إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شبهات وردود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: شبهات وردود

    شبهة شك سيدنا إبراهيم فيمن يكون ربه


    قال تعالى: ] فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ* إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ[30]




    قال الرازي
    : "هذه المباحثة إنما جرت مع قومه لأجل أن يرشدهم إلى الإيمان والتوحيد، لا لأجل أن إبراهيم كان يطلب الدين والمعرفة لنفسه".

    وقوله عليه السلام عن الشمس والقمر والكوكب: ] هذا ربي[ إنما نوع من التدرج في إبطال ربوبيتها.

    وقد ذكر الرازي
    وجوهاً في توجيه قول إبراهيم عليه السلام منها " أنه e أراد أن يبطل قولهم بربوبية الكواكب، إلا أنه عليه السلام كان قد عرف من تقليدهم لأسلافهم وبُعد طباعهم عن قبول الدلائل؛ أنه لو صرح بالدعوة إلى الله تعالى لم يقبلوه ولم يلتفتوا إليه، فمال إلى طريق به يستدرجهم إلى استماع الحجة، وذلك بأن ذكر كلاماً يوهم كونه مساعداً لهم على مذهبهم بربوبية الكواكب، مع أن قلبه صلوات الله عليه كان مطمئناً بالإيمان، ومقصوده من ذلك أن يتمكن من ذكر الدليل على إبطاله وإفساده وأن يقبلوا قوله، وتمام التقرير أنه لما لم يجد إلى الدعوة طريقاً سوى هذا الطريق، وكان عليه السلام مأموراً بالدعوة إلى الله كان بمنزلة المكره على كلمة الكفر".[31]

    وقال ابن القيم:
    " قاله على سبيل التقرير، لتقريع قومه أو على سبيل الاستدلال والترقي "[32]، وقال : "قيل: إنها على وجه إقامة الحجة على قومه، فتصور بصورة الموافق ليكون أدعى إلى القبول، ثم توسل بصورة الموافقة إلى إعلامهم بأنه لا يجوز أن يكون المعبود ناقصاً آفلاً ".[33]

    واتبع إبراهيم الخليل عليه السلام في دعوته لعبدة الكواكب من قومه أسلوبا مختلفا عن الأسلوب الذي استخدمه مع أبيه ومع عبدة الأصنام، فلم يستخدم أسلوب النصح المباشر ولم يعب عليهم ابتداء عبادتهم للكواكب كما أنه لم يغير المنكر باليد كما فعل مع عبدة الأصنام حين حطمها وبين لهم عجزها عن دفع الضر عن نفسها فكيف تنفع غيرها أو تدفع عنه الضر، حيث أظهر هنا لقومه موافقته لهم، حتى يلزمهم بعد أن لم يجد اللسان ، فاتبع هنا مع أصحاب الهياكل عباد النجوم طريقة الموافقة في العبارة من أجل إلزام الخصم وبينا فساد ما هم عليه من عقيدة.

    فحين جاءا الليل وستر الكون بظلمته ورأى إبراهيم عليه السلام كوكبا قال لقومه هذا ربي فلما أفل وغاب قال لا أحب الآفلين، والذي يظهر أن إبراهيم عليه السلام قال ذلك يستدرج قومه ليقيم عليهم الحجة ويلزمهم ويبين لهم بالدليل العقلي أنها لا تستحق أن تعبد ولا يصرف لها أي شيء من العبادة، فهي مربوبة مخلوقة فقال لقومه عن الكوكب (هذا ربي) ليظهر موافقته لهم أولا فيطمئنوا إليه ثم يدحظ هذا القول بالحجة الدامغة و الدليل المبين، وفي هذا إنصاف للخصم وأراد بذلك أيضا أن يتفادى الشغب الذي قد يثيرونه فيما لو بدأهم بالإنكار.

    لقد استدل إبراهيم عليه السلام بالأفول والزوال والتغير والانتقال على أن هذا الكوكب لا يصلح أن يكون إلهاً، فأفوله يدل على أنه مدبر يحتاج إلى من يدبره

    ثم لما ( رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لأن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )

    {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا ً وما أنا من المشركين}

    وواضح أن قوله هذا هو قول من يعرف بأن الشمس ستغيب وهو ينتظر غيابها ليقول ما قال مفحما خصمه الذي يؤلهها، ومقيما ً الدليل على صدق ما يدعو إليه.

    وحاجة قومه وجادلوه في ألهتهم وخوفوه فقال: أتجادلونني في الله وفي وحدانيته وهو الذي هداني إلى الحق وإلى معرفته وكيف تخفونني مما لا يلمك نفعا ولاضرا

    إني لا أخاف من هذه الأصنام التي تشركونها مع الله في العبادة إلا أن يشاء ربي شيئا من إصابتي بمكروه من جهتها وذلك إنما هو من جهته تعالى من غير دخل لمعبوداتكم فيه أصلاً.

    وسع ربي كل شيء علما
    فلايبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها .

    ( أفلا تتذكرون )

    (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله مالم ينزل به عليكم به سلطانا) (فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون )

    ونكتة التعبير بأي الفريقين دون أن يقول فأينا أحق بالأمن الإشارة إلى أن هذه المقابلة عامة لكل موحد ومشرك لاخاصة به وبهم، والبعد عن التصريح بخطئهم الذي ربما يدعوا إلى اللجاج والعناد وتنفيرهم من الإصغاء إلى قوله (إن كنتم تعلمون ) أي إن كنتم من أهل العلم والبصيرة في هذا الأمر فأخبروني ذلك وبينوه بالأدلة وفي هذا إلحاح لهم إلى الاعتراف بالحق أو السكوت على الحمق والجهل.

    ثم يقول الله تعالى ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم )

    فالله تبارك وتعالى هو الذي علم خليله كيف يحاجج ويناظر قومه وكيف يقيم الدليل على صدق مايدعوهم إليه من التوحيد وبطلان ماهم عليه من عبادة الكواكب فالفضل لله سبحانه أولاً وآخرا يرفع من يشاء في العلم والحكمة والفضل فهو حكيم فيما يفعل عليم بأحوال عبادة وخلقة وبمن يستحق منهم الإنعام والإكرام أو المنع والحرمان[34] .



    َ بحث علمي



    حوار إبراهيم عليه السلام مع مخالفيه في القرآن الكريم

    د. محمد سليمان البراك

    كلية الدعوة وأصول الدين

    جامعة أم القرى بمكة المكرمة
    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
    "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
    "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

    تعليق


    • #47
      رد: شبهات وردود


      معنى إن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء.
      بتاريخ : 10-29-2006 الساعة : 01:39 pm

      لإجابة السؤال: إن كان الله تعالى هو الذي يهدي ويضل فما ذنب من لم يهده الله ؟.
      نتذكر أولا" أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم من عباده أحدا".
      {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} (46) سورة فصلت
      وقال الرسول صلي الله علية وسلم، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال:
      )يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعـلته بيـنكم محرماً؛ فلا تـظـالـمـوا(....

      قسم العلماء الهداية إلى نوعين
      :

      القسم لأول : هداية دليل وإرشاد
      .
      بمعنى أن الله تعالى يبين الطرق ويدل عليه وعلى الإنسان الاختيار بين أن يقبل أو يرفض.
      {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى .... } (17) سورة فصلت.
      تفسير ابن كثير وفي الطبري والقرطبي .
      "وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَأَمَّا ثَمُود فَهَدَيْنَاهُمْ ": بَيَّنَّا لَهُمْ."
      مما يعني أن الهداية هي بيان وإرشاد للحق.
      إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ [محمد : 25]

      القسم الثاني : هداية زيادة وفضل ومعونة.


      {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (17) سورة محمد
      فالله تعالى يبين الطريق إلى صراطه المستقيم، ومن يأخذ بهداية الدلالة يزده الله بهداية المعونة والزيادة.

      والاختيار بين أن يسلك الإنسان طريق الخير أو الشر بيد الإنسان كما جاء في الآيات الكريمة:
      {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (108) سورة يونس.

      كتب الشيخ "محمد الغزالي" في كتابه "عقيدة المسلم".نحن نجد أن إطلاق المشيئة في آية تقيده آية أخرى يذكر فيها الاختيار الإنساني صريحا".
      أي أن إضلال الله لشخص, معناه: إن هذا الشخص آثر الغي على الرشاد, فأقره الله على مراده, وتمم له ما ينبغي لنفسه..
      {.. فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (5) سورة الصف
      وانظر إلى قيمة التنويه بالاتجاه البشري المعتاد.
      {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (115) سورة النساء.
      فهل بقى غموض في إطلاق المشيئة ؟ ...لا .
      إن معنى قوله { يُضِلُّ مَن يَشَاء }لا يعدو قوله :
      {.... وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (27) سورة البقرة

      وكذلك الحال في { يهدى من يشاء}
      انظر إلى قيمة الإرادة الإنسانية في قول الحق وهو يتكلم عن إرادته:
      { قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد .
      فهو سبحانه يهدي إليه من أناب.


