إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف تجمع اللإيمان في قلبك للشيخ خالد الحسينان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [هام] كيف تجمع اللإيمان في قلبك للشيخ خالد الحسينان



    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً مباركاً طيباً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله:
    كيف تجمع الإيمان في قلبك؟
    هذا الموضوع اختصره لنا الصحابي الجليل عمار بن ياسر -رضي الله عنه- بقوله: "ثلاثٌ من جمعهن فقد جمع الإيمانَ: الإنصافُ من نفسِك، وبذلُ السلامِ للعالمِ، والإنفاقُ من الإقتارِ".
    لقد كان الأوائل من سلفنا الصالح -رضي الله عنهم- يقولون الكلام القليل، ولكن فيه الثمرات الكثيرة والفوائد العظيمة، بعكس حالنا، أحدنا يتكلم الساعة والساعتين، و لكن قلة البركة وقلة الثمرة و قلة الفائدة في كلامنا ولا حول ولا قوة إلا بالله، فنسأل الله جل وعلى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.

    نقف برحمة الله وفضله وكرمه مع هذه العبارة العظيمة الجليلة، ونحاول أن ندرب أنفسنا، وأن نمرن هذه النفس على تطبيق هذه الصفات الثلاثة، ولقد شرحها الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "زاد المعاد"، و قبلهُ شرحها الإمام النووي -رحمه الله- في كتابه القيم "الأذكار"، فقال -رحمه الله- (أي النووي): "هذه الكلمات الثلاثة تجمع خيرات الدنيا والآخرة"، سأقف مع كل عبارة من هذه العبارات وقفة يسيره، (لعل الله بكرمه ورحمته وفضله أن يمُن علينا بهذه الصفات الجميلة الرائعة):

    أولاً: "الإنصاف من نفسك"، قد يسأل بعض الناس كيف أُنصف مع نفسي؟ قال الإمام النووي -رحمه الله-: "بأن تؤدي حقوق الله وحقوق العباد"، [أي:] أن من الإنصاف أن تؤدي حقوق الله جل وعلا، والله سبحانه وتعالى له حقوق كثيرة علينا، و من أعظم هذه الحقوق وأجلها هو حق التوحيد، وهو أن نوحد الله و لا نشرك به شيئاً، و من حقوق ربنا سبحانه وتعالى علينا [أيضاً] أن نأتي الأوامر وأن نجتنب النواهي.
    ومن الإنصاف أن تنصف مع نفسك، وكيف أن الله أغدق علينا من النعم التي لا تعد ولا تحصى، تصوروا أن نعم الله عز وجل لا تتوقف عنك لحظة واحدة في حياتك، و تصور هذا القلب يدق 24 ساعة بدون توقف، فهل سمعتم أو قرأتم عن جهاز يشتغل أربعين أو خمسين أو ستين سنة؟ ليس هناك جهاز في الدنيا يشتغل أربعين أو خمسين أو ستين سنة،
    لكن هذا القلب -سبحان الله- يشتغل في الإنسان على حسب عمر الإنسان عشرين أو خمسين أو ستين أو ثمانين سنة بدون توقف، وأنت نائم، وأنت تقضي حاجتك، وأنت تأكل، نعم الله تتوالى عليك.
    و هذا النفس الذي يتنفسه الإنسان [من نعم الله عليك]، و ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه "مفتاح دار السعادة": "الإنسان يتنفس في اليوم والليلة 24 ألف نفس"، يعني: 24 ألف نعمة تأتيك يومياً، و هذا فقط نعمة النفس، فما بالك بالنعم الأخرى كنعمة السمع، و نعمة البصر، و نعمة الأرجل، و نعمة اليدين، و نعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، فمن حق الله جل وعلا عليك بما أن نِعَمَ الله تتوالى عليك، وأنك تأتمر بالأوامر وتجتنب النواهي، و من حق الله جل في علاه أن تطيعه طاعة عمياء.
    أضرب لكم مثالاً: لو أن شخصاً من الناس كل شهر يعطيك مليون، كيف ستكون خدمتك لهذا الشخص (وهو ابن آدم مخلوق وعاجز و قاصر)؟ سوف تطيع هذا المخلوق طاعة عمياء، لماذا؟ تقول: هذا الشخص يعطيني كل شهر مليوناً كيف لا أطيعه! [وتقول أيضاً:] هذا ليس من الوفاء، [بل] من حسن الوفاء، بما أن هذا الإنسان يحسن إلي، أن أحسن إليه.
    طيب الله جل وعلا الرب العظيم الكبير، أليس من حقه علينا أننا نحسن التعامل معه، و أن نخلص في عبادته، و أن نتوجه إليه سبحانه وتعالى، و أن نبتعد عن كل ما نهانا عنه، إذاً: فمن الإنصاف أنك بما أن الله أنعم عليك، أنك تُوفِي حقه (وأنت لا تستطيع أن تُوفِي حق هذه النعم)، بأنك تعبد الله بما أمرك به سبحانه وتعالى.

