إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صانعة الرجال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صانعة الرجال

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه : أما بعد:


    من كتاب \ صانعة الرجال
    للشيخ \ محمود المصرى "أبو عمار"

    ------------------

    "صفية" تربى رجلا بألف رجل

    إذا قلبت صفحات تاريخنا الإسلامى , فلا تكاد تقف على عظيم ممن ذلت لهم نواصى الأمم , ودانت لهم الممالك , وطبق ذكرهم الخافقين , إلا وهو ينزع بعرقه وخُلُقه إلى أم عظيمة, وكيف لا يكون ذلك والأم المسلمة قد اجتمع لها من وسائل التربية ما لم يجتمع لأخرى ممن سواها ؟ مما جعلها أعرف خلق الله بتكوين الرجال , والتأثير فيهم , والنفاذ إلى قلوبهم , وتثبيت دعائم الخلق العظيم بين جوانحهم , وفى مسارب دمائهم :

    فالزبير بن العوام : فارس رسول الله "صلى الله عليه وسلم" , الذى بلغ من بسالته وبطولته , أن عدل به الفاروق "رضى الله عنه" ألفا من الرجال , حين أمد به جيش المسلمين فى مصر , وكتب إلى قائدهم عمرو بن العاص "رضى الله عنه" يقول :

    " أما بعد : فإنى أمددتك بأربعة آلاف رجل , على كل ألف : رجل منهم مقام الألف : الزبير بن العوام , والمقداد بن عمرو , وعبادة بن الصامت ومسلمة بن خالد "

    وقد صدقت فراسة الفاروق "رضى الله عنه" وسجل التاريخ فى صفحاته أن الزبير لا يعدل ألفا فحسب , بل يعدل أمة بأسرها , فقد تسلل إلى الحصن الذى كان يعترض طريق المسلمين, وصعد فوق أسواره , وألقى بنفسه بين جنود العدو , وهو يصيح صيحة الإيمان "الله أكبر" ... ثم اندفع إلى باب الحصن , ففتحه على مصرعيه , واندفع المسلمون , فاقتحموا الحصن , وقضوا على العدو قبل أن يفيق من ذهوله


    هذا البطل العظيم إنما قامت بأمره أمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبى "صلى الله عليه وسلم" وأخت حمزة أسد الله , فقد شب فى كنفها ونشأ على طبعها , وتخلق بسجاياها

    لقد توفى عنها زوجها العوام بن خويلد وترك لها طفلا صغيرا هو ابنها " الزبير" فنشأته على الخشونة والبأس .... وربته على الفروسية والحرب ... وجعلت لعبه فى برى السهام واصلاح القسى , ودأبت على أن تقذفه فى كل مخوفة وتقحمه فى كل خطر....

    فإذا رأته أحجم أو تردد ضربته ضربا مبرحا , حتى إنها عُوتبت فى ذلك من قبل أحد أعمامه حيث قال لها : ما هكذا يُضرب الولد ... إنك تضربينه ضرب مُبغضة لا ضرب أم , فارتجزت قائلة :

    من قال قد أبغضته فقد كذب وإنما أضربه لكى يَلِب ويهزم الجيش ويأتى بالسلب


    خلفت جيلا من الأبطال سيرتهم *** تضوع بين الورى روحا وريحانا
    كانت فتوحهموا برا ومرحمة *** كانت سياستهم عدلا وإحسانا
    لم يعرفوا الدين أورادا ومسبحة *** بل أشبعوا الدين محرابا وميدانا

    -------------
    يتبع.......

