رد: ♥♥ تــعـــالــى نــحــب ربــنــا ♥♥.. متجدد بإذن الله
اليوم عدنا إليكم من جديد مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى نحتاج إليه جميعًا وبخاصة فى هذه الأيام
مع كثرة وجود المحن والبلايا يحتاج القلب أن يحيا بهذا الاسم
لتعود إليه سكينته و يعود إليه الطمأنينة والثقة والأمان مع اسم الله
الوكيل
الوكيل ورد في القران أربع عشرة مرة
منها قول الله تعالى: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )" آل عمران : 173 " وهذا هو الموضع الوحيد في القرآن الذي ورد فيه هذا الاسم مطلقًا معرفا بالألف واللام وورد فى مواضع أخرى بصيغ مختلفة فورد مثلاً في قول الله تعالى (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا ) " الأحزاب : 48 " فجاء هنا نكرة منونة وفي قول الله تعالى (ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) " الأنعام : 102" أيضًا بنفس الصيغة وهكذا ورد في أكثر من موضع بهذا الوضع
وورد اسم الوكيل في السُنة
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ( حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار،
وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ )" رواه البخارى "
وهذا من الأذكار المهجورات أن نُكثر من هذا الذكر " حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا "
وهذا من أمارات الإيمان باليوم الآخر لأنكِ إذا علمتِ أن هذا نجاتكِ من أهوال البعث فكيف تغفلين عن مثل ذلك ؟
معنى الوكيــــــــــــل لغة :
يقال وكل بالله وتوكل عليه واتكل أى استسلم لله ويقال توكل بالأمر إذا ضمن القيام به ووكلت أمري إلى فلان أى الجأته إليه واعتمدت فيه عليه
إذًا المعاني تدور حول الاستسلام لأمر الله سبحانه وتعالى والركون إليه و عليه
وصدق اللُجأ إليه والاعتماد على الله سبحانه وتعالى والاعتصام به كل هذا يدخل في معنى التوكل
يقال وكل فلان فلانًا إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته أو عجزًا عن القيام بأمر نفسه
قال تعالى : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) فلماذا تعتمدين على غيره ؟ لماذا تعتمدين على نفسكِ و تظنين في نفسكِ الخير؟ لماذا تعمدين على غيره وتظنين في خلق من خلقه مالا ربما تظنيه فيه سبحانه ؟
وفيها معنى الافتقار فالمتوكل لابد أن يكون مفتقرًا يستشعر عجزه و نقصه
وأنه لا يستطيع القيام بشيء إلا بحول الله تعالى وقوته فلذلك هو يستعين بالله ولذلك المتوكل محفوظًا وهو في أمان و من العجب أن المتوكل لن يصل لرأسه هذا المعنى
لأنه لا يرى في نفسه شيئًا إنما يرى نفسه عاجزًا عن القيام بأمر نفسه و يقال وكل إليه الأمر إذا سلمه و وكله إلي شئ أى تركه إليه
كما فى الدعاء ( يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين )
معنى الوكيل اصطلاحًا :
قال الجوهري : التوكل هو إظهار العجز والاعتماد على غيره ، والاسم التُكلان يقال توكل وتُكلان كما نقول الله المستعان عليه التُكلان : أى عليه الاعتماد
وقال الزجاجي : الوكيل فعيل من قولك وكلت أمري إلى فلان وتوكل به أى جعلته يليه دوني بمعنى أعطيته مفاتيح الأمر واعتمدت عليه في كل هذا الأمر فجعلته يليه دوني وينظر فيه عني
والوكيل يأتي بمعنى الكفيل كذلك قالوا في قول الله تعالى في سورة يوسف :
( اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) أي كفيل
وقال الراغب الأصفهاني : الوكيل فعيل بمعنى المفعول أى الموكول إليه الأمر أما الكفيل فهو من كفله يكفله و كفله إياه والكافل أي العائل كما في قول الله تعالى ( وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ) بمعنى قام على أمورها وكان عائلاً لها
وفي الحديث عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : "قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِى الْجَنَّةِ
وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى , وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلاً " "أخرجه اْحمد و البخاري " إذًا قلنا أن الكفيل بمعنى الوكيل أي بمعنى الكفالة وهو القيام على شؤون هذا الشخص ورعايته وإعالته ونحو ذلك
معنى الوكيل في حق الله تعالى
