السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأفضل البريات،نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه،ثم اما بعد:
البحر المتلاطم:
كانت الدنيا مليئة بالمشركين،هذا يدعو صنما،وذاك رجو قبراً،والثالث يعبد بشراً،والابع يعظم شجراً.نظر إليهم ربهم فمقتهم عربهم وعجمهم،إلا بقايا من موحدى أهل الكتاب.وكان من هؤلاء السادرين،سيد من السادات،هو عمرو بن الجموح،كان له صنم اسمه مناف،يتقرب إليه،ويسجد بين يديه.
مناف..هو مفزعه عند الكربات،وملاذه عند الحاجات،صنم صنعه من خشب،لكنه أحب إليه من أهله وماله،وكان شديد الإسراف فى تقديسه،وتزيينه وتطييبه وتلبيسه،وكان هذا دأبه منذ عرف الدنيا،حتى جاوز عمره الستين سنة.فلما بعث النبى صلى الله عليه وسلم فى مكة وأرسل مصعب بن عمير رضى الله عنه،داعية ومعلماً لأهل المدينة،أسلم ثلاثة أولاد لعمرو بن الجموح معهم امهم دون ان يعلم،فعمدوا إلى أبيهم فأخبروه بخبر هذا الداعى المعلم وقرؤوا عليه القرآن،وقالوا:يت أبانا قد اتبعه الناس غما ترى فى اتباعه؟فقال:لست أفعل حتى اشاور مناف فأنظر ماذا يقول!!ثم قام عمرو إلى مناف،وكانوا إذا أرادوا أن يكلموا أصنامهم جعلوا خلف الصنم عجوزاً تجيبهم بما يلهمها الصنم فى زعمهم،أقبل عمرو يمشى بهرجته إلى مناف،وكانت إحدى رجليه أقصر من الأخرى،فوقف بين يدى الصنم ، معتمداً على رجله الصحيحة،تعظيماً واحتراماً،ثم حمد الصنم وأثنى عليه ثم قال:يا مناف،لا ريب انك قد علمت بخبر هذا القادم،ولا يريد أحداًبسوء سواك،وإنما ينهانا عن عبادتك،فأشر على يا مناف.فلم يرد الصنم شيئاً،فأعاد عليه فلم يجب،فقال عمرو:لعلك غضبت، وانى ساكت عنك اياماً حتى يزول غضبك.ثم تركه وخرج،فلما أظلم الليل،أقبل أبناؤه إلى مناف،فحملوه وألقوه فى حفرة فيها أقذار وجيف،فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه لتحيته فلم يجده،فصاح باعلى صوته:ويلكم!!من عدا على إلهنا الليلة،فسكت أهله.ففزع،واضطرب،وخرج يبحث عنه،فوجده منكساً على رأسه فى الحفرة المنتنة.فلما أصبح الشيخ التمس صنمه، فلم يجده فى مكانه،فغضب وهدد وتوعد،ثم أخرجه من تلك الحفرة فغسله وطيبه،ثم ما زال الفتية يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعاً راح إليه قبل منامه وقال:ويحك يا مناف إن العنز لتمنع أستها،ثم علق فى رأس الصنم سيفاً وقال:ادفع عدوك عن نفسك،فلما جن الليل حمل الفتية الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه فى بئر يجتمع فيه النتن،فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذا الحال فى البئر قال:
ورب يبول الثعلبان برأسه لقد خاب من بالت عليه الثعالب