      منقول من موقع منتديات حراس العقيدة
      اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
      "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
      "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

      تعليق


      • #48
        رد: شبهات وردود

        الرد على شبه المتنصرين في الميراث





        إعداد أحمد حسين خليل حسن

        كلية الدراسات الإسلامية – جامعة الأزهر

        لقد كرم الإسلام المرأة أيما تكريم وشملها في جميع تشريعاته بعطف كريم ورعاية رحيمة وخفض لها جناح الرحمة وجعلها ترقى إلى منزلة سامقة ودرجة عالية رفيعة لم تبلغها المرأة في أمة من الأمم قديمها وحديثها ، وقد سوّى بينها وبين الرجل في أغلب شئون الحياة , ولم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة إلا حيث تدعو إلى هذه التفرقة طبيعة كل من الجنسين ومراعاة للصالح العام، وصالح الأسرة والمجتمع، بل وصالح المرأة نفسها ، فقد ظهر الإسلام والمرأة في حالة لا تغبط عليها ، وكانت محرومة من أبسط حقوقها الأساسية وفي مقدمة ذلك حق الميراث وحق الحياة ، فحق المرأة في الحياة لم يكن محترماً أو مصوناً فقد كان للأب أن يئد ابنته أنفة واستكباراً، كما كان له أن يقتل أولاده خشية الإملاق أما حق الميراث فقد كانت الحالة الحربية السائدة في المجتمع العربي إذ ذاك تحرم البنت من حقها في الميراث، وتقصر حق الإرث على الذكور القادرين على ركوب الخيل وحمل السلاح والدفاع عن العشيرة، فضلاً عن أن وضع المرأة داخل الأسرة كان وضعاً شاذاً يثير الدهشة والاشمئزاز، فلم يكن هناك تعادل أو ما يقرب من التعادل في حقوق المرأة والرجل . فجاء الإسلام وحرر المرأة من هذا الرق ، جاء و أبطل هذه العادات الجاهلية وسن سنناً ووضع نظاماً يكفل للمرأة السعادة في الدنيا والآخرة ، وبالغ في تكريم المرأة وجعل لها شخصية استقلالية محترمة، وقرر لها ميراثاً معلوماً وضحته الشريعة الغراء ونزل به القرآن الكريم كما حافظ الإسلام على حياتها التي كانت مهددة بالقتل والوأد فحرم بذلك الوأد والقتل خشية الإملاق فرد بذلك للمرأة حقها المسلوب في الحياة الطبيعية كما أمر نبي الإسلام بإكرام المرأة خير إكرام ومعاملتها برقة وإحسان ومراعاة لمشاعرها الرقيقة وإحساسها المرهف . ورغم ذلك كله نسمع كثيراً فى هذا الزمان عبارات تتردد مفادها أن الإسلام ظلم المرأة ؛ حيث جعل نصيبها نصف نصيب الرجل . ونحن المسلمين نؤمن بثوابت راسخة من صفات الله تعالى تجعل تلك الشبهة لا تطرأ على قلب أى مسلم أو مسلمة ، وتتمثل تلك الثوابت فى أن الله ـ سبحانه ـ حكم عدل ، وعدله مطلق ، وليس فى شرعه ظلم لبشر أو لأى أحد من خلقه " وَلَاْ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدَاً "(1) ، " إِنَّ الَّلهَ لَاْ يَظْلِمُ مِثْقَاْلَ ذَرَّةٍ "(2) ، " وَ أَنَّ الَّلهَ لَيْسَ بِظَلَّاْمٍ لِلْعَبِيْدِ "(3)
        وقضية المواريث فى الفقه الإسلامى لا يراعى فيها الجنس إطلاقاً ، فالفروق فى أنصبة المواريث و التى هى أساس تلك القضية لا تختلف طبقاً للنوع ؛ وإنما تختلف طبقاً لثلاثة معايير :

        أولاً : درجة القرابة بين الوارث والمورث
        :ذكراً كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت قل النصيب في الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين ، فنرى البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها ( وهى أنثى ) بينما يرث أبوها ربع التركة ( وهو ذكر ) وذلك لأن الابنة اقرب من الزوج فزاد الميراث لهذا السبب
        ثانياً : موقع الجيل الوارث : فالأجيال التى تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة و تتخفف من أعبائها ، بل تصبح أعباؤها ـ عادة ـ مفروضة على غيرها ، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات . فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى ـ وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه كذلك في حالة وجود أخ لها.

        ثالثاً : العبء المالي : وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى ، لكنه تفاوت لا يفضى إلى أي ظلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها ، بل ربما كان العكس هو الصحيح . ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في العاملين الأولين ( درجة القرابة ، وموقع الجيل ) ـ مثل أولاد المتوفى ذكوراً وإناثاً ـ يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث ؛ ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين ، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات ، والحكمة في هذا التفاوت ، في هذه الحالة بالذات، هي أن الذكر مكلف بإعالة أنثى ـ هي زوجة ـ مع أولادهما ، بينما الأنثى الوارثة ـ أخت الذكر ـ إعالتها مع أولادها فريضة على الذكر المقترن بها . فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها الذي ورث ضعف ميراثها ، أكثر حظاً وامتيازاً منه في الميراث فميراثها ـ مع إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة ، لجبر الاستضعاف الأنثوي ، و لتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات ، وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين ، ومن أعباء الرجل المالية نذكر منها :

        1
        - الرجل عليه أعباء مالية في بداية حياته الزوجية وارتباطه بزوجته ، فيدفع المهر ، يقول تعالى " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة "(4) ، والمهر التزام مالى يدفعه الرجل للمرأة من تشريعات بداية الحياة الزوجية ، والمرأة تتميز عن الرجل ؛ حيث ليس من حقه أن يطالب بمهر من المرأة إذا ما أرادت أن تتزوج منه .

        2-
        الرجل بعد الزواج ينفق على المرأة وإن كانت تمتلك من الأموال ما لا يمتلكه هو ، فليس من حقه أن يطالبها بالنفقة على نفسها فضلاً عن أن يطالبها بالنفقة عليه ؛ لأن الإسلام ميزها وحفظ مالها ، ولم يوجب عليها أن تنفق منه .

        3-
        الرجل مكلف كذلك بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم ، حيث يقوم بالأعباء العائلية و الإلتزامات الإجتماعية التى يقوم بها المورث باعتباره جزءاً منه ، أو امتداداً له ، أو عاصباً من عصبته . هذه الأسباب وغيرها تجعلنا ننظر إلى المال أو الثروة نظرة أكثر موضوعية ، وهى أن الثروة أو المال أو الملك مفهوم أعم من مفهوم الدخل ، فالدخل هو المال الوارد إلى الثروة ، وليس هو نفس الثروة ؛ حيث تمثل الثروة المقدار المتبقى من الواردات والنفقات . وبهذا الإعتبار نجد أن الإسلام أعطى المرأة فى بعض الحالات نصف الرجل فى الدخل الوارد ، وكفل لها الإحتفاظ بهذا الدخل دون أن ينقص سوى من حق الله كالزكاة ، أما الرجل فأعطاه الله الدخل الأكبر وطلب منه أن ينفق على زوجته وأبنائه ووالديه إن كبرا فى السن ، ومن تلزمه نفقتهم من قريب وخادم وما استحدث فى عصرنا هذا من الإيجارات والفواتير المختلفة ؛ مما يجعلنا نجزم أن الله فضل المرأة على الرجل فى الثروة ؛ حيث كفل لها حفظ مالها ، ولم يطالبها بأى شكل من أشكال النفقات .

        ولذلك حينما تتخلف قضية العبء المالى كما هى الحال فى شأن توريث الإخوة و الأخوات لأم ؛ نجد أن الشارع الحكيم قد سوى بين نصيب الذكر والأنثى فى الميراث ، قال تعالى " وَ إِن كَاْنَ رَجُلٌ يُوْرَثُ كَلَاْلَةً أَوْ امْرَأَةً وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاْحِدٍ مِنْهُمَاْ الْسُدُسُ فَإِن كَاْنُوْا أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاْءُ فِىْ الْثُّلُثِ "(5) فالتسوية هنا بين الذكور و الإناث فى الميراث ؛ لأن أصل توريثهم هنا الرحم ، وليسوا عصبة لمورثهم حتى يكونوا امتدادا له من دون المرأة ، فليست هناك مسئوليات أو أعباء تقع على كاهله بهذا الإعتبار . و باستقراء حالات ومسائل الميراث انكشف لبعض العلماء والباحثين حقائق قد تذهل الكثيرين ؛ حيث ظهر التالى :

        أولاً
        : أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة نصف الرجل .
        ثانياً : أن أضعاف هذه الحالات ترث المرأة مثل الرجل .
        ثالثاً : هناك حالات كثيرة جدا ترث المرأة أكثر الرجل . رابعاً : هناك حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال . ، وتفصيل تلك الحالات فيما يلى :

        أولاً : الحالات التى ترث المرأة نصف الرجل :

        1 البنت مع إخوانها الذكور ، وبنت الإبن مع ابن الإبن .

        2- الأب و الأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة .

        3- الأخت الشقيقة مع إخوانها الذكور .

        4- الأخت لأب مع إخوانها الذكور .

        ثانياً : الحالات التى ترث المرأة مثل الرجل :

        1- الأب والأم فى حالة وجود الإبن .

        2- الأخ والأخت لأم .

        3- أخوات مع الإخوة و الأخوات لأم .

        4- البنت مع عمها أو أقرب عصبة للأب ( مع عدم وجود الحاجب ) .

        5- الأب مع أم الأم و ابن الإبن .

        6 - زوج و أم و أختين لأم وأخ شقيق على قضاء سيدنا عمر ـ رضي الله عنه ـ فإن الأختين لأم و الأخ الشقيق شركاء فى الثلث .

        7- انفراد الرجل أو المرأة بالتركة بأن يكون هو الوارث الوحيد ، فيرث الإبن إن كان وحده التركة كلها تعصيبا ، والبنت ترث النصف فرضاً و الباقى رداً . و أيضاً لو ترك أبا وحده فإنه سيرث التركة كلها تعصيباً ولو ترك أما فسترث الثلث فرضاً و الباقى رداً عليها .

        8-
        زوج مع الأخت الشقيقة ؛ فإنها ستأخذ ما لو كانت ذكراً ، بمعنى لو تركت المرأة زوجا وأخا شقيقا فسيأخذ الزوج النصف ، والباقى للأخ تعصيباً .ولو تركت زوجاً وأختاً فسيأخذ الزوج النصف والأخت النصف كذلك .

        9
        - الأخت لأم مع الأخ الشقيق ، وهذا إذا تركت المرأة زوجا وأما وأختا لأم و أخا شقيقا ؛ فسيأخذ الزوج النصف والأم السدس , والأخت لأم السدس ، والباقى للأخ الشقيق تعصيبا وهو السدس .

        10- ذوو الأرحام فى مذاهب أهل الرحم ، وهو المعمول به فى القانون المصرى فى المادة 31 من القانون 77 لسنة 1943، وهو إن لم يكن هناك أصحاب فروض ولا عصابات فإن ذوى الأرحام هم الورثة وتقسم التركة بينهم بالتساوى كأن يترك المتوفى ( بنت بنت ، وابن بنت ، وخال ، وخالة ) فكلهم يرثون نفس الأنصبة .

        11- هناك ستة لا يحجبون حجب حرمان أبدا وهم ثلاثة من الرجال ، وثلاثة من النساء ، فمن الرجال (الزوج ، و الإبن ، والأب) ن ومن النساء ( الزوجة ، والبنت ، والأم ) .

        ثالثا : حالات ترث المرأة أكثر من الرجل :

        1- الزوج مع ابنته الوحيدة .

        2- الزوج مع ابنتيه .

        3- البنت مع أعمامها .

        4- إذا ماتت امرأة عن ستين فدانا و الورثة هم ( زوج وأب وأم وبنتان ) فإن نصيب البنتين سيكون 32 فداناً بما يعنى أن نصيب كل بنت 16 فداناً ، فى حين أنها لو تركت ابنين بدلاً من البنتين لورث كل ابن 12ونصف فداناً ؛ حيث أن نصيب البنتين ثلثا التركة ونصيب الإبنين باقى التركة تعصيباً بعد أصحاب الفروض .

