إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

    باب لا يقال: السلام على الله

    في الصحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا إذا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في الصلاة قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان، وفلان.
    فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "لا تقولوا السلام على الله؛ فإن الله هو السلام".
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لمَّا كان السلام على الشخص معناه: طلب السلامة له من الشرور، والآفات، امتنع أن يُقال السلام على الله؛ لأنه هو الغنيّ السالم من كلِّ آفة ونقص، فهو يُدعى ولا يُدعى له، ويُطلب منه ولا يُطلب له؛ فهذا الباب فيه وجوبُ تنزيه الله عن الحاجة والنقص ووصفه بالغنى والكمال.
    في الصحيح: أي: في الصحيحين.
    قلنا السلام على الله: أي: في التشهد الأخير، كما في بعض ألفاظ الحديث.
    لا تقولوا السلام على الله: هذا نهيٌ منه –صلى الله عليه وسلم- عن التسليم على الله.
    فإن الله هو السلام: تعليلٌ للنهي، بأن السلام من أسمائه سبحانه، فهو غنيٌّ عن أن يُسلَّم عليه.
    المعنى الإجمالي للحديث: يخبر ابن مسعود –رضي الله عنه- أنهم كانوا يسلِّمون على الله، فنهاهم النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، وبيَّن لهم أن ذلك لا يليق بالله؛ لأنه هو السلام ومنه السلام، فلا يليق به أن يسلَّم عليه، بل هو الذي يسلِّم على عباده ويسلِّمهم من الآفات.
    مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن أن يُقال: السلام على الله.
    ما يستفاد من الحديث:
    1- النهي عن السلام على الله.
    2- أن السلام من أسمائه سبحانه.
    3- تعليم الجاهل.
    4- قرنُ الحكمِ بعلِّته.

    تعليق


    • #92
      رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

      باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت

      في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقُلْ أحدُكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، لِيَعْزِم المسألة، فإن الله لا مُكْرِه له".
      ولمسلم: "وليعظِّم الرغبة، فإن الله لا يتعاظَمُه شيءٌ أعطاه".
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: لمَّا كان قول: "اللهم اغفر لي إن شئت" يدل على فتور الرغبة، وقلة الاهتمام بالمطلوب، والاستغناء عن الله من ناحية، ويُشعر بأن الله –تعالى- قد يضطرّه شيءٌ إلى فعل ما يفعل؛ وفي هذين المحذورين مضادةٌ للتوحيد؛ لذلك ناسب عقدُ هذا الباب في كتاب التوحيد.
      باب قولِ اللهم... إلخ: أي: أنه لا يجوز.
      في الصحيح: أي: في الصحيحين.
      ليعزم المسألة: أي: ليجزم في طلبته ويحقق رغبته ويتيقن الإجابة.
      لا مكرِه له: أي: لا يضطرّه دعاءٌ ولا غيرُه إلى فعل شيء.
      وليعظِّم الرغبة: بتشديد الظاء أن: يلح في طلب الحاجة.
لا يتعاظمُه شيءٌ أعطاه: أي: لا يكبر ولا يعسُر عليه.
      المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن تعليقِ طلب المغفرة والرحمة من الله على المشيئة، ويأمر بعزم الطلب دون تعليق؛ ويعلل ذلك بأن تعليق الطلب من الله على المشيئة يشعِر بأن الله يُثقلُه شيءٌ من حوائج خلقه أو يضطره شيءٌ إلى قضائها، وهذا خلافُ الحقِّ؛ فإنه هو الغني الحميد الفعَّال لما يريد.
      كما يُشعِر ذلك بفتور العبد في الطلب واستغنائه عن ربِّه؛ وهو لا غنى له عن الله طرفةَ عين.
      مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهيَ عن تعليق طلب المغفرة من الله بالمشيئة وبيانَ علة ذلك.
      ما يستفاد من الحديث:
      1- النهي عن تعليق طلب المطلوب من الله –بمشيئته- والأمرُ بإطلاق سؤال الله دون تقييد.
      2- تنزيهُ الله عما لا يليق به، وسعةُ فضله، وكمالُ غِناه، وكرمُه وجودُه سبحانه وتعالى.

      تعليق


      • #93
        رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

        باب لا يقول: عبدي وأمتي

        في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقُل أحدُكم: أطعم ربك، وضِّىء ربك، ولْيقُل: سيدي ومولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي وأمتي، ولْيَقُل: فتاي وفتات، وغلامي".
        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
        مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن التلفُّظ بهذه الألفاظ المذكورة يوهم المشاركة في الربوبية، فنُهي عنه تأدُّباً مع الربوبية، وحمايةً للتوحيد بسدِّ الذرائع المفضية إلى الشرك.
في الصحيح: أي: الصحيحين.
لا يقُل أحدكم: لا: ناهيةٌ، والفعل بعدها مجزومٌ بها، أي: لا يقُل ذلك لمملوكه.
        أطعم ربّك: بفتح الهمزة أمرٌ من الإطعام.
        وضِّئ ربك: أمر من التوضئة، والنهي عن الموضعين لمنع المضاهاة لله سبحانه لأنه هو الرب. وهذا المنع يختص في منع الربوبية للإنسان، بخلاف غيرِه فيقالُ رب الدار والدابة.
        وليقُل سيِّدي: لأن السيادة معناها الرئاسة على ما تحت يدِه.
        وأيضاً هناك فرقٌ بين الرب والسيِّد: فإن الرب من أسماء الله بالاتفاق بخلاف السيد فقد اختُلف في كونه من أسماء الله.
        وعلى القول بأنه منها فليس له من الشُّهرة وكثرة الاستعمال مثل ما للرب.
        ومولاي: المولى يُطلق على معانٍ كثيرة منها: المالكُ وهو المراد هنا.
        ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي: لأن الذي يستحق العبودية هو الله سبحانه؛ ولأن في ذلك تعظيماً لا يستحقه المخلوق.
        وليقل فتاي وفتاتي وغلامي: لأن هذه الألفاظ لا تدل على العبودية كدلالة عبدي وأمتي، وفيها تجنُّب للإيهام والتعاظم.
        المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن التلفظ بالألفاظ التي توهِم الشرك، وفيها إساءة أدب مع الله كإطلاق ربوبية إنسان لإنسان أو عبودية إنسان لإنسان؛ لأن الله هو الرب المعبود وحده. ثم أرشد –صلى الله عليه وسلم- إلى اللفظ السليم الذي لا إيهام فيه؛ ليكون بديلاً من اللفظ الموهِم، وهذا منه –صلى الله عليه وسلم- حمايةً للتوحيد وحفاظاً على العقيدة.
        مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن قول: عبدي وأمَتي.
        ما يستفاد من الحديث:
        1- النهيُ عن استعمال الألفاظ التي توهِم الشرك.
        2- سدُّ الطرق الموصلة إلى الشرك.
        3- ذكرُ البديل الذي لا محذور فيه؛ ليُستعملَ مكان ما فيه محذورٌ من الألفاظ.

