إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

"وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

    "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"


    آل عمران: 102








    "لقد توفي الشيخ أحمد ياسين، كم أنا سعيدة من أجله".


    قالتها صديقتي بحبور واضح. و قبل أن أتكلم تابعت ترد على نظراتي المستنكرة:


    " لا تستغربي فرحي، هو طبعاً ليس لموت الشيخ إنما لطريقة موته، تعلمين أنه كان يتمنى الموت شهيداً، لكن أنى له ذلك و هو الشيخ المقعد الذي لا يقوى على خوض المعارك أو اقتحام ساحاتها، كان حلمه يبدو بعيد المنال، لكنه كان صادقاً في طلبه، فساق الله سبحانه و تعالى الشهادة إليه. يعتقد الصهاينة أنهم حققوا نصراً بقتله، لكنهم في الحقيقة أهدوا له ما كان ينشده"




    تفكرت في كلامها، فخفف عني ألم مقتل الشيخ، إنها محقة، كان من الممكن أن يلقى حتفه على كرسيه المتحرك، لكن الله علم إخلاصه و صدقه في سؤال الشهادة فكتبها له، وختم له شهيداً متوجهاً لأداء صلاة الفجر، فما أحسنها من خاتمة.




    فهل صدقنا الله في طلبنا حسن الخاتمة؟ تتحرك ألسنتنا بهذا الدعاء، لكن هل صدَّقتها جوارحنا؟ نعرف جميعًا فضل حسن الخاتمة، فهل جعلناه همًا يوميًا لنا؟ نقرأ القصص فتخشع قلوبنا، فهل نتعظ عملًا لا قولًا؟


    نأمل ذلك، و نرجو من الله أن نكون من المؤمنين الذين تنفعهم الذكرى.




    و لأن في القصص ما يثبت الفؤاد، و يقوي العزيمة، كما في قوله تعالى " وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ" هود: 120نمضي معًا في هذه الرحلة بين صنوف مختلفة من البشر، و نتعرف كيف كانت خاتمتهم.




    و لعلنا نصنفهم في ثلاثة فئات، في كل منها صورتان متناقضتان، الفئة التي ثبتت على رشدها أو غيها فلاقت ما استحقته، و الثانية التي تجانبت عن طريقها فانتهت على غير ما بدأت، و الثالثة التي خلطت بإحسانها معصية و بمعصيتها إحسانًا فجزاها الله العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة.

  • #2
    رد: "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

    من عاش على شيء مات عليه، و من مات على شيء بعث عليه




    " رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ "




    إنها ليلة شتوية باردة، على سرير مستشفى بمدينة أوروبية ترقد فتاة شابة، دخلت في غيبوبة إثر عمل جراحي، و بجوارها جلس عمها يقرأ القرآن، كان قد وصل إلى قوله تعالى : " رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " التحريم: 11عندما سمعها تردد " رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " التفت إليها، فإذا بها صاحية، سألته عن الساعة فأجابها أنها الرابعة فجراً، فطلبت منه أن يوضئها و يوجه سريرها إلى القبلة، فهي تريد أن تصلي، فعل ما طلبته منه، و جلس مستبشرا بإفاقتها من غيبوبتها بعد يومين من القلق عليها، و فجأة سمع الأجهزة الموصولة بها تصدر أصواتاً غريبة، نادى الممرضات بسرعة، ليعلن له وفاتها.





    هذه ليست قصة من نسج خيالي، إنها قصة صديقة لي حدثت منذ أكثر قليلًا من شهرين، رواها لي بعض أقاربها، و رووا معها ما جعلني أزداد احترامًا و تقديرًا على عظيم احترامي و تقديري لها، عرفتها فتاة صالحة صابرة، صوامة قوامة حافظة لواحد و عشرين جزءا من القرآن، ابتلاها الله باليتم في الصغر و بإعاقة على إثر حادث و بفقد الخطيب، فما كان قولها إلا الحمد لله الذي لم يجعل ابتلائي في ديني، كانت عاجزة عن الحركة لكنها قلبها كان نابضاً بحب هذا الدين، فاستعملت الانترنت للدعوة، و كان لها بصمات واضحة في نفوس كثيرين، و أنا منهم،و بقدر ما صدمت و حزنت لوفاتها بقدر ما سعدت عندما علمت أن الله استجاب لها إذ كانت دائما ما تدعوه أن يلحقها بأبيها و أمها غير مفتونة في دينها, رحمها الله و أسكنها الجنة.