        5- لو ماتت امرأة عن 48 فداناً والورثة ( زوج ، وأختان شقيقتان ، وأم ) ترث الأختان ثلثى التركة بما يعنى أن نصيب الأخت الواحدة 12 فداناً ، فى حين أنها لو تركت أخوين بدلاً من الأختين لورث كل أخ 8 أفدنة لأنهما يرثان باقى التركة تعصيباً بعد نصيب الزوج والأم .

        6- ونفس المسألة لو تركت أختين لأب ؛ حيث يرثان أكثر من الأخوين لأب .

        7- لو ماتت امرأة وتركت ( زوجاً ،وأباً ، وأماً، وبنتاً ) ، وكانت تركتها 156 فداناً ، فإن البنت سترث نصف التركة وهو ما يساوى 72 فداناً ، أما أنها لو تركت إبنا بدلاً من البنت فكان سيرث 65 فداناً ؛ لأنه يرث الباقى تعصيباً بعد فروض الزوج و الأب والأم .

        8- إذا ماتت امرأة وتركت ( زوجاً وأماً وأختاً شقيقة ) ، وتركتها 48 فداناً مثلاً ، فإن الأخت الشقيقة سترث 18 فداناً ، فى حين أنها لو تركت أخاً شقيقاً بدلاً من الأخت سيرث 8أفدنة فقط ؛ لأنه سيرث الباقى تعصيباً بعد نصيب الزوج والأم ،ففى هذه الحالة ورثت الأخت الشقيقة أكثر من ضعف نصيب الأخ الشقيق.

        9- لو ترك رجل ( زوجة وأما وأختين لأم وأخوين شقيقين ) وكانت تركته 48فداناً ، ترث الأختان لأم ـ وهما الأبعد قرابة ـ 16فداناً ، فنصيب الواحدة 8أفدنة ، فى حين يرث الأخوان الشقيقان 12 فداناً بما يعنى أن نصيب الواحد 6أفدنة .

        10- لو تركت امرأة ( زوجاً وأختاً لأم و أخوين شقيقين )، وكانت التركة 120 فداناً ، ترث الأخت لأم ثلث التركة ، وهو ما يساوى 40 فداناً ، ويرث الأخوان الشقيقان 20 فداناً ، بما يعنى أن الأخت لأم وهى الأبعد قرابة أخذت أربعة أضعاف الأخ الشقيق .

        11- الأم فى حالة فقد الفرع الوارث ، ووجود الزوج فى مذهب ابن عباس ـ عليه السلام ـ ، فلو ماتت امرأة وتركت ( أباً وأماً وزوجاً ) فللزوج النصف وللأم الثلث ، والباقى للأب وهو السدس ، أى ما يساوى نصف نصيب زوجته .
        12- لو تركت امرأة (زوجاً وأماً وأختاً لأم وأخوين شقيقين ) ، وكانت التركة 60 فداناً ، فسترث الأخت لأم 10 أفدنة ، فى حين سيرث كل أخ 5أفدنة ؛ بما يعنى أن الأخت لأم نصيبها ضعف نصيب الأخ الشقيق ، وهى أبعد منه قرابة .

        13- ولو ترك رجل ( زوجة وأباً وأماً وبنتاً وبنت ابن ) وكانت التركة 576 فداناً ، فإن نصيب بنت الإبن سيكون 96 فداناً ، فى حين لو ترك ابنَ ابنٍ لكان نصيبه 27 فداناً فقط .

        14- لو ترك المتوفى ( أماً وأم أم وأم أب ) وكانت التركة 60 فداناً مثلاً فسوف ترث الأم السدس فرضاً والباقى رداً ، أما لو ترك المتوفى أباً بدلاً من أم ، بمعنى أنه ترك ( أباً وأم أم وأم أب ) فسوف ترث أم الأم ولن تحجب السدس وهو 10أفدنة والباقى للأب 50 فداناً ، مما يعنى أن الأم ورثت كل التركة 60فداناً ، والأب لو كان مكانها لورث 50 فداناً فقط .

        رابعاً : حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال :

        1- لو ماتت امرأة وتركت ( زوجاً وأباً وأماً وبنتاً وبنت ابن ) وتركت تركة قدرها 195 فداناً مثلاً ، فإن بنت الإبن سترث السدس وهو 26 فداناً ، فى حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلاً من بنت الإبن لكان نصيبه صفراً ؛ لأنه كان سيأخذ الباقى تعصيباً ولا باقى ، وهذا التقسيم على خلاف قانون الوصية الواجبة الذى أخذ به القانون المصرى رقم 71 لسنة 1946 ، وهو خلاف المذاهب ، ونحن نتكلم عن المذاهب المعتمدة ، وكيف أنها أعطت المرأة ولم تعط نظيرها من الرجال .

        2- لو تركت امرأة ( زوجاً وأختاً شقيقة وأختاً لأب ) وكانت التركة 84 فداناً مثلاً ن فإن الأخت لأب سترث السدس ، وهو ما يساوى 12 فداناً ، فى حين لو كان الأخ لأب بدلاً من الأخت لم يرث ؛ لأن النصف للزوج و النصف للأخت الشقيقة والباقى للأخ لأب ولا باقى .

        3- ميراث الجدة : فكثيراً ما ترث ولا يرث نظيرها من الأجداد ، وبالإطلاع على قاعدة ميراث الجد والجدة نجد الآتى : الجد الصحيح ( أى الوارث ) هو الذى لا تدخل فى نسبته إلى الميت أم مثل أبى الأب أو أبى أبى الأب وإن علا ، أما أبو الأم أو أبو أم الأم فهو جد فاسد ( أى غير وارث) على خلاف فى اللفظ لدى الفقهاء أما الجدة الصحيحة فهى التى لا يدخل فى نسبتا إلى الميت جد غير صحيح ، أو هى كل جدة التى لا يدخل فى نسبتها إلى الميت أب بين أمين ، وعليه تكون أم أبى الأم جدة فاسدة لكن أم الأم وأم أم الأب جدات صحيحات ويرثن .

        4- لو مات شخص وترك ( أبا أم وأم أم ) فى هذه الحالة ترث أم الأم التركة كلها ، حيث تأخذ السدس فرضاً والباقى رداً ، وأبو الأم لا شيئ له لأنه جد غير وارث . 5- كذلك لو مات شخص وترك ( أب أم أم ، وأم أم أم ) تأخذ أم أم الأم التركة كلها فتأخذ السدس فرضاً والباقى رداً عليها ، ولا شيئ لأبى أم الأم ؛ لأنه جد غير وارث . إذن فهناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل . تلك هى ثمرات استقراء حالات ومسائل الميراث فى علم الفرائض ، فأرى أن الشبهة قد زالت بعد هذه الإيضاحات لكل منصف صادق مع نفسه(6) . إضــاءة : كثير ما نسمع أن في دول أوروبية أنه توفي أحدهم وله من الثروات والمقدرات لا حصر لها تركها لقطة أو لكلب كان يربيه صاحب المال ، أو تذهب النقود كلها لخادمة أو لجمعية ما سواء ويحرم كل الأبناء منها , فأين العدالة في توزيع الإرث ؟ ...

        أما في الإسلام فقد أعطى الحرية للتصرف في الإرث فقط في حد الثلث ولا وصية لوارث ولا تجوز الوصية لجهة ممنوعة أو لكلب مثلا .. الإرث إجباري في الإسلام بالنسبة إلى الوارث والموروث ولا يملك المورث حق منع أحد ورثته من الإرث ، والوارث يملك نصيبه جبرا دون اختيار. الإسلام جعل الإرث في دائرة الأسرة لا يتعداها فلابد من نسب صحيح أو زوجة، وتكون على الدرجات في نسبة السهام الأقرب فالأقرب إلى المتوفى.


        أنه قدر الوارثين بالفروض السهام المقدرة كالربع والثمن والسدس والنصف ما عدا العصبات ولا مثيل لهذا في بقية الشرائع. جعل للولد الصغير نصيبا من ميراث أبيه يساوي نصيب الكبير وكذلك الحمل في بطن الأم فلا تميز بين البكر وغيرهم من الأبناء. جعل للمرأة نصيباً من الإرث فالأم والزوجة والبنت وبنت الابن والأخت وأمثالهن يشاركن فيه، وجعل للزوجة الحق في استيفاء المهر والصداق إن لم تكن قد قبضتهم من دون نصيبها في الإرث فهو يعتبر دين ممتاز أى الأولى في سداده قبل تقسيم الإرث ولا يعتبر من نصيبها في الميراث .

        أخيراً : نسأل الله العناية والرعاية والحمد لله رب العالمين .
        اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
        "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
        "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

        تعليق


        • #49
          رد: شبهات وردود

          معجزة عيسى في إحياء الموتى







          جاء في القرآن الكريم عند الحديث عن المعجزات التي أيد الله بها عيسى عليه السلام، قوله تعالى: { ورسولاً إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله... } (آل عمران:49) وقال تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلاً وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني... } (المائدة:110) وقد استدل بهاتين الآيتين بعض الضالين من النصارى على ألوهية عيسى عليه السلام، وسعوا إلى محاجة المسلمين ومجادلتهم بهما، فقالوا: إن القرآن نفسه ينص على قدرة عيسى على الخلق، ويلزم من هذا أنه شريك لله في خلقه، تعالى الله عما يقولون. فما هي حقيقة هذه الشبهة، وهل - حقًا - في الآيتين السابقتين ما يدل على ألوهية عيسى عليه السلام ؟



          ولن نخوض في هذا المقال في إبطال دعوى ألوهية المسيح، فهو أمر ليس هذا مكانه، بل سنبين أنه ليس في هاتين الآيتين ما يدل على ألوهية عيسى عليه السلام، بل إن الآيتين تبينان حقيقة المسيح عليه السلام، وأنه ليس إلا رسول من رسل الله، أيده الله كغيره من الأنبياء بمعجزات خاصة. ودليلنا على إبطال هذه الشبهة وإثبات ما نقول الأمور التالية:

          - أولاً: إن هناك العديد من النصوص في الأناجيل، تثبت أن المعجزات التي وقعت على يد عيسى عليه السلام إنما كانت بتأييد من الله وإذنه، ولم يقم بها عيسى بصفته إلهًا يتمتع بصفات الخلق والإيجاد؛ ففي إنجيل يوحنا نقرأ النص التالي: ( أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ...) (يوحنا: الإصحاح الخامس:30) وهذا نص صريح، وتصريح واضح بلسان عيسى أنه لا يقدر على فعل شيء من تلقاء نفسه، إلا ما أمكنه الله منه، وأقدره عليه؛ ولو كان عيسى متصفًا بصفات الخالق - كما يقول أصحاب هذه الشبهة - لما قال: ( لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئًا ) فليس نفي القدرة من صفات الخالق، بل هو من صفات المخلوق .