        تعليق


        • #94
          رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

          باب لا يرد من سأل بالله

          عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "من استعاذ بالله فأعيذُوه، ومن سأل بالله فأعطُوه، ومن دعاكم فأجيبُوه، ومن صنع إليكم معروفاً فكافئُوه، فإن لم تجدوا ما تكافئُونه فادعوا له حتى ترون أنكم قد كافأتُموه".
          رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح.
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: لأن في عدم إعطاء من سأل بالله عدم إعظامٍ لله، وعدم إجلالٍ له؛ وذلك يُخلُّ بالتوحيد.
          من استعاذ بالله: أي: من لجأ إلى الله وسألكم أن تدفعوا عنه شرّكم أو شرّ غيركم.
          فأعيذوه: أي: امنعوه مما استعاذ منه وكفُّوه عنه تعظيماً لاسم الله.
          ومن سأل بالله: بأن قال: أسألُك بالله.
          فأعطُوه: أي: أعطُوه ما سأل ما لم يسألْ إثماً أو قطيعة رحم.
          ومن دعاكم: أي: إلى طعامٍ أو غيرِه.
          فأجيبوه: أي: أجيبوا دعوته.
          ومن صنع إليكم: أي: من أحسن إليكم أيَّ إحسان
          معروفاً: المعروف: اسمٌ جامعٌ للخير.
          فكافئوه: أي: على إحسانه بمثله أو خير منه.
          فإن لم تجدوا: أي: لم تقدروا على مكافأته.
          فادعوا له... إلخ: أي: فبالغوا في الدعاء له جُهدكم.
          المعنى الإجمالي للحديث:
يأمر –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بخصالٍ عظيمة، فيها تعظيمُ حق الله سبحانه بإعطاء من سأل به، وإعاذة من استعاذ به، وتعظيمٌ لحق المؤمن من إجابة دعوته، ومكافأته على إحسانه بمثله أو أحسن منه مع القدرة، ومع عدَمها بإحالة مكافأته إلى الله بطلب الخير له منه.
          مناسبة الحديث للباب: أن فيه الأمرَ بإعطاء من سأل بالله وعدم ردِّه.
          ما يستفاد من الحديث:
          1- أنه لا يُرد من سأل بالله إجلالاً لله وتعظيماً له.
          2- أن من استعاذ بالله وجبت إعاذتُه ودفع الشر عنه.
          3- مشروعية إجابة دعوة المسلم لوليمةٍ أو غيرِها.
          4- مشروعية مكافأة المُحسِن عند القدرة.
          5- مشروعية الدعاء للمحسِن عند العجز عن مكافأته.

          تعليق


          • #95
            رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

            باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

            عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة".
            رواه أبو داود.
            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
            مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه يجب احترام أسماء الله وصفاته؛ فلا يُسأل عن شيء من المطالب الدنيوية بوجهه الكريم؛ بل يُسأل به أهمّ المطالب وأعظم المقاصد وهو الجنة، فهذا من حقوق التوحيد.
            لا يُسأل: رُوي بالنفي ورُوي بالنهي.
            بوجه الله: هو صفة من صفاته الذاتية يليق بجلاله وعظمته.
            إلا الجنة: أو ما هو وسيلةٌ إليها من المقاصد العظام.
            المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- أن يُسأل بوجه الله الكريم الأمور الحقيرة وحوائج الدنيا؛ إجلالاً لله وتعظيماً له، ويقصر –صلى الله عليه وسلم- السؤال بوجه الله على الجنة التي هي غاية المطالب.
            مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن أن يُسأل بوجه الله غير الجنة.
            ما يستفاد من الحديث:
            1- إثبات الوجه لله سبحانه على ما يليق بجلاله كسائر صفاته
            2- وجوب تعظيم الله واحترام أسمائه وصفاته.
            3- جواز سؤال الجنة –والأمور الموصِّلة إليها- بوجه الله والمنع من أن يُسأل به شيءٌ من حوائج الدنيا.

            تعليق


            • #96
              رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

              باب ما جاء في الّلو
وقول الله تعالى: {يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا...} الآية.
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
              تمام الآية: {قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154].
              مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن من كمال التوحيد الاستسلام للقضاء والقدر؛ وأن قول "لو" لا يُجدي شيئاً، وهو يشعر بعدم الرضا بالقدر وهذا مخلٌّ بالتوحيد.
              ما جاء في اللو: أي: من الوعيد والنهي عنه.
              
              يقولون: أي: يقول بعض المنافقين يوم أحد معارضةً للقدر.
              لو كان لنا من الأمر شيءٌ: أي: لو كان الاختيار إلينا.
              ما قُتلنا هاهنا: أي: لما غُلبنا ولما قُتل من قُتل منا في هذه المعركة.
              لو كنتم في بيوتكم: أي: وفيكم من كتب الله عليه القتل.
              لبرز: أي خرج.
              الذين كُتب: أي قُضي.
              عليهم القتل: أي: منكم.
              إلى مضاجعهم: أي: مصارعهم ولم يُنجِّهم قعودُهم؛ لأن قضاء الله كائن لا محالة.
وليبتلي الله: أي: يختبر.
              ما في صدوركم: أي: قلوبكم من الإخلاص والنفاق.
              وليمحِّص ما في قلوبكم: أي: يميِّز ما تنطوي عليه من النيات.
              بذات الصدور: بما في القلوب فهو غنيٌّ عن الابتلاء وإنما يفعله ليظهر للناس وليترتب عليه الثواب والعقاب.
              المعنى الإجمالي للآية: يخبر الله –سبحانه- عما كان يكنه المنافقون يوم وقعة أحد من الاعتراض على القدر والتسخط لما وقع عليهم من الله، وأنهم يقولون: لو كان الاختيار والمشورة إلينا ما خرجنا؛ ولنجونا مما حصل من الهزيمة والقتل، فرد الله عليهم بأن ما حصل قدرٌ مقدَّر لا ينجي منه البقاء في البيوت؛ فالتلهّف وقول: "لو" لا يجدي شيئاً.
              مناسبة الآية للباب: أن قول: "لو" في المقدرة لا يجوز؛ وهو من كلام المنافقين.
ما يستفاد من الآية:
              1- النهي عن قول: "لو" في الأمور المقدرة؛ لأنها تدل على التسخط على القدر وتجدد الأحزان في النفوس، أما قول: "لو" تندُّماً على فوات الطاعة فلا بأس به؛ لأنه يدل على الرغبة في الخير.
              2- مشروعية الاستسلام للقضاء والقدر وعدم تسخّطِه.
              3- أن الحذر لا يُنجي من القدر.
              4- أن من كُتب عليه الموت في محلّ فلا بد أن يذهب إليه، ولو حاول الامتناع عنه.
***
              وقوله: {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} الآية.
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
              
              تمام الآية: {قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 168].
قالوا لإخوانهم: أي: قالوا للمسلمين المجاهدين، سُمّوا إخوانهم؛ لموافقتهم في الظاهر، وقيل: إخوانهم في النسب.
              وقعدوا: أي: عن الجهاد.
              لو أطاعونا: أي: في القعود.
              ما قتلوا: أي: كما لم نُقتل.
              قل: أي: لهؤلاء.
              فادرءوا عن أنفسكم الموت: أي: ادفعوه عنها.
              إن كنتم صادقين: أي: في أن القعود ينجّي منه.
              المعنى الإجمالي للآية: ينكر تعالى على المنافقين الذين يعارضون القدر بقولهم لمن خرج مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم أحد: لو سمعوا مشورتنا عليهم بالقعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قُتل، ويرد عليهم بأنهم إن كانوا يقدرون على دفع القتل عمن كُتب عليه فليدفعوا الموت عن أنفسهم، فهي أولى بالدفع عنها، فإذا لم يقدروا على الدفع عنها فغيرُها من باب أولى.
              مناسبة الآية للباب: أن قول: "لو" في الأمور المقدّرة من سمات المنافقين.
              ما يستفاد من الآية:
              1- التحذير من قول: "لو" على وجه المعارضة للقدر والتأسّف على المصائب.
              2- أن مقتضى الإيمان الاستسلام للقضاء والقدر؛ وأن عدم الاستسلام له من صفات المنافقين.
              3- مشروعية مجادلة المنافقين وغيرهم من أهل الباطل؛ لإبطال شبَهِهم ودحض أباطيلهم.
              * * *
              في الصحيح عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجزَنَّ، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا؛ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان".
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
              في الصحيح: أي: في صحيح مسلم.
              احرص: الحرص هو: بذل الجهد واستفراغ الوُسع.
              على ما ينفعك: يعني: في معاشك ومعادك.
              واستعن بالله: أي: الإعانة في جميع أمورك من الله لا من غيرِه.
              