    "فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ "






    كان الوقت يقترب من الفجر، و الناس مجتمعون، لا ليس لأداء الصلاة، فنحن لسنا في مسجد، بل في ملهى ليلي، إنهم محتشدون لفعل المنكرات و شرب المسكرات، و على المسرح امرأة تجاوزت الأربعين، تحاول إخفاء آثار مرور الزمن على وجهها بالمساحيق و الألوان و اللباس الفاضح، و بينما هي تغني و الحضور يتمايلون على وقع نغماتها، إذا بشاب يقترب منها، و بيده مسدس صوبه نحوها و أرداها قتيلة، ثم انتحر.






    هذه أيضاً قصة حقيقية، حدثت في بلدي في سبعينيات القرن الماضي، المرأة القتيلة هي مغنية حازت نصيباً من الشهرة و المال، فعمت بصيرتها و اعتقدت نفسها في نعمة، و القاتل هو شاب عشقها و طلبها للزواج فأبت، ألح فاستمرت في رفضها، فما كان منه إلا أن قرر أن ينهي حياتها. سبحان الله، كان سلاحها هو الإغواء و رأسمالها هو استثارة الغرائز، و كانا هما أيضاً من قادها إلى مصرعها، لتموت متكشفة بين الرجال، مغنية بين أقداح تدار، كما أمضت جل حياتها.

    تعليق


    • #3
      رد: "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

      "إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها و بينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار. و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينها و بينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها" صحيح البخاري






      "اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا"





      هذه قصة توبة ممثلة حققت الشهرة و استقطبت الأضواء من خلال أدوار"جريئة" كما يقال، و كان من الممكن أن تنتهي حياتها على هذه المعاصي، لولا أن الله قيض لها ابنة صالحة دفعتها إلى طريق الهداية، كانت البنت تلح على أمها لتترك حياة الاستهتار و تهجر الذنوب، لكن وسطها الفاسد كان يجرها من جديد إلى طريق الانحراف، حتى كادت الابنة تيأس من نجاة أمها، كانت محبطة قانطة يوم صلت وراء إمام فقرأ قوله تعالى"اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا " الحديد: 17 و هنا أيقنت أن هذه رسالة من الله عز و جل إليها أنه قادر على إحياء قلب أمها كما أحيا الأرض الموات، فاستمرت في نصحها و إرشادها و توجيهها لحضور دروس الوعظ و حلقات العلم، حتى أعلنت النجمة الشهيرة توبتها و تبرؤها من كل ما فعلته، و ندمت على العمر الذي أضاعته بعيدا عن الله، فالتزمت بالعبادات بعد أن كانت لا تعرف من الإسلام إلا الشهادتين، و انكبت تتقرب من الله بالصيام و القيام، حتى ختم الله لها ساجدة في شهر رمضان، بعد سنوات من توبتها، فهنيئا لها هذه الخاتمة.






      "رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ"






      "من أحدث قبل السلام بطل ما مضى من صلاته، ومن أفطر قبل غروب الشمس ذهب صيامه ضائعًا، ومن أساء في آخر عمره لقي ربه بذلك الوجه‏"‏ ابن القيم





      اسمحوا لي أن أستفيض في هذه الجزئية و أن أذكر أسماء، فالحديث خطير وواقعي، إنه تلك الذراع الأخيرة بين المرء و الجنة يضل فيها طريقه، فيغدو من أهل النار.






      ابن الراوندي :ذكر صاحب سير أعلام النبلاء أنه كان في أول أمره حسن السيرة مهذب الطبع كثير الحياء , وذكر شيئًا من ذكائه وعقله , ولكنه انسلخ من ذلك كله حين انكب على قراءة كتب الفلسفة والمنطق اليوناني , وكان يلازم الروافض والملاحدة والزنادقة متحججًا بأنه يريد الاطلاع على أحوالهم , فوصلت به الحال إلى أن ألف كتابًا أسماه " الدامغ " يزعم أنه يدمغ به القرآن !! دمغه الله , وكان كثير التأليف،وانتهى به الحال إلى الموت مختبئًا ذليلاً في جحر يهوديٍ يقال له ابن لاوي.






