كان أبو حسين رجلاً كبيراً في السن، يحب الزراعة كثيراً، رغم كبر سنه.
وكان يطلب المساعدة من ابنه حسين، حتى يصبح لدى حسين مهنة مثل مهنة والده تقيه الفقر والحاجة إلى الناس.
ولكن حسين كان يحب الطعام والنوم جداً.. جداً.. فهاتان هما هواياته المفضلة لديه..
كبر حسين وكبر معه كرشه، فقد كان وزنه يزداد يوماً بعد يوم، وكان أبوه ينصحه بالتخفيف من الطعام، والعمل في الزراعة، حتى ينقص وزنه، وتتحسن صحته، وأيضاً حتى يبيعوا ما يزرعونه، فهم بأمس الحاجة إلى المال..
ولكن حسين كان كسولاً، أكولاً، نوّاماً..
زاد وزن حسين كثيراً، ولم يعد يقدر على الحركة بسهولة، ولم يعد يلعب مع أصدقائه في ساحة المدرسة، فابتعد عنه أصدقاؤه، وكانوا يسخرون من وزنه وقلة حركته..
حزن أبو حسين كثيراً على ولده، وأخذ يلوم نفسه لأنه دلّل حسين كثيراً، وتركه يأكل ويأكل، ولا يتحرك إلا قليلاً، واكتفى بتنبيهه بلطف دون معاقبته، عندما كان صغيراً.
قرر أبو حسين إخفاء الطعام عن ولده، ولا يعطيه إلا القليل القليل من الطعام، وأجبره على العمل معه في الزراعة..
أمسك حسين الفأس ليحرث الأرض فلم يستطع، بسبب وزن جسمه الثقيل، وشعوره بتعب شديد..
ألقى حسين الفأس من يده وهو يبكي ويصرخ قائلاً:
- أنت لا تحبني يا أبتي.. لأنك تجبرني على العمل، وجسمي لا يقوى على العمل.
ردّ الوالد بحزم:
- أنت لست ولداً صغيراً يأكل وينام فقط دون عمل.. إن لم تعمل فلن تأكل.. ذهب وقت الراحة، وجاء وقت العمل..
في اليوم الأول شعر حسين بالجوع يقرص معدته، فالطعام الذي أعطاه له والده كان قليلاً.
بكى حسين كثيراً من شدة الجوع، وقرر ألا يساعد والده مهما شعر بالجوع..
وهكذا توالت الأيام، والطعام قليل، فبدأ وزن حسين يتناقص شيئاً فشيئاً..
وبدأت تتحسن حركته وقيامه وقعوده، وأخذ شكل جسمه المكوّر يتحسن، بعد أن كان مثل البالون المنفوخ..
وبدأ أصدقاؤه يُقبلون عليه دون أن يسخروا من جسمه المكتنز.
وأخيراً أدرك حسين كم أخطأ في حق والده، الذي كان يريد له الخير والصحة والجمال أيضاً..
في الصباح الباكر أخذ حسين الفأس وأخذ يحرث الأرض، قبل أن يستيقظ والده..
جاء الوالد على صوت الفأس، وكم كانت فرحته كبيرة عندما رأى ولده حسين يعمل بهمة ونشاط..
تساقطت دموع الفرح من عيني أبي حسين..
رأى حسين دموع والده، فشعر بالحرج الشديد، والحزن العميق، لأنه ظنّ بوالده أنه لا يحبه، ويريد معاقبته فقط..
رمى حسين نفسه في حضن أبيه، وهو يقول له من خلال دموعه:
- أخطأت في حقك كثيراً يا أبتِ.
حضن أبو حسين ولده حسين بقوة قائلاً له:
- بل أنا المخطئ بحقك يا ولدي، لأنني لم أنبهك لأخطائك عندما كنت صغيراً..
تعليق