إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
    إلى أصحاب القلوب
    إلى المحبين
    إليكم سلسله متواصله إن شاء الله للمحبين
    وأيضا للباحثين عن الحب
    حب الله
    كيف تحب أنت ربك, وتنبت هذا الحب فى قلبك
    فللمحبة أسرار وللمحبين أسرار لا يعرفها إلا من ذاقها .
    لمن يريد أن يذيقه الله هذه اللذه,
    لمن يريد أن يعرف علامات المحبه وأسبابها ,
    هلموا
    فنحن هنا عن الحب نتحدث
    بنا لنسير فى طريق المحبين
    ***************************************

    من أسباب المحبة: التقرب إلى الله بالنوافل (1) كتبه/ ياسر برهامي
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    فما زلنا مع الأسباب الجالبة للمحبة التي ذكرها الإمام ابن القيم -رحمه الله-.
    2. التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض:
    قال -رحمه الله-: "الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض؛ فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة"، ففي هذا السبب الثاني بيان أن حبَّ الله تعالى لعبده يزداد ويعظم بأداء العبد ما افترضه الله -عز وجل-؛ لأنه أحبُّ إلى الله -عز وجل-، ثم يزداد بعد الفرائض بالنوافل.
    وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه-عز وجل-: (قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ) (رواه البخاري)، وهذا الحديث يبين الطريق إلى الولاية، وأصلُ الولاية الإيمان والتقوى كما قال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس: 62-63)، فطريق الولاية الإيمان، ثم أداء الفرائض، ثم المواظبة على النوافل.
    قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم: "وأداء الفرائض أفضل الأعمال، كما قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "أفضل الأعمال أداء ما افترض الله، والورع عما حرم الله، وصدق النية فيما عند الله -عز وجل-".
    وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته: "أفضل العبادة أداء الفرائض، واجتناب المحارم"، وذلك لأن الله -عز وجل- إنما افترض على عباده هذه الفرائض ليقربهم منه، ويجب لهم رضوانه ورحمته".
    وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أيضًا:
    "فقسَّم أولياءه المقرَّبين إلى قسمين:
    أحدهما: من تقرب إليه بأداء الفرائض، ويشمل ذلك فعل الواجبات وترك المحرمات؛ لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده.
    والثاني: من تقرب إليه بعد الفرائض بالنوافل، فظهر بذلك أنه لا طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى وولايته ومحبته سوى طاعته التي شرعها على لسان رسوله، فمن ادعى ولاية الله والتقرب إليه ومحبته بغير هذه الطريق تبين أنه كاذب في دعواه".
    وهذا الحديث يدل على أن العبد لا يُحَب من أول إيمانه الحبَّ الكامل التام عند الله -عز وجل-؛ لأنه قال: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ)، فهو يحب منه أداء الفرائض، ثم يحب منه أداء النوافل والمداومة عليها، فكان قبل هذه الدرجة محبوبًا لأجل صفات معينة، وأما أن يحب اللهُ عبدَه الحبَّ الكاملَ المُطلقَ فإنه يحصل بعد المداومة على النوافل بعد التقرب إلى الله -عز وجل- بالفرائض، حتى يصيرَ بصرُ العبدِ ويدُه ورجلُه لله وبالله، فمعنى: (كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ) أن سمعه وبصره جُعل لله -عز وجل-، وأصبح العبد مخلصًا تام الإخلاص لا يحرِّكُ ساكنًا من ذلك إلا بالله، فلا يفعل ولا يترك إلا لله -عز وجل-، وهو مستعين بالله، فهو يستعين بحول الله وقوته في تصريف هذه الجوارح في مرضات الله، وليس أنه يحل فيه الرب -عز وجل- أو يتَّحد به، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا؛ فإجماع أهل الإسلام أن الله -سبحانه وتعالى- فوق عرشه، بائن من خلقه، لا يحل في مخلوقاته، ولا تحل مخلوقاته فيه، وإنما معنى الحديث: لله إخلاصًا وبالله استعانة، ولا يزال هناك سائل ومسئول، ومُستعيذ ومُستعاذ به، (وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ).
    قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "قوله: (فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا).
    المراد بهذا الكلام: أن من اجتهد بالتقرُّب إلى الله بالفرائض ثم النوافل قرَّبه إليه، ورقَّاه إلى درجة الإحسان، فيصيرُ يعبدُ الله على الحضورِ والمراقبةِ كأنه يراه، فيمتلئُ قلبُه بمعرفة الله تعالى ومحبته وعظمته وخوفه ومهابته وإجلاله والأنس به والشوق إليه، حتى يصيرَ هذا الذي في قلبه مشاهدًا له بعين البصيرة.
    ولا يزال هذا الذي في قلوب المحبِّين المقرَّبين يقوى حتى تمتلئَ قلوبُهم به، فلا يبقى في قلوبهم غيرُه، ولا تستطيع جوارحُهُم أن تنبعثَ إلا بموافقة ما في قلوبهم، ومن كان حالُه هذا؛ قيل فيه: ما بقي في قلبه إلا الله، والمراد: معرفته ومحبته وذكره، وقال بعض العارفين: "احذروه؛ فإنه غيورٌ، لا يُحبُّ أن يرى في قلبِ عبده غيرَه".
    فمتى امتلأ القلب بعظمة الله تعالى محا ذلك من القلب كلَّ ما سواه، ولم يبقَ للعبد شيءٌ من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريدُه منه مولاه، فحينئذٍ لا ينطِقُ العبدُ إلا بذكره، ولا يتحرَّك إلا بأمره، فإن نطق نطق بالله، وإن سمع سمع به، وإن نظر نظر به، وإن بطش بطش به، فهذا هو المراد بقوله: (كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا)، ومن أشار إلى غير هذا فإنما يشير إلى الإلحاد من الحلول أو الاتّحاد، والله ورسوله بريئان منه.
    ومن هنا كان بعضُ السلف ـ كسليمان التيميِّ ـ يرون أنه لا يحسن أن يعصي الله، ووصَّت امرأةٌ من السلف أولادها، فقالت لهم: "تعوَّدوا حبَّ الله وطاعته؛ فإن المتَّقين ألِفوا الطاعة، فاستوحشت جوارحُهم من غيرها، فإن عرض لهم الملعونُ بمعصيةٍ مرَّت المعصيةُ بهم متحشمةً، فهم لها منكرون").

