إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

    اسمحوا لي أيها الأحبة أن أواصل هذه الليلة نفس الموضوع الكبير الجليل وفي قضية القرآن الأولى ألا وهي قضية الإيمان بالله جل وعلا ، ألا وهي قضية إفراد الحق سبحانه وتعالى بالألوهية والعبادة ،

    بل هي القضية التي من أجلها خلق الله السماء والأرض، والجنة والنار،وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، بل من اجلها شرع الجهاد، وبها يتمايز الناس في الدنيا والآخرة إلى فريقين فريقِ مؤمنِ أو فريق إيمان لا نفاق فيه، وفريق نفاقِ لا إيمان فيه، وفي الآخرة إلى فريقين أيضاً فريقِ في الجنة وفريقٍ في السعير،ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "أصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله، وهو إقرارٌ بالتصديق والحب والانقياد، وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه، ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه وهي تصديقٌ لما في القلب ودليلٌ عليه، وشاهدٌ له وهي شعبةٌ (أي الأعمال الظاهرة) من مجموع الإيمان المطلق وبعضٌ له، لكن ما في القلب هو الأصل لما على الجوارح

    فشيخ الإسلام - رحمه الله- طالما ما فرق في كتبه بين الإيمان المطلق، ومطلق الإيمان،
    فالإيمان المطلق هو الإيمان الكامل التام، أما مطلق الإيمان فهو أصل الإيمان فحسب

    يقول شيخ الإسلام وما كان في القلب فلابد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح،
    فكلنا يحفظ أن لكل فعل رد فعل فإذا استقر الإيمان في القلب فلابد أن يظهر ذلك على الجوارح، لابد أن يظهر في الأعمال والأقوال، فلابد أن تترجمه الجوارح

    ويقول وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دلَّ على عدمه أو ضعفه ، وانتبه لتلك الكلمتين دلَّ على عدمه أو ضعفه أي يدل على عدم وجود الإيمان بالكلية، أو وجود الإيمان مع ضعفه
    إذن فهناك فرق بين الإيمان المطلق وبين مطلق الإيمان

    وتدبر معي قوله أيضاً في موضعٍ أخر، وهي كلماتٍ والله يجب أن نعض عليها بالنواجز لحسم هذا الخلاف الطاحن في قضية الإيمان

    يقول شيخ الإسلام أيضاً "فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً لزم ضرورةً صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق كما قال أئمة أهل الحديث قولٌ وعملٌُ -أي الإيمان قول وعمل- قولٌ باطنٌ وظاهرٌ، وعملٌ باطنٌ وظاهرٌ، والظاهر تابعٌ للباطن لازمٌ له، متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد الباطن فسد الظاهر،

    فلا يصح أن نقول أن القلب ملئ بالإيمان والجسد بعيدٌ عن الإعمال، أو لا يستجيب لهذه الأعمال، انظروا إلى هذا التلازم بين الظاهر والباطن عند آهل السنة

    ولذلك يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) كما في حديث النعمان بن بشير ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب

    فإذا صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد الباطن فسد الظاهر، فالتلازم موجود بين الظاهر والباطن عند آهل السنة
    ويبقى الآن سؤالٌ خطيرٌ جداً ولطالما أُثير ولا زال يثار ألا وهو

    ما حكم تارك الأركان العملية الأربعة الصلاة والصيام والزكاة والحج ؟
    والجواب أيها الأفاضل : في ترك المباني الأربعة والأركان الأربعة خلافٌ ونزاعٌ مشهورٌ بين أئمة آهل السنة يقول شيخ الإسلام - طيب الله ثراه- وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأتِ بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها ونحن إذا قلنا آهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب فإنما نريد به المعاصي كالزنا وشرب الخمر، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاعٌ مشهور
    ففي أحدى الروايات عن الإمام احمد أنه يكفر من ترك واحدةً منها،

    وفي رواية ثانية عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط

    وفي رواية ثالثة عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة إذا قاتل الإمام عليها ،

    وفي رواية رابعة عن الإمام أحمد قال لا يكفر إلا بترك الصلاة
    وفيها خلاف مشهور ايضاً بين آهل العلم، فهناك من يكفر تارك الصلاة الجاحد لها المنكر لوجوبها، وهناك من يفسقه إن تركها تكاسلاً وعصياناً

    وفي رواية خامسة للإمام أحمد قال لا يكفر بترك شئٍ منهن

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وهذه أقوالٌ معروفةٌ للسلف

    بل ومن نفيس كلام سماحة أستاذنا وشيخنا العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى- يقول "من ادعي الإيمان بهذه الاصول ثم لم يؤدي شرائع الإسلام الظاهرة فلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و لم يصلي، و لم يزكي، و لم يحج مع الإستطاعة ، أو ترك غير ذلك من شعائر الإسلام الظاهرة التي أوجبها الله عليه فإن ذلك دليلٌ على عدم إيمانه أو على ضعف إيمانه،"

    انظر على هاتين الكلمتين والتي ذكرهما قبل ذلك الإمام ابن تيمية - طيب الله ثراه- فلابد أن ننتبه إلى دقة الكلمات والألفاظ في هذا المعترك الشديد، والنزال الصعب،

    اسمع أيضاً ماذا قال الشيخ قال "قد ينتفي الإيمان بالكلية كما ينتفي بترك الشهادتين إجماعاً، وقد لا ينتفي أصله (أي مطلق الإيمان) ولكن ينتفي كماله وتمامه، لعدم أداءه ذلك الواجب المعين كالزكاة والصيام والحج وما غير ذلك عند الجمهور من آهل العلم فإن تركها فسقٌ وضلالٌ ولكن ليس ردةً عن الإسلام عند أكثرهم إذا لم يجحد وجوبها،(أما إن جحد وجوب أي عملٍ من هذه الأعمال الظاهرة أومن هذه المباني فلا خلاف على كفره) أما الصلاة فذهب قومٌ إلى أن تركها ردةٌ ولو مع الإيمان بوجوبها وهذا أصح قولي آهل العلم ، قال وقال آخرون بل تركها - أي بل ترك الصلاة- كفرٌ دون كفرٍ إذا لم يجحد وجوبها،،"

    أرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون قد وفقت في بيان هذه المسألة التي طال فيها الخلاف،
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة الرسول وآله; الساعة 03-05-2010, 05:58 PM. سبب آخر: تنسيق النص
    إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
    فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
    فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
    همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
    وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
    وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

    تعليق


    • #62
      رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

      قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أذنب العبد نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا تاب ونزع واستغفر ثقل قلبه - أي اصبح قلبه كالمرآة الصافية – فإذا زاد زادت، وإذا عاد عادت، وإذا زاد زادت فذلك الران
      الذي قال الله فيه ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ* كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)


      قال البخاري –طيب الله ثراه- لقيت أكثر من ألف رجلٍ من العلماء بالأمصار اتفقوا جميعاً على أن الإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص،،

      هذا كلام إمام الدنيا في الحديث ، وبذلك نكون قد انتهينا بفضل الله تعالى من الأصل الأول الكبير في الإيمان


      وبقي أن نتعرف على أصل في غاية الأهمية ألا وهو (يزيد وينقص) تعرفنا على أن الإيمان (قولٌ وعملٌ)

      الإيمان (يزيد وينقص) انتبهوا معي أيها الافاضل لأن هذا أيضاً أصلٌ كبيرٌ من أصول آهل السنة أسأل الله أن يختم لي ولكم بالتوحيد والسنة
      الإيمان
      (يزيد وينقص)
      يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي والذنوب والزلات وينقص ويقل أيضاً بضعف الطاعات،

      خذ الأدلة على ذلك من كلام ربنا وكلام نبينا (صلى الله عليه وسلم) وكلام سادتنا وعلماءنا - رحم الله الجميع-

      1- قال تعالى
      (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)

      أمرٌ عجيبٌ فما أصرح الآية ! وما أوضحها!فأعجب لأولئك الذين يتعسفون في ليِّ هذه المعاني لهذه الكلمات القرآنية الصريحة الواضحة ،


      2- قال تعالى (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا)

      أي أن هناك زيادة في الإيمان ، فهذا المشهد زاد المنافقين نفاقاً وإرجافاً وخذلاناً لكنه زاد المؤمنين إيماناً وتسليماً ،،

      3- قال تعالى
      (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)


      الآية صريحة في إثبات زيادة في الإيمان بتنزل السكينة عليهم من الرحيم الرحمن

      4- قال تعالى
      (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)


      والآية أيضاً صريحة في إثبات زيادة الإيمان
      وما أكثر الآيات ! ولا أُريد أن أطيل النفس أكثر من ذلك، فما أكثر الآيات التي تثبت زيادة الإيمان! ،،


      أما السنة فالأحاديث كثيرة
      1- روى الإمام مسلم في صحيحه أن حنظلة الأُسيدي - وكان حنظلة كاتباً من كتاب الوحي للنبي (صلى الله عليه وسلم)- ومع ذلك يقول حنظلة - رضي الله عنه- لقيني أبو بكرٍ - رضي الله عنه - يوماً فقال كيف أنت يا حنظلة؟ فقال له حنظلة نافق حنظلة، فقال الصديق: وما ذاك؟ فقال : نكون عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يذكرنا بالجنة والنار حتى كأن رأي عين، فنبكي وتخضل لحانا ، فإذا عدنا إلي بيوتنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً، فقال الصديق- رضي الله عنه- : قال الصديق والله إنا لنلقى مثل ذلك، فانطلقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالا: نافق حنظلة يا رسول الله قال : وما ذاك قال نكون عندك فتذكرنا بالجنة والنار حتى كأن رأي عين، فنبكي وتخضل لحانا ، فإذا عدنا إلي بيوتنا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيراً، فقال له (صلى الله عليه وسلم) : والذي نفسي بيده لو تدومون على الحال التي تكونون بها عندي وفي الذكر لصافحتكم الملآئكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن ساعةً وساعة، ساعةً وساعة ، ساعةً وساعة،