ثم دخل فى دين الله،لما أراد المسلمون الخروج إلى معركة بدر،منعه أبناؤه لكبر سنه،وشدة عرجه،فأصر على الخروج للجهاد،فاستعانوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالقاء ى المدينة فبقى فيها.فلما كانت غزوة أحد ، أراد عمرو الخروج للجهاد،فمنعه ابناؤه،فلما أكثروا عليه..ذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يدافع عبرته،ويقول:يا رسول الله إن بنى يريدون أن يحبسونى عن الخروج معك إلى الجهاد..قال:إن الله قد عذرك،فقال:يا رسول الله،والله إنى لأرجو أن أطأ الجنة بعرجتى هذه،فأذن له صلى الله عليه وسلم بالخروج، فأخذ سلاحه وقال:اللهم ارزقنى الشهادة ولا تردنى إلى أهلى،فلما وصلوا إلى ساحة القتال،والتقى الجمعان،وصاحت الأبطال،ورميت النبال،انطلق عمرو يضرب بسيفه جيش الظلام،ويقاتل عباد الأصنام،حتى توجه إليه كافر،بضربة سيف كتبت له بها الشهادة،فدفن رضى الله عنه،ومضى مع الذين أنعم الله عليهم،وبعد ست واربعين سنة فى عهد معاويةرضى الله عنه،نزل بمقبرة شهداء أحد،سيل شديد،غطى أرض القبور.فسارع المسلمون إلى نقل رفات الشهداء،فلما حفروا عن قبر عمرو بن الجموح،فإذا هو كانه نائم،لين جسده تتثنى أطرافه ،لم تأكل الارض من جسده شيئاًنفتأمل كيف ختم الله له بالخير ولما رجع إلى الحق لما تبين له.
بل انظر كيف أظهر الله كرامته فى الدنيا قبل الآخرة،لما حقق لا إله إلا الله. هذه الكلمة التى قامت بها الأرض والسماوات،وفطر الله عليها جميع المخلوقات،وهى سبب دخول الجنة،ولأجلها خلقت الجنة ولنار،وانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار،و ابرار وفجار.
فلا تزول قدما العبد بين يدى الله حتى يسأل عن مسألتين:
ماذا كنتم تعبدون؟
وماذا أجبتم المرسلين؟
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.
والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأفضل البريات،نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه،ثم اما بعد:
البحر المتلاطم:
كانت الدنيا مليئة بالمشركين،هذا يدعو صنما،وذاك رجو قبراً،والثالث يعبد بشراً،والابع يعظم شجراً.نظر إليهم ربهم فمقتهم عربهم وعجمهم،إلا بقايا من موحدى أهل الكتاب.وكان من هؤلاء السادرين،سيد من السادات،هو عمرو بن الجموح،كان له صنم اسمه مناف،يتقرب إليه،ويسجد بين يديه.
مناف..هو مفزعه عند الكربات،وملاذه عند الحاجات،صنم صنعه من خشب،لكنه أحب إليه من أهله وماله،وكان شديد الإسراف فى تقديسه،وتزيينه وتطييبه وتلبيسه،وكان هذا دأبه منذ عرف الدنيا،حتى جاوز عمره الستين سنة.فلما بعث النبى صلى الله عليه وسلم فى مكة وأرسل مصعب بن عمير رضى الله عنه،داعية ومعلماً لأهل المدينة،أسلم ثلاثة أولاد لعمرو بن الجموح معهم امهم دون ان يعلم،فعمدوا إلى أبيهم فأخبروه بخبر هذا الداعى المعلم وقرؤوا عليه القرآن،وقالوا:يت أبانا قد اتبعه الناس غما ترى فى اتباعه؟فقال:لست أفعل حتى اشاور مناف فأنظر ماذا يقول!!ثم قام عمرو إلى مناف،وكانوا إذا أرادوا أن يكلموا أصنامهم جعلوا خلف الصنم عجوزاً تجيبهم بما يلهمها الصنم فى زعمهم،أقبل عمرو يمشى بهرجته إلى مناف،وكانت إحدى رجليه أقصر من الأخرى،فوقف بين يدى الصنم ، معتمداً على رجله الصحيحة،تعظيماً واحتراماً،ثم حمد الصنم وأثنى عليه ثم قال:يا مناف،لا ريب انك قد علمت بخبر هذا القادم،ولا يريد أحداًبسوء سواك،وإنما ينهانا عن عبادتك،فأشر على يا مناف.