              ولا تعجزنَّ: بكسر الجيم وفتحها: أي: لا تفرّط في طلب ما ينفعك متّكلاً على القدر، ومستسلماً للعجز والكسل.
              وإن أصابك شيءٌ: أي: وإن غلبك أمر ولم يحصل المقصود بعد بذل الجهد والاستطاعة.
              فلا تقل: لو أني فعلت كذا: أي: فإن هذا القول لا يُجدي عليك شيئاً.
              ولكن قل: قدَر الله: أي: لأن ما قدره لا بد أن يكون والواجب التسليم للمقدور.
              فإن لو تفتح عمل الشيطان: أي: لما فيها من التأسف على ما فات والتحسر والحزن ولوم القدر.
              المعنى الإجمالي للحديث: يأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بالحرص على النافع من الأعمال، والاستعانة بالله في القيام بها، وترقّب ثمراتها، وينهى عن العجز؛ لأنه ينافي الحرص على ما ينفع، ولما كان الإنسان معرضاً للمصائب في هذه الدنيا أمر بالصبر والتحمّل وعدم التلوّم بقول: لو أنني فعلت، لو أنني تركت؛ لأن ذلك لا يجدي شيئاً مع أنه يفتح على الإنسان ثغرةً لعدوِّه الشيطان يدخل عليه منها فيُحزنُه.
              مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه النهي عن قول: "لو" عند نزول المصائب، وبيان ما يترتب على قولها من المفسدة.
              ما يستفاد من الحديث:
              1- الحث على الاجتهاد في طلب النفع العاجل والآجل ببذل أسبابه.
              2- وجوب الاستعانة بالله في القيام بالأعمال النافعة والنهيُ عن الاعتماد على الحول والقوة.
              3- النهي عن العجز والبطالة وتعطيل الأسباب.
              4- إثبات القضاء والقدر وأنه لا ينافي بذل الأسباب والسعي في طلب الخيرات.
              5- وجوب الصبر عند نزول المصائب.
              6- النهي عن قول: "لو" على وجه التسخط عند نزول المصائب وبيانه مفسدتها.
              7- التحذير من كيد الشيطان.


              تعليق


              • #97
                رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                باب النهي عن سب الريح

                عن أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تسبّوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به" صححه الترمذي.
                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن سبّ الريح سبٌّ لمدبّرها وهو الله تعالى؛ لأنها تجري بأمره، فسبُّها مخلٌّ بالتوحيد.
                التراجم:
                أبيّ هو: أبي بن كعب بن قيس الأنصاري سيّد القرّاء شهد العقبة وبدراً والمشاهد كلّها، قيل: مات في خلافة عمر، وقيل: في خلافة عثمان سنة 30هـ رضي الله عنه.
                لا تسبّوا الريح: أي: لا تشتموها ولا تلعنوها للحوق ضررٍ بسببها.
                فإذا رأيتم ما تكرهون: أي: من الريح إما شدة حرِّها أو بردها أو قوتها.
                فقولوا اللهم... إلخ: رجوعٌ إلى خالقها ومدبرها بسؤاله خيرها ودفع شرها.
                المعنى الإجمالي للحديث: ينهى –صلى الله عليه وسلم- عن سب الريح؛ لأنها مخلوقة مأمورة من الله، فسبّها سبٌّ لله وتسخط لقضائه، ثم أرشد –صلى الله عليه وسلم- إلى الرجوع إلى خالقها بسؤاله من خيرها والاستعاذة به من شرّها؛ لما في ذلك من العبودية لله –تعالى- وذلك هو حال أهل التوحيد.
                مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن سب الريح.
                ما يُستفاد من الحديث:
                1- النهي عن سب الريح؛ لأنها خلقٌ مدبّر فيرجع السبّ إلى خالقها ومدبّرها.
                2- الرجوع إلى الله والاستعاذة به من شر ما خلق.
                3- أن الريح تكون مأمورة بالخير وتكون مأمورة بالشر.
                4- الإرشاد إلى الكلام النافع إذا رأى الإنسان ما يكره للسلامة من شرّه.

                تعليق


                • #98
                  رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                  باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} الآية.
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  تمام الآية: {يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154].
                  مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: التنبيه على أن حسن الظن بالله من واجبات التوحيد، وأن سوء الظن بالله ينافي التوحيد.
                  يظنون: أي: المنافقون، والظن في الأصل –خلاف اليقين.
                  غير الحق: أي: غير الظن الحق.
ظن الجاهلية: بدلٌ من "غير الحق" أي: الظن المنسوب إلى أهل الجهل حيث اعتقدوا أن الله لا ينصر رسوله والمراد بالجاهلية ما قبل الإسلام.
                  يقولون: بدلٌ من "يظنون".
                  هل لنا من الأمر شيء: استفهامٌ بمعنى النفي أي: ما لنا من النصر والظفر نصيبٌ قطّ. أو قد مُنعنا من تدبير أنفسنا فلم يبق لنا من الأمر شيءٌ.
                  قل إن الأمر كله لله: أي: ليس لكم ولا لغيركم من الأمر شيء بل الأمر كله لله فهو الذي لا رادّ لما شاءه وأراده.
                  يخفون في أنفسهم: أي: من الإنكار والتكذيب.
                  ما لا يبدون لك: أي: غير الذي يُظهرون لك من الإيمان وطلب الاسترشاد.
                  وبقية المفردات تقدم شرحها في باب ما جاء في اللو.

                  المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى عما حصل من المنافقين يوم أحد أنهم ظنوا بالله الظن الباطل، وأنه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وأن الأمر لو كان إليهم وكان الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه تبعاً لهم يسمعون منهم؛ لما أصابهم القتل، ولكان النصر والظفر لهم؛ فأكذبهم الله عز وجل في هذا الظن، وبين أنه لا يكون ولا يحدث إلا ما سبق به قضاؤه وقدره وجرى به كتابه السابق وأنه لا راد لقضائه.
                  ما يستفاد من الآية:
                  1- أن من ظن أن الله يديل الباطل على الحق إدالة مستمرة يضمحل معها الحق اضمحلالاً لا يقوم بعده فقد ظن بالله غير الحق ظن الجاهلية.
                  2- إثبات الحكمة فيما يُجريه الله من ظهور الباطل أحياناً.
                  3- بيان خبث طويّة المنافقين، وأنهم عند الشدائد يظهر ما عندهم من النفاق.
                  4- إثبات القضاء والقدر.
                  5- وجوب تنزيه الله عما لا يليق به سبحانه.
                  6- وجوب حسن الظن بالله تعالى.
                  * * *
                  وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} الآية.
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  تمام الآية: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6].
الظانين: أي: المسيئين الظن بالله من المنافقين والمنافقات.
                  ظن السوء: بفتح السين وضمها، أي: ظن الأمر السوء وهو: أن لا ينصر رسوله والمؤمنين.
                  عليهم دائرة السوء: أي: دائرة العذاب والذل لازمة لهم لا تتخطاهم.
                  وغضب الله عليهم ولعنهم: أي: سخط عليهم وأبعدهم من رحمته.
                  وأعدّ لهم: أي: هيّأ لهم في الآخرة.
                  جهنم: أي: النار الشديدة العذاب.
                  وساءت مصيراً: أي: منزلاً يصيرون إليه يوم القيامة.

