إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما صحة القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما صحة القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بسم الله الرحمن الرحيم


    ما صحة القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية؟
    علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف


    السؤال:
    هل ثبت أن الإمام الشافعي كان يفتي في العراق بفتاوى ولما ذهب إلى مصر أصبح يفتي بخلاف ذلك لاختلاف البيئة بين مصر والعراق وبالتالي أصبحت له فتاوى تناسب أهل العراق وفتاوى تناسب أهل مصر؟
    هكذا ذكر أحد المشايخ على قناة فضائية واستدل بفعل الشافعي على تغير الفتاوى بتغير المكان.



    الجواب:
    الحمد لله
    لا، لم يثبت أنه كان للإمام الشافعي رحمه الله فتاوى تناسب أهل العراق وأخرى تناسب أهل مصر،

    ولكن المقرر في كتب المذهب الشافعي هو أن الإمام الشافعي كان له مذهبان مذهب في العراق وهو المذهب القديم تلقاه عنه تلاميذه هناك وألَّف فيه كتباً

    ثم إنه عندما انتقل إلى مصر مروراً بمكة التقى بعدد من العلماء ونقلة الأحاديث وتراجع عن كثير مما كان عليه بالعراق،

    وهو ما أصبح يُعرف بالمذهب الجديد، ولم يكن آنذاك يُعرف بمذهب العراق ومذهب مصر.

    وهذا المذهب الجديد قيل إنه تشكَّل قبيل مغادرته العراق إلى مكة، وقيل قبل مغادرته مكة، لكن من المقطوع به أنه كتبه وأصَّله في مصر، فهو إذن لا علاقة له بكونه في مصر أو في العراق



    ومما يدل على ذلك:
    1- أنه لو كان الأمر مجرد فتاوى تناسب كل بلد لما أمر رحمه الله بشطب كتبه التي ألَّفها في العراق وحرَّم على الناس روايتها، فقد كان يقول: (ليس في حلٍّ من روى عني القديم) (البحر المحيط) للزركشي (4/584)، بل لجعل لكل بلد فتاواه التي تناسبه.

    2- ولو كان الأمر كما يزعم هؤلاء لأفتى أصحابه بالعراق بأقواله القديمة والواقع خلاف ذلك.

    3- أن أئمة المذهب الشافعي والذين هم أدرى به لم يذكر أحدٌ منهم هذا السبب، فهل هؤلاء المتأخرون أعلم بذلك منهم؟!. بل عندما اختار بعضهم شيئاً من أقواله القديمة لم ينسبوها إليه، بل اختاروها لرجحان أدلتها من وجهة نظرهم.

    4- أن أئمة المذهب الشافعي صرَّحوا بأنه لا يجوز تقليد الشافعي في مذهبه القديم ولو كان المقلِّد من أهل العراق، فكيف يزعم هؤلاء أن السبب اختلاف البيئة واختلاف المكان.

    5- لو صح أن سبب تغيير الإمام الشافعي لمذهبه في مصر اختلاف المكان لما قلَّده الشافعية في غير مصر والمعلوم لدى طلاب العلم أن أئمة الشافعية أين ما كانوا قد أخذوا بمذهبه الجديد الذي أسسه في مصر حتى أهل العراق أنفسهم، وكتاب الأم وهو العمدة في المذهب الشافعي إلى الآن؛ ألَّفه في مصر،

    لذلك قال النووي في المجموع (1/66): (كل مسألة فيها قولان للشافعي رحمه الله قديم وجديد، فالجديد هو الصحيح وعليه العمل)،

    وقال (1/68): (ليس للمفتي ولا للعامي المنتسب إلى مذهب الشافعي رحمه الله في مسألةِ القولين أو الوجهين أن يعمل بما شاء منهما بغير نظر بل عليه في القولين العمل بآخرهما) ولم يفرق بين كون هذا المفتي في العراق أو مصر أو غيرهما.