فلم يرد الصنم شيئاً،فأعاد عليه فلم يجب،فقال عمرو:لعلك غضبت، وانى ساكت عنك اياماً حتى يزول غضبك.ثم تركه وخرج،فلما أظلم الليل،أقبل أبناؤه إلى مناف،فحملوه وألقوه فى حفرة فيها أقذار وجيف،فلما أصبح عمرو دخل إلى صنمه لتحيته فلم يجده،فصاح باعلى صوته:ويلكم!!من عدا على إلهنا الليلة،فسكت أهله.ففزع،واضطرب،وخرج يبحث عنه،فوجده منكساً على رأسه فى الحفرة المنتنة.فلما أصبح الشيخ التمس صنمه، فلم يجده فى مكانه،فغضب وهدد وتوعد،ثم أخرجه من تلك الحفرة فغسله وطيبه،ثم ما زال الفتية يفعلون ذلك بالصنم كل ليلة وهو يخرجه كل صباح فلما ضاق بالأمر ذرعاً راح إليه قبل منامه وقال:ويحك يا مناف إن العنز لتمنع أستها،ثم علق فى رأس الصنم سيفاً وقال:ادفع عدوك عن نفسك،فلما جن الليل حمل الفتية الصنم وربطوه بكلب ميت وألقوه فى بئر يجتمع فيه النتن،فلما أصبح الشيخ بحث عن مناف فلما رآه على هذا الحال فى البئر قال:
ورب يبول الثعلبان برأسه لقد خاب من بالت عليه الثعالب
ثم دخل فى دين الله،لما أراد المسلمون الخروج إلى معركة بدر،منعه أبناؤه لكبر سنه،وشدة عرجه،فأصر على الخروج للجهاد،فاستعانوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالقاء ى المدينة فبقى فيها.فلما كانت غزوة أحد ، أراد عمرو الخروج للجهاد،فمنعه ابناؤه،فلما أكثروا عليه..ذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يدافع عبرته،ويقول:يا رسول الله إن بنى يريدون أن يحبسونى عن الخروج معك إلى الجهاد..قال:إن الله قد عذرك،فقال:يا رسول الله،والله إنى لأرجو أن أطأ الجنة بعرجتى هذه،فأذن له صلى الله عليه وسلم بالخروج، فأخذ سلاحه وقال:اللهم ارزقنى الشهادة ولا تردنى إلى أهلى،فلما وصلوا إلى ساحة القتال،والتقى الجمعان،وصاحت الأبطال،ورميت النبال،انطلق عمرو يضرب بسيفه جيش الظلام،ويقاتل عباد الأصنام،حتى توجه إليه كافر،بضربة سيف كتبت له بها الشهادة،فدفن رضى الله عنه،ومضى مع الذين أنعم الله عليهم،وبعد ست واربعين سنة فى عهد معاويةرضى الله عنه،نزل بمقبرة شهداء أحد،سيل شديد،غطى أرض القبور.فسارع المسلمون إلى نقل رفات الشهداء،فلما حفروا عن قبر عمرو بن الجموح،فإذا هو كانه نائم،لين جسده تتثنى أطرافه ،لم تأكل الارض من جسده شيئاًنفتأمل كيف ختم الله له بالخير ولما رجع إلى الحق لما تبين له.
بل انظر كيف أظهر الله كرامته فى الدنيا قبل الآخرة،لما حقق لا إله إلا الله. هذه الكلمة التى قامت بها الأرض والسماوات،وفطر الله عليها جميع المخلوقات،وهى سبب دخول الجنة،ولأجلها خلقت الجنة ولنار،وانقسم الخلق إلى مؤمنين وكفار،و ابرار وفجار.
فلا تزول قدما العبد بين يدى الله حتى يسأل عن مسألتين:
ماذا كنتم تعبدون؟
وماذا أجبتم المرسلين؟
تعليق