خلف النقاب .... وجوه كالحة !!
أزمة النقاب الأخيرة مجرد بداية لحرب ضروس بدأت منذ فترة على التيار السلفي ، إرهاصات المعركة كانت واضحة جلية فالعدو الرئيسي للتيار العلماني الممثل في الإخوان كهيكل تنظيمي قد بدأ نجمه في الأفول و معاركه الداخلية بين التيارين المحافظ و الإصلاحي تنبأ بأن الجماعة في طريق مسدود ، و هذا جعل العلمانية تلتفت لعدوها الجديد القديم " التيار السلفي " و الذي كان مسكوت عنه في الفترة الماضية بغية خلق حالة من التوازن في الواقع .
النظام الرسمي سمح بوجود القنوات الفضائية خاصة بعد انتخابات الرئاسة في عام 2005 محاولا ضرب الإخوان خاصة و أن كثير من رموز الحرة السلفية رفضت الدخول في العمل السياسي و المشاركة في الانتخابات و هذا بالطبع مخالف لأجندة لإخوان السياسية كما أن التيار السلفي يستحيل عمليا أن يقبل العمل تحت مظلة الإخوان لذا فقد رأت الأنظمة تمرير التيار السلفي " إعلاميا " لزيادة مساحته في واقع المجتمع و إلا فإن التيار السلفي له تواجد قوي في الواقع الإسلامي لكن الغرض من هذا التمرير كان التأثير على الجموع الغفيرة للمجتمع خاصة و أن الإعلام المرئي صار يشكل مظهرا من مظاهر الغزو الفكري و الثقافي .
ما لم يكن في حساب النظام أن مساحة التيار السلفي قد ازدادت حتى طغت على المؤسسة الدينية الرسمية الممثلة في الأزهر و صار عموم الشعب يثق في علماء التيار السلفي و دعاته و لا يقبل الفتوى إلا من خلال القنوات السلفية ، كما أن التيار السلفي قد استطاع أن يدحر الصوفية و التي كانت لها يد طولى في مصر لسنوات طوال خاصة في القرى لكنها بدأت في الأفول مما جعل " أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية يقر بتراجع الصوفية في مصر أمام ما وصفه بـ "الغزو السلفي والوهابي الذي ينتشر بصورة كبيرة بسبب التمويل الكبير والسخي الذي يقدمه الوهابيون لأتباعهم في مصر"، زاعما أن في هذا خطورة على الأمن القومي المصري بسبب ما قد ينجم عنه من عنف، وأدعى أن المدن والقرى التي ينتشر فيها الطرق الصوفية يقل فيها مستوى الجرائم والعنف فيما يتعلق بالجرائم المتعقلة بالتطرف الديني والسياسي والجرائم الجنائية كما أنه يبحث الآن إطلاق قناة صوفية لمواجهة القنوات السلفية المتشددة على حد تعبيره .
الانتصارات التي حققها التيار السلفي على أرض الواقع - رغم ضيق مساحة الحرية في تناول الموضوعات عبر الشاشة الفضية - أقلقت العلمانيون فقرروا توجيه ضربات سريعة و متتالية للسلفية حتى لا يتفاقم الأمر و قد ظهرت بوادر المعركة خاصة مع ضعف الإخوان مما جعلهم لا يشكلون خطرا على العلمانية في المرحلة الراهنة كما أسلفنا و ظهرت بوادر الأزمات من خلال عدد من المواقف التي تدخل تحت نطاق " جس النبض " في محاولة لهز ثقة العموم في التيار السلفي و من هذه البوادر و الإرهاصات :
1- ما قام به مصطفى حسني في حلقته حول " البدعة " و انتصاره لشيوخه من الصوفية و قبوله الدخول في معركة مع التيار السلفي و أخيرا دعوته المشاهدين للجوء لعلماء الأزهر لتلقي الفتاوى و نبذ ما دونهم " لاحظ أن ثقة الناس قد اهتزت في الأزهر بسبب المواقف الرسمية المخزية لبعض مشايخه " و دعوة مصطفى حسني قد تزامنت مع خلقة " البدعة " و الشيخ خالد عبد الله أكد لاحقا ارتباط مصطفى حسني و معتز مسعود و مجموعة الدعاة الجدد بالصوفية و الليبرالية و أنه مشروع جديد مشبوه غرضه الانقضاض على السلفية و الإجهاز عليها .