    وما زال الحديث موصولاً عن هذا السبب من الأسباب الجالبة لمحبة الله –عز وجل-.

    منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول
    موقع صوت السلف


    التعديل الأخير تم بواسطة أم صُهيب; الساعة 19-09-2014, 04:17 PM. سبب آخر: التنسيق
    عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
    أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
    فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
    وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
    ***
    عن الحب نتحدث

  • #2
    سلسلة ** عن الحب نتحدث ** لفضيلة الشيخ / ياسر برهامى ( متجدد )

    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
    إلى أصحاب القلوب
    إلى المحبين
    حب الله
    لتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض
    من أسباب المحبة: دوام ذكر الله
    إيثار محابه على محابك!؟!
    من أسباب المحبة: الخلوة به وقت نزوله، ومجالسة المحبين
    . مشاهدة بره وإحسانه
    من أسباب المحبة: مطالعة القلب للأسماء والصفات (1)
    مطايا المحبين إلى الحبيب
    الحب وحلاوة الايمان
    إن المحبين للأحباب خُدَّام
    منزلة المحبة
    *يحبهم ويحبونه*
    علامات المحبه
    كيف حال القلوب المحبه؟؟؟
    كيف يحبك الله ؟ ويحبك الناس؟
    مظاهر محبة الله
    محبة المحبوبات
    محبة الصالحين
    لذة طاعة الله
    كيف الطريق الى أن يحبك
    محبة خلق الله تعالى
    الله -تعالى- أهل لأن يحب
    مظاهر المحبه
    حب الصحابه لله تعالى
    محبة رسول الله
    -صلًّ الله عليه وسلم-

    كيف الطريق إلى أن يحبك الله (2-4)
    كيف الطريق إلى أن يحبك الله (3-4)
    كيف الطريق إلى أن يحبك الله (4-4)
    من أسباب المحبه:قراءة القرآن, وتفهم معانيه
    من أسباب المحبة.. قراءة القرآن، وتفهم معانيه (2)
    محبة المحبوبات


    انتهت الحلقات ونبداء الملخصات مع اختنا مالي حب سواك
    الحلقه الاولى
    الحلقه الثانيه
    الحلقه الثالثه
    الحلقه الرابعه
    الحلقه الخامسه
    الحلقه السادسه
    الحلقه السابعه
    الحلقه الثامنه
    الحلقه التاسعه








    التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 08:17 AM. سبب آخر: وضع الفهرس
    عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
    أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
    فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
    وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
    ***
    عن الحب نتحدث

    تعليق


    • #3
      رد: عن الحب نتحدث

      جزاكم الله خيرا وجعله الله في موازين حسناتكم
      " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
      يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