                  المعنى الإجمالي للآية: يقول تعالى: على الذين يتّهمون الله في حكمه، ويظنون أنه لا ينصر رسوله –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأتباعه، -على أعدائهم- دائرة العذاب وأبعدهم الله من رحمته، وهيأ لهم في الآخرة ناراً يصيرون إليها هي شر ما يُصار إليه.
                  مناسبة الآية للباب: أن فيها أن من ظنّ أن الله لا ينصر حزبه على أعدائه فقد ظن به ظن السوء.
                  ما يستفاد من الآية:
                  1- التحذير من سوء الظن بالله ووجوب حسن الظن به.
                  2- أن من ظن أن الله لا ينصر رسوله ودينه فقد ظن به ظن السوء.
                  3- وصف الله بأنه يغضب على أعدائه ويلعنهم.
                  4- بيان عاقبة الكفار والمنافقين.
* * *
                  قال ابن القيم –رحمه الله- في الآية الأولى: "فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحِلّ، وأن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله وأن يظهره الله على الدين كله.
                  وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح، وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.
                  فمن ظن أنه يُديل الباطل على الحق إدالة مستقرّة يضمحلّ معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدَّرَه بحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، {فـذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [سورة ص: 27].
                  وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته ومُوجب حكمته وحمده ووعده الصادق.
                  فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله ويستغفره من ظنه بربه ظن السوء.

                  ولو فتَّشت من فتشت لرأيت عنده تعنتاً على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقلٌّ ومستكثر، وفتِّش نفسك هل أنت سالم؟
                  فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة
وإلا فإني لا إخالك ناجياً
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  قال ابن القيم: أي: في زاد المعاد في الكلام على ما تضمنته وقعةُ أحُد، ومناسبة ذكر كلامه هنا توضيح معنى الآية الكريمة.
فُسر هذا الظن: أي المذكور في قوله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} [آل عمران: 154].
                  سيضمحلّ: أي: يذهب ويتلاشى حتى لا يبقى له أثر. والاضمحلال: ذهاب الشيء.
                  ففُسِّر: أي: فسر هذا الظن بثلاثة تفاسير.
                  بإنكار الحكمة: أي: أن ما أجراه في وقعة أحد لم يكن لحكمة بالغة وهي التي أشار إليها بقوله تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154].
                  وإنكار القدر: أي: أنهم لو أطاعونا ولم يخرجوا ما قتلوا.
                  وإنكار أن يتم أمر رسولِه: حيث ظنوا أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفاصلة وأن الإسلام قد باد أهلُه.
                  في سورة الفتح: أي: الظن الذي ذكره الله عن المنافقين والمشركين في سورة الفتح في قوله تعالى: {... الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ...} [الفتح: 6].
                  يُديل الباطل: أي: يجعل له الدولة والغلبة.
تعنتاً على القدر: أي: اعتراضاً وافتراضاً عليه.
فمستقلّ ومستكثر: أي: من هذا الاعتراض على القدر.
                  فإن تنج منها: أي: من هذه الخِصلة.
تنج من ذي عظيمة: أي: من أمرٍ ذي مصيبة عظيمة.
                  إخالك: بكسر الهمزة أي أظنك.
                  ناجياً: من الاعتراض على القدر.

                  تعليق


                  • #99
                    رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                    باب ما جاء في منكري القدر

