إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

    ولهما عن سهل بن سعد -رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه، يفتح الله على يديه"، فبات الناس يدُوكُون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- كلُّهم يرجو أن يعطاها. فقال: "أين علي بن أبي طالب؟" فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه فأُتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية وقال: "انفُذ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمْر النَّعم".
    يدوكون أي: يخوضون
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    سهل بن سعد: هو سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي صحابي شهير مات سنة 88هـ، وقد جاوز المائة.
    ولهما: أي البخاري ومسلم في صحيحيهما.
    يوم خيبر: أي يوم حصار خيبر سنة 7هـ.
    الراية: علم الجيش الذي يرجعون إليه عند الكر والفر.
    يفتح الله على يديه: إخبارٌ على وجه البشارة بحصول الفتح.
    ليلتَهم: منصوب على الظرفية.
    أيُّهم: برفع (أي) على البناء لإضافتها وحذف صدرِ صلتها.
    علي بن أبي طالب: هو ابن عم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وزوج ابنته فاطمة والخليفة الرابع من أسبق السابقين إلى الإسلام وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم أجمعين قتل سنة 40هـ.
    يشتكي عينيه: أي تؤلمانه من الرمد.فبَرَأ: بفتح الباء على وزن ضَرَبَ، ويجوز كسرها على وزن علِم، أي عوفي عافية كاملة.
    أعطاه الراية: دفعها إليه.
    انفُذْ: أي امض لوجهِك.
    على رسْلِك: على رِفْقِك من غير عجَلة.بساحتهم: بفناء أرضهم وما قرُب من حصونهم.
    إلى الإسلام: وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله.وأخبرهم... إلخ: أي أنهم إن أجابوك إلى الإسلام الذي هو التوحيد، فأخبرهم بما يجب عليهم بعد ذلك من حق الله في الإسلام من الصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك.
    لأن يهدي الله: في تأويل مصدر مبتدأ خبرُه (خير).
    حمُر النَّعم: أي الإبل الحمر، وهي أنفس أموال العرب.
    المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- بشّر الصحابة بانتصار المسلمين على اليهود من الغد على يد رجل له فضيلةٌ عظيمة وموالاة لله ولرسوله فاستشرف الصحابة لذلك، كلٌّ يود أن يكون هو ذلك الرجل من حرصهم على الخير، فلما ذهبوا على الموعد طلب النبي –صلى الله عليه وسلم- علياً وصادف أنه لم يحضر لِما أصابه من مرض عينيه، ثم حضر فتفل النبي –صلى الله عليه وسلم- فيهما من ريقه المبارك فزال ما يحس به من الألم زوالاً كاملاً وسلَّمه قيادة الجيش، وأمره بالمضي على وجهه برفق حتى يقرب من حصن العدو فيطلب منهم الدخول في الإسلام، فإن أجابوا أخبرهم بما يجب على المسلم من فرائض، ثم بين –صلى الله عليه وسلم- لعلي فضل الدعوة إلى الله وأن الداعية إذا حصل على يديه هداية رجل واحد فذلك خير له من أنفس الأموال الدنيوية، فكيف إذا حصل على يديه هداية أكثر من ذلك.
    مناسبة الحديث للباب: أن فيه مشروعية الدعوة إلى الإسلام الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وبيان فضل الدعوة إلى ذلك.
    ما يستفاد من الحديث:
    1- فضيلةٌ ظاهرة لعلي بن أبي طالب –رضي الله عنه-، وشهادةٌ من الرسول –صلى الله عليه وسلم- له بموالاته لله ولرسوله وإيمانه ظاهراً وباطناً.
    2- إثبات أن الله يحب أولياءه محبة تليق بجلاله كسائر صفاته المقدسة الكريمة.
    3- حرص الصحابة على الخير وتسابقهم إلى الأعمال الصالحة رضي الله عنهم.
    4- مشروعية الأدب عند القتال وترك الطيش والأصوات المزعجة التي لا حاجة إليها.
    5- أمر الإمام عماله بالرفق واللين من غير ضعف ولا انتقاص عزيمة.
    6- وجوب الدعوة إلى الإسلام لا سيما قبل قتال الكفار.
    7- أن من امتنع من قبول الدعوة من الكفار وجب قتاله.
    8- أن الدعوة تكون بالتدريج فيطلب من الكافر أولاً الدخول في الإسلام بالنطق بالشهادتين، ثم يُؤمر بفرائض الإسلام بعد ذلك.
    9- فضل الدعوة إلى الإسلام وما فيها من الخير للمدعو والداعي، فالمدعو قد يهتدي والداعي يُثاب ثواباً عظيماً، والله أعلم.
    10- دليلٌ من أدلة نبوة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وذلك ببشارته بالفتح قبل وقوعه وبراءة الألم بريقه.11- الإيمان بالقضاء والقدر، لحصول الراية لمن لم يسْع إليها ومنْعها ممن سعى إليها.
    12- أنه لا يكفي التسمي بالإسلام بل لا بد من معرفة واجباته والقيام بها.

    تعليق


    • #17
      رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

      باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله

      وقول الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء: 57]
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      مناسبة الباب لكتاب التوحيد: لما ذكر المصنف رحمه الله في الأبواب السابقة التوحيد وفضائله والدعوة إليه والخوف من ضده الذي هو الشرك، بين رحمه الله في هذا الباب معناه؛ لأن بعض الناس يخطئ في فهم معناه فيظن أن معناه الإقرار بتوحيد الربوبية فقط، وهذا ليس هو المراد بالتوحيد وإنما المراد به ما دلت عليه النصوص التي ساق المصنف رحمه الله طرفاً منها في هذا الباب من أنه إفراد الله بالعبادة والخلوص من الشرك.
      وعطَف شهادة أن لا إله إلا الله على التوحيد ليبين أن معناهما واحدٌ لا اختلاف فيه.
      يدعون: أي يدعونهم من دون الله وهم الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم فالضمير الفاعل يدْعون راجعٌ إلى الكفار.
      يبتغون: أي يطلبون والضمير الفاعل فيه راجعٌ إلى المدعوين من الملائكة ونحوهم.
      الوسيلة: ما يتقرب به إلى الله، فمعنى توسل إلى الله عمل عملاً يقربه إليه.
ويرجون رحمته: أي لا يرجون أحداً سواه.
      ويخافون عذابه: أي: لا يخافون أحداً سواه.
      المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه وتعالى يخبر أن هؤلاء الذين يدعوهم المشركون من دون الله من الملائكة والأنبياء والصالحين يبادرون إلى طلب القربة إلى الله فيرجون رحمته ويخافون عذابه، فإذا كانوا كذلك كانوا جملة من العبيد فكيف يُدعون مع الله تعالى، وهم مشغولون بأنفسهم يدعون الله ويتوسلون إليه بعبادته.
      مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو ترك ما عليه المشركون من دعوة الصالحين والاستشفاع بهم إلى الله في كشف الضر أو تحويله؛ لأن ذلك هو الشرك الأكبر.
      ما يستفاد من الآية:
      1- الرد على الذين يدعون الأولياء والصالحين في كشف الضر أو جلب النفع بأن هؤلاء المدعوين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاًَ فكيف يملكون ذلك لغيرهم.
      2- بيان شدة خوف الأنبياء والصالحين من الله وبيان رجائهم لرحمته.
      * * *
      وقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} [الزخرف: 26، 27].
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      براءٌ مما تعبدون: أي بريءٌ من جميع معبوداتكم.
      إلا الذي فطرني: أي خلقني وهو الله فهو معبودي وحده.
      المعنى الإجمالي للآية: أنه يخبر سبحانه عن عبده ورسوله وخليله أنه تبرَّأ من كل ما يعبد أبوه وقومه، ولم يستثن إلا الذي خلقه وهو الله، فهو يعبده وحده لا شريك له.
      مناسبة الآية للباب: أنها دلَّت على أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله هو البراءة من الشرك وإفراد الله بالعبادة. فإن لا إله إلا الله تشتمل على النفي الذي عبَّر عنه الخليل بقوله: {إِنَّنِي بَرَاء}، والإثبات الذي عبَّر عنه بقوله: {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي}.
      ما يستفاد من الآية:
      1- أن معنى لا إله إلا الله توحيدُ الله بإخلاص العبادة له والبراءة من عبادة كل ما سواه.
      2- إظهار البراءة من دين المشركين
      3- مشروعية التبري من أعداء الله ولو كانوا أقرب الناس.
      * * *
      وقوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31]
      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      فقد فسَّر هذه الآية رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لعدي بن حاتم عندما دخل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ هذه الآية، فقال عدي: إنهم لم يعبدوهم؟! فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "بلى إنهم حرّموا عليهم الحلال وحلّلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم".
      اتخذوا: أي جعل اليهود النصارى
      أحبارهم: أي علماءهم.
      ورهبانهم: أي عبّادهم.
      أرباباً: أي مشرِّعين لهم يحلِّلون ويحرِّمون؛ لأن التشريع من خصائص الرب فمن أطاع مخلوقاً فيه فقد اتخذه رباً.
      والمسيح ابن مريم: أي واتخذوا عيسى عليه السلام رباً بعبادتهم له.سبحانه عما يشركون: أي تنزه الله تعالى وتقدّس عن الشركاء والنُّظراء.المعنى الإجمالي للآية: يخبر الله سبحانه عن اليهود والنصارى أنهم استنصحوا الرجال من العلماء والعباد فأطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحله، فنزَّلوهم بذلك منزلة الرب الذي من خصائصه التحليل والتحريم، كما عبد النصارى عيسى وزعموا أنه ابنُ الله، فنبذوا كتاب الله الذي أمرهم فيه بطاعته وحده وعبادته وحده –وهذا إخبار منه سبحانه يتضمن إنكار ما فعلوه- ولذلك نزَّه نفسه عما يتضمنه هذا الفعل من الشرك به.
      مناسبة الآية للباب: أنها دلت على أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفرادَ الله بالطاعة في تحليل ما أحل وتحريم ما حرم، وأن من اتخذ شخصاً من دون الله يحلل ما أحل ويحرم ما حرَّم فهو مشرك.
      ما يستفاد من الآية:
      1- أن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله طاعةَ الله في التحليل والتحريم.2- أن من أطاع مخلوقاً في تحليل الحرام وتحريم الحلال فقد اتخذه شريكاً لله.
      3- الرد على النصارى في اعتقادهم في المسيح عليه السلام وبيانُ أنه عبدُ الله.
      4- تنزيه الله عن الشرك.