      حتى كأن رأي عين: أي حتى كأننا نرى الجنة والنار رأي العين ، يا إلهي


      فتخضل لحانا أي من البكاء والخشوع والخشية والتوبة والإنابة،

      عافسنا الأزواج والأولاد: أي لعبنا الأزواج والأولاد والضيعات المقصود بها الإنشغال بالأموال والتجارة،

      ونسينا كثيراً
      أي فإذا ما تركنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نسينا هذا البكاء وهذا الخشوع وهذا الخضوع والإنابة والتوبة والأوبة وانشغلنا فلعبنا النساء والأولاد وانشغلنا بالأموال والتجارة ،


      قال الصديق والله إنا لنلقى مثل ذلك هذا: الصديق الذي يدق قلبه على دقات قلب المصطفى ، والذي ينبض قلبه على نبض قلب المصطفى (صلى الله عليه وسلم)،

      ولكن ساعةً وساعة: أي ساعة أبكي فيها ولتخضل لحيتك من البكاء من خشية رب الأرض والسماء ولتبكي وتتململ بين يديه - جل وعلا- كتململ العصفور المبلل بماء المطر من شدة الخشية والحب والخوف في آن، وأقضي ساعة أخرى داعب فيها زوجتك وأولادك ولا حرج البتة أن تنشغل بضيعاتك وأموالك وتجارتك،
      ولا حرج عليك في ذلك هذا هو المراد ،

      فالحديث يثبت بجلاء أنم ساعةٌ يزيد فيها الإيمان بالطاعة ،وأن ساعةٌ يقل فيها الإيمان بالبعد عن الطاعة وبيئة الطاعة ،

      2- لذا روى الحاكم في المستدرك بسندٍ حسن من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قالإن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب، فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم


      كما يخلق الثوب
      أي كما يبلى الثوب، فسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم لذا كان الصحابي يلقى أخاه فيقول له هيا بنا نؤمن ساعة هو لا يقصد أصل الإيمان أو مطلق الإيمان، وإنما يقصد زيادة الإيمان، يقصد الإيمان المطلق كما فرَّق بينهم شيخ الإسلام- طيب الله ثراه- هيا بنا نؤمن ساعة أي هيا بنا نجدد الإيمان في قلوبنا، هيا بنا لنقبل على الله ليزداد الإيمان في قلوبنا،

      3- روى البخاري ومسلم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
      الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شعبة، أفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الآذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان.

      فهذا حديثٌ واضحٌ جداً على تفاوتٍ بيٍّن كبير في شعب الإيمان فأفضل هذه الشعب قول لا إله إلا الله وأدنى هذه الشعب إماطة الآذى عن الطريق


      وقد ذكرت قول شيخنا ابن القيم حيث قال وبين هاتين الشعبتين شعبٌ متفاوتة تفاوتاً عظيماً منها ما يلحق بشعبة الشهادة ومنها ما يلحق بشعبة إماطة الآذى عن الطريق.

      4- روى الإمام مسلم من حديث أبي مالك الاشعري -رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال الطهور شطر الإيمان أي نصف الإيمان ويحدد النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث أيضاً جزءاً من الإيمان،،

      5- وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو داوود والترمذي والطبراني وابن أبي شيبة وغيرهم من حديث أبي أُمامة - رضي الله عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم) قال من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان،،


      6- روى البخاري ومسلم من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- قال حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثين رأيت أحدهما وانا انتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن، وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال: ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت (وهو السواد اليسير) ثم ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيبقى أثرها مثل المَجْلِ كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه
      منتبرًا(أي منتفخاً) وليس فيه شيء ، ثم أخذ (صلى الله عليه وسلم) حصىً فدحرجه على رجله فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة، حتى يقال: إنفي بني فلانٍ رجلاً أمينًا، حتى يقال للرجل: ما أعقلَهُ وما أظرفَهُ وما أجلدَهُ ومافي قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، ولقد أتى عليَّ زمانٌ وما أبالي أيَّكم بايعت،لئن كان مسلمًا ردَّه عليَّ الإسلام، وإن كان نصرانيّا ردَّهُ عليَّ ساعيه، فأمااليوم فما كنت أبايع إلا فلانًا وفلانًا".


      وهذا دليلٌ نبويٌ صريح على أن القلب قد يخلو تماماً وقد يزول فيه الإيمان بالكلية وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،،

      أما أقوال أئمة آهل السنة في زيادة الإيمان ونقصانه فكثيرة جداً لا أستطيع حتى أن أقف على بعضها الآن

      ويكفينا قول البخاري -
      لقيت أكثر من ألف رجلٍ من العلماء بالأمصار اتفقوا جميعاً على أن الإيمان قولٌ وعملٌ يزيد وينقص،،

      هذا أصلٌ من أصول آهل السنة (قولٌ وعملٌ ) (يزيد وينقص)

      وبقي أن أتحدث في مسألة آخرى متعلقةٍ بهذا الأصل الثاني بزيادة الإيمان ونقصانه ألا وهي تفاضل آهل الإيمان في الإيمان، وهذا أيضاً أصلٌ ومعتقدٌ لآهل السنة، فآهل الإيمان يتفاضلون في الإيمان

      قال تعالى ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ
      ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِبِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)


      آية صريحة في تفاضل آهل الإيمان {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ}

      1- وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال بينَّ أنا نائم إذ عُرض علي الناس وعليهم قمص منها ما يبلغ الثُديَّ ومنها ما دون ذلك، قال إذ عُرض عليَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وعليه قميصٌ يجتره، قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين،،


      2- وفي رواية آخرى في الصحيحين من حديث ابن عمر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينَّ أنا نائم إذ أُتيت بقدح لبن فشربته حتى إني أرى الريَّ يخرج من بين أظفاري ثم أعطيت فضلتي لعمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فشرب قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم

      3- روى الإمام أحمد في مسنده وكذلك الإمام عبد الله بن الإمام أحمد في السنة بسندٍ حسنٍ ورواه كذلك الإمام البيهقي في الشُعب بسندٍ صححه الإمام العجلوني في كشف الخفاء أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال لو وزن إيمان أبي بكرٍ بإيمان آهل الارض لرجح إيمان أبي بكر ،،

      نعم هناك تفاوت في الإيمان ولا يمكن على الإطلاق أن نكون كأعلى الناس أولي العزم من الرسل والأنبياء وهم ، نوح وإبراهيم وموسي وعيسى ومحمد (صلوات الله عليهم جميعاً) ، وأدناهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً ، وبين هذين من التفاوت ما الله به عليم



      بل أنا أقول قد يتفاضل المؤمنون في العمل الواحد في المكان الواحد في الوقت الواحد وأضرب لذلك مثالاً واحداً قد يقف الناس في مسجدٍ جامعٍ في الحرم على سبيل المثال أو المسجد النبوي أو في المسجد الأقصى ....إلخ فيقف الناس في مكانٍ واحدٍ في وقتٍ واحدٍ خلف إمامٍ واحدٍ لصلاة فريضة واحدة وبينهم من التفاوت في الإيمان ما يتساوى تماماً مع أعدادهم في هذا المكان فمنهم من يشعر أن الصلاة قرة عينه ويتمنى لو أن الإمام أطال القراءة والركوع والسجود فهو لا يريد أن يخرج من هذه الجنة في الدنيا ، ففي الدنيا جنة من لا يدخلها لا يدخل جنة الآخرة ، ومنهم في نفس الصف من يشعر أنه في سجنٍ ضيقٍ يود أنه لو انتهى الإمام ليخرج منه بسرعة، ومنهم من يقف وقد تشتت قلبه وهام في كل واد في الشهوات في الشبهات في الأهواء..إلخ ، ومنهم من وقف في الصلاة لا يدري هل قرأ التشهد قائماً أم قرأ الفاتحة جالساً؟!! ومنهم من تخرج صلاته ينبعث منها النور تشرق حتى تفضي إلى عرش العزيز الغفور، ومنهم من تخرج صلاته مظلمة ولا حول ولا قوة إلا بالله ...وهكذا
      تفاوت وتفاضل لا يعلمه إلا الله ، يتفاوت الناس ويتفاضل الناس في العمل الواحد، وكذلك يتفاضلون في إيمانهم بربهم تبارك وتعالى وعلى ذلك يموتون ، وعلى ذلك يبعثون، وعلى ذلك يحشرون ، وبهذا التفاوت والتفاضل تقسم أنوارهم على الصراط،،
      اللهم اجعلنا من آهل الأنوار،
      {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوامَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}


      قال عبد الله بن مسعود والأثر رواه أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن خزيمة وغيرهم
      قال ابن مسعود - رضي الله عنه- منهم من يكون نوره كالجبل، ومنهم من يكون نوره كالنخلة، ومنهم من يكون نوره كالرجل القائم، ومنهم من يكون نوره على إبهامه يوقد مرة وينطفئ مرة، ومنهم من تحيط الظلمة به من كل ناحية،

      قال تعالى (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا
      نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًافَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ* يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)

      {يُنَادُونَهُمْ}
      أي ينادي أهل الظلمات آهل الأنوار، ينادي آهل النفاق آهل الإيمان
      وهكذا أيها الأفاضل ، هكذا يحشرون ، وعلى هذا التفاضل أيضاً يدخلون جنات رب العالمين

      قال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ )

      قال تعالى (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا )


      قال تعالى
      (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم* ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ )



      وكلنا يحفظ حديث الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ومن حديث أبي ذر وفيه أن الفقراء من آهل المدينة أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا يا رسول الله ذهب آهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، فقال (عليه الصلاة والسلام) ألا أدلكم على ما تصدقون به؟ قالوا: إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته فيكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم أن وضعها في الحرام أيكون عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: وكذلك لو وضعها في الحلال فله فيها أجر،


      وفي روايةٍ قالوا يا رسول الله سمع إخواننا آهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال (صلى الله عليه وسلم) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم،

      أيها الأحبة بقي في هذا المبحث المهم أن نتعرف على الفرق بين الإيمان والإسلام ؟ وسنرجأها إلى موضعها في تفسير القرآن الكريم إن شاء الله الملك الجليل حتى لا أطيل النفس أكثر من ذلك في هذا المبحث المهم والله تبارك أسأل أن يرزقنا وإياكم الإيمان وأن يعلمنا ويفهمنا، وأن يبصرنا ويرزقنا الإخلاص والتوفيق والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه،،
      التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:01 PM. سبب آخر: التنسيق
      إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
      فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
      فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
      همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
      وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
      وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

      تعليق


      • #63
        رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

        قلنا قبل ذلك أن المنافقون نموذجٌ متكرر في كل زمانٍ ومكانٍ، فلو هلك المنافقون لاستوحش المؤمنون في الطرقات، وذلك لكثرة المنافقين ولقلة المؤمنين الصادقين أسأل الله أن يجعلني وإياكم من المؤمنين الصادقين ،


        تجمع المنافقين في كل زمانٍ ومكانٍ صفات مشتركة ، ومن أخبث هذه الصفات إنهم يعلنون الإيمان بألسنتهم ويرددون الإيمان بأقوالهم ولكنهم في الوقت ذاته يدمرون ويبطنون الكفر في قلوبهم ،

        فالمنافقون متلونون لا يمتلكون القدرة والشجاعة ما يواجهون به الحق بالإيمان به بصورة صريحة واضحة ولا حتي يملكون القدرة والشجاعة التي بها يرفضون الحق بطريقة واضحة صريحة،


        ولكنهم متلونون، مخادعون ومع ذلك يظنون بغباء أنهم اذكياء وأنهم يملكون من الدهاء ما يستطيعون أن يخادعوا به رب العالمين والمؤمنين الصادقين الطيبين ،


        ولكنهم يفاجئون بمفاجأة حادة شديدة فوجئوا بالقرآن الكريم يتنزل على قلب النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم) يهتك استارهم ويظهر أسرارهم ويطلع المؤمنين الطيبين الصادقين على ما يحمله القوم في قلويهم من خداع ومكر ونفاق ودهاء وخبث وإلى غير ذلك من صفاتهم الخبيثة الدنيئة ،

        نعم أيها الأفاضل قال الله تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ)

        وليس الأمر كذلك فليس الإيمان كلمةٌ تقال باللسان فحسب، ولكن الإيمان قولٌ باللسان واعتقادٌ بالجنان وعملٌ بالجواح والأركان، لذا يكذبهم الرحيم الرحمن الذي يعلم السر وأخفى وينفي عنهم الإيمان
        فيقول تعالى (وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ)


        بل ويشهد سبحانه وتعالى على كذبهم وضلالهم فيقول جل جلاله
        (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)



        (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)



        الخداع لغةً الإخفاء، أصل الخداع في لغة العرب الإخفاء ومنه الأخدعان وهما عرقان مستبطنان في العنق،

        وتقول العرب مخدع البيت بضم الميم وكسرها،

        وتقول العرب أيضاً خدع الضب حارشه أي الذي يريد اصطياده، فيظهر الضب لحارشه الذي يريد اصطياده أنه سيخرج من فتحة الجحر الذي يمد الحارش فيها يده ثم يخدعه الضب فيخرج من الناحية الأخرى من النافقاء وهي جحر الضب، فظاهر جحر الضب تراب وباطنه حفر،


        ومنه سُمي المنافق منافقاً لآن المنافق يظهر الإيمان ويبطن الكفر


        ولذا سُمي المنافق منافقاً من النافقاء،

        والعرب أيضاً يقولون الخداع هو الفساد، فالمنافقون مفسدون لآنهم يفسدون الإيمان الذي يعلنونه بآلسنتهم وآقوالهم بما يبطنونه ويدمرونه في قلوبهم من نفاقٍ ومن كفرٍ ولا حول ولا قوة إلا بالله،،

        إذن الخداع أيها الأفاضل مصدر خادع الدال على معنى المفاعلة والمخادعة،


        فالخداع لغةٌ هو قولٌ أو فعلٌ أو حالٌ ما يوهم به صاحبه الآخرين أنه يريد الخير للغير وهو يريد ويقصد خلاف ذلك، ويقصد خلاف ذلك، يوهم الآخرين أنه يريد لهم النفع والمصلحة ولكنه في الحقيقة يريد لهم الشر والسوء هذه هي حقيقة الخداع

        وبهذا التأصيل اللغوي المبين يتبين غباء المنافقين ويتبين جهل المنافقين الفاضح فبجهلهم وبغباءهم يتصورون أنهم بهذا الدهاء المشئوم، وبهذا الخداع المزعوم يتصورون أنهم سيخادعون رب العالمين الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم مكنون الضمائر، الذي يعلم السرائر، الذي لا يغيب عنه شئٌ في الأرض ولا في السماء، بل الذي يسمع ويرى النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في الليلة الظلماء،
        يتوهم المنافقون الجهلاء أنهم بهذا الدهاء والمكر والخداع يستطيعون أن يخادعوا رب العالمين جل جلاله، الذي يعلم السر وأخفى بل السر عنده كالعلانية

        قال تعالى (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَيَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(


        وقال تعالى (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ
        مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)


        فما أقبح الجهل! وما أشنع خداع المخادعين من المنافقين! الذين لا يشعرون لغبائهم وجهلهم أنهم لايخدعون إلا أنفسهم ، وأنهم ينتهون بأنفسهم إلى شر مصير، إلى جهنم وبئس المصير، لذا يفضحهم العليم الخبير، ويجعل سرهم علانية،

        فيقول تعالى(يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)


        فهم يخادعون الله بظنهم فظنهم فاسد، وعقلهم كاسد، وقلوبهم مريضة، لا علم لهم ولا فقه لهم، فلا فقه لقلوبهم، ولا عقل في قلوبهم ولا في صدورهم، لا يعقلون ولا يفقهون، ولا يفهمون، فقومٌ يتصورون أنهم يستطيعون أن يخادعوا رب العالمين لجهلاء، لسفهاء، لا فهم لهم ولا عقل،

        ولا يشعر هؤلاء الأغبياء أن الله يرد عليهم خداعهم ونفاقهم وأنهم لا يخدعون إلا أنفسهم بل ولا حتى يستطيعون أن يخدعوا المؤمنين لآن رب العالمين الذي يعلم سر القوم ويعلم ما أخفوه القوم في الصدور والقلوب من خبثٍ وحقدٍ فيطلع المؤمنين على خداعهم وعلى نفاقهم، ويظهر نفاقهم على صفحات وجوههم، وفي لحن قولهم،بل وفي مداد أقلامهم العفن النتن، فالمنافقون لا يخلو منهم زمانٍ ولا مكانٍ يسودون كل يوم صفحات الجرائد والمجلات، ويملأون الفضائيات بطنطنة فاضحة، وكلماتٍ خبيثةٍ يريدون أن يملأوا بها قلوب المؤمنين إرجافاً وهزيمة نفسية نكراء،


        قال تعالى(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُون(

        وما أكثرهم
        الآن وهم بكل أسف يديرون دفةالتوجيه والتربية في الأمةبل في العالم كله،


        وصدق المصطفى (صلى الله عليه وسلم) إذ يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- سيأتي على الناس سنواتٌ خداعات يصدق فيها الكاذب،ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة قيل ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ، وفي لفظٍ قال الرجل السفيه

        وما أكثر التافهين! وما أكثر السفهاء! وهذا والله الذي لا إله غيره حقٌ تحقق الآن بمثل ما قال الصادق الذي لا ينطق عن الهوى،

        نعم ، يقال للرجل ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما في قلبه من مثقال حبة خردلٍ من إيمان ، مملوءٌ بالنفاق ومع ذلك يطبل له الناس، ويزمر له الإعلام، وربما يرفع على الأعناق، ولو أُقيم حد الله جل وعلا لآقيم على مثله وأمثاله من إخوانه الذي قال في حقهم المصطفى كما في حديث حذيفة بن اليمان في الصحيحين

        رجالٌ قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان أنس

        ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


        نعم أيها السادة الافاضل: بهذا التأصيل يتبين لنا فساد المنافقين بل وغباءهم، بل وبله المنافقين، قومٌ سفهاء يعتقدون أن الله تعالى لا يعلم سرهم ونجواهم، ولا يعلم ما تخفيه قلوبهم من نفاقٍ، وما تحمله صدورهم من حقدٍ، وما تحمله نفوسهم من أمراضٍ،


        (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ )

        بل حتى لا يستطيعون أن يخدعوا المؤمنين لآن رب العالمين يظهر خداع المنافقين للمؤمنين ، يجعل سر المنافقين للمؤمنين علانية، ولا يُنبئك عن القوم مثل خبير،

        (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)

        ويالها والله من كرامة للمؤمنين الصادقين، يالها والله من كرامة أن يجعلهم الله جل وعلا في معيته، وأن يجعل الحرب المعلنة عليهم حرباً معلنة عليه جل جلاله،

        (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا)
        يجعل الحرب المعلنة علي المؤمنين حرباً معلنة عليه جل جلاله


        هل وقفتم على هذه المنقبة؟؟

        هل تدبرتم أيها المؤمنون هذه الكرامة؟؟

        يالها والله من معية لو عرف المؤمنون قدرها ، يالها والله من معية لو عرف المؤمنون جلالها أيها المؤمن الصادق معك الحق الذي من أجله خلق الله السماء والأرض،الذي من أجله خلق الله الجنة والنار، الذي من أجله أنزل الله الكتب وأرسل الرسل، معك رصيد الفطرة التي فطر الله الناس كل الناس عليها،


        ومعك قبل ذلك ومعك بعد كل ذلك معك الله ويالها من معيةٍ كريمةٍ أنت ولي الله جل وعلا ، المؤمنون أولياء الله، المؤمنون أصفياء الله، يتولى الله بنفسه جل وعلا الدفاع عنهم وحفظهم


        قال تعالى (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)

        قال تعالى
        (
        ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ )

        قال تعالى
        (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ
        )

        وفي الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري وغيرهمن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أنه (صلى الله عليه وسلم) قال قال الله تعالى في الحديث القدسي من عادى لي ولياً فقد أذنته بالحرب،،


        اللهم أجعلنا من أوليائك وأصفيائك يا أرحم الراحمين ،،

        يالها والله من كرامة أن يجعل الله المؤمنين معه في معيته وأنا أقصد المعية الخاصة؟ فالمعية نوعان ، معيةٌ عامةٌ وهي معية المراقبة ومعية العلم الشامل المحيط فالله لا يغيب عن علمه شئ (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)


        أَيْنَ مَا كَانُواأي بعلمه أي بسمعه أي ببصره، أي بقدرته وإرادته وإحاطته فلا يغيب عنه شئولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات أو في الأرضجل جلال الله ،

        قال أعرف الخلق به (صلى الله عليه وسلم) كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه،يُرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه

        جل جلاله سبحانه سبحانه سبحانه، جلًّ عن الشبيه وعن النظير وعن المثيل

        (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)

        قال الله تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

        والسؤال يخادعون الله أمرٌ مستحيل،!!

        ولكننا نريد أن تقف معنا وقفةٌ عند قول الله تبارك وتعالى
        (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)

        لآن الله عز وجل رد عليهم خداعهم في الآية التي نحن معنا
        (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

        وقال تعالى في سورة النساء
        (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا
        يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا * مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)

        قد يسأل سائل بل وحتماً سيسأل كثيرٌ من السائلين كيف يخادع الله المنافقين؟ في قوله تعالى (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) فهذا السؤال موطنٌ تضل فيه الأفهام وتزل فيه الأقداموتسئُ فيه كثيرٌ من الأقلام

        وسأذكر الأن في هذا الموطن قاعدةً جليلةً من أعظم قواعد الاسماء والصفات نستطيع من خلال فهمنا لهذه القاعدة أن نتعامل مع كل هذه الأفعال التي أطلقها ربنا جل وعلا على نفسه في القرآن الكريم من باب الجزاء العدل من جنس العمل، وسنمر على كثيرٍ من هذه الأفعال في آيات القرآن الكريم ألا وهي

        المؤمنون العارفون بقدر الله وجلاله يؤمنون ويثبتون لله سبحانه وتعالى كل الاسماء الحسنى والصفات العلى التي أثبتها لنفسه جل جلاله في القرآن الكريم، والتي أثبتها له أعرف الخلق به (صلى الله عليه وسلم) في السنة الصحيحة من غير تحريف لألفاظها ومعانيها ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل
        ،

        (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ)
        إلى غير ذلك من الأدلة العظيمة فلسنا اعرف بالله من الله، ولسنا اعرف بالله من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا ينبغي ان نصرف النص القرآني عن ظاهره ما الداعي لذلك ؟!!

        الله جل وعلا يثبت لذاته اسماً ويثبت لذاته وصفته صفةً فلنثبت هذا الاسم وتلك الصفة من غير تعطيل، أو تحريف، أو تكييف، أو تمثيل، أو تشبيه،

        كذلك ذكر ربنا جل وعلا وأطلق على نفسه أفعالاً في القرآن الكريم من باب الجزاء العدل من جنس العمل،

        وهذه الأفعال في موضعها في السياق القرآني الذي وضعت فيه وسيقت فيه أقول هذه الأفعال في هذا الموضع أفعال مدح وكمال، أطلق الله تعالى لنفسه أو على نفسه أفعالاً وُضعت في سياق القرآن الكريم بدقةٍ فهي في هذا السياق وهذا الموضع أفعال مدح وكمال وجلال ولا يجوز أن نخرجها من سياقها وأن نطلقها مفردة وحدها بعيدةً عن السياق وإلا أوهم ذلك نقصاً في حق الله، تعالى الله عن كل نقصٍ وعن كل عيبٍ،

        ولا يجوز أن نشتق من هذه الأفعال أسماء لله تعالى،

        قال تعالى (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)

        وقال تعالى (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

        وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ )

        وقال تعالى (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )

        انظر على هذا الجمال والكمال، أي وربي، يا أخي سبحان الله لو أُطلقت هذه الافعال على واحدٍ من الخلق جازى بها واحداً من الخلق الآخرين جزاءاً عادلاً لاستُحسن منه ذلك ، فكيف بالخالق جل وعلا؟؟؟؟

        كيف تنسب لنفسك ما تريد أن تنفيه عن خالقك جل جلاله؟!!

        إذا عاملت إنساناً معاملةً عادلةً من باب صنيعه أو من باب فعله، فأنت محسن، بل ولا يُستقبحُ صنيعك ولا فعلُك،

        فالله تعالى يقول (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)

        وقال تعالى (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ )

        وقال تعالى (وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ )

        فهذا جزاءٌ عدل من جنس أعمال هؤلاء الخبثاء والمنافقينن لكن لا يجوز ان تأخذ هذا الفعل من وسط هذا السياق القرآني البديع الجليل وأن تفرد هذا الفعل، كأن تقول - ولاحول ولا قوة إلا بالله- الله ماكر، مخادع، ناسي، مستهزئ، ....إلى غير ذلك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً،

        بل من تفوه بذلك واشتق من هذه الأفعال التي سيقت في موضعها القرآني فكانت مدحاً وكمالاً أسماء وصفات للكبير المتعال فقد فاه بأمرٍ عظيمٍ

        والله لقد أتى شيئاً إدا، تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدا، أن يجعل هذه أسماءاً لله تعالى، وأن يقرن اسم المخادع، والماكر، والناسي، و المستهزئ، كأسماءٍ لله - حاش لله- مع اسم الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، الميهمن، ..إلى غير ذلك من أسماء الجلال، فلا يجوز ذلك على الإطلاق،

        فأرجو أن تتدبروا هذه القاعدة الجليلة لآننا سنتعامل بها مع كل هذه الأفعال التي ستقابلنا في القرآن الكريم، وهذا معتقد سلفنا الصالح، ومعتقد آهل السنة والجماعة، في هذا المبحث الجليل المهم، مبحث الاسماء والصفات،

        فعليك أيها المؤمن أن تقطع الطمع بسكين اليقين والإيمان في إدراك كيفية ذات الله - جل وعلا- كما قطعت الطمع بسكين العقل في إدراكِ كيفيات أمورٍ كثيرةٍ، ومخلوقاتٍ عديدةٍ تعيش معك وتراها بعينيك وتسمع دبيبها بأذنيك،

        اضرب لكم مثالاً أوضح به ما أقول

        أنت لا تنكر البتة لغة النمل
        قال تعالى
        (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لاَ يَشْعُرُونَ)

        فأنت لا تنكر أن النمل له لغة وله حوار وربما أكون صادقاً إذا قلت أن النمل له لغةٌ مرئيةً فإن لم تسمع لغة النمل ترى اللغة، تراها مجسدةٍ في حركةٍ دءوب، فترى نملةٍ لا تستطيع أن تحمل حبة قمحٍ أو حبة ذرةٍ، فتسرع هذه النملة لتعود بعد قليل بسربٍ طويلٍ من النمل يمشي وراءها ليحمل هذا السرب كله حبةَ الذرة إلى حيث شاء ربي وقدر جل وعلا ، نعم للنمل لغة، وله خطاب، وله حوار، وإن كنت لا تسمعها لكن أقول لك هل طمعت يوماً أيها العاقل أن تأتي بمكبر صوت( ميكروفون) أو بمسجل (كاسيت) لتضع مكبر الصوت أو المسجل في وسط سربٍ من النمل لتسجل لغة النمل أو لترفع صوت النمل لتُسمعُ هذا الصوت لمجموعةٍ كبيرةٍ من الناس؟،

        والجواب لا، ما طمع عاقلٌ في ذلك أبداً

        اسمع ما أقول الآن أقول لكَ ، قطعت الطمع بسكين العقل في إدراكِ كيفية كلام النمل، ولم تقطع الطمع بسكين الإيمان واليقين في إدراكِ كيفية كلام رب العالمين جل جلاله،

        لابد أن تؤمن بالأسماء والصفات، ولابد أن تعلم أن الأفعال التي وردت في هذا السياق القرآني سيقت للمدح، وللكمال ، ولا يجوز أن نفردها وأن نخرجها من سياقها القرآني، ولا يجوز أبداً أن نشتق منها أسماءاً لله - جل وعلا-،

        فالأسماء توقيفية فأنت تحزن إن سماك الناس باسمٍ لم يسمك به والداك، فلا يجوز لك البتة أن تطلق على ملك الملوك، وجبار السماوات والأرض، أسماً لم يسمي الله به نفسه، ولم يسمه به أعرف الخلق به نبينا محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) فهناك أسماء ثبتت في السنة النبوية الصحيحة لم تثبت في القرآن الكريم، فكل ما أثبته ربنا لذاته من الاسماء والصفات نثبته ونؤمن به من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ، وكل ما أثبته نبينا لربنا جل وعلا في السنة الصحيحة نثبته،ونؤمن به من غير تحريفٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ولا تمثيلٍ،

        (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)


        هل عرفتم الآن معنى قوله تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)

        وقد يتعجب سائل وحُق له أن يعجب، فقد يتعجب سائل فيقول عجباً لهؤلاء البلهاء ويطرح هذا السؤال فكيف يتوهم المنافقون أنهم يخادعون رب العالمين ؟ كيف يظن هؤلاء الأغبياء أنهم يمكرون بالله سبحانه وتعالى ويخدعونه

        وإليك الجواب لآنهم في قلوبهم مرض
        وهذا ما سنبينه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى

        التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:05 PM. سبب آخر: التنسيق
        إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
        فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
        فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
        همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
        وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
        وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

        تعليق


        • #64
          رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

          اختي الكريمة محبة الرسول وآله

          لا املك الا ان اشكرك علي جهدك كلما رأيت اضافاتك لهذه السلسلة المباركة

          جزاك الله خيرا عنا جميعا و رزقك سعادة الدارين آمين

          تعليق


          • #65
            رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

            جزاكم الله خيرا عنا جميعا ووفقكم لما هو خير للأمة جميعا
            التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:06 PM. سبب آخر: تصحيح أخطاء كتابية

            تعليق


            • #66
              رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

              اختي الكريمة محبة الرسول وآله


              لا املك الا ان اشكرك علي جهدك كلما رأيت اضافاتك لهذه السلسلة المباركة

              جزاك الله خيرا عنا جميعا و رزقك سعادة الدارين آمين
              اللهم أمين وجزاكِ الله خيراً اختي أنا أيضاً بسعد جداً أنكِ متابعة
              زادكِ الله حرصاً واهتماماً
              وبارك الله فيكِ وجمعنا في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله

              جزاكم الله خيرا عنا جميعا ووفقكم لما هو خير للأمة جميعا
              وخيراً جزاكم ، ووفقكم لما يحبه ويرضاه
              التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:07 PM.
              إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
              فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
              فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
              همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
              وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
              وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

              تعليق


              • #67
                رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَاكَانُوا يَكْذِبُونَ)
                (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ)

                فما المرض؟
                المرض في لغة العرب أي الفساد والنقصان والظلمة.. تقول العرب مرض فلان أي فسد جسمه ، وتقول العرب أيضاً بدنٌ مريض أي ناقص القوة ، وقلبٌ مريض أي مظلمٌ ناقص الدين، ويقولون المرض إظلام الطبيعة بعد صفائها ومنه قول شاعرهم:
                في ليلةٍ مرضت في كل ناحيةٍ فما يضئ لها شمسٌ ولا قمرٌ
                مرضت أي أظلمت، وأيضاً لا حرج أن أقول فسدت، هذا هو المعنى اللغوي

                فالمرض عند العرب الفساد والنقصان والظلمة، ومرض القلب خروجه عن صحته واعتداله بجهله بالحق أو بإعراضه عن الحق، إما بالشك والريب والهوى، وإما بإيثار الباطل على الحق، ولا حول ولا قوة إلا بالله

                فالمرض في الآية الكريمة كما قال ابن مسعودٍ وابن عباس - رضي الله عنهما- وغيرهما قال في قلوبهم مرض أي في قلوبهم نفاق ،

                وفسر ابن عباس رضي الله عنهما الآية مرة أخرى فقال أي في قلوبهم شك ،
                وفسرها عطاء و طاووس وغيرهما في قلوبهم مرض أي في قلوبهم رياء،

                ولا مانع على الإطلاق أن نجمع كل هذه الأقوال فالمنافقون في قلوبهم مرض، وفي قلوبهم نفاق، وفي قلوبهم رياء، في قلوبهم ريب، في قلوبهم شك، في قلوبهم زيغ، في قلوبهم ضلال، في قلوبهم هوى، كل هذه الأمراض .... وغيرها ملئت بها قلوب المنافقين

                (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) ألم أقل لكم الآن أنأنه الجزاء العدل من جنس العمل

                قال تعالى (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)

                وقال تعالى (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)

                وقال تعالى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
                فالجزاء من جنس العمل،

                (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) كما قال تعالى في شأن المؤمنين

                (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ)

                نعم أيها الأفاضل المنافقون يتوهمون كل هذا، ويظنون كل هذا، لآن قلوبهم مريضةٌ ولآنها مملوءة بكل هذه الأمراض الخبيثة، في قلوبهم مرضٌ فاستحقوا من الله جل وعلا هذا العقاب، وهذا الجزاء العدل من جنس العمل،

                فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ) في الدنيا والآخرة، وإن كان جمهور المفسرين على أن هذا العذاب الأليم مدخرٌ لهم في الآخرة ،
                والألم في لغة العرب هو الوجع، والأليم هو الموجع
                ويكفي أن يسميه الله تعالى أليماً فهو أليم، وقد ذكرت قبل ذلك في العذاب العظيم

                أن الله تعالى حين يسمي العذاب عظيماً فهو عظيم، وحين يسمي العذاب أليماً فهو أليم، فهو مؤلم، فهو موجع، فالطعام في النار نار،والشراب في النار نار، والثياب في النار نار، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار، والطعام في النار نار
                ، وزقوم (شوك(وضريع(نوع من الشوك (وغسلين(عصارة أهل النار(،
                والشراب في النار نار،

                قال تعالى (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ)

                وقال تعالى
                (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ *عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ* تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً* تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ* لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ )

                وقال تعالى (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيه * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيه * يَالَيْتَهَا كَانَتْ الْقَاضِيَةَ* مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ *هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ* خُذُوهُ فَغُلُّوهُ* ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ* ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ* إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ* فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ* وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ)

                والغسلين عصارة آهل النار من القيح والدماء والصديد، عافانا الله وإياكم من النار، وحرمنا وإياكم هلى النار، إنه ولي ذلك والقادر عليه ،،

                فإذا أكلوا هذه النار المشتعلة المتأججة وتأججت في بطونهم ناراً مشتعلة استغاثوا وطلبوا الماء، فأغيثوا ولكن بماءٍ كالزيت المغلي يشوي الوجوه ويزيد النار ناراً واشتعالاً،

                قال تعالى (وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (اللهم سلم سلم يا أرحم الراحمين
                قال تعالى (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُوَسَاءتْ مُرْتَفَقاً)

                قال تعالى (وََاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ* مِّنوَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ* يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ)
                حتي الثياب تفصل لهم من النار

                قال تعالى (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَر بِهِ مَا فِي بُطُونهمْ وَالْجُلُود * وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ)
                ولا حول ولا قوة إلا بالله

                (وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ )
                ولهم أي للمنافقين الخبثاء عذابٌ أليم في الدنيا يفضحهم الله تعالى، نعم ففي لحن اللقول تعرفهم، بسيماهم تعرفهم، في مداد أقلامهم العفن وكلماتهم الخبيثة تعرفهم، نعم يأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر المنافقين على صفحات وجوههم، وفي زلات ألسنتهم،

                كما قال شيخنا ابن القيم - رحمه الله- يأبى الله جل وعلا إلا أن يُظهرهم إلا أن يبين خطرهم، وخبثهم، وخداعهم، ونفاقهم ومكرهم للمؤمنين، ليحذر المؤمنون هذا الصنف الخبيث الذي يندس في الصف من حيث لا يدري ولا يشعر المؤمنون،

                (وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا
                كَانُوا يَكْذِبُونَ) وقرأها أهل المدينة، وأهل الحجاز، وأهل البصرة


                (وََلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَُكْذِبُونَ) بضم الباء والقراءتان صحيحتان ، وثابتاتان، والصفتان موجودتان أصيلتان في المنافقين، فهم يَكذبون ويُكذبون، فالكذب ديدنهم وصفتهم، نعم يظهرون بآلسنتهم أقوالاً ويبطنون بقلوبهم أفعالاً وأحوالاً ومعتقداتٍ فاسدةٍ راكدةٍ أخرى تصطدم اصطداماً مباشراً مع ما تردده آلسنتهم الكاذبة،
                ويُكذبون أي يُكذبون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويُكذبون ما جاء به من عند الله تعالى

                أيها الأفاضل إن أخطر الأمراض مرض القلوب بالنفاق والشك والريب والزيغ ........ وغير ذلك من الأمراض،

                وأعجب كثيراُ لهذه الكلمات لسفيان الثوري ولغيره أيضاً نُسبت لسفيان وغيره حين ذهب إليه رجلٌ مريض القلب ليقول له: يا سفيان لقد أُبتليت بمرض قلبي فصف لي دواءاً، فقال له سفيان: عليك بعروق الإخلاص، وورق الصبر، وعصير التواضع، ضع هذا كله في إناء التقوى، وصب عليه ماء الخشية، وأوقد عليه نار الحزن على المعصية، وصفه بمصفاة المراقبة، وتناوله بكف الصدق، واشربه من كأس الإستغفار وتمضمض بالورع، وابتعد عن الحرص والطمع، تُشفى من مرضك بإذن الله،


                أسأل الله تعالى أن يشفي آمراض قلوبنا، أسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم بحفظه، من النفاق كبيره وصغيره، إنه ولي ذلك والقادر عليه،

                (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا
                كَانُوا يَكْذِبُونَ)
                فالكذب من أقبح صفات المنافقين، ومن أخبث خصالهم، بل الكذب من أخبث الخصال والصفات، ولا ينبغي أبداً أن يقع فيها المؤمن الصادق لآن الله تعالى قد حذَّر من الكذب ونهى عن الكذب، وأمر بالصدق، وأمر أن نكون مع الصادقين في كثيرٍ من أيات القرآن الكريم،
                أو كما قال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى- لقد حذر الله من الكذب والكذابين في أكثر من مائتي وأربعين أية من آيات القرآن الكريم،
                وأنا أقول بملئ فمي أزمة العالم أزمة كذب، أزمة العالم قلة صدق، نعم فالجل يكذب إلا من رحم الله، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصادقين، ولذلك لا تعجب معي وأنت تقرأ هذا الأمر الرباني لمن حققوا الإيمان بالرب العلي، والحبيب النبي

                فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)

                والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره من حديث عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه- وفيه أنه (صلى الله عليه وسلم)
                قال
                ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتي يكتب عند الله كذاباَ...الحديث
                ولا حول ولا قوة إلا بالله

                فإياك والكذب، وكن مع ومن الصادقين، فيكفي أن تعلم أن الكذب خصلةٌ ذميمةٌ، وصفةٌ قبيحةٌ من خصال وصفات المنافقين،

                كما قال سيد الصادقين (صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان،

                وفي رواية عبد الله بن عمرو في الصحيحين أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم قال أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلةٌ منهن كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر،



                التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:10 PM.
                إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                تعليق


                • #68
                  رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                  حدثنا ربنا جل وعلا وحدثتنا الآيات الكريمة عن بعض صفات المنافقين والتي أولها وأخبثها والتي هي صفة مشتركة في المنافقين في كل زمانٍ ومكانٍ
                  1-الصفة الأولى: أنهم يعلنون بألسنتهم وأقوالهم الإيمان بالله تعالى ولكنهم يبطنون في قلوبهم الكفر
                  قال تعالى (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَاهُمْ بِمُؤْمِنِينَ)


                  2- الصفة الثانية: أنهم يتوهمون بغباء وجهلٍ شديد أنهم يمتلكون من الدهاء والمكر والذكاء ما يستطيعون به أن يخادعوا رب الأرض والسماء وهل يظن هذا الظن السيئ إلا صاحب فهم فاسدٍ ، إلا صاحب عقلٍ كاسدٍ، إلا صاحب قلبٍ مريضٍ
                  قال تعالى (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ
                  وَمَا يَشْعُرُونَ)

                  3- الصفة الثالثة: ألا وهي صفة مرض قلوبهم بالنفاق والريب والشك والتردد
                  قال تعالى (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
                  بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)

                  وها نحن الليلة بتوفيق الله ومدده مع صفتين من صفات المنافقين الخبثاء يبينهما ربنا تبارك وتعالى بوضوحٍ وجلاءٍ ،

                  4- الصفة الرابعة : أنهم مفسدون في الأرض ويزداد الأمر خطراً وفساداً أنهم يتوهمون أنهم هم الصالحون المصلحون وأنهم بمنأى عن الفساد والإفساد في الأرض،
                  قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ *
                  أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)

                  وإذا قيل لهم؟
                  من القائل هنا؟!


                  للعلماء في الجواب على هذا السؤال المطروح أقوال

                  1- القول الأول: من آهل العلم من قال أن القائل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض هو الله جل وعلا فهو تعالى الذي يأمره المنافقين بعدم الإفساد في الأرض،
                  2-القول الثاني: ومن آهل العلم من قال بل القائل هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فالذي أمرهم ونهاهم عن الإفساد هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم)


                  3- القول الثالث: ومن آهل العلم من قال بل القائل للمنافقين لا تفسدوا في الأرض هم المؤمنون الذين عايشوهم وخبروهم ورأوا واطلعوا على خلقهم وفسادهم فنهوهم عن ذلك الفعل الخبيث ألا وهو الإفساد


                  4- القول الرابع: ومن آهل العلم من قال بل القائل هم بعض من أصابهم إفساد المنافقين لما أصيبوا بفسادهم و خبثهم نهوهم عن الإفساد بعدما أصابهم فسادهم وخبثهم، فرد المنافقون على هؤ لاء بقولهم (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

                  5- القول الخامس: ومن آهل العلم من قال أن القائل هم فريقٌ من المنافقين أنفسهم ممن خافوا أن يفتضح أمرهم، وأن ينكشف سترهم، فقالوا لكبراءهم لا تفسدوا في الأرض حتى لا ينكشف أمرنا ويفتضح سترنا، فرد الكبراء بكبر وإستعلاء فقالوا (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

                  فكلها أقوالٌ محتملةٌ،

                  ما معنى الفساد ؟


                  وما هو الفساد؟


                  الفساد هو ضد الصلاح، والصلاح نقيض الفساد، وحقيقة الفساد العدول عن الإستقامة إلى عكسها وضدها فكل من انحرف عن طريق الإستقامة فهو فاسد أو مفسد بل هو حتماً فاسدٌ مفسدٌ ، لآنه انحرف عن الصراط المستقيم وعن الإسلام وعن القرآن وعن طريق النبي (صلى الله عليه وسلم) فهو فاسد مفسد ،

                  فاسد في ذاته ومفسد في سلوكه هذا، ومفسدٌ في انحرافه هذا عن هذا السبيل وعن هذا الصراط المستقيم،
                  أو هو خروج الشئ عن كونه منتفعاً به، وهذا فسادٌ بعد فساد أي أنهم يفسدون مرتين ومفسدون مرتين، فهم لا يتركون الشئ الذي خلقه الله تعالى صالحاً لا يتركونه صالحاً لا يتركونه لينتفع الخلق به، فلقد خلق الله تعالى كل شئ وأودعه هداه ، وجعل فيه هداه،

                  قال تعالى (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) وهذه هي الهداية العامة بمعنى كما قال العلامة الألوسي وغيره،


                  بمعنى أن الله جل وعلا خلق كل شئٍ في الكون وأمده بالمنفعة التي وجد هذا الشئ من أجلها ليؤدي هذا الشئ هذه المنفعة التي أوجدها الله عز وجل فيه إلى الوقت الذي شاء ربي تعالى وقدَّر،

                  فالعين قد خلقها الله تعالى بهذه الطريقة وأمدها بنوعٍ من أنواع الهدى لتؤدي المصلحة والمنفعة التي خلقت من أجلها، وكذلك الأنف، وكذلك اللسان، وكذلك الفم، وكذلك اليد، وكل جارحةً في الإنسان فضلاً عن كل شئٍ في الكون،


                  فلو نظرت إلى المخلوقات وإلى عوالم رب الأرض والسماوات لطاش عقلك ورأيت العجب العجاب، انظر إلى عالم النمل وإلى هدايات عالم النمل، انظر إلى عالم النحل وهدايات عالم النحل، انظر إلى عالم البحار وهدايات عالم البحار، انظر حتى إلى عالم النبات سترى حياةً من نوعٍ عجيب غريب حتى في النباتات نعم لو اطلعت على هذ العالم لرأيت العجب العجاب فربنا جل وتعالى هو الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى، أي هيأه ووفقه للمنفعة والمصلحة التي وجد من أجلها وخُلق من أجلها ،


                  ووالله لو لم يتدخل الإنسان لإفساد خلق الله في الكون وفي الأرض لكانت صالحة، والله لقد كانت الأرض صالحة، صالحةً بالتوحيد الذي فطر الله تعالى الخلق كل الخلق عليه، ولكن الخلق إلا من رحم الله تعالى هم الذين أفسدوا الأرض وحولوا صلاحها إلى فساد

                  إذن فالمنافقون مفسدون مرتين لم يتركوا الاشياء التي خلقها الله تعالى، ولم يتركوا منهج الله تبارك وتعالى ليصلح الأخرين، وإنما راحوا ليفسدوا ما خلقه الله تعالى ثم راحوا مرةً أخرى ليفسدوا بنفاقهم، بتلونهم، بخداعهم، بكفرهم، بمعاصيهم، بذنوبهم، كما بيَّن أئمة السلف من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)


                  إذن فالفساد هو خروج الشئ عن كونه منتفعاً به، والمنافقون لا يتركون الشئ الصالح على صلاحه، بل ولم يزده صلاحاً، وما أكثر هؤلاء المفسدين في الأرض التي خلقها الله تعالى صالحةً، وكثيراً ما نرى في الخلق وفي الكون أموراً كثيرةً خلقها الله تعالى صالحةً مُصلحةً فلم يتركها الخبثاء المفسدون لم يتركوها على صلاحها، بل لم يزيدوا هذه الأمور صلاحاً بتهيأتها لينتفع بها الخلق وليستفيد بها الناس وإنما راحوا ليفسدوا صلاحها،

                  وليفسدوا بصنيعهم مرةً ثانيةً ليفسدوا صلاح الشئ الصالح في ذاته وليفسدوا بإيذائهم للآخرين مرةً ثانيةً ، فالمنافقون يفسدون مرتين يفسدون بعد فساد، يفسدون الشئ الواحد مرتين فلا يتركونه صالحاً فضلاً عن أنهم يؤذون ويفسدون بعد إفسادهم لهذا الشئ الصالح غيرهم من الخلق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،

                  نعم أيها الأحبة تدبروا معي لم يترك المنافقون هذا الشئ صالحاً بل أفسدوه

                  وقد ورد لفظ الفساد على ثلاثة أوجه في القرآن الكريم :

                  الوجه الأول: العصيان كما في الآية التي معنا (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ)

                  أي لا تفسدوا في الأرض بالكفر والشرك وفعل المعصية، فالكفر هو أكبر ألوان المعاصي وهو أشنع وأبشع صور الفساد والإفساد في الأرض، فلا تفسدوا الأرض بالشرك والكفر بعد أن أصلحها الله تعالى بالتوحيد الذي فطر الله الخلق كل الخلق عليه

                  قال تعالى (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)

                  وقال تعالى (‏وَإِذْ أَخَذَ رَبُُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ [172] أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ)

                  وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن
                  النبي (صلى الله عليه وسلم)قال كل مولودٌ يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه،

                  نعم فالإفساد هنا بالكفر، فالكفر أخبث ألوان المعاصي وأشنع صور الإفساد في الأرض، فهو أظلم الظلم وأقبح الجهل،
                  ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)

                  ولذلك يقول ربنا لإمام الموحدين، وسيد النبيين،

                  (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)

                  تأمل معي الله جل جلاله من يخاطب الله تعالى في هذه الآية السابقة ؟

                  يخاطب إمام الموحدين المصطفى (صلى الله عليه وسلم)

                  قال تعالى (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ‏)

                  فالشرك أظلم الظلم وأقبح الجهل وأبشع صور الفساد والإفساد في الأرض،

                  وقال تعالى
                  (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا)

                  أي لا تفسدوا في الأرض بالشرك
                  ، والكفر، والمعاصي كبيرها وصغيرها بعد أن أصلحها ربنا جل وعلا بالتوحيد الذي فطر الخلق كل الخلق عليه

                  الوجه الثاني: الهلاك
                  قال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)
                  أي لهلكتا أي السماء والارض

                  الوجه الثالث: السحر
                  قال تعالى (فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ)

                  فجمهور آهل التفسير ان المراد بالمفسدين في هذه الآية هم السحرة، ولا شك ولا ريب أنهم مفسدون في الأرض بصنيعهم هذا، وسحرهم هذا، وباطلهم هذا الذي يزعمون أنهم يبطلوا به الحق
                  هذه هي أوجه الفساد في القرآن الكريم

                  (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ) وقلنا أن المعنى المراد هنا أي لا تفسدوا بالكفر وفعل المعصية

                  قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والسدي - رضي الله عنهم جميعاً- قال غير واحدٍ من آئمة السلف من آهل التفسير أن المراد بالآية هنا وأن المعنى المقصود بلا تفسدوا في الأرض أيها المنافقون الخبثاء بإعلانكم وإظهاركم للإيمان وأنتم تبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فلا تفسدوا في الأرض بالكفر وفعل المعاصي وما أكثر عصيان المنافقين!