قال الفراء في قول الله تعالى : (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا) أى كفيلاً بما وعدك وقال في قوله تعالى : (أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً) أي كافيًا وربـــًا
ونحن نريد أن نقف عند هذه الآية التي في سورة المزمل ( رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) بمعنى إذا التفتِ عنه فإلى أين ستذهبين ؟ كلهم خلقه
فإذا التفتِ يمنة أو يسرة فكل هذا خلقه سبحانه وتعالى
فإذا التفتِ يمنة فهذا خلقه " رَبُّ الْمَشْرِقِ " و إذا التفتِ يسرة فهذا خلقه " وَالْمَغْرِبِ " " لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا " فهو سبحانه وتعالى وحده المستحق بأن يتخذه العبد معتمدًا فلا ينبغي عليه أن يوكل أمره إلا لله
ولا ينبغي أن يخضع لغيره ولا ينبغي أن يحب غيره ولذلك قال لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً فاعتمد عليه ولا تخف
وقال ابن جرير في قول الله تعالى : (حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) حسبنا الله ونعم الوكيل أي نعم المولى لمن وليه و كفله
وإنما وصف الله تعالى نفسه بذلك لأن الوكيل في كلام العرب هو المسند إليه القيام بأمر من أسند إليه القيام بأمره
بمعنى أنا أسندتُ أمري إلى الله سبحانه وتعالى و هو وحده القيوم الذي به قيام كل شيء
فأنا وكلتُ أمري على الحي القيوم الذي به قيام كل شيء و هو سبحانه وتعالى قائم بنفسه
لذلك نقول : ( يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين ) فندعو الله ألا يكلنا إلى شيء دونه فقد وكلنا أمرنا كله إليه
فلما كان القوم الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الآيات قد فوضوا أمرهم إلى الله عندما قيل لهم (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ) " قالوا لهم كيف ستعيشون وكل الأرض متكالبة على أهل الإسلام في زماننا هذا؟
( فَاخْشَوْهُمْ) أي فاهربوا وابحثوا عن أي مكان تختفوا فيه عنهم ( فَزَادَهُمْ إِيمَاناً )فحينئذ لاملجأ ولا منجى من الله إلا إليه .. حينئذ يكون الأمر خالصًا لله
فارين إلى الله وحده فلا عاصم الآن من أمر الله تعالى إلا أن يحفظني الله سبحانه وتعالى إذ لايوجد من الجأ إليه غيره فأخلصوا له تعالى لذلك زادوا إيمانــًا ولما كانوا في هذا الموضع قالوا حسبنا الله .. يكفينا الله خير حافظًا
فالمعنى هنا : أن البلاء يزيد أهل الإيمان إيمانــًا فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فوثقوا به
وأسندوا أمرهم إليه وقد وصف نفسه بقيامه لهم بذلك وقد فوضوا أمرهم إليه بالوكالة فقال " ونعم الوكيل " فالله سبحانه وتعالى نعم من يُستند إليه
فإذا مدح الله نفسه بمثل ذلك فماتظنين فعله معكِ و هو يقول أنه نعم الوكيل ؟
من ذا الذي لجأ إليه فكان من الله تعالى أن أدبر عنه ؟ من ذا الذى توكل عليه بصدق فرده أو خذله ؟
سبحانه وتعالى لا يرد من قصده ولا من توكل عليه صادقًا أبدًا
وقال في قول الله تعالى : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا) أي توكل يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) على الله وفوض أنت أمرك إلى الله وثق به في أمورك وولها إياه
وكفى بالله وكيلاً فالله كافيك والله حسبك ناصرك ومؤيدك و وليًا لك ودافعًا عنك
وقال في قول الله تعالى (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) والله على ما خلق من شيء رقيب وحفيظ يقوم بأرزاقه جميعًا و أقواته وسياسته وتدبيره وتصريفه بقدرته سبحانه وتعالى
ويتلخص في معاني اسم الله الوكيل أنه ياتي بمعنى الكفيل وبمعنى الكافي وبمعنى الحفيظ
قال الحليمي : الوكيل الموكل والموفض إليه علمًا بأن الخلق والأمر له لا يملك أحد من دونه شيء و هذا هو المعنى الذي ينبغي أن يترسخ في قلبكِ تجاه ربكِ الوكيل فلاشك أن الله سبحانه وتعالى هو القائم بأمر الخلائق أجمعين والمتكفل برزقهم وإيصاله لهم
والرعايه لمصالحهم وما ينفعهم في دنياهم وأخراهم لأنه يلزم من كونه وكيلاً أن يكون حيًا عليمًا قديرًا سبحانه وتعالى
قويًا رحيمًا حكيمًا جوادًا كريمًا والله سبحانه وتعالى يفي بعهده و يصدق خلقه وعده
فهذه الأوصاف الجليلة هي اللائقة بكماله وعظمته عزوجلفليكن قلبكِ على يقين بهذا
وقال القرطبي :فيجب على كل مؤمن أن يعلم أن كل ما لابد له منه فالله هو الوكيل والكفيل المتوكل بإيصاله إلى العبد فإذا ابُتلى العبد ببلاء ، مثلاً يبتلى بقلة الرزق فيجوع ويعطش فالله وكيله