      تعليق


      • #4
        رد: عن الحب نتحدث

        جزاكم الله خيرا وجعله الله في موازين حسناتكم



        تعليق


        • #5
          رد: عن الحب نتحدث

          بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
          الحلقه الثانيه
          كتبه/ ياسر برهامي
          الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
          فما زلنا مع الأسباب الجالبة للمحبة التي ذكرها الإمام ابن القيم -رحمه الله-، وما زلنا مع السبب الثاني وهو التقرب إلى الله بالنوافل، قال ابن القيم –رحمه الله-: "الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض؛ فإنها توصله إلى درجة المحبوبية بعد المحبة".
          قال ابن القيم -رحمه الله- في "الجواب الكافي": "وقد ضمن الله سبحانه لكلِّ من عمل صالحًا أن يحييَه حياةً طيبةً، وهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده، وأي حياة أطيب مِن حياة مَن اجتمعت همومه كلها وصارت همًّا واحدًا في مرضاة الله؟ ولم يتشعب قلبه، بل أقبل على الله، واجتمعت إرادته وأفكاره ـ التي كانت متقسمة بكل وادٍ منها شعبة ـ على الله، فصار ذكر محبوبه الأعلى وحبه والشوق إلى لقائه والأنس بقربه هو المستولي عليه،وعليه تدور همومه وإرادته وقصوده، بل خطرات قلبه، فإن سكت سكت بالله، وإن نطق نطق بالله، وإن سمع فبه يسمع، وإن أبصر فبه يبصر، وبه يبطش، وبه يمشي، وبه يتحرك، وبه يسكن، وبه يحيا، وبه يموت، وبه يُبعث.
          كما في صحيح البخاري عنه -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالي أنه قال:(مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ نَفْسِ عَبْدِي المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلابُدَّ لَهُ مِنْهُ).
          فتضمن هذا الحديث الشريف الإلهي، الذي حرام على غليظ الطبع كثيف القلب فهم معناه، والمراد به: حصر أسباب محبته في أمرين: أداء فرائضه، والتقرب إليه بالنوافل.
          وأخبر سبحانه أن أداء فرائضه أحب ما يتقرب إليه المتقربون، ثم بعدها النوافل، وأن المحب لا يزال يكثر من النوافل حتى يصير محبوبًا لله، فإذا صار محبوبًا لله أوجبت محبة الله له محبة أخرى منه لله فوق المحبة الأولى، فشغلت هذه المحبة قلبه عن الفكرة والاهتمام بغير محبوبه، وملكت عليه روحه، ولم يبق فيه سعة لغير محبوبه البتة، فصار ذكر محبوبه وحبه ومثله الأعلى مالكًا لزمام قلبه، مستوليًا على روحه استيلاء المحبوب علي محبة الصادق في محبته، التي قد اجتمعت قوى حبه كلها له.
          ولا ريب أن هذا المحب إن سمع سمع بمحبوبه، وإن أبصر أبصر به، وإن بطش بطش به، وإن مشى مشى به، فهو في قلبه ومعه وأنيسه وصاحبه، فالباء ههنا للمصاحبة، وهي مصاحبة لا نظير لها، ولا تدرك بمجرد الإخبار عنها والعلم بها، فالمسألة حالية لا علمية محضة.
          وخصَّ في الحديث السمع والبصر واليد والرجل بالذِّكر؛ فإن هذه الآلات آلات الإدراك، وآلات السمع والبصر يوردان علي القلب الإرادة والكراهة، ويجلبان إليه الحب والبغض، فيستعمل اليد والرجل، فإذا كان سمع العبد بالله وبصره بالله كان محفوظًا في آلات إدراكه، وكان محفوظًا في حبه وبغضه، فحفظ في بطشه ومشيه.
          وتأمل كيف اكتفى بذكر السمع والبصر واليد والرجل عن اللسان، فإنه إذا كان إدراك السمع الذي يحصل باختياره تارة وبغير اختياره تارة، وكذلك البصر قد يقع بغير الاختيار فجأة، وكذلك حركة اليد والرجل التي لابد للعبد منها، فكيف بحركة اللسان التي لا تقع إلَّا بقصد واختيار؟ وقد يستغني العبد عنها إلَّا حيث أمر بها، وأيضا فانفعال اللسان عن القلب أتم من انفعال سائر الجوارح؛ فإنه ترجمانه ورسوله.
          وتأمل كيف حقق تعالى كون العبد به سمعه وبصره وبطشه ومشيه بقوله: (كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا) تحقيقًا لكونه مع عبده، وكون عبده به في إدراكاته بسمعه وبصره وحركاته بيده ورجله.
