، ومثال ذلك: قوله تعالى في سورة البقرة:
                  (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) الآية (البقرة: 60)،
                  بينما قال -عز وجل- في سورة الأعراف: (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) (الأعراف: 160)،
                  فالانبجاس: الانفجار الضعيف أو بدايته، ففي سورة الأعراف ـ وهي مكية ـ كانت بداية الإخبار بأخبار بني إسرائيل، أما في البقرة وغيرها من السور المدنية كان تمام الإخبار، فناسب الحال لكلٍّ منهما أن تكون الأولى بالانبجاس والثانية بالانفجار، وقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- ذلك في كلامه عن آية البقرة حيث قال: "وهذه القصة شبيهة بالقصة المذكورة في سورة الأعراف، ولكن تلك مكية، فلذلك كان الإخبار عنهم بضمير الغائب؛ لأن الله تعالى يقص ذلك على رسوله -صلى الله عليه وسلم- عما فعل بهم، وأما في هذه السورة ـ وهي البقرة ـ فهي مدنية، فلهذا كان الخطاب فيها متوجهًا إليهم، وأخبر هناك بقوله:
                  (فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)
                  وهو أول الانفجار، وأخبر ههنا بما آل إليه الأمر آخرًا وهو الانفجار، فناسب ذكر الانفجار ههنا، وذاك هناك، والله أعلم" ((تفسير ابن كثير) (1/279)).

                  كذلك في سورة هود حين ذكر عذاب قوم شعيب عندما أساؤوا واستهزؤوا بنبيِّهم، قال -عز وجل- في سورة هود: (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) (هود: 94)؛
                  لأنهم قالوا: (إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) (هود: 87)
                  استهزاءً بنبيهم، وأما في سورة الشعراء فحكى الله -عز وجل- عنهم قولهم لنبيهم: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (الشعراء: 187)،
                  فناسب أن يكون عذابهم كما قال -عز وجل-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الشعراء: 189)،
                  فأخذتهم صيحة مرجفة، وعذاب من فوقهم، فذكر في كل موطن العقاب المناسب لجرمهم، وذكر في سورة الأعراف أن شعيبًا؛ قال لهم: (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (الأعراف: 86)،
                  فكانوا يخوِّفون أهل الإيمان ويرجفون في الناس لئلا يأتي إلى شعيب؛ آتٍ ممن آمن به، فناسَبَ أن تأخذهم الرجفة كما قال -عز وجل-: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ) (الأعراف: 91).

                  وقد أشار إلى ذلك ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره، فقال في معرض تفسيره لآية سورة هود: "وذكر ههنا أنه أتتهم صيحة، وفي الأعراف رجفة، وفي الشعراء عذاب يوم الظلة، وهم أمة واحدة، اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقَمُ كلها، وإنما ذكر في كل سياق ما يناسبه، ففي الأعراف لما قالوا: (لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا)
                  ناسب أن يذكر هناك الرجفة، فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها وأرادوا إخراج نبيهم منها، وههنا لما أساؤوا الأدب في مقالتهم على نبيهم ناسب ذكر الصيحة التي أسكتتهم وأخمدتهم، وفي الشعراء لما قالوا: (فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)
                  قال: (فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
                  وهذا من الأسرار الغريبة الدقيقة، ولله الحمد والمنة كثيرًا دائمًا" ((تفسير ابن كثير) (4/347)).

                  وكذلك في قصة موسى؛ أعاجيب من ذلك، فتارة يذكر أحاسيس موسى، وتارة يذكر إلقاء موسى العصا، وتارة يذكر نهاية الأمر بسجود السحرة، وكل موطن يختلف عن غيره، مع وحدة القصة والمضمون، ولكن يختلف السياق في كل مرة.

                  وما زال الحديث موصولاً عن قراءة القرآن وتدبره، وأثر ذلك في جلب المحبة.