فإذا توكل على الله سبحانه وتعالى تكفل الله سبحانه وتعالى بإطعامه وسقايته وكسوته
يتوكل عليه وهو في شدة مثلاً أُصيب بدين فيحتاج إلى المال فيتوكل على الله
فيرزقه من حيث لا يحتسب ويفتح له أبواب جوده وإنعامه وفضله رجل يمرض فيتوكل على الله ويوفض أمره له فيخلق الله له الصحة وينعم عليه بعد محنته هذه
امرأة تأخر بها سن الزواج تتوكل على الله سبحانه وتعالى وتُحسن ذلك فيفتح الله لها
فيكون من شأنها أن يدبر لها أمرها ويرزقها بالزوج الصالح
هكذا دائمًا أبدًا كل من توكل على الله كفاه و أغناه
ففوضى أمركِ إليه و ارمي حملكِ على الله تعالى ثم بعد ذلك تنعمى بفضله عليكِ
ولا يدخل لقلبكِ شكٌ أبدًا فى كفايته لكِ فهو سبحانه الوكيل لا يخذل من توكل عليه و هو سبحانه الغنى لا يعجزه شيء
تابعوا معنا لنتعرف على حظ العبد من اسم الله الوكيل
رد: ♥♥ تــعـــالــى نــحــب ربــنــا ♥♥.. متجدد بإذن الله
بعد أن فهمنا معنى الوكيل فكلنا يعلم أن هناك أنواع من الوكالة تختص بالبشر فمثلاً عند القضايا يُوكل الإنسان محاميًا للدفاع عنه و قد يُوكل الإنسان من ينوب عنه فى بعض المعاملات التجارية أو ما شابه ذلك فما الفرق بين وكالة الله عزوجل و وكالة المخلوق ؟
قال ابن العربي : إذا علمتم معنى الوكيل فلله في ذلك منزلته العليا بأحكام تختص به فالله ينفرد بحفظ الخلق فهو الحفيظ وهو منفرد بكفايتهم وقدرته وحده على ذلك و جميع الأمر من خير وشر ونفع وضر كل ذلك حادث بيده
أمــا العبد فالمنزلة السفلى له وفي ذلك ثلاثة أحكام عليه :
الأول :أن يتبرأ من الامور إليه لتحصل له حقيقة التوحيد ويرفع عن نفسه شغب مشقة الوجوب والمقصود من هذا الكلام .. أن الله سبحانه وتعالى مستأثر بأربعة أشياء
هي التي جعلته سبحانه وتعالى له صفة الكمال في الوكالة : فلا حفيظ غيره ، ولا كاف للعباد غيره ، ولا قادر على ذلك غيره سبحانه وتعالى ،
وجميع الأمر من نفع وضر ومن خير وشر إليه سبحانه
أما العبد في حقه عليه أن يتبرأ من الأمور إليه
بمعنى أن الزوجة مثلاً ترى أن زوجها هو الذي يُطعمها ويُشربها وهي معتمدة على ذلك والخوف أنه إن لم يفعل ذلك تشعر بالضياع فهي تركن بقلبها عليه ولا يجوز مثل ذلك
فعليها ابتداءً أن تبرأ من هذا و تعلم أن الأمر كله بيد الله وحده و ما زوجها إلا سبب سخره الله لها و
لكن الله هو الذى يرزق و يُطعم فلا تركن بقلبها إلا على الله
وعلى الزوج ألا يأتي بعد ذلك ويَـمُـن عليها ويقول لها إنكِ لا ينفع فيكِ الخير فأنا أفعل وأجلب لكِ وفي حقيقة الأمر هو لا يفعل ولا يجلب فعليه أن يتبرأ من الأمور إليه فهذا رزق الله سبحانه وتعالى وما هو إلا قنطرة يوصله
ليحصل له حقيقة التوحيد فلا ينسبها إلى نفسه ولا يرى نفسه إلا عاجزًا مفتقرًا إلى ربه
" ويرفع عن نفسه شغب مشقة الوجوب "
بمعنى أنه الآن يرفع عن نفسه هذا المعنى فلا ينسبه إلي نفسه ويعلم أنه لا يستطيع شئ إلا بحول الله و قوته و من ناحية أخرى يجب عليه شرعـًا أن يُنفق على زوجه وهو يقول أن هذا ليس مني
أنا علي أن أسعى في الأسباب لكن الله هو الذي يرزق
فعندما تقول له زوجه يجب أن تجلب لي هذا الشهر أو هذا الأسبوع شيء ما
فيقول لها لا يجب عليَّ لأنه ليس مني ، لو كان الأمر مني فلكي أن تقولي لي هذا إنما هو ليس مني
فسلي الله سبحانه وتعالى أن يُعطيني فأعطيكِ
والولد تقول له هذا وتربيه على هذا المعنى .. تربيه على معنى التوكل على الله والاستعانة به وأن الله هو الرزاق
فعندما يأتيك الولد ويقول لك أبي أريد لعبة ما .. فتقول له سل الله سبحانه وتعالى أن يعطينى مالاً فأجلب لك اللعبة فعندما يلومك ويقول لما لم تجلب لي اللعبة ؟ فتقول له : لأنك لم تدعو الله جيدًا فيتعلم هذا المعنى وهذا هو معنى شغب مشقة الوجوب : " أنه يجب عليك أن تنفق عليهم " فيبدأ كل فرد يطالب بحقوقه " أنا أريد و أنا أريد " فالتوكل يُريحك من هذا الشغب أن تقول هي ليست لي اسأل الله تعالى أن يُعطيني فأعطيك
الثانى : في حق العبد ألا يستكثر ما يسأل فإن الوكيل غني فأنت معتمد على الله وهو غني سبحانه
وإن الإنسان إذا استند على غني يكون عنده جرأة فى الطلب قليلا وهذه مع الناس يتضايقون من ذلك
ويتصورن أن الطرف الذى يطلب يطمع فيهم ويقولون ماهذا الحسد و ما هذا الحقد ؟
ولله المثل الاعلى
