- 10 -
الصحبة وآثارها
مقدمة
أختي المسلمة ...
كلما زادت خشية الله في القلب ...
وكلما زاد الرجاء لرحمة الله في القلب ...
وكلما زادت محبة الله في القلب ...
وكلما زادت اللهفة على رضى الله في القلب ...
< كلما زاد الحرص على تجنب كل ما يغضب الرب ... وإن قيل أنه به شبهة أو شك أو ريب > .
أختي المسلمة ...
إعلمي رحمك الله أنه ما وقع من وقع في معصية الله إلا بإحدى سببين أو كلاهما وهما ( الشهوات والشبهات ) .
-فعلاج الشهوات قوله تعالى :-
(( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا .)) الأحزاب 36
(( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا .)) الأحزاب 36
-وعلاج الشبهات قوله تعالى :-
(( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) . النساء 65
(( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) . النساء 65
وقول الإمام مالك عليه رحمة الله :-
[ لن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أمر أولها ] .
[ لن يصلح أمر آخر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أمر أولها ] .
أختي المسلمة ...
للصحبة دور لا يخفى على أحد وأثرها كأثر السحر في الأرواح والأبدان فإن الخليل إلى المخالل ينسب والمرء يعرف بأقرانه وكما قيل في المثل ( الصاحب ساحب ) .
والعاقل الفطن هو من يختار أصحابه لا من يختاره أصحابه صاحبا لهم ...
والمسلم الصالح من يراعي في هذا الإختيارأهل الدين والخلق لأنه حتما سيتأثر بهم كما قال في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل "
- ونادرا جدا من استقام على دين الله بدون صحبة صالحة سببها الله لهدايته.. ولا من أعوج عن دين الله بدون صحبة سيئة سببت أيضا لضلاله واعوجاجه .
فمن هم أصحابك أختي المسلمة ؟؟
لأعرف من أنتِ ؟؟؟
فكما قيل ( قل لنا من أصحابك نقل لك من أنت )
أختي المسلمة :-
سؤالي هذا يحتمل أن تردي عليه بإجابة من إحدى أربع إجابات ...
- إما أن تقولي :
أصحابي من أهل الصلاح وجلوسي دائما معهم وحدهم ولا أجلس مع غيرهم .
- أو تقولي ..
لي أصحاب من أهل الصلاح ولكني أحيانا أجلس مع غيرهم .
- أو تقولي ..
أصحابي غير ملتزمين ولكني أحيانا أجلس مع الملتزمات .
- أو تقولي ..
أصحابي غير ملتزمات أجلس معهم ولا أجلس مع غيرهم .
فإن كنت من أصحاب الإجابة الأولى فأقول لكِ ...
هنيئا لكِ .. أبشري برحمات الله .. واثبتي على هذا الدرب واعلمي أنكِ في نعمة لا توازيها نعم الدنيا جميعا .
واشكري ربك الذي أنعم عليكِ بذلك لئلا تكوني أهلا بزوال تلك النعمة فإنها تعطى للخواص فاسألي الله دائما أن تكوني من هؤلاء الخواص وتحدي أي عقبة تكون سببا في زوال هذه النعمة واحرصي أن تقبضي في هذه الصحبة الصالحة .
- وإن كنتِ أختي من أصحاب الإجابة الثانية فأقول ...
قد تهدم الصحبة الثانية ما بنته فيكِ الصحبة الأولى فإن الهدم أسهل من البناء وما بني في شهر قد يهدم في يوم .. فلا تكتفي بأن لكِ صحبة صالحة وتذهبي إلى غيرها معها بل اكتفي بالصالحات لتحافظي على ما يبنونه فيكِ .
- وتذكري أن جلوسك مع العصاة قد يجعل عقوبة الله لهم تحل عليكِ معهم فإن الجليس مشارك ( مالم تنكري عليهم وتدعيهم إلى طاعة الله عز وجل )
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم – عندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها - : " أنهلك وفينا الصالحون ؟ " قال صلى الله عليه وسلم : " نعم إذا كثر الخبث " .
فسر بعض العلماء هذا الحديث : أي إذا اختلط الصالحون بغيرهم بدون دعوة لهم .
- وإن كنتِ من أصحاب الإجابة الثالثة أقول لكِ ..
كما قلت لصاحبة الإجابة الثانية بالإضافة إلى أن تسارعي بالبعد عن الصحبة السيئة فنفحات الإيمان تأتيكِ عابرة وإن لم تستغليها بلهفة أكبر قد لا تعود .. إذ الأصل معكِ أصحابك الغير ملتزمين .. فتنبهي لذلك .
- وإن كنتِ من أصحاب الإجابة الرابعة وأسأل الله العظيم ألا تكوني منهم :
فهبي من سباتك واستفيقي من رقدتك قبل أن يفاجئك ملك الموت وأنت على غير استعداد البتة .
- وتذكري أن صحبتك تلك إن نفعتك في الدنيا فلن تنفعك في الآخرة كما قال الله تعالى : { الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } الزخرف67
- وتذكري ندمك يوم القيامة الذي لا يساويه ندم عندما تقولي ( ليتني لم أتخذ هذا الصحبة ) كما قال الله عز وجل {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً}الفرقان 27-28-29
وقد تقولي أنا لن أتأثر بالصحبة السيئة طالما إيماني معي في قلبي ..