                    وقال ابن عمر: "والذي نفس ابن عمر بيده؛ لو كان لأحدهم مثل أحد ذهباً، ثم أنفقه في سبيل الله: ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر".
                    ثم استدل بقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره". رواه مسلم.
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه لما كان توحيد الربوبية لا يتم إلا بإثبات القدر، والإيمان به ذكر المصنف ما جاء في الوعيد في إنكاره؛ تنبيهاً على وجوب الإيمان به.
                    ما جاء في منكري القدر: أي: من الوعيد الشديد. والقدَر: بفتح القاف والدال: ما يقدِّره الله من القضاء وما يجري في الكون.
                    أحُد: بضمَّتين جبلٌ بقرب مدينة النبي –صلى الله عليه وسلم- من جهة الشام.
                    ثم استدلّ بقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: أي: لما سأله جبريل عن الإيمان.
                    ووجه الاستدلال: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- عدّ الإيمان بالقدر من أركان الإيمان فمن أنكره لم يكن مؤمناً متقياً والله لا يقبل إلا من المتقين.
                    المعنى الإجمالي للأثر: أن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- لما بلغه أن قوماً ينكرون القدر، بين أنهم بهذا الاعتقاد الفاسد قد خرجوا من الدين؛ حيث أنكروا أصلاً من أصوله، واستدل على ذلك بحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- الذي ورد فيه أن الإيمان بالقدر أَحد أركان الإيمان الستة التي يجب الإيمان بها جميعاً؛ فمن جحد بعضَها فهو كافرٌ بالجميع.
                    مناسبة الأثر للباب: بيان حكم منكري القدر.
ما يستفاد من الأثر:
                    1- أن إنكار القدر كفرٌ.
                    2- أن الأعمال الصالحة لا تُقبل إلا من المؤمن.
                    3- الاستدلال على الأحكام من الكتاب والسنة.
                    * * *
                    وعن عبادة بن الصامت: أنه قال لابنه: يا بُنَيَّ إنك لن تجد طعم الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب، وماذا أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة". يا بنيّ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من مات على غير هذا فليس مني".
                    وفي رواية لأحمد: "إن أول ما خلق الله تعالى القلم، فقال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة".
                    وفي رواية لابن وهب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره؛ أحرقه الله بالنار".
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    التراجم:
                    1- قال لابنه: هو: الوليد بن عُبادة، وُلد في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو من كبار التابعين، ومات بعد السبعين رحمه الله.
                    2- ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم المصري الثقة الفقيه صحاب مالكٍ وُلد سنة 125هـ توفي سنة 197هـ رحمه الله.
                    طعم الإيمان: أي: حلاوته؛ فإن له حلاوة وطعماً من ذاقَهما تسلّى عن الدنيا وما عليها.
                    ما أصابك لم يكن ليخطئك... إلخ: أي: أن ما قُدِّر عليك من الخير والشر فلن يتجاوزك وما لم يقدَّر عليك فلن يصيبك.
                    سمعت رسول الله... إلخ: هذا استدلالٌ من عبادة على ما سبق.
                    إن أول ما خلق الله القلم: أي: هو أول شيء خلقه الله قبل خلق السماوات والأرض، وليس هو أول المخلوقات مطلقاً.
                    من مات على غير هذا: أي: على غير الإيمان بالقدر.
                    فليس مني: أي: أنا بريءٌ منه؛ لأنه منكِر لعلم الله القديم بأفعال العباد ومن كان كذلك فهو كافر.
                    من لم يؤمن بالقدر: أي: بما قدره الله وقضاه في خلقه.
                    أحرقه الله بالنار: لكفره وبدعته؛ لأنه جحد قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه لكل شيء وكذّب بكتبه ورسله.
                    المعنى الإجمالي للأثر: أن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- يوصي ابنه الوليد بالإيمان بالقدر خيره وشره، ويبين له ما يترتب على الإيمان به من الثمرات الطيبة والنتائج الحسنة في الدنيا والآخرة، وما يترتب على إنكار القدر من الشرور والمحاذير في الدنيا والآخرة، ويستدلّ على ما يقول بسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- التي تثبت أن الله قدّر المقادير وأمر القلم بكتابتها قبل وجود هذه المخلوقات، فلا يقع في الكون شيءٌ إلى قيام الساعة إلا بقضاءٍ وقدر.
                    مناسبة الأثر للباب: أن فيه وجوب الإيمان بالقدر، والتحذير من إنكاره والكفر به، وبيان الوعيد المترتب على ذلك.
                    ما يستفاد من الأثر:
                    1- وجوب الإيمان بالقدر.
                    2- الوعيد الشديد المترتب على إنكار القدر.
3- إثبات القلم وكتابة المقادير الماضية والمستقبلة به إلى قيام الساعة.
                    * * *
                    وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي قال: "أتيت أبي بن كعب، فقلت: في نفسي شيء من القدر؛ فحدثني بشيء، لعل الله يذهبه من قلبي. فقال: لو أنفقت مثل أحد ذهباً؛ ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا؛ لكنت من أهل النار. قال: فأتيت عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت؛ فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم-"
                    حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه.
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    التراجم: ابن الديلمي هو: عبد الله بن فيروز الديلمي ثقة من كبار التابعين. وأبوه فيروز قاتل الأسود العنسي الكذاب.
                    وفي المسند والسنن: أي: في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وابن ماجه.
                    في نفسي شيء من القدر: أي: شكٌّ واضطراب يؤدّي إلى جحد.
                    لو أنفقت... إلخ: هذا تمثيلٌ لا تحديد.
حتى تؤمن بالقدر: أي: بأن جميع الأمور كائنةٌ بقضاء الله وقدره.
                    ولو مت على غير هذا: أي: على غير الإيمان بالقدر.
                    لكنت من أهل النار: أي: لأنك جحدت ركناً من أركان الإيمان، ومن جحد واحداً منها فقد جحد جميعها.
                    المعنى الإجمالي للأثر: يخبر عبد الله بن فيروز الديلمي أنه حدَث في نفسه إشكال في أمر القدر، فخشي أن يُفضي به ذلك إلى جحوده، فذهب يسأل أهل العلم من صحابة رسول الله؛ لحل هذا الإشكال –وهكذا ينبغي للمؤمن أن يسأل العلماء عما أُشكل عليه عملاً بقول الله تعالى: {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ..} [سورة النحل: 43] فأفتاه هؤلاء العلماء كلهم بأنه لا بد من الإيمان بالقضاء والقدر. وأن من مات وهو لا يؤمن به كان من أهل النار.
                    مناسبة ذكر الأثر في الباب: بيان أن الإيمان بالقدر أمرٌ حتمٌ، وأنه هو الذي رواه الصحابة عن نبيهم –صلى الله عليه وسلم-.
ما يستفاد من الأثر:
                    1- الوعيد الشديد على من لم يؤمن بالقدر.
                    2- سؤال العلماء عما أشكل من أمور الاعتقاد وغيره.
                    3- أن من وظيفة العلماء كشفَ الشبهات ونشر العلم بين الناس.

                    تعليق


                    • رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                      باب ما جاء في المصورين

                      عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي؛ فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" أخرجاه.
                      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                      مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: لما كان التصوير وسيلة الشرك المضاد للتوحيد، ناسب أن يعقد المؤلف هذا الباب؛ لبيان تحريمه وما ورد فيه من الوعيد الشديد.
                      ما جاء في المصورين: أي: من الوعيد الشديد.
                      ومن أظلم: أي: لا أحد أظلم منه.
                      يخلق كخلقي: أي: لأن المصور يضاهي خلق الله.
                      فليخلقوا: أمرُ تعجيز وتحدّ وتهديد.
                      ذرة: هي: النملة الصغيرة.
                      أو ليخلقوا: تعجيزٌ آخر.
                      حبة: أي: حبة حنطةٍ فيها طعم ومادة نبات وإنتاج.
                      أو ليخلقوا: تعجيزٌ آخر.
                      شعيرة: نوع آخر من الحبوب.
                      المعنى الإجمالي للحديث: يروي النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ربه عز وجل أنه يقول: لا أحد أشد ظلماً ممن يصور الصور على شكل خلق الله؛ لأنه بذلك يحاول مشابهة الله في فعله، ثم يتحداه الله –عز وجل- ويبين عجزه عن أن يخلق أصغر شيء من مخلوقاته وهو الذرة، بل هو عاجز عن أن يخلق ما هو أدنى من ذلك وهو الجماد الصغير، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك كله؛ لأن الله هو المتفرد بالخلق.
                      مناسبة ذكر هذا الحديث في الباب: أنه يدل على تحريم التصوير، وأنه من أظلم الظلم.
ما يستفاد من الحديث:
                      1- تحريم التصوير، وبأي وسيلة وجد وأن المصور من أظلم الظالمين.
                      2- وصف الله أنه يتكلم.
                      3- أن التصوير مضاهاةٌ لخلق الله، ومحاولةٌ لمشاركته في الخلق.
                      4- أن القدرة على الخلق من خصائص الله سبحانه وتعالى.
                      * * *
                      ولهما عن عائشة -رضي الله عنها-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله".
                      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                      ولهما: أي: البخاري ومسلم.
                      يضاهئون بخلق الله: أي: يشابهون بما يصنعونه ما يصنعه الله.
                      المعنى الإجمالي للحديث: يخبر – صلى الله عليه وسلم- خبراً معناه: النهي والزجر، أن المصورين أشد الناس عذاباً في الدار الآخرة، لأنهم أقدموا على جريمة شنعاء وهي صناعتهم ما يشابه لخلق الله في صناعة الصور.
                      مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على شدة عقوبة المصورين، مما يفيد أن التصوير جريمة كبرى.
                      ما يستفاد من الحديث:
                      1- تحريم التصوير بجميع أشكاله وبأي وسيلة وُجد، وأنه مضاهاة لخلق الله.
                      2- أن العذاب يوم القيامة يتفاوت بحسب الجرائم.
                      3- أن التصوير من أعظم الذنوب، وأنه من الكبائر.
* * *
                      ولهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "كل مصوِّر في النار، يُجعل له بكل صورة صوَّرها نفس يُعذَّب بها في جهنم".
                      ولهما عنه مرفوعاً: "من صوّر صورة في الدنيا؛ كُلِّف أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ".
                      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                      كل مصوّر: أي: لذي روح.
                      في النار: لتعاطيه ما يشبه ما انفرد الله به من الخلق والاختراع.
                      يجعل له بكل صورة نفسٌ يعذّب بها: الباء بمعنى "في" أي: يُجعل له في كل صورة روحٌ تعذِّبه نفس الصورة التي جُعلت فيها الروح.
                      المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن مآل المصورين يوم القيامة إلى النار، يعذَّبون فيها بأشد العذاب بأن تُحضر جميع الصور التي صوَّروها في الدنيا، فيُجعل في كل صورة منها روحٌ ثم تُسلّط عليه بالعذاب في نار جهنم، فيعذب بما صنعت يده والعياذ بالله. ومن تعذيبه أيضاً أن يكلّف ما لا يطيق وهو نفخ الروح في الصورة التي صورها.
                      مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على تحريم التصوير ووعيد المصورين.
                      ما يستفاد من الحديث:
                      1- تحريم التصوير وأنه من الكبائر.
                      2- تحريم التصوير بجميع أنواعه: تماثيل أو نقوش، وسواء كان رسماً باليد أو التقاطاً بآلة التصوير الفوتوغرافية، إذا كانت الصورة من ذوات الأرواح، إلا ما دعت إليه الضرورة.
                      3- تحريم التصوير لأي غرض كان إلا لدفع ضرورة.
                      4- في الرواية الأخيرة دليلٌ على طول تعذيب المصورين وإظهار عجزهم.
                      5- فيها أن الخلق ونفخ الروح لا يقدر عليهما إلا الله تعالى.
* * *
                      ولمسلم عن أبي الهيَّاج؛ قال: قال لي عليّ –رضي الله عنه-: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مُشْرِفاً إلا سويته".
                      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                      التراجم: أبو الهيّاج هو: حيَّان بن حُصين الأسدي تابعيّ ثقة.
                      ألا: أداة تنبيه.
                      أبعثك: أوجِّهك.
                      لا تدع: لا تترك.
                      إلا طمستها: أي: أزلتها ومحوتها.
                      مشرفاً: أي: مرتفعاً.
                      إلا سوَّيته: أي: جعلته مساوياً للأرض.
                      المعنى الإجمالي للحديث: يعرض أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- على أبي الهياج أن يوجهه إلى القيام بالمهمة التي وجّهه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للقيام بها وهي: إزالة الصور ومحوُها؛ لما فيها من المضاهاة لخلق الله والافتتان بها بتعظيمها؛ مما يؤول بأصحابها إلى الوثنية.
                      وتسوية القبور العالية حتى تصير مساوية للأرض؛ لما في تعلِيتها من الافتتان بأصحابها واتخاذهم أنداداً لله في العبادة والتعظيم.
                      مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على وجوب طمس الصور وإتلافها.
                      ما يستفاد من الحديث:
                      1- تحريم التصوير ووجوب إزالة الصور ومحوها بجميع أنواعها.
                      2- التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ العلم.
                      3- تحريم رفع القبور ببناءٍ أو غيره؛ لأنه من وسائل الشرك.
                      4- وجوب هدم القباب المبنية على القبور.
                      5- أن التصوير مثل البناء على القبور وسيلة إلى الشرك.