                  التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:13 PM. سبب آخر: التنسيق
                  إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                  فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                  فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                  همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                  وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                  وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                  تعليق


                  • #69
                    رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                    تبارك اسم الله

                    تعليق


                    • #70
                      رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      جزاكِ الله خيراً أختي سارة
                      إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                      فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                      فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                      همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                      وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                      وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                      تعليق


                      • #71
                        رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                        فالمنافقون مفسدون في الأرض بنفاقهم بل فسادهم أشر من الكفار المظهرين لكفرهم

                        وقد أجمع جمهور العلماء على أن السحر فيه الآية هو الإفساد في الأرض، لأنه كما قلنا قبل ذلك هم معك في الصف، بل يصلي معك الجماعات، ويحضر معك المعارك والغزوات، ويقتسم الغنائم، ويتزوج المؤمنات،

                        فالمنافق خبيث، يتلون في كل ساعةٍ له لسان، وله وجه، بل له ألف لسان، وألف وجه، يتغير ويتلون إذا جالس المؤمنين أسمعهم كلام الإيمان، وظهر لهم بوجه المؤمنين، وإذا جالس الشياطين أظهر وجهه الحقيقي،وأخرج كلامه الخبيث، الذي يخالف به معتقده، فهو يظهر بكلامه ولسانه كلاماً ويقول بلسانه وكلماته قولاً ولكنه يبطن خلافه، ويبطن ضده،ويعتقد خلافه، فهو يظهر الإيمان والإسلام، ويبطن الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله

                        يظهر بلسانه إنه يريد الصلاح ويريد الإصلاح، وهو في قرارة نفسه لا يريد إلا الإهلاك والإفساد والتخريب،


                        ولا ينبغي أن يُخدع المؤمنون بكلمات المنافقين الخبيثة من أنهم صالحون في ذوات أنفسهم، مصلحون لا يريدون إلا النفع لأمة النبي (صلى الله عليه وسلم)


                        فالله جل وعلا ينبئنا ويخرج لنا ما يحمله القوم في صدورهم (وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)

                        أي أن من فساد المنافقين أنهم يعلنون الإيمان ويبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا خطر أكبر من خطر الكافر الذي يظهر كفره بوضوح وعلانية



                        ومن إفساد المنافقين أنهم مخادعون ومتلونون ويريدون بهذا الخداع لا أن يخدعوا المؤمنين فحسب بل يريدون بهذا وبغباء أن يخدعوا رب الأرض والسماء الذي يعلم السر وأخفى

                        ومن إفسادهم أنهم يفسدون في الأرض بموالاتهم لليهود والنصارى والكافرين على حساب المؤمنين فهم لا يريدون أبداَ للمؤمنين نصرة، ولا يريدون أبداً للمؤمنين عزاً، ولا استخلافاً ولا تمكيناً،

                        يا أمتي الحبيبة تعرفي على صفات المنافقين فهم مندسون بينكم،

                        فالمنافقون يوالون الكفار، يوالون أعداء العزيز الغفار، ينصرونهم باللسان وبالجنان، ينصرونهم بالسنان، ومع ذلك يعلن الخبثاء الخبثاء المجرمون أنهم مؤمنون، وخطرهم أخطر من خطر الكفار الأصليين الذين تعد العدة لهم لآن المنافقين بين الصفوف
                        مندسون

                        تدبروا من إفسادهم في الأرض أنهم يوالون الكافرين

                        ولذلك قال حذيفة بن اليمان أمين السر النبوي - رضي الله عنه-
                        فليحذر أحدكم أن يكون يهودياً أو نصرانياً وهو لا يدري

                        يقول الله تعالى
                        (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

                        فالمنافقون مفسدون بموالاتهم لأعداء الله الكافرين ، مفسدون بموالاتهم لأعداء رب العالمين، لا يريدون أبداً للدين نصرة، ولا يريدون للإسلام عزةً
                        ، ولا يريدون للأمة استخلافاً ولا تمكيناً،

                        لذا هم المرجفون الذين يملئون الآن قلوب المؤمنين على شاشات الفضائيات بالإرجاف والهزيمة النفسية، لتظل الأمة مهزومة مشلولة الفكر والحركة لتظل الأمة مهزومة ومشلولة الفكر والحركة ، هؤلاء هم المنافقون،

                        هؤلاء هم الخبثاء المجرمون الذين لا يخلو منهم زمانٌ ولا مكانٌ، بل لو خلت الأرض منهم لاستوحش المؤمنون في الطرقات لقلة السالكين كما قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه- ولا حول ولا قوة إلا بالله
                        فالمنافقون يوالون أعداء رب العالمين

                        أتحب أعداء الحبيــب وتدعي حبـــــاً له ما ذاك في الإمكــانِ
                        وكذا تعـادي جاهــداً أحبابـه أين المحبة يا أخا الشيطـــــــــانِ؟
                        شــرط المحبـة أن تـوافـق من تحـب على محبته بلا نقصــانِ
                        فإن ادعــيت له المحبة مع خلافك ما يحب فأنت ذو بطــــلانِ
                        لو صدقت الله فيــما زعمـته لعــاديت من بــالله ويحك يكــــفرُ
                        وواليت أهل الحـــق سـراً وجهرةً ولما تعاديهم وللكفر تنصـرُ
                        فما كل من قد قال ما قلـــت مسلمٌ ولكن بأشراط هنالك تذكـــر
                        مباينة الكفار في كل مـوطنٍ بذا جاءنا النـص الصحيح المقرر
                        وتصدع بالتـوحيد بين ظهـــورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهرُ
                        هذا هو الدين الحنيــفي والهـدى وملة إبـراهيم لو كنت تشعرُ


                        إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                        فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                        فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                        همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                        وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                        وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                        تعليق


                        • #72
                          رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                          فخذ حذرك أنت من تحب؟
                          ومن تنصر؟


                          فوالله لو عبدت الله مائة عام بين الركن والمقام في بيت الله الحرام لبعثت يوم القيامة مع من تحب ، تحب من ، أتحب الله؟
                          أتحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟
                          أتحب الأطهار من الصحابة الاخيار؟

                          أتحب العلماء الأبرار الأطهار؟

                          أتحب المؤمنين الصادقين؟ تحب من ستحشر وستبعث مع من يحب


                          قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المرء مع من أحب،

                          ويقول أنس ووالله ما فرحنا بشئٍ كفرحنا بقول النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا ، ثم قال أنس –لله دره- وأنا أحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابا بكرِ وعمرَ وأسأل الله أن يحشرني معهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم،

                          وأنا وأنتم نقول جميعاً على لسان وقلب رجلٌ واحد ونشهدك يا ربنا أننا نبينا وأبا بكرٍِ وعمرَ وعثمانَ وعلياً وجميع أصحاب الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) ونسألك بمنك وكرمك ورحمتك أن تحشرنا معهم وإن لم نعمل بمثل أعمالهم وإن قصرت أعمالنا فبحبنا يا أرحم الراحمين،،،

                          فالمنافقون مفسدون في الأرض بموالاتهم للكفار، والمنافقون مفسدون في الأرض لآمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، فالأمر بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر هذا للمؤمنين،

                          أما المنافقون أعوذ بالله يا أخي يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، فتجدهم أطلقوا عن الحجاب أنه تخلف ورجعية وتأخر وتلك المحجبة العفيفة هي في نظرهم مرعبة للأطفال والأولاد،


                          وأما عن الخمر فأطلقوا عليها أسماءأً أخرى كالمشروبات الروحية التي تنعش القلب والروح وليست تلك التي كانت محرمة في أرض الجريرة قديماً، وكذلك لحم الخنزير فقد كان حراماً قديماً لأنه كان موبوءاً ومريضاً أما الخنازير اليوم فهي تحظى بالرعاية البيطرية والعيادات الخاصة وتخضع للكشف الشامل وما إلى ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ،،

                          فتجد ذلك الصحابي الذي نزع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من يده خاتماً من الذهب وطرحه على الأرض ثم قال: حرام الذهب والحريرعلى رجال أمتي وحلٌ لنساءها، ثم تركه (صلى الله عليه وسلم) وانصرف، فقالوا له ألا أخذت الخاتم فانتفعت به فقال هذا الصحابي الجليل :والله ما كنت أخذه بعدما طرحه على الأرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ،،


                          سبحان الله فرقٌ كبير بين منطق الإيمان ومنطق النفاق،منطق الإيمان السمع والطاعة بلا تردد ولا انحراف، منطق النفاق لماذا حرام؟ هذا كان قديماً أنت الآن في عصر الفضائيات والذرة وما إلى ذلك من تلك الحجج

