ثمة أناس في الجنة خلقهن الله من أجل ذلك المؤمن وأمثاله، وزينتهن في أجمل زينة، لتزف إلى زوجها. قال الله عنهن : { فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } [ الرحمن : 56 ] ، وقال عنهن : { كأنهن الياقوت والمرجان } [ الرحمن:58]، ووصفهن ربهن فقال : { كأمثال اللؤلؤ المكنون } [ الواقعة : 23 ] ، ووصف نشأتهن وهيئتهن فقال : { إنا أنشأناهن إنشاء ، فجعلناهن أبكارا ، عربا أترابا } [ الواقعة : 35 – 37 ] .
وجوههن جمعت الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، وللطرف قاصرات، لا يفنى شبابها، لا يبلى جمالها، ولو اطلعت إحداهن على الدنيا لملأت ما بين السماء والأرض ريحا، وعطرا، وشذا، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ما في النجوم من ضياء، راضيات لا يسخطن أبدا .
ناعمات لا يبأسن أبدا، خالدات لا يمتن أبدا، جميلة حسناء، بكر عذراء كأنها الياقوت، كلامها رخيم، وقدها قويم، وشعرها بهيم، وقدرها عظيم، وجفنها فاتر، وحسنها باهر، وجمالها زاهر، ودلالها ظاهر ..
كثيرة الوداد عديمة الملل، أيها الأخوة جمالها لا تتخيله العيون، ورائحتها، وملبسها، وجمال كلامها لا يخطر على قلب. فتعلم هناك - وهناك فقط - أن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفي لحظات الجنان وبينما ذلك المؤمن ينعم ويمشي على بساط الجنة متنقلا ما بين حدائقها، وخيامها، وأنهارها وإذا به ينظر نظرة أخرى لذلك القصر المشيد بأنواره المتلألئة وخضرته الناضرة، عندها يبشر المؤمن أن أقبل، فهذا قصرك، وداخله زوجتك تنتظرك منذ أن كنت في الدنيا، فينطلق إليها وتنطلق إليه في أجمل زفاف بينهم، السندس والإستبرق لباسهما، والذهب واللؤلؤ أساورهما، فتقبل إليه ونصيفها على كتفها خير من الدنيا وما فيها، فيتعانق الحبيبان عناقا لا تمله ولا يملها،ويجلسان في ظل ظليل بين الأشجار والرياحين، ومن حولهم أكواب موضوعةفيتبادلان كؤوس الرحيق المختوم، والتنسيم، والسلسبيل، وكأس من خمر لذةللشاربين، فيجلسان على تلكم البسط الحسان، ويتكئان على تلكم الوسائد المصفوفة، وتتوالى عليهم ومن بينهم المسرات، والخيرات، والإحسان، والمكرمات فيقولون : { وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور } [ فاطر:34 ] .
إنه عرس زفاف في هدوء ورضا يغمره السلام، والاطمئنان، والود، والأمان، ويبلغهم ربهم السلام : { سلام قولا من رب رحيم } [ يس:58] والملائكة يقولون لهم : { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد:24 ] .
في هذا الجو العابق وهم على الأرائك متكئون يرون أنهار الجنان تتدفق من بينهم، أنهار، من ماء ولبن، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين. يرون فاكهة كثيرة فيأكلون، ولحم طير مما يشتهون فيتلذذون .
فأبدانهم متنعمة بالجنان، والأنهار، والثمار، وقلوبهم متنعمة بالخلود والدوام في جنة الرحمن .
بعد ذلك تطيب الجلسة بينهم على ضفاف أنهار العسل فيتبادلان أجمل الأحاديث والذكريات في حب ونظرات ..