إنما في حق الله سبحانه وتعالى بالعكس من لم يسأل الله يغضب عليه الله يحب أن لا تستكثر ما تسأل لذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس
فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تُفجّر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن) " فى الصحيحين "
فيُعلمنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نعلو بمطالبنا ونحاول الوصول لأعلى شيء
فنسأل الله مرافقة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة و لانستكثر ما نسأل لأن الوكيل غنى سبحانه
ولهذا قيل من علامة التوحيد كثرة العيال على بساط التوكل
فهذا من علامة يقين العبد فى ربه وقد قد يغضب البعض هذا الكلام
لكن هذا من علامة التوحيد أن يستكثر الإنسان من العيال وهو متوكل على الله لأن الله هو الذي سيرزقهم
وهو الذي سيتكفل بهم ويحفظهم فهو قد ركن بقلبه كله على الله سبحانه وتعالى
ونفس الأمر في النفقة في سبيل الله بمعنى أن العبد الموحد الواثق بربه المتوكل عليه بصدق
يُنفق فى سبيل الله ولا يخشى شئ و يعتمد على الله ويثق أنه ما نقص مال من صدقة
و أن الله الوكيل سيُغنيه ويُدبر له أمره فيرزقه الله من حيث لا يحتسب وهذا هو التوحيد العالي
حظ العبد من اسم الله الوكيل
الزهد فى الدنيا
قال الإمام بن العربى : إذا علمت أن وكيلك غني وفي قادر ملي فأعرض عن دنياك وأقبل على عبادة من يتولاك " وهذا هو المعنى الثالث فى حق العبد " وهذا أول ما ينبغي أن نقف عنده من حظ المؤمن من اسم الله تعالى الوكيل هو الزهـــــد فى الدنيا
فإذا كنتِ تعرفين أن الله سبحانه وتعالى غني قادر وأنتِ متوكلة عليه فلما تركنى بقلبكِ على هذه الدنيا ؟ حق اسم الله الوكيل ألا تتوكلى على أحد سواه فتزهدى في هذه الدنيا وما فيها ولكن فتشى فى نفسكِ على ماذا ركن القلب ؟ ركنتِ على اسمك ولا على منصبكِ ولا على شهادتكِ ولا على مالكِ و لاعلى اسم العائله ؟
إنما عليكِ ألا تركنى على أي شئ من ذلك ويظهر هذا عندما تُبتلين فيجب أن يكون الله هو وليكِ وهو وكيلكِ فلا تركنى على كارت فلان المسؤول الذي تحملينه ولا رقم موبايل فلان إنما أول شيء يجب أن يركن عليه قلبكِ هو الله
ولكن لو ركنتِ على هذا أو هذا فإن هذا قدح في حقيقة إيمانكِ بهذا الاسم لأن كل هذه الأشياء مجرد أسباب لا يجب أن تتوجهى إليها بقلبكِ إنما يكون قلبكِ متيقن أن الله وحده هو الذى يكشف عنكِ الضر
تحقيق معنى التوكل على الله
يقول الله تعالى : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً ) ويقول عزوجل : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ )
فلما تتوكلين على عباد يفنون ويموتون ولا يقدرون على أشياء كثيرة ليست في قدراتهم؟
لما تتوكلين على حي يموت ؟ بل عليكِ أن تتوكلى على الحي الذي لا يموت سبحانه وتعالى
وقال تعالى : ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ولنتدبر هذه الآية حتى نفهم معنى التوكل بصورة أوضح ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فهو سبحانه عنده غيب أِنت لا ترينه فأنتِ تطلبين الشيء ولا تعرفى حقيقته تريدين الزوج ولا تعرفى الآن لو الزوج جاء في حياتكِ ماذا سيحدث ؟ لو رزقكِ الزوج الآن قد يكون سبب في إعراضكِ عن الله سبحانه وتعالى ويغلق بينكِ وبينه الأبواب
وتـُـفتنين به وتذهبين في طريق آخر أم تصبرى الآن قليلاً حتى يزيد إيمانكِ ويكون هذا سبب أن يكون لكِ زوج أفضل ترضين بهذا أم تصبرين قليلاً وتأخذين زوجًا صالحًا أفضل ؟
ونحن نعرف بالطبع قصة الخضر مع نبي الله موسى عليه السلام وفيها هذا المعنى أنه لو كُشف الحجاب
و رأينا مآلات الأمور لرضي كل واحد منا بقدر الله تعالى
بمعنى يرزقكِ الله بولد وهذا الولد يكون ولد فاجر فيكون سبب تعاستكِ طول عمركِ أو يمنعه عنك ؟ تأخذين الآن مالاً وتطغين وتبيعين آخرتكِ ويكون النكال يوم القيامة والعذاب
أم تصبرين قليلاً على شدة العيش وبعد ذلك يدخر لكِ نعيم أعظم ؟ (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) هو الأول والآخر هو الذي يبتدأ الأمور وإليه تنتهى فوكلى له أمركِ
فإنه يعلم ما لا تدرين أنتِ به والله سبحانه وتعالى يُقدر لكِ الخير وقدره لا يأتي أبدًا إلا بخير فهو سبحانه حتى في العقاب وفي شدة العذاب يكون رحيمًا بالعبد فإذا عذبه هنا كفاه عذاب أشد