    والعجيب في الأمر أن الذين يزعمون أنه غيَّر مذهبه لتغير عوائد الناس وطبائعهم إنما يريدون بهذا الزعم إصدار فتاوى تيسر على الناس ولو خالفت الدليل زاعمين أن الإمام الشافعي أفتى بفتاوى تناسب أهل مصر تيسيراً عليهم،
    وجهل أولئك أن فتاوى الإمام حسب أصوله في مصر أشد من فتاواه في العراق، ومذهبه في العراق أقرب إلى التيسير، وأنه بنى مذهبه الجديد على الاحتياط، وعدم القول بالمصالح المرسلة التي يدندن حولها القوم، ولا عبرة بالعرف عنده بل العبرة بالنص والالتزام بظاهر النصوص كما سيظهر ذلك من خلال بعض الأمثلة التي سأوردها لك بعد قليل، ولا توجد مسألة واحدة تراجع عنها الإمام لتغير الظروف بين مصر والعراق، والبينة على المدعي، وهيهات!.



    ومن أمثلة الفتاوى التي أفتى بها في مصر وكان رأيه فيها أشد من رأيه في العراق كما هو مبثوث في كتب الشافعية:

    1- استعمال أواني الذهب والفضة، في القديم: يكره كراهة تنزيه، وفي الجديد: يكره كراهة تحريم.

    2- المسح على الخفّ المخرق، في القديم: إن كان الخرق لا يمنع المشي عليه جاز، وفي الجديد: إن ظهر من الرِّجل شيء لم يجز.

    3- ترك الفاتحة نسياناً، في القديم: تسقط عنه القراءة بالنسيان، وفي الجديد: لا تسقط.

    4- الغسل من ولوغ الكلب، في القديم: لا يجب غسله، وفي الجديد: يغسل ستاً.

    5- ترك الترتيب في الوضوء ناسياً، في القديم: صحيح، وفي الجديد: باطل.

    6- النوم في الصلاة، في القديم: لا ينقض الوضوء، و في الجديد: ينقض.

    7-امرأة المفقود، في القديم: تتربص أربع سنين من وقت انقطاع خبره، ثم تعتد عدة الوفاة: أربعة أشهر وعشرة أيام، وفي الجديد: لا تعتد ولا تنكح أبداً حتى يأتيها يقين وفاته، فأخذ في القديم بقول ابن عباس رضي الله عنهما الأيسر، وأخذ في الجديد بقول علي رضي الله عنه الأشد.


    والأمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها في مظانها، ويلاحظ أنه لا أثر لاختلاف المكان والبيئة في اختلاف قولي الإمام الشافعي القديم والجديد في هذه المسائل كلها، وإنما يرجع سبب الاختلاف إلى إحكام مذهبه وضبطه بالأدلة الشرعية
    كما قال تلميذه الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله لما قيل له: (ما ترى في كتب الشافعي التي عند العراقيين أحب إليك أم التي عند المصريين؟، قال: عليك بالكتب التي وضعها بمصر، فإنه وضع هذه الكتب بالعراق ولم يحكمها، ثم رجع إلى مصر فأحكم ذلك).(مناقب الإمام الشافعي للبيهقي 1/263(


    فهذا تلميذه وأعرف الناس به أرجع سبب تغير مذهب إمامه إلى الإحكام والضبط، ولو كان للبيئة والمجتمع سبب في ذلك لذكره.


    فالقول بأن هذا هو السبب قول باطل وعري عن الصحة ولا يستقيم مع التحقيق العلمي ولا يقوله إلا جاهل أو صاحب هوى.


    وليس معنى ذلك أن الفقيه لا يجوز له أن يغير فتواه بتغير الزمان والمكان، بل هذا ممكن في المسائل الاجتهادية المبنية على العرف والمصالح ورفع الحرج، أما المسائل المبنية على الأدلة الشرعية الصحيحة، فهي ثابتة وصالحة لكل زمان ومكان .

    والله أعلم.

