أخوتي في الله أحببت أن أتحدث معكم اليوم في موضوع غاب عن ذهن الكثير منا , بل يعتبر مفقود عند الكثير والكثير.
ولابد أن لا يغيب عن أذهاننا نحن الدعاة إلى الله نعم , لأننا صورة الإسلام , ومرآته الساطعة , وشمسه المشرقة .
نعم نحن الدعاة إلى الله , نحن القدوة , نحن خير خلف لخير سلف , من هم سلفنا , إنه جيل الرسول وصحابته الكرام , هذا الجيل الذي كانت تنتشر فيه الأمية , ويحيطه الجهل من كل حدب وصوب , هذا الجيل الذي رغم جهله لكنه لم تغب عنه هذه الأمور الذي كان يتصف بها جاهلهم قبل متعلمهم , صغيرهم قبل كبيرهم ,ألا وهو خلق الرحمة .
نعم الرحمة :
من أخلاق الداعي الضرورية : الرحمة , وقبل أن أبين أهميتها للداعي , أذكر ما ورد في السنة النبوية , فقد قال صلى الله عليه وسلم ( لا يرحم من لا يرحم الناس ) وقال أيضا ( الراحمون يرحمهم الله تعالى , ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )
إن الداعي لابد أن يكون ذا قلب ينبض بالرحمة والشفقة على الناس و إرادة الخير لهم و النصح لهم باللين ,لأن الداعي المحروم من الرحمة الغليظ القلب المتسلط اللسان لا ينجح في عمله ولا يقبل الناس عليه و إن كان ما يقوله حقا وصدقا .
هذه هي طبيعة الناس ينفرون من الغليظ , المتسلط اللسان , الخشن القاسي في كلامه وعباراته , ولا يقبلون قوله , لأن قبول قول الناصح يستلزم إقبال قلب المنصوح إليه ولا يحصل هذا الإقبال مع خشونة الطبع وغلظة القلب و تسلط اللسان , قال تعالى ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) فإذا كان هذا يمكن أن يقع بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم لو حصل ما ذكرته الآية الكريمة , والرسول لا ينطق إلا بالحق و مؤيد بالحق , فكيف يمكن تصور تخلف الانفضاض عن الداعي إذا كان فظا , غليظ القلب , متسلط اللسان ؟؟؟
فنحن الدعاة إلى الله يجب علينا أن نتقي الله ونتكلف حسن القول والدعوة باللين والتواضع و الرحمة والرفق , إن لم نكن نتصف بهذه الصفات حتى نكتسبها ونألفها , ولا نكون منفرين عن الإسلام بسوء أخلاقنا وغلظة قلوبنا وتسلط ألسنتنا و تكبرنا بما حصلنا عليه من شهادات وعلم و خشونة طبعنا وبذاءة كلامنا , فإن عجزنا عن اكتساب الرحمة وحمل نفوسنا على أخلاق الإسلام فمن الخير لنا وللدعوة ترك الدعوة والانصراف إلى علاج أنفسنا .
فالغلظة والتكبر والتعالي حماقة وجهل ودليل قاطع على جهل من اتصف بها بربه وبنفسه , والسبب الذي يؤدي إلى هذه الصفات من كبر وتعالي وغلظة , عجب الإنسان بنفسه لعلمه أو ماله أو جاهه أو حسبه أو نسبه أو سلطانه , فيؤدي به هذا الإعجاب إلى استعظام نفسه ورؤية قدره فوق أقدار الناس فيحتقرهم ويزدريهم ويستصغرهم ويعنفهم بشدة إن أخطوا أو أزلوا, متناسي خلق الرحمة واللين , الذي لابد أن يتصف بهما , فهما سلاح الداعية الحقيقي الذي لابد أن يتصف بمكارم الأخلاق وحسن الألفاظ ولباقة الأسلوب .
تعليق