إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مفـاتـح تـدبـر القـرآن::تم بفضل الله::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مفـاتـح تـدبـر القـرآن::تم بفضل الله::





    منقــــــــول من موقع منهج الإسلامي



    إن الوسيلة الأولى لإصلاح النفس وتزكية القلب والوقاية من المشكلات وعلاجها هي العلم ..


    والقراءة والكتاب هى أولى الوسائل لتلقي العلم..لذلك لما أراد الله سبحانه وتعالى هداية الخلق وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، أنزل إليهم كتابًا يُقرأ، وأول سورة نزلت منه بدأت بــــ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق: 1]

    القرآن والسُّنَّة .. الطريق الوحيد للنجاح وإصلاح النفس والقلب


    فمن أراد أن يرقى فعليه أن يقرأ ولكن ليست أي قراءة، بل القراءة التربوية التي يتم بعون الله تعالى توصيفها من خلال عرض المفاتيح العشرة لتدبر القرآن.



    سبب الفشل في الحيــــــــاة


    هو ضعف الإرادة الناتج عن النسيـــان .. كما بيَّن الله تعالى في قوله سبحانه {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}[طه: 115]
    فالإنسان في حال الشدة والكرب يكون أكثر إيمانًا ويشتد حرصه على الخير والنفع .. لكن ما إن يزول هذا المؤثر المؤقت حتى يتلاشى هذا العلم فينسى الإنسان ويعود إلى كفره وشركه، ويعود إلى ما يضره مما تهواه نفسه، ويصعب عليه ما لا تهواه نفسه مما فيه نفعه وهو بأمس الحاجة إليه.









    والإرادة ثلاثة أنواع هي:


    الحب، الخوف، الرجــــاء


    فمتى وجد أحدها وجدت الإرادة ومتى تخلفت جميعها تخلفت الإرادة ..


    فإذا أردنا قوة العزيمة وعلو الهمة، فإن هذا يحصل بتقوية هذه الجوانب النفسية الثلاثة لكل ما يراد تنفيذه وتحقيقه.
    والعلم درجات ومراتب .. فلا يكفي مثلاً العلم بأن هذا الشيء ضار ليوجد الخوف منه والابتعاد عنه، أو أن هذا الأمر نافع ليحصل الرغبة فيه .. بل يجب العلم التفصيلي القوي الحاضر ..
    وترى ذلك في جميع أمور الحياة .. فكل طالب يعلم أنه بحاجة إلى استذكار دروسه لكي ينجح ويتفوَّق في الامتحان، ومع هذا يحصل من كثير منهم الإهمال والتقصير .. وكل مسلم يعلم أنه سيموت وأنه محاسب على أعماله، لكنه علم سطحي ضعيف مهزوز لا يكفي لوجود الإرادة لفعل الخيرات وترك المنكرات.
    فما من مشكلة إلا وأساسها ضعف الإرادة .. ضعف الرغبة أو الرهبة .. لإنه إن لم توجد الإرادة فلن يتناول المريض الدواء حتى لو أكره عليه، بينما لو وجدت القناعة والرغبة فإنك تراه يبذل جهده لتحصيله ومن ثم تناوله.






    معركة الحيـــاة


    يجب أن نعلم علم اليقين أن للشيطان أثرًا على إرادة الإنسان، فهو يثبطه عن الخير وعما ينفعه ويدفعه إلى الشر وما يضره .. من أجل ذلك فإن مهمة معالجة الإرادة تحتاج إلى جهد مضاعف إذا علمت أن هناك من يقاومك فيها ..
    فالشيطان عدو للإنسان يوسوس له على مدار الساعة ..
    يؤثر على تصرفات الإنسان وسلوكه فيأمره وينهاه، ويزين له ويثبطه ويحرك جميع جوارحه من خلال مركز التحكم (القلب) .. لا يمل ولا يفتر، يتمنى له الشر ويحسده على كل خير كما أخرج أبويه من الجنة، قال الله تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]



    ما هو سلاح الإنسان في معركة الحيــاة .. معركته مع الشيطان؟




    الجواب في قول الله تعالى .. {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 123,124 ] ..



    فسلاح الإنسان في معركة الحياة

    هو الهدى الذي أنزله على رسله، إنه القرآن الذي بين أيدينا ..






    فتدبُّر القرآن هو الطريــق إلى الإيــمان ..
    فهو أقوى وسيلة لبقاء التوحيد والإيمان غضًا طريًا نديًا في القلب، و المنطلق لكل عمل صالح آخر من صيام أو صدقة أو جهاد وبر وصلة .. وتدبر القرآن يحقق لك التوحيد والإخلاص والاستكانة والتضرع والعبودية لله ربِّ العالمين.

    القيام بالقرآن الطريق إلى القوة ..

    لما أراد الله سبحانه وتعالى تكليف نبيه محمد بواجب التبليغ والدعوة وهو حمل ثقيلٌ جدًا؛ وجَّهه إلى ما يعينه عليه وهو القيام بالقرآن، فقال تعالى {
    يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}[المزمل: 1,7] .. فكان هذا الإعداد والتكوين والصناعة للنبي وصحابته، الذين كلفوا بتبليغ الدعوة وحمل الرسالة.



    القيــام بالقرآن الطريق إلي نصر الأمة ..


    قال الله تعالي {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}[الفتح: 29] ..


    فمتى توفر هذا الجيل في الأمة تحقق لها بإذن الله تعالى النصر والتمكين، وكانت أمة قوية تهابها كل الأمم وتذعن وتخضع لها .


    ولقد أصيب بعض المسلمين بالشعور بالنقص والضعف وهو يشاهد واقع العالم كل يوم، وما ذاك إلا بسبب هجره للقرآن وبعده عن فقه معانيه العظيمة.




    نعيـم القرآن .. يقول الله تعالى {
    الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا}[الكهف: 1].. فالقرآن نعمة وأعظم به من نعمة .. والتلذذ بالقرآن لمن فُتحت له أبوابه لا يعادله أي لذة أو متعة في هذه الحياة ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


    لكن ليس كل أحد يمكنه أن يستخدم هذا السلاح ويحقق به النصر .. فليس ذلك إلا لمن أخذ بالأسباب واقتدى بالنبي وصحابته رضي الله عنهم في تعاملهم مع القرآن ..


    يتبــــع إن شـاء الله


    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 07-04-2016, 11:40 PM. سبب آخر: تنسيق وضبط التشكيل

  • #2
    رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::

    القرآن طوق النجاة


    لو تأملنا في حال الناجحين في الحياة بدءًا من النبي وانتهاءً بالمعاصرين من الصالحين، لوجدنا أن القاسم المشترك بينهم هو القيام بالقرآن وفي صلاة الليل خاصة.
    عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل"[رواه مسلم]..
    إنه الحرص على عدم فواته مهما حالت دونه الحوائل أو اعترضته العوارض؛ لأنهم يعلمون يقينًا أن هذا هو غذاء القلب الذي لا يحيا بدونه، وقد كانوا يحرصون على غذاء القلب قبل غذاء البدن.


    والقرآن ظاهر وباطن ..
    ظاهر .. يراه كل الناس وهو صور الحروف والسطور التي كتبت على صفحات المصحف الذي يباع في كل مكان، ويراه كل الناس مسلم وكافر مؤمن ومنافق بر وفاجر صغير وكبير ..
    وله باطن .. لا يراه إلا المؤمنون الذين آمنوا بأنه كلام الله، وآمنوا بضرورة قراءته والقيام به فغاصوا في أعماق معانيه.
    قال سهل بن عبد الله التُسْتَري " لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله في آية من كتابه؛ لأنه كلام الله وكلامه صفته وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه، وإنما يفهم كلٌ بمقدار ما يفتح الله على قلبه. وكلام الله غير مخلوق، ولا يبلغ إلى نهاية فهمه فهوم محدثة مخلوقة " [البرهان في علوم القرآن (ص:102)]..


    فالناس يتفاوتون في فهمهم وإدراكهم لآيات القرآن الكريم، وتنزيلها على أمور حياتهم.




    ولابد من التدريب والمجاهدة للوصول لهذا الفهم ..

    ففهم القرآن وتدبُّره مواهب من الله الكريم الوهاَّب، يعطيها لمن صدق في طلبها وسلك الأسباب الموصلة إليها بجد واجتهاد .. أما المُشْتَغِل بشهوات الدنيا ويريد فهم القرآن فهيهات هيهات ولو تمنى على الله الأماني.

    قال ثابت البناني "كابدت القرآن عشرين سنة ثم تنعمت به عشرين سنة " ..
    فقف عند الباب حتى يُفتَح لك؛
    إن كنت تدرك عظمة ما تطلب فإنه متى فُتِحَ لك ستدخل إلى عالم لا تستطيع الكلمات أن تصفه ولا العبارات أن تصور حقيقته .. أما إن استعجلت وانصرفت، فستحرم نفسك من كنز عظيم وفرصة قد لا تدركها فيما تبقى من عمرك.


    تذكَّر أن السفينة لا تجري على اليابس،

    وأن المكارم لا تنال إلا بالمكاره،


    وأن الجنة حفت بالمكاره،،




    والقرآن هو طوق النجاة في هذه الحياة، وهو حبل طرفه بيد الله وطرفه بيدك ..
    يقول الله تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء: 175] ..
    فمتى أردت أن تدخل في رحمة الله وأن تُهدى إلى الصراط المستقيم، جاهد نفسك في تدبُّر القرآن الكريم، وفرِّغ وقتك وجهدك وركز اهتمامك على هذا الأمر العظيم .
    ونحن نؤمن ونصدق بقول الله تعالى{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر: 21]،

    وموقنين بقوله سبحانه{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[الزمر: 23].