فهو لا يدري ما يُدخر له لو لم يعذب هذا العذاب وهذا العقاب في الدنيا فهو رحيمًا حتى في بلائه
(فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ) فلماذا تذلين لغيره ولماذا تحبين غيره ؟ ( وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) فلا تظنى أن الله سبحانه وتعالى غير مطلع فإنه سبحانه وتعالى لا تأخذه سنة ولا نوم فأنتِ تُـفكرين في أوقات وتقولين لنفسكِ الآن يرانى الله سبحانه وتعالى في فتن
وأنا أريد أن يكفيني الله تعالى هذه الفتن وكنت أريد الزواج من أجل ذلك لا أريده من أجل أي شيء آخر هذا ما تقولينه أنتِ بلسانكِ لكن لو دققتِ في الأمر ستجدين آفة في نيتكِ
و أنكِ تريدين الدنيا لكن تُزخرفيها بالآخره وفى الحقيقة أنتِ تريدين أن تتمتعى وتعيشى مثل غيركِ من البنات فلو جاءكِ الزوج الآن مع هذه النية تُـفتنى وتضيعى ولا يظهر هذا إلا بعد حصولكِ على النعمة وهذا نره كثيرًا فى من حولنا
فنرى نساءً ملتزمات و كن مجتهدات فى الطاعة ولكن بعد زاجهن انقلبن على أعقابهن وتركن طريق الهداية تمامًا
وماحدث هذا إلا لعلة فى نيتهن من البداية و أن الهدف كان الدنيا لم يكن لله بحق
فهيا بنا نفهم ما معنى التوكل ؟ التوكل معناه صدق اعتماد القلب على الله عزوجل في استجلاب المصالح وفي دفع المضار من أمور الدنيا والآخرة
وقال الجرجاني : إن التوكل هو الثقة بما عند الله واليأس عما في أيدي الناس وهذا هو الباعث على التوكل فثقتكِ بما عند الله و يأسكِ مما فى أيدى الناس
يدفعكِ دفعًا أن تتوكلى على الله و تعتمدى بقلبكِ عليه بالكلية
ولذلك فأحيانًا تعتمدين بقلبكِ على أحد الناس و تقولين فى نفسكِ أن فلانة هذه هى التى ستساعدنى فى تحقيق هدفى
وإن وقعتُ فى ضائقة لا ريب أنى سأجدها بجانبى و لن تتخلى عنى
فعندما تحدث لكِ ضائقة بالفعل لا تجديها و تخذُلك ولا تقف بجانبك و عندما تحتاجين إليه لا تجدينها .. لماذا ؟ لأنكِ ركنتِ بقلبكِ عليها بل عليكِ أن تيأسى من الناس ولا تعتمدى على أحد منهم فى شئ ولكن إذا أردتِ شيئًا ادعى ربكِ وتوكلى عليه وثقى أنه سبحانه يُدبر لكِ و يختارلكِ ما يُصلحك
وهو سبحانه وتعالى سيُسخر لكِ من يُعينكِ وربما تكون إنسانة لم تخطر ببالكِ يومًا
لكن أنتِ لا تعتمدى على أحد ولا تركنى بقلبكِ على أى إنسان ولو كان والدكِ أو والدتكِ بل توكلى على الله وحده
قال ابن القيم : التوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه
فمن أنكرالأسباب لم يستقم معه التوكل ولكن من تمام التوكل عدم الركون لأيًا من الأسباب و قطع علاقة القلب بها فيكون حال قلبه قيامه بالله لا بها وحال بدنه قيامه بها
فمن تمام التوكل أن يتخذ العبد السبب ولا يركن بقلبه عليه بأن يعتقد الإنسان مثلاً أن هذا السكين لا يقطع هذه التفاحة مع أن السكين هو الذى يقطعها
لكنه يعلم أن هذا سبب وأن الله لو أراد أن يتخلف عن السبب تأثيره لكان
وأنه بحول الله تعالى وقوته ليس بشيء آخر قطع السكين التفاح
إنسان مثلاً يمرض وهذا الدواء يقول الأطباء أنه أفضل الأدوية وأن مفعوله في سويعات قليلة يصير الانسان بفضل الله تعالى بعدها مُعافى تمامًا
فيتناول الإنسان الدواء ويعتمد بقلبه على الدواء أو يعتمد على خبرة الدكتور الذى يعالج جميع المرضى
فإذا به يتخلف السبب عن تأثيره ولا يحصل له الشفاء
إنما العبد الذى يتوكل على الله فهو يعتقد أن هذا الدواء جعله الله سبب ولو أراد الله أن لا يجعله يشفيه فلن يشفيه
و لو أراد أن يشفيه فسيجعله سببًا لذلك فلا يركن بقلبه على السبب أبدًا
قال ابن القَيِّم: التوَكُّل حال مرَكَّبة من مجموع أمور لا يتم إلا بها:
أولها: معرفة بالرَّبِّ وصفاته من العلم والقُدرة والقَيُّوميَّة.
الثاني: الأخْذ بالأسباب فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - جَعَل لكلِّ شيء سببًا.
الثالث: رُسُوخ القلب في مقام التوحيد فلا يلتفتْ إلى غير الله - عزَّ وجلَّ.
الرابع: اعتماد القلْب على الله فلا يتعَلَّق بالأسباب ولكن يعتمد على مُدَبِّر الأمر ومُسَبِّب الأسباب.
الخامس: أن يحسنَ العبدُ ظنَّه بربِّه ومَوْلاه فيعتقد أنَّ تدبير الله - عزَّ وجل - له خير مِن تدبيره لنفسه.
السادس: أن يستسلمَ لهذا التدبير.
السابع: أن يُفَوِّض الأمورَ كلها لله - عزَّ وجلَّ.
الثامن: أن يرضى بقضاء الله - عزَّ وجلَّ.