          -وثانيًا: إن عيسى عليه السلام - وفقًا للأناجيل - لم يَنسب المعجزات التي وقعت على يديه إلى نفسه، بل كان ينسبها إلى الله، وهذا يبطل زعم النصارى أنه إله؛ والنصوص التالية تثبت ما نقول:

          * جاء في إنجيل يوحنا [ الإصحاح الحادي عشر:41-42 ]: ( وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: أَيُّهَا الأبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي * وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي ) فتوجُّه المسيح ببصره صوب السماء ودعائه لربه، دليل على كونه مخلوق، ومفتقر إلى قدرة ربه وخالقه .



          * وفي الإنجيل نفسه، نقرأ قول بعض أتباع المسيح له: ( أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا تَطْلُبُ مِنَ اللَّهِ يُعْطِيكَ اللَّهُ إِيَّاهُ ) [الإصحاح الحادي عشر:22] فالنص واضح وصريح في أن ما يعطاه المسيح إنما كان بعون من الله وتأييد منه، وليس بقدرة ذاتية .



          * وجاء في إنجيل يوحنا كذلك، التصريح بأن عيسى عليه السلام ليس إلا نبي مرسل: ( الذي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي * والذي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي ) [الإصحاح الثاني عشر:44-45] والمرسَل غير المرسِل بلا شك، بل في النص ذاته، توجيه عيسى لأتباعه للإيمان به حسب هذه الحقيقة لا غير .



          - وثالثًا: من أظهر الأدلة على بطلان هذه الشبهة، أن عيسى لو كان قادرًا بنفسه على إحياء الموتى، وإعادة الحياة إليهم، لكان أولى به وأحرى أن يقيم نفسه من الموت الذي زعمه له النصارى؛ فهل يُقرُّ أصحاب هذه الشبهة بوجود عيسى بين أظهرنا اليوم، بل
          وهل يصح في فِطَر العقول القول: إن الإله قد مات ؟

          - ورابعًا: إن الجموع التي وقعت معجزة الإحياء أمامها، لم تصف عيسى بالإلوهية، وهم أولى بذلك، بل كل ما فعلوه أن شهدوا له بالنبوة فحسب، ولم يشهدوا له بالألوهية؛ ففي إنجيل لوقا نقرأ: ( فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ...) [الإصحاح السابع:16] فالجموع التي عاصرت وشهدت معجزات عيسى ، لم تشهد له إلا بأنه نبي عظيم، وآمنت به حسب هذه الشهادة، فهل من أثبت له الألوهية، كان أشد إيمانًا من من تلك الجموع والأتباع الذين عاصروه وشهدوا له بالنبوة ؟



          - وخامسًا:
          إن الإنجيل يحدثنا، أن عيسى عندما قام بمعجزة الإحياء أمام الجموع التي احتشدت لرؤيته، لم يطلب منها سوى أن يشهدوا له بالرسالة فحسب، أي: أن يشهدوا له أنه رسول من عند الله، أيده الله بالمعجزات كباقي الرسل؛ ولنستمع إلى ما قاله المسيح لتلك الجموع التي آمنت به، كما ورد ذلك في إنجيل يوحنا: ( وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: أَيُّهَا الأبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي * وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ دَوْماً تَسْمَعُ لِي. وَلكِنِّي قُلْتُ هَذَا لأَجْلِ الْجَمْعِ الْوَاقِفِ حَوْلِي لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي ) [الإصحاح الحادي عشر:41-42] فهل يستقيم القول بعد هذا: إن في إحياء الموتى على يد عيسى عليه السلام دليل على ألوهيته ؟

          - وسادسًا: وصفت الأناجيل عيسى في أكثر من موضع بصفات لا تليق بصفات الخالق، ولا تتفق وصفات الألوهية؛ كوصفه بأنه يأكل ويشرب؛ ففي إنجيلي لوقا ومتى، نجد هذين النصين: ( ثُمَّ جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فَقُلْتُمْ: هَذَا رَجُلٌ شَرِهٌ سِكِّيرٌ، صَدِيقٌ لِجُبَاةِ الضَّرَائِبِ وَالْخَاطِئِينَ ) لوقا [الإصحاح السابع:34] ومتى [الإصحاح الحادي عشر:19] وفي إنجيل متى وُصف بأنه رجل فقير: ( فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: لِلثَّعَالِبِ أَوْجَارٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، أَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ، فَلَيْسَ لَهُ مَكَانٌ يُسْنِدُ إِلَيْهِ رَأْسَهُ ) [الإصحاح الثامن:20] وفيه أيضًا أنه يجوع: ( وَبَعْدَمَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيراً ) [الإصحاح الرابع:2] وينام: ( وكان هو نائمًا ) متى [الإصحاح الثامن:24] ويتعب: (...فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ جَلَسَ هَكَذَا عَلَى الْبِئْرِ ) يوحنا [الإصحاح الرابع:6] وهو ينـزعج ويضطرب: ( فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ ) يوحنا [الإصحاح الحادي عشر:33] ويبكي: (...بكى يسوع ) يوحنا [الإصحاح الحادي عشر:35] ويحزن ويكتئب: ( ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب ) متى [الإصحاح السادس والعشرون:37] فهل هذه الصفات البشرية التي وُصف بها المسيح عليه السلام، تليق بصفات الخالق ؟

          - وسابعًا: تنتقض هذه الشبهة أيضًا من جانب اللغة؛ فبالرجوع إلى معاجم العربية، والنظر فيما تقوله حول مادة ( خلق ) نجد الآتي: الخاء واللام والقاف أصلان: أحدهما: تقدير الشيء، والآخر: مَلاسَة الشيء .



          فأمّا الأوّل فقولهم: خَلَقْت الأديم للسِّقاء، إذا قَدَّرْتَه؛ أي: إذا فصلته وقدرته على القدر والقياس المطلوب. قال زهير بن أبي سلمى :



          ولأَنْت تَفْرِي ما خلَقْت وبَعـ ـضُ القَوم يخلُق ثمَّ لا يَفْرِي



          فمعنى الخلق في البيت: التقدير ( معجم مقاييس اللغة ) .



          ومعجم "لسان العرب" ينص على أن الخلق في كلام العرب يأتي على وجهين: أَحدهما الإِنشاء، والآخر التقدير؛ وقوله تعالى: { أني أَخلق لكم من الطين } خَلْقُه: تقديره، ولم يرد أَنه يُحدِث معدومًا .



          هذا ما تقوله معاجم العربية حول هذه المادة؛ وعليه فلفظ ( الخلق ) لا يفيد دومًا معنى الخلق والإبداع على غير مثال سبق، ولا يفيد الإيجاد من العدم، وإنما هذا أحد معنييه، وإذا كان الأمر كذلك وجب حمل لفظ الخلق في الآية على المعنى الذي يليق ب عيسى ، والمعنى الذي يليق به في الآية موضع الشبهة أن يكون معنى الخلق بمعنى التقدير، لا بمعنى الخلق والإيجاد من العدم .



          - وثامنًا: لو كانت المعجزات التي أُيِّد بها الرسل دليلاً على الألوهية، لكان موسى أحق بهذا الوصف من عيسى ؛ من جهة أنه قَلَبَ العصا إلى حية تسعى، ومع ذلك فإن السحرة من قوم فرعون، والمؤمنون من قوم موسى لم يصفوا موسى بوصف الألوهية، مع عِظَمِ المعجزة التي جاء بها؛ ومن هذا الباب أيضًا يقال: لقد ظهرت آيات على أيدي بعض المؤمنين على مر التاريخ والعصور، فهل يكون ذلك مسوغًا لوصفهم بالألوهية ؟

          - وتاسعًا: إن لفظ ( الخلق ) الذي ورد على لسان عيسى ، لم يأتِ لفظًا مطلقًا، بل جاء مقيدًا بالإذن الإلهي { وأحيي الموتى بإذن الله } (آل عمران:49) { وإذ تخرج الموتى بإذني } (المائدة:110) فالله قد أخبر أن المسيح قد أحيى الموتى { بإذن الله } ففرق بين المسيح وبين الله، وبيَّن أن الله هو الآذن للمسيح. ولو كان المسيح هو الخالق الحقيقي، لم يكن يحتاج إلى إذن من أحد !!



          نخلص مما تقدم إلى أن فعل الخلق المنسوب إلى عيسى عليه السلام كما ورد في الآيتين موضع الشبهة، لم يكن فعلاً منه على سبيل الحقيقة والاستقلالية، بل كان فعلاً بإذن من الله وتأييد منه، وبالتالي فليس دالاً على ألوهية عيسى بحال من الأحوال، وأن معجزات عيسى عمومًا، ومعجزة إحياء الموتى خصوصًا كانت معجزات زمنية انتهت بانتهاء زمنها. ومن طلب الحق عرفه، ومن أعرض عنه فقد ضل سواء السبيل .


          منقول من موقع اسلام ويب
          اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
          "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
          "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

          تعليق


          • #50
            رد: شبهات وردود

            سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله


            س5: دائمـاً نسمـع الحـديث الشريف (( النساء ناقصات عقل ودين )) ويـأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة. نرجو من فضيلتكم توضيح معنى هذا الحديث؟

            جـ : توضيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من إكمال بقيته حيث قال : ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم من إحداكن، فقيل يا رسول الله ما نقصان عقلها؟ قال: أليست شهادة المرأتين بشهادة رجل ؟ قيل يا رسول الله ما
            نقصان دينها ؟ قال : أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟!))