وأترككم مع ابن الجوزي، ليصف لكم جلسته وحديثه فيقول :
" إن الحور العين تقول لولي الله وهو متكئ على نهر العسل وهي تعطيهالكأس وهما في نعيم وسرور : أتدري يا حبيب الله متى زوجني الله إياك؟فيقول : لا أدري ! فتقول: نظر إليك في يوم شديد حرّه وأنت في ظمأ الهواجرفباهى بك الملائكة وقال: انظروا يا ملائكتي إلى عبدي، ترك شهوته، ولذتهوزوجته وطعامه وشرابه، رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجني إياك " .
فيا سبحان الله بصيام يوم شديد حرّه يتلذذ ذلك المؤمن وزوجته على ضفاف أنهار العسل، فهذا زفت عروسه لصيامه، وآخر لخشيته لربه وإشفاقه، وتزف العروس لأصحاب القلوب المتعلقة بالمساجد، تزف العروس للمنفقين سرا وجهرا، تزف العروس أيها الإخوة للذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، تزف العروس لأهل القرآن الذين يرتقون في الجنان، تزف العروس للذين هم لفروجهم حافظون، ولأماناتهم وعهدهم راعون، تزف العروس لعيون طالما نفرت دموعها خشية من ربها، تزف لأجساد وقلوب وهبت نفسها لله، تزف لأهل التوبة والاستغفار، تزف العروس للعفيف المتعفف، والضعيف المتضعف، والمتواضع ذي الطمرين المدفوع بالأبواب، تزف العروس لتارك المراء ولو كان محقا، وتارك الكذب ولو كان مازحا، تزف لمن حسن خلقه، وكظم غيظه، وعفا عمن ظلمه، تزف لمن أفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، الله أكبر أهل الجنان والحور أقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين : { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } [ الأعراف : 43 ] .
أخي: كلنا نريد أن تزف إلينا تلك العروس فلماذا تضيع من بين أيدينا بلذة ساعة ومتاع دنيا ؟
محروم محروم من شرب الخمر في الدنيا وحرم نفسه شربها مع زوجته في الجنة، محروم محروم من انتهك الأعراض بالزنا وحرم نفسه التلذذ بالحور في الآخرة، محروم محروم من استمع إلى الغناء في الدنيا وحرم نفسه سماع غناء الأشجار مع زوجته في الجنان .
يقول ابن عمر رضي الله عنهما : " والله لا ينال أحد من الدنيا شيئا إلا نقص من درجاته عندالله وإن كان عنده كريم ). ويقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر : "بقدر صعود الإنسان في الدنيا تنزل مرتبته في الآخرة " ، وقبل ذلك يقولربنا عز وجل : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } [ الإسراء:19،18 ] .
أخي المسلم :
الحور الحسان في الجنان تزف إلى أفضل زوج لها بعد الأنبياء والصديقين إنه من باع نفسه من أجل الله، صاحب الدماء الطاهرة ذات الرائحة الزكية، إلى ذلك الرجل الذي يقبل على ربه بدمه الملون لون الدم، والريح ريح المسك، إنه الشهيد في سبيل الله ، تلكم العيون التي باتت تحرس وتجاهد في سبيل الله حتى بلغت المراد والمنى، ولن يجف دم شهيد حتى تتمتع عيناه بالحور الحسان .
يا عبد الله
هذه الحور الحسان، وهذه الجنان، وهذا سبيلها، فهل رأيتم أشد غبنا ممن يبيع الجنان العالية بحياة أشبه بأضغاث أحلام ، يبيع الحور بلذة قصيرة وأحوال زهيدة؟ أي سفه ممن يبيع مساكن طيبة في جنان عدن بأعطان ضيقة، وخراب بوار .
فيا حسرة هذا المتخلف حين يرى ركب المؤمنين سائرين الى الجنان، ويمنع من دخولها، عندها سوف يعلم أي بضاعة أضاع .
العروس الأجمل
تلكم المرأة الصالحة التي عاشت في هذه الدنيا نقية عفيفة صالحة مصلحة، تلكم المرأة التي باعت الدنيا بالآخرة، تقبل على ربها يوم القيامة، فتدخل الجنان، فتكون هي الأجمل، بل وأن الحور يكونون خدما لها، فهنيئا لها ولأمثالها .