                  موقع صوت السلف
                  التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:04 AM. سبب آخر: التنسيق
                  عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                  أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                  فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                  وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                  ***
                  عن الحب نتحدث

                  تعليق


                  • #99
                    رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                    من أسباب المحبة.. قراءة القرآن، وتفهم معانيه (2)
                    كتبه/ ياسر برهامي

                    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
                    فقد ذكر ابن القيم –رحمه الله- من الأسباب الجالبة للمحبة: "قراءة القرآن بالتدبر، والتفهُّم لمعانيه، وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد، ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه"، وما زلنا مع الكلام عن تفهم معاني القرآن، وقد وقفنا على بعض الأمثلة على ذلك.

                    وكذلك متى تقرأ أدعية الأنبياء ومحاوراتهم مع أتباعهم وتتدبر فيها متفهمًا معانيها؛ ترى ما فيها من الأدب مع الله -عز وجل-، فحينما طلب الحواريون من عيسى؛ ما قاله الله -عز وجل- عنهم:
                    (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ)
                    فكأن عيسى؛ فزع من هذا الطلب، فلذا أجابهم بقوله كما قال الله -عز وجل- عنه: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)؛
                    لأن الإيمان ينافي مثل هذا السؤال، فقالوا: (قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة: 113)،
                    فأول ما أرادوه هو الأكل، فذكروه قبل قولهم: (وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا)، فهذا يدل على بُعدهم عن الله -عز وجل- وضعف اهتمامهم؛ لأنهم أخَّروا أمر الآخرة إلى ما بعد الأكل، فمن كان يريد أن يطمئنَّ قلبه فعليه أن يبحث عما يطمئنه أولاً، لا أن يهتم بالأكل ثم تأتي طمأنينة القلب بعد ذلك.

                    ثم قالوا: (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا
                    وهذا يدل على نقصان حالهم، فهذا الطلب طلب جاهل، ولولا الجهل لكفروا، ولذلك قال لهم عيسى -عليه السلام-: (اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (المائدة: 112)،
                    وحينما طلب عيسى؛ من ربه -عز وجل- إنزال المائدة وخشي عليهم أن يُفتنوا قال كما قال -عز وجل- عنه: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة: 114)،
                    فتوسَّل إلى الله -عز وجل- طالبًا الأمر الإيماني أولاً؛ إذ الأعياد مرتبطة بالعبادة، فالعيد عبادة وسعة، لذلك حرم صوم يومي العيدين، لكن يُسبقان بالصوم وجوبًا أو استحبابًا ويختصان بالذكر، كما قال تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) (البقرة: 185).

                    ثم قال عيسى –عليه السلام-: (وَآيَةً مِنْكَ
                    لأنهم يَصِلُون بهذه الآية وبالآيات المصاحبة لنزول المائدة إلى الطمأنينة، كما أنها هي المطلوب الأول لعيسى–عليه السلام-؛ لأن مقصوده العبادة، فعلَّمهم ترتيب الطلب، ثم جاء طلب الأكل في آخر الدعاء مجملاً لا مفصلاً حيث قال: (وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

                    فتأمَّل الأدب الرفيع العالي في كلام عيسى–عليه السلام-.

                    ومثل ذلك كثيرٌ جدًّا لمن يتدبر القرآن، فهذا مثالٌ يبين الفرق بين التدبر والتفهم، فالتفهم للمعنى في (فَانْبَجَسَتْ) أن تعرف أن معناه أول النبع وبداية الانفجار، أما (فَانْفَجَرَتْ)، ففيه خروج الماء بقوة، فهذا مثال التفهم لمعانيه، وهكذا في كل المعاني أن تعرف المعنى ثم تتدبر فيه بعد ذلك.

