بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
قال على بن الحسين :
كان لنا جار من المتعبدين ... قد برز فى الأجتهاد ....
فصلى حتى تورمت قدماه... وبكى حتى مرضت عيناه ...
فاجتمع إليه أهله وجيرانه... فسألوه أن يتزوج
فاشترى جارية وكانت تغنى وهو لا يعلم!!!
فبينا هو ذات يوم فى محرابه يصلى.... رفعت الجاريه صوتها بالغناء ... فطار لبه ..
فرام ما كان عليه من العبادة فلم يطق !
فأقبلت الجارية عليه فقالت : يا مولاى .. لقد أبليت شبابك ورفضت لذات الدنيا أيام حياتك ... فلو تمتعت بى
فمال إلى قولها واشتغل باللذات عمّا كان فيه من التعبد
فبلغ ذلك أخاً له كان يوافقه على العبادة... فكتب إليه :
بسم الله الرحمن الرحيم ... من الناصح الشفيق ... والطبيب الرفيق ...
إلى من سلب حلاوة الذكر ... والتلذذ بالقرآن ... والخشوع والأحزان ...
بلغنى أنك اشتريت جارية بعت بها من الآخرة حظك..
فإن كنت بعت الجزيل بالقليل ... والقرآن بالقيان
فإنى محذرك من هادم اللذات... ومنغص الشهوات ... و موتم الأولاد ..
فكأنه قد جاء على غرة فأبكم منك اللسان... وهدم منك الأركان ... وقرب منك الأكفان ... واحتوشك الأهل والجيران...
وأحذرك من الصيحة إذا جثت الأمم من هول ملك جبار... فاحذر يا أخى ما يحل بك من ملك غضبان
ثم طوى الكتاب فأنفذه إليه... فوافاه الكتاب وهو فى مجلس سروره...ونص بريقه وأذهله ذلك..
فنهض مبادرا من مجلس سروره... وكسر آنيته... وهجر جاريته.. وآلى ألا يُطعم الطعام ولا يتوسد المنام
قال الذى وعظه : فلما مات رأيته فى المنام بعد ثلاث , فقلت : ما فعل الله بك ؟
قال : قدمنا على رب كريم أباحنا الجنه..... وقال :
الله عوضنى ذو العرش جارية ........ حورائ تسقينى طوراً وتهنينى
تقول لى اشرب بما قد كنت تأملنى ... وقر عينا مع الولدان والعينِ
يا من تخلى عن الدنيا وأزعجه ... عن الخطايا وعيد فى الطواسينِ
من كتاب التوابين_ تأليف ابن قدامه المقدسى
اللهم اجعلنا من الذين إذا ذكّروا بالله تذكروا
10404251_10152662271084039_4767296824241847008_n.jpg
تعليق