في هذا الموضوع سأذكر بعض المواقف التي أوثقت رباط العلاقة بيني وبين والدي
لا أريد منها سرد ذكرى
ولكن أريد توضيح بعض المواقف والأفكار والكلمات البسيطة التي تدخل السعادة في قلب ابنك أو ابنتك
فوق ما تتخيّل وتتصوّر
هي لحظات بسيطة ولكنّها تبقى في صفحات الذاكرة محفورة بماء من ذهب
قد يكون كلام الأخصّاء والأطبّاء صادقا ولكنّه ليس بمصداقية الطفل الذي عاش التجربة
لأنّني أريد من الجميع مشاركتنا مواقف والديهم التي غيرت حياتهم وأوثقت أواصر المحبّة بينهم
لأننّي رأيت في هذا الموضوع شكرا لنعم الله عليَّ
" وأمّا بنعمة ربّك فحدّث "
لأننّي رأيت فيه عملا إنسانيا ودعويا وتربويا رائعا
في المطبخ
دخلت إلى المطبخ ذات مساء
وما أن دخلت حتى عانق بصري ذلك المنظر المهول من فوضى عارمة
كانت المرّة الثالثة التي أرتب فيها المطبخ ذلك اليوم
وبحكم أني كنت منكسرة الهمة تعبة الجسد
بقية سارحة في تلك الاطباق وعلى تلك الارضية العطشى للتنظيف أطلقت بصري
كنت في موقف لا أحسد عليه وما زاد الطين بلّة هو انقطاع الكهرباء
من ذا الذي قد يرضى بعمل كأس شاي في الظلمة
فما بالكم بخوض معركة كاملة
قاطع تفكبري القانط صوت والدي الحنون
أو يا ربي هل كلّ هذا من نصيبك ابنتي
أشرت له بالوافقة
ولكن ألم تقومي اليوم بتنظيف ما يساوي هذا قبل قليل
أومأت له مرّة أخرى وقد علت علامات التعب وجهي
سارع بالدخول إلى المطبخ
وقف في المنتصف شمّر عن ساعديه
و ...........
بماذا أساعد ابنتي
بقيت أنظر إليه كالبلهاء
من شدّة خجلي من نفسي
قلت له بصوت عال
لا لا لا لا أبدا
أنت لن تقوم بأيّ شيء
أنا من أخدم هنا
و أنت ابق مرتاحا والدي
كان من الواضح جدّا أنّه ليس مقتنعا بما أقول
أمّا عن نفسي فقد كنت أفضّل الموت على عمل والدي بالنيابة عني
اعتدت على هذة المبادرة من أمّي و أختي
ولكنّ الأمر مع والدي كان غريبا جدّا
بقي يرددّ عليّ سؤاله بمَ أساعدك بنيّتي
وبما أنّه لم ولن يلقَ الإجابة منّي بادر ألى العمل لوحده
شيئا فشيئا بتّ أرى الأمر طبيعيا
وما هي الّا لحظات حتّ غمرتني سعادة عارمة غزت منّي كلّ مغزى
لا أظنّ أنّه لم يبقَ أحد في العائلة إلّا واستنكر من فعل والدي وعلّق ساخرا عليّ
إلّا أنّ ردود والدي كانت ثمينة جدا جدا بالننسبة لي
فقد قال لشقيقتي عندما استنكرت وقوفه معي في المطبخ
أريد أن يكون لي نصيب من دعاء ابنتي في قيام الليل علّ الله يستجيب
( قد لا يعلم والدي أنّني أدعو له سواء ساعدني أم لا ولكنّني قررّت في هذة اللحظة أن لا أقطع دعائي عنه مهما كانت الظروف حالكة )
وقام بتوبيخ شقيقي وتأنيبه لأنّه لم يتطوّع ويساعدني
قد يرى والدي بعد كلّ هذا أنّه لم يصنع شيئا يذكر
و أنّ هذا واجبه
خرج والدي تاركا إيّايَ غارقة في سعادتي
وما زالن ذكرى الموقف العطر لا تفارق مخيّلتي الصغير
=================================================
يتبع بإذن الله
في سلسلة من المواقف التي أراها تاريخية في حياتي
تعليق