                      تعليق


                      • رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                        باب ما جاء في كثرة الحلف
                        وقول الله تعالى: {..وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ..} [المائدة: 89].
                        عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "الحلِف مَنْفَقَة للسلعة مَمْحقة للكسْب" أخرجاه.
                        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن من كمال التوحيد احترام اسم الله وعدم امتهانه بكثرة الحلف؛ لأن ذلك يدل على الاستخفاف به وعدم التعظيم له.
                        ما جاء في كثرة الحلف: أي: من النهي عنه، والحلِف: بفتح الحاء وكسر اللام: اليمين.
                        واحفظوا أيمانكم: أي: لا تحلفوا، وقيل: لا تتركوها بغير تكفير، وقيل: لا تحنثوا.
                        منفَقَة: بفتح الميم والفاء مفعَلةٌ من النَّفاق بفتح النون وهو: الرواج.
                        للسلعة: بكسر السين: المتاع.
                        ممحَقة: بفتح الميم والحاء من المحق وهو: النقص والمحو.
                        المعنى الإجمالي للحديث: يحذر –صلى الله عليه وسلم- من التهاون بالحلف وكثرة استعماله؛ لترويج السلع وجلب الكسب، فإن الإنسان إذا حلف على سلعة أنه أُعطي فيها كذا وكذا أو أنه اشتراها بكذا وهو كاذب فقد يظنه المشتري صادقاً فيما حلف عليه فيأخذها بزيادة على قيمتها تأثراً بيمين البائع، وهو إنما حلف طمَعاً في الزيادة؛ فيكون قد عصى الله، فيعاقب بمحق البركة.
                        مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من استعمال الحلف؛ لأجل ترويج السلع، وبيان ما يترتب على ذلك من الضرر.
                        ما يستفاد من الحديث:
                        1- التحذير من استعمال الحلف؛ لأجل ترويج السلع؛ لأن ذلك امتهانٌ لاسم الله تعالى وهو ينقص التوحيد.
                        2- بيان ما يترتب على الأيمان الكاذبة من المضارّ.
                        3- أن الكسب الحرام وإن كثُرت كمّيته فإنه منزوع البركة لا خير فيه.
                        * * *
                        وعن سلمان -رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أُشَيْمِط زانٍ، وعائل مستكبِر، ورجل جعل اللهَ بضاعتَه، لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه" رواه الطبراني بسند صحيح.
                        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        التراجم: سلمان لعله أبو عبد الله: سلمان الفارسي، أصله من أصبهان أو رام هرمز، أسلم عند قدوم النبي –صلى الله عليه وسلم- المدينة وشهد الخندق وغيرَها توفي سنة 36هـ رضي الله عنه.
                        لا يكلِّمهم الله: هذا وعيد شديدٌ في حقهم؛ لأنه سبحانه يكلم أهل الإيمان.
                        ولا يزكِّيهم: أي: لا يثني عليهم ولا يطهرهم من دنَس الذنوب.
                        ولهم عذاب أليم: مُوجِع؛ لأنهم لما عظُم ذنبهم عظُمت عقوبتهم.
                        أُشيمِط: تصغير أشمط وهو الذي في شعره شمَطٌ أي شيْبٌ وصغِّر تحقيراً له.
                        زانٍ: أي: يرتكب فاحشة الزنا مع كِبَر سنِّه.
                        وعائلٌ مستكبِر: العائل: الفقير أي: يتكبَّر مع أنه فقير، والكِبر: بطَر الحق وغمط الناس.
                        جعل الله بضاعتَه: أي: جعل الحلف بالله بضاعةً له؛ لكثرة استعماله في البيع والشراء.
                        المعنى الإجمالي: يخبر –صلى الله عليه وسلم- عن ثلاثة أصنافٍ من العصاة يُعاقبون أشد العقوبة، لشناعة جرائمهم.
أحدهم: من يرتكب فاحشة الزنا مع كِبَر سنه؛ لأن داعي المعصية ضعيفٌ في حقّه، فدل على أن الحامل له على الزنا محبة المعصية والفجور، وإن كان الزنا قبيحاً من كل أحد، فهو من هذا أشد قُبحاً.
                        الثاني: فقيرٌ يتكبر على الناس، والكِبْر وإن كان قبيحاً من كل أحد، لكن الفقير ليس له من المال ما يدعوه إلى الكِبْر فاستكباره مع عدم الداعي إليه يدل على أن الكِبْر طبيعةٌ له.
                        الثالث: من يجعل الحلف بالله بضاعةً له يكثر من استعماله في البيع والشراء فيمتَهِن اسم الله ويجعله وسيلةً لاكتساب المال.
                        مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من كثرة الحلف في البيع والشراء.
                        ما يستفاد من الحديث:
                        1- التحذير من كثرة استعمال الحلف في البيع والشراء، والحث على توقير اليمين واحترام أسماء الله سبحانه.
                        2- إثبات الكلام لله وأنه يكلِّم من أطاعه ويكرمُه بذلك.
                        3- التحذير من جريمة الزنا لا سيما من كبير السن.
                        4- التحذير من الكِبْر لا سيما في حق الفقير.
* * *
                        وفي الصحيح عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنِه مرتين أو ثلاثاً. "ثم إن بعدكم قوماً يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن".
                        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        في الصحيح: أي في صحيح مسلم.
                        قرني: أي: أهل قرني وهم الصحابة، والقرن: كل طبقة من الناس مقترنين في وقت.
ثم الذين يلونهم: وهم التابعون.
                        ثم الذين يلونهم: وهم تابعو التابعين
                        يشهدون: أي: شهادة الزور.
                        ولا يُستشهدون: أي: لا يُطلب منهم الشهادة؛ لفسقِهم أو لاستخفافهم بأمرها وعدم تحرِّيهم الصدق.
                        ويخونون: أي: يخونون من ائتمنهم.
                        ولا يُؤتمنون: أي: لا يأتمنهم الناس لظهور خيانتهم.
                        وينذُرون لا يوفون: أي: لا يؤدون ما وجب عليهم بالنذر.
                        ويظهر فيهم السمن: السمن كثرة اللحم، وذلك لتنعمهم وغفلتهم عن الآخرة.
                        المعنى الإجمالي: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن خير هذه الأمة القرون الثلاثة وهم: الصحابة، والتابعون، وأتباع التابعين؛ لظهور الإسلام فيهم، وقُربهم من نور النبوة. ثم بعد هذه القرون المفضلة يحدث الشر في الأمة، وتكثر البدع، والتهاون بالشهادة، والاستخفاف بالأمانة والنذور، والتنعم في الدنيا، والغفلة عن الآخرة؛ وظهور هذه الأعمال الذميمة يدل على ضعف إسلامهم.
                        مناسبة الحديث للباب: أن فيه ذم الذين يتساهلون بالشهادة وهي نوعٌ من اليمين.
                        ما يستفاد من الحديث:
                        1- فضل القرون الثلاثة أو الأربعة: الصحابة والتابعين وأتباعهم.
                        2- ذم التسرع في الشهادة.
                        3- ذم التهاون بالنذور ووجوب الوفاء بها.
                        4- ذم الخيانة في الأمانة والحث على أدائها.
                        5- ذم التنعم والرغبة في الدنيا والإعراض عن الآخرة.
                        6- علَم من أعلام نبوته –صلى الله عليه وسلم- حيث أخبر بالشيء قبل وقوعه فوقع كما أخبر.