  • #2
    رد: ما صحة القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية؟

    جزاكم الله خيرا
    لا اله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين

    تعليق


    • #3
      رد: ما صحة القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية؟

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      جزاكم الله خيرا


      تعليق


      • #4
        خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية

        خَطَأُ القَوْلِ بأَنَّ الإِمَامَ الشَّافِعِيّ غَيَّرَ مَذْهَبَهُ في مِصْرَ
        مُرَاعَاةً للعَوَائِدِ والبِيئَةِ المِصْرِيَّةِ
        مَنْقُولٌ مِنْ مَوْقِعِ الدُّرَرِ السَّنِيَّةِ
        عُلْوِي بْنُ عَبْدِ القَادِرِ السَّقَّافِ

        يَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الإِمَامَ الشَّافِعِيّ كَانَ يُفْتِي في العِرَاقِ بفَتَاوَى، ولَمَّا ذَهَبَ إِلَى مِصْرَ أَصْبَحَ يُفْتِي بخِلاَفِ ذَلِكَ لاخْتِلاَفِ البِيئَةِ بَيْنَ مِصْرَ والعِرَاق، وبالتَّالِي أَصْبَحَتْ لَهُ فَتَاوَى تُنَاسِبُ أَهْلَ العِرَاق وفَتَاوَى تُنَاسِبُ أَهْلَ مِصْر! وهَذَا الزَّعْمُ لَيْسَ بصَحِيحٍ، فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ للإِمَامِ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللهُ فَتَاَوى تُنَاسِب أَهْل العِرَاق وأُخْرَى تُنَاسِب أَهْل مِصْر، ولَكِنَّ المُقَرَّر في كُتُبِ المَذْهَب الشَّافِعِيّ هُوَ أَنَّ الإِمَامَ الشَّافِعِيّ كَانَ لَهُ مَذْهَبَانِ: مَذْهَبٌ في العِرَاقِ، وهُوَ المَذْهَبُ القَدِيمُ تَلَقَّاهُ عَنْهُ تَلاَمِيذُهُ هُنَاكَ وأَلَّفَ فِيهِ كُتُبًا، ثُمَّ إِنَّهُ عِنْدَمَا انْتَقَلَ إِلَى مِصْر مُرُورًا بمَكَّةَ الْتَقَى بعَدَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ ونَقَلَةِ الأَحَادِيث وتَرَاجَعَ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ بالعِرَاقِ، وهُوَ مَا أَصْبَحَ يُعْرَف بالمَذْهَبِ الجَدِيدِ، ولَمْ يَكُنْ آنَذَاكَ يُعْرَف بمَذْهَبِ العِرَاق ومَذْهَب مِصْر. وهَذَا المَذْهَبُ الجَدِيدُ قِيلَ إِنَّهُ تَشَكَّلَ قُبَيْل مُغَادَرَته العِرَاق إِلَى مَكَّةَ، وقِيلَ قَبْلَ مُغَادَرَته مَكَّة، لَكِنْ مِنَ المَقْطُوعِ بِهِ أَنَّهُ كَتَبَهُ وأَصَّلَهُ في مِصْرَ، فَهُوَ إِذَنْ لا عِلاَقَةَ لَهُ بكَوْنِهِ في مِصْرَ أَوْ في العِرَاق.

        ومِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ:
        1) أَنَّهُ لَوْ كَانَ الأَمْرُ مُجَرَّد فَتَاوَى تُنَاسِب كُلّ بَلَدٍ لَمَا أَمَرَ رَحِمَهُ اللهُ بشَطْبِ كُتُبِهِ الَّتِي أَلَّفَهَا في العِرَاق وحَرَّمَ عَلَى النَّاسِ رِوَايَتهَا، فَقَدْ كَانَ يَقُولُ [ لَيْسَ في حِلٍّ مَنْ رَوَى عَنِّي القَدِيم ] البَحْرُ المُحِيطُ للزَّرْكَشِيّ (4/584)، بَلْ لَجَعَلَ لكُلِّ بَلَدٍ فَتَاوَاهُ الَّتِي تُنَاسِبهُ.