فأقول لكِ : تذكري أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي فاق إيمانه – عليه الصلاة والسلام – إيمان البشرية جمعاء بقوله تعالى { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28
وكما قرأتِ في بداية الرسالة حديث النبي صلى الله عليه وسلم " المرء على دين خليله " لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم إلا صاحب الإيمان القوي أو إلا صاحب التقوى والورع بل قال عليه الصلاة والسلام ( المرء ) عامة في جميع البشر .
فاحرصي أختي على ما ينفعك كما أمرك بذلك نبيك صلى الله عليه وسلم بقوله " احرص على ما ينفعك "
واجتنبي أختي ما يضرك لأمر نبيك أيضا لكِ بذلك في قوله عليه الصلاة والسلام " لا ضرر ولا ضرار "
فليس شئ أضر على الدين – الذي هو الدنيا و الآخرة – من صحبة السوء ...
ويكفي أن تتذكري في ذلك قصة أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وموقفه عند موته عندما ألح عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( يا عماه قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله )
وقد جعل أصحابه المشركون ينظرون إليه ويقولون له : أتترك ملة عبد المطلب فقال للنبي صلى الله عليه وسلم : (لولا أن قومي يعيروني لأقررت بها قلبك )
فأسرعي الآن أختي المسلمة للصالحات وابحثي عنهن في كل مكان لا تنتظري أن يأتوا هم إليكِ بل ابحثي أنتِ عنهن فأنتِ المستفيدة ...
ثم تذكري ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( وجبت محبتي للمتحابين في ، والمتجالسين في ، والمتزاورين في ، والمتباذلين في )
ولن يتم ذلك إلا باتخاذك صحبة صالحة تحبيها في الله وتجالسيها في الله
وبذلك تنالين محبة الله وقبل ذلك ترزقين طاعته سبحانه
فلابد أن تتيقني أنك محتاجة لمن تأخذ بيدك في طريقك إلى ربك سبحانه وتعالى
فلا تبخلي على نفسك بهذا الخير العظيم
ثم تذكري ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( وجبت محبتي للمتحابين في ، والمتجالسين في ، والمتزاورين في ، والمتباذلين في )
ولن يتم ذلك إلا باتخاذك صحبة صالحة تحبيها في الله وتجالسيها في الله
وبذلك تنالين محبة الله وقبل ذلك ترزقين طاعته سبحانه
فلابد أن تتيقني أنك محتاجة لمن تأخذ بيدك في طريقك إلى ربك سبحانه وتعالى
فلا تبخلي على نفسك بهذا الخير العظيم
وتذكري مقولة الإمام الشافعي رحمه الله :
أحب الصالحين ولست منهم *** لعلي أن أنال بهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي *** وإن كنا سواء في البضاعة
ختاما
أختي المسلمة ....
أذكرك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما :-
(( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ....... )) . رواه البخاري ومسلم .
(( إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ....... )) . رواه البخاري ومسلم .
* فتأملي أختي المسلمة قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يعلمهن كثير من الناس " أي القلة هم الذين يعلمونها ولذلك مدح الله سبحانه القلة في اكثر من موضع في كتابه عز وجل .....
- فقال تعالى : (( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )) سبأ 13
- وقال تعالى : (( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.... )) ص 24
فالحقي بركب القلة لتمدحي معهم وتكوني ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( طوبى للغرباء )
- فقال تعالى : (( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ )) سبأ 13
- وقال تعالى : (( إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.... )) ص 24
فالحقي بركب القلة لتمدحي معهم وتكوني ممن قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( طوبى للغرباء )
ولا تغتري اختي المسلمة بالكثرة وتقولي ( كل الناس خطأ وأنتم أيها القلة المتشددون الصواب ؟؟ )
فنقول لكِ أختاه : أن الكثرة ما ذكرت إلا مذمومة
فنقول لكِ أختاه : أن الكثرة ما ذكرت إلا مذمومة
واخيرا اختي المسلمة :-
إعلمي أن الدنيا زائلة ... زائلة لا محالة وإن طالت وقد تزول الآن ... وقد تزول اليوم .. وقد تزول غدا ... الله أعلم متى الزوال ؟؟ المهم انها ستزول إما عاجلا ... وإما آجلا .. فمهما تمتعت بأمور قد لا أقول أنها محرمة ولكن اختلف العلماء في تحريمها فهي إلى زوال .
فاحرصي أختي العاقلة على ما يدوم وآثريه على ما يزول وإن كان مباحا .
واعلمي ايضا أنك محتاجة لرحمات الله عز وجل في الدارين وبقدر ورعك تنالين تلك الرحمات من رب الأرض والسماوات .
واحذري أن يلتبس عليكِ هذا المعنى مع قول الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا إختار ايسرهما . فإن ذلك كان في مباحات الأمور لا في الأمور الشرعية لأنه صلى الله عليه وسلم الذي قال :-
( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ) .
اسأل الله عز وجل أن يحيينا على أتم ما يرضيه .
و يقبضنا على أتم ما يرضيه .
و يبعثنا على أتم ما يرضيه .
و يقبضنا على أتم ما يرضيه .
و يبعثنا على أتم ما يرضيه .
... إنه نعم المجيبون ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باقى الاجزاء
الرسالة الأولى"رسالة إلى أختي المسلمة "
الرسالة الثانية " حكم الشبهات "
الرسالة الثالثة " حكم تغطية الوجه والكفين"
الرسالة الرابعة "زي المرأة في الصلاة "
الرسالة الخامسة " حكم النمص "
الرسالة السادسة " حكم الغناء والموسيقى"
رسائل مهمة في نصح الأمة "8"حكم و صور الربا
تعليق