                        تعليق


                        • رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                          وفيه عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادةُ أحدهم يمينَه، ويمينُه شهادتَه".
                          قال إبراهيم: "كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار".
                          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                          التراجم: إبراهيم هو: أبو عمران إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي من التابعين ومن فقهائهم، مات سنة 96هـ رحمه الله.
                          تسبق شهادة أحدهم يمينه... إلخ: أي: يجمع بين اليمين والشهادة، فتارةٌ تسبق هذه وتارةٌ تسبق هذه.
                          كانوا: أي: التابعون.
                          يضربوننا على الشهادة... إلخ: أي: لئلا يعتادوا إلزام أنفسهم بالعهود؛ لما يلزم الحالف من الوفاء، وكذا الشهادة لئلا يسهل عليهم أمرها.
                          المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن خير هذه الأمة القرون الثلاثة، ثم يأتي من بعدهم قوم يتساهلون في الشهادة واليمين؛ لضعف إيمانهم، فيخفّ عليهم أمر الشهادة واليمين تحمّلاً وأداءً؛ لقلة خوفهم من الله وعدم مبالاتهم بذلك".
                          ويخبر إبراهيم النخَعي عن التابعين أنهم يلقِّنون صغارهم تعظيم الشهادة والعهد؛ لينشأوا على ذلك ولا يتساهلوا فيهما.
                          مناسبة الحديث للباب: أن فيه التحذير من التساهل باليمين والشهادة.
                          ما يستفاد من الحديث:
                          1- أن القرون المفضلة ثلاثةٌ، وأنهم خير هذه الأمة.
                          2- ذمّ التسرع في الشهادة واليمين.
                          3- علمٌ من أعلام نبوّته –صلى الله عليه وسلم- فإنه وُجد ما أخبر به.
                          4- عناية السلف بتربية الصغار وتأديبهم.

                          تعليق


                          • رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                            باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه

                            وقول الله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} الآية.
                            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                            تمام الآية: {وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91].
                            مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: التنبيه على أن الوفاء بالعهود تعظيمٌ لله، وعدم الوفاء بها عدم تعظيمٍ له؛ فهو قدحٌ في التوحيد.
                            ما جاء في ذمة الله: ذمةُ الله هي: العهد، وفيه الحث على حفظها والوفاء بها إذا أُعطيت لأحد.
                            وأوفوا بعهد الله: بالالتزام بمُوجِبه من عقود البيعة والأيمان وغيرها.
                            ولا تنقُضُوا الأيمان: أي: أيمان البيعة أو مطلَق الأيمان.
                            بعد توكيدها: أي: بعد توثيقها بذكر الله تعالى.
                            وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً: أي: شاهداً عليكم بتلك البيعة.
                            إن الله يعلم ما تفعلون: أي: من نقض الأيمان والعهود وهذا تهديد.
                            المعنى الإجمالي للآية: يأمر تعالى بالوفاء بالعهود والمواثيق؛ والمحافظة على الأيمان المؤكّدة بذكره؛ لأنهم بذلك جعلوه سبحانه شاهداً ورقيباً عليهم؛ وهو سبحانه يعلم أفعالَهم وتصرفاتِهم وسيُجازيهم عليها.
                            مناسبة الآية للباب: أنها تدل على وجوب الوفاء بالعهود، ومنها ما يجري بين الناس من إعطاء الذمة؛ فإنها يجب الوفاء بها؛ لأنها فردٌ من أفراد معنى الآية.
                            ما يستفاد من الآية:
                            1- وجوب الوفاء بالعهود والمواثيق.
                            2- تحريم نقض العهود والأيمان الداخلة في العهود والمواثيق.
                            3- إثبات العلم لله سبحانه وأنه لا يخفى عليه شيء.
                            4- وعيد من نقض العهود والمواثيق.