        2) ولَوْ كَانَ الأَمْرُ كَمَا يَزْعُمُ هَؤُلاَءُ لأَفْتَى أَصْحَابَهُ بالعِرَاق بأَقْوَالِهِ القَدِيمَة، والوَاقِعُ خِلاَفَ ذَلِكَ.

        3) أَنَّ أَئِمَّةَ المَذْهَب الشَّافِعِيّ والَّذِينَ هُمْ أَدْرَى بِهِ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا السَّبَب، فَهَلْ هَؤُلاَء المُتَأَخِّرُونَ أَعْلَم بذَلِكَ مِنْهُمْ؟ بَلْ عِنْدَمَا اخْتَارَ بَعْضُهُمْ شَيْئًا مِنْ أَقْوَالِهِ القَدِيمَة لَمْ يَنْسِبُوهَا إِلَيْهِ، بَلِ اخْتَارُوهَا لرُجْحَانِ أَدِلَّتهَا مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِهِمْ.

        4) أَنَّ أَئِمَّةَ المَذْهَب الشَّافِعِيّ صَرَّحُوا بأَنَّهُ لا يَجُوزُ تَقْلِيد الشَّافِعِيّ في مَذْهَبِهِ القَدِيم ولَوْ كَانَ المُقَلِّدُ مِنْ أَهْلِ العِرَاق، فَكَيْفَ يَزْعُمُ هَؤُلاَءُ أَنَّ السَّبَبَ اخْتِلاَفُ البِيئَةِ واخْتِلاَفُ المَكَانِ؟

        5) لَوْ صَحَّ أَنَّ سَبَبَ تَغْيِير الإِمَام الشَّافِعِيّ لمَذْهَبِهِ في مِصْرَ اخْتِلاَف المَكَان؛ لَمَا قَلَّدَهُ الشَّافِعِيَّةُ في غَيْرِ مِصْرَ، والمَعْلُومُ لَدَى طُلاَّب العِلْم أَنَّ أَئِمَّةَ الشَّافِعِيَّة أَيْنَ مَا كَانُوا قَدْ أَخَذُوا بمَذْهَبِهِ الجَدِيد الَّذِي أَسَّسَهُ في مِصْرَ حَتَّى أَهْل العِرَاق أَنْفُسهمْ، وكِتَابُ الأُمّ وهُوَ العُمْدَةُ في المَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِلَى الآن؛ أَلَّفَهُ في مِصْرَ، لذَلِكَ قَالَ النَّوَوِيُّ في المَجْمُوعِ (1/66) [ كُلُّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا قَوْلاَنِ للشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ؛ قَدِيمٌ وجَدِيدٌ؛ فَالجَدِيدُ هُوَ الصَّحِيحُ وعَلَيْهِ العَمَلُ ]، وقَالَ (1/68) [ لَيْسَ للمُفْتِي ولا للعَامِّيِّ المُنْتَسِبِ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللهُ في مَسْأَلَةِ القَوْلَيْنِ أَوِ الوَجْهَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا بغَيْرِ نَظَرٍ، بَلْ عَلَيْهِ في القَوْلَيْنِ العَمَل بآخِرِهِمَا ] ولَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَوْنِ هَذَا المُفْتِي في العِرَاق أَوْ مِصْرَ أَوْ غَيْرِهِمَا.

