Tweet
دعوة إلى الجنة
محاضرة لفضيلة الشيخ نبيل العوضي- حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص المحاضرة:
1- أيها الأحبة في الله هاهي الجنة تفتح أبوابها، ها هي الجنة تدعوكم إليها ،، فهل من ملبي لهذه الدعوة؟ {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ( سورة آل عمران: 133).
2- إنها للموحدين المصلين القائمين الصائمين الذاكرين القارئين لكتاب الله عز وجل.
نعيمٌ كثيرٌ ينتظرنا فيها، فلنجتهد أحبتي في الله ونستغل كل لحظة من لحظات حياتنا في عبادة الواحد الديان رب السماوات والأرض.
3- فو الله الذي لا اله إلا هو إن هذه الدنيا لفانية، وإن يوم القيامة آتٍ لا ريب فيه، وان الحساب لآتٍ يوم نقف بين يدي الواحد الفرد الصمد ليسألنا ماذا فعلنا في دنيانا؟ وبعدها سيكون مصيرنا إما إلى جنةٍ و إما إلى نارٍ؟
جعلني الