غزوة حمراء الأسد
موقعها
إن من مظاهر الكمال المحمدى فى كل جوانب الحياة العسكرية والمدنية على حد سواء خروجه صبيحة الأحد لإرهاب الأعداء فى الداخل والخارج إنه بعد الهزيمة التى أصابت المسلمين يوم أمس السبت ما راع الناس إلا ومؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤذن بالخروج لملاحقة أبي سفيان بن حرب وجيشه وقال لا يخرج معنا إلا من حضر معنا معركة أحد أمس فخرج المؤمنون ومن بينهم أخوان جريحان فكان خفيف الجراح يحمل أخاه فإذا تعب وضعه يمشى ساعة ثم يحمله حتى وصلا معسكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على ثمانية أميال من المدينة حيث عسكر (صلى الله عليه وسلم) بحمراء الأسد واستأذن جابر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى الخروج فأذن له بعد أن عرف عذره وهو أن والده الشهيد عبد الله بن عمرو بن حرام لم يأذن له فى الخروج إلى أحد وأوصاه بأخواته السبع إذ لم تطب نفس عبد الله أن يترك سبع بنات ليس معهن رجل .
وما زال النبى (صلى الله عليه وسلم) بحمراء الأسد حتى مر به معبد الخزاعى وخزاعة مسلمها ومشركها كانت عيبة نصح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أى موضع سره وثقته لاتخفى عليه شيئاً من الناس فى تهامة فقال معبد وهو يومئذ مشرك : يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله عافاك فيهم ثم خرج حتى لقى أبا سفيان ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه إذ قالوا أصبنا منهم ما أصبنا منهم ما أصبنا فكيف نرجع قبل أن نستأصلهم ؟
فلما رأى أبو سفيان معبداً قال له : ماوراءك يامعبد ؟ قال : خرج محمد وأصحابه يطلبونكم فى جمع لم أر مثله أبداً فقال أبو سفيان ويحك ما تقول ؟ قال والله لقد حملنى ما رأيت على أن قلت فيهم أبياتا من الشعر . قال أبو سفيان وما قلت . قال قلت :
كادت تهد من الأصواب راحلتى***********إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
تـردى بأسـد كـرام لا تنابلة***************عند اللقاء ولا ميل معازيل
فظلت عدوا أظن الأرض مائلـة************لما سموا برئيس غير مخذول
فقلت ويل ابن حرب من لقائكم*************إذا تغطمطت البطحاء بالخيل
إنى نذير لأهل البسل ضاحيــة*************لكل ذى إربة منهم ومعقول
من جيش أحمد لا وخش تنابلـة**********وليس يوصف ما أنذرت بالقيل
سببها
فأوقع هذا الشعر فى نفس أبى سفيان هزيمة وذكر كذلك رأى صفوان ابن أمية إذ سبق أن كفه عن الرجوع إلى المدينة عندما عزم على الرجوع وقال له : لا تفعل فإن القوم قد حرنوا وإنى أخشى أن يكون لهم قتال غير الذى كان فارجعوا فرجعوا ولذا أمر بالرحيل والعودة إلى مكة وأثناء ذلك مر به ركب من بنى عبد القيس فقال لهم : أين تريدون ؟ قالوا نريد المدينة قال : ولم ؟ قالوا نريد الميرة قال : فهل أنتم مبلغون عنى محمداً رسالة أرسلكم بها وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم وكان هذا مجرد مناورة من أبى سفيان يريد بها تغطية هزيمته لما سمع من معبد ولما وصلت القافلة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبلغوه رسالة أبى سفيان : " حسبى الله ونعم الوكيل " وفى هذا نزل قول الله تعالى من سورة آل عمران : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " . وقال (صلى الله عليه وسلم) " حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقى فى النار ".
إرهاب العدو:
وأقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحمراء الأسد أربعة أيام الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء ثم قفل راجعاً إلى المدينة فظفر فى طريقه بمعاوية بن المغيرة بن أبى العاص وبأبى عزة الجمحى وقد تخلف عن المشركين نائما ً وكان أبو عزة قد أسر يوم بدر واسترحم الرسول (صلى الله عليه وسلم) فرحمه فمن عليه وعاهده ألا يقف موقفا ضده وخان وجاء مع المشركين إلى أحد فلذا أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقتله فقتل وقال (صلى الله عليه وسلم) لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وأما معاوية فهو الذى مثل بحمزة فى أحد فقطع أنفه فقد ضل الطريق فأتى دار عثمان وقد استشفع بعثمان فقبل النبى (صلى الله عليه وسلم) شفاعته فيه على أنه لو وجده بعد ثلاثة أيام ليقتلنه فجهزه عثمان لقرابته وقال له ارتحل فارتحل فأخطأ الطريق وكان النبى (صلى الله عليه وسلم) قد ارتحل من حمراء الأسد وقال لأصحابه : إن معاوية أصبح قريبا ولم يبعد فاطلبوه فطلبه زيد بن حارثة وعمار بن ياسر فوجداه فقتلاه .
وعاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولم يلق كيداً . وأرهب بذلك العدو المنافق فى الداخل والمشركين فى الخارج فصلى الله عليه وسلم ما أعظم حكمته وأجل سياسته وأكمل صبره !!
موقعها
إن من مظاهر الكمال المحمدى فى كل جوانب الحياة العسكرية والمدنية على حد سواء خروجه صبيحة الأحد لإرهاب الأعداء فى الداخل والخارج إنه بعد الهزيمة التى أصابت المسلمين يوم أمس السبت ما راع الناس إلا ومؤذن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤذن بالخروج لملاحقة أبي سفيان بن حرب وجيشه وقال لا يخرج معنا إلا من حضر معنا معركة أحد أمس فخرج المؤمنون ومن بينهم أخوان جريحان فكان خفيف الجراح يحمل أخاه فإذا تعب وضعه يمشى ساعة ثم يحمله حتى وصلا معسكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على ثمانية أميال من المدينة حيث عسكر (صلى الله عليه وسلم) بحمراء الأسد واستأذن جابر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى الخروج فأذن له بعد أن عرف عذره وهو أن والده الشهيد عبد الله بن عمرو بن حرام لم يأذن له فى الخروج إلى أحد وأوصاه بأخواته السبع إذ لم تطب نفس عبد الله أن يترك سبع بنات ليس معهن رجل .
وما زال النبى (صلى الله عليه وسلم) بحمراء الأسد حتى مر به معبد الخزاعى وخزاعة مسلمها ومشركها كانت عيبة نصح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أى موضع سره وثقته لاتخفى عليه شيئاً من الناس فى تهامة فقال معبد وهو يومئذ مشرك : يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله عافاك فيهم ثم خرج حتى لقى أبا سفيان ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه إذ قالوا أصبنا منهم ما أصبنا منهم ما أصبنا فكيف نرجع قبل أن نستأصلهم ؟
فلما رأى أبو سفيان معبداً قال له : ماوراءك يامعبد ؟ قال : خرج محمد وأصحابه يطلبونكم فى جمع لم أر مثله أبداً فقال أبو سفيان ويحك ما تقول ؟ قال والله لقد حملنى ما رأيت على أن قلت فيهم أبياتا من الشعر . قال أبو سفيان وما قلت . قال قلت :
كادت تهد من الأصواب راحلتى***********إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
تـردى بأسـد كـرام لا تنابلة***************عند اللقاء ولا ميل معازيل
فظلت عدوا أظن الأرض مائلـة************لما سموا برئيس غير مخذول
فقلت ويل ابن حرب من لقائكم*************إذا تغطمطت البطحاء بالخيل
إنى نذير لأهل البسل ضاحيــة*************لكل ذى إربة منهم ومعقول
من جيش أحمد لا وخش تنابلـة**********وليس يوصف ما أنذرت بالقيل
سببها
فأوقع هذا الشعر فى نفس أبى سفيان هزيمة وذكر كذلك رأى صفوان ابن أمية إذ سبق أن كفه عن الرجوع إلى المدينة عندما عزم على الرجوع وقال له : لا تفعل فإن القوم قد حرنوا وإنى أخشى أن يكون لهم قتال غير الذى كان فارجعوا فرجعوا ولذا أمر بالرحيل والعودة إلى مكة وأثناء ذلك مر به ركب من بنى عبد القيس فقال لهم : أين تريدون ؟ قالوا نريد المدينة قال : ولم ؟ قالوا نريد الميرة قال : فهل أنتم مبلغون عنى محمداً رسالة أرسلكم بها وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم وكان هذا مجرد مناورة من أبى سفيان يريد بها تغطية هزيمته لما سمع من معبد ولما وصلت القافلة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وبلغوه رسالة أبى سفيان : " حسبى الله ونعم الوكيل " وفى هذا نزل قول الله تعالى من سورة آل عمران : " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل " . وقال (صلى الله عليه وسلم) " حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقى فى النار ".
إرهاب العدو:
وأقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بحمراء الأسد أربعة أيام الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء ثم قفل راجعاً إلى المدينة فظفر فى طريقه بمعاوية بن المغيرة بن أبى العاص وبأبى عزة الجمحى وقد تخلف عن المشركين نائما ً وكان أبو عزة قد أسر يوم بدر واسترحم الرسول (صلى الله عليه وسلم) فرحمه فمن عليه وعاهده ألا يقف موقفا ضده وخان وجاء مع المشركين إلى أحد فلذا أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقتله فقتل وقال (صلى الله عليه وسلم) لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وأما معاوية فهو الذى مثل بحمزة فى أحد فقطع أنفه فقد ضل الطريق فأتى دار عثمان وقد استشفع بعثمان فقبل النبى (صلى الله عليه وسلم) شفاعته فيه على أنه لو وجده بعد ثلاثة أيام ليقتلنه فجهزه عثمان لقرابته وقال له ارتحل فارتحل فأخطأ الطريق وكان النبى (صلى الله عليه وسلم) قد ارتحل من حمراء الأسد وقال لأصحابه : إن معاوية أصبح قريبا ولم يبعد فاطلبوه فطلبه زيد بن حارثة وعمار بن ياسر فوجداه فقتلاه .
وعاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولم يلق كيداً . وأرهب بذلك العدو المنافق فى الداخل والمشركين فى الخارج فصلى الله عليه وسلم ما أعظم حكمته وأجل سياسته وأكمل صبره !!
تعليق