            فقد بين ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى . وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى أو قد تزيد في الشهادة ،

            وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة ، فهذا من نقصان الدين . ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله ـ عز وجل ـ هو الذي شرعه ـ سبحانه وتعالى ـ رفقاً بها وتيسيراً عليها لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك . فمن رحمة الله أن شرع لها ترك الصيام ثم تقضيه، وأما الصلاة ، فلأنها حال الحيض قد وجد منها ما يمنع الطهارة . فمن رحمة الله ـ عز وعلا ـ أن شرع لها ترك الصلاة ، وهكذا في النفاس ثم شرع لها ألا تقضي الصلاة ، لأن في القضاء مشقة كبيرة ، لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات . والحيض قد تكثر أيامه . تبلغ سبعة أيام أو ثمانية أيام ، وأكثر النفاس قد يبلغ أربعين يوماً . فكان من رحمة الله عليها وإحسانه إليها أن أسقط عنها الصلاة أداءً وقضاءً ، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء ونقص دينها في كل شيء ، وإنما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقصان عقلها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس .
            ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجال في كل شيء ، وأن الرجل أفضل منها في كل شيء ، نعم جنس الرجال أفضل من جنس النساء في الجملة ، لأسباب كثيرة كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}سورة النساء . لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة، فكم من امرأة فاقت كثيراً من الرجال في عقلها ودينها وضبطها.
            وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير من الرجال في عملها الصالح وفي تقواها لله ـ عز وجل ـ وفي منزلتها في الآخرة ، وقد تكون لها عناية في بعض الأمور ، فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من المسائل التي تعنى بها وتجتهد في حفظها وضبطها ، فتكون مرجعاً في التاريخ الإسلامي وفي أمور كثيرة ، وهذا وأضح لمن تأمل أحوال النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك، وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الاعتماد عليها في الرواية ، وهكذا في الشهادة إذا انجبرت بامرأة أخرى، ولا يمنع أيضاً تقواها لله وكونها من خيرة إماء الله ، إذا استقامت في دينها ، فلا ينبغي للمؤمن أن يرميها بالنقص في كل شيء ، وضعف الدين في كل شيء ، وإنما هو ضعف خاص في دينها ، وضعف في عقلها فيما يتعلق بضبط الشهادة ونحو ذلك . فينبغي إنصافها وحمل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على خير المحامل وأحسنه . والله تعالى أعلم .


            موقع صيد الفوائد
            اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
            "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
            "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

            تعليق


            • #51
              رد: شبهات وردود

              من أقوال الملحدين إن الطريقة الإسلامية في الذبح تعذب الحيوان لذلك يؤيدون طرق أخرى في قتل الحيوان مثل ضربه بالرصاص فيموت من فوره دون أن يشعر بشيء على حد قولهم فما مدى صحة هذا الكلام ؟ وما هي حكمة الله عز و جل في الطريقة الإسلامية للذبح ؟



              قولهم بأن ذبح الحيوان تعذيب له : فنقول : إن الإسلام قد سبق هؤلاء في الأمر بالعطف على الحيوان والنهي عن تعذيبه ، ونورد لك بعض الأحاديث النبوية في هذا المعنى :

              1 ــ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضاً . رواه مسلم

              2ـ وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم :نهى أن تصبر البهائم رواه مسلم أيضاً

              قال النووي رحمه الله: قال العلماء : صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه ، وهو معنى ( لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا ) أي لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه .. وهذا النهي للتحريم. اهـ

              3 ــ وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : مر ابن عمر بنفر نصبوا دجاجة يترامونها فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها ، فقال ابن عمر من فعل هذا ؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا . رواه البخاري ومسلم

              4 ــ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالعطف على الحيوان عند الذبح ، فعن شداد ابن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته . رواه مسلم

              قال النووي في شرح مسلم: ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة ، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى ، ولا يجرها إلى مذبحها .... وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام.

              5 ــ وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها فقال : أفلا قبل هذا ، أتريد أن تميتها موتتين . رواه الطبراني في الكبير والأوسط والحاكم وقال : صحيح على شرط البخاري ، وصححه الألباني .

              قال الملا علي القاري: قال علماؤنا : وكره السلخ قبل التبرد وكل تعذيب بلا فائدة


              " الرحمة بالحيوان :

              إذا قمنا بذبح الحيوان وقطع أوردته ، وبعد أن يسيل الدم منه ، فهل يشعر الحيوان بالألم من جراء ذلك ؟

              الجواب بسيط : قد اكتشف العلم أن مراكز الإحساس بالألم تتعطل إذا توقف ضخ الدماء عنها لمدة ثلاث ثوان فقط ، لأنها بحاجة إلى وجود الأكسجين في الدم باستمرار .

              كيف نقول إن هذا الحيوان لا يحس بالألم مع أننا نراه يرفس ويتحرك ويتلوى و يتخبط ؟

              هذا سببه أن الجهاز العصبي لا يزال حياً ، وما تزال فيه حيوية ، ولم يفقد منه غير وعيه فقط ، وفي هذه الحالة مادمنا لم نقطع العنق فإننا لم نعتد على الجهاز العصبي فتظل الحياة موجودة فيه ، لكن الذي يحدث في عملية الذبح بطريقة المسلمين أن يبدأ الجهاز العصبي بإرسال إشارات من المخ إلى القلب طالباً منه إمداده بالدماء لأنها لم تصل إليه ، وكأنه ينادي : لقد انقطعت عني الدماء .. أرسل إلينا دماً ايها القلب ، يا عضلات .. أمدي القلب بالدماء ، أيها الجسم .. أخرج الدماء فإن المخ في خطر . عندها تقوم العضلات بالضغط فوراً ، ويحدث تحرك شديد للأحشاء والعضلات الداخلية والخارجية ، فتضغط بشدة وتقذف بكل ما فيها من دماء وتضخها إلى القلب ، ثم يقوم القلب بدوره بالإسراع في دقاته بعد أن يمتلئ بالدماء تماما ً فيقوم بإرسالها مباشرة إلى المخ ، ولكنها ــ بطبيعة الحال ــ تخرج للخارج ولا تصل إليه ، فتجد الحيوان يتلوى ، وإذا به يضخ الدماء باستمرار حتى يتخلص جسم هذا الحيوان تماما من الدماء .. وبذلك يتخلص جسم هذا الحيوان من أكبر بيئة خصبة لنموا الجراثيم وأخطر مادة على الإنسان ، أي أن الحيوان المذبوح يفقد الحياة خلال ثلاث ثوان فقط إذا ذبح بالطريقة الصحيحة ، وأن ما نراه في الحيوان من رفس وتشنج وما شابه ذلك هي من مؤثرات بقاء الحياة في الجهاز العصبي ، ولا يشعر الحيوان المذبوح بها على الإطلاق "

              موقع اسلام ويب (موسوعة الفتاوى )
              اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
              "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
              "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

              تعليق


              • #52
                رد: شبهات وردود

                جزاك الله خيرا وبارك فيك وجعله في ميزان حسناتك
                موضوع رائع كنا في حاجه للمعرفه به
                اللهم انك تعلم سري وعلانتيتي فاقبل معذرتي وتعلم حاجتي فاعطني سؤلي وتعلم ما عندي فاغفرلي ذنوبي اسالك ايمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى اعلم انه لن يصيبني الا ما كتبت لي وارضني بقضائك

                تعليق


                • #53
                  رد: شبهات وردود

                  تعليق


                  • #54
                    رد: شبهات وردود


                    قصة محاولة التردي من الجبال...تحت المجهر


                    لا تزال سهام أعداء الإسلام تتوالى للطعن في هذا الدين ، مستخدمين في ذلك طرقاً شتّى وأساليب مختلفة ، فتارة يوجهون سهامهم للتشكيك في القرآن الكريم ، وتارة يحاولون النيل من شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، قاصدين بذلك الانتقاص من حقه ، والإقلال من قدره .
                    واليوم نقف مع شبهة جديدة أثارها القوم في حقه صلى الله عليه وسلم ، وحاصلها اتهامه بمحاولة الانتحار في العهد المكي ، في فترة انقطاع الوحي وفتوره بعد اللقاء الأول بينه وبين جبريل عليه السلام .
                    ورغبةً في دحض هذه الشبهة وبيان تهافتها ، بنبغي لنا أن نُلقي نظرةً شموليةً على تلك الروايات التي استندوا إليها ،
                    1/ فقد روى ابن سعد في الطبقات قال : " أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما نزل عليه الوحي بحراء ، مكث أياما لا يرى جبريل عليه السلام ، فحزن حزناً شديداً ، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة ، وإلى حراء مرةً ؛ يريد أن يلقي نفسه منه ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك عامداً لبعض تلك الجبال ، إلى أن سمع صوتاً من السماء ، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم صعقاً للصوت ، ثم رفع رأسه: فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه ، يقول : " يا محمد ، أنت رسول الله حقا ، وأنا جبريل " .
                    2/ وروى الإمام الطبري في تاريخه قال : " حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير ، قال : سمعت عبد الله بن الزبير ، وهو يقول ل عبيد بن عمير بن قتادة الليثي : حدِّثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة ؟ فذكر الحديث إلى قوله : ( حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها ، جاءه جبريل بأمر الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءني وأنا نائم بنمط من ديباج ، فيه كتاب ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما اقرأ ؟ فغتني ، حتى ظننت أنه الموت ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : ماذا أقرأ ؟ وما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود إلى بمثل ما صنع بي ، قال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } إلى قوله { علم الإنسان ما لم يعلم } ( العلق : 1-5 ) ، قال : فقرأته ، قال : ثم انتهى ، ثم انصرف عني وهببت من نومي ، وكأنما كتب في قلبي كتابا .