    فهذا هو القرآن .. ونحن نقرؤه،

    ولكن ما أخبر الله تعالى عنه من تأثير فإننا لا نجده! .. فلماذا؟

    القرآن هو القرآن، وقد وصل والحمد لله إلينا محفوظًا تامًا مصونًا من الزيادة والنقص .. فلا شك أن الخلل في قرائتنا وقلة تدبُرنا، وقلوبنا التي لا تُحسِن استقبال كلام الرحمن ..
    ولقد كان لسلفنا الصالح قواعد ووسائل عملية في تعاملهم مع القرآن الكريم، لكن بسبب غفلة الكثيرين عنها أصبحوا لا يتأثرون بما فيه من الآيات والعظات والأمثال والحكم ... ومن أخذ بهذه الوسائل فإنه سيجد بإذن الله تعالى أن معاني القرآن تتدفق عليه حتى ربما يمضى عليه وقت طويل لا يستطيع تجاوز آية واحدة بسبب كثرة المعاني التي تفتح عليه ..




    مفاتيح تدبر القرآن عشرة ..



    مجموعة في قولك : ( لإصلاح ترتجِ )

    (ل) لب وهو القلب .. والمعنى أن حب القرآن هو المفتاح الأول للتدبُّر، فالقلب هو آلة فهم القرآن، والقلب بيد الله تعالى يقلبه كيف شاء، والعبد مفتقر إلى ربِّه ليفتح قلبه للقرآن فيطلع على خزائنه وكنوزه.
    (أ) أهداف، أو أهمية .. أي استحضار أهداف قراءة القرآن.
    (ص) صلاة .. أن تكون القراءة في صلاة.
    (ل) ليـــل .. أن تكون القراءة والصلاة في ليل، أي وقت الصفاء والتركيز.
    (أ) أسبوع .. أن يكرر ما يقرؤه من القرآن كل أسبوع، حتى لو لجزء منه.
    (ح) حفظًا .. أن تكون القراءة حفظًا عن ظهر قلب، بحيث يحصل التركيز التام وانطباع الآيات عند القراءة.
    (ت) تكرار .. تكرار الآيات وترديدها لتحقيق مزيد من التثبيت.
    (ر) ربط .. ربط الآيات بواقعك اليومي وبنظرتك للحياة.
    (ت) ترتيل .. الترتيل والترسل في القراءة، وعدم العجلة .. إذ المقصود هو الفهم وليس الكم، وهذه مشكلة الكثيرين، وهم بهذا الاستعجال يفوتون على أنفسهم خيرًا عظيمًا.
    (ج) جهرًا .. الجهر بالقراءة؛ ليقوى التركيز ويكون التوصيل بالصورة والصوت معًا.
    فهذه وسائل وأدوات يُكمِّل بعضها بعضًا في تحقيق وتحصيل مستوى أعلى وأرفع في تدُّبر آيات القرآن الكريم، والانتفاع والتأثر بها.. هذه المفاتيح هي التي تفتح الطريق للقرآن ليصل إلى قلب الإنسان وروحه.


    ومما يتأكد التنبيه عليه عدم قصر وحصر النجاح في تدبُّر القرآن على هذه المفاتيح،


    فما هي إلا أسباب والنتائج بيد الله تعالى يعطيها من شاء ويمنعها من شاء ..



    فاسلك هذه الأسباب لعل الله إذا رأى مجاهدتك في هذا الأمر وعَلِم منك صدقك


    أن يفتح لك خزائن كتابه تتنعم فيها في الدنيا قبل الآخرة.


    فإيـــاك - أخي المسلم - أن ترحل من هذه الدنيا ولم تذق ألذ وأطيب ما فيها، إنه القرآن كلام الله الذي لا يشبه التنعم به أي نعيم على الإطلاق ..



    وهو حاصلٌ بإذن الله تعالى لمن أخذ بهذه المفاتيح التي هدي إليها سلفنا الصالح، ففُتِحَت لهم كنوز القرآن وبها فُتِحَت لهم كنوز الأرض وخيراتها فكانوا خير أمة أخرجت للناس،،

    يتبع إن شاء الله




    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 07-04-2016, 11:47 PM.

    تعليق


    • #3
      رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::




      تدبر القرآن وعلاماته





      إن مما يصرف كثيرًا من المسلمين عن تدبُّر القرآن والتفكُّر فيه وتذكُّر ما فيه من المعاني العظيمة؛ اعتقادهم صعوبة فهم القرآن .. وهذا خطأ في مفهوم تدبُّر القرآن، وانصراف عن الغاية التي من أجلها أُنزل، فالقرآن كتاب تربية وتعليم، وكتاب هداية وبصائر لكل الناس .. كتاب هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين، كتابٌ قد يسَّر الله تعالى فهمه وتدبره .. كما قال تعالى{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر: 17] ..
      وقال الشاطبي "فمن حيث كان القرآن معجزًا أفحم الفصحاء، وأعجز البلغاء أن يأتوا بمثله، فذلك لا يخرجه عن كونه عربيًا جاريًا على أساليب كلام العرب، ميسرًا للفهم فيه عن الله ما أمر به ونهى عنه"[الموافقات (3:805)] .. فعلى الرغم من إعجاز القرآن الذي أفحم الفصحاء، فإن لغته عربية سهلة ميسرَّة للفهم للجميع.


      إن القرآن معظمه واضح، وبيِّن وظاهر لكل الناس ..
      يدرك معناه الصغير والكبير، والعالم والأمي .. كما قال ابن عباس : "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله " [تفسير الطبري (1/75)، مقدمة ابن تيمية (115)] .. ومعظم القرآن من القسمين الأولين.
      فحينما سمع الأعرابي قول الله تعالى:{فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}[الذاريات:23]، قال: من ذا الذي أغضب الجليل حتى أقسم؟ ..
      وحينما أخطأ إمام في قراءة آية النحل{فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ}[النحل:26]، قرأها: من تحتهم، صوَّب له خطأه امرأة عجوز لا تقرأ ولا تكتب.


      مكــــائـــد الشيـطــان لصرفك عن تدبُّر القرآن والاهتداء به ..
      قال ابن هبيرة "ومن مكايد الشيطان تنفيره عباد الله من تدبر القرآن، لعلمه أن الهدى واقع عند التدبر، فيقول هذه مخاطرة، حتى يقول الإنسان أنا لا أتكلم في القرآن تورعا " [ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (3-273)].. فمن تلبيس إبليس أن يحرمك من تدبُّر القرآن والتفكُّر في معانيه تورعًا، لأن المخاطرة تكون في أن تتكلم في القرآن بغير علم وليس في تدبُّره .. ولقد أمرنا الله تعالى بتدبر القرآن، فقال عزَّ وجلَّ{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: 24]
      فلا تجعله يحوَّل بينك وبين فهم وتدبُّر كلام الله تبارك وتعالى، وإذا أشكل عليك معنى آية بادر وسارع إلى كتب التفسير للبحث عن معناها والمراد بها ..


      لكن لا تُغْلِق عقلك فتقرأ دون تدبُّر أو تترك القراءة بالكلية!




      ما المقصود بتدبر القرآن؟


      هو التفكُّر والتـــــأمل في آيـــــــــات القرآن من أجل فهمه، وإدراك معانيــــه، وحكمه، والمراد منه.
      وقد يطلق التدبر على العمل بالقرآن؛ لأنه ثمرته وللتلازم القوي بينهما ..
      كما في قول علي بن أبي طالب "يا حملة القرآن أو يا حملة العلم؛ اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم"، وقول الحسن بن علي " اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فليست بقراءة".





      علامـــــــات تدبُّر القرآن

      وهي سبــــع علامــــــات كما ورد في كتـــــاب الله عزَّ وجلَّ:

      1) اجتماع القلب والفكر حين القراءة، ودليله التوقف تعجبًا وتعظيمًا .. يقول سبحانه وتعالى{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا}[الفرقان: 73]

      2) البكاء من خشية الله .. يقول الله تعالى{وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}[المائدة: 83]

      3) زيادة الخشوع .. يقول الله عزَّ وجلَّ{قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[الإسراء: 107,109]

      4) زيـــادة الإيمان، ودلي
      له التكرار العفوي للآيات .. يقول تعالى{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال: 2]

      5) الفرح والاستبشار .. قال تعالى {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[التوبة: 124]

      6) القشعريرة خوفا من الله تعالى ثمَّ غلبة الرجاء والسكينة .. يقول تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}[الزمر: 23]

      7) السجود تعظيمًا لله عزَّ وجلَّ .. يقول جلَّ جلاله{.. إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}[مريم: 58]

      فمن وجد واحدة من هذه الصفات أو أكثر فقد وصل إلى حالة التدبر والتفكـــر،

      أما من لم يحصل أياً من هذه العلامات فهو محروم من تدبر القرآن، ولم يصل بعد إلى شيء من كنوزه وذخائره ..





      قال إبراهيم التيمي "من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق ألا يكون أوتي علما لأن الله نعت العلماء فقال: {قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}[الإسراء: 107,109]" [حلية الأولياء : 5-88]
      وعن أسماء بنت أبي بكر قالت "كان أصحاب النبي إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم" [تفسيرالقرطبي (15:149)]

      إن كل يوم يمر بك ولا يكون لك نصيب ورزق من هذه العلامات، فقد فاتك فيه ربحٌ عظيم، وهو يوم حري أن يُبكى على خسارته.