      إسماعيل أدهم : انتحر هذا الرجل في مقتبل عمرهووجدت جثته طافيةً فوق مياه المتوسط , وجدت الشرطة رسالةً منه تفيد بأنه فعل ذلك لزهده في الحياة وكراهيته لها ! وطلبه بألا يدفن في مقابر المسلمين بل تحرق جثته ! فمن يكون يا ترى صاحب النهاية المأساوية البائسة ؟!

      هذا الرجل كان حاد الذكاء واسع الثقافة , له اشتغال بالتاريخ، وعارفٌ بالرياضيات , نال الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931، وكان الأول على دفعته، تأثر إسماعيل أدهم بالمد الشيوعي الإلحادي بسبب إدمانه قراءة إنتاج القوم حتى علقت أفكارهم بذهنه وتمكنت من قلبه ؛ ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقرة ، وأسس جماعة لنشر الإلحاد فيها ، وعاد إلى مصر سنة 1936 فنشر كتاباً وضعه في "الإلحاد" وألف رسالة سماها "لماذا أنا ملحد؟" وكتب في المجلات المصرية. وكان كثير التأليف ويجيد التحدث بست لغاتٍ كل هذا وهو لم يبلغ الثلاثين من العمر إلى أن انتهت حياته بتلك الطريقة البشعة









      فهد العسكر :شاعرٌ مبرزٌ , شب متديناً، يؤدي الصلاة مع والده في المسجد، ويحافظ على أدائها مع والده في كل فرضٍ من الفروض، حتى إنه كان يؤذن في سطح منزله لتنبيه الناس إلى الصلاة! لكنه بعدها كما يقول صاحبه الأنصاري- "أغرق في القراءة، واستمر في الاطلاع على مختلف الآراء والأفكار الأدبية والاجتماعية والسياسية , إذ أكب يقرأ في الكتب التحررية , إلى أن تحول تحولاً كليًا في تفكيره، وفي نظرته إلى الحياة، وإلى بعض التقاليد والعادات الموروثة , ثم أخذ يتعاطى الخمرة التي تغزل بها كثيرًا في شعره، وهكذا، إلى أن أصبح منعزلاً في أفكاره وآرائه عن بيئته المتدينة، وعن المجتمع المحافظ"




      ناصحه أهله ومعارفه وزجروه عن هذا الطريق المشين، ولكنه أبى واستكبر، فهجروه واعتزلوه ونبذوه، فلزم العزلة والانزواء ومعاقرة الخمر مع من هم على شاكلته - نسأل الله العافية - إلى أن أصابه الله بالعمى وهلك بعد أن أصيب بالدرن أيضًا .و لم يصل عليه أحدٌ من أهله بعد وفاته ..! بل لم يصل عليه سوى أربعة أشخاصٍ فقط!! وقام أهله بحرق ما وجدوا من أشعاره التي تنضح بالكفر والاعتراض على شرع الله سبحانه والاستخفاف بشعائره.







      عبد الله القصيمي : بدأ حياته طالب علم متميز، و كان يؤمل له أن يصبح من كبار العلماء، كان القصيمي ممن نافحوا عن عقيدة التوحيد الصافية، و ألف في سبيل ذلك من المؤلفات الشيء الكثير، و من أبرزها " الصراع بين الإسلام و الوثنية " هذا المفكر الأديب المدافع عن الإسلام يفاجئ الكل بإشهار إلحاده، و بكتب يتطاول فيها على الله تعالى، و على رسوله صلى الله عليه و سلم. فما سبب هذا الانقلاب الجذري؟





      من أهم الأسباب التي قدمت لهذا، و أسوقها لنعتبر منها، أن القصيمي، لما ظهر أمره، وذاع صيته، اغتر بنفسه، وداخله الكبر والكبرياء، فكان عاقبة كبره وغروره أن خذله الله وتركه ونفسه، فآثر الخلود للدنيا فسقط مع الساقطين لما انقطع منه توفيق الله، و هذا ما يشهد عليه أشعاره التي غالى فيها في مدح نفسه.





      و منها كذلك أنه قد سلك مسلكاً ليس هو حقيقة روح الإسلام بل هو أقرب إلى الرهبانية و التي ما أنزل الله بها من سلطان . فهو كان صادقًا مع نفسه متحمساً للدين والدفاع عنه، والزهد والتقشف الشديد بدرجة لا تطاق، وهكذا كانت لتلك الحالة ردة فعل قاسية عليه، وكما يقال فإن لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الاتجاه، ولذلك جاء في الحديث الشريف " إن الدين يسر، و لن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا و قاربوا" صحيح البخاري.