    لا إلـــه إلا أنـــت ســـبـــحـــانـــك إنـــى كـــنـــت مـــن الـــظــــالـــمـــيـــن

  • #2
    رد: صانعة الرجال

    ماشاء الله
    موضوع رااائع أخيتي
    جزاكِ الله خيراً ونفع الله بكِ
    لا تحرمينا جديدك


    قال الشيخ الألباني رحمه الله: إن هذا الطريق طويل ونحن نمشي فيه مشي السلحفاة لايهمنا أن نصل المهم أن نموت علي الطريق

    تعليق


    • #3
      رد: صانعة الرجال

      ذات النطاقين .... وابنها عبد الله بن الزبير


      فى تاريخ النساء مواقف حافله بالبطولات والتضحيات ولكن بطلتنا أسماء تفوق النساء جميعا فى موقف يشير إلى ذكائها وجودها وحسن تصرفها , ذلك الموقف مع ابنها عبد الله بن الزبير "رضى الله عنهما" الذى امتد سلطانه على الحجاز واليمن والعراق وخرسان , وجدد عمارة الكعبة .
      غير أن سلطانه بدأ ينحسر ويتلاشى, وأحاطت به جنود الحجاج بن يوسف الثقفى وهو فى مكة المكرمة , وأحجار المنجنيق تنهمر عليه من كل مكان , وكانت الفرصة سانحة أمامه لطلب الأمان أو الفرار , ولكن أنى له ذلك وقد عرفته البلاد بطولها وعرضها بالشجاعة والثبات والإقدام , وأمه أسماء فدائية الإسلام الأولى , وها هى أمه قد قاربت المائة وعقلها ما زال يشع بالحكمة وفصل الخطاب ......, وتوجه إليها يبثها حزنه , ويستشيرها فيما يفعل .


      قال عروة : دخلت أنا وأخى , قبل أن يقتل ,على أمنا بعشر ليال , وهى وجعة , فقال عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت: وجعة , قال : إن فى الموت لعافية . قالت: لعلك تشتهى موتى , فلا تفعل , وضحكت وقالت: والله ما أشتهى أن أموت , حتى تأتى على أحد طرفيك : إما أن تُقتل فأحتسبك , وإما أن تظفر فتقر عينى . إياك أن تُعرض على خطة فلا توافق . فتقبلُها كراهية الموت .
      قال: وإنما عنى أخى أن يقتل , فيحزنها ذلك .


      وفى رواية: دخل عبد الله بن الزبير على أمه أسماء
      فقال: يا أمه خذلنى الناس , حتى ولدى وأهلى , ولم يبق لى إلا اليسير ممن ليس عنده من الدفع إلا صبر ساعة ؟ والقوم يعطوننى ما أردت من الدنيا , فما رأيك ؟
      فقالت: والله يا بنى أنت أعلم بنفسك , إن كنت تعلم أنك على حق فامض له فقد قُتل عليه أصحابك وإن كنت إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت , أهلكت نفسك ومن قُتل معك ! وإن قلت : إنى على حق فلما وهن أصحابى ضعفت , فهذا ليس فعل الأحرار ولا أهل الدين .

      فدنا ابن الزبير من رأسها وقال : هذا رأيى , ولكن أحببت أن أعلم رأيك ؟ فزدتينى بصيرة , فانظرى يا أماه , إنى مقتول من يومى هذا ؟ فلا يشتد حزنك لأمر الله ؟ فإن إبنك لم يتعمد إتيان منكر ولا عمل بفاحشة ولم يجر فى حكم , ولم يتعمد ظلم مسلم ولا معاهد . الله إنى لا أقول هذا تزكية لنفس , ولكن تعزية لأمى , لتسلو عنى .
      فقالت أمه : إنى لأرجو أن يكون عزائى فيك حسناً , اخرج حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرك ؟
      ودعت له قائلة : اللهم ارحم طول ذلك القيام فى الليل الطويل, وذلك التحنث والظمأ فى الهواجر بالمدينة ومكة , وبره بأبيه وبى , اللهم قد أسلمته لأمرك فيه , ورضيت بما قضيت , فأثبنى فى عبد الله ثواب الشاكرين الصابرين .


      ثم شكا خوفه من أن يُمثل به بعد موته . فقالت كلمتها المشهورة : إن الكبش إذا ذُبح لم يأمن السلخ أو : لم يألم السلخ

      ثم دنا عبد الله من أمه فتناول يدها وقبلها وعانقها وكان عليه درع فلما عانقها وجدت مس الدرع , فقالت : ما هذا صنيع من يريد ما تريد , فقال : ما لبستها إلا لأشد منك

      قالت : فإنها لا تشد منى , فنزعها ثم أدرج كميه وأدخل أسفل قميصه جبة خز كانت عليه من أسفل المنطقة .