        والعَجِيبُ في الأَمْرِ أَنَّ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ غَيَّرَ مَذْهَبَهُ لتَغَيُّرِ عَوَائِدَ النَّاس وطَبَائِعَهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُونَ بهَذَا الزَّعْمِ إِصْدَار فَتَاوَى تُيَسِّر عَلَى النَّاسِ ولَوْ خَالَفَتِ الدَّلِيل، زَاعِمِينَ أَنَّ الإِمَامَ الشَّافِعِيّ أَفْتَى بفَتَاوَى تُنَاسِب أَهْل مِصْرَ تَيْسِيرًا عَلَيْهِمْ، وجَهِلَ أُوَلئِكَ أَنَّ فَتَاوَى الإِمَام حَسْبَ أُصُولِهِ في مِصْرَ أَشَدُّ مِنْ فَتَاوَاه في العِرَاق، ومَذْهَبَهُ في العِرَاقِ أَقْرَبُ إِلَى التَّيْسِيرِ، وأَنَّهُ بَنَى مَذْهَبَهُ الجَدِيد عَلَى الاحْتِيَاطِ، وعَدَمِ القَوْلِ بالمَصَالِحِ المُرْسَلَة الَّتِي يُدَنْدِنُ حَوْلهَا القَوْمُ، ولا عِبْرَةَ بالعُرْفِ عِنْدَهُ بَلِ العِبْرَة بالنَّصِّ والالْتِزَامِ بظَاهِرِ النُّصُوص كَمَا سَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ خِلاَلِ بَعْض الأَمْثِلَة الَّتِي سَأُورِدُهَا لَكَ بَعْدَ قَلِيلٍ، ولا تُوجَد مَسْأَلَة وَاحِدَة تَرَاجَعَ عَنْهَا الإِمَامُ لتَغَيُّرِ الظُّرُوف بَيْنَ مِصْرَ والعِرَاق، والبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وهَيْهَات!

        ومِنْ أَمْثِلَةِ الفَتَاوَى الَّتِي أَفْتَى بِهَا في مِصْرَ وكَانَ رَأْيُهُ فِيهَا أَشَّد مِنْ رَأْيِهِ في العِرَاق كَمَا هُوَ مَبْثُوثٌ في كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ:
        1) اسْتِعْمَالُ أَوَانِي الذَّهَب والفِضَّة: في القَدِيمِ: يُكْرَهُ كَرَاهَة تَنْزِيهٍ، وفي الجَدِيدِ: يُكْرَهُ كَرَاهَة تَحْرِيمٍ.
        2) المَسْحُ عَلَى الخُفِّ المُخَرَّقِ: في القَدِيمِ: إِنْ كَانَ الخَرْقُ لا يَمْنَع المَشْي عَلَيْهِ جَازَ، وفي الجَدِيدِ: إِنْ ظَهَرَ مِنَ الرِّجْلِ شَيْءٌ لَمْ يَجُزْ.
        3) تَرْكُ الفَاتِحَةِ نِسْيَانًا: في القَدِيمِ: تَسْقُطُ عَنْهُ القِرَاءَة بالنِّسْيَانِ، وفي الجَدِيدِ: لا تَسْقُطُ.
        4) الغُسْلُ مِنْ وُلُوغِ الكَلْبِ: في القَدِيمِ: لا يَجِب غُسْله، وفي الجَدِيدِ: يُغْسَلُ سِتًّا.
        5) تَرْكُ التَّرْتِيبِ في الوُضُوءِ نَاسِيًا: في القَدِيمِ: صَحِيحٌ، وفي الجَدِيدِ: بَاطِلٌ.
        6) النَّوْمُ في الصَّلاَةِ: في القَدِيمِ: لا يَنْقُضُ الوُضُوءَ، و في الجَدِيدِ: يَنْقُضُ.
        7) امْرَأَةُ المَفْقُودِ: في القَدِيمِ: تَتَرَبَّصُ أَرْبَع سِنِينٍ مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ خَبَره، ثُمَّ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الوَفَاة (أَرْبَعَة أَشْهُرٍ وعَشْرَة أَيَّامٍ)، وفي الجَدِيدِ: لا تَعْتَدُّ ولا تُنْكَحُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيهَا يَقِينُ وَفَاتِهِ، فَأَخَذَ في القَدِيمِ بقَوْلِ ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا –الأَيْسَر-، وأَخَذَ في الجَدِيدِ بقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -الأَشَدُّ-.
        والأَمْثِلَةُ كَثِيرَةٌ يُمْكِنُ الرُّجُوع إِلَيْهَا في مَظَانِّهَا، ويُلاَحَظُ أَنَّهُ لا أَثَرَ لاخْتِلاَفِ المَكَان والبِيئَة في اخْتِلاَفِ قَوْلَيّ الإِمَام الشَّافِعِيّ القَدِيم والجَدِيد في هَذِهِ المَسَائِل كُلّهَا، وإِنَّمَا يَرْجِعُ سَبَبُ الاخْتِلاَفِ إِلَى إِحْكَامِ مَذْهَبه وضَبْطِهِ بالأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا قَالَ تِلْمِيذُهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل رَحِمَهُ اللهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ [ مَا تَرَى في كُتُبِ الشَّافِعِيّ الَّتِي عِنْدَ العِرَاقِيِّينَ أَحَبّ إِلَيْكَ أَمِ الَّتِي عِنْدَ المِصْرِيِّينَ؟ قَالَ: عَلَيْكَ بالكُتُبِ الَّتِي وَضَعَهَا بمِصْرَ، فَإِنَّهُ وَضَعَ هَذِهِ الكُتُب بالعِرَاق ولَمْ يَحْكُمْهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ فَأَحْكَمَ ذَلِكَ ] مَنَاقِبُ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّللبَيْهَقِيِّ (1/263). فَهَذَا تِلْمِيذُهُ وأَعْرَفُ النَّاسِ بِهِ أَرْجَعَ سَبَبَ تَغَيُّرِ مَذْهَب إِمَامِهِ إِلَى الإِحْكَامِ والضَّبْطِ، ولَوْ كَانَ للبِيئَةِ والمُجْتَمَعِ سَبَبٌ في ذَلِكَ لَذَكَرَهُ.

