قام من نومه فزعا !! إنها الساعة الثامنة صباحا . ركض باتجاه خزانة ملابسه ، و أخذ منها ملابس مناسبة . ثم توقف و نظر في المرآة ، و أصلح من هندامه ، و اندفع نحو الباب يريد الخروج . يا الله ! تذكر أنه كاد أن يخرج من البيت و هو لم يغسل وجهه بعد ، نعم ! فاليوم هو مستعجل و مشغول ، يحتاج ( محمد ) في هذا اليوم أن ينجز الكثير من الأعمال مبكرا ً كي يفرغ في المساء ، فالليلة (مولد النبي (صلى الله عليه و سلم ) ) ، و إن لم يبكر في إنجاز أعماله ، ربما حل عليه المساء و هو بعد في مشاغله فبفوته التبكير لحضور (المولد) . رجع محمد فغسل وجهه ثم خرج و استقل سيارته متوجها إلى عمله ، و انهمك في مهمامه و مشاغله .و في أثناء انشغاله بإنجاز أوراق كانت بين يديه جاءته رسالة جوال . ترك ما في يده ، و فتح الرسالة فإذا فيها : " أخي ! هل تحب الله ، هل تحب الرسول؟ " قال في نفسه : نعم ! و ماذا بعد ؟ واصل القراءة : " إن محبة الله و محبة رسوله أوثق عرى الإيمان " . يا الله ! ما أجملها من كلمات ! تمضي الرسالة : " إن كانت محبتهما بهذه المنزلة ؛ فهل يمكن أن يكون (المولد) من وسائل محبة النبي (صلى الله عبيه و سلم ) ثم يتركنا دون أن يبينه لنا ؟ "علق قائلا ً : ما هذا ؟ ما أدري ، ماذا يقول هذا الرجل ؟ آه إنه ( صالح ) هداك الله يا صالح !
ترك محمد هاتفه الجوال متجاهلا ً ما جاء في الرسالة و عاد لإكمال ما بيده . و فجأة تذكر أنه لم يصل الصبح . توقف قليلا ً ، و تعجب من نفسه ما الذي ذكره بها الآن ، مع أنه في أحيان كثيرة لا يصليها !! قام محمد مباشرة و ترك ما في يده ، و وجد في نفسه همة و نشاطا ً لأن يصلي الصبح لم يكن يعرف مثلها من قبل . و في آخر اليوم أتم محمد جميع أعماله ، و استعد للذهاب إلى ( المولد ) و عندما ركب سيارته أطلق لفكره العنان يتذكر ما مر به في يومه من أحداث . تذكر الرسالة ، و تذكر صلاته للصبح ، و تذكر استعجاله للخروج حتى إنه نسي أول الأمر أن يغسل وجهه . ضحك من نفسه ، و وجد في صدره راحة و أ ًُنسا ً و انشراحا ً ؛ فحمد الله على نعمته . رجع محمد إلى نفسه يحاسبها على هذا التقصير في سنواته الماضية في الصلوات ، و خصوصا ً صلاة الصبح . و بدأ يحدث نفسه : ترى هل أجد هذا الاطمئنان وهذه الراحة باستمرار إن داومت على هذه الصلاة ؟!
تذكر محمد الشيخ خالد الذي اتصل به و أكد عليه التبكير للمولد . و هذا ديدن الشيخ خالد – جزاه الله خيرا ً- يتصل بي سنويا ً بذكرني بهذه المناسبة المهمة .
- نعم ! – حدثته نفسه - : و لكن الشيخ خالد هذا لم يذكرك مرة بصلاة الفجر ، أو يعرض عليك أن يصطحبك إليها مثلما يفعل في شأن ( المولد ) ! إنه يظل طوال عامه مشغولا ً ، غير مهتم بك حتى إذا جاء هذا الوقت من كل سنة تذكرك !
- أعوذ بالله ، ما هذه الخواطر المزعجة ؟ إن الشيخ خالد رجل صالح ، من أولياء الله ، و هو يفعل ذلك حبا ً للنبي ( صلى الله عليه و سلم ) ، و تعظيما ً لمقامه الشريف .
- حبا ً ... نعم حبا ً ! آه ما أجمل الكلمات التي قرأتها في الرسالة اليوم !
عاد محمد إلى هاتفه الجوال ، و استخرج منه الرسالة التي جاءته اليوم من صديقه صالح و أعاد قراءة ما فيها : " أخي ! هل تحب الله ، هل تحب الرسول؟ إن محبة الله و محبة رسوله أوثق عرى الإيمان " .
نعم ! - قال محمد - : ألم يقل ( صلى الله عليه و سلم ) :" أوثق عرى الإيمان الحب في الله و البغض في الله ؟ " . و واصل القراءة : " إن كانت محبتهما بهذه المنزلة ؛ فهل يمكن أن يكون (المولد) من وسائل محبة النبي (صلى الله عبيه و سلم ) ثم يتركنا دون أن يبينه لنا ؟ " .
يتبع , ولنرى ماذا سيفعل محمد تجاه هذه الرسالة وهل سيحتفل بالمولد , وما حكم الإحتفال
خليكم معانا
تعليق