_________________
وجوههن جمعت الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، وللطرف قاصرات، لا يفنى شبابها، لا يبلى جمالها، ولو اطلعت إحداهن على الدنيا لملأت ما بين السماء والأرض ريحا، وعطرا، وشذا، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ما في النجوم من ضياء، راضيات لا يسخطن أبدا .
ناعمات لا يبأسن أبدا، خالدات لا يمتن أبدا، جميلة حسناء، بكر عذراء كأنها الياقوت، كلامها رخيم، وقدها قويم، وشعرها بهيم، وقدرها عظيم، وجفنها فاتر، وحسنها باهر، وجمالها زاهر، ودلالها ظاهر ..
كحيل طرفها *** عذب نطقها
عجب خلقها *** حسن خلقها
عجب خلقها *** حسن خلقها
كثيرة الوداد عديمة الملل، أيها الأخوة جمالها لا تتخيله العيون، ورائحتها، وملبسها، وجمال كلامها لا يخطر على قلب. فتعلم هناك - وهناك فقط - أن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفي لحظات الجنان وبينما ذلك المؤمن ينعم ويمشي على بساط الجنة متنقلا ما بين حدائقها، وخيامها، وأنهارها وإذا به ينظر نظرة أخرى لذلك القصر المشيد بأنواره المتلألئة وخضرته الناضرة، عندها يبشر المؤمن أن أقبل، فهذا قصرك، وداخله زوجتك تنتظرك منذ أن كنت في الدنيا، فينطلق إليها وتنطلق إليه في أجمل زفاف بينهم، السندس والإستبرق لباسهما، والذهب واللؤلؤ أساورهما، فتقبل إليه ونصيفها على كتفها خير من الدنيا وما فيها، فيتعانق الحبيبان عناقا لا تمله ولا يملها،ويجلسان في ظل ظليل بين الأشجار والرياحين، ومن حولهم أكواب موضوعةفيتبادلان كؤوس الرحيق المختوم، والتنسيم، والسلسبيل، وكأس من خمر لذةللشاربين، فيجلسان على تلكم البسط الحسان، ويتكئان على تلكم الوسائد المصفوفة، وتتوالى عليهم ومن بينهم المسرات، والخيرات، والإحسان، والمكرمات فيقولون : { وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور } [ فاطر:34 ] .
إنه عرس زفاف في هدوء ورضا يغمره السلام، والاطمئنان، والود، والأمان، ويبلغهم ربهم السلام : { سلام قولا من رب رحيم } [ يس:58] والملائكة يقولون لهم : { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } [ الرعد:24 ] .
في هذا الجو العابق وهم على الأرائك متكئون يرون أنهار الجنان تتدفق من بينهم، أنهار، من ماء ولبن، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين. يرون فاكهة كثيرة فيأكلون، ولحم طير مما يشتهون فيتلذذون .
فأبدانهم متنعمة بالجنان، والأنهار، والثمار، وقلوبهم متنعمة بالخلود والدوام في جنة الرحمن .
بعد ذلك تطيب الجلسة بينهم على ضفاف أنهار العسل فيتبادلان أجمل الأحاديث والذكريات في حب ونظرات ..
وأترككم مع ابن الجوزي، ليصف لكم جلسته وحديثه فيقول :
" إن الحور العين تقول لولي الله وهو متكئ على نهر العسل وهي تعطيهالكأس وهما في نعيم وسرور : أتدري يا حبيب الله متى زوجني الله إياك؟فيقول : لا أدري ! فتقول: نظر إليك في يوم شديد حرّه وأنت في ظمأ الهواجرفباهى بك الملائكة وقال: انظروا يا ملائكتي إلى عبدي، ترك شهوته، ولذتهوزوجته وطعامه وشرابه، رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجني إياك " .