      تعليق


      • #18
        رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

        وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165].
        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
        من الناس: فريقٌ من الناس.
        من دون الله: أي غير الله.
        أنداداً: أي أمثالاً ونظراء.
        يحبونهم: المحبة إرادة ما تراه أو تظنه خيراً والرغبة فيه.
        كحب الله: أي يسوونهم به في المحبة المقتضية للذل للمحبوب والخضوع له.ولو يرى: لو يعلم.
        إذ يرون العذاب: وقت ما يعايِنونه.
        أن القوة لله: لأن القدرة والغلبة له وحده.
        المعنى الإجمالي للآية: ذكر الله سبحانه وتعالى حال المشركين به في الدنيا ومآلهم في الآخرة حيث جعلوا لله أمثالاً ونظراءَ ساوُوهم به المحبة، ثم ذكر حال المؤمنين الموحديث أنهم يحبون الله حباً يفوق حب أصحاب الأنداد لأندادهم أو يفوق حب أصحاب الأنداد لله، لأن حب المؤمنين لله خالص، وحب أصحاب الأنداد لله مشترك، ثم توعّد هؤلاء المشركين به بأنهم لو علموا ما يعايِنون يوم القيامة وما يحل بهم من الأمر الفظيع والعذاب الشديد على شركهم وتفرُّد الله سبحانه بالقدرة والغلبة دون أندادهم لانتهوا عما هم فيه من الضلال، لكنهم لم يتصوروا ذلك ويؤمنوا به.
        مناسبة الآية للباب: أنها من النصوص المبينة لتفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله. حيث دلّت على أن من اتخذ نِداً مع الله يحبه كمحبة الله فقد أشرك، فعُلم أن معنى التوحيد أن يُفرد الرب بهذه المحبة التي تستلزم إخلاص العبادة له وحده والذل والخضوع له وحده.
        ما يستفاد من الآية:
        1- أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفرادُ الله تعالى بالمحبة المقتضية للذل والخضوع.
        2- أن المشركين يحبون الله حباً عظيماً ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، لأنهم أشركوا معه غيره فيها.
        3- أن الشرك ظلم.
        4- الوعيد للمشركين يوم القيامة.
        * * *
        وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قال لا إله إلا الله وكَفَر بما يُعبد من دون الله حرُم ماله ودمه وحسابُه على الله عز وجل"
        وشرحُ هذه الترجمة ما بعدَها من الأبواب.
        في الصحيح: أي صحيح مسلم.
        حرم ماله ودمه: أي مُنع أخذ ماله وقتله بناء على ما ظهر منه.
        وحسابه على الله: أي الله تعالى هو الذي يتولى حسابَ من تلفَّظ بهذه الكلمة، فيجازيه على حسب نيته واعتقاده.
        الترجمة: ترجمة الكتاب والباب فاتحتُه. والمراد بها هنا قولُه: باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.المعنى الإجمالي للحديث: يبين –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث أنه لا يحرُم قتلُ الإنسان وأخذُ ماله إلا بمجموع أمرين:
        الأول: قول لا إله إلا الله.
        الثاني: الكفر بما يُعبد من دون الله.فإذا وُجد هذان الأمران وجب الكفُّ عنه ظاهراً وتفويضُ باطنه إلى الله، فإن كان صادقاً في قلبه جازاه بجنات النعيم، وإن كان منافقاً عذّبه العذاب الأليم، وأما في الدنيا فالحكم على الظاهر.
        مناسبة الحديث للباب: أنه من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله وأنه الكفر بما يُعبد من دون الله.
        ما يستفاد من الحديث:
        1- أن معنى: لا إله إلا الله هو الكفر بما يعبد من دون الله من الأصنام والقبور وغيرها.
        2- أن مجرد التلفظ بلا إله إلا الله مع عدم الكفر بما يُعبد من دون الله لا يحرِّم الدم والمال ولو عرَف معناها وعمل به. ما لم يضف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله.
        3- أن من أتى بالتوحيد والتزم شرائعه ظاهراً وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك.
        4- وجوب الكف عن الكافر إذا دخل شرائعه ظاهرا وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك.
        5- أن الإنسان قد يقول: لا إله إلا الله ولا يكفر بما يُعبد من دونه.
        6- أن الحكم في الدنيا على الظاهر، وأما في الآخرة فعلى النيات والمقاصد.
        7- حرمة مال المسلم ودمه إلا بحق.

        ومعنى قول المصنف: "وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الأبواب"
        أن ما يأتي بعد هذا الباب من الأبواب في ما يبين التوحيد ويوضح معنى "لا إله إلا الله" وبيان أشياء كثيرة من الشرك الأصغر والأكبر وما يوصل إلى ذلك من الغلو والبدع مما يجب تركه من مضمون لا إله إلا الله.

