إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الكـــنـــز الــمــهــجــور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكـــنـــز الــمــهــجــور



    الكنز المهجور

    فمما لا شك فيه أن الله عز وجل يحب عباده ويريد لهم الخير جميعاً ، فما من مولودٍ يولدُ وتطأ قدماه الأرض إلا ويريد له ربه الفلاح والنجاح في امتحان الدنيا ، ومن ثمَّ دخول الجنة وتنعمه فيها ( إن الله بالناس لرؤوف رحيم ) [ البقرة: 143] .
    وحين شاهد رسول الله صلي الله عليه وسلم والصحابة الكرام امرأة من السَبْي تسعي ملهوفة تبحث عن ابنها الذي ضل عنها ، فلما وجدته أخذته فألزقته بطنها ، ثم أرضعته ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأصحابه بعد رؤيتهم لهذا المشهد المؤثر " أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟ " قالوا : لا والله فقال :" لله أرحم بعباده من هذه بولدها " ( متفق عليه ) .
    نعم .. الله عز وجل أرحم بعباده من هذه بولدها ، ومن كل والدٍ بولده .
    فإن كان هذا هو حب الأب لأبنائه ، فإن حب الله عز وجل لعباده أشد وأشد ، ومما يؤكد هذه الحقيقة : فرحه سبحانه وتعالي بتوبة العاصين والشاردين والكافرين .
    تأمل معي قوله صلي الله عليه وسلم : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان علي راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتي شجرة فاضجع في ظلها ، وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذا هو بها ، قائمةعنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك ، خطأ من شدة الفرح " ( متفق عليه ) .
    نعم يا أخي فالله عز وجل يريد الخير لجميع البشر حتي اليهود والنصاري .. حتي المنافقين وقطاع الطريق .. حتي الذين يُعذِّبون الناس .. يريد لهم جميعاً أن يستغفروه فيغفر لهم ، ويتوبوا إليه فيقبلهم .. ألم يقل سبحانه لعباده العاصين المسرفين علي أنفسهم ( قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ الزمر : 53 ]
    ألم يقل سبحانه وتعالي للنصاري بعد أن جعلوا له - حاشاه - صاحبة وولدا ( أفلا يتوبون إلي الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ) [ المائدة:74] .
    ألم يقل سبحانه وتعالي عن قُطَّاع الطُّرق ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) [ المائدة:34] .
    ألم يخاطب الناس جميعا ويقول لهم ( يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم ) [ النساء:170 ] .
    فماذا تقول بعد ذلك لربٍّ ودودٍ يريد لعباده جميعاً الخير والسعادة في الدنيا والآخرة " يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك علي ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم ، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً ، لأتيتك بقرابها مغفرة " ( رواه الترمزي ) .

    ************************************************** *********
    غواية إبليس للبشر

    ومما يدعو للأسف أن الكثير من البشر علي مر التاريخ قد شردوا عن طريق الله ، وساروا وراء عدوهم إبليس الذي أقسم بــعزة الله أن يعمل علي إغواء بني آدم وسَوْقِهم معه إلي النار ، ولقد نجح بالفعل في ذلك مع الغالبية العظمي من الناس ، فزين لهم الدنيا وصرفهم عن عبادة ربهم .
    ومع أن البشر قد ساروا وراءه بإرادتهم ، إلا أن الله عز وجل لم يتركهم لطريق التهلكة والضلال والنــار والعياذ بـــالله ، فكانت رسائله المتتالية لهم والتي تذكرهم بحقيقة وجودهم في الدنيا وأنها دار امتحان ، وتهديهم إلي طريقه المستقيم ، وتُيسر لهم سبيل العودة ، وتطمئنهم من ناحـــيته ليفروا إليه .. وكانت آخر هذه الرسائل التاي أرسلها الله للبشر هي القرآن ، فقد جعلها سبحانه وتعالي بمثابة الرسالة الخاتمة للبشرية جمعاء ، وأرسلها مع خير رسله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام .


    ************************************************** *********
    لماذا أنزل الله القرآن ؟

    إذن فقد أنزل الله عز وجل القرآن ليكون وسيلة يهدي الناس من خلالها إلي طريقه وإلي جنته . . .
    ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا * فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمةٍ منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً ) [ النساء:174،175] .
    فإن قلت : ولكن الناس قد يعرفون طريق الهدي والحق ولكنهم لا يستطيعون السير فيه بسبب قيود الشهوات والشبهات التي تُقيِّدُ قلوبهم كما قال سبحانه وتعالي : (أفلم يدَّبروا القول أم جاءهم ما لم يأتِ آباءهم الأولين * أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون * أم يقولون به جِنَّةٌ بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون * ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون ) [ المؤمنون : 68-71 ] .
    نعم ، هذا صحيح فمعرفة طريق الهدي وحدها لا تكفي بل لا بد من وسيلة تعين الناس علي السير فيه .. لا بد من دواءٍ يشفي صدورهم ، ويخلص قلوبهم من سيطرة الهوي وحب الدنيا .. لا بد من وجود مادة تفجر الطاقات وتولد القوة الدافعة داخل الإنسان للسير في طريق الهداية .. وهنا تظهر قيمة المعجزة العظمي للقرآن ألا وهي قدرته الفذة علي التغيير والتقويم والشفاء لكل من يُقبل عليه ، ويدخل دائرة تأثر معجزته ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلي النور بإذنه ويهديهم إلي صراط مستقيم ) [ المائدة : 15-16 ] .
    أرأيت ما وصف الله به القرآن وأنه ليس بكتاب هداية فقط بل إنه كذلك يقوم بإخراج الناس من الظلمات إلي النور بإذن الله ؟!!
    ومما يؤكد هذا المعني المثال الذي ضربه الله عز وجل للناس وبين فيه قدرة القرآن علي التأثير والتغيير ( لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) [ الحشر : 21 ] .
    فالقرآن هو الرحمة العظمي التي أرسلها الله للبشرية لتكون بمثابة الوسيلة السهلة والدواء النافع لشفائها من أمراضها وهدايتها إليه ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدي ورحمة للمؤمنين ) [ يونس : 51 ] .
    هذا هو دور القرآن العظيم ، وهذا هو سر معجزته . . .
    فمصنعه وماكيناته جاهزة للعمل مع أي شخص مهما كان فجوره ، ومهما كانت علته ، فهو لا يستعصي عليه مرض من الأمراض ، وما من شبهـــة من الشبهات ، أو تصور خاطئ من التصورات إلا وهو جديرُ بإصلاحه وتقويمه - بإذن الله - ليتبدل حال كل من يدخل إلي دائرة تأثير معجزته فيصبح من خلاله شخصاً آخر عابداً لله عز وجل في كل اموره واحواله .

    ************************************************** *********
    .................. يُتبع بإذن الله


    ربي
    ليتك تحلـــو والحياة مريرة وليتك ترضي والأنام غضاب
    وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
    إن صح منك الود فالكل هين فكل الذي فوق التراب تراب

  • #2
    رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

    الجيل الأول

    هذا الدور العظيم للمعجزة القرآنية قد ظهرت آثاره للوجود من خلال الجيل الأول ...
    هذا الجيل الذي كان أفراده قبل إسلامهم غاية في الجهل والتخلف والظلام .. كانوا في ذيل الأمم .. لا قيمة لهم ولا اعتبار لوجودهم .
    هؤلاء بهذه الحالة حين أحسنوا استقبال القرآن ، ودخلوا بالفعل إلي دائرة تأثير معجزته ، وتركوا أنفسهم لماكينته تقوِم كل ما هو معوج فيهم ، أحسن القرآن وقادهم وقام بعمله خير قيام ، وأخرجت مدرسته جيلاً فريداً وكبيراً ، فانتقلت أمتهم متوثبة من الساقة إلي المقدمة وذلك في سنوات معدودة ...
    فإن قلت : إن وجود رسول الله صلي الله عليه وسلم بينهم كان هو السبب الأساسي لتغييرهم هذا التغيير ..
    بلا شك أن وجود الرسول صلي الله عليه وسلم بينهم كان له دور كبير في تل ك النقلة الكبيرة والتغيير المذهل ، ولكن هذا الدور كان يسير جنباً إلي جنب بجوار دور القرآن ، بمعني أن القرآن هو بمثابة مصنع التغيير ، والرسول صلي الله عليه وسلم هو المُربِي الذي تابع عملية التغيير وأشرف عليها .. يضبط الفهم ، ويشحذ الهمم ، ويوجه الطاقات ( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) [ الجمعة:2 ] .

    والدليل علي ذلك أن الرسول صلي الله عليه وسلم هاجر إلي المدينة فوجد الأنصار علي هذا المستوي الراقي العظيم من الإيمان الذي جعلهم يؤثرون إخوانهم المهاجرين علي أنفسهم رغم حاجتهم وضيق ذات أيديهم ( والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) [ الحشر :9 ] . فالمدينة - كما قال الإمام مالك - قد فُتحت بالقرآن


    ************************************************** ******

    صفاء النبع

    هذا الدور العظيم للقرآن لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تفرغ له العبد تفرغاً كبيراً ، وأعطاه وقته وقلبه وعقله ، وأقبل عليه بكيانه ووجدانه ، ولم يخلط معه غيره - وبخاصة في البداية - حتي يكون النتاج صحيحاً نقياً مُثمراً ..