                            تعليق


                            • رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                              عن بريدة -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أمَّر أميراً على جيش أو سَرِيَّة؛ أوصاه بتقوى الله –تعالى- ومن معه من المسلمين خيراً، فقال: "اغزُوا بسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا، ولا تغُلُّوا، ولا تغدِروا، ولا تُمَثِّلوا، ولا تقتلوا وليداً.
                              وإذا لقِيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خلال "أو خصال" فأيَّتُهُنَّ ما أجابوك: فاقبل منهم وكُفَّ عنهم: ثم ادعُهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبِرهم أنهم إن فعلوا ذلك؛ فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها؛ فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيءٌ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا؛ فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك؛ فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا؛ فاستعن بالله وقاتلهم.
                              وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل ذمة الله وذمة نبيه؛ فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك؛ فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة نبيه.
                              وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله؛ فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا" رواه مسلم.
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                              أمَّر أميراً: أي: جعل شخصاً أميراً.
                              على جيشٍ: أي: جنود كثيرة.
                              أو سرية: هي: القطعة من الجيش تخرج منه وتغير وترجع إليه.
                              ومن معه: أي: بمن معه.
                              خيراً: أي: أن يفعل بهم خيراً.
                              اغزوا: أي: اشرعوا في فعل الغزو.
                              في سبيل الله: أي: في طاعته ومن أجله.
                              من كفر بالله: أي: لأجل كفرهم وخص منه من لا يجوز قتلُه من الكفار كالنساء ومن له عهد... إلخ.
                              ولا تغلوا: الغلول: الأخذ من الغنيمة قبل قسمها.
                              ولا تغدروا: أي: لا تنقضوا العهد.
                              ولا تمثِّلوا: التمثيل: تشويه القتيل بقطع أعضائه.
                              وليداً: هو: الصبيّ والعبد.
                              ثلاث خلال أو خصال: شكٌّ من الراوي ومعناهما واحد.
                              فاقبل منهم: أي: اقبل منهم الإسلام وكفّ عنهم القتال.
                              دار المهاجرين: يعني: المدينة إذ ذاك.
                              فلهم ما للمهاجرين: أي: في استحقاق الفيء والغنيمة.
                              ما على المهاجرين: من الجهاد وغيره.
كأعراب المسلمين: الساكنين في البادية من غير هجرة ولا غزو.
                              فاسألهم الجزية: أي: اطلب منهم أن يدفعوا الجزية، وهي مالٌ يؤخذ من الكفار على وجه الصغار والذلة لهم، واشتقاقها من الجزاء كأنها جزاءٌ عن القتل.
                              فإن أبَوا: أي امتنعوا عن الدخول في الإسلام ودفع الجزية.
                              حاصرت أهل حصن: الحصن: كل مكان محميّ محرز، وحاصرتهم: ضيقت عليهم وأحطت بهم.
                              ذمة الله وذمة نبيه: الذمة هنا العهد.
                              أن تُخفروا ذممكم: أي: تنقضوا عُهودكم.
                              المعنى الإجمالي للحديث: يذكر لنا هذا الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب رضي الله عنه ما كان يفعله النبي –صلى الله عليه وسلم- عندما يرسل الجيوش والسرايا للقتال في سبيل الله، أنه كان يوصي القواد بالتحرز بطاعة الله من عقوبته بالتزام التقوى، ويأمرهم بالشروع في الغزو مستعينين بالله ليقاتلوا الكفار؛ لإزالة كفرهم حتى يكون الدين كله لله، وينهاهم عن الخيانة في العهود والأخذ من المغانم قبل قسمتها، وعن تشويه القتلى وقتل من لا يستحق القتل من الولدان. وعندما يلاقون عدوهم فإنهم يخيِّرونهم بين ثلاثة أمور: إما أن يدخلوا في الإسلام، وإما أن يؤدوا الجزية، وإما أن يقاتلوهم.
                              فإن دخلوا في الإٍسلام خُيروا بين أمرين: إما الانتقال إلى دار الهجرة، ولهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، وإما البقاء مع أعراب المسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم. ثم يوصي –صلى الله عليه وسلم- القواد عندما يحاصرون الكفّار في معاقِلهم؛ فيطلب الكفّار منهم أن يجعلوا لهم عهد الله وعهد نبيه أن لا يجعلوا لهم ذلك، ولكن يجعلوا لهم عهدهم هم؛ فإنّ نقض عهد الله وعهد رسوله أعظم جُرماً من نقض عهودهم. وإذا طلبوا منهم النزول على حكم الله فلا يجيبوهم بل ينزلونهم على حكمهم هم واجتهادهم؛ خشية أن لا يُصيبوا حكم الله تعالى، فينسبون إلى الله ما هو خطأ.
                              مناسبة ذكر الحديث في الباب: أن فيه النهيَ عن إعطاء ذمة الله وذمة رسوله للكفار؛ خشية عدم الوفاء بذلك، فتكون الجريمة عظيمة، ويكون ذلك هضماً لعهد الله، ونقصاً في التوحيد.
                              ما يستفاد من الحديث:
                              1- مشروعية بعْث السرايا والجيوش للجهاد في سبيل الله.
                              2- أنه يجب أن يكون القتال لإعلاء كلمة الله ومحو آثار الكفر من الأرض لا لنيل الملك وطلب الدنيا، أو نيل الشهرة.
                              3- مشروعية تنصيب الأمراء على الجيوش والسرايا.
                              4- أنه يشرع لولي الأمر أن يوصي القوّاد ويوضح لهم الخطة التي يسيرون عليها في جهادهم.
                              5- أن الجهاد يكون بإذن ولي الأمر وتنفيذه.
                              6- مشروعية الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.
                              7- مشروعية أخذ الجزية من جميع الكفار.
                              8- النهي عن قتل الصبيان.
                              9- النهي التمثيل بالقتلى.
                              10- النهي عن الغلول والخيانة في العهود.
                              11- احترام ذمة الله وذمة نبيه والفرق بينهما وبين ذمة المسلمين.
                              12- طلب الاحتياط عن الوقوع في المحذور.
                              13- أن المجتهد يخطئ ويصيب والفرق بين حكم الله وحكم العلماء.
                              14- الإرشاد إلى ارتكاب أقل الأمرين خطراً.
                              15- مشروعية الاجتهاد عند الحاجة.

                              تعليق


                              • رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                                باب ما جاء في الإقسام على الله

                                عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "قال رجل: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله عز وجل: من ذا الذي يتألَّى عليّ أن لا أغفر لفلان؟!
                                إني قد غفرت له وأحبطت عملَك" رواه مسلم.
                                وفي حديث أبي هريرة أن القائل رجل عابد".
                                قال أبو هريرة: "تكلم بكلمة أَوبَقَتْ دنياه وآخرتَه".
                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                مناسبة ذكر هذا الباب في كتاب التوحيد: أن الإقسام على الله إذا‎ ‎كان على وجه الحجر على الله فهو منافٍ للتوحيد؛ لأنه من سوء الأدب مع الله تعالى.
                                ما جاء في الإقسام على الله: أي: من الأدلة على تحريم ذلك.
                                من ذا الذي؟: استفهام إنكار.
                                يتألى علي: أي: يحلف، والأليّة: بتشديد الياء: الحلف.
                                أحبطت عملك: أي: أهدرته.
                                أوبَقَت: أي: أهلكت.
                                المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- على وجه التحذير من خطر اللسان، أن رجلاً حلف أن الله لا يغفر لرجلٍ مذنبٍ؛ فكأنه حكم على الله وحجر عليه؛ لما اعتقد في نفسه عند الله من الكرامة والحظّ والمكانة، ولذلك المذنب من الإهانة، وهذا إدلالٌ على الله وسوءُ أدب معه، أوجب لذلك الرجل الشقاءَ والخسران في الدنيا والآخرة.
                                مناسبة ذكر الحديث في الباب: أنه يدل على تحريم الإقسام على الله على وجه الحجر على الله والإعجاب بالنفس؛ وذلك نقصٌ في التوحيد.
                                ما يستفاد من الحديث:
                                1- تحريم الإقسام على الله إلا إذا كان على وجه حسنِ الظنّ به وتأميل الخير منه.
                                2- وجوب حسن الأدب مع الله.
                                3- شدة خطر اللسان ووجوب حفظه.


                                تعليق

                                يعمل...
                                X