      بعد إلحاده شرد القصيمي وطرد وهام على وجهه من بلد إلى بلد ، ومات منفياً وحيداً.


      و للأمانة فإن هناك من يدعي أنه قد عاد إلى الإسلام في مرض موته، و يروى أن

      الشيخ عبد الرحمن القاسم - رحمه الله - عندما علم بمرض عبد الله القصيمي الذي توفي فيه , عزم على زيارته ودعوته للتوبة, فسافر إليه ودخل عليه وهو مستلقٍ على سرير المرض, وتحدث معه محاولا إقناعه بالعدول عن أفكاره, فأجابه وهو يبكي : بأنه يريد ذلك ولكنه لا يقدر ! ثم قال له : احذروا أن يقرأ أبناؤكم كتب الفلسفة !!...






      لا يعلم مدى صحة هذه الرواية , ولكن لا شك أنه يمكن الاستئناس بها, فهي تذكر بحكاية رجلٍ ارتد عن الإسلام وكان حافظًا القرآن الكريم قبل ردته , يروي عنه أحد السلف رحمهم الله أنه بعد ردته تلك لحق بديار الكفار , وفي إحدى الفتوح لقيه الراوي على سور مدينةٍ , فقال له : يا فلان , ما فعلت بالقرآن؟ فأجاب: نسيته كله إلا قوله تعالى"رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ" الحجر: 2وسبحان الله العظيم.





      و من الملفت في هذه النماذج أنهم يشتركون في البدايات المتدينة الملتزمة , و حدة الذكاء, وسعة الثقافة, والافتتان بالإطلاع على كتب الفلسفات والمنطقيات والمذاهب المنحرفة خصوصًا , وكثرة التأليف , ويشتركون كذلك جميعًا في أن ذكاءهم الحاد ذاك وثقافتهم الواسعة تلك لم تنجهم من الخاتمة المؤسفة المخزية بل كانت سببًا موصلاً إليها.

      تعليق


      • #4
        رد: "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

        "إن العبد ليعمل، فيما يرى الناس، عمل أهل الجنة و إنه لمن أهل النار، و يعمل فيما يرى الناس عمل أهل النار و إنه لمن أهل الجنة، و إنما الأعمال بخواتيمها" صحيح البخاري





        لا تحقرن من المعروف شيئًا




        تقول القصة ـ على عهدة الراوي ـ أن رجلًا مقيمًا في أرض الحجاز تكررت عليه رؤيا غريبة، يسمع فيها من يناديه أن اتصل على فلان على هذا الرقم، وخذه معك لأداء عمرة، لبى الرجل النداء بعد تردد، فاتصل على الرقم الذي لُقِنَه في رؤياه، و رد عليه الشخص ذاته الذي سُمي له، أخبره أنه يريده أن يأتي معه لأداء عمرة، فسخر منه و استخف به قائلًا أي عمرة و أنا لا أصلي منذ سنوات، و بعد إلحاح من المتصل و عرضه بتكفل نفقة الرحلة قَبِلَ على مضض.





        سافر إليه صاحب الرؤيا ليقله معه إلى مكة، و عندما رآه استغرب حاله، إذ لا تبدو عليه أمارات الصلاح، و هو ما تحقق منه خلال الرحلة و أثناء العمرة، و ما فتئ يتساءل بينه و بين نفسه ما الحكمة من رؤياه. بعد أن انتهى الرجلان من أداء العمرة، و بينما هما يستعدان ليعيد أولهما الآخر إلى مدينته وفق اتفاقهما، إذا بهذا الأخير ينظر إلى الحرم، و يقول لصاحبه أريد أن أصلي ركعتين فيه، لعلي لا أعود إليه ثانية، دخل الحرم و شرع في الصلاة، و لما أطال في سجوده انتهره صاحبه، فإذا به قد توفي. فما سر هذه الخاتمة الحسنة؟





        لم يكن أمام راوي القصة إلا أن يتصل بأرملة المتوفى ليسألها عن حاله و عن عمله، فأجابته أن زوجها لم يكن يصلي أو يصوم، و كانت زجاجة الخمر صديقته، و لا تعرف له عملا صالحا اللهم إلا أنه كان إذا عاد بطعام العشاء مساء، مر على جارة لهم أرملة فوضع طعامها على الباب و ناداها لتأخذه، فتخرج الجارة و هي تدعو له " الله يحسن خاتمتك "