          وتأمل كيف قال:(فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ)، ولم يقل: فلي يسمع ولي يبصر ولي يبطش، وربما يظن الظانُّ أن اللام أولى بهذا الموضع؛ إذ هي أدل على الغاية ووقوع هذه الأمور لله، وذلك أخص من وقوعها به، وهذا من الوهم والغلط؛ إذ ليست الباء ههنا لمجرد الاستعانة؛ فإن حركات الأبرار والفجار وإدراكاتهم إنما هي بمعونة الله لهم، وإنما الباء ههنا للمصاحبة، أي: إنما يسمع ويبصر ويبطش ويمشي وأنا صاحبه ومعه، كقوله في الحديث الآخر: (أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، وهذه هي المعية الخاصة المذكورة في قوله تعالى: (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: 40)، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا؟) (رواه البخاري ومسلم)، وقوله تعالى: (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69)، وقوله: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل: 128)، وقوله: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46)، وقوله: (قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) (الشعراء: 62)، وقوله تعالى لموسى وهارون: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) (طه: 46)، فهذه الباء مقيدة لمعنى هذه المعية دون اللام، ولا يتأتى للعبد الإخلاص والصبر والتوكل ونزوله في منازل العبودية إلاّ بهذه الباء وهذه المعية.
          فمتى كان العبد بالله هانت عليه المشاق، وانقلبت المخاوف في حقه أمانًا، فبالله يهون كل صعب، ويسهل كل عسير، ويقرب كل بعيد، وبالله تزول الهموم والغموم والأحزان، فلا هم مع الله، ولا غم ولا حزن إلا حيث يفوته معنى هذه الباء، فيصير قلبه حينئذٍ كالحوت؛ إذا فارق الماء يثب وينقلب حتى يعود إليه.
          ولما حصلت هذه الموافقة من العبد لربه في محابِّه حصلت موافقة الرب لعبده في حوائجه ومطالبه، فقال: (وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) أي: كما وافقني في مرادي بامتثال أوامري والتقرب إليَّ بمحابي؛ فأنا أوافقه في رغبته ورهبته فيما يسألني أن أفعله به ويستعيذني أن يناله، وقوَّى أمر هذه الموافقة من الجانبين حتى اقتضى ذلك تردُّد الرب ـ سبحانه ـ في إماتة عبده؛ لأنه يكره الموت، والرب تعالي يكره ما يكرهه عبده ويكره مساءته، فمن هذه الجهة يقتضي أن لا يميته، ولكن مصلحته في إماتته؛ فإنه ما أماته إلا ليحييه، ولا أمرضه إلا ليصحَّه، ولا أفقره إلا ليغنيه، ولا منعه إلا ليعطيه، ولم يخرجه من الجنة في صلب أبيه إلا ليعيده إليها على أحسن أحواله، ولم يقل لأبيه: (اخرج منها) إلا وهو يريد أن يعيده إليها، فهذا هو الحبيب على الحقيقة لا سواه، بل لو كان في كل منبت شعرة من العبد محبة تامة لله لكان بعض ما يستحقه على عبده.
          نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
          كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنيـنه أبدًا لأول منزل
          فالمحبة رزق يرزقه الله عبدَه، ويوفقه له، ولا يناله كل أحد، وإنما يناله الصادق الذي ذاق حلاوة الإيمان، لكن لابد لهذه المحبة من أوعية ينال فيها هذا الرزق وهذا العطاء، والعبادات هي وعاء تلك المحبة، ولا وعاء غيرها، فينزل العطاء في هذا الوعاء حتى يحصل للإنسان ما يحبه مِن قربِه مِن الله ومحبتِه له، ثم من حب الله -عز وجل- له؛ لأن قصده أن يرضي الله وأن يفعل محبوباته يدل على صدق حبه لله -عز وجل-، وكلما كان محبًّا صادقًا كلما كان مجتهدًا في أداء ما افترض الله -عز وجل- عليه، ثم يداوم على النوافل التي شرعها الله -عز وجل- وبيَّنها على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- وفي أفعاله؛ لكي يثبت صدق حبه لله -عز وجل- بفعل محبوباته، حتى يصل إلى درجة المحبوبية بعد أن كان محبًّا.
          وقد قال الله -عز وجل-: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران: 31)، فبيَّن درجة الحب التي يلزم منها الاتباع، ويلزم منهما جميعًا المحبوبية، فبدون العبادات من فريضة ونافلة لن يحصل للإنسان ما يرفع منزلته ويحقق به المحبة، وقد لا يجد الإنسان في بداية أداء الفريضة أو النافلة حلاوة المحبة مباشرةً، لكن عليه أن يواظبَ ويستمرَّ، وأن يديمَ قرع الباب إلى أن يفتح؛ لأنه واقف بباب لا محيد له عنه؛ إذ هو الطريق الموصل إلى الله الذي ينتظر أن يُفتح، فيلج فيه، حتى يصل إلى الدرجات العليا من أعمال القلوب: من الحب والخوف والرجاء والقرب والمحبوبية بعد ذلك، ووسيلته إلى ذلك أداء العبادات من الفرائض مثل: الصلاة والصيام والحج والعمرة، والنوافل منها، والبحث عن أفضلها وأحبها إلى الله -عز وجل- كالنوافل الراتبة وقيام الليل وصيام الأيام والشهور الفاضلة والصدقة والتنفل بالحج والعمرة، وهذه كلها من أفعال البر التي إذا فعلها الإنسان كان صادق الحب، ونزل في أوعيته ما يرزقه الله -عز وجل- به من محبته.
          وللحديث بقية بإذن الله مع بقية الأسباب الجالبة لمحبة الله –عز وجل-.