2- ظهور قناة أزهري و التي يقوم عليها خالد الجندي و هو شخصية متلونة عليها العديد من الملاحظات ، و موقف الجندي من التيار السلفي واضح فقد قال لوكالة رويترز "الذي أوجد قناة أزهري هو بعض القنوات الدينية التي تقدم طرحا نرى أنه طرح متشدد ( يقصد السلفية ) ، ولا يخدم الإسلام بقدر ما يسيء للإسلام ، وتابع " باختصار نحن نتعامل مع الدين من اجل الدنيا قبل أن يكون من أجل الآخرة... إسلامنا بغير سياسة. إسلامنا بغير عنف ( الجملة الأخيرة تصب في صالح العلمانية بلا شك ) . إسلامنا يعتمد على الحوار والتفاعل مع الآخر." .
3- هجوم وزير الثقافة المصري على السلفية صراحة حيث قال :" إن التيارات السلفية هي المسئولة عن حالة التردي والتخلف التي وصل إليها الشعب المصري، حيث تلعب هذه التيارات بالمشاعر الدينية لدي الناس" ، عودة موجة الأفلام المشبوهة التي تهاجم النقاب و اللحية و تظهر الملتزمين بصور مهزوزة قبيحة و هذه الأفلام تؤثر بشكل كبير على عقلية الشباب من الجنسين في مصر و قد تصاعدت موجة الأفلام قبيل تطبيق قانون منع النقاب في الامتحانات مباشرة مما يؤكد على الارتباط الوثيق بين الأشخاص الذين يديرون هذه المعركة الخبيثة و حسن استغلالهم لوسائل الأعلام .
4- المؤتمرات المتتالية التي جعلت التيار السلفي مادة خصبة للنقاش فمثلا ندوة " وسائل إصلاح الأمة " ( بالطبع هو مؤتمر إفسادي خاصة أن القائمين عليها هم الصوفية ) و التي نظمتها الطريقة العزمية و دعت لها محمود عاشور وكيل الأزهر السابق في تعاون واضح بين المؤسسة الرسمية و الطرق الصوفية حيث دعا محمود عاشور المسلمين لحلق اللحية بعد أن أصبح اليهود والنصارى يطلقون لحاهم , في الوقت الذي كان الرسول عليه السلام يهدف من حديثه " قصوا الشارب وأطلقوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى " أن يطلق المسلمين لحاهم حتى يخالفوا الآخرين في الشكل والصورة والمظهر و في الجلسة الثانية للندوة شن أبو العزائم هجوم شديد على السلفية و شدد على كون السلفية تشكل خطرا داهما على الأمن القومي المصري !! .
و في ندوة نظمها الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف أكد المشاركون أن النقاب يفتح الباب للأفكار المتشددة والعنف باسم الدين، واتفقوا علي ضرورة محاربة ثقافة النقاب ، شيخ الأزهر قال إنه لم يقرأ أبدا في أي من أمهات الكتب أن أمهات المؤمنين كن يرتدين النقاب وأكد أن وجود طالبات ومدرسات منتقبات في معاهد الفتيات تشدد في غير موضعه وينبغي محاربته وأن النقاب إحدى وسائل الغش في الامتحانات والسرقة والقيام بجرائم تحت ستار باسم الدين، وأضاف أن تربية الفتيات علي ثقافة النقاب تجعلهن متشددات مستقبلا ، وأن النقاب ظاهرة جاء بها المتنطعون وعدم توضيح الحكم الشرعي في النقاب سيؤدي لتخريب البلد وتفجير المتاجر .