        تعليق


        • #19
          رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

          باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه

          وقول الله تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38].
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أنه يتضمن ذكر شيء مما يضاد التوحيد، وهو التماس رفع الضر أو دفعه من غير الله للتحذير منه، فإن التوحيد يُعرف بضده.
          من الشرك: من تبعيضية: أي من الشرك الأكبر إن اعتقد أن هذه الأشياء تنفع أو تضر بذاتها، أو من الشرك الأصغر إن اعتقد أنها سببٌ للنفع والضر.
          الحلقة: كل شيء مستدير.
          ونحوهما: من كل ما يُلبس أو يُعلَّق لهذا الغرض.
          رفع البلاء: إزالته بعد نزوله.
          ودفعه: منعه قبل نزوله.
          أفرأيتم: أخبروني.
          ما تدعون: تسألونه جلب الخير ودفع الضر.
          من دون الله: غيره من الأنداد والآلهة.بضر: بمرضٍ أو فقرٍ أو بلاءٍ أو شدة.هل هن كاشفات ضُره: أي لا تقدر على ذلك.
          برحمة: أي: بصحة وعافية وخير وكشف بلاء.
          حسبي الله: أي الله كافيني وكافي من توكل عليه.
          المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه محمداً – صلى الله عليه وسلم- أن يسأل المشركين سؤالَ إنكار عن أصنامهم التي يعبدونها مع الله هل تقدرُ على النفع والضر؟ فلا بد أن يعترفوا بعجزِها عن ذلك، فإذا كان كذلك بطلت عبادتُها من دون الله.مناسبة الآية للباب: أن فيها دليلاً على بطلان الشرك. ولبس الحلقة والخيط من ذلك، لا يكشف الضر ولا يمنع منه.ما يستفاد من الآية:
          1- بطلان الشرك لأن كل ما يعبد من دون الله، لا يملك ضراً ولا نفعاً لعابده.2- التحذير من لبس الحلقة والخيط وغيرها لجلب النفع أو دفع الضر، لأنه شرك من جنس ما يراد من الأصنام.3- مشروعية مناظرة المشركين لإبطال الشرك.
          4- وجوب الاعتماد على الله وحده وتفويض الأمور كلها إليه.
          * * *
          عن عمران بن حصين: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً في يده حلقة من صُفْر، فقال: "ما هذه؟" قال: مِن الواهِنة. فقال: "انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهْناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً" رواه أحمد بسند لا بأس به.
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          عمران: هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي، صحابيٌ ابن صحابي، أسلم عام خيبر ومات سنة 52هـ بالبصرة.
          ما هذه؟ استفهام إنكار.
          الواهنة: نوعٌ من المرض يصيب اليد.انزعها: اطرحها والنزعُ هو الجذب بقوة.وهناً: ضعفاً.
          ما أفلحت: الفلاح هو الفوز والظفر والسعادة.
          المعنى الإجمالي للحديث: يذكر لنا عمران بن حصين رضي الله عنهما موقفاً من مواقف رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في محاربة الشرك وتخليص الناس منه، ذلك الموقفُ: أنه أبصر رجلاً لابساً حلقة مصنوعة من الصفر، فسأله عن الحامل له على لبسها؟ فأجاب الرجل أنه لبسها لتعصِمه من الألم، فأمر بالمبادرة بطرحها، وأخبره أنها لا تنفعه بل تضره، وأنها‎ ‎تزيد الداء الذي لبست من أجله، وأعظم من ذلك لو استمرت عليه إلى الوفاة حُرم الفلاح في الآخرة أيضاً.
          مناسبة الحديث للباب: أنه يدل على المنع من لبس الحلقة لدفع البلاء؛ لأن ذلك من الشرك المنافي للفلاح.
          ما يستفاد من الحديث:
          1- أن لبس الحلقة وغيرها للاعتصام بها من الأمراض من الشرك.
          2- النهي عن التداوي بالحرام.
          3- إنكار المنكر وتعليم الجاهل.
          4- ضرر الشرك في الدنيا والآخرة.
          5- استفصال المفتي واعتبار المقاصد
          6- أن الشرك الأصغر أكبر الكبائر.
          7- أن الشرك لا يُعذر فيه بالجهل.
          8- التغليظ في الإنكار على من فعل شيئاً من الشرك؛ لأجل التنفير منه.
          * * *
          وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً: "من تعلَّقَ تميمةً فلا أتمَّ الله له. ومن تعلق وَدْعَة فلا وَدَعَ الله له" وفي رواية "من تعلق تميمة فقد أشرك".
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          عقبة بن عامر: هو عقبة بن عامر الجهني صحابي مشهور، وكان فقيهاً فاضلاً وَلِيَ إمارة مصر لمعاوية ثلاث سنين، ومات قريباً من الستين.
          وله: أي وروى الإمام أحمد.
          تعلَّق تميمة: أي علَّقها عليه أو على غيره معتقداً بها. والتميمة خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتَّقون بها العين.
          فلا أتم الله له: دعاءٌ عليه بأن لا يتم الله أموره.
          ودعة: الودعة شيءٌ يخرج من البحر يشبه الصدف يتقون به العين.
          فلا ودَع الله له: أي لا جعله في دعة وسكون. أو لا خفَّف الله عنه ما يخافه.وفي رواية: أي وروى الإمام أحمد من حديث آخر.
          المعنى الإجمالي للحديثين: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- يدعو على من استعمل التمائم يعتقد فيها دفع الضرر بأن يعكس الله قصده ولا يتم له أموره، كما أنه – صلى الله عليه وسلم- يدعو على من استعمل الودع لنفس القصد السابق أن لا يتركه الله في راحة واطمئنان، بل يحرك عليه كل مؤذٍ –وهذا الدعاء يقصد منه التحذير من الفعل- كما أنه يخبر –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الثاني أن هذا العمل شرك بالله.مناسبة الحديثين للباب: أن فيهما دلالة على تحريم تعليق التمائم والودَع واعتباره شركاً؛ لما يقوم بقلب المعلِّق لها من الاعتماد على غير الله.
          ما يستفاد من الحديثين:
          1- تعليق التمائم والودع من الشرك.2- أن من اعتمد على غير الله عامله الله بنقيض قصدِه.
          3- الدعاء على من علَّق التمائم والودَع بما يفوت عليه مقصوده ويعكس عليه مراده.
          * * *
          ولابن أبي حاتم عن حذيفة: "أنه رأى رجلاً في يده خيطٌ من الحمَّى فقطعَه، وتلا قوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106]
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
          ولابن أبي حاتم: أي وروى ابن أبي حاتم – صاحب كتاب الجرح والتعديل.
عن حذيفة: هو ابن اليمان العبسي حليف الأنصار صحابي جليل من السابقين الأولين، مات سنة 36هـ رضي الله عنه.
          من الحُمَّى: أي للوقاية من الحمى فلا تصيبه بزعمه.
          وتلا: أي قرأ الآية مستدلاً بها على إنكار ما رأى.
          معنى الأثر إجمالاً: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أبصر رجلاً قد ربط في عضده خيطاً يتقي به مرض الحمى فأزاله عنه منكِراً فعله هذا، واستدل بالآية التي أخبر الله فيها أن المشركين يجمعون بين الإقرار بتوحيد الربوبية والشرك في العبادة.
          مناسبة الأثر للباب: أن فيه اعتبار لبس الخيط –لدفع المرض- شركاً يجب إنكاره.
          ما يستفاد من الأثر:
          1- إنكار لبس الخيط لرفع البلاء أو دفعه، وأنه شرك
          2- وجوب إزالة المنكر لمن يقدر على إزالته.
          3- صحة الاستدلال بما نزل في الشرك الأكبر على الشرك الأصغر لشموله له.
          4- أن المشركين يقرون بتوحيد الربوبية ومع هذا هم مشركون، لأنهم لم يخلصوا في العبادة.

          تعليق


          • #20
            رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

            جزاكم الله خيرا ً

            تعليق


            • #21
              رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

              باب ما جاء في الرقي والتمائم

              في الصحيح عن أبي بَشِير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره فأرسل رسولاً: "أن لا يَبْقَيَنَّ في رقبةِ بعيرٍ قِلادةٌ من وَتَر أو قلادةٌ إلا قُطِعَتْ
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
              مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه استمرارٌ في ذكر الأشياء التي تخل بعقيدة التوحيد من الرقى والتمائم الشركية.
              ما جاء في الرقى والتمائم: أي: من النهي عما لا يجوز منها.
              في الصحيح: أي في الصحيحين.
              عن أبي بشير: هو صحابيٌّ شهد غزوة الخندق، ومات بعد الستين.
              قلادةٌ: ما يعلَّق في رقبة البعير وغيره.وترٍ: واحد أوتار القوس.
              أو قلادةٌ: شكٌّ من الراوي هل القلادة بقيدة بكونها من وتر أو مطلقة من الوتر وغيره.
              المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي – صلى الله عليه وسلم- بعث في بعض أسفاره من ينادي في الناس بإزالة القلائد التي في رقاب الإبل التي يُراد بها دفع العين ودفع الآفات، لأن ذلك من الشرك الذي تجب إزالته.
              مناسبة الحديث للباب: من حيثُ إنه يدل على أن تقليد الإبل ونحوِها الأوتارَ وما في معناها لدفع الآفات حرامٌ وشرك، لأنه من تعليق التمائم المحرمة.
              ما يستفاد من الحديث:
              1- أن تعليق الأوتار – لدفع الآفات- في حكم التمائم في التحريم.
              2- إزالة المنكر.
              3- تبليغ الناس ما يصون عقيدتهم.
              * * *
              وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرُّقى والتمائم والتِّوَلة شرك" رواه أحمد وأبو داود
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيأتي شرح المفردات في كلام المصنف رحمه الله.
              المعنى الإجمالي للحديث: أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يخبر أن استعمال هذه الأشياء لقصد دفع المضار وجلب المصالح من عند غير الله شركٌ بالله لأنه لا يملك دفع الضر وجلب الخير إلا الله سبحانه، وهذا الخبر معناه النهيُ عن هذا الفعل.مناسبة الحديث للباب: أن فيه بيانَ أن استعمال هذه الأشياء المذكورة شركٌ يخل بالتوحيد.
              ما يستفاد من الحديث:
              1- الحث على صيانة العقيدة عما يخل بها وإن كان يتعاطاه كثيرٌ من الناس.2- تحريم استعمال هذه الأشياء المذكورة فيه.
              3- أن هذه الثلاث المذكورة شركٌ من غير استثناء.
              التمائم: شيء يُعلَّق على الأولاد من العين.
              لكن إذا كان المعلَّق من القرآن فرخَّص فيه بعضُ السلف وبعضهم لم يرخِّص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه.والرُّقى: هي التي تسمى العزائم.وخَصَّ منه الدليلُ ما خلا من الشرك.فقد رخص فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من العين والحُمَة
              والتِّوَلة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يُحبِّب المرأة إلى زوجها، والرجلَ إلى امرأته.
              يعلق على الأولاد: أي بأعناق الصبيان.من العين؛ أي لدفع الإصابة بالعين.العزائم: جمع عزيمة، قيل هي آياتٌ من القرآن تقرأُ على ذوي العاهات أو تقرأُ في ماءٍ ويُسقاه المريض. أو تكتب في صحن ونحوه وتمحى الكتابة بماء ونحوه ويسقاه المريض.وخص منه: أي أخرج من عمومه.الدليل: وهو قوله –صلى الله عليه وسلم-: "لا رقية إلا من عين أو حُمَة" كما سبق في باب: "من حقق التوحيد".
              ما خلا من الشرك: أي الاستعانة بغير الله بأن كانت بأسماء الله وصفاته وآياته والمأثورُ عن النبي – صلى الله عليه وسلم-.
              وحاصل ما ذكره المصنف رحمه الله في حكم هذه الأشياء المذكورة ما يلي:
              1- أن الرقية تنقسم إلى قسمين:
              قسم مشروع وقسم ممنوع:فالمشروع ما خلا من الشرك،والممنوع ما كان فيه شرك.
              2- أن التمائم تنقسم إلى قسمين:قسم ممنوع بالإجماع: وهو ما كان يشتمل على شرك، وقسم مختلف فيه وهو ما كان من القرآن. قيل: إنه جائز، وقيل: إنه ممنوع، والصحيح أنه ممنوع سداً للذريعة وصيانة للقرآن.
              3- التولة ممنوعة من غير خلافٍ، لأنها نوع من السحر.
              * * *
              وعن عبد الله بن عُكيم مرفوعاً: "من تعلق شيئاً وُكِل إليه". رواه أحمد والترمذي.
              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
              عبد الله بن عُكيم: ويكنى أبا معبد الجهني الكوفي أدرك زمن النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا يُعرف أنه سمع منه.
              مرفوعاً: أي إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-.
              من تعلق شيئاً: أي التفت قلبُه إلى شيءٍ يعتقد أنه ينفعه أو يدفع عنه.وُكِل إليه: أي وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقَه من دونه وخذله.المعنى الإجمالي للحديث: هذا حديثٌ وجيز اللفظ عظيم الفائدة يخبر فيه النبي –صلى الله عليه وسلم- أن من التفت بقلبه أو فعله أو بهما جميعاً إلى شيء يرجو منه النفع أو دفع الضر وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلَّقه، فمن تعلَّق بالله كفاه ويسَّر له كل عسير، ومن تعلق بغيره وكله الله إلى ذلك الغير وخذله.
              مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي والتحذير من التعلُّق على غير الله في جلب المنافع ودفع المضار.
              ما يستفاد من الحديث:
              1- النهي عن التعلق بغير الله.
              2- وجوب التعلق بالله في جميع الأمور.
              3- بيان مضرة الشرك وسوء عاقبته.
              4- أن الجزاء من جنس العمل.
              5- أن نتيجة العمل ترجع إلى العامل خيراً أو شراً.