    وهذا ما حدث مع الصحابة رضوان الله عليهم ، فلقد أدركوا قيمة القرآن وأن سبب نزوله الحقيقي هو هداية الناس إلي الله ، وقيادتهم الآمنة إليه ، فانْكَبُّوا عليه ، وتفرغوا له ، وساعدهم علي ذلك أستاذهم ومربيهم ، معلم البشرية محمد صلي الله عليه وسلم ، فلقد كان صلي الله عليه وسلم حريصاً علي وحدة التلقي وصفاء النبع الذي يستقي منه الصحابة فكان دائم التوجيه لهم بعدم الانشغال بغير القرآن حتي يستطيع القرآن أن يقوم بدوره كاملاً في التغيير الجذري دون تشويش من أي شيء آخر .

    انظر إليه صلي الله عليه وسلم ، وقد جاءه عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقال : يا رسول الله : إني أصبت كتاباً حسناً من بعض أهل الكتاب ، فغضب رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال : " أمُتَهَوِكُون فيها يا بن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألونهم عم شيء فيحدثونكم بحق فتكذبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسي حياً لما وسعه إلا أن يتبعني " [ أخرجه أحمد وحسنه الألباني ] .

    إذن لم يكن القرآن وحده لديهم علي الساحة بل كانت هناك كتب اليهود والنصاري ، وكان هناك ميراث الحضارات المجاورة ، ولكنه صلي الله عليه وسلم كان حريصاً علي تصفيه المنبع الذي يستقي منه الصحابة مصادر تكوينهم ليصفو النتاج وتطيب الثمار .


    ************************************************** ******
    ترغيبه صلي الله عليه وسلم للصحابة

    ومع حرصه صلي الله عليه وسلم علي عدم انشغال الصحابة بشيء آخر غير القرآن كان يستخدم معهم أساليب التشويق المختلفة ليستثير مشاعرهم ويدفعهم للإقبال علي القرآن والانشغال به .

    روى مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : " خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن في الصُفَّة ، فقال : أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلي بُطحان ، أو إلي العقيق ، فيأتي منه بناقتين كوماوَيْن ، في غير إثم ولا قطيعة رحم " فقلنا : يا رسول الله نحب ذلك . قال : أفلا يغدو أحدكم إلي المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين ، وثلاث خير له من ثلاث ، وأربع خي له من أربع ، ومن أعدادهن من الإبل " [ رواه مسلم ] .

    وعن أبي القمراء رضي الله عنه قال : كنا في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم حِلَقاً نتحدث إذ خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم من بعض حُجَرِ ه ، فنظر إلي الحِلَقِ ، ثم جلس إلى أصحاب القرآ ن ، فقال : " بهذا المجلس أمرت " [ أخرجه بن منده ] .



    .................. يُتبع بإذن الله


    ربي
    ليتك تحلـــو والحياة مريرة وليتك ترضي والأنام غضاب
    وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
    إن صح منك الود فالكل هين فكل الذي فوق التراب تراب

    تعليق


    • #3
      رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،
      جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ ، متابعة معكِ إن شاء الله
      [ ]

      أنا المقطوع فارحمني وصلني * ويسر منك لي فرجا قريبا
      أنا المضطر أرجو منك عفوا * ومن يرجو رضاك فلن يخيبا
      فيا أسفي على عمر تقضى* ولم أكسب به إلا الذنوبا
      وأحذر أن يعاجلني ممات*يحير هول مصرعه اللبيبا
      وياحزناه من حشري ونشري*بيوم يجعل الولدان شيبا
      تفطرت السماء به ومارت*أصبحت الجبال به كثيبا

      تعليق


      • #4
        رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

        جزاكم الله خيرا ونفع بكم ورفع قدركم اختي

        تعليق


        • #5
          رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

          المشاركة الأصلية بواسطة سُمو مشاهدة المشاركة
          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،
          جزاكِ الله خيراً ونفع بكِ ، متابعة معكِ إن شاء الله
          [ ]

          جزانا وإياكي خير الجزاء
          بارك الله فيكي أختي



          ربي
          ليتك تحلـــو والحياة مريرة وليتك ترضي والأنام غضاب
          وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
          إن صح منك الود فالكل هين فكل الذي فوق التراب تراب

          تعليق


          • #6
            رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

            المشاركة الأصلية بواسطة wfaa مشاهدة المشاركة
            جزاكم الله خيرا ونفع بكم ورفع قدركم اختي
            آمين .. وإياكِ غاليتي بإذن الله


            ربي
            ليتك تحلـــو والحياة مريرة وليتك ترضي والأنام غضاب
            وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
            إن صح منك الود فالكل هين فكل الذي فوق التراب تراب

            تعليق


            • #7
              رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

              جزاك الله خيرا

              تعليق


              • #8
                رد: الكـــنـــز الــمــهــجــور

                المشاركة الأصلية بواسطة طيفٌ نسميه الحنين مشاهدة المشاركة
                جزاك الله خيرا
                جزانا وإياكِ يا حبيبتي ...... نورتي المنتدي


                ربي
                ليتك تحلـــو والحياة مريرة وليتك ترضي والأنام غضاب
                وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
                إن صح منك الود فالكل هين فكل الذي فوق التراب تراب

                تعليق

                يعمل...
                X