      يتبع إن شاء الله





      التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 07-04-2016, 11:49 PM.

      تعليق


      • #4
        رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::

        جزاكِ الله خيرااا اختى فى الله
        مجهود طيب
        سلمت يمينك التى نقلت
        متابعين معكِ ان شاء الله
        بارك الرحمن فيكِ

        اللهم صلِ على سيدنا محمد

        تعليق


        • #5
          رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::

          متابعين معكِـ
          بأذن الله
          جزاكم الله خيراً



          تعليق


          • #6
            رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

            جزانا الله وإياكم

            وجزاكم الله خيراً علي المتابعة.........

            تعليق


            • #7
              رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::




              المفتاح الأول: حب القرآن







              من المعلوم أن القلب إذا أحب شيئًا تعلق به، واشتاق إليه، وشغف به، وانقطع عما سواه ... والقلب إذا أحب القرآن تلذذ بقراءته، واجتمع على فهمه ووعيه فيحصل بذلك التدبر المكين، والفهم العميق .. وبالعكس إذا لم يوجد الحب فإن إقبال القلب على القرآن يكون صعبًا، وانقياده إليه يكون شاقًا لا يحصل إلا بمجاهدة ومغالبة .. وعليه فتحصيل حب القرآن من أنفع الأسباب لحصول أقوى وأعلى مستويات التدبر.
              والواقع يشهد لصحة ذلك، فإننا مثلاً نجد أن الطالب الذي لديه حماس ورغبة وحب لدراسته يستوعب ما يقال له بسرعة فائقة وبقوة، وينهي متطلباته وواجباته في وقت وجيز .. بينما الآخر لا يكاد يعي ما يقال له إلا بتكرار وإعادة، وتجده يذهب معظم وقته ولم ينجز شيئًا من واجباته .
              واعلم أن القلب هو آلة الفهم والعقل والإدراك .. كما في قوله تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}[الحج: 46]
              وأن القلب بيد الله وحده لا شريك له .. يفتحه متى شاء ويغلقه متى شاء، بحكمته وعلمه سبحانه.
              يقول تعالى {.. وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال: 24].. فليست العبرة بالطريقة والكيفية التي تحاول فهم القرآن بها؛ بل الفتح من الله وحده، وما يحصل لك من التدبُّر فهو نعمة عظيمة من الله تعالى تستوجب الشكر لا الفخر .. فمتى أعطاك الله فهم القرآن، وفتح لك معانيه، فاحمد الله تعالى واسأله المزيد، وانسب هذه النعمة إليه وحده، واعترف بها ظاهرًا وباطنًا.


              وينبغي لكل مسلم أن يسأل نفسه هذا السؤال: هل أنا أحب القرآن؟
              إن بعض المسلمين لو سُئِل هل تحب القرآن؟، يجيب: نعم أحب القرآن، وكيف لا أحبه ؟ .. لكن هل هو صادق في هذا الجواب؟!

              كيف يحب القرآن وهو لا يطيق الجلوس معه دقائق، بينما تراه يجلس الساعات مع ما تهواه نفسه وتحبه من متع الحياة؟!!
              قال أبو عبيد : "لا يسأل عبد عن نفسه إلا بالقرآن فإن كان يحب القرآن فإنه يحب الله ورسوله"

              علامـــات حب القرآن ..
              اعرض هذه العلامات على قلبك، لتعلم إن كنت صادقًا في حبك للقرآن أم لا ..
              1) الفرح بلقائه.
              2) الجلوس معه أوقاتًا طويلة دون ملل.
              3) الشوق إليه متى بعد العهد عنه وحال دون ذلك بعض الموانع .. وتمني لقائه والتطلع إليه ومحاولة إزالة العقبات التي تحول دونه.

              هل تشتاق إلى لحظاتك مع مُصحفك؟ .. فمتى بعُدت وحالت بينك وبين القرآن موانع، هل تشعر بعطش وجوع واحتياج ماس لهذه الجلسة القرآنية التي تستشفي بها؟
              4) كثرة مشاورته والثقة بتوجيهاته والرجوع إليه فيما يشكل من أمور الحياة صغيرها وكبيرها.
              5) طاعته، أمرًا ونهيًا.

              فهل تنقاد وتخشع وتخضع لأوامر القرآن ونواهيه؟
              هذه أهم علامات حب القرآن وصحبته، فمتى وُجدت فإن الحب موجود، ومتى تخلفت فحب القرآن مفقود، ومتى تخلف شيء منها نقص حب القرآن بقدر ذلك التخلف .
              وينبغي أن نعترف بالتقصير إذا لم توجد فينا العلامات السابقة، ثم نسعى في التغيير ..

              كيـــف تُمكِن قلبك من حب القرآن؟
              لقد جعل الله عزَّ وجلَّ لذلك أسبابًا ووسائل، من سلكها وفِق، ومن تخلَّف عنها خُذِل ..
              الوسيلة الأولى: التوكُّل على الله تعالى والاستعانة به ..

              الدعاء بحب القرآن أمرٌ عظيم، من استُجيب له سَعِد في حياته سعادة لا يشقى بعدها أبدًا، ومن رزقه الله حب القرآن فقد رزقه الإيمان، وسهَّل له طريق الجنان، وما دام الأمر بهذه الأهمية فإننا لم نُترك فيه هملاً فقد بيَّنه الله ورسوله لنا أوضح بيان .. وهو في أربعة أمور:
              الأول: الفاتحة ..
              فقد تضمنت الفاتحة سؤال الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو صراط الذين أنعم الله عليهم، ومن أهم نِعَم الله عليهم أن فتح لهم أبواب كتابه ويسر لهم العيش في رحابه ..

              فعندما تقرأ الفاتحة فأنت تدعو الله تعالى أن يرزقك حب كتابه العظيم؛ ليحصل لك بذلك الغوص في أعماقه والنجاة به في الحياة الدنيا والآخرة .
              الثاني: الاستعاذة ..
              فإن الشيطان قد قطع على نفسه العهد أن يقطع عليك طريق الوصول إلى القرآن الكريم الذي هو صراط الله المستقيم، وقد أمرنا الله أن نستعيذ من الشيطان في كل مرة نريد قراءة القرآن الكريم : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[النحل: 98].
              الثالث: البسملة ..
              البسملة حقيقتها دعاء وتوسل إلى الله تعالى بثلاثة من أسمائه: الله، الرحمن، الرحيم .. ليمدك بالعون والبركة فيما أنت مقبل عليه، وما تريد أن تقوم به.


              الرابع: دعــــاء حب القرآن ..
              عن ابن مسعود : أن رسول الله قال"ما أصاب أحدًا قط همَّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همِّي، إلا أذهب الله عزَّ وجلَّ همَّه وأبدله مكان حزنه فرحًا"
              قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟، قال"أجل، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" [رواه أحمد والبزار وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1822)]

              ليس كل من قرأ القرآن قد وصل القرآن إلى روحه وقلبه ونفسه، بل الكثير منهم محرومون من ذلك .. قد توَّقف القرآن عند حناجرهم ولم يصل إلى قلوبهم ..
              والذي يدعو بهذا الدعاء فهو يسأل الله تعالى أن يزيل هذه العوائق ويفتح الطريق إلى القلب ليصل إليه نور القرآن وروحه .. فالحاجة المطلوبة في هذا الدعاء عظيمة يتوقف عليها سعادة الإنسان الأبدية؛ وهي أن يكون القرآن ربيع قلبه؛ أي الماء الذي يسقي قلبه فيحييه ويقويه بعد أن كان قاسيًا مريضًا، وكذلك الدعاء بأن يكون القرآن نور صدره، وما ظنكم بصدر دخله نور القرآن هل يبقى فيه شيء من القلق أو الهم أو المرض؟ .. وما ظنكم بقلب دخله روح القرآن كيف تكون قوته وثباته؟.

              فهذا الدعاء حاجتنا إليه أشد من حاجتنا للطعام والشراب والنفس، من استجيب له هذا الدعاء فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها، ومن حُرِِمَ منه فقد فاته كل شيء وإن حصل كل ملذات الدنيا وشهواتها.
              فعلى كل مسلم أن يكرر هذا الدعاء كل يوم ثلاثًا، خمسًا، سبعًا، ويتحرى مواطن الإجابة، ويجتهد أن يكون سؤاله بصدق وتضرع وإلحاح وحرص شديد أن يجاب وأن يعطى.
              وعليه بالصبر والاستمرار حتى يستجاب له ويحصل على مطلوبه؛ عن أبي هريرة: عن النبي أنه قال "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل"، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟، قال "يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء"[صحيح مسلم (2735)]
              ومن علامات استجابة هذا الدعاء .. أن يشرح صدرك لكثرة قراءته، وكثرة القيام به في الليل والنهار، وعندها عليك أن تحمد الله تعالى وتشكره على هذه النعمة العظيمة وتسأله دوامها وزيادتها.


              الوسيلة الثانية: القراءة عن عظمة القرآن ..