          موقع صوت السلف
          التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 07:14 AM.
          عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
          أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
          فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
          وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
          ***
          عن الحب نتحدث

          تعليق


          • #6
            الحلقه الثالثه :عن الحب نتحدث

            بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
            الحلقه الثالثه

            من أسباب المحبة: دوام ذكر الله

            كيف حال المحبين؟

            أذاد الحب ؟؟؟

            أستشعرتم باللذه؟؟؟

            جعلنا الله وإياكم جميعا من أحبابه

            ورزقنا بفضله ومنه هذه النعمه

            وكيف حال من لم يشعر بها من قبل؟

            أشعرت بشوق لها ؟؟؟

            تعالو لنستكمل ما وقفنا عنده

            كتبه/ ياسر برهامي


            الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛


            فما زلنا مع الأسباب الجالبة للمحبة التي ذكرها الإمام ابن القيم -رحمه الله-.


            3. دوام ذكره على كل حال:


            قال -رحمه الله-: "الثالث: دوام ذكره على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر"، فدوام الذكر من أسباب المحبة، وهو دليل على صدقها، كما قال -عز وجل-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)
            (البقرة: 152)، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا. وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)(الأحزاب:41-43)، يرغبهم الله -عز وجل- في الذكر ببيان ما يحببهم في ربهم -عز وجل- وفي ذكره -سبحانه وتعالى- أنه (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ)، فلو استشعر العبد أن الله يذكره باسمه في الملائكة الكرام، وأرواح النبيين والمرسلين، ويأمر الملائكة أن تثني عليه وأن تذكره بالخير؛ فإنها توجب له محبة الله -عز وجل-.

            (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) يرحمك ويثني عليك ويعلي شأنك إذا ذكرته الذكر الكثير، (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) فكل هذه الأمور لو استحضرها العبد فلابد وأن توجب له محبة الله -عز وجل-، (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا)
            (الأحزاب: 44)، وهذا أعظم ما يشتاقون إليه أن يحييهم الله -عز وجل- بالسلام يوم لقائه، فالذي يسبق به الإنسان هو المواظبة والمداومة على الذكر الكثير.

            وأصل الذكر حصول المذكور في قلب الذاكر ثم التعبير عن ذلك باللسان، ولذا قال -رحمه الله-: "على كل حال"، أي: يذكر الله في جميع الأحوال والأوقات بالقلب واللسان، وذكر القلب هو المقصود الأعظم، واللسان مُعين له ودالٌّ عليه.


            قال -رحمه الله-: "باللسان والقلب والعمل والحال"، فالعمل إنما يكون ذكرًا إذا كان في طاعة الله -عز وجل-، أما الذكر بالحال ـ أي حال قلبه ـ فهو أن يكون بقلبه محبًّا خائفًا متوكلاً راجيًا، فهذه الأحوال القلبية في حقيقتها ذكر لله -عز وجل-؛ لأنَّ ما يفكر فيه الإنسان يدل على انشغاله واهتمامه به، فلو أن إنسانًا بينه وبين آخر محبة فسوف يظل ذاكرًا له على الدوام، وسيذكر أفعاله ومواقفه معه، ولو كان بينه وبين آخر خصومة فسيظل يتذكر المواقف التي فيها الخصومة وما يخشى أن يدبره له الخصم؛ لأنه مشغول بهذا الأمر، فهذا رغمًا عنه يذكر هذا المخاصم، فالذكر بالحال: هو ما يقع في قلب الإنسان من خواطر وتفكير وأعمال قلبية، فمن يذكر الله تعالى دائمًا يفكر في لقاء الله -سبحانه وتعالى- وما يرضيه، ويريد البعد عما يسخطه -عز وجل-، فحال قلبه داوم الذكر.


            قال -رحمه الله-: "فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر"، بل إن العبادات إنما شُرعت للذكر، كما قال -عز وجل-: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)
            (طه: 14)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ)(رواه مسلم)، وكذلك الحج والعمرة شُرعا لذكر الله -عز وجل-، قال الله -عز وجل-: (فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)(البقرة: 198)، وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)(البقرة: 203)، وإنما شُرعت العبادات من رمي الجمار ومن الوقوف في الأماكن المختلفة من أجل الذكر؛ لأن العبد إذا ذكر الله -سبحانه وتعالى- واستحضر كمال أسمائه وصفاته أحب ربه تبارك وتعالى، وأما الصيام والزكاة فذكرٌ بالعمل والحال، وهذا الذي يهيِّئ الإنسان للوصول إلى أعلى المنازل.

            وقد أمر الله تعالى في كتابه بذكره فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً . هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا)
            (الأحزاب: 41-43)، وقال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً)(الأعراف: 205)، وفي الآية قولان: أحدهما: في سرِّك وقلبِك، والثاني: بلسانِك بحيث تُسمع نفسَك.

            وحذَّر -عز وجل- من الغفلة عن الذكر، فقال تبارك وتعالى: (وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) (الأعراف: 205]، وقال: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ)
            (الحشر: 19)، وعلَّق الفلاح باستدامة الذكر وكثرته، فقال -عز وجل-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الأنفال: 45).

            وأثنى الله -عز وجل- على أهل الذكر فقال: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ) ، إلى قوله: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)
            (الأحزاب: 35)، وأخبر عن خسران من لَها عنه فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(المنافقون: 9).