              تعليق


              • #22
                رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                وروى الإمام أحمد عن رُويفِع –رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا رويفع، لعل الحياة تطول بك فأخبر الناس أن من عقد لحيته أو تقلَّد وتراً أو استنجى برجيعِ دابةٍ أو عظمٍ فإن محمداً بريء منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رُوَيف ِع: هو: رويفع بن ثابت بن السكن بن عدي بن الحارث من بني مالك بن النجار الأنصاري وَلِيَ برقة وطرابلس فافتتح إفريقية سنة 47 وتوفي ببرقة سنة 56هـ.
عقد لحيته: قيل: معناه ما يفعلونه في الحروب من فتلِها وعقدها تكبُّراً. وقيل: معناه معالجة الشعر؛ ليتعقَّد ويتجعَّد على وجه التأنُّث والتنعم. وقيل: المراد عقدُها في الصلاة أو كفها.
تقلد وتراً: جعله قلادة في عنقه أو عنق دابته من أجل الوقاية من العين.
استنجى: أي أزال النجوَ –وهو العذرة- عن المخرج.
برجيع دابة: الرجيع: الروث. سُمِّي رجيعاً لأنه رجع عن حالته الأولى بعد أن كان علَفاً.
بريءٌ منه: هذا وعيد شديد في حق من فعل ذلك.
                المعنى الإجمالي للحديث: يخبر –صلى الله عليه وسلم- أن هذا الصحابي سيطول عمرُه حتى يدرك أناساً يخالفون هديه –صلى الله عليه وسلم- في اللحى الذي هو توفيرُها
وإكرامُها إلى العبث بها على وجهٍ يتشبهون فيه بالأعاجم أو بأهل الترف والميوعة. أو يُخلُّون بعقيدة التوحيد باستعمال الوسائل الشركية فيلبسون القلائد أو يُلبسونها دوابَّهم يستدفعون بها المحذور. أو يرتكبون ما نهى عنه نبيهم من الاستجمار بروث الدواب والعظام. فأوصى النبي –صلى الله عليه وسلم- صاحبه أن يبلغ الأمة أن نبيها يتبرأ ممن يفعل شيئاً من ذلك.
مناسبة الحديث للباب: أن فيه النهي عن تقليد الأوتار لدفع المحذورات وأنه شرك؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله.
ما يستفاد من الحديث:
1- عَلَم من أعلام النبوة، فإن رويفعاً طالت حياته إلى سنة 56هـ.
2- وجوب إخبار الناس بما أُمِروا به ونُهوا عنه مما يجب فعله أو تركه.
3- مشروعية إكرام اللحية وإعفائها وتحريم العبث بها بحلق أو قص أو عقد أو تجعيد أو غير ذلك.
4- تحريم اتخاذ القلادة لدفع المحذور، وأنه شرك.
5- تحريم الاستنجاء بالروث والعظم.
6- أن هذه الجرائم المذكورة من الكبائر.
* * *
وعن سعيد بن جبير قال: "من قطع تميمة من إنسان كان كعِدل رقبة". رواه وكيع. وله عن إبراهيم: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكي ع: هو: وكيع بن الجراح ثقة إمامٌ صاحب تصانيفَ مات سنة 197هـ.
إبراهيم: هو الإمام إبراهيم النخعي ثقة من كبار الفقهاء مات سنة 96هـ.
كعدل رقبة: أي كان له مثل ثواب من أعتق رقبة.
وله: أي وروى وكيع أيضا.
وكانوا: أي أصحاب عبد الله بن مسعود وهم منا سادات التابعين.
                معنى الأثرين إجمالاً: الإخبار أن من أزال عن إنسان ما يعلِّقه على نفسه لدفع الآفات فله من الثواب مثل ثواب من أعتق رقبة من الرق؛ لأن هذا الإنسان صار بتعليق التمائم مستعبداً للشيطان فإذا قطعها عنه أزال عنه رِقَّ الشيطان. ويحكي إبراهيم النخعي عن بعض سادات التابعين أنهم يعمِّمون المنع من تعليق التمائم ولو كانت مكتوباً فيها قرآنٌ فقط سداً للذريعة.
مناسبة الأثرين للباب ظاهرة: فإن فيهما حكاية المنع من تعليق التمائم مطلقاً عن هؤلاء الأجلاء من سادات التابعين.
ما يستفاد من الأثرين:
1- فضل قطع التمائم؛ لأن ذلك من إزالة المنكر وتخليص الناس من الشرك.
2- تحريم تعليق التمائم مطلقاً ولو كانت من القرآن عند جماعة من التابعين.
3- حرص السلف على صيانة العقيدة عن الخرافات.

                تعليق


                • #23
                  رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                  باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما

                  وقول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى، تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 19-23].
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه استمرارٌ في ذكر الشركيات المنافية للتوحيد، أو كماله.
                  تبرك: التبرك: طلب البركة ورجاؤها واعتقادُها.
                  ونحوهما: ما أشبههما من بقعة أو مغارة أو قبر أو مشهد أو أثر.
                  أفرأيتم: أخبِروني عن هذه الأصنام هل نفعت أو ضرَّت.
                  اللات: قُرِئَ بتخفيف التاء وقُرِئَ بتشديدها فعلى القراءة الأولى هي: اسم صخرةٍ بيضاء منقوشة عليها بيتٌ بالطائف وعلى القراءة الثانية: هي اسم فاعلٍ من لتَّ. لرجل كان يلِتُّ السويق للحاج فمات فعكفوا على قبره.
                  العُزَّى: شجرةُ سمرٍ قد بني حولها وجعل لها أستارٌ بين مكة والطائف.
                  مناة: صنمٌ بالمشلل بين مكة والمدينة.
                  الثالثة الأخرى: ذمٌّ لها بالتأخر. أي المتأخرة الوضيعة المقدار.
                  ألكم الذكر: تجعلون لكم ما تحبُّون وهو الذكر.
                  وله الأنثى: تجعلون له الإناث حيثُ تقولون: الملائكة بنات الله.
                  ضِيزى: جورٌ وباطل.
                  أسماء: مجرّد تسمية.
                  سمَّيتموها: من تلقاء أنفسكم.
                  من سلطان: أي من حجة وبرهان على ألوهيتها.
                  إن يتبعون: ما يتبعون أي: ليس لهم مستند.
                  إلا الظن: أي حسن ظنِّهم بآبائهم.
                  وما تهوى الأنفس: حظوظ أنفسِهم في الرئاسة.
                  الهدى: إرسالُ الرسل بالحجة الواضحة والحق المنير.
                  المعنى الإجماليّ للآيات: يحاجُّ تعالى المشركين في عبادتهم ما لا يعقِل من هذه الأوثان الثلاثة ماذا أجدتهم، ويوبخهم على جَورهم في القسمة حيث نزَّهوا أنفسهم عن الإناث وجعلوها لله. ثم يطالبهم بالبرهان على صحة عبادة هذه الأصنام ويبين أن الظن ورغبة النفوس لا يكونان حجةً على هذا المطلب. وإنما الحجة في ذلك ما جاءت به الرسلُ من البراهين الواضحة والحججِ القاطعة على وجوب عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام.
                  مناسبة الآيات للباب: أن فيها تحريم التبرك بالأشجار والأحجار واعتباره شركاً، فإن عُبَّاد هذه الأصنام المذكورة إنما كانوا يعتقدون حصول البركة منها بتعظيمها ودعائها. فالتبرك بالقبور كالتبرك باللات. وبالأشجار والأحجار كالتبرك بالعزى ومناة.
                  ما يستفاد من الآيات:
                  1- أن التبرك بالأشجار والأحجار شرك.
                  2- مشروعية مجادلةالمشركين لإبطال الشرك وتقرير التوحيد.
                  3- أن الحكم لا يثبُت إلا بدليل مما أنزل الله لا مجرد الظن وهوى النفس.
                  4- أن الله قد أقام الحجة بما أرسل من الرسل وأنزل من الكتب.
                  * * *
                  عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى حُنَين ونحن حُدَثاء عهد بكفر وللمشركين سِدْرة يعكُفون عندها ويَنُوطُون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط. فمررنا بسِدْرة فقلنا يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذاتُ أنواط. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الله أكبر -إنها السُّنَن- قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] لتركبُن سَنَنَ من كان قبلكم" رواه الترمذي وصححه.
                  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  أبو واقد الليثيّ: هو الحارث بن عوفٍ صحابيٌّ مشهور مات سنة 68هـ وله 85 سنة.
                  حُنَيْن: وادٍ يقع شرقي مكة بينه وبينها بضعةُ عشر ميلاً، قاتل فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قبيلة هوازِن.
                  حُدَثاءُ عهدٍ بكُفْرٍ: قريبٌ عهدنا بالكفر.
يعكِفون: يقيمون عندها ويعظِّمونها ويتبركون بها.
                  ينوطون أسلحتهم: يعلِّقونها عليها للبركة.
                  أنواط: جمع نَوْطٍ: وهو مصدرٌ سُمِّي به المنوطُ، سمِّيت بذلك لكثرة ما يناط بها من السلاح لأجل التبرك.
                  اجعل لنا ذات أنواط: سألوه أن يجعل لهم مثلها.
                  الله أكبر: أجلُّ وأعظم صيغة تعجب.
السُّنن: بضمِّ السين: الطرق أي سلكتم كما سلك من قبلكم الطرق المذمومة.
                  إسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام.
                  سُنن من كان قبلكم: بضم السين طرُقهم ويجوز فتح السين بمعنى طريقِهم.
                  المعنى الإجمالي للحديث: يخبر أبو واقد عن واقعةٍ فيها عجبٌ وموعظة وهي أنهم غزوا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قبيلة هوازن وكان دخولهم في الإسلام قريباً فخفي عليهم أمر الشرك. فلما رأوا ما يصنع المشركون من التبرك بالشجرة طلبوا من الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يجعل لهم شجرة مثلَها. فكبَّر النبي –صلى الله عليه وسلم- استنكاراً وتعظيماً لله وتعجُّباً من هذه المقالة.وأخبر أن هذه المقالة تشبه مقالة قوم موسى له لما رأوا من يعبد الأصنام: {اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} وأن هذا جريانٌ على طريقتهم. ثم أخبر –صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأمة ستتبع طريقة اليهود والنصارى وتسلك مناهجَهم وتفعل أفعالهم وهو خبرٌ معناه الذم والتحذير من هذا الفعل.
                  مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على أن التبرك بالأشجار وغيرها شركٌ وتأليه مع الله.
                  ما يستفاد من الحديث:
                  1- أن التبرك بالأشجار شركٌ ومثلها الأحجار وغيرها.
                  2- أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده لا يُؤمن أن يكون في قلبِه بقيةٌ من تلك العادة.
                  3- أن سبب عبادة الأصنام هو تعظيمُها والعكوفُ عندها والتبرك بها.
                  4- أن الإنسان قد يستحسن شيئاً يظنه يقربه إلى الله وهو يبعده عنه.
                  5- أنه ينبغي للمسلم أن يسبح ويكبر إذا سمع ما لا ينبغي أن يقال في الدين وعند التعجب.
                  6- الإخبار عن وقوع الشرك في هذه الأمة وقد وقع.
                  7- عَلَم من أعلام نبوته –صلى الله عليه وسلم- حيثُ وقع الشرك في هذه الأمة كما أخبر –صلى الله عليه وسلم-.
                  8- النهيُ عن التشبه بأهل الجاهلية واليهود والنصارى، إلا ما دلّ الدليل على أنه من ديننا.
                  9- أن الاعتبار في الأحكام بالمعاني لا بالأسماء، لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- جعل طلبتهم كطلبة بني إسرائيل ولم يلتفت إلى كونهم سمُّوها ذات أنواط.

                  تعليق


                  • #24
                    رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                    باب ما جاء في الذبح لغير الله

                    وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن فيه بياناً لنوع من أنواع الشرك المضاد للتوحيد.
                    ما جاء في الذبح لغير الله: أي من الوعيد وفي بيان حكمه.
                    نُسُكي: ذبحي.
                    محياي: ما آتيه في حياتي.
                    مماتي: ما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح.
                    وبذلك أُمرت: أي أمرني ربي بالإخلاص في العبادة.
                    أول المسلمين: أي أول من يمتثل من هذه الأمة.
                    المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه أن يقول للمشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون لغيره: إني أخلص لله صلاتي وذبحي وما أحيا وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح، أصرف كل ذلك له وحدَه لا أشرك به أحداً عكْس ما أنتم عليه من الشرك به.
                    مناسبة الآية للباب: أنها تدل على أن الذبح لغير الله شرك.
                    ما يستفاد من الآية:
                    1- أن الذبح لغير الله شركٌ أكبر لأنه قرَنه بالصلاة، فكما أن من صلى لغير الله فقد أشرك فكذلك من ذبح لغيره فقد أشرك
                    2- أن الصلاة والذبح من أعظم العبادات.
                    3- وجوب الإخلاص لله في جميع العبادات.
                    4- أن العبادات توقيفية –أي متوقفة على أمر الشارع- لقوله: {وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ}
* * *
                    وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    فصلِّ لربك: أي لا لغيره.
                    وانحر: أي اذبح.
                    المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يخلص له في صلاته وذبيحته مخالفاً للمشركين الذين يعبدون غيرَ الله وينحرون للأوثان.
                    مناسبة الآية للباب: أن الذبح عبادة يجب إخلاصها لله، وصرفها لغيره شرك أكبر.
                    ما يستفاد من الآية:
                    1- أن الذبح لغير الله شرك أكبر؛ لأنه عبادة، وصرف العبادة لغير الله شركٌ أكبر.
                    2- أن الصلاة والذبحَ من أعظم العبادات.
                    3- أن الصلاة والذبح لله من أعظم مظاهر شكر النعم، فإنه أتى بالفاء الدالة على السبب؛ لأن فعل ذلك سببٌ للقيام بشكر ما أعطاه من الكوثر.
                    * * *
                    عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بأربع كلمات: "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من آوى مُحْدِثاً، ولعن الله من غير منار الأرض" رواه مسلم.
                    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                    لعنَ الله: اللعنة من الله: الطرد والإبعاد، ومن المخلوقين السبُّ والدعاء.
                    ذبح لغير الله: من الأصنام أو الأولياء والصالحين أو الجن أو غير ذلك.
                    لعن والديه: المراد بهما أبوه وأمه وإن علوا، سواءٌ باشر لعنهما أو تسبب فيه بأن يلعن والدَي شخصٍ فيرد عليه بالمثل.
                    آوى: أي ضمَّ وحمى.
                    محدِثاً: بكسر الدال الجاني، وبفتحها هو الأمر المبتدع في الدين، وإيواؤه الرضا به.
                    غيّر منار الأرض: منارُ الأرض هي المراسيم التي تفرِّق بين ملكك وملك جارك، وتغييرها يكون بتقديمها أو تأخيرها.
                    المعنى الإجمالي للحديث: يحذِّر –صلى الله عليه وسلم- أمته من أربع جرائم، فيخبر أن الله تعالى يطرد من رحمته من ارتكب واحدةً منها:
                    الأولى: التقرب بالذبح إلى غير الله، لأنه صرفٌ للعبادة إلى غير
مستحقِّها.
                    الثانية: من دعا على والديه باللعنة أو سبَّهما أو تسبب في ذلك بأن يصدرَ منه ذلك في حق أبوي شخص فيردُّ عليه ذلك الشخص بالمثل.
                    الثالثة: من حمى جانياً مستحقاً للحد الشرعي فمنعه من أن يقام عليه الحد، أو رضي ببدعة في الدين وأقرّها.
                    الرابعة: من تصرّف في مراسيم الأرض التي تفرز الحقوق فقدّمها أو أخرها عن مكانها، فينشأ عن ذلك اقتطاع شيءٍ من أرض غيره ظلماً.
                    مناسبة الحديث للباب: أن فيه دليلاً على غلظ تحريم الذبح لغير الله حيث إن فاعله أو من يستحق لعنة الله.
                    ما يستفاد من الحديث:
                    1- أن الذبح لغير الله محرمٌ شديد التحريم وشركٌ في مقدمة الكبائر.
                    2- أن الذبح عبادةٌ يجب صرفها لله وحده.
                    3- تحريم لعن الوالدين وسبِّهما مباشرة أو تسبباً.
                    4- تحريم مناصرة المجرمين وحمايتهم من تطبيق الحد الشرعي عليهم وتحريم الرضا بالبدع.
                    5- تحريم التصرف في حدود الأرض بتقديم أو تأخير.
                    6- جواز لعن أنواع الفُساق لأجل الزجر عن المعاصي.