              فأكثر من القراءة عن عظمة وفضل القرآن مما ورد في القرآن والسنة، واقرأ باستمرار عن حال السلف مع القرآن وقصصهم في ذلك وأخبارهم، وأقوال السلف في تعظيمهم للقرآن وحبهم له .
              ومن الكتب المُقترحة في هذا الباب: كتاب (التبيان في آداب حملة القرآن) للإمام النووي، ومقدمة تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، و(عظمة القرآن الكريم) وهي رسالة دكتوراة.
              وينبغي أن نعلم أن عدم حبنا للقرآن، وعدم تعظيمنا له سببه الجهل بقيمته .. إن الكثير من المسلمين تعظيمه للقرآن تعظيم مجمل، فحد علمهم : أنه كتاب منزل من عند الله، تعبَّدنا بتلاوته في الصلاة، ونقرؤوه على المرضى للشفاء، أما العلم التفصيلي بعظمة القرآن ومكانته وما يحققه من نجاح للإنسان في هذه الحياة فهو محل جهل عند الكثيرين مما يجعلهم يزهدون فيه ويهجروه ويشتغلون بما هو أدنى منه!!


              ولو أُعلِن عن كتاب من يختبر فيه وينجح يمنح عشرة مليارات؛ فكيف يكون حرص الناس وتعلقهم بهذا الكتاب؟ وكيف يكون الطلب عليه، والاشتغال بمذاكرته ؟

              إن القرآن كتاب من ينجحْ فيه يمنحْ ملكًا لا حدود له ..
              ويرجى بإذن الله تعالى لمن طبق هذا البرنامج أن يرزقه الله حب القرآن وتعظيمه، الذي هو المفتاح الرئيس لتدبُّر القرآن وفهمه .. فإن هذا الكتاب العظيم سيزيد حبنا وتعظيمنا لله عزَّ وجلَّ، وبهذا نصل إلى مرتبة ودرجة أولياء الله المتقين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين لو أقسم الواحد منهم على الله لأبره، وحقق له أمنيته.

              نسأل الله تعالى أن يرزقنا حب القرآن وأن يجعلنا من أهله،،
              التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 07-04-2016, 11:51 PM.

              تعليق


              • #8
                رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::





                المفتاح الثاني:استحضار أهداف قراءة القرآن




                معظم الناس إذا سألته:: لماذا تقرأ القرآن ؟
                يجيبك:: لأن تلاوته أفضل الأعمال، ولأن الحرف بعشر حسنات، والحسنة بعشر أمثالها، فيقصر نفسه على هدف ومقصد الثواب فحسب، أما المقاصد والأهداف الأخرى فيغفل عنها.
                والمشتغل بحفظ القرآن تجده يقرأ القرآن ليثبت الحفظ .. فتجده تمر به المعاني العظيمة المؤثرة فلا ينتبه لها، ولا يحس ولا يشعر بها؛ لأنه قصر همته وركز ذهنه على الحروف وانصرف عن المعاني؛ فلهذا السبب تجد حافظًا للقرآن غير عامل ولا متخلق به .

                وجمع الذهن بين نيـات ومقاصد متعددة في وقت واحد، عملية تحتـاج إلى انتبــاه وقصد وتركيز ..
                وفي أي عمل نعمله كلما تعددت النيات وكثرت، كان العمل أعظم أجرًا وأكبر تأثيرًا على العامل،،

                وقراءة القرآن يجتمع فيها خمس مقاصد ونيـــــات كلها عظيمة ..
                وكل واحدة منها كافية لأن تدفع المسلم ليسارع إلى قراءة القرآن، ويكثر الاشتغال به وصحبته.

                وأهداف قراءة القرآن مجموعة في قولك:: ( ثمَّ شعَّ )
                (الثــــاء): ثواب .. (الميم): مناجاة، مسألة .. (الشين): شفاء .. (العين): علم .. (العين): عمل.
                فمتى قرأ المسلم القرآن مستحضرًا المقاصد الخمسة معًا، كان انتفاعه بالقرآن أعظــم وأجره أكبر وتدبره أعلى .. قال النبي : "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى" [متفق عليه] ..
                فمن قرأ القرآن يريد العلم، رزقه الله العلم .. ومن قرأه يريد الثواب، فقط أعطي الثواب .. قال ابن تيمية: "من تدبَّر القرآن طالبًا الهدى منه، تبيَّن له طريق الحق" [العقيدة الواسطية (1:8)] ، وقال القرطبي: "فإذا استمع العبد إلى كتاب الله تعالى وسُنَّة نبيه بنية صادقة على ما يحب الله أفهمه كما يجب، وجعل في قلبه نورا" [تفسير القرطبي (11:176)]، ومن قرأ القرآن يريد النجاح يسَّر الله له النجاح.

                لذا، دعونا نتخذ هذه الأهداف في قرائتنا للقرآن ..

                الهدف الأول: قراءة القرآن لأجل العلم ..

                هذا هو المقصود الأعظم من إنزال القرآن، والأمر بقراءته، بل ومن ترتيب الثواب على القراءة، قال الله عزَّ وجلَّ {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص:29].
                قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا أردتم العلم فانثروا هذا القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين" [مصنف ابن أبي شيبة 6-126].
                وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "لقد عشنا دهراً طويلاً وإن أحدنا يؤتى الإيمان (أي: ما تضمنته الآيات من العلم بالله واليوم الآخر ) قبل القرآن (أي: مجرد قراءة الألفاظ) فتنزل السورة على محمد ، فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها، ثم لقد رأيت رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يوقف (أي: التوقف للتدبر) عنده منه ينثره نثر الدقل" [المستدرك (1:91)، سنن البيهقي الكبرى (3:120)]
                قال أحمد بن أبي الحواري: "إني لأقرأ القرآن وأنظر في آية، فيحير عقلي بها، وأعجب من حفاظ القرآن كيف يهنهم النوم، ويسعهم أن يشتغلوا بشيء من الدنيا وهم يتلون كلام الله، أما إنهم لو فهموا ما يتلون، وعرفوا حقه فتلذذوا به واستحلوا المناجاة لذهب عنهم النوم فرحًا بما قد رزقوا" [لطائف المعارف:203]


                معنى العلم والعلماء في القرآن الكريم
                ما هو العلم الذي نريده من القرآن؟ أهو علم الصناعة؟ أو الزراعة؟ أم الإدارة؟
                إننا نريد العلم الذي يحقق لنا النجاح في الحياة .. يحقق لنا السعادة، والحياة الطيبة، والنفس المطمئنة، والرزق الحلال الواسع، ويحقق لنا الأمن في الدنيا والآخرة .. نريد العلم الذي يولد الإرادة والعزيمة، ويقضي على كل مظاهر الفشل والإخفاق في جميع مجالات الحياة.

                إنه العلم بالله تعالى وباليوم الآخر ..
                كما قال تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ..}[محمد: 19]، فالعلم الذي يورث الاستغفار، ويدفع إليه هو العلم المؤدي للنجاح .. وهذا العلم هو: علم لا إله الا الله، على وجه يحقق المقصود لفظًا ومعنى.
                وقد شاع بين الناس قِصَر العلم الآخروي على قسم واحد منه وهو العلم بالحلال والحرام، وهذا خطأ شائع ..

                والصحيح أن العالم حقًا هو من يخشى الله تعالى، وإن كان لا يعرف كتابة اسمه، كما قيل :
                ورأس العلم تقوى الله حقًا وليس بأن يقال لقد رئستا
                وقال ابن مسعود رضي الله عنه "كفى بخشية الله علمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلاً"[مفتاح دار السعادة (1:51)].

                كيفية تحقيق مقصد العلم
                إن مما يعين على تحقيق هذا المقصد:
                أن تقرأ القرآن كقراءة الطالب لكتابه ليلة الامتحان .. قراءة مركزة واعية، بحيث يركز على ما يقرأ، ويعي ما تعنيه كل كلمة، وأنه سيسأل فيه.
                الرجوع إلى القرآن في كل موقف من مواقف حياتنا .. فكل موقف أو حدث أو حالة تمر بك تسأل نفسك: أين ذكرت في القرآن؟ وهل وردت في كتاب الله عزَّ وجلَّ؟
                فمن أراد أن يكون شخصًا ناجحًا في الحياة، عليه بحفظ القرآن وفهم نصوصه .. ليمكنه الحصول على الإجابات الفورية والسريعة والصحيحة في كل حالة تمر به في حياته .. كما كان جواب النبي لأبي بكر رضي الله عنه إذ هما في الغار { .. لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ..}[التوبة: 40] ..
                إنه الثبات والرسوخ ممن حفظوا كتاب ربهم وفقهوا ما فيه في أصعب المواقف التي تمر بالإنسان، وتطيش فيها عقول الرجال.
                من تطبيقات مقصد العلم:

                أن تضع في ذهنك معاني وأسئلة محددة تريد البحث عن جوابها في القرآن، مثلك في هذا مثل: من يسير في طريق و هو يبحث عن هدف محدد، فإنه يسير بوعي وانتباه .. وأما من يسير وهو خال الذهن، فهو يقطع الطريق من أوله إلى آخره دون أن ينتبه لما يوجد فيه، خاصة إذا كان يسير بسرعة عالية.


                القرآن هو أفضل الكتب في شتى مجالات الحيـــاة ..

                فكل من يبحث عن السعادة أو القوة أو النجاح، عليه أن يبحث عنها في القرآن .. فالقرآن العظيم ما أنُزل إلا من أجل تحقيق القوة والسعادة للناس، وتحريرهم من عبودية الشهوات والأهواء، وجميع نقاط ضعفهم لينطلقوا في درجات القوة والنجاح في أرقى أشكالها، وأعلى صورها.
                إن انشغال الناس بمؤلفات الناس وطلبهم العافية والشفاء النفسي والقوة المعنوية منها يشبه أسلوبهم في التغذية البدنية الجسدية؛ حيث اقتصروا على أطعمة ترضي الذوق والمزاج بينما هي تهدم الجسد وتهلكه.

                تزكية النفس بالقرآن

                يقول الله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[آل عمران: 164].
                إن تزكية الإنسان وإصلاحه له جهتان :
                الأولى : العلم والتعليم .. أو الفكر، أو المنطق، أو الإقناع، أو المعتقدات إلى آخره من المصطلحات في هذا المعنى.
                الثانية: العمل .. أو التربية، أو التدريب، أو السلوك، أو العاداتإلى آخره من المصطلحات.
                والقرآن الكريم يحقق الأمرين معًا بأكمل وجه وأحسن صورة .. لمن آمن به وسلك الأسباب الموصلة لذلك.


                إن القرآن الكريم بحق هو كتاب التربية والتعليم الذي يغني عما سواه، ولا يغني عنه غيره ..
                ولو تأملنا كيف ربى النبي أصحابه، في زمن لم يكن فيه مدارس أو جامعات أو دورات تطوير الذات أو مؤلفات .. بل كان القرآن الوسيلة الوحيدة التي استخدمها النبي في تربية أصحابه، و في دعوته للناس كافة .. فكان ذاك الجيل الفريد من نوعه في العالم، على مر التاريخ ..

                فمتى أردت الطريق المختصر لتغيير شخص فعليك بتغيير معتقداته وأفكاره، وعدم الاقتصار على ملاحقة مفردات سلوكياته وتصرفاته، وهذا ما يحققه القرآن الكريم لمن أخذ بمفاتحه،،

                يتبع إن شاء الله.....


                التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 07-04-2016, 11:55 PM.

                تعليق


                • #9
                  رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::

                  جزاكم الله خيراً
                  و
                  بارك الله فيكم

                  التعديل الأخير تم بواسطة حاملة اللواء; الساعة 14-01-2013, 10:39 PM. سبب آخر: قمت بحذف أحـ ـم ـ ـد
                  نسألكم الدعاء
                  اذكر الله ^_^


                  تعليق


                  • #10
                    رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::




                    لماذا نقرأ القرآن


                    إن القرآن يحيى القلوب كما يحيى الماء الأرض ..قال الله تعالى {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الحديد: 17]، وقد جاءت هذه الآية بعد قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد: 16]
                    وفي هذا إشارة إلى أن حياة القلوب تكون بذكر الله تعالى وما نزل من الحق، وهو القرآن .. مثل ما أن حياة الأرض الميتة يكون بالماء، قال مالك بن دينار: " ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن ؟ إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض" [إحياء علوم الدين (1:285)] ..
                    ومن المشاهدات في هذا الأمر ما نشاهده من زكاة القلوب ورقتها في رمضان حين يتوالى عليها سماع القرآن وقراءته، ويكثر القيام به في لياليه .. ثم إنك ترى هذه الحياة التي حصلت للقلوب في رمضان تبدأ بالتلاشي بالتدريج بعد رمضان حين تنقطع عن القيام بالقرآن الكريم.

                    فمن أراد حياة قلبه، عليه بسقيه بربيع القلوب القرآن وبكميات وكيفيات مناسبة لإحداث الحياة ..

                    بنــــا نتابع بقية الأهداف التي نقرأ القرآن من أجلها؛ لتكون في قرائتنا له حياة قلوبنا ..





                    الهدف الثاني: قراءة القرآن بقصد العمل به

                    ينبغي لقاريء القرآن أن يقرأه وهو يستحضر نية العمل به، فيقف عند آياته وينظر ماذا تطلب منه: هل أمر يُؤمر به؟ أو شيءٍ يُنهى عنه؟، أو فضيلة يُدعى للتحلي بها؟، أو خطر يحيط به يُحذر منه؟ ...

                    وهكذا فإن القرآن هو الدليل العملي لتشغيل النفس وصيانتها. ينبغي أن يكون قريبًا من كل مسلم، يربي به نفسه و يهذبها.

                    عن الحسن البصري قال "أُمِرَ الناس أن يعملوا بالقرآن، فاتخَذوا تلاوته عملا" [مدارج السالكين (1:451)].
                    وعن أبي عبد الرحمن السلمي: عن عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم: أن رسول الله كان يقرؤهم العشر، فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، "فتعلمنا القرآن والعمل جميعًا" [تفسيرالقرطبي (1:39)، تفسير الطبري (1:6)]
                    ويقول الآجُرِّي "يتصفح القرآن ليؤدب به نفسه همته: متى أكون من المتقين؟، متى أكون من الخاشعين؟، متى أكون من الصابرين؟، متى أزهد في الدنيا؟، متى أنهى نفسي عن الهوى؟" [أخلاق حملة القرآن : 40]





                    كيفية تطبيق هدف العمل

                    أن تقرأ القرآن بنية وقصد من يبحث عن حل لمشكــلة أو إصلاح خـــلل .. يبحث عن تفسير لظاهرة أو علاج لمرض، أو تحليل لحالة من الحالات.
                    أما إذا كنا نبحث عن علاج مشكلاتنا التربوية في الكتب أو في المجلات والصحف، أو القنوات الفضائية، فإننا بهذا قد عطلنا هذا المقصد المهم من مقاصد القرآن.
                    إن كل تربية لا تبنى مباشرة على القرآن فهي تربية قاصرة، ولو أثمرت بعض الثمار مؤقتًا استدارجًا وابتلاءً .. إن تربية الناشئة وتربية الشباب لا بد أن تُبنى مباشرة على القرآن بأساليب ووسائل مناسبة.




                    الهدف الثالث: قراءة القرآن بقصد مناجاة الله

                    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ"[متفق عليه]، ومعنىأَذِنَ: أي استمع.
                    وعن عبد الله بن المبارك قال: سألت سفيان الثوري قلت: الرجل إذا قام إلى الصلاة أي شيء ينوي بقراءته وصلاته؟، قال: "ينوي أنه يناجي ربَّه " [تعظيم قدر الصلاة (1:92)].
                    قال ابن القيم: "إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعـــــه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله " [الفوائد: 1]





                    كيفية تطبيق مقصد المناجاة

                    تذكَّر أنه يجتمع لك في المناجاة بالقرآن خمس معان مجموعة في قولك:(حرس مع):

                    الحاء: أن الله يحبك حين تقرأ القرآن .. الراء: يراك .. السين: يسمعك .. الميم: يمدحك .. العين: يعطيك

                    فالمسلم عند قراءته للقرآن عليه أن يستحضر هذه المعاني جميعًا؛ لكي يشعر بلذة القراءة حينما يستحضر أن الله يراه ويستمع لقراءته وهو يقرأ ويمدحه ويثني عليه ويباهي به ملائكته المقربين.

                    إن أحدنا لو ظن أن رئيسه، أو والده أو أميرًا ينظر إلى قراءته ويمدحه لاجتهد في ذلك ..

                    فكيف والذي يستمع إليه ويثني عليه ملك الملوك الذي له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ؟!

                    فيستشعر أن الله يخاطبه مباشرة، وأن الله تعالى يسمع قراءته .. فإذا مَرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مر بآية فيها وعيد استعاذ، وإذا مر بسؤال سأل.
                    إن تربية النفس على هذة المقاصد حين تلاوة القرآن الكريم، يقوي فيها مراقبة الله تعالى فيكون حافظًا لها عند الفتن.





                    الهدف الرابع: قراءة القرآن بقصد الثواب

                    ورد في ترتيب الثواب على قراءة القرآن نصوص كثيرة نذكر طرفاً منها للتذكير بهذا الأمر المهم:
                    عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول (آلم) حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف"[رواه الترمذي وصححه الألباني]
                    وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض" [رواه الترمذي وصححه الألباني] .. وقال "من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف"[رواه البيهقي وحسنه الألباني، صحيح الجامع (6289)]
                    عن أبي أمامة قال: سمعت رسول الله يقول "اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة"[رواه مسلم]
                    وعن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر" [متفق عليه] .. ولا يتصور أبدًا أن مؤمن يقدر على قراءة القرآن ويهجر قراءته، ولكن المقصود في الحديث أنه أمي لا يقدر على القراءة، وهو حريص على قراءة القرآن بدليل وصفه بالإيمان.
                    وقال أبو هريرة : "البيت الذي يتلى فيه كتاب الله كثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وحضرته الشياطين وخرجت منه الملائكة" [الزهد لابن المبارك (1:273)].

                    وقد ذخرت كتب السنة بما لذ وطاب من الكلام المستطاب عن ثواب قراءة القرآن والعمل به؛ مما يدل على أهمية هذا الهدف في حياة كل مسلم،،





                    الهدف الخامس: قراءة القرآن بقصد الاستشفاء به

                    فالقرآن شفاء للقلوب من أمراض الشهوات والشبهات والوساوس كلها التي تُحدِث القلق والاكتئاب، وشفاء للأبدان من الأسقام .. فمتى استحضر العبد هذا المقصد فإنه يحصل له الشفاءان: الشفاء العلمي المعنوي، والشفاء المادي البدني بإذن الله تعالى.
                    إن الناس بأمس الحاجة للاستشفاء بالقرآن الكريم .. قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}[يونس: 57] .. وقال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا}[الإسراء: 82].
                    وعن عائشة أن رسول الله دخل عليها وامرأة تعالجها، أو ترقيها، فقال : "عالجيها بكتاب الله "[صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1931)] .. وعن عبد الله بن مسعود قال "عليكم بالشفاءين العسل والقرآن"





                    أنواع الشفــــاء بالقرآن

                    الشفاء بالقرآن أربعة أنواع:
                    1) شفاء النفس من الشهوات.
                    2) شفاء القلب من الشبهات.
                    3) شفاء الصدر من الهم والحزن والقلق.
                    4) شفاء البدن.


                    كيف يحصل الشفاء بالقرآن؟

                    الاستشفاء بالقرآن يكون بأمرين:
                    الأول : الرقية به .. ولا أظن مسلمًا ينكر أثر النفث بالآيات في الشفاء والعلاج، ولكن ليس من أي أحد، وأيضًا هو ممكن لكل أحد، ممن يأخذ بالأسباب.
                    الثاني : القيام به آناء الليل وآناء النهار .. وخاصة في جوف الليل الآخر، وهذا يحقق شفاء القلب بسبب ما يحصل من عمق في فهم القرآن وفقه لآياته، وفهم للنفس والحياة، حيث يمتلئ القلب بنور الله تعالى وآياته فيتسع وينشرح فلا يبقى فيه مكان للشهوات أو الشبهات أو الوساوس المزعجة المقلقة.
                    وينبغي علينا أن نتعامل مع القرآن مباشرة .. فهو ميسر لكل من صدق في التعامل معه وجدَّ في القيام به، أما أن نجعل بيننا وبين القرآن وسطاء ونهمل التعامل المباشر معه فهذا غاية الحرمان.

                    تجد البعض حينما يصاب بمصيبة أو ينزل به مرض يجوب الآفاق ويطوف البلاد بين القراء والمعالجين، وما علم أن الأمر أقرب من ذلك وأيسر .. فالله سبحانه وتعالى حينما يبتلينا بالشدائد والمصائب يريد منا أن نتضرع وأن نستكين ونتذلل بين يديه سبحانه وتعالى كما قال عزَّ وجلَّ {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}[الأنعام:42].. والقيام الطويل بالقرآن هو من أهم صور التذلل لله تعالى والتضرع بين يديه ....

                    فالقيام بالقرآن من أقوى أسباب العافية والشفاء،،



                    التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 07-04-2016, 11:59 PM.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::




                      المفتاح الثالث :أن تكون القراءة حفظاً

                      مثل حافظ القرآن وغير الحافظ؛ مثل اثنين في سفر .. الأول: زاده التمر، والثاني: زاده الدقيق، فالأول: يأكل متى شاء وهو على راحلته، والثاني: لا بد له من نزول، وعجن، وإيقاد نار، وخبز، وانتظار نضج ..

                      قال الله تعالى {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[العنكبوت:49]

                      والعلم مثل الدواء .. لا يؤثر حتى يدخل الجوف، ويختلط بالدم، وما لم يكن كذلك فإن أثره مؤقت .. ومثل الجهاز المزود ببطارية والجهاز الذي ليس كذلك، الأول يمكن أن يشتغل في أي مكان أما الثاني فلا بد من مصدر كهرباء.
                      وحفظ القرآن له أثرٌ على زكاة القلب وصلاحه ..
                      والقلب هو الآلة التي يتم بها التدبُّر والتفكُّر .. عن ابن عباس قال: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب" .. ومن المعلوم أن البيت الخرب هو مأوى الشياطين فكذلك القلب الخرب الذي ليس فيه شيء من القرآن، أما القلب العامر بحفظ القرآن فلا يقربه شيطان، وبإذن الله تعالى لا يتمكن من إيذائه .
                      وقال ابن مسعود " إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره" [مصنف ابن أبي شيبة (6:126)]



                      وحفظ القرآن يفتح المجال للتفكير في آياته، في أي مكان وفي أي زمان وعلى أي حال .. وهذا يعطي قوة في التفكير والتدبُّر، ويعطي أيضًا قوة في الربط المباشر السريع بين آيات القرآن وبين ما يصادف المسلم من وقائع وحوادث في الحياة اليومية.
                      يقول أبو عبد الله بن بشر القطان : "ما رأيت رجلاً أحسن انتزاعًا لما أراد من آي القرآن من أبي سهل بن زياد ، وكان جارنا، وكان يديم صلاة الليل، وتلاوة القرآن، فلكثرة درسه صار القرآن كأنه بين عينيه ينتزع منه ما شاء من غير تعب" [سير أعلام النبلاء (15:521)]
                      وقال شيخ الإسلام ابن تيمية "أنا جنتي وبستاني في صدري أَنَّى رُحْتُ فهي معي" ، وهو يريد بذلك القرآن والسنة التي في صدره تثبته وتزيده يقينا .. فهو يستحضر ما حفظه من القرآن والعلم النافع متى شاء.
                      وقال سهل بن عبد الله لأحد طلابه: أتحفظ القرآن؟، قال: لا .. قال:

                      واغوثاه لمؤمن لا يحفظ القرآن! فبمَ يترنم؟ فبمَ يتنعم؟ فبمَ يناجي ربَّه؟!

                      هذا المقصود من كون الحفظ أحد مفاتح التدبر؛ لأنه متى كانت الآية محفوظة تكون حاضرة في الذهن، ويتم تنزيلها على النوازل والمواقف التي تمر بالشخص في الحياة اليومية بشكل سريع ومباشر ..

                      أما إذا كان القرآن في الرفوف فقط؛ فكيف يمكن لنا أن نطبقه على حياتنا؟!



                      العلاقة بين الحفظ والتدبر
                      إن علاج أي مشكلة له ثلاث صور:
                      الأولى: المعالجة الذهنية المجردة الشفهية .. من غير تحرير ولا ترتيب للحلول.
                      الثانية: المعالجة المكتوبة المحررة المرتبة .. من دون حفظ أو استذكار لمضمونها.
                      الثالثة: المعالجة الذهنية لشيء مكتوب مسبقًا، ومحرر .. بمعنى حفظ ما تم التوصل إليه في علاج المشكلة كتابيًا .. وهذه هي أقوى الصور، تليها الثانية، ثم الأولى.
                      وحفظ القرآن وتكرار قراءته هو من النوع الثالث .. فترديد الآية والتفكر فيها وهي محفوظة أفضل من تكرارها نظرًا؛ لقوة تأثيرها على النفس ولأن مفعولها يستمر، بينما الطريقة الثانية يقف مفعولها عند إغلاق المصحف.



                      إن الهدف من حفظ القرآن: حفظ ما تضمنه من العلم بالله واليوم الآخر ..ذلكم العلم الذي يعالج جميع قضايا الحياة ويحل كل المشاكل ويحقق السعادة والحياة الطيبة للإنسان، ويحقق له الثبات في الأزمات، والقوة للأمة في مواجهة أعدائها .. هذا هو الهدف الأهم لحفظ القرآن والذي ينبغي أن يركز عليه القائمون على التربية .
                      وحفظ الألفاظ وسيلة وليس غاية .. وسيلة إلى حفظ المعاني، والانتفاع بها في الحياة.
                      أما الاقتصار على حفظ الألفاظ، فهو قصور في حق القرآن العظيم .. وهو انحراف عن الصراط المستقيم في رعايته والانتفاع به في الحياة الدنيا والآخرة.


                      التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 08-04-2016, 12:03 AM.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::




                        المفتاح الرابع:القيام بالقرآن



                        إن القيام بالقرآن في الصلاة من أهم مفاتح تدبر القرآن، وأعظمها شأنًا، وقد ورد عدد من النصوص تدل عليه وتؤكد أهميته ..



                        فضل قراءة القرآن في صلاة


                        التهجد بالقرآن طريق للوصول إلى المقامات العالية في الآخرة .. يقول الله تعالى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}[الإسراء: 79] .. والآية خطاب للنبي ولأمته، وإن كان مقامه أعلى من مقام بقية المؤمنين.
                        وقال الله جلَّ وعلا {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[الزمر: 9]، فدلت الآية على أن العلماء هم الذين يقومون بالقرآن ليلاً، وأنهم أعلى مكانا وأرفع مكانة.
                        القيام بالقرآن هو السبيل لتحمل ومواجهة مشاكل وصعوبات الحياة كلها، سواءً كانت دينية أو دنيوية .. يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }[المزمل: 1,5].
                        وثواب القيام بالقرآن عظيم ..عن عبد الله بن عمرو : عن رسول الله أنه قال: "من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين"[رواه أبو داوود وصححه الألباني، صحيح الجامع (6439)]
                        وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات عظام سمان؟"، قلنا: نعم، قال: "فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاة خير له من ثلاث خلفات عظام سمان" [صحيح مسلم]
                        لا تنافس إلا في القيام بالقرآن وإنفاق المال في سبيل الله .. عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: عَنْ النَّبِيِّ قَالَ "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ"[صحيح مسلم]
                        فالتنافس والتسابق والشرف لا يصح أن يكون إلا في أمرين اثنين لا ثالث لهما، وهما الطريق لكل الفضائل الأخرى :
                        الأول: القيام بالقرآن ..وهو الطريق إلى العلم والإيمان.
                        الثاني: إنفاق المال في سبيل الله تعالى .. وهو متوقف على الأول .
                        ومن آتاه الله القرآن ولم يقم به، أي: لم يقرأه في صلاة، فهو مثل من آتاه الله مالاً ولم ينفقه ..
                        والطريق إلى حفظ القرآن وتذكر معانيه وتثبيتها في القلب هو: القيام بالقرآن ..عن ابن عمر : عن النبي أنه قال "إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإن لم يقم به نسيه" [صحيح مسلم] .. ثم أكد الطرف الآخر من القضية وهو أن عدم القيام سبب النسيان.
                        فمن كان يقوم بالقرآن آناء الليل وآناء النهار، تجده وقافًا عند كتاب الله تعالى وإجاباته حاضرة وسريعة وقوية وقت الابتلاء والامتحان .. أما من كان مفرطًا في استخدام هذا المفتاح فما أسرع ما يسقط ويهوي، فتضيق به الحياة في حال الشدة، وتضيع عليه الحياة حال الرخاء.
                        ولو لم يكن في القراءة داخل الصلاة إلا الانقطاع عن الشواغل والملهيات لكفى .. فإن المصلي إذا دخل في الصلاة حُرِّم عليه الكلام والالتفات والحركة من غير حاجة، فهذا أعون على التدبُّر والتفكُّر وأجمع للقلب، وأيضًا فإن من حوله لا يقاطعه ولا يشغله ما دام في صلاته.