            وجعل الله -عز وجل- ختم الأعمال الصالحة به، فختم به الصيام بقوله: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
            (البقرة: 185)، وختم به الحج في قوله: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)(البقرة: 200)،وختم به الصلاة في قوله: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ)(النساء: 103)، وختم به الجمعة في قوله: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الجمعة: 10)، ولهذا كان خاتمة الحياة الدنيا، وإذا كان آخر كلام العبد أدخله الله الجنة(انظر: (مدارج السالكين) ـ منزلة الذكر (2/423) وما بعدها).

            وللحديث بقية بإذن الله مع بقية الأسباب الجالبة لمحبة الله –عز وجل-.

            منقـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــول



            التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 07:17 AM. سبب آخر: التنسيق
            عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
            أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
            فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
            وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
            ***
            عن الحب نتحدث

            تعليق


            • #7
              رد: الحلقه الثالثه :عن الحب نتحدث

              جزاك الله خيرا وننتظر المزيد
              جعله الله في ميزان حسناتك
              " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
              يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

              تعليق


              • #8
                رد: الحلقه الثالثه :عن الحب نتحدث

                جزاكم الله خيرا
                [IMG]https://forums.way2allah.com/

                تعليق


                • #9
                  رد: الحلقه الثالثه :عن الحب نتحدث

                  جزاكم الله خيرا
                  اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

                  تعليق


                  • #10
                    الحلقه الرابعه: إيثار محابه على محابك

                    بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
                    الحلقه الرابعه
                    إيثار محابه على محابك!؟!
                    كتبه/ ياسر برهامي
                    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
                    فما زلنا مع الأسباب الجالبة للمحبة التي ذكرها الإمام ابن القيم -رحمه الله-.
                    4. إيثار محابه على محابك:
                    قال -رحمه الله-: "الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى، والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى".
                    الإنسان فيه شهوات ورغبات يميل إليها، مثل شهوة الجنس وحب المال والطعام والشراب، وكذلك تميل نفسه إلى الكسل والراحة، وشرعُ الله -عز وجل- يتضمن: فعل الواجبات وترك المحرمات.
                    فالقسم الأول: وهو فعل الواجبات يشق على كثيرٍ من النفوس؛ لأن الواجبات فيها كلفة، ولذلك سميت تكاليف، مع أنها عند اكتمالها لا يجد الإنسان أي مشقة في أدائها، بل يجد فيها الراحة والسرور، ولكن لا يصل إليها إلا إذا وصل إلى القِمَّة، كما يستريح من وصل إلى قمة الجبل وذروته، وإن كان في الطريق يجد التعب والنصب، لكنه إنما يبذل جهده حتى يصل إلى الراحة في النهاية، فإذا استقر فوق الجبل وجد الراحة التامة، ووصل إلى أعلى المنازل.
                    فشرعُ الله يتضمن هذه التكاليف التي بدايتها كلفة ونهايتها لذة وراحة، وما دام لم يصل إلى الكمال فيها فما زالت هناك منازعة؛ منازعة بين الدواعي الإيمانية في القلب التي تُرغِّب العبدَ في الطاعات وبين النفس الأمارة بالسوء التي تميل إلى الكسل ويشق عليها أن تفعل.
                    والقسم الثاني: هو ترك المحرمات والمكروهات التي مردُّها إلى أهواء ولذات النفوس المضرة لقلب الإنسان، ولذا حرمها الله -عز وجل- أو كرهها ونهى عنها على قدر ضررها لقلب الإنسان وأثرها على حياته.
                    فهناك أمران لا بد منهما في تحصيل المحبة، وسوف تجد أثر ذلك مباشرة:
                    الأول: "إيثار محابه على محابك": فإذا تعارض ما تحبه وتشتهيه مع ما يحبه الله -عز وجل-فإنك تؤثر ما يحبه الله وتقدمه على ما تحبه النفس، خصوصًا "عند غلبات الهوى"، أي: عندما يشتد الهوى ويغلب ويكون قاهرًا للإنسان.
                    وكل إنسان تمر عليه لحظات يشتد فيها الهوى ويقوى، فينهار أكثر الناس عند هذه اللحظات ولا يستطيعون العودة، فإذا نجحتَ في هذه اللحظات وجدتَ أثر ذلك في قلبك، كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، وفيها: (وَقَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِي ابْنَةُ عَمٍّ أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَقِيتُهَا بِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: يَا عَبْدَ الله، اتَّقِ اللهَ وَلَا تَفْتَحْ الخَاتَمَ، فَقُمْتُ عَنْهَا، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا، فَفَرَجَ لَهُمْ فُرْجَةً..) (رواه البخاري ومسلم) الحديث، فهذه لحظة شديدة على النفس.
                    وهذا مثل اللحظة التي مرت على يوسف -وهو أعلى قدرًا- كما قال تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (يوسف: 23)، ولم يكن عديم الشهوة، بل قدَّر الله -عز وجل- أن يكون شابًّا في كمال شبابه وكمال جماله مع قوة الرغبة، قال تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (يوسف: 24)، فصرَفَ اللهُ عنه الفعل بعد الهمِّ؛ لأنه رأى الدليل والبرهان على لزوم الانصراف من هذا المكان، (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ . وَاسْتَبَقَا الْبَابَ) (يوسف: 24-25)، فهذا أعلى من موقف الرجل في الحديث المتقدم، وليس ذلك لأجل مقام النبوة فقط؛ بل لأن الرجل المذكور في قصة أصحاب الغار كانت المرأة تكره أن يفعل بها الفاحشة وذكَّرته بالله في اللحظة الحاسمة، وأما يوسف؛ فكانت المرأة هي الطالبة، وملَّكت نفسها له، (وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ)، واللام تستعمل للتمليك، وقد عرضت نفسها عليه وشدَّت ثيابه وجذبتها والرغبة قائمة، ولكنه يلجأُ إلى الله ويستعيذ به، فينجيه الله لكمال الإخلاص، (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ) (يوسف: 24) -بكسر اللام- على القراءة الأخرى، فهذا مثال لإيثار محابِّ الله على محابك.
                    وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: "وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء إخوته له في الجُبِّ وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه؛ فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره، لا كسب له فيها، ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر، وأما صبره عن المعصية فصبر اختيار ورضى ومحاربة للنفس، ولا سيما مع الأسباب التي تقوى معها دواعي الموافقة؛ فإنه كان شابًّا وداعية الشباب إليها قوية، وعزبًا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته، وغريبًا والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه من بين أصحابه ومعارفه وأهله، ومملوكًا والمملوك أيضًا ليس وازعه كوازع الحر، والمرأة جميلة، وذات منصب، وهي سيدته، وقد غاب الرقيب، وهي الداعية له إلى نفسها والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن والصَّغار، ومع هذه الدواعي كلها صَبَر اختيارًا وإيثارًا لما عند الله، وأين هذا مِن صبره في الجبِّ على ما ليس من كسبه؟".
                    ومن إيثار محاب الله على محاب النفس أيضًا أنه متى وقع الإنسان في ضائقة شديدة وأصبح بحاجة ماسة إلى المال، ثم عُرض عليه مالٌ حرامٌ ـ من ربا أو رشوة أو غصب ـ سهلُ المنال، فخاف الله وترك ذلك؛ فإنه يجد أثر ذلك في قلبه؛ لأنه آثر محاب الله -عز وجل- على محابه عند غلبات الهوى، وذلك لأن أكثر الناس ينهارون عند شدة الهوى، بل منهم من ينهار عند بدايته، ويستسلمون له، ولا يخافون من حساب وعقاب أو يرجون بتركه ثوابًا، فإذا اتقى اللهَ -عز وجل- وانصرف وجد أثر ذلك حبًّا في قلبه.
                    أما قوله: "والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى" فله حديث آخر بإذن الله.
                    منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــو ل