                    تعليق


                    • #25
                      رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                      وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب" قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: "مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه أحد حتى يقرِّب له شيئاً. قالوا لأحدهما: قَرِّب. قال: ليس عندي شيء أُقرِّب. قالوا: قرب ولو ذباباً. فقرَّب ذباباً فخلّوا سبيله فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب. قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة". رواه أحمد.
                      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                      طارق بن شهاب: هو طارق بن شهاب البجلي الأحمسي رأى النبي –صلى الله عليه وسلم- ولم يسمع منه
                      فحديثه مرسل، صحابيٌّ. مات طارقٌ سنة 83هـ رضي الله عنه.
                      في ذباب: أي بسبب ذباب.
                      صنمٌ: ما كان منحوتاً على صورة.
                      لا يجاوزه: لا يمرُّ به ولا يتعداه.
                      يقرِّب: يذبح.
                      المعنى الإجمالي للحديث: يخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- عن خطورة الشرك وشناعته فيحّث أصحابه ويبدأ حديثه ببداية تجعل النفوس تستغرب وتتطلع إلى سياق الحديث "دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب" شيء يسير سبّب أمراً خطيراً، وأوجب السؤال عن تفصيله، وهنا يفصل فيقول: إن رجلين –يظهر أنهما من بني إسرائيل- أرادا العبور عن مكان يحل في ساحته صنم يفرض على من أراد تجاوزه أن يذبح له تقرباً إليه وتعظيماً له، فطلب عبّاد ذلك الصنم من الرجلين التمشي على هذا النظام الشركي، فأما أحدهما فاعتذر بالعدم فقنعوا منه بأيسر شيء، لأن مقصودهم حصول الموافقة على الشرك، فذبح للصنم ذباباً فتركوه يمرّ فدخل بسبب فعله هذا نار جهنم؛ لأنه فعل الشرك ووافقهم عليه وطلبوا من الآخر أن يقرّب للصنم فاعتذر بأن هذا شرك ولا يمكن أن يفعله فقتلوه فدخل الجنة؛ لامتناعه من الشرك.
                      مناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن الذبح عبادة، وأن صرفه لغير الله شرك.
                      ما يستفاد من الحديث:
                      1- بيان خطورة الشرك ولو في شيء قليل
                      2- أن الشرك يوجب دخول النار، وأن التوحيد يوجب دخول الجنة.
                      3- أن الإنسان قد يقع في الشرك وهو لا يدري أنه الشرك الذي يوجب النار.
                      4- التحذير من الذنوب وإن كانت صغيرة في الحسبان.
                      5- أن هذا الرجل دخل النار بسببٍ لم يقصدْه ابتداءً وإنما فعله تخلُّصاً من شر أهل الصنم
                      6- أن المسلم إذا فعل الشرك أبطل إسلامه ودخل النار؛ لأن هذا الرجل كان مسلماً وإلا لم يقل: "دخل النار في ذباب".
                      7- أن المعتبر عمل القلب وإن صغر عمل الجوارح وقل.
                      8- أن الذبح عبادة وصرفه لغير الله شركٌ أكبر.
                      9- فضل التوحيد وعظيم ثمرته.
                      10- فضيلة الصبر على الحق.

                      تعليق


                      • #26
                        رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                        باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله

                        وقول الله تعالى: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
                        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أنه تابعٌ للباب الذي قبله؛ لأن الذي قبله فيه بيان حكم الذبح لغير الله، وهذا الباب فيه منع الوسيلة الموصلة إلى ذلك ومنع التشبه بأهله.
                        يذبح فيه لغير الله: أي أُعد لذلك وقصد لأجله.
                        لا تقم فيه؛ أي لا تصلّ في مسجد الضرار.
                        لمسجد أسس: بني.
                        على التقوى: على طاعة الله ورسوله.
                        المطهرين: الذين يتطهرون من الأنجاس الحسية والمعنوية.
                        المعنى الإجمالي للآية: ينهى الله سبحانه رسوله –صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في مسجد الضرار الذي بناه المنافقون مضارة لمسجد قباء وكفراً بالله ورسوله وطلبوا من الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يصلي فيه؛ ليتخذوا من ذلك حجة يبررون بها عملهم ويسترون بها باطلهم فوعدهم –صلى الله عليه وسلم- أن يفعل ما طلبوا ولم يعلم قصدهم السيء، فنهاه الله عن ذلك وحثه على الصلاة في مسجد قباء الذي بُني على طاعة الله ورسوله أو في مسجده –صلى الله عليه وسلم- على اختلافٍ بين المفسرين في ذلك، ثم أثنى على أهل ذلك المسجد بتطهّرهم من الشرك والنجاسات، والله يحب مَن هذه صفته.
                        مناسبة الآية للباب: هي قياس الأمكنة المعدة للذبح لغير الله على المسجد الذي أُعد لمعصية الله في منع عبادة الله فيه، فكما أن هذا المسجد لا تجوز الصلاة فيه لله، فكذلك هذا الموضع الذي أُعد للذبح فيه لغير الله لا يجوز الذبح فيه له سبحانه.
                        ما يستفاد من الآيات:
                        1- منع الذبح لله في المواضع المعدة للذبح لغيره، قياساً على منع الصلاة في المسجد المؤسس على معصية الله.
                        2- استحباب الصلاة مع الجماعة الصالحين المتنزهين عن ملابسة القاذورات.
                        3- إثبات المحبة لله على الوجه اللائق به سبحانه كسائر صفاته.
                        4- الحث على إسباغ الوضوء والتطهر من النجاسات.
                        5 أن النية تؤثر في البقاع.
                        6- مشروعية سد الذرائع المفضية إلى الشرك.
                        * * *
                        عن ثابت بن الضحاك قال: نذر رجل أن ينحر إبلاً بِبُوانة فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟" قالوا: لا. قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟" قالوا: لا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" رواه أبو داود وإسنادها على شرطهما.
                        ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                        ثابت بن الضحاك: هو ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عديّ الأشهليّ الخزرجيّ الأنصاريّ صحابيّ مشهورٌ مات سنة 64هـ.
                        نذر: النذر لغة الإيجاب، وشرعاً هو أن يلزم الإنسان نفسه بشيء من العبادات لم يكن لازما ً عليه شرعاً.
                        بوانة: هضبةٌ من وراء ينبع.
                        وثن: الوثن: كل ما عُبد من دون الله من قبر وغيره.
                        عيد: العيد: اسمٌ لما يعود من الاجتماع على وجهٍ معتادٍ.
                        على شرطهما: أي ينطبق عليه شرط البخاري ومسلم الذي هو اتصال السند بالعدول الضابطين من غير شذوذ ولا علة.
                        المعنى الإجمالي للحديث: يذكر الراوي أن رجلاً التزم لربه أن ينحر إبلاً في موضع معين على وجه الطاعة والقربة، وجاء ليسأل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن التنفيذ فاستفصل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن ذلك المكان هل سبق أن وُجد فيه شيءٌ من معبودات المشركين أو سبق أن المشركين يعظمونه ويجتمعون فيه فلما علم –صلى الله عليه وسلم- بخلوّ هذا المكان من تلك المحاذير أفتى بتنفيذ النذر، ثم بين –صلى الله عليه وسلم- النذر الذي لا يجوز الوفاء به، وهو ما كان المنذور فيه معصية لله أو لا يدخل تحت ملك الناذر.
                        مناسبة الحديث للباب: أن فيه المنع من الذبح لله في المكان الذي كان فيه وثنٌ من أوثان الجاهلية أو فيه عيدٌ من أعيادهم –ولو بعد زواله-.
                        ما يستفاد من الحديث:
                        1- المنع من الوفاء بالنذر إذا كان في المكان الذي عُين له وثنٌ ولو بعد زواله.
                        2- المنع من الوفاء بالنذر بمكان عيدِ الجاهلية ولو بعد زواله.
                        3- استفصال المفتي من المستفتي قبل الفتوى.
                        4- سد الذريعة المفضية إلى الشرك
                        5- ترك مشابهة المشركين في عبادتهم وأعيادهم وإن كان لا يُقصد ذلك.
                        6 أن الذبح لله في المكان الذي يذبح فيه المشركون أو يتخذونه محلاً لعيدهم معصية.
                        7- أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به.
                        8- أن النذر الذي لا يملكه الناذِر – كأن قال: لله عليَّ أن أعتق عبد فلان. لا وفاء له.
                        9- وجوب الوفاء بالنذر الخالي من المعصية الداخل تحت ملك الناذر.
                        10- أن النذر عبادة لا يجوز صرفه لغير الله.