أقسام التوكل
ينقسم التوكل إلى أربعة أقسام ، فانتبهى لها جيداً حتى لا تزل قدمكِ
القسم الأول : فهو التوكل على الله تعالى في جميع الأمور من جلب المنافع ودفع الضار
و هذا القسم هو شرط من شروط الإيمان و صحته .
القسم الثاني : فهو التوكل على المخلوقين في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله تعالى كإنزال المطر أو شفاء المرضى أو تحقيق النصر
أو غير ذلك مما هو من خصائص الربوبية فهذا شرك أكبر ،يستوجب الخلود في النار أبد الآباد و العياذ بالله .
القسم الثالث : التوكل على المخلوقين كالأمراء و السلاطين و الوجهاء و المسؤولين فيما أقدرهم الله عليه من دفع الأذى و نحوه
و هذا شرك أصغر ينافي كمال التوحيد و ينقص درجته
لأنه اعتماد على الأشخاص و المخلوقين و التوكل الخالص يجب أن يكون على الله وحده لا شريك له .
القسم الرابع : فهو توكيل إنسان للقيام ببعض المعاملات نيابة عنك من بيع و شراء و نحو ذلك فهذا أمر جائز
ولكن الأولى أن لا تقول : توكلت على فلان و إنما وكلت فلاناً في قضاء حاجتي كذا وكذا
لأن المسلم يظل في جميع الأمور معتمداً على الله وحده متوكلاً عليه سبحانه.
تابعونا لنتعلم أكثر عن معنى التوكل و الفرق بينه وبين التواكل و التفويض
فهنا يضع الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدة جليلة هي : أن كل ما يؤدي إلي ترك العمل أو يكون مظنه للإتكال والتواكل فليس من التوكل في شيء
ويُفهم من هذا الحديث أن الإتكال يعني ترك العمل وعدم الأخذ بالأسباب وهذا ينافي التوكل
الفرق بين التوكل والتفويض بين التوكل على الله وتفويض الأمرإليه علاقة عموم وخصوص فالتفويض أوسع من معنى التوكل قال الهروي : التفويض ألطف إشارة وأوسع معنى من التوكل فإن التوكل بعد وقوع السبب
والتفويض قبل وقوعه وبعده وهو عين الاستسلام والتوكل شعبة منه
يقول بن القيم : يعني أن المفوِّض يتبرأ من الحول والقوة ويفوض الأمر إلى صاحبه من غير أن يقيمه مقام نفسه في مصالحه
بخلاف التوكل فإن الوكالة تقتضي أن يقوم الوكيل مقام الموكل
فالتوكل يكون بعد وقوع السبب بمعنى أن العبد أخذ بالسبب وتوكل على الله .. ذاكر و توكل .. سعى للرزق و توكل
فإذا قام على السبب ولم يركن إليه هذا يسمى توكل
إنما التفويض فإنه يكون قبل وقوع السبب وبعده فالتفويض عين الاستسلام
أى أن العبد يكون تارك الأمر من البداية ولا ينتظر أي شيء بمعنى أنا أفوض أمري إلى الله سبحانه وتعالى
ولا أنتظر أن ما أريده وأتمناه يتحقق فالمفوض أمره لله قبل وبعد السبب ركن إلى حول الله تعالى وقوته وإلى تدبيره سبحانه لا إلى نفسه وتدبيره هو
فتجده راضي لانه يعلم أنه سبحانه سيُدبر له أمره فسيكون على ما يريد هو سبحانه ويثـق أن اختيار الله أفضل من اختياره لنفسه
فإذا ركن العبد بقلبه على الله واعتمد عليه قبل السبب وبعد السبب هذا يسمى تفويض
وإذا ركن بقلبه عليه بعد السبب فقط يسمى توكل وهذا هو الفرق بينهما
التوكل والثقة بالله يقول ابن القيم "قال صاحب المنازل: الثقة: سواد عين التوكل ونقطة دائرة التفويض وسويداء قلب التسليم
وصدَّر الباب بقوله تعالى لأم موسى: ( فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )
فإن فعلها هذا هو عين ثقتها بالله تعالى إذ لولا كمال ثقتها بربها لما ألقت بولدها وفلذة كبدها في تيار الماء
تتلاعب به أمواجه وجرياته إلى حيث ينتهى أو يقف
ومراده: أن الثقة خلاصة التوكل ولبه كما أن سواد العين أشرف ما في العين
وأشار بأنه نقطة دائرة التفويض إلى أن مدار التوكل عليه وهو في وسطه كحال النقطة من الدائرة فإن النقطة هي المركز الذي عليه استدارة المحيط
ونسبة جهات المحيط إليها نسبة واحدة وكل جزء من أجزاء المحيط مقابل لها كذلك الثقة هي النقطة التي يدور عليها التفويض"
فإذا أردتِ أن تحققى التوكل على الله عليكِ أن تثقى بالله فهذه هى النقطة الرئيسية فى الأمر
إذا وثقتِ به ستتوكلين عليه و ستفوضين الأمر عليه ، فالبداية من الثقة به عزوجل
مواطن التوكل
التوكل مطلوب في كل شيء في حياتك لكن هناك مواطن معينة جاء الشرع بالحض عليها وهى خمسة عشر موطنًا :
إذا أعرضتِ عن أعدائكِ ورفقاء السوء فليكن رفيقكِ التوكُّل
قال تعالى : ( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ) [النساء: 81]
لا تخشى الوحدة ولا تخشى فراقهم فإن معكِ الله وهو حسبكِ وهو وكيلكِ وثقى أنكِ ستعيشين أفضل حياة فى طاعته والقرب منه
و أنه سيعوضك بالرفقة الصالحة المُعينة على طاعته الوفية فى محبتها ومودتها لكِ
فلا تضعُفى وتتذبذبى إذا أعرض الناس عن دعوتكِ إياهم للخير بل ثقى في الله وتوكَّلى عليه
ولا تستوحشى لقلة السالكين والمستجبين لكلامكِ وتوكلى على العزيز الرحيم
إذا تلوتِ القرآن أو تُليَّ عليكِ فاستندى على التوكُّل
ثقى في إن هذا هو الحق من ربُّكِ واخضعى لحكمه ولا يخطر ببالكِ أن هناك من القوانين البشرية ماهو أفضل من حكم الله
بل ثقى فى الله وفى أن حكمه هو الحق وهو الخير لكل زمان ومكان قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) [الأنفال: 2]
إذا طلبت الصُلح والإصلاح بين قومٍ لا تتوسلى إلى ذلك إلا بالتوكُّل
يقول الله تعالى : ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [الأنفال:61]
إِذا وصلت قوافل القضاء استقبليها بالتَّوكُّل
فإذا كان البلاء قادمًا استقبليه بالرضا و الثقة بالله قال تعالى : ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُون ) [التوبة: 51].