        " لُعن إبليس وأُهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أمر بها‏.‏ وأخرج آدم من الجنة بلقمة تناولها‏" ابن القيم‏





        يروي الشيخ محمد حسان ـ حفظه الله ـ أن أحد طلابه جاءه يومًا يسأله الدعاء لوالده الذي انتقل إلى رحمة الله، ثم قص عليه كيف مات والده، فقال أن أباه كان رجلًا سليمًا لا يشكو من مرض، و بينما هم يتناولون طعام الغداء، أحس بإقياء فذهب إلى الحمام ليستفرغ، و يبدو أنه قد أحس بدوار فجثا على ركبتيه بجانب المرحاض ـ أعزكم الله ـ و ما هي إلا لحظات حتى سمعوا صرخة قوية منه، فهرعوا إليه ليجدوه ميتًا، و رأسه مدلى داخل المرحاض.






        يقول الشيخ استغربت حقًا من هذه الميتة، و طلبت من الشاب أن يسأل أمه عن عمل أبيه، ليقف على سبب هذه الخاتمة، فأجابت الأم أن زوجها لم يكن يحافظ على الصلاة، إلا أن الشيخ يقول أنه شعر أنه لا بد من وجود شيء آخر، فطلب من الشاب أن يعود ثانية لسؤال أمه، فأجابته أن والده كان يأكل الربا، هنا قال الشيخ هذه هي، لقد عاش يأكل الخبيث، فكانت نهايته بين الخبائث. " الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ " البقرة: 275







        حكايتي مع التفكر بحسن الخاتمة







        ابتليت منذ زمن طويل بسماع الأغاني، كنت أراه ذنبًا يسيرًا مغتفرًا، لكن الله من علي أن بدأت أشعر بوطأته و أرغب في الخلاص منه، و لعل من كان منكم مبتلى بها يعرف صعوبة الإقلاع عن إدمانها، فكيف شفاني الله تعالى من هذا الداء؟





        سمعت درسًا يتحدث عن حسن الخاتمة، و أن من مات على شيء بعث عليه، و بدأت أتخيل كلما استمعت إلى أغنية أن أجلي قد حان، و أنني سأموت و أبعث على هذه الهيئة، إنه أمر مرعب، كيف سأقابل الله تعالى بهذه الصورة؟ صرت كلما مددت يدي لأشغل أغنية أتفكر في هذا الأمر، وسوس لي الشيطان بداية أن لا تخافي فالوقت لا يزال باكرًا على الرحيل، و هي كلها دقائق قليلة! طاوعته لكن قلبي كان يرتعد، فما عدت أراها متعة بل تعذيبًا، حتى انتصرت على ضعفي و انفككت من أسرها.





        "أكثروا من ذكر هادم اللذات"







        فلو أننا رفعنا شعارًا ألا نضع أنفسنا في موقف لا يرضينا أن نقابل وجه الله تعالى عليه لابتعدنا عن الكثير من المعاصي و الذنوب، و لو أننا تفكرنا في أن أي خطوة نخطوها قد تكون هي الأخيرة لما سلكنا إلا طرقات الخير, فنحول عندها رجاء حسن الخاتمة منهجا عمليًا، و ميزانًا للصواب نعرض عليه أفعالنا، دون يأس من رحمة الله "إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" و لا اغترار بصالح العمل "فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ"




        فلنضع نصب أعيننا أن



        الرحلة قصيرة ،



        و الموت محتوم ،



        و العاقبة للمتقين،



        "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى"

        تعليق


        • #5
          رد: "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

          جزاك الله خيراً حبيبتى
          ( اللهم ارزقنا حسن الخاتمة و هون علينا سكرات الموت )




          تعليق


          • #6
            رد: "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

            اللهم ارزقنا حسن الخاتمة

            جزاكِ الله خيراا اختي
            اللهم ارزقني الشهادة في سبيلك يارب

            تعليق


            • #7
              رد: "وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"

              ما شاء الله
              جميييييييل جدا الموضوع يا هالة
              بارك الله فيكِ وجعله في ميزان حسناتك


              رسائل مهمة في نصح الأمة " هام جدا لكل مسلمة
              سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

              تعليق

              يعمل...
              X