السسسلام عليكُم ورحمة الله وبركاته
همسات تائِبه ..!
اهداء اليكِ يا اخيه !

مرتجفة مذعورة تتلفت حولها كمن لا تريد أن يراها أحد من الجيران، اطمأنت أن المكان خال, بحركة مترددة أخرجت من حقيبتها مفتاحا يتراقص في دلاية فضية ثمينة بين العديد من أشباهه, تعرفه جيدا فقد استعملته يوميا لمدة عشر سنوات, دلفت مسرعة ثم أغلقت خلفها الباب, وقفت تلتقط أنفاسها المتسارعة, جالت عيناها في المكان الحزين عساها تؤنس نفسها.
أوحشتني.. همست بها للمكان في حميمية ودموعها تنهمر في تلاحق منتظم, تفقدت البيت الذي هجرته طواعية منذ عام, منذ آخر شجار بينهما.. كان عنيفا فقدت فيه صوابها الذي احتفظت به طوال عمرها ومن يومها لم تعد لبيتها وبيته.

على أعتاب بيته
تجولت في المكان بحزن, تعرف أن أحدا ليس فيه الآن غيرها.. وغيره، لثمت الجدران بشفاه مشتاقة ملتاعة، تحفظ كل شبر هنا, اللوحات وضعتها بيدها, السجاد, المكتبة, المقاعد, يا للأسى.. كل شيء مؤلم, رائحة المكان كئيبة, الأشياء مبعثرة, الكتب التي تهواها وأمضت معها أحلى أوقاتها يعلوها التراب, تجولت في البهو الفسيح تبحث عن مقعدها, وجدته خاليا متربا لا أحد يهتم به, من سيهتم ببيت تركته سيدته ؟
دخلت تتفقد الحمام, يا للبشاعة.. النعال مبعثرة هنا وهناك, رائحة البول الكريهة تنتشر في المكان, أين عطر الحمام الذي كانت تهواه ؟ بحثت عنه فوجدت علبته فارعة وملقاة خلف الباب بلا اكتراث، بسرعة.. خلعت خمارها وعباءتها وأخذت تنظف وهي تسد أنفها من خبث الرائحة.
انتهت سريعا فقد كانت تريد أن تحادثه قبل أن يأتي إليه أحد, كانت تخشى أن تجد لديه امرأة سواها, أن يكون قد استبدلها بأخرى، ولو فعل ما لامت عليه فهي التي تركته وهو لم يتركها، تعلم أنه يعلم بقدومها, قد أخبرته بعزمها أن ترجع إليه وأن تعود إلي بيتها، وحتى لو لم تخبرهفهو يعلم, إنه يعرفها أكثر من نفسها، ويعلم كيف تفكر، وبماذا تشعر، وكيف غدا ستفعل، وعلمه بها دائما يصيب.

إعتراف
لا تعرف كيف تبدأ معه الحوار, لكنها يجب أن تبدأ لا أن يبدأ هو, استجمعت شجاعتها ومضت في رهبة إلي البهو الكبير, تركت موضعها المعتاد واتخذت أقرب موضع منه, خفضت عينين لم تستطع أن ترفعهما حياء منه وخوفا، همست في خشوع ووجل: أنا.. أنا.. لم تستطع أن تستمر, شعرت أن كلماتها أحجارا تتزاحم للخروج من فيها، انسابت دموعها غزيرة بدلا من الأحرف الصامتة, صارت الدموع شلالا غمر الأرض تحت قدميها وارتفع نحيبها يملأ المكان.. قد خنتك وخنت أمانتي.. إني أعترف.
لم تستمر فقد ارتفع النحيب عاليا حتى أن المكان كله تجاوب معه ارتجاجا.. وتحركت الصور الحزينة على الجدران توشك أن تهوي، ومر بالباب صرير ريح أصابها بالهلع كهلعها من مصيبتها، أنا العفيفة المحبة المخلصة, خائنة, خنتك, نعم فعلت، أحببتك وعاهدتك على ألا أعرف غيرك, لكني حنثت في عهدي, أحببت رجلا..
انهارت عند هذا الحد, لم تقو على الاستمرار فتركت لنحيبها ودموعها وقلبها الاستمرار، ليس لي عذر, لا أدافع عن نفسي, أنا آثمة, أنا أتيت لترحمني من عذابي، كنت أعلم من البداية أنك تعلم لكني كذبت نفسي.. بل قلت فليعلم ليس هناك ما أخجل منه, هو يعلم أني أحبه.
كنت أول من يدعمني, تعطيني في نفسي القوة والثقة, تعرف أني لم أحب غيرك هذا الحب، تعرف تيهي على أقراني أني لم أعرف شبابا مثلهم ولا مسني داء الحب.
كنت أشير عليهم بالرأي في مشاكلهن، وأحياها معهن، وأكتب الأشعار لهن، لكني أبدا لم أعرف الحب مثلهن.
كنت أرى الشباب تافهين لا ترقى اهتماماتهم لاهتماماتي, ولا عقولهن لمجاراتي, فقط يرغبون في السيطرة, ذكوريون ما يعترفون بعقل الأنثى ورغم ذلك يتشدقون بكلامهم عن حقوق المرأة !!
كنت أحتفظ بقلبي لمن سأرتبط به, حتى عرفتك أنت وأسلمتك قلبي وروحي وبدني وحياتي كلها وكنت صادقة معك، إلى أن عرفته, أعرف أنك تعرف هذا ولكن اعترافي يريحني فاستمع إلي, أقسمت عليك بالله ألا تعرض بوجهك الجميل عني.
استرسلت في اعترافاتها الذليلة: لا أعرف كيف حدث هذا بيننا, أنا العفيفة التي لم ترفع عيناها في وجه رجل، ولم تتأمل وجها نظرت إليه، أنا التي لا تعرف زملائها في العمل إلا من أصواتهم لا وجوههم, أنا التي تنصح الأخريات أن الحب وهم ثم غرقت فيه !
أعترف.. كنت أظن أن ما بي يمكنني وقفه في أي وقت، وكنت أظنني قوية أردعه.. أوقفه أجعله لا يقترب.. لكنه اقترب.. اقترب واقترب كما لم يقترب مني أحد.. أنا محطمة القلوب يتهاوى قلبي وبدني؟, ربي يعلم أنها المرة الأولى في حياتي.. والأخيرة، فقد عاهدته على ذلك وأنا لا أحنث عهدي, فهل تغفر؟
أعاهدك لن يقترب مني أحد.. لا هو ولا غيره
فهل تغفر خيانتي؟
هل يمكن أن نعود إلى سابق
عهدنا ؟
أعود إليك ومازال قلبي معلق به.. عساك تنقذني ....
تعليق