فيا سبحان الله بصيام يوم شديد حرّه يتلذذ ذلك المؤمن وزوجته على ضفاف أنهار العسل، فهذا زفت عروسه لصيامه، وآخر لخشيته لربه وإشفاقه، وتزف العروس لأصحاب القلوب المتعلقة بالمساجد، تزف العروس للمنفقين سرا وجهرا، تزف العروس أيها الإخوة للذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، تزف العروس لأهل القرآن الذين يرتقون في الجنان، تزف العروس للذين هم لفروجهم حافظون، ولأماناتهم وعهدهم راعون، تزف العروس لعيون طالما نفرت دموعها خشية من ربها، تزف لأجساد وقلوب وهبت نفسها لله، تزف لأهل التوبة والاستغفار، تزف العروس للعفيف المتعفف، والضعيف المتضعف، والمتواضع ذي الطمرين المدفوع بالأبواب، تزف العروس لتارك المراء ولو كان محقا، وتارك الكذب ولو كان مازحا، تزف لمن حسن خلقه، وكظم غيظه، وعفا عمن ظلمه، تزف لمن أفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، الله أكبر أهل الجنان والحور أقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين : { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } [ الأعراف : 43 ] .
فيا خاطب الحسناء إن كنت باغيا *** فهذا زمان المهر فهو المقدم
وكن مبغضا للخائنات لحبها *** فتحظى بها من دونهن وتنعم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد *** تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وكن مبغضا للخائنات لحبها *** فتحظى بها من دونهن وتنعم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد *** تفوز بعيد الفطر والناس صوم
أخي: كلنا نريد أن تزف إلينا تلك العروس فلماذا تضيع من بين أيدينا بلذة ساعة ومتاع دنيا ؟
محروم محروم من شرب الخمر في الدنيا وحرم نفسه شربها مع زوجته في الجنة، محروم محروم من انتهك الأعراض بالزنا وحرم نفسه التلذذ بالحور في الآخرة، محروم محروم من استمع إلى الغناء في الدنيا وحرم نفسه سماع غناء الأشجار مع زوجته في الجنان .
يقول ابن عمر رضي الله عنهما : " والله لا ينال أحد من الدنيا شيئا إلا نقص من درجاته عندالله وإن كان عنده كريم ). ويقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر : "بقدر صعود الإنسان في الدنيا تنزل مرتبته في الآخرة " ، وقبل ذلك يقولربنا عز وجل : { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا } [ الإسراء:19،18 ] .
أخي المسلم :
الحور الحسان في الجنان تزف إلى أفضل زوج لها بعد الأنبياء والصديقين إنه من باع نفسه من أجل الله، صاحب الدماء الطاهرة ذات الرائحة الزكية، إلى ذلك الرجل الذي يقبل على ربه بدمه الملون لون الدم، والريح ريح المسك، إنه الشهيد في سبيل الله ، تلكم العيون التي باتت تحرس وتجاهد في سبيل الله حتى بلغت المراد والمنى، ولن يجف دم شهيد حتى تتمتع عيناه بالحور الحسان .
يا عبد الله
هذه الحور الحسان، وهذه الجنان، وهذا سبيلها، فهل رأيتم أشد غبنا ممن يبيع الجنان العالية بحياة أشبه بأضغاث أحلام ، يبيع الحور بلذة قصيرة وأحوال زهيدة؟ أي سفه ممن يبيع مساكن طيبة في جنان عدن بأعطان ضيقة، وخراب بوار .
فيا حسرة هذا المتخلف حين يرى ركب المؤمنين سائرين الى الجنان، ويمنع من دخولها، عندها سوف يعلم أي بضاعة أضاع .
العروس الأجمل
تلكم المرأة الصالحة التي عاشت في هذه الدنيا نقية عفيفة صالحة مصلحة، تلكم المرأة التي باعت الدنيا بالآخرة، تقبل على ربها يوم القيامة، فتدخل الجنان، فتكون هي الأجمل، بل وأن الحور يكونون خدما لها، فهنيئا لها ولأمثالها .
_________________
تعليق