                    قال : ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلى من شاعر أو مجنون ، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما ، قال : قلت إن الأبعد - يعني نفسه - لشاعر أو مجنون ، لا تحدث بها عني قريش أبدا ! لأعمدنّ إلى حالقٍ من الجبل فلأطرحنّ نفسي منه أقتلها فلأستريح . قال : فخرجت أريد ذلك ، حتى إذا كنت في وسط من الجبل ، سمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد ، أنت رسول الله ، وأنا جبريل ..) .
                    3/ وقد روى البخاري رحمه الله هذه القصة أيضا مدرجةً في حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ آخر ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب ، وحدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر ، قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " ..ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترةً حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه ، تبدّى له جبريل فقال : يا محمد ، إنك رسول الله حقا . فيسكن لذلك جأشه ، وتقر نفسه ، فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك ، فإذا أوفى بذروة جبل ، تبدّى له جبريل فقال له مثل ذلك ) .
                    وخلاصة هذه الشبهة عندهم: أن هذه الروايات المذكورة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم حاول مرارا أن يلقي بنفسه من رؤوس الجبال ، فهي إذاً محاولة منه للانتحار ، وهذا لا يليق بشخصِ من هو في مقام النبوة .
                    والرد على هذه الشبهة يستدعي منا أن ننظر أولا إلى صحة تلك الروايات المنقولة ، وبيان ذلك فيما يلي :
                    أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، فقد جاء من طريق محمد بن عمر الواقدي ، ومعلوم عند علماء الجرح والتعديل أن الواقدي متروك الحديث ، فقد قال الإمام البخاري عنه في كتاب الضعفاء : " متروك الحديث " ، وكذلك حكم عليه الحافظ ابن حجر في التهذيب وغيرهم .
                    ومن المعلوم أن وجود راوٍ متروك في حديث ، يجعله مردوداً غير قابل للتصحيح بالشواهد الأخرى .
                    أما رواية الإمام الطبري فهي مردودة سنداً ومتناً ؛ فإن المتن فيه نكارة ظاهرة ، حيث جعل الرؤيا الأولى لجبريل عليه السلام رؤيا منامية ، وهذا مخالف لبقية النصوص التي تُثبت أنها رؤية حقيقية ، ثم كان من جواب النبي صلى الله عليه وسلم : ( ماذا أقرأ ؟ ) ، وهذا لم يحصل ؛ فإن الثابت في صحيح البخاري وغيره أنه كان يقول : ( ما أنا بقاريء ) ، دعك من إغفال هذه الرواية لذكر ذهاب النبي صلى الله عليه وسلّم إلى خديجة و ورقة بن نوفل رضي الله عنهما ، وما ذُكر في الروايات الصحيحة أن الرؤية الثانية ل جبريل عليه السلام كانت بعد فتور الوحي وانقطاعه .
                    وإذا نظرنا إلى سند هذه الرواية وجدنا فيه عدة علل : الإرسال ؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابيّاً ، إنما هو من كبار التابعين ، كما أنّ في السند راويان متكلم فيهما : سلمة - وهو ابن فضل الأبرش - قال عنه الحافظ ابن حجر : " صدوق كثير الخطأ " ، و ابن حميد الرازي كذّبه جماعة من العلماء كأبي زرعة وغيره .
                    ونأتي إلى رواية الإمام الزهري في حديث عائشة رضي الله عنها ، فقد وردت القصة على كيفيات مختلفة في البخاري ومسند الإمام أحمد ومصنف الإمام عبدالرزاق وغيرهم ، لكن الناظر إلى رواية الإمام الزهري يجد أنها باطلة ، ووجه ذلك أن معظم روايات هذا الحديث لم تذكر ذلك الحدث ، وقد روى الإمام البخاري حديث نزول الوحي أكثر من مرة في صحيحه دون أن يشير إلى هذه القصة .
                    أما الروايات التي ذكرت هذه الحادثة ، فقد وردت مدرجةً في الحديث ، قال الحافظ ابن حجر ما نصه : " ثم إن القائل ( فيما بلغنا ) هو الزهري ، ومعنى الكلام : أن في جملة ما وَصَلَ إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة ، وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا ) أ.هـ ، فحكم هذه الزيادة الإرسال ، ومرسل الإمام الزهري ضعيف عند أهل الحديث ، يقول الإمام يحيى بن سعيد القطان : " مرسل الزهري شر من مرسل غيره ؛ لأنه حافظ ، كلما قدر أن يسمّي سمى ، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسميه " وقال أيضا عنه : " هو بمنزلة الريح " .
                    على أن هناك مؤشرات تدل على ضعف هذه القصة ، فمن تلك المؤشرات :
                    ما رواه الإمام البخاري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : " هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال : ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ، إذ عرضت نفسي على بن عبد يا ليل بن عبد كلال ، فلم يجبني إلى ما أردت ، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب..) الحديث .
                    فهنا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن أشد ما وقع عليه ، هو ذلك الأذى النفسي الحاصل من تكذيب أهل الطائف له ، حتى إنه بقي مهموماً حزيناً لم يستفق إلا وهو بعيد عن الطائف ، نعم ، إن حزن النبي صلى الله عليه وسلم على فتور الوحي ثابت في نصوص أخرى ، غير أن حزنه ما كان ليبلغ حد الرغبة في إلقاء نفسه من علو ، وإلا لكان هذا أجدر بالذكر من حادثة الطائف المذكورة هنا .
                    ومما يبيّن ضعف القصة : أن الرواية ذكرت أن سبب حزن النبي صلى الله عليه وسلم ومحاولته للانتحار ؛ إنما كان خوفاً من انقطاع الوحي والرسالة ، ولو كان هذا صحيحاً ، لكان ظهور جبريل عليه السلام مرة واحدة وقوله : ( إنك لرسول الله حقا ) كافياً في تأكيد أنه مبعوث إلى العباد وتحقّق الاصطفاء له، فلا معنى لأن يدخل الحزن في قلبه وأن يحاول الانتحار مرات ومرات – كما في رواية الزهري –.
                    فالحادثة المذكورة قد اجتمع فيها الشذوذ في السند ، والنكارة في المتن ، فلا معنى لأن تُتخذ مطعنا في النبي الكريم .
                    ومع هذا كله ، وبفرض صحة هذه القصة جدلا ، فليس فيها ما يعيب شخص النبي صلى الله عليه وسلم أو يقدح في عصمته ، وبيان ذلك أنه قد همّ – على فرض صحة الرواية- بأن يلقي بنفسه ، والهمّ هنا لم ينتقل إلى مرحلة التنفيذ ، وذلك شبيهٌ بما حكاه الله تعالى عن يوسف عليه السلام في قوله : { ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه } ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة : " ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز ، دلّ على أن يوسف لم يذنب أصلا في تلك القصة " . وهذا كحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله ) متفق عليه .
                    وأيضاً : فإن تحريم قتل النفس لم يكن نازلاً في شريعته صلى الله عليه وسلّم ، إذ القصّة في بداية أمر الوحي ، فكيف تكون تلك الحادثة - على فرض صحّتها - مدخلاً للطعن فيه صلّى الله عليه وسلّم ؟ .
                    ثم نقول : إن العصمة متحققة في هذه الحالة ، ووجه ذلك أن الله سبحانه وتعالى صرف عنه هذا السوء ، كما صرف عنه قبل مبعثه حصول التعري ، وشرب الخمر ، والجلوس مع فتيان قريش ، وغير ذلك مما هو مبثوث في السيرة .
                    وهكذا يتبيّن لك أخي القاريء أن هذه الشبهة ليس لها أدنى حظ من النظر ، فلا هي ثابتة سنداً ، ولا هي صالحةٌ للطعن في من شهد له أعداؤه قبل محبيه بسمو أخلاقه ورجاحة عقله وطهارة روحه.
                    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                    "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                    "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                    تعليق


                    • #55
                      Trees

                      تم الحذف
                      التعديل الأخير تم بواسطة الزهور; الساعة 18-04-2010, 01:33 PM.

                      تعليق


                      • #56
                        رد: شبهات وردود

                        الرد على شبهة أن في القرآن كلاماً متناقضاً


                        ا" جاء فى سورة النساء: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً)
                        ولكننا نجد فيه التناقض الكثير مثل:
                        كلام الله لا يتبدل: كلام الله يتبدل
                        (لا تبديل لكلمات الله ) :[color="#0000ff"] (وإذا بدلنا آية مكان آية..)
                        (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) : (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )
                        هذه طريقتهم فى عرض هذه الشبهة يقابلون بين بعض الآيات على اعتبار تصورهم ، وهو أن كل آية تناقض معنى الآية المقابلة لها ، على غرار ما ترى فى هذا الجدول الذى وضعوه لبيان التناقض فى القرآن حسب زعمهم.

                        الرد على هذه الشبهة:

                        الصورة الأولى للتناقض الموهوم بين آية يونس: (لا تبديل لكلمات الله) وآية النحل (وإذا بدلنا آية مكان آية..) لا وجود لها إلا فى أوهامهم ويبدو أنهم يجهلون معنى التناقض تمامًا. فالتناقض من أحكام العقل ، ويكون بين أمرين كليين لا يجتمعان أبداً فى الوجود فى محل واحد ، ولا يرتفعان أبداً عن ذلك المحل ، بل لا بد من وجود أحدهما وانتفاء الآخر ، مثل الموت والحياة. فالإنسان يكون إما حيًّا وإما ميتا ولا يرتفعان عنه فى وقت واحد ، ومحال أن يكون حيًّا و ميتاً فى آن واحد ؛ لأن النقيضين لا يجتمعان فى محل واحد.
                        ومحال أن يكون إنسان ما لا حى ولا ميت فى آن واحد وليس فى القرآن كله صورة ما من صور التناقض العقلى إلا ما يدعيه الجهلاء أو المعاندون. والعثور على التناقض بين الآيتين المشار إليهما محال محال ؛ لأن قوله تعالى فى سورة يونس (لا تبديل لكلمات الله) معناه لا تبديل لقضاء الله الذى يقضيه فى شئون الكائنات ، ويتسع معنى التبديل هنا ليشمل سنن الله وقوانينه الكونية. ومنها القوانين الكيميائية ، والفيزيائية وما ينتج عنها من تفاعلات بين عناصرالموجودات ،أو تغييرات تطرأ عليها. كتسخين الحديد أو المعادن وتمددها بالحرارة ، وتجمدها وانكماشها بالبرودة. هذه هى كلمات الله عزّ وجلّ.
                        وقد عبر عنها القرآن فى مواضع أخرى ب.. السنن وهى القوانين التى تخضع لها جميع الكائنات ، الإنسان والحيوان والنبات والجمادات. إن كل شئ فى الوجود ، يجرى ويتفاعل وفق السنن الإلهية أو كلماته الكلية ، التى ليس فى مقدور قوة فى الوجود أن تغيرها أو تعطل مفعولها فى الكون.
                        ذلك هو المقصود به ب " كلمات الله " ، التى لا نجد لها تبديلاً ، ولا نجد لها تحويلاً.
                        ومن هذه الكلمات أو القوانين والسنن الإلهية النافذة طوعاً أو كرهاً قوله تعالى: (كل نفس ذائقة الموت) . فهل فى مقدور أحد مهما كان أن يعطل هذه السنة الإلهية فيوقف " سيف المنايا " ويهب كل الأحياء خلوداً فى هذه الحياة الدنيا ؟
                        فكلمات الله إذن هى عبارة عن قضائه فى الكائنات وقوانينه المطردة فى الموجودات وسننه النافذة فى المخلوقات.
                        ولا تناقض فى العقل ولا فى النقل ولا فى الواقع المحسوس بين مدلول آية: (لا تبديل لكلمات الله) وآية: (وإذا بدلنا آية مكان آية..).
                        لأن معنى هذه الآية: إذا رفعنا آية ، أى وقفنا الحكم بها ، ووضعنا آية مكانها ، أى وضعنا الحكم بمضمونها مكان الحكم بمضون الأولى. قال جهلة المشركين: إنما أنت مفتِرٍ .
                        فلكل من الآيتين معنى فى محل غير معنى ومحل الأخرى.
                        أما الآيتان الأخيرتان الواردتان فى الجدول ، وهما آية الحجر: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وآية الرعد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فلا تعارض بينهما كذلك ؛ لأن الآية الأولى إخبار من الله بأنه حافظ للقرآن من التبديل والتحريف والتغيير ، ومن كل آفات الضياع وقد صدق إخباره تعالى ، فظل القرآن محفوظاً من كل ما يمسه مما مس كتب الرسل السابقين عليه فى الوجود الزمنى ، ومن أشهرها التوراة وملحقاتها. والإنجيل الذى أنزله الله على عيسى عليه السلام