                        اجتماع القرآن والصلاة هو الحياة


                        وهما المفزع إلى الله تعالى

                        إن اجتماع القرآن مع الصلاة يمكن أن يشبه باجتماع الأكسجين مع الهيدروجين، حيث ينتج من تركيبهما الماء الذي به حياة الأبدان؛ فكذلك اجتماع القرآن مع الصلاة ينتج عنه ماء حياة القلب وصحته وقوته.
                        يقول الله تعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت: 45].
                        ولا يثبت في هذه الحياة وتحصل له القوة، إلا من اتصف بصفات أولها كثرة الصلاة ودوامها .. يقول الله تعالى {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ}[المعارج: 19,23]
                        وكان النبي إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، ويطيل فيها قراءة القرآن .. كما في صلاة الكسوف.

                        فهذا دليل على أن القرآن مع الصلاة هما المفزع إلى الله تعالى لدفع الضر وجلب النفع، وهذا عين النجاح في الحياة في الدنيا والآخرة.






                        القيام بالقرآن وقيام الليل

                        بعض الناس قد قصر معنى قيام الليل على الصلاة دون العناية بالقرآن وقصد تدبره وكثرة قراءته في صلاته .. فلذلك ترى قراءته للقرآن في صلاته بالليل لا يطبق فيها أيا من مفاتيح التدبر، ومن أجل ذلك ترى انتفاعه بمثل هذا القيام يكون محدودا وضعيفًا.
                        عَنْ ثَوْبَانَ : عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ "لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا"، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لا نَعْلَمُ. قَالَ "أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا"[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]
                        لذلك لا تستغرب أنه ربما وجد من يقوم الليل، وفي النهار يأكل الغيبة والربا ويغش ويخدع ويكذب وينافق ويجزع ويتسخط ويقلق إلى آخره من مظاهر الضعف والفشل في الحياة ..

                        والسبب أن قيامه قيام ليل وليس قيامًا بالقرآن، فهو خالٍ من أي علم أو إيمان ..

                        إنه قيام أجوف مجرد حركات لا يعقل منها شيئا، وقد جاء عن ابن عباس قوله: "ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة والقلب ساه" [زاد المسير (1:527)].
                        وأيضًا وجد من بعض حفاظ القرآن من جعل الصلاة وسيلة لمراجعة حفظه دون أن يعي عظيم قدر الصلاة، فتراه قد قصر همه على قراءة أكبر قدر من حفظه في القيام، ثم يخطف بقية الأركان خطفا لا يطمئن فيها ولا يقيمها على الوجه المطلوب، وهذا من العجائب والسبب في مثل هذه الحالة هو أنه لمس فعلا أثر الصلاة في تثبيت الحفظ فقصر همه ونيته على هذا الأمر.
                        وبعض الأئمة في صلاة التراويح والقيام في رمضان يطيلون القراءة مع سرعة عالية، ثم يطففون بقية الأركان والقصد من هذا تحصيل ختم القرآن والدعاء عند ذلك ..

                        فهل مثل هذه القراءة تليق بالقرآن الكريم، وهل تم تحصيل المقصود من القيام بالقرآن؟





                        الصلاة دخول على الله تعالى وقرب منه

                        إن العبد إذا دخل في الصلاة فإنه يزداد قربًا من الله تعالى، والله سبحانه وتعالى يقبل عليه بوجهه .. عن أنس : أن النبي قال "إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ"[صحيح البخاري] .. وقال عطاء "بلغنا أن الربَّ يقول: إلى أين تلتفت؟ إليَّ يا ابن آدم؛ إني خير لك ممن تلتفت إليه" [تعظيم قدر الصلاة (1:190)]

                        ولذلك كانت القراءة داخل الصلاة أفضل وأكمل .. ولكي تكون صلاتنا قرة لأعيننا، وبهجة ولذة لأنفسنا علينا أن نتفقه في مقاصدها والتي منها تدبر نصوص القرآن،،

                        يتبـع إن شـاء الله



                        التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 08-04-2016, 12:05 AM.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::




                          المفتاح الخامس:أن تكون القراءة في ليل


                          إن الليل وخاصة وقت السحر من أفضل الأوقات للتذكُّر، فالذاكرة تكون في أعلى مستوى بسبب الهدوء والصفاء، وبسبب بركة الوقت حيث النزول الإلهي، وفتح أبواب السماء .. فأي أمر تريد تثبيته في الذاكرة بحيث تتذكره خلال النهار فقم بمراجعته في هذا الوقت ..
                          وقد استفاد من هذا أهل الدنيا من أهل السياسة والاقتصاد وخاصة الغرب؛ حيث ذكر عدد منهم أنه يقوم بمراجعة أعماله في مثل هذا الوقت وأنه يوفق للصواب في قراراته ..

                          إن أهل القرآن .. أهل الآخرة أولى باغتنام هذه الفرصة؛ لتثبيت إيمانهم وعلمهم ..
                          ولو تأملت انتصارات المسلمين لوجدت إنها كانت حينما وصف جنوده بأنهم:

                          (رهبانٌ بالليل، فرسانٌ في النهار )
                          فقيامهم بالليل أمدهم بالقوة .. أما إن كانوا سُمار بالليل خوار بالنهار، فأنَّى ينصرون؟!



                          ومما يدل على كون القراءة في ليل أحد مفاتح التدبر .. قول الله عزَّ وجلَّ {
                          إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا}[المزمل: 6] ..
                          قال ابن عباس "هو أجدر أن يفقه القرآن"، ومعنى ناشئة الليل: أي القيام بعد النوم .. وبه يجتمع راحة البدن والروح فيحصل بذلك اجتماع القلب على قراءة القرآن وتدبره، أما القراءة حين التعب والإجهاد فإن التدبر والفهم يكون ضعيفًا.
                          والبعض قد يشتكي من عدم انتفاعه بقيام الليل، ولما تنظر في طريقته في القيام تجده يسهر إلى وقت متأخر ثم يحاول القيام آخر الليل وهو في غاية الإجهاد والتعب يغالب النوم، فمثل هذا لا يحصل على نتائج جيدة.
                          و الأصل في القيام بالحزب من القرآن هو الليل، وفي حالة العذر فإنه يعطى الثواب نفسه إذا قضاه في النهار ..
                          عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل"[رواه مسلم]


                          والليل يساعد على فهم القرآن وتدبُّره وتثبيت حفظه ..
                          يقول ابن حجر عن مدارسة جبريل عليه السلام لرسول الله في كل ليلة من رمضان "المقصود من التلاوة الحضور والفهم؛ لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية " [فتح الباري (9:45)]
                          وقال الشيخ عطيه سالم حاكياً عن شيخه الشنقيطي "وقد سمعت الشيخ يقول: لا يُثبِّت القرآن في الصدر، ولا يُسهِّل حفظه، ويُيسِّر فهمه إلا القيام به في جوف الليل" [أضواء البيان (8:478)]
                          وقال النووي: "ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر، وفي صلاة الليل أكثر، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة، وإنما رجحت صلاة اليل وقراءته لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء به الشرع من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسـراء بالرسول كان ليلاً" [التبيان في آداب حملة القرآن (1:34)].


                          القراءة للقلب مثل السقي للنبات
                          إن القراءة للقلب مثل السقي للنبات، فالسقي لا يكون في حر الشمس فإن هذا يضعف أثره خاصة مع قلة الماء فإنه يتبخَّر .. وكذلك قراءة القرآن إذا كانت قليلة، وكانت في النهار وقت الضجيج والمشغلات، فإن ما يرد على القلب من المعاني يتبخَّر ولا يؤثر فيه ..
                          وهذا يجيب على تساؤل البعض إذ يقول: إني أكثر قراءة القرآن لكن لا أتأثر به؟، فلما تسأله: متى تقرأ القرآن ؟ يتبيَّن أن كل قراءته في النهار، وفي وقت الضجيج، وبشيء من المكابدة لحصول التركيز .. فكيف سيتأثر ؟!
                          إن القراءة في الليل يحصل معها الصفاء والهدوء .. حيث لا أصوات تشغل الأذن ولا صور تشغل العين، فيحصل التركيز التام وهو يؤدي إلى وصول معاني القرآن إلى القلب فيحصِّل قوة التدبُّر والتفكُّر وقوة الحفظ والرسوخ لألفاظ القرآن ومعانيه.