    ثانياً: يقول الإمام النووي: "و حقوق العباد"، أي: أن من إنصاف النفس أن تؤدي حقوق العباد، فالعباد لهم حقوق عليك: كحق الوالدين، و حق الزوجة، و حق الأولاد، و حق الأقارب، و حق الجيران [وغيرها]، (وباِختصار شديد) أن تؤدي الحقوق وأن تجتنب العقوق، و أن تتعامل مع الناس بالصدق والإخلاص والوفاء والوضوح، و أن تحب لهم ما تحبه لنفسك، فهذا من حقوق الناس عليك، إذاً: حتى تجمع الإيمان في قلبك لابد أن تُنصف من نفسك، وقلنا الإنصاف هو أن تؤدي حقوق الله وأن تؤدي حقوق العباد.

    ثانياً: "والسلام على العالم"، أي: على الناس كلهم، إذاً: تسلم على من عرفت وعلى من لم تعرف، و تسلم على الصغير وعلى الكبير، وعلى الوضيع وعلى الشريف، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على تواضع هذا الإنسان، و على سماحة هذا الإنسان.
    ومن الأخطاء السلوكية التي نقع فيها، أن بعض الناس لا يسلم إلا على من يعرفه، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على قلة الإخلاص، تتساءل كيف؟ أقول: الإنسان المخلص يسلم على كل الناس، لماذا؟ يقول لك: أنا أريد الأجر من الله، و أنا لا أسلم فقط على الذي أعرفه (وهذه من علامات الساعة كما جاء في بعض الآثار: أن الإنسان يسلم على من يعرف فقط)، ولقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يذهب إلى السوق فقط ليسلم، ليس لكي يشتري حاجة، [بل] لمجرد فقط أن يسلم على كل من يمر عليه.
    و إفشاء السلام من أسباب دخول الجنة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس أفشوا السلام، و أطعموا الطعام، و صلوا الأرحام، و صلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام"، مع أن إفشاء السلام أمر سهل ويسير، ومع ذلك كثير من الناس يتثاقل عن هذا الأمر و يقول: كيف أسلم على واحد أقل مني رتبة (مثلاً في الوظيفة أو في القبيلة أو في اللون أو في الجنس أو في أي شيء)، و قد يقول لك: أنا مدير أو أنا وزير، أسلم على الفراش أو العامل الذي عندي، طيب سلم يا أخي، ألا تريد الأجر؟ أين التواضع؟ أين الإقتداء بنبينا -صلى الله عليه وسلم-؟ حيث حدثنا أنس ابن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا مر على الصبيان يسلم عليهم، وهو من هو -صلى الله عليه وسلم-!؟ خاتم النبيين والمرسلين، وأفضل مخلوق على وجه الأرض يسلم على الصبيان، و بعض الناس يجد الصبيان يلعبون و لا يسلم عليهم، وهذا خلاف لسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
    و من الأخطاء السلوكية الأخرى التي نقع فيها، أن بعض الناس يُقيِم الشخص بشكله، فإذا رأى هذا الشخص لباسه جميل، وهيئته جميلة، و هندامه جميل، يسلم عليه، و يقول: هذا الإنسان يستحق أن يُسلم عليه، طيب والإنسان الفقير المسكين الذي لا يعرفه أحد، لا يسلم عليه! وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الكِبر في قلب هذا الشخص، إذاً: رمز التواضع أن الإنسان يسلم على من عرف ومن لم يعرفه، و لابد أن تدرب نفسك، و تمرن نفسك على صفة أنك تسلم على جميع الناس، من تعرف ومن لا تعرف.