        فَالقَوْلُ بأَنَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ قَوْلٌ بَاطِلٌ وعَرِيٌّ عَنِ الصِّحَّةِ ولا يَسْتَقِيمُ مَعَ التَّحْقِيقِ العِلْمِيّ ولا يَقُولُهُ إِلاَّ جَاهِلٌ أَوْ صَاحِبُ هَوًى. ولَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الفَقِيهَ لا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ فَتْوَاهُ بتَغَيُّرِ الزَّمَانِ والمَكَانِ، بَلْ هَذَا مُمْكِنٌ في المَسَائِلِ الاجْتِهَادِيَّةِ المَبْنِيَّةِ عَلَى العُرْفِ والمَصَالِحِ ورَفْعِ الحَرَجِ، أَمَّا المَسَائِلُ المَبْنِيَّةُ عَلَى الأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الصَّحِيحَةِ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ وصَالِحَةٌ لكُلِّ زَمَانٍ ومَكَانٍ.
        واللهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى

        تعليق


        • #5
          رد: خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية

          للرفع ..
          جزاكم الله خيرا ..

          رحمك الله أبي الحبيب, لا تنسوه من الدعاء , الله المستعان

          تعليق


          • #6
            رد: خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية

            جزاكم الله خيراااااااااااااا
            وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ

            تعليق


            • #7
              رد: خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية

              جزاكم الله عنا كل الخير وبارك الله فيكم .

              تعليق


              • #8
                رد: خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية

                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرًا ونفع بكم

                اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                تعليق


                • #9
                  رد: خطأ القول بأن الإمام الشافعي غير مذهبه في مصر مراعاة للعوائد والبيئة المصرية

                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                  جزاكم الله خيرا
                  قلتُ : يا أقصى سلاماً، قالَ : هل عادَ صلاح؟ قلتُ : لا إنّي حبيبٌ يرتجي منكَ السماح !
                  #الأقصى_في_خطر


                  تعليق

                  يعمل...
                  X