      وودع عبد الله أمه بنفس راضيه , وقال يخاطبها :

      أسماء إن قُلت لا تبكينى لم يبق إلا حسبى ودينى
      وصارم لانت به يمينى

      وسقط عبد الله بن الزبير شهيدا , وصلبه الحجاج فى المسجد الحرام , ولما قتل الحجاج ابن الزبير دخل على أسماء وقال لها : يا أمه , إن أمير المؤمنين وصانى بك , فهل لك من حاجة ؟
      قالت : لست لك بأم , ولكنى أم المصلوب على رأس الثنية , ومالى من حاجة , ولكن أحدثك : سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول : "يخرج من ثقيف كذاب ومبير"
      فأما الكذاب فقد رأيناه _تعنى المختار_ وأما المبير فأنت
      فقال لها: مبير المنافقين


      وعن يعلى التيمى قال : (دخلتُ مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث _وهو مصلوب_ فجاءت أمه عجوز طويلة عمياء , فقالت للحجاج : " أما آن للراكب أن ينزل " فقال : "المنافق" , قالت : " والله ما كان منافقا , كان صواما قواما برا " , قال :"انصرفى يا عجوز , فقد خرفت " , قالت : " لا والله ما خرفت منذ سمعت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يقول (فى ثقيف كذاب ومبير ....) )

      وصبرت أسماء "رضى الله عنها " صبرا جميلا واحتسبت ابنها عند الله "جل وعلا"

      وعن منصور بن صفيه , عن أمه , قالت : قيل لابن عمر : إن أسماء فى ناحية المسجد _ وذلك حين صُلب ابن الزبير_ فمال إليها , فقال : إن هذه الجثث ليست بشئ , وإنما الأرواح عند الله , فاتقى الله واصبرى.

      فقالت : وما يمنعنى , وقد أهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغى من بغايا بنى إسرائيل


      فما أعظمها من أم صابرة محتسبة .


      لا إلـــه إلا أنـــت ســـبـــحـــانـــك إنـــى كـــنـــت مـــن الـــظــــالـــمـــيـــن

      تعليق


      • #4
        رد: صانعة الرجال

        أم الفارس الغالب "على بن أبى طالب"


        وها هو حيدرة الأبطال .... أسد الله الغالب "على بن أبى طالب" رضى الله عنه الذى تنقل فى تربيته بين صدرين من أملأ صدور العالمين حكمة وأحفلها بجلال الخلال , فكان مغداه على أمه فاطمة بنت أسد , ومراحه على خديجه بنت خويلد زوج رسول الله "صلى الله عليه وسلم"

        فأمه فاطمة بنت أسد رضى الله عنها هى التى موقفا من أعظم المواقف وذلك عندما مات عبد المطلب "جد النبى صلى الله عليه وسلم" فانتقل النبى "صلى الله عليه وسلم" إلى بيت عمه أبى طالب وزوجة عمه فاطمة بنت أسد .

        فما كان منها إلا أن أحاطت النبى "صلى الله عليه وسلم" برعايتها وشملته بعطفها ورحمتها حتى إنها كانت تخاف عليه أكثر من خوفها على أولادها


        فهى أم الفارس الغالب على بن أبى طالب "رضى الله عنه" وهو رابع الخلفاء الراشدين ...وهى جدة سيدا شباب أهل الجنة "الحسن والحسين" رضى الله عنهما وهى أم الشهيد الذى رآه النبى "صلى الله عليه وسلم" يطير بجناحيه فى الجنة مع الملائكة "جعفر بن أبى طالب " رضى الله عنه أحد الأمراء الثلاثة فى سرية مؤته ....وهى أيضا حماة سيدة نساء العالمين فى زمانها بنت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فاطمة رضى الله عنها .

        لا إلـــه إلا أنـــت ســـبـــحـــانـــك إنـــى كـــنـــت مـــن الـــظــــالـــمـــيـــن

        تعليق

        يعمل...
        X