                        تعليق


                        • #27
                          رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                          باب من الشرك النذر لغير الله

                          وقول الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7].
                          وقوله تعالى: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة: 270].
                          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                          مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف رحمه الله بين فيه نوعاً من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وهو النذر لغير الله؛ ليُحذر ويُجتنب.
                          من الشرك: أي الأكبر.
                          النذر لغير الله: لأنه عبادة. وصرف العبادة لغير الله شرك. والنذر: مصدر نذر ينذُر أوجب على نفسه شيئاً لم يكن واجباً عليه شرعاً تعظيماً للمنذور له. وأصله في اللغة والإيجاب.
                          يوفون بالنذر: يتممون ما أوجبوا على أنفسهم من الطاعات لله.
                          ما: شرطيةٌ، ويجوز أن تكون موصولة.
                          أنفقتم من نفقة: يشمل كل صدقة مقبولة وغير مقبولة.
                          أو نذرتم من نذر: يشمل كل نذر مقبول وغير مقبول.
                          فإن الله يعلمه: أي فيجازيكم عليه، ففيه معنى الوعد والوعيد.
                          المعنى الإجمالي للآيتين: أن الله يمدح الذين يتعبدون له بما أوجبوه على أنفسهم من الطاعات. كما أنه يخبر سبحانه أنه يعلم كل صدقة تصدقنا بها وكل عبادة التزمناها له أو لغيره وسيجازي كلاً على حسب نيته وقصده.
                          مناسبة الآيتين للباب: أنهما لا يدلان على أن النذر عبادةٌ حيث مدح الموفين به، وهو لا يمدح إلا على فعل مأمور أو ترك محظور، كما أنه أخبر أنه يعلم ما يصدر منا من نفقات ونذور، وسيجازينا على ذلك، فدلَّ ذلك على أن النذر عبادةٌ وما كان عبادةً فصرفُه لغير الله شرك.
                          ما يستفاد من الآيتين:
                          1- أن النذر عبادة فيكون صرفه لغير الله شركاً أكبر.
                          2- إثبات علم الله تعالى – بكل شيء.
                          3- إثبات الجزاء على الأعمال.
                          4 الحث على الوفاء بالنذر.
                          * * *
                          وفي الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه".
                          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                          عائشة: هي أم المؤمنين زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- وبنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهي أفقه النساء مطلقاً، وأفضل أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم- ما عدا خديجة، ففي تفضيلها عليها خلافٌ، توفيت سنة 57هـ.
                          في الصحيح: أي صحيح البخاري.
                          فليطعه: أي ليفعل ما نذره من طاعته.
فلا يعصه: أي فلا يفعل ما نذره من المعصية.
                          المعنى الإجمالي للحديث: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- يأمر من صدر منه نذرُ طاعةٍ أن يوفي بنذره: كمن نذر صلاةً أو صدقة أو غير ذلك، وينهى من صدر منه نذر معصية عن تنفيذ نذره: كمن نذر الذبح لغير الله أو الصلاة عند القبور أو السفر لزيارتها أو غير ذلك من المعاصي.
                          مناسبة الحديث للباب: أنه دل على أن النذر يكون طاعةً ويكون معصيةً، فدلّ على أنه عبادة؛ فمن نذر لغير الله فقد أشرك به في عبادته.
                          ما يستفاد من الحديث:
                          1- أن النذر عبادة، فصرفه لغير الله شرك.
                          2- وجوب الوفاء بنذر الطاعة.
                          3- تحريم الوفاء بنذر المعصية.

                          تعليق


                          • #28
                            رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                            باب من الشرك الاستعاذة بغير الله

                            وقوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6].
                            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن فيه بيانَ نوعٍ من أنواع الشرك المنافي للتوحيد، وهو الاستعاذة بغير الله ليُحذر ويُجتنب.
                            الاستعاذة: لغة: الالتجاء والاعتصام والتحرّز. وحقيقتها: الهرب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه.
                            يعوذون: بأن يقولَ أحدهم إذا أمسى بوادٍ وخاف من الجن: أعوذ بسيِّد هذا الوادي من سفهاء قومه.
                            رهقاً: خوفاً أو إثماً.
                            المعنى الإجمالي للآية: أن الله سبحانه يخبر أن بعض الإنس يلجئون إلى بعض الجن لتأمنهم مما يخافون، وأن الملتجأ بهم زادوا الملتجئين خوفاً بدل أن يؤمنوهم، وهذا معاملةٌ لهم بنقيض قصدهم وعقوبة من الله لهم.
                            مناسبة الآية للباب: أن الله حكى عن مؤمني الجن أنهم لما تبين لهم دين الرسول –صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به ذكروا أشياءً من الشرك كانت تجري من الإنس في الجاهلية من جملة الاستعاذة بغير الله، وذلك من باب الاستنكار لها.
                            ما يستفاد من الآية:
                            1- أن الاستعاذة بغير الله شرك، لأن مؤمني الجن قالوا: {وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: 2]. ثم ذكروا بعد ذلك على وجه الاستنكار {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ} [الجن: 6].
                            2- عموم رسالة محمد –صلى الله عليه وسلم- للثقلين.
                            3- أن الاستعاذة بغير الله تورث الخوف والضعف.
                            4- يفهم من الآية أن الاستعاذة بالله تورث قوة وأمناً.

                            * * *

                            وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "من نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك" رواه مسلم.
                            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                            خولة بنت حكيم: هي بنت حكيم بن أمية السلمية كانت زوجةً لعثمان بن مظعون رضي الله عنه وكانت صالحة فاضلة.
                            بكلمات الله: المراد بها هنا القرآن.
                            التامات: الكاملات التي لا يلحقُها نقصٌ ولا عيبٌ.
                            من شر ما خلق: أي من كل شر في أي مخلوق قام به الشر من حيوان أو غيره.
                            المعنى الإجمالي للحديث: يرشد النبي –صلى الله عليه وسلم- أمته إلى الاستعاذة النافعة التي يندفع بها كل محذور يخافه الإنسان عندما ينزل بقعة من الأرض بأن يستعيذ بكلام الله الشافي الكافي الكامل من كلِّ عيبٍ ونقصٍ، ليأمن في منزله ذلك ما دام مقيماً فيه من كل غائلة سوء.
                            مناسبة الحديث للباب: أن فيه إرشاداً إلى الاستعاذة النافعة المشروعة بدلاً من الاستعاذة الشركية التي كان يستعملها المشركون.
                            ما يستفاد من الحديث:
                            1- بيان أن الاستعاذة عبادة.
                            2- أن الاستعاذة المشروعة هي ما كانت بالله أو بأسماء الله وصفاته.
                            3- أن كلام الله غيرُ مخلوق؛ لأن الله شرع الاستعاذة به، والاستعاذة بالمخلوق شركٌ كما سبق، فدلّ على أنه غير مخلوق.
                            4- فضيلةُ هذا الدعاء مع اختصاره.
                            5- أن نواصي المخلوقات بيد الله.