                        أما الآية الثانية: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) فهى إخبار من الله بأنه هو وحده المتصرف فى شئون العباد دون أن يحد من تصرفه أحد. فإرادته ماضية ، وقضاؤه نافذ ، يحيى ويميت ، يغنى ويفقر ، يُصحُّ ويُمْرِضُ ، يُسْعِد ويُشْقِى ، يعطى ويمنع ، لا راد لقضائه ، ولا معقب على حكمه (لا يُسأل عما يفعل وهم يُسـألون ) . فأين التناقـض المزعوم بين هاتين الآيتين يا ترى ؟ التناقض كان سيكون لو ألغت آية معنى الأخرى. أما ومعنى الآيتين كل منهما يسير فى طريقٍ متوازٍ غير طريق الأخرى ، فإن القول بوجود تناقض بينهما ضرب من الخبل والهذيان المحموم ، ولكن ماذا نقول حينما يتكلم الحقد والحسد ، ويتوارى العقل وراء دياجير الجهالة الحاقدة ؟ نكتفى بهذا الرد الموجز المفحم ، على ما ورد فى الجدول المتقدم ذكره.
                        وهناك شبه أخرى يمكن سردها بإيجاز:

                        1- إنهـم توهـموا تناقضـاً بين قوله تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) . وبين قوله
                        تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) . وفى عبارة شديدة الإيجاز نرد على هذه الشبهة الفرعية ، التى تصيدوها من اختلاف زمن العروج إلى السماء ، فهو فى آية السجدة ألف سنة وهو فى آية المعارج خمسون ألف سنة ، ومع هذا الفـارق العظيم فإن الآيتين خاليتان من التناقض. ولماذا ؟ لأنهما عروجان لا عروج واحد ، وعارجان لا عارج واحد.
                        فالعارج فى آية السـجدة الأمر ، والعـروج عروج الأمر ، والعارج فى آية المعارج هم الملائكة والعروج هو عروج الملائكة.
                        اختلف العـارج والعـروج فى الآيتين. فاختلف الزمن فيهما قصـراً أو طولاً. وشرط التناقض ـ لو كانوا يعلمون ـ هو اتحاد المقام.


                        منقول من موقع الاسلام للجميع
                        اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                        "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                        "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                        تعليق


                        • #57
                          رد: شبهات وردود








                          شبهات حول عذاب القبر ونعيمه

                          القبر في معتقد المسلمين روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، جعله الله تعالى برزخا بين حياتين، وفاصلا بين مرحلتين، فهو بمثابة محطة للوقوف والانتظار، يقف فيها من مات - معذبا أو منعما - ريثما تنقضي أعمار الناس في حياتهم الدنيا، لينتقلوا بعدها جميعا إلى الدار الآخرة حيث يجازى المحسن على إحسانه، والمسيء على إساءته .

                          ورغم أن هذه المرحلة ( القبر ) مرحلة غيبية محضة، لا تدركها العقول، ولا يصلها الحس، فلم يخرج لنا ميت ليخبرنا بما رأى، ولا نزل حي إلى أهل القبور ليعلم حالهم، فالغيب يحيط بهذه المرحلة من جوانبها، فلا طريق لمعرفة كنهها وحقيقتها إلا بالخبر في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه وُجِدَ من يشغّب على تلك النصوص، أحيانا بدعوى معارضتها لنصوص أخرى، وأحيانا بدعوى مخالفتها للعقل والحس، وهي دعوى سنحاول مناقشتها لبيان أن عذاب القبر ونعيمه حقيقة ثابته أثبتها الشرع بنصوصه، وهي حقيقة لا تعارضها العقول، ولا ينكرها الحس .

                          ومن المناسب هنا أن نذكر جملة من نصوص الكتاب والسنة التي تثبت حقيقة عذاب القبر ونعيمه، وأن تلك المسألة من ثوابت ديننا، ومن لوازم إيماننا بالغيب .

                          أدلة الكتاب والسنة على عذاب القبر ونعيمه :


                          قال تعالى: { النار يعرضون عليها غدواً وعشيّاً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب }( غافر: 46 ). والعرض على النار هنا نوع من العذاب وهو حاصل قبل يوم القيامة بلا شك، بدليل قوله تعالى في الآية نفسها { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } فدل ذلك على ثبوت عذاب القبر، وهذا المعنى يؤيده ما رواه البخاري و مسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ).


                          ومن الأدلة أيضا قوله تعالى: { فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون }( الطور: 45-47) وقد روى الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى: { وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك } يقول: " عذاب القبر قبل عذاب يوم القيامة ".

                          وقال تعالى: { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون }( الأنعام: 93)، فقول ملائكة العذاب: "اليوم" يدل على الزمن الحاضر وهو بلا شك قبل يوم القيامة. فدل ذلك على أن الكفار يعذبون قبل البعث والحساب.


                          هذه بعض الآيات الدالة على عذاب القبر، وأما الأحاديث فهي كثيرة نذكر منها ما ثبت:


                          عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه، إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة.. فقال: ( من يعرف أصحاب هذه الأَقْبُر ؟ فقال رجل: أنا، قال: فمتى مات هؤلاء ؟ قال: ماتوا في الإشراك. فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر . قالوا : نعوذ بالله من عذاب القبر ) رواه مسلم .


                          وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم، قالت: فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما، فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم . فقال: صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم . قالت: فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر ) رواه مسلم .


                          وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يتعوذ من عذاب القبر، وعذاب جهنم، وفتنة الدجال ) رواه مسلم .


                          وعن ابن عباس رضي الله عنها قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) متفق عليه.


                          وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الطويل، جاء فيه عن العبد المؤمن: ( قال: فتعاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيجلسانه، فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام . فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم . فيقولان له: وما علمك ؟ فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت، فينادى مناد في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره .. ) رواه أحمد .


                          قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: " وقد تواترت الأخبار عن رسول الله في ثبوت عذاب القبر ونعيمه - لمن كان لذلك أهلا - وسؤال الملكين . فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته لكونه لا عهد له به في هذا الدار " .


                          وقال أبو الحسن الأشعري في الإبانة :" وقد أجمع على ذلك – أي عذاب القبر ونعيمه - الصحابة والتابعون رضي الله عنهم أجمعين " ، وممن نقل الإجماع أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره .


                          شبهات من أنكر عذاب القبر والرد عليها


                          مما استدل به المنكرون لعذاب القبر ونعيمه قول الله عز وجل: { لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى }( الدخان: 56) قالوا: لو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين مرة في حياتهم الدنيا، ومرة في حياتهم البرزخية.


                          واستشهدوا على إنكارهم أيضا بقوله تعالى: { وما أنت بمسمع من في القبور }(فاطر: 22) قالوا: إن الغرض من سياق الآية تشبيه الكفرة بأهل القبور في عدم السماع، ولو كان الميت حيا في قبره أو حاسا لم يستقم التشبيه.


                          هذا من جهة النقل، أما من جهة العقل فقالوا: إنا نرى الشخص يصلب ويبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه، ولا نشاهد فيه أيّاً من علامات الحياة فلا نراه يعذب ولانراه ينعم.

                          ونرى الرجل يحرق بالنار، وتأكله السباع، ولا نرى أثرا لما تقولونه من عذاب القبر ونعيمه.


                          وللإجابة على ذلك نقول أما قوله تعالى:{ لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى }( الدخان: 56) وقولهم: لو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين مرة في حياتهم الدنيا، ومرة في حياتهم البرزخية.


                          فالجواب على ذلك أن الإيمان بحياة الأموات في قبورهم لا يقتضي مساواة حياتهم في البرزح بحياتهم في الدنيا، بل هي حياة خاصة قدرها الله سبحانه لهم، وعليه فلا يلزم ما قاله المنكرون لعذاب القبر ونعيمه من أنه لو كان الأموات منعمين أو معذبين للحقهم الموت مرة ثانية إذ ذلك لا يلزم إلا في حال تساوي الحياتين.


                          ومنشأ هذا الخلط عند منكري عذاب القبر هو ظنهم أن الموت هو عدم محض لا يشعر معه صاحبه بشيء وهذا ما ترده النصوص الشرعية من الكتاب والسنة .


                          ثم إن الآية جاءت في سياق الامتنان على أهل الجنة بأنهم خالدون فيها لا يذوقون الموت سوى ما ذاقوه أول مرة في حياتهم الأولى، فليس في الآية حديث عن عذاب القبر ولا نعيمه ولا تعلق للآية به، فالاستدلال بها إقحام لها في غير سياقها ومساقها .


                          أما استشهادهم بقوله تعالى:{ وما أنت بمسمع من في القبور }( فاطر: 22) فالجواب عنه بأن الآية وردت في سياق تشبيه حال الكفار من حيث عدم انتفاعهم بسماع المواعظ والآيات بحال أهل القبور الذين لا ينتفعون بشيء مما يلقى عليهم، فالآية تنفي سماع الانتفاع لا مطلق السماع بدليل أن الكفار وهم المرادون في الآية بالأموات يسمعون الآيات بلا شك ولكنهم لا ينتفعون بها .


                          هذا ما يتعلق برد استدلالهم بالمنقول على إنكار عذاب القبر ونعيمه، أما استدلالهم بالمعقول وبالحس فالرد عليه من وجوه:


                          الوجه الأول:
                          أن الله قد حجب عنا معرفة ما يحصل للميت شفقة بنا لئلا نترك دفن موتانا، قال صلى الله عليه وسلم: ( إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ) رواه مسلم


                          الوجه الثاني
                          : أن عدم رؤيتنا لما يحصل للميت من عذاب أو نعيم لا يعني عدم وجوده فقدرة الله ليس لها حدود، فهو قادر سبحانه على أن يعذب أو ينعم من مات محروقا، أو مات مأكولا، فالله لا يعجزه شيء وهو على كل شيء قدير.