و أوضح وزير الأوقاف زقزوق أن ارتداء النقاب يعصف بالحرية الشخصية ويمنع التواصل السليم بين الناس وضد طبيعة المجتمعات البشرية.. وأضاف أن المنتقبات أبناء تيار وافد وأفكار متشددة لا علاقة لها بالدين.. وقال «زقزوق» إن الرجل مأمور بغض البصر وهذا لا يعني انتقاب المرأة، كما أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ لم يقل لأي امرأة كاشفة عن وجهها «تحشمي أو غطي وجهك»، لافتا إلي أن المجتمع يجب أن يحمي نفسه بمعرفة أفراده ، أما علي جمعة مفتي الجمهورية فقد أكد على أن النقاب عادة وليس عبادة وقال إن الإمام مالك اعتبره مكروها ولا يجوز للمرأة أو الرجل أن ينتقبا إلا إذا كان هذا عادة لأهل البلد كقرية «نفوسة» في المغرب وأضاف أنه لم يرد أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ أمر امرأة بتغطية وجهها وقال إن النقاب عنوان لعقلية عفنة تؤدي إلي العنف وأوجدت عقلية تفهم النص بطريقة مشوشة ومغلوطة..
و أوضح وزير الأوقاف زقزوق أن ارتداء النقاب يعصف بالحرية الشخصية ويمنع التواصل السليم بين الناس وضد طبيعة المجتمعات البشرية.. وأضاف أن المنتقبات أبناء تيار وافد وأفكار متشددة لا علاقة لها بالدين.. وقال «زقزوق» إن الرجل مأمور بغض البصر وهذا لا يعني انتقاب المرأة، كما أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ لم يقل لأي امرأة كاشفة عن وجهها «تحشمي أو غطي وجهك»، لافتا إلي أن المجتمع يجب أن يحمي نفسه بمعرفة أفراده ، أما علي جمعة مفتي الجمهورية فقد أكد على أن النقاب عادة وليس عبادة وقال إن الإمام مالك اعتبره مكروها ولا يجوز للمرأة أو الرجل أن ينتقبا إلا إذا كان هذا عادة لأهل البلد كقرية «نفوسة» في المغرب وأضاف أنه لم يرد أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ أمر امرأة بتغطية وجهها وقال إن النقاب عنوان لعقلية عفنة تؤدي إلي العنف وأوجدت عقلية تفهم النص بطريقة مشوشة ومغلوطة..
5- و من مظاهر الهجوم على التيار السلفي ما قامت به المدعوة سعاد صالح من هجوم على القنوات السلفية في عدد من البرامج و خصت بالذكر القنوات الفضائية السعودية وحملت الإعلام المصري مسئولية فتح الأبواب لها لنشر ثقافة النقاب المتشددة وتخريب عقول الشباب وطالبت بمنع الأزهر للنقاب تماما وليس من قاعات الامتحانات ومدارس الفتيات فقط لأنه استمرار لفكرة أن المرأة عورة وشيطان، كما أنه افتراء علي الله بالكذب.
6- الغريب أن الأمر وصل للهجوم على مدرب المنتخب القومي المصري لاختيار لاعبين ملتزمين دينيا !! . إلى درجة أن وكالة الأنباء الأميركية الأسوشيتدبرس اتهمت مدرب المنتخب المصري حسن شحاتة بخلط الدين بالكرة، وبأنه يمارس التمييز الطائفي داخل المنتخب برفضه ضم أي لاعب غير مسلم، واستشهدت على ذلك بكون كل لاعبي المنتخب المصري مسلمين ولا وجود لمسيحي بينهم أما صحيفة «ال سولي 24 اوري» الايطالية، فقد تطرقت للمسألة من جانب آخر، حيث قالت أن المسألة تتعلق كذلك بالتفريق بين الملتزمين وغير الملتزمين من اللاعبين المسلمين، وأشارت الصحيفة إلى أن شحاتة يصر على ضم اللاعبين المسلمين الملتزمين بالصلاة والصيام إلى صفوف المنتخب المصري، في حين لا يعتبر عنصر الكفاءة والموهبة معيارا رئيسا في اختيار اللاعبين، واستشهدت على ذلك بقيام المدير الفني للمنتخب المصري باستبعاد اللاعب الشهير احمد حسام ميدو، صاحب المسيرة الكبيرة في الملاعب الانجليزية والاسبانية والايطالية والفرنسية، وقالت أن حسن شحاته فضل استبعاده لأنه لا يصلي، وقام بضم لاعبين آخرين اقل منه في المستوى لكنهم محافظون على الصلوات الخمس !!.