                            تعليق


                            • #29
                              رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                              باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره

                              وقول الله تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106].
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                              مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد: أنه ذكر فيه نوعاً من أنواع الشرك المنافي للتوحيد وهو أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيرَه.
                              أن يستغيث: الاستغاثة طلبُ الغوث وهو إزالة الشدة.
                              أو يدعو: الفرق بين الاستغاثة والدعاء: أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب. وأما الدعاء فيكون من المكروب وغيره.
                              ما لا ينفعك: إن عبدته.
                              ولا يضرك: إن لم تعبده.
                              فإن فعلت: أي دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك.
                              من الظالمين: من المشركين، فإن الشرك أعظم الظلم.
                              المعنى الإجمالي للآية: ينهى الله نبيه أن يدعو أحداً من سائر المخلوقين العاجزين عن إيصال النفع ودفع الضر، ثم يبين له حكمه لو فُرض أن دعا غير الله بأنه يكون حينئذ من المشركين، وهذا النهي عام لجميع الأمة.
                              مناسبة الآية للباب: أن فيها النهي عن دعاء غير الله وأنه شركٌ ينافي التوحيد.
                              ما يستفاد من الآية:
                              1- أن دعاء غير الله شركٌ أكبر.
                              2- أن أصلح الناس لو دعا غير الله صار من الظالمين أي المشركين فكيف بغيره.
                              3- بيان عجزِ آلهة المشركين وبطلان عبادتها.

                              * * *

                              وقوله: {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: 107].
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                              وإن يمسسك: أي إن يصِبْك.
                              بضر: بفقر أو مرض أو غير ذلك من أنواع الضر.
                              فلا كاشف: لا رافع.
                              فلا راد: لا دافع.
                              المعنى الإجمالي للآية: يخبر تعالى أنه المتفرد بالملك والقهر والعطاء والمنع والضر والنفع دون ما سواه، فيلزم من ذلك أن يكون هو المدعو وحده المعبود وحده دون غيره ممن لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً فضلاً عن أن يملكهما لغيره.
                              مناسبة الآية للباب: أن فيها بيانَ استحقاق الله للعبادة بالدعاء ونحوه، وأن دعاء غيره شركٌ لأنه لا ينفع ولا يضر.
                              ما يستفاد من الآية:
                              1- وجوب إفراد الله تعالى بتوحيد الألوهية لتفرده بتوحيد الربوبية.
                              2- بطلان دعاء غير الله لعجزه عن نفع من دعاه ودفع الضر عنه.
                              3- إثبات المشيئة لله سبحانه.
                              4- إثبات صفتي المغفرة والرحمة لله سبحانه على ما يليق بجلاله.

                              ***

                              وقوله: {فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17].
                              ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                              ابتغوا: اطلبوا.
                              واعبدوه: أخلصوا له العبادة. وهو من عطف العام على الخاص، فإن ابتغاء الرزق عند الله من العبادة.
                              واشكروا له: اعترفوا بنعمته. وافعلوا ما يجب من طاعته واتركوا معصيته.
                              إليه: لا إلى غيره.
                              ترجعون: يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله.
                              المعنى الإجمالي للآية: يأمر الله سبحانه بطلب الرزق منه وحده لا من الأصنام والأوثان، وإفرادِه بالعبادة والاعتراف بنعمه التي أسداها على عباده وصرْفِها في طاعته والابتعاد عن معصيته ثم يخبر أن المصير إليه فيجازي كل عاملٍ بعمله فيجب على العبد أن يحسب لذلك حسابَه.
                              مناسبة الآية للباب: أن فيها وجوب إفراد الله بالدعاء والعبادة والرد على المشركين الذين يعبدون غيره.
                              ما يستفاد من الآية:
                              1- وجوب دعاء الله وحده وطلب الرزق منه.
                              2- وجوب إفراد الله بجميع أنواع العبادة.
                              3- وجوب شكر الله على نعمه.
                              4- إثبات البعث والجزاء.
                              5- أنه لا تنافي بين طلب الرزق والاكتساب وعبادة الله وأن الإسلام فيه خير الدين والدنيا.

                              تعليق


                              • #30
                                رد: دروس كتاب الملخص في شرح كتاب التوحيد

                                وقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ 5 وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5، 6].
                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أضل: أي لا أحد أشد ضلالاً.
                                من دون الله: غير الله.
                                لا يستجيب له: لا يقدر على إجابته بإعطائه ما طلب منه.
                                وهم: أي المدعوون.
                                عن دعائهم: أي دعاء من دعاهم من المشركين.
                                غافلون: لا يشعرون بدعاء من دعاهم؛ لأنهم إما أموات أو جمادٌ أو ملائكةٌ مشغولون بما خُلقوا له.
                                وإذا حُشر الناس: جُمعوا يوم القيامة.
                                كانوا: أي الآلهة التي يدعونها من دون الله.
                                لهم أعداء: أي يتبرؤون ممن دعاهم ويعادونهم.
                                كافرين: جاحدين لعبادة من عبدهم.
                                المعنى الإجمالي للآيتين: أن الله تعالى حكم بأنه لا أضل ممن دعا غير الله من المخلوقين ممن لا يقدر على إجابة دعوته في الدنيا، ولا يشعر بدعاء من دعاه وإذا قامت القيامة وجُمع الناس عادى من دعاه وتبرأ منه، فليس هذا المشركُ إلا في نكد في الدارين، لا يحصل على إجابةٍ في الدنيا وتجحد عبادته في الآخرة أحوج ما يكون إليها.
                                مناسبة الآيتين للباب: أن فيهما الحكمَ على من دعا غيرَ الله بأنه

                                ***

                                وقوله تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].
                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                أمّن: أي من هو؟
                                المضطر: المكروب الذي مسّه الضر.
                                خلفاء الأرض: الإضافة بمعنى في أي يخلف كلُّ قرنٍ القرنَ الذي قبله في الأرض.
                                أإله مع الله: أي سواه يفعل هذه الأشياء بكُم وينعم عليكم هذه النعم.
                                قليلاً ما تذكَّرون: أي تذكرون تذكراً قليلاً في عظمة الله ونعمه عليكم، فلذلك أشركتم به غيره في عبادته.
                                المعنى الإجمالي للآية: يحتج تعالى على المشركين في اتخاذهم الشفعاء من دونه بما قد علموه وأقروا به من إجابة الله لهم عندما يدعونه في حال الشدة وكشفه السوء النازل بهم وجعْلِهم خلفاء في الأرض بعد أمواتهم، فإذا كانت آلهتهم لا تفعل شيئاً من هذه الأمور فكيف بمن يعبدونها مع الله. ولكنهم لا يتذكرون نعم الله عليهم إلا تذكراً قليلاً لا يورث خشية الله ولذلك وقعوا في الشرك.
                                مناسبة الآية للباب: أن فيها بطلان الاستغاثة بغير الله، لأنه لا يجيب المضطر ويكشف السوء النازل ويحيي ويميت سواه.
                                ما يستفاد من الآية:
                                1- بطلان الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
                                2- أن المشركين مقرّون بتوحيد الربوبية ولم يُدخلهم ذلك في الإسلام.
                                3- الاستدلال على توحيد الإلهية بتوحيد الربوبية.
                                4- الاحتجاج على المشركين بما أقرّوا به على ما جحدوه.

                                * * *

                                وروي الطبراني بإسناده: أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم- منافقٌ يؤذي المؤمنين. فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول الله - صلى الله عليه وسلم- من هذا المنافق. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله".
                                ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                الطبراني: هو الحافظ الإمام: سليمان بن أحمد صاحب المعاجم الثلاثة.
                                بإسناده: إلى عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
                                منافقٌ: هو عبد الله بن أُبي بن سلول رأس المنافقين.
                                والنفاق هنا: إظهار الإسلام وإخفاء الكفر.
                                نستغيث برسول الله: نطلب منه كفَّ هذا المنافق عن الأذى.
                                إنه لا يستغاث بي: كره –صلى الله عليه وسلم- أن يستعمل هذا اللفظ في حقِّه تأدباً مع الله.
                                المعنى الإجمالي للحديث: لما قوِيَ الإسلام كان هناك صنفٌ من الكفار رأوا الدخولَ في الإسلام ظاهراً والبقاء على الكفر باطناً سُمُّوا بالمنافقين، وكان يصدر منهم من الأقوال والأفعال ما يضايق المسلمين ومن ذلك ما حصل من هذا الرجل حتى طلب بعض الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم- كفه وزجره.
                                والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقدر على ذلك، لكن لما كانت الصيغة التي تقدَّموا بها إليه فيها إساءة أدب مع الله تعالى –ما ينبغي أن تقال- استنكرها النبي –صلى الله عليه وسلم- تعليماً للصحابة وسداً لذريعة الشرك وحمايةً للتوحيد.
                                مناسبة الحديث للباب: إن فيه إنكارَ النبي –صلى الله عليه وسلم- الاستغاثة بغير الله.
                                ما يستفاد من الحديث:
                                1- أنه لا يستغاث بالنبي –صلى الله عليه وسلم-، وغيرُه من باب أولى.
                                2- الإرشاد إلى حسن اللفظ وحماية التوحيد.
                                3- سدّ الطرق المفضية إلى الشرك
                                04- مشروعية الصبر على الأذى في الله.
                                5- ذمّ النفاق.
                                6- تحريم أذية المؤمنين؛ لأنها من فعل المنافقين.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X