                          الوجه الثالث:
                          أننا نرى اليوم من طرق التعذيب أنواعا مختلفة لا تترك آثارا في الجسد كالتعذيب الكهربائي مثلا أو التعذيب النفسي، وهي أنواع من التعذيب ربما تكون أقسى من تلك التي تترك ندوبا في الجسد وآثارا.


                          الوجه الرابع
                          : أن من أصول الإيمان عندنا الإيمان بالغيب، وعذاب القبر منه، وإنكار عذاب القبر ونعيمه بدعوى عدم مشاهدته أو الإحساس به، هو فتح لباب جحود الغيب على مصراعيه، فالملائكة تطوف حولنا وتكتب حسناتنا وسيئاتنا ولا نراها ومع ذلك نؤمن بها، وكذلك الجن، فهل يعد عدم رؤيتنا لذلك مبررا لإنكار تلك الغيبيات .

                          وبهذا يظهر أن من أنكر عذاب القبر ونعيمه ليس معه من العلم سوى الأوهام، وأن دلائل الكتاب والسنة قائمة على إثباته وتحقيقه، والله أعلم .



                          منقول من موقع اسلام ويب
                          اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                          "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                          "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                          تعليق


                          • #58
                            رد: شبهات وردود

                            شبهة حول : هامان وزير فرعون في القرآن


                            ذكرالكاتب
                            Joseph Smith
                            في بحثه بعنوان :
                            THE QUR'AN Apologetic Paper
                            (Joseph Smith)
                            (May 1995)

                            تناقضات داخلية [ يقصد في القرآن الكريم ] تكشف الأخطاء وذكر منها :

                            2 ـ هامان: مقطع آخر معروف يتعلق بهامان، ففي القرآن هامان يعتبر تابعاً لفرعون، وهو الذي شيد الصرح ليرقى إلى رب موسى(28، 38 /29، 38/ 40، 25 و38) ولكن برج بابل وجد قبل ذلك ب750 سنة(التكوين،11) واسم هامان يوجد في موضعه الصحيح في قصة ايستر في بابل 1100 سنة بعد فرعون، ويعتقد يوسف علي [ مترجم تفسير القرآن ] أن الإحالة هي ببساطة تتعلق بهامان آخر، بالرغم أن هامان ليس اسماً مصرياً ولكنه بالأحرى اسم بابلي.اهـ
                            الترجمة التي يقصدها ليوسف علي هي:
                            Ali, 'Abdullah Yusuf, The Holy Qur'an (Revised Edition), Brentwood, Amana Corporation, 1989

                            والجواب على هذه الشبهة :

                            ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أخبار كثير من الأمم السابقة, وخصوصاً تلك الأمم التي أرسل إليهم أنبياءه الكرام, ومن تلك الأمم قوم فرعون في أرض مصر, وفي طيات هذا الإخبار جاء ذكر بعض الشخصيات في دولة فرعون, ومن تلك الشخصيات وزير من وزراء فرعون, هذا الوزير هو هامان, وقد أخبر القرآن الكريم عن هذا الوزير في أكثر من موضع, وأشار إلى بعض أفعاله والمهام التي كان فرعون يكلها إليه, مع العلم بأن هذا الإخبار جاء في زمن كانت فيه هذه الأخبار قد اندثرت وأصبحت من الغيب الماضي, فجاء هذا الإخبار ليجلي هذه الحقيقة الغائبة في تلك الحقبة التاريخية.

                            ذكر هامان في القرآن الكريم:

                            جاء ذكر هامان في ستة مواضع في كتاب الله,وهي على النحو التالي:

                            1- قال تعالى: ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون﴾ [القصص:6]

                            2- قال تعالى: ﴿ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾ [القصص:8 ] .

                            3- قال تعالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص:38 ] .

                            4- قال تعالى: ﴿ وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ ﴾ [العنكبوت:39 ] .

                            5- قال تعالى: ﴿ إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّاب ﴾ [غافر:24 ] .

                            6- قال تعالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَاب ﴾ [ غافر:36 ] .

                            من خلال هذه الآيات الكريمة يظهر لنا مقدار تلك الصلة الوثيقة والرابطة القوية بين هامان وفرعون, فقد ارتبط اسم هامان باسم فرعون في كل تلك الآيات, مما يدل على قوة العلاقة بين هاتين الشخصيتين, فقد اشتركا في التكذيب بنبي الله موسى عليه السلام,وكان هامان سنداً وعوناً لفرعون.

                            هامان في ضوء الاكتشافات التاريخية:

                            لقد تجلت كثير من أمور التاريخ الفرعوني بعد الاكتشافات التاريخية والدراسات التي قامت بها الحملات العلمية, ومن ضمن تلك الاكتشافات,اكتشاف ما يسمى بحجر رشيد,وقد كان هذا الحجر مكتوباً عليه بثلاث لغات هي اللغة الهيروغليفية والديموقيطية واليونانية وبمساعدة اليونانية تم فك لغز الهيروغليفية من قبل شامبليون وبعدها تم معرفة الكثير من تاريخ الفراعنة ومن خلال ترجمة نقش من النقوش المصرية القديمة تم الكشف عن اسم [ هامان]

                            وهذا الاسم أشير إليه في لوح أثري في متحف ( هوف ) في فينا, وتوجد مجموعة أخرى من النقوش كشفت لنا أن هامان كان في زمن تواجد موسى في مصر قد رُقّي إلى أن أصبح مديراً لمشاريع الملك الأثرية, وقد كان هامان رفيق الصبا لفرعون [رمسيس الثاني ],كما جاء ذلك في كتاب:
                            Pharaoh Triumphant the life and times of Ramesses II K.A. Kitchen
                            ونسخته العربية [ رمسيس الثاني، فرعون المجد والانتصار، ترجمة د.أحمد زهير أمين ]

                            ويذكر هذا المؤلف :
                            أن هامان ترقى وصار قائد المركبات الملكية وناظر الخيل, وهذا مصداق قوله تعالى: ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُون﴾ [القصص:6].
                            فقد جاء في هذه الآية أن هامان كان له جنود يقودهم, ويواصل المؤلف ويقول أن هامان أصبح رسول الملك إلى كل البلاد الأجنبية, وأن هذا المنصب كان مقصوراً على كبار ضباط سلاح العربات الحربية .

                            ويذكر ( موريس بوكاي ) أنه وجد اسم هامان في " قاموس أسماء الأشخاص في المملكة الجديدة "
                            Dictionary of Personal names of the New Kingdom
                            وهو القاموس المستند على مجموعة المعلومات المستقاة من الكتابات المصرية القديمة, وأن عمله هو رئيس عمال المقالع.اهـ ( انظر : القرآن والعلم المعاصر لموريس بوكاي )

                            وقد شهد القرآن بذلك في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَاب﴾ [غافر:36 ] .
                            فطلب فرعون هذا العمل ـ وهو بناء الصرح ـ من هامان يدل على أن هذا العمل كان من مهام وزيره هامان.

                            وجاء في قوله تعالى: ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [القصص:38 ], أن فرعون حدد لهامان مادة هذا البناء وهي الطين الموقود [المحروق ] وهو ما يسمى الآجر، .
                            وهذا يعتبر من الإعجاز التاريخي للقرآن الكريم فقد ظل الاعتقاد السائد عند المؤرخين أن الآجر لم يظهر في مصر القديمة قبل العصر الروماني وذلك حسب رأي بعض المؤرخين, وظل هذا هو رأي المؤرخين إلى أن عثر عالم الآثار ( بتري ) على كمية من الآجر المحروق بنيت به قبور ، وأقيمت به بعض من أسس المنشآت ، ترجع إلى عصور الفراعين رعمسيس الثاني ومرنبتاح وسيتي الثاني من الأسرة التاسعة عشر [1308 1184 ق. م ] وكان عثوره عليها في: "نبيشة " و" دفنه" غير بعيد من بي رعمسيس [ قنطير ] عاصمة هؤلاء الفراعين في شرق الدلتا .اهـ ( انظر : الحضارة المصرية، تأليف محمد بيومي مهران ج3 ص429 ).

                            من خلال ما سبق نرى الإعجاز التاريخي واضحاً جلياً في إخبار القرآن الكريم عن شخصية الوزير هامان, فأشارت الآيات إلى الصلة القوية والرابطة الوثيقة بين هامان وفرعون [رمسيس الثاني ] من اقتران اسم هامان باسم فرعون في كل المواضع التي جاء فيها ذكر هامان في القرآن الكريم, وهذا مطابق للاكتشافات التاريخية التي تجعل من هامان رفيقاً لفرعون في صباه, ووزيراً له زمن توليه الملك، وفيه رد واضح على صاحب الشبهة الذي أراد بزعمه أن يكشف تناقضات داخلية في القرآن الكريم ـ حسب قوله ـ وما ذكر من أن هامان ليس اسماً مصرياً وإنما هو اسم بابلي ، مردود لهذه الاكتشافات العلمية والتاريخية الثابتة.


                            الدكتور محمد كالو
                            موقع ملتقى البيان لتفسير القرآن
                            اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
                            "اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا "
                            "اللهم اجعل مصر أمنا سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن"

                            تعليق


                            • #59
                              رد: شبهات وردود

                              جزاكي الله كل خير الاخت الفاضلة وجزاه كل من رد عليكي وليس في اي كلام اخر
                              ويكفي اننا والحمد لله مسلمين وان محمد عليه الف صلوات الله وسلامة رسولنا
                              وحببنا وشفعنا يوم القيامة يارب يسقنا من يده الشريفة وهذا ما يفحم كل سائل غبي
                              اللهم تجعلنا ممن يقولنا القول ويعملونا به ولا تجعلنا يوم القيامة جسرا يعبرونا عليه ويلقي بي في النار كبر مقتن عند الله ان يقولوا ما لم يفعلون

                              تعليق


                              • #60
                                رد: شبهات وردود

                                جزاكم الله كل خير
                                اللهم صلى على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد
                                إذا أعجبك موضوعى فأدعو لى بحفظ القرآن الكريم والآخلاص فى القول والعمل
                                اللهم اجعل أعمالي كلها صالحة و لوجهك الكريم خالصة و لا تجعل للناس منها شيئا ولا للشيطان منها نصيبا و تقبلها ربنا بقبول حسن

                                تعليق

                                يعمل...
                                X