إِذا نصبت الأَعداء حِبالات المكر ادخُلى أنتِ فى أرض التوكُّل
خصوصًا فى زماننا هذا وقد كثُرت الخدع والحيل وكثُر مكر الناس من حولكِ وأنتِ تخشين من حيلهم و ألاعيبهم وخديعتهم لكِ
فأمانكِ من كل هذا أن تستمسكى بالتوكل على الله قال تعالى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُفَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ ) [يونس: 71].
إِذا عرفتِ أن مرجع الكل إِلى الله وتقدير الكل منه سبحانه وطِّنى نفسكِ على فَرْش التوكُّل
رد: ♥♥ تــعـــالــى نــحــب ربــنــا ♥♥.. متجدد بإذن الله
وها نحن نُكمل مسيرتنا نحو الحــــــ ـب
انه حبُ ليس كأى حب . مفتاح كل حب آخر؛ متى أحبك ألقى عليك ثوب القبول
فأحبك كل من رآك عرفوك أم لم يعرفوك، محبة الأحد تغنيك عن محبة كل أحد!! وحتى تصلى الى هذه المنزلة العالية
لابد أن تعرفى ربك لتحبيه حب لايفوقه اى حب
تعالــــــــــــى نحب ربنا
موعدنا اليوم مع اسم الله
سبحــــان اللطيف الخبيــــر ..
يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب ومنعه هو خيـــر العطــــاء ..
يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس والطير والحيوان والجماد والنبـــات،
ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح إلى مستحقِّها دون العُنْف ولو نظر الإنسان إلى الكون من حوله، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه واضحةً جليَّة ..
ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز، واللهُ تعالى في نهاية اللطف،
ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن، فليس لك إلا أن تدعوه سبحــــانه قائلاً:
يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا ..
هل يستطيع الإنسان وقد بلغ ما بلغ من التقدم والعلوم أن يجعل البناء الذي هو مئة طابق لا يستند إلى الأرض،
بل تحته فراغ كلياً، مستحيل !!!
لكنك يجب أن تعلم أن هذا الكون مترابط مع بعضه بعضاً بقوى التجاذب، وقوى التجاذب لا تراها
وإذا مشيت خلالها ليست عائقاً أمام حركتك.
إذاً من لطف الله عز وجل أن هذا الكون مربوط بقوى موجودة وقوية، لكنك لا تراها، اللَّـهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾
لو أن إنسانًا رافقك يومًا لا تحتملى، تضجرى منه، لكن الإله مع كل إنسان بلطف ، والدليل اذا فعل فعلاً لا يرضي الله،
يأتي العقــاب، معنى ذلك أن الله معك، ورأى ما فعلت وأدبكِ ولكن بلطفه سبحانه وتعالـى
{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك : 14] نحن أحياناً إذا أقبلنا على إنسان لنهديه، نريد أن يصبح مثل الصِديق بعد ساعة، شيء مستحيل !!
هذا ألِف عادات، وأعمالا، ومبادئ، فأنت تتلطف معه، الله إذا هدى إنسانًا فبلطف
تجد الشخص شارب خمر، الله عز وجل ما بطش به.
أحدهم سيق إلى النبي ، وهو شارب خمر، ولعنه الصحابة، قال: لا تلعنوه إنه يحب الله ورسوله.
المعصية معصية، لكن قد يكون العاصي قريبًا من الله، قريبًا قرب انكسار، قرب ندم، قرب رغبة بالتوبة، قرب حسرة على هذه المعصية. تأملى سرّ اقتران اسمه ( اللطيف ) باسمه (الخبير ) إذ باقتران الاسمين نستدل على عظم رحمة الله وسعة فضله . . فإنه ( خبير ) بعباده وباعمالهم و لا يخفى عليه شيء من أعمالهم - من خير أو شر - ومع ذلك فهو يلطف بهم حتى مع ما يكون من علمه جل وتعالى بدقائق أعمالهم وفي هذا الاقتران . . بعث لروح التفاؤل وحسن الظن بالله . . فإن العبد قد يحدّث نفسه : وكيف أدعو الله أو أستغفره وأنا كثير الذنوب والآثام . . فيأتي هذا الاقتران ليبعث في النفس : أن الله خبير بك وبعملك ولا يخفى عليه شيء من عملك وأن هذا الاعتراف بالذنب ينبغي أن يتبعه أمل وحسن ظن بالله وسؤاله تعالى ابتغاء لطفه . .