                          يتبع إن شاء الله



                          التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 08-04-2016, 12:09 AM.

                          تعليق


                          • #14
                            رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::





                            المفتاح السادس:الجهر والتغني بالقراءة


                            الجهر: هو رفع الصوت بالقراءة .. والتغني: هو التطريب والتلحين وتزيين الصوت بالقراءة، وفق ما ورد عن النبي والصحابة رضي الله عنهم ..
                            عن أبي هريرة قال: قال رسول الله "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ"[صحيح البخاري] .. وعنه أيضا : أنه سمع النبي يقول "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ"[متفق عليه]
                            وعن أبي قتادة : أن النبي خرج ليلة فإذا بأبي بكر يصلي يخفض صوته، ومَرَّ على عمر بن الخطاب وهو يصلي رافعًا صوته، قال: فلما اجتمعا عند النبي ، قال: "يا أبا بكر، مررت بك وأنت تصلي تخفض من صوتك؟"، قال: قد أسمعت من ناجَيْتُ يارسول الله، وقال لعمر: "مررت بك وأنت تصلي ترفع صوتك؟"، فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان. فقال النبي : "يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئًا"، وقال لعمر: "اخفض من صوتك شيئًا"[رواه أبو داوود وصححه الألباني]
                            وقال ابن عباس لرجل ذكر له أنه سريع القراءة "إن كنت فاعلاً، فاقرأ قراءة تسمعها أذنك، ويعيها قلبك" [فتح الباري (9:89)]
                            إن الجهر بما يدور في القلب أعوَّن على التركيز والانتباه .. ولذلك تجد الإنسان يلجأ إليه رغمًا عنه، عندما تتعقد الأمور ويصعب التفكير.
                            إن البعض عند قراءته للقرآن يُسِرُ بقراءته طلبًا للسرعة وقراءة أكبر قدر ممكن، وهذا خطأ ومن الواضح غياب قصد التدبر في مثل هذه الحالة.




                            حد الجهر ومقداره


                            إن الجهر درجات ..
                            أدناها: أن يسمع المرء نفسه وتحريك أدوات النطق من لسان وشفتين.
                            وأعلاها: أن يسمع من قَرُبَ منه .. فما دونه ليس بجهر وما فوقه يعيق التدبر ويرهق القارئ.


                            ومما يضبط لك مقدار الجهر أن يكون كقراءة الإمام بالصلاة ..

                            وكلما كان الصوت مشدودًا حيًا، كان أعون على التدبُّر وطرد الوساوس والأفكار المتطفلة على القلب أثناء القراءة.




                            فوائد الجهر بقراءة القرآن


                            من فوائد الجهر بقراءة القرآن ما يلي:
                            1) استماع الملائكة الموكلة بسماع الذكر لقراءة القاريء.
                            2) هرب وفرار الشياطين عن القاريء والمكان الذي يقرأ فيه.
                            3) تطهير للبيت وتعطير له، وجعله بيئة صالحة للتربية والتعليم.
                            إن بيتاً يكثر فيه الجهر بالقرآن هو بيت كثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين، والبيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله ضاق بأهله وقل خيره وحضرته الشياطين وخرجت منه الملائكة .. كما قال أبو هريرة . [الزهد لابن المبارك (1:273)]




                            كيفية التغني


                            التغني يحصل بالتلحين وشد الصوت .. بأن تشتغل جميع الجوارح الصوتية، أي مخارج الحروف من الشفتين واللسان والحلق (أي: الحنجرة) .. فالملاحظ أحيانًا أنه يمكن القراءة بتشغيل بعضها دون بعض.
                            والأفضل والأكمل أن تعمل جميع هذه الأجهزة معًا، وفي الوقت نفسه .. خاصة الحنجرة، فهو مرتكز التغني والتطريب.


                            وكلما كانت القراءة بتغنِّ كانت أقوى تأثيرًا وأقوى توصيلاً للمعاني إلى القلب، وأكبر أثرًا في خشوع القلب.

                            ألا تلاحظ المطربين كيف يتلاعبون بالعواطف ويسيلون الدموع بكلامٍ فاسد غير مفهوم ؟! ..

                            فكيف إذا كان مثل هذا التغني بكلام الله تعالى؟!



                            إن حسن الصوت له ارتباط قوي بخشوع القلب .. وبينهما تلازمُ كبير، فكل واحد منهما يؤثر في الآخر .. فخشوع القلب يؤدي إلى قوة التغني، وقوة التغني تؤدي إلى خشوع القلب وهكذا يتعاضدان في الترقي والصعود.


                            ومن المعلوم النهي عن التشبه بلحون أهل الفسق والطرب، والمبالغة في التلحين بحيث يخرج عن المقصود.

                            وإن التغني الصحيح هو المرتبط بخشوع القلب وفهم الآيات .. أما التغني الأبله أو الساذج، أي المنفك عن التدبُّر والفقه والتأمل في الآيات فهو مذموم لا خير فيه .
                            إن المتأمل لأحكام التجويد يجد أن معظم التغني يدور على أمرين هما:


                            1) المد .. 2) الغنة ..
                            ولكل منهما مواضع وأحكام من ركز عليهما تحسنت قراءته كثيرًا، وأمكنه التغني بالقرآن، وزيادة مستوى تدبره للقرآن .. ليس كما قد شاع بين البعض بوجود تعارض بين أحكام التجويد وتدبُّر القرآن، وهذا مفهومٌ خاطيء



                            التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 08-04-2016, 12:10 AM.

                            تعليق


                            • #15
                              رد: مفـاتـح تـدبـر القـرآن::متجدد إن شاء الله::





                              المفتاح السابع:الترتيل


                              الترتيل: يعني الترسل والتمهُّل والتأني حين القراءة .. والبعض يطلق الترتيل على تزيين الصوت بالقراءة وتحسينها وهذا يُعرَّف بالتغني ..
                              وقد وردت أدلة من القرآن والسُّنَّة تدل على مشروعية الترتيل ..
                              قال الله تعالى {.. وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا}[المزمل: 4]، قال ابن كثير: أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عونًا على فهم القرآن وتدبره. [تفسير ابن كثير: 1453]
                              وكذلك كان يقرأ صلوات الله وسلامه عليه .. قالت عائشة : " كَانَ يَقْرَأُ بِالسُّورَةِ فَيُرَتِّلُهَا حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا" [صحيح مسلم] .. وعن أم سلمة أنها سُئِلَت عن قراءة رسول الله ، فقالت: كان يقطع قراءته آية آية { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (*) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (*) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.[رواه أبو داوود وصححه الألباني]
                              وقال الحسن البصري: "يا ابن آدم، كيف يرق قلبك وإنما همتك آخر السورة؟!" [مختصر قيام الليل المروزي: 150]

                              وقد أنكر ابن مسعود على رجلٍ سرعته في القراءة ..

                              حين قَالَ لهُ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ "هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ! إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ .." [صحيح مسلم]
                              وصفة قراءة القرآن التي نقلت إلينا عن النبي وصحابته رضي الله عنهم تدل على أهمية الترسُّل، ومن ينظر إلى أي كتاب في التجويد يدركهذه الحقيقة بجلاء ووضوح، وإنه لفرقٌ كبير في التمهل والتأني بين من يطبق أحكام التجويد ومن لا يطبقها بل يهذُّ القراءة هذًّا .


                              مقياس الترتيل

                              إن من أسرع في القراءة، فقد اقتصر على مقصد واحد من مقاصد قراءة القرآن وهو: ثواب القراءة .. ومن رتَّل وتأمَّل، فقد حقق المقاصد كلها وكَمُل انتفاعه بالقرآن، واتبع هدي النبي وصحابته الكرام رضي الله عنهم.

                              سُئِلَ زيد بن ثابت رضي الله عنه: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟، قال: حسن، ولأن أقرأه في نصف شهر أو عشرين أحبُّ إليَّ، وسلني لم ذلك؟، قال: فإني أسألك، قال: "لكي أتدبره وأقف عليه"[الموطأ (1:201)]
                              قال ابن حجر: "إن من رتَّل وتأمَّل كمن تصدَّق بجوهرة واحدة ثمينة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات وقد يكون العكس" [فتح الباري (3:89)]
                              مما سبق يمكننا وضع مقياس وضابط لمفتاح الترتيل، وهو:
                              إمكان التفكُّر والتأمل حين القراءة، وهذا يتطلب الأناة والتمهل بل أحيانًا التوقف.



                              في كم دقيقة تقرأ الوجه لتكون التزمت بمفتاح الترتيل؟


                              الجواب: أن هذا يتفاوت كثيرًا من قاريء إلى آخر ومن حالة إلى أخرى ..
                              وإن كان ولا بد من تحديد تقريبي لذلك فإنه يكون من دقيقتين إلى خمس دقائق للوجه.
                              فإذا أخذنا بالحد الأدنى فإن قراءة القرآن كاملاً خارج الصلاة يحتاج إلى:
                              1200 دقيقة = عشرين ساعة ..فمن أراد أن يختم القرآن في شهر، فعليه أن يخصص لقراءة القرآن أربعين دقيقة كل يوم ..ومن أراد أن يختمه في أسبوعين، فيحتاج إلى ثمانين دقيقة ..وفي أسبوع، يحتاج إلى 160 دقيقة = ساعتين وأربعين دقيقة كل يوم.



                              التعديل الأخير تم بواسطة عطر الفجر; الساعة 08-04-2016, 12:11 AM.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X