                    قوله -رحمه الله-: "وما أُريد به" أي: أن تعرف أن هناك أمرًا مقصودًا ومرادًا من وراء هذه الآية فتتفهمه، "كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه" يريد الوقوف على كل كلمة والتفكر فيها لتعرف المقصود منها؛ "ليتفهم مراد صاحبه منه"، فالمطلوب أن تقف مع آيات القرآن آية آية، وليس معرفة التفسير فحسب، فضلاً عمن لا يقرأ التفسير، فضلاً عمن لا يقرأ القرآن أصلاً ـ نسأل الله العافية ـ، ثم بعد كل هذا يسأل المرء لماذا لا يجد هذا الحب؟!

                    فالقرآن هو الكنز الذي لا يفنى في هذا الباب، وكلما قرأتَ أكثر كلما وجدتَ الحب، ولا شك في ذلك؛ فكل من قرأ القرآن لابد أن يحب الله -عز وجل- من كل قلبه، وقد عرف أهل الإيمان أنه لا يوجد طريق يوصِّل إلى الله -عز وجل- أو يحببهم فيه مثل القرآن؛ فقد جربوا وعرفوا، فصار الأمر عندهم قطعيًّا كمعرفتهم أن الأكل والشرب سبب لحياة الأبدان، وهذا أمر لا يقبل المنازعة عند أهل الإيمان.

                    فإن قال قائل: "قد قرأت القرآن فلم أجد هذه المحبة؟"؛ نقول: إن ذلك إنما حدث لأنه لم يتدبر القرآن بعدُ، ولم يتفهمه، بل ربما لم يقم حروفه، أو لم يقرأه أصلاً، أو قرأه هذًّا بحيث لا يفقه ما يقرأه ولا يعيه، وما فائدة كثرة القراءة مع عدم التدبر؟! وقد أنكر ذلك عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، فعن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له نَهِيك بن سِنَان إلى عبد الله، فقال: "يا أبا عبد الرحمن، كيف تقرأ هذا الحرف، ألفًا تجده أم ياءً: (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ) أو (مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ)؟"، قال: فقال عبد الله: "وكُلَّ القرآن قد أحصيَت غير هذا؟"، قال: "إني لأقرأ المفصل فى ركعة"، فقال عبد الله: "هذًّا كهذِّ الشعر، إن أقوامًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع" (رواه مسلم).

                    وقال -رضي الله عنه-: "لا تهذُّوا القرآن كهذِّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقِفوا عند عجائبه، وحرِّكوا به القلوب" (رواه البيهقي في الشُّعب)، فعلى الإنسان أن يجاهد نفسه، فلا ينشغل بمشاكل الحياة وهمومها عن القرآن وتدبره؛ فمشاكل الدنيا لا تنقضي ما بقي الإنسان على ظهر هذه الأرض.

                    قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه- لرجل: "تقرَّب إلى الله ما استطعتَ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيءٍ هو أحبُّ إليه من كلامه".

                    وقال عثمان -رضي الله عنه-: "لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم".

                    وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله".


                    موقع صوت السلف
                    التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:05 AM.
                    عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                    أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                    فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                    وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                    ***
                    عن الحب نتحدث

                    تعليق


                    • أبشروااا انتهت بفضل من الله

                      الحمد لله وحده
                      الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
                      أبشروااا
                      فبفضل من الله ورحمه انتهت سلسلة عن الحب نتحدث- طريق المحبين
                      فأسأ الله أن يجازى شيخانا عنا خير الجزاء وأن يجعلهم من أحبابه وأن يرزقهم الجنه بدون سابقة حساب ولا عذاب

                      وأسأل الله أن يجعلنى وإياكم ممن اجتباهم لمحبته واستخدمهم فى خدمة ونصرة دينه
                      وأسأل الله أن ينفعنا وإياكم بها
                      لاتنسونا من صالح دعائكم
                      أسأل الله أن يرزقنا وإياكم الصدق فى القول والفعل والعمل.