و من لطف الله بعباده أنه يقدر عليهم أنواعا من المصائب و ضروبا من البلايا و المحن سوقا إلى كمالهم و كمال نعيمهم و قد يكون البلاء في ظاهره بلاء و لا يحمل إلا كل خير مثل قصة سيدنا يوسف عليه السلام فابتلاه الله بالسجن و لكن انتهى الأمر بأحمد العواقب فلا تجعل البلاء يشغلك بل انشغل بمراد الله منك في الابتلاء فمن لطفه-جل وعلا- بعبده أن يبتـليه ببعض المصائب فيوفـقه للقيام بوظيفة الصبر فيها ، فيُـنيله رفيع الدرجات وعالي الرتب .
يقول ابن القيم "ما يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ. وقدْ قَالَ : "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" [صحيح مسلم]
وهل شعرتِ عمرك بإن تقلبك ليلا من لطف الله بك ونعمه عليك ؟! فاللطيف هو المحسن إلي خلقه في خفاء وسترمن حيث لا يعلمون فقلبك ينبض 100ألف مرة يوميا ، وتأخذ نفسك 23 ألف مرة يوميا
وكليتك تنقي 6500 لتر دم يوميا ، وألاف من العمليات الحيوية تحدث بداخلك وفي الكون من حولك وألاف من النعم يحسن الله بها عليك في خفاء وأنت لا تدري. فسبحانه اللطــــــيف..!
فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم، ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، قال تعالى: { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]،
وقال لقمان لابنه وهو يعظه: { يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 16]. اللطـــــيف
هو الذي ييسر للعباد أمورهم ويستجيب منهم دعائهم، فهو المحسن إليهم في خفـــاء وستر من حيث لا يعلمون ..
فنعم الله تعالى عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادُّون ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } [الحج: 63]،
وقال سبحانه: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: 19]،
كما أنه يحاسب المؤمنين حسابًا يسيرًا بفضله ورحمته، ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته.
حظ المؤمن من اسم الله تعالى اللطيــــف
1) أن يتلطف بالمسلمين ويحنو على اليتامى والمساكين والضعفاء ..
ويسعى للوفاق بين المتخاصمين، وينتقي لطائف القول في حديثه مع الآخرين، ويَبَش في وجوههم، ويحمل قولهم على ما يتمناه من المستمعين؛ فإن الظن أكذب الحديث ..
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ "يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ" [صحيح مسلم] فلابد على العبد أن يكون هينًا لينًا .. عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله "ألا أخبركم بمن يحرم على النار ومن تحرم عليه النار؟ .. على كل قريب هين سهل" [رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1744)]
و عن عبد الله بن الحارث بن حزم قال: ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله . [رواه الترمذي وصححه الألباني]
2) السعي في طلب العلم والفهم عن الله تعالى ..
فإذا عَلِمَ العبد أن الله سبحانه وتعالى لا يفوته من العلم شيء وإن دق وصَغُر، أو خفي وكان في مكانٍ سحيـــق .. فعليه أن يؤمن بكمال علم الله وإحاطته، وأنه لن يُحيط بشيءٍ من علمه إلا بما شاء سبحانه وتعالى ..
فينبغي عليه أن يسعى في طلب العلم؛ لمحاولة فهم أسرار الحيــاة حتى يزداد إيمانًا ويقينًا ..
وحين يشعر المؤمن بالعجز عن معرفة بعض الأمور أو الحكمة منها، يزداد تعبدًا وذلاً لله تعالى .. وحين يطلعه الله تعالى على بعض المعرفة، يزداد يقينًا وشكرًا لله سبحانه وتعالى.
3) المحــــــاسبة والمراقبة ..
وإذا عَلِمَ العبد أن ربَّه متصفٌ بدقة العلم، وإحاطته بكل صغيرة وكبيرة، حــــاسب نفسه على أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته؛ لإنه يعلم في كل وقتٍ وحين أنه بين يدي اللطيـــف الخبيــر .. {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] والله سبحانه يجازي الناس على أفعالهم يوم الدين، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر .. قال تعالى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47] ..
وقال تعالى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (*) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7,8]
فحـــــاسبوا أنفسكم قبل أن تُحــــــاسبوا،،
4) حب الله عزَّ وجلَّ، إذ لطف بك وســــاق لك الرزق وأعطاك ما تحتاجه في معاشك ..
فحينما يتأمل لطف الله سبحانه وتعالى بعباده وأنه يريد بهم الخير واليسر، ويُقيض لهم أسباب الصلاح والبر .. يزداد تعلقًا به سبحانه وتعالى، ويزداد حبهُ له
5) الذل والانكســار ..
فإذا أردت أن يعاملك الله سبحانه وتعالى بلطفه، عليك أن تذل وتنكسر بين يديه ..
تعليق