                    موقع صوت السلف
                    التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 07:18 AM. سبب آخر: التنسيق
                    عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                    أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                    فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                    وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                    ***
                    عن الحب نتحدث

                    تعليق


                    • #11
                      رد: الحلقه الرابعه: إيثار محابه على محابك

                      جزاكم الله خيرا
                      اسال الله ان ينفعنا بما علمنا وان يبارك في موضوعاتكم وان يتقبل منا ومنكم
                      " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
                      يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

                      تعليق


                      • #12
                        5/الخلوه به وقت نزوله ومجالسة المحبين

                        بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
                        الحلقه الخامسه
                        من أسباب المحبة: الخلوة به وقت نزوله، ومجالسة المحبين
                        كتبه/ ياسر برهامي
                        الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
                        فما زلنا مع الأسباب الجالبة للمحبة التي ذكرها الإمام ابن القيم -رحمه الله-.
                        8. الخلوة به -عز وجل- في وقت النزول الإلهي:
                        قال -رحمه الله-: "الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب، والتأدب لأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة"، "وقت النزول الإلهي" أي في ثلث الليل الأخير أو في شطره، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في ذلك منها: حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يَنْزِلُ رَبُّنَا ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ـ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟) (رواه البخاري ومسلم)، وفي رواية لمسلم: (إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ).
                        وفي الخلوة يكون العبد بعيدًا عن الرياء، بعيدًا عن شواغل الدنيا، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (وَرَجُلٌ ذَكَرَ الله خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) (رواه البخاري ومسلم)، فإذا كان بينه وبين الله -عز وجل- هذه الصلة ولم ينشغل بغيره كان لذلك أعظم الأثر في زيادة المحبة والإيمان في قلبه.
                        وقوله -رحمه الله-: "والوقوف بالقلب"، فالعبد يقف بين يدي الله بقلبه وروحه، بدنُه في الأرض، لكنه واقف بين يدي الله -سبحانه وتعالى- متضرع خاشع، يتلو كلام الله، ويناجيه ويكلمه فيما بينه وبينه، يستشعر هذه الصلة الخاصة بينه وبين ربه -عز وجل- فقط، وهذا من أعظم ما يزيل عن القلب آثار الرياء والسمعة وتعلقه بالخلق، فإذا كان الإنسان يتلو كلام الله -عز وجل-، ويناجي ربه بدعائه، ويستشعر وقوفه بين يدي الله، معظمًا له، مشاهدًا لملكه وقدرته، وأمره وحكمه -سبحانه وتعالى-؛ فإن هذا مما يزيد انكساره وذله لله -سبحانه وتعالى-.
                        وقوله -رحمه الله-: "والتأدب بأدب العبودية بين يديه"، فلا يتكلم أثناء المناجاة بما لا يجوز، كمن يجعل مناجاته مع الله كالمناجاة مع الصديق أو المعشوق زاعمًا أن ذلك من شدة المحبة، لكن التأدب بأدب العبودية أن يتأدب في كلامه بأدب الشرع، ولذا كانت الأدعية القرآنية -الواردة على ألسنة الأنبياء والصالحين- والأدعية النبوية أرفعَ أنواع الأدعية، وأعلى أنواع المناجاة، وأفضل ما يكلم العبد به ربه -سبحانه وتعالى-.
                        ثم قال -رحمه الله-: "ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة"، قال الله -عز وجل-: (وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذاريات: 18)، وقال: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) (آل عمران: 17)، فهذا الوقت من أعظم الكنوز الغالية لو قدَّره الإنسان حق قدره، وهو من أعظم الأسباب الجالبة لحب الله -سبحانه وتعالى-، فالعبد المؤمن يستغل هذا الوقت في عبادة الله -عز وجل- بين التلاوة والذكر والاستغفار.
                        9. مجالسة المحبِّين الصادقين:
                        قال -رحمه الله-: "التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام، وعلمت أن فيه مزيدًا لحالك ومنفعة لغيرك"؛ وذلك لأن اهتمامات الإنسان تتأثر كثيرًا بمن حوله، فحين يجالس الإنسان من يهتمون بالمال يتكلم معهم في المال شاء أم أبى،كذلك عندما يجالس من يهتمون بالكرة يتكلم معهم في الكرة ويسمع معهم ـ اضطرارًا ـ ما يشغلهم في هذا الباب، ويظل الإنسان يغرق ويغرق في مثل هذه الأمور، بخلاف ما إذا جالس المحبين لله -عز وجل- الصادقين في حبهم، والتقط أطايب ثمرات كلامهم من كلماتهم المؤثرة المعبرة عما في قلوبهم من حب، مع العلم أنه ليس كل كلام الصالحين كذلك؛ فقد يتكلم فيما يتعلق بالدنيا، لكن قد يقول أحدهم كلمة فتجد لها أثرًا عجيبًا مؤثرًا في القلب، كما هو شأن كلمات السلف من الصحابة –ري الله عنهم- والتابعين؛ لأنها خرجت من القلوب، فسَرَت عبر الأزمنة والأمكنة حتى وصلت إلى من شاء الله من عباده المؤمنين فوجد أثر ذلك في قلبه.
                        وهذا الكلمات ينبغي أن تأخذها وتلتقطها وتحفظها وتعمل بما دلَّت عليه، كما قال -رحمه الله-: "تلتقط أطايب" أي: أفضل "ثمرات كلامهم"، ولنضرب مثالاً لذلك من كلمات الحسن البصري -رحمه الله-، قال -رحمه الله-: "إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، إنما الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل"، وقال أيضًا: "إن قومًا خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم، يقولون: نحسن الظن بالله، وكذبوا؛ لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل"، فمثل هذه الكلمات تجد عليها أثر نور النبوة وتتأثر بها؛ لأنهم قالوها من أجل تأثرهم بالعبادة وقربهم من الكتاب والسنة.
                        قوله -رحمه الله-: "ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام"؛ لأن من الناس من غرضه من الصحبة أن يقال أنه كلَّم فلانًا وسأله عن كذا فأجابه بكذا، وهذا من الأمراض الخطيرة التي تحصل بسبب عدم فقه أمر صحبة الصالحين، وإنما يكون غرضك من صحبته أن تسمع منه أكثر، وأن تلتقط أطايب ثمرات كلامه.
                        قوله -رحمه الله-: "وعلمت أن فيه مزيدًا لحالك"، أي: أن أعمال القلوب سوف تكثر وتزداد بالكلمات التي تقولها، "أو منفعة لغيرك"، كأن تريد أن تعلِّم المخالطين والمصاحبين والمجالسين فائدة من فوائد إصلاح الحال والقلب، نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا.
                        10. مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله -عز وجل-:
                        قوله -رحمه الله-: "العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله -عز وجل-"؛ لأنك إذا حققت هذه الأمور الإيجابية ـ أي: الأسباب الجالبة للمحبة ـ فما بقي عليك إلا أن تتجنب العقبات؛ لأن البدع والمعاصي والانشغال بفضول المباحات ـ كفضول الأكل والشرب والكلام والنوم ـ مما يشغل القلب ويُبعده عن الله -سبحانه وتعالى-، وكذلك حب الدنيا والتعلق بالمال والنساء وكثرة المخالطة للناس، فكل هذه الأمور حينما تجاوز حدها تكون من الأسباب المباعِدَة عن الله -عز وجل-، وتحول بين القلب وبين الوصول إليه -سبحانه وتعالى-.
                        قال -رحمه الله-: "فمن هذه الأسباب العشرة وصل المحبوب إلى منازل المحبة، ودخلوا على الحبيب، وملاك ذلك كله أمران: استعداد الروح لهذا الشأن، وانفتاح عين البصيرة، وبالله التوفيق".
                        فـ "استعداد الروح لهذا الشأن" أي: أن يكون عند الإنسان تهيؤ للبحث عن حب الله والترقي في أسباب المحبة، و"انفتاح عين البصيرة" تشبيه للبصيرة بعين يدرك العبد بها منازل الأعمال وحقائق القلوب والأسباب والنتائج وارتباط الأشياء بلوازمها حتى يصل إلى الله تعالى، فيعرف ما يقترن به كل عمل، وما يؤدي إليه، فيرى الحق حقًّا، والباطل باطلاً، وبالله التوفيق.
                        ولا شك أن للمحبة علامات على المحبِّ، نشرع في ذكرها في المقال القادم بإذن الله.

                        موقع صوت السلف
                        التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 07:19 AM. سبب آخر: التنسيق
                        عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                        أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                        فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                        وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                        ***
                        عن الحب نتحدث