    ثالثاً: "الإنفاق من الإقتار"، أي أنك تنفق و أنت بحاجة إلى هذا المال، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل أن هذا الشخص عنده ثقة بالله جل وعلا، و عنده توكل على الله، و عنده حب الخير للغير، ولا تنسوا أن الله قال في كتابه الكريم: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين} [سبأ: 39]، الله يعدك [بأن] يُخلفه، ألا تقنع بكلام الله؟! ألا ترضى بكلام الله؟! الله يقول: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}، ثم ماذا قال في نهاية الآية قال: {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، -الله أكبر- الله يصف نفسه بأنه خير الرازقين جل وعلا.
    رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول في الحديث القدسي: "قال الله: أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك"، ألا تصدق بهذه الأحاديث؟! نحن من المشكلات التي نقع فيها أننا نحفظ النصوص الشرعية، ولكن ليس لدينا قناعة تامة وصدق جازم بهذه النصوص الشرعية، فالمشكلة ليس أننا لا نحفظ النصوص الشرعية، لكن المشكلة أننا ليس عندنا الثقة أو الثقة العمياء بهذه النصوص، تجد أحدنا يتردد ويبدأ يقول: صحيح هذا الكلام ما نقص مال من صدقة؟ ويبدأ يتردد ويتشكك، وهذا كله من الشيطان.
    النبي -صلى الله عليه وسلم- يخبرنا أن كل يوم ينزل ملكان، تصوروا أحدهما ماذا يقول؟ يقول: "اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا"، أي: أتلف عليه ماله، و لا تجعل فيه البركة، الملك يدعو عليك، يدعو على هذا الإنسان البخيل، الذي وصف بالبخل والشح والحرص والإمساك، والثاني يدعو لك "اللهم أعطِ مُنفقًا خلفًا"، تصور هذا ملك متخصص كل يوم ينزل يدعو لمن أنفق في سبيل الله، و يدعو لمن تصدق، و دعاء الملك مستجاب.
    فكيف نجسد هذه الأمور الثلاثة في واقعنا، و في حياتنا، و في تعاملتنا مع الآخرين؟
    ثلاثة من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام على العالم، والإنفاق من الإقتار.
    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.





    ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

  • #2
    رد: كيف تجمع اللإيمان في قلبك للشيخ خالد الحسينان

    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


    ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

    تعليق


    • #3
      رد: كيف تجمع اللإيمان في قلبك للشيخ خالد الحسينان

      جزاكِ الله خيرا
      موضوع حلو قوووووى
      نفعنا الله وإياكِ به
      جاهد من أجل تحقيق هدفك و لا تقبل أن تصير جزءًا من أهداف الآخرين
      ♥♥ تــعـــالــى نــحــب ربــنــا ♥♥.. متجدد بإذن الله

      تعليق


      • #4
        رد: كيف تجمع اللإيمان في قلبك للشيخ خالد الحسينان

        المشاركة الأصلية بواسطة * قلبى لله * مشاهدة المشاركة
        جزاكِ الله خيرا
        موضوع حلو قوووووى
        نفعنا الله وإياكِ به

        جزااااااااك الله مثله وأكثر
        تقبل الله دعائك


        ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

        تعليق


        • #5
          رد: كيف تجمع اللإيمان في قلبك للشيخ خالد الحسينان

          سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم


          ربِّ خذ من حياتي حتى ترضى، واجعل كل سكنة وكل حركة وكل لحظة طَرْفٍ فيك ولك!

          تعليق

          يعمل...
          X