                          إن قلت قـال الله
                          قـال رسوله همزوك همز المنكـر المتغـــــالي
                          أو قلت قـال الصحابــة والتابعــــــون لهم في القول والأعمـالِ
                          أو قلت قـال الشافـــعي وأحمـد وأبو حنـــيفة والإمام الغالــــي
                          صدوا عن وحي الأله ودينه واحتـالوا على حرام الله بالإحلالِ
                          يا أمـة لعبت بدين نبيـها كتلاعــب الصبيــــــان في الأوحــــالِ
                          حاش رســـول الله يحكـــــــم بالهوى تلك حكومة الضُــــــــلالِ


                          إذن فما علامة المنافق؟ تجده يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف،

                          قال تعالى (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوااللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)

                          وتجدهم أيضاً بخلاء أشحاء عندهم جشع، طماعون، أما المؤمن فالمال في يده وليس في قلبه، سخي، منفق، باذل، لا يتردد بل إذا طُلب منه الألف قدم الألفين، ها هو المؤمن لآنه على يقين بوعد رب العالمين ووعد الصادق الأمين


                          (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيم)

                          قال تعالى (وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ)

                          سبحان الله العظيم نجد الله تعالى في هذه الآية الكريمة وقد قدم المنافقين والمنافقات على الكفار،ولهم عذابٌ مقيم أي دائم لا ينقطع ولا ينتهي وقدم الله المنافقين والمنافقات على الكفار،


                          وذلك لآن الكافر كفره ظاهر ومعروف، أما المنافق فهو خبيث كافر مع خبث وتلون وخداع وتضليل وتزييف ومكر ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
                          وآهل النفاق مفسدون في الأرض بأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف، كما أنهم يصدون عن منهج الله ولا يريدون أن يتحاكموا إلى شرع الله،


                          قال تعالى(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوابِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (


                          وهذه شهادة من رب العالمين، واحذر إذا جاءك الحكم من الرب العلي فهو حكمٌ يقيني لا يحتمل فيه قولان وليس محل خلاف ، أي أنه يا محمد ألم ترى الي ذلك الزعم الباهت وإلى هذا الكذب الفاضح ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أُنزل إليك ،

                          ليس هذا فحسب بل يزعمون انهم أمنوا بكل ما أُنزل على الرسل من قبلك، بل وإذا قيل لهم تعالوا، أتقوا الله وكفاكم فساداً في الأرض تعالوا إلى ما أُنزل الله أي إلى القرآن وإلى الرسول أي الرجوع إليه في حياته الشريفة والرجوع إلى السنة بعد مماته كما قال ميمون بن مهران،

                          تعالوا إلى القرآن، تعالوا إلى السنة، تعالوا إلى السعادة ، تعالوا إلى النجاح، تعالوا إلى الفلاح، تعالوا إلى سفينة نوح في عصرنا وسط هذه الرياح الهوجاء، والأمواج المتلاطمة، أيتها البشرية تعالي إلى النجاة


                          (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى*وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)

                          إنه الضنك الذي تحياه البشرية الآن، والله إنه الضنك، ولا حول ولا قوة إلا بالله،،


                          فشعار المؤمن العبد سمعت وأطعت، الرب العلي يقول أمرت ونهيت والعبد المؤمن يقول سمعت وأطعت، وكذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول أمرت ونهيت والعبد المؤمن والأمة المؤمنة يقولون سمعنا وأطعنا، هذا هو قول المؤمن

                          (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)

                          واكتفي بهذا القدر الليلة فالحديث عن النفاق يتعب القلب ، فاعذروني وما زلت إلى الآن ما فارقت قوله تعالى (وَلَا تُفْسِدُوا)
                          إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                          فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                          فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                          همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                          وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                          وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                          تعليق


                          • #73
                            رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                            تعليق


                            • #74
                              رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
                              وخيراً جزاكم
                              التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 08:17 PM. سبب آخر: حذف رابط
                              إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                              فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                              فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                              همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                              وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                              وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                              تعليق


                              • #75
                                رد: أجمل ما يمكن أن تقرأ في تفسير سورة البقرة

                                (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)
                                فلا زالت الآيات الكريمة أيها المسلمون الأفاضل تحدثنا عن المنافقين وعن صفات المنافقين وقد أطلت النفس في الحلقة الماضية
                                في قوله - جل وعلا- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ)


                                وبينت فساد المنافقين في الأرض وأن فسادهم فسادٌ خطير لآن فسادهم أشد من فساد الكفار الذين أعلنوا كفرهم لآنهم معروفون للمؤمنين، أما المنافقون فإفسادهم أعظم لآنهم يُظهرون الإيمان بألسنتهم، ويُظهرون الإسلام بكلماتهم، ويُبطنون الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله،
                                وذكرت أيضاً من إفساد المنافقين أنهم متلونون، مخادعون ، ماكرون، فهم يظهرون بوجوه مختلفة، يظهرون مع أهل الإيمان بوجه ومع شياطينهم من أهل الكفر والنفاق بوجهٍ أخر، ومن فساد المنافقين أنهم يأمرون بالمنكر، وينهون عن المعروف،


                                ومن أخبث صفات المنافقين أنهم يُعرضون عن شرع رب العالمين ويصدون عنه

                                كما قال ربنا سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا)

                                لكن بكل أسف مع هذا الإفساد البشع بأشكاله المتعددة وألوانه المختلفة لا يشعر المنافقون بأنهم مفسدون بل يتبجحون ويستعلون ويقولون أنهم مصلحون إن ذكَّرهم أي مذَّكرٍ لهم وقد فصلت ذلك، فقد ردوا بتبجحٍ واستعلاءٍ


                                (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)

                                وهنا يكذبهم ربنا جل وعلا مرةً ثانيةً كما كذبهم - جل وعلا- فنفى عنهم الإيمان بقوله تعالى ( وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) ينفي ربنا تبارك وتعالى عن المنافقين صفة الإصلاح بل ويحكم عليهم بالإفساد وكان حقيقاً بالمنافقين في هذا الوقت - وفي هذا الوقت الذي نحياه- كان حقيقاً على المنافقين في كل زمانٍِ ومكانٍ أن يعلموا أنهم مفسدون وأنهم ليسوا مصلحين وليسوا صالحين،


                                ولكن لآن القوم غارقون في الكذب لأنهم ظلوا يكذبون حتى صدقوا أنفسهم في الكذب وصار الكذب ملازماً لهم، صفةً لا تنفك عنهم ومن ثمَّ فهم لا يشعرون بفسادهم وإفسادهم قالوا (إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فكذبهم ربنا - جل وعلا- بقوله (أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)

                                وأنا أعجب لجلال القرآن وجماله فربنا - تبارك وتعالى - في هذا الموطن يحذف مفعول كلمة (يَشْعُرُونَ) فيشعرون فعلٌ وفاعلٌ

                                لكن أين المفعول؟

                                يحذف الله - تبارك وتعالى - مفعول كلمة (يَشْعُرُونَ) وهذا الحذف قد يكون حذف اختصار أو قد يكون حذف اقتصار، وهذا هو الأبلغ والأولى عندي الحذف للمفعول حذف اختصار كما قال آهل اللغة بل قد يكون الحذف هنا للإقتصار فهذا التبلد وعدم الشعور بالمرة صار صفةً للمنافقين (أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ)


                                وتعالوا معي أيها الأفاضل لنعيش الليلة مع صفتين أخرتين من صفات المنافقين فتذكر الآيات الكريمة صفةًُ خامسةً من صفات المنافقين الخبثاء ألا وهي الإستعلاء الكبر، الإعراض عن الإيمان، الإعراض عن الحق، الإستهزاء بالمؤمنين الصادقين وأتهامهم بالسفه ولا حول ولا قوة إلا بالله


                                تدبروا معي قول ربنا - جل وعلا- (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِن لاَّيَعْلَمُونَ)

                                تدبروا معي هذه الآية الكريمة والتي تبين صفةٌ أخرى خبيثةٌ من صفات المنافقين ممن لا يخلوة منهم زمانٍ ولا مكانٍ، فإذا قيل لهؤلاء الخبثاء (آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ) أي آمنوا كما آمن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فهم سادة المؤمنين وعلى رأس المؤمنين - رضوان الله تعالى عليهم- رد المنافقون الخبثاء وقالوا (أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِن لاَّيَعْلَمُونَ)



                                وهم يقصدون بالسفهاء أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)..
                                انتبه معي فالمنافقون في كل عصرٍ وفي كل مصرٍ يتهمون الصحابة - رضوان الله عليهم- بالسفه فكل من يتهم أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسفاهة فهو السفيه، فهو المنافق الخبيث، بشهادة رب العالمين - تبارك وتعالى-
                                (
                                وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ)


                                قال ابن عباس - رضي الله عنهما- أي إذا قيل لهم آمنوا كما آمن أصحاب محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) وقولوا إنه نبيٌ ورسولٌ وإن ما أُنزل عليه حق، وصدقوا بالآخرة، وأنكم مبعوثون من بعد الموت، قالوا أي قال المنافقون أنقولُ كما يقول السفهاء؟! يعنون أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)،، وكما قال الحافظ بن كثير-رحمه الله تعالى-

                                وإذا قيل للمنافقين (آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ) أي كما آمن أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أو كإيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت والجنة والنار ... وغير ذلك قالوا أي قال المنافقون أنقولُ كما يقول السفهاء يقصدون الصحابة - رضوان الله عليهم- ..
                                وبهذا فسر الآية أيضاً عبد الله بن مسعود وغيره من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)
                                فما هو السفه؟
                                التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 10-02-2013, 09:00 PM. سبب آخر: التنسيق
                                إلهــي أنــت تعـلـم كيـــف حــــــالـي
                                فهـــل يـا ســيـدي فــرجٌ قريــــــــب؟
                                فيـــا ديــــان يـوم الديــن فـــــــــرج
                                همـــومـاً في الفـــؤاد لهـا دبيـــــــبُ
                                وصـل حبـلي بحبـل رضـــــــــــــــاك
                                وانظر إليَّ ، وتب عليَّ، عسى أتـوبُ

                                تعليق

                                يعمل...
                                X