بالطبع هذا غيض من فيض و كان بالإمكان نقل عشرات التصريحات و المقالات التي تظهر استعداد القوم لشن حرب شعواء على السلفية بغية القضاء عليها و لعل معركة النقاب الأخيرة قد كشفت مثيرا من الوجوه الكالحة التي تسترت وراء هذه المعركة الخبيثة و هناك ملاحظات أخيرة على موضوع النقاب كجزء من المعركة لتكتمل الصورة :
1- رغم أن معركة النقاب قد بدأت منذ عدة شهور بعد واقعة شيخ الأزهر الشهيرة و كان من الواضح أن الأمر سيتطور لما هو أبعد بكثير من مجرد تحرشات بالمنتقبات و أن الأمر قد يصل حد التجريم ففي تصريحات لشيخ الأزهر أدلى بها لمجلة روز اليوسف المشبوهة قال أنه بصدد منع النقاب في الفصول الدراسية حتى لو كان المدرس رجل و ذهب لأبعد من هذا و هو منع النقاب بالكلية حتى في الأماكن العامة و قد قام بإرسال رسالة إلى البرلمان لإصدار تشريع يمنع النقاب نهائيا و بالرغم من هذه التصريحات فإن موقف التيار السلفي جاء ضعيفا و ارتضى غالبيته المكوث في دائرة المفعول به و عدم الخروج لدائرة الفاعل .
2- الحرب على النقاب كانت قذرة بما تعنيه الكلمة من معاني و هذا واضح في وصف علي جمعة للنقاب بأنه نتاج عقلية عفنة و هجوم مجلة روز اليوسف الخبيثة على النقاب و وصفه بالزي الخبيث و تلك الأخيرة خصصت جزء كبير من المجلة المشبوهة للهجوم على النقاب منذ بدأ الحملة الآثمة و رغم هذا وجدنا من دعاة السلفية من يدعو الأخوة و الأخوات للالتزام الأدب بحجة أن هذا سنة نبوية !! .
3- الاضطراب في مواقف الدعاة في ظل الفتنة الأخيرة فلما نرى موقفا محددا و لا توجيها مباشرا لهذه المعركة بل جاءت غالب الدعوات على استحياء مما جعلت الأخوات يتخبطن في مواقفهن حتى أن بعضهن ارتضى رفع النقاب حتى لا تضيع السنة الدراسية ! .
4- مازال مفهوم التضحية و فهم متطلبات الواقع غائب عن عموم الأخوة في ظل غياب التوجيه التربوي لقادة العمل الإسلامي مما جعل موقف العديد من الأخوة و الأخوات يخرج بشكل باهت ضعيف .
5- قراءة الأحداث و فهم مجريات الأمور و توقع ردود الأفعال كان ضعيفا في معركة النقاب و هذا غير مطلوب خاصة أن المعكرة ستبلغ أوجها في المرحلة القادمة مع صدور حكم المحكمة الإدارية لصالح النقاب و بهذا ستستعر المعركة و ستتزايد بشكل مطرد و الواجب على الدعاة و الرموز تبصير عموم التيار الإسلامي بمتطلبات المرحلة .
تعليق