                        تعليق


                        • #13
                          من أسباب المحبة: مشاهدة بره، والانكسار بين يديه

                          كتبه/ ياسر برهامي
                          الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
                          فما زلنا مع الأسباب الجالبة للمحبة التي ذكرها الإمام ابن القيم -رحمه الله-.
                          6. مشاهدة بره وإحسانه:
                          قال -رحمه الله-: "السادس: مشاهدة بره، وإحسانه، وآلائه، ونعمه الظاهرة والباطنة؛ فإنها داعية إلى محبته"، فكل إنسان مجبول على أن يحب من أحسن إليه، وما بالخلق من نعمة إلا وهي من الله -عز وجل-، (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (النحل: 53)، وأعظم ذلك بره وإحسانه إليك في الإسلام والإيمان واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ووجود آثار هذا الإيمان في قلبك وعلى جوارحك، فأنت إذا عظمت هذا الدين وأدركت قدر هذه النعمة وعلمت عظيم فضل الله عليك بالإسلام علمت قول الله -عز وجل-: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) (المائدة: 3)، وقوله -عز وجل-: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (البقرة: 231).
                          وقد حُرم من هذه النعمة الكثيرون، وهم معك، ولهم نفس القدر من العقل والفكر، وقد ولدوا في يوم ولادتك أو قريبًا منك، وأُعطوا السمع والبصر، ولكن حُرموا هذه النعمة التي منَّ الله بها عليك، وأخذ بقلبك فوجَّه وجهته إليه، حتى صرت تعبده وحده لا شريك له، وغيرُك محروم، فلابد وأن تحبه على بره وإحسانه، ثم تتفكر في نعمته عليك بالطاعات المختلفة، وفي التزكية بالآيات التي أنزلها على نبيه -صلى الله عليه وسلم- فآمنتَ بها، وكذلك تتذكر نعمه وإحسانه وبره وآلاءه في السمع والبصر والحياة وسلامة اليد والرجل والبطن، بل حتى جريان الدم في العروق دون أن يتجلط ليلاً ونهارًا، فهذه نعمة الله لا تستطيع أن تقدرها قدرها، فكل ما في الإنسان لله -عز وجل- عليه فيه في كل لحظة نعمة لا يستطيع شكرها.
                          ثم تنظر إلى غيرك من أهل البلاء: منهم من قطعت يده، أو ذهبت عينه، أو فقد سمعه، أو شُلت أطرافه، كل هذا وأنت في عافية منه، وتذكَّر لحظات الألم والمرض لتعلم نعمة الله عليك بالصحة، فلو ارتفعت حرارة الإنسان ثلاث درجات فقط من سبعة وثلاثين -وهي متوسط درجة حرارة الإنسان الطبيعية- إلى أربعين فإنه لا يستطيع أن يتصرف في أموره، ويبقى طريح الفراش إلى أن يأذن الله له بالشفاء، فتذكَّر لحظات الألم التي مرت عليك في حياتك لتعرف قدر نعمة الله -عز وجل- عليك.
                          كذلك نعمة الهواء الذي نتنفسه، وأكثر الناس لا يشكرون نعمة الله عليهم بالهواء، كذلك الشمس التي تطلع علينا بالنهار، فما ظنك بإنسان في مكان لا يرى فيه شمسًا ولا قمرًا ولا ليلاً ولا نهارًا وإلى مدد طويلة؟ كأسير من أسرى المسلمين في مكان ما، وهذا الكلام موجود في كتب الفقه، وقد كان هناك عبر الأزمنة أناس بهذه الصورة، فمن رأى الشمس بعد الحرمان منها يشعر بنعمة الله -عز وجل- بها علينا، فنعم الله علينا عظيمة أكثر من أن تحصى، وليس أنك أكلت وشربت فقط.
                          والإنسان المتمرد المترف تجده يشعر بأشد ضيق وألم إذا كان في الهواء بعض الأتربة، أو ارتفعت درجة الحرارة قليلاً أو انخفضت، فتجده متذمرًا لا يحتمل شيئًا؛ لأنه لم يجرب فقدان النعمة ولم يحرم منها، وإنما عاش مغمورًا بنعم الله -عز وجل- عليه.
                          قارن بين حالك الآن وحالك في لحظات الألم، ثم قارن بينك وبين من حرم من النعمة: مِن مشيك على قدميك، تبصر الطريق بعينيك، تسمع بأذنيك، سليم العقل، معافى البدن، كذلك نعمة الأهل والولد، والقدرة على التقلب في البلاد والذهاب والإياب، إذا شاهدت بر الله وإحسانه علمت أنه هو البر الرحيم، وتشاهد نعمه وآلائه الظاهرة والباطنة: الظاهرة المحسوسة المرئية بعينيك، والباطنة في قلبك من الإيمان والهداية، فإنها داعية إلى محبته -عز وجل-.
                          7. انكسار القلب بين يدي الله -عز وجل-:
                          قال -رحمه الله-: "السابع وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى"، وسبب انكسار القلب هو الشعور بالفقر والاحتياج التام والضرورة التامة لله -سبحانه وتعالى-، والحب والذل قرينان في معنى العبودية، فالذل والانكسار يجلبان الحب ويزيدانه، كما أن الحب يؤدي إلى حصول الذل ويقود إليه ويجلبه، ولذلك قالوا أن الذل أنواعٌ منها ذل المحبة، فالمحب ذليل منكسر؛ لأن الحب قد كسره، فانكسار الإنسان بين يدي الله، وشعوره بأنه محتاج إلى الله -عز وجل-، وأنه فقير إلى الله ربًّا وإلهًا -كما قال -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر: 15)- ، وكذلك شعور الإنسان أنه لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، وأنه يحتاج إلى الله حاجة ضرورية في كل نَفَس وفي كل طرفة عين أشد من حاجته للطعام والشراب والهواء الذي يتنفسه، كل هذا مع شهود إنعام الله -عز وجل- وفضله وبره وإحسانه وآلائه ونعمه الظاهرة والباطنة؛ يؤدي بالإنسان إلى شهود حاجته الشديدة وافتقاره، وهذا لابد أن يؤدي إلى الحب.
                          ومن أسباب انكسار القلب شهود التقصير في حق الله بارتكاب الذنوب والمعاصي، ومن أسبابه أيضًا شهود الشعور بالضعف والشكوى إلى الله -سبحانه وتعالى-، وذلك حين يجد الإنسان في نفسه ما لا يقدر على تفريجه وكشفه إلا الله -عز وجل-، ولذا يبتلي الله -سبحانه وتعالى- العباد ليسمع تضرع المؤمنين وشكواهم وبثهم حزنهم لله تعالى، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) (الأنعام: 42)، فشهود الفقر والحاجة يكون في الربوبية والألوهية.
                          وللحديث بقية بإذن الله مع بقية الأسباب الجالبة لمحبة الله –عز وجل-.
                          التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 20-12-2011, 07:20 AM. سبب آخر: التنسيق
                          عبادٌ أعرضوا عنا بلا جُرمٍ ولا معنى
                          أساؤا ظنهم فينا فهلا أحسَنُوا الظنَ
                          فإن عادوا فقد عُدنا وإن خانُوا فما خُنا
                          وإن كانوا قد استغنوا!! فإنا عنهُمُ أغنى
                          ***
                          عن الحب نتحدث

                          تعليق


                          • #14
                            رد: من أسباب المحبة: مشاهدة بره، والانكسار بين يديه

                            جزاكم الله خيرا

                            نسأل الله تعالى ان يتقبل منكم وان يبارك بالشيخ الفاضل


                            .
                            اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً

                            تعليق


                            • #15
                              رد: من أسباب المحبة: مشاهدة بره، والانكسار بين يديه

                              جزاكم الله خيرا
                              وننتظر القادم باذن الله
                              " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
                              يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

                              تعليق

                              يعمل...
                              X