                      أنشرها تؤجر بإذن الله
                      عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                      أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                      فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                      وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                      ***
                      عن الحب نتحدث

                      تعليق


                      • رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                        محبة المحبوبات


                        كتبه/ ياسر عبد التواب
                        الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

                        فمن اللعب بالنار أن ينشغل المرء بحب ما سوى الله -تعالى- من المحبوبات، ويهمل استدراجه إليها وتدرجه في حبها حتى يجد نفسه غارقـًا إلى أذنيه في محبتها، فلا يميز فيها حقـًا من باطل، ولا خيرًا من شر.

                        هذا ينطبق على جميع المحبوبات مما هو سوى الله -تعالى-، وأصل ذلك في حب المال، وحب الجاه، وحب النساء؛ لأن هذه المحبوبات أكثر تأثيرًا وأشد ضررًا.

                        فعَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

                        وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ جِنْسِ الْغَنَمِ بِأَشَدَّ إِفْسَادًا لِتِلْكَ الْغَنَمِ مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالْجَاهِ، فَإِنَّ إِفْسَادَهُ لِدِينِ الْمَرْءِ أَشَدُّ مِنْ إِفْسَادِ الذِّئْبَيْنِ الْجَائِعَيْنِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْغَنَمِ إِذَا أُرْسِلا فِيهَا. أَمَّا الْمَالُ فَإِفْسَادُهُ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْقُدْرَةِ يُحَرِّكُ دَاعِيَةَ الشَّهَوَاتِ وَيَجُرُّ إِلَى التَّنَعُّمِ فِي الْمُبَاحَاتِ فَيَصِيرُ التَّنَعُّمُ مَأْلُوفًا، وَرُبَّمَا يَشْتَدُّ أَنْسُهُ بِالْمَالِ وَيَعْجِزُ عَنْ كَسْبِ الْحَلالِ فَيَقْتَحِمُ فِي الشُّبُهَاتِ، وفوق ذلك فإن الأموال مُلْهِيَةٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ -تعالى-، وَهَذِهِ لا يَنْفَكُّ عَنْهَا أَحَدٌ.

                        روي أن رجلاً نال من أبي الدرداء وأراه سوءًا فقال: "اللهم من فعل بي سوءًا فأصح جسمه وأطل عمره وأكثر ماله". فانظر كيف رأى كثرة المال غاية البلاء مع صحة الجسم وطول العمر؟! لأنه لابد وأن يفضي إلى الطغيان.

                        وَأَمَّا الْجَاهُ فَيَكْفِي بِهِ إِفْسَادًا أَنَّ الْمَالَ يُبْذَلُ لِلْجَاهِ، وَلا يُبْذَلُ الْجَاهُ لِلْمَالِ، والحرص على َالجاه منه َ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، فَيَخُوضُ فِي الْمُرَاءَاةِ، وَالْمُدَاهَنَةِ، وَالنِّفَاقِ، وَسَائِرِ الأَخْلاقِ الذَّمِيمَةِ، فَهُوَ أَفْسَدُ للمرء من المال.

                        اعلم أن تقصير الأمل مع حب الدنيا متعذر؛ فالمرء إذا كان منشغلاً بشيء لا يكون لشيء آخر محل في قلبه، ولذا قيل: "الدنيا والآخرة كضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى"، وكـ"المشرق والمغرب بقدر ما تقرب من أحدهما تبعد من الآخر".

                        قال اللّه -تعالى-: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا) (الإسراء:18).
                        وقال اللّه -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (فاطر:5).

                        موقع صوت السلف
                        التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:06 AM.
                        عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                        أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                        فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                        وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                        ***
                        عن الحب نتحدث

                        تعليق


                        • رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                          جزاك الله خيرا ونفع الله بك

                          تعليق


                          • رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                            شكر الله لك وبارك فيك
                            عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                            أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                            فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                            وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                            ***
                            عن الحب نتحدث

                            تعليق


                            • رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                              وبارك الله فى الشيخ ياسر برهامى

                              تعليق


                              • رد: سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

                                جزاكِ الله خيرا

                                وبارك الله فيكِ
                                وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
                                رضي الله عنك وأرضاك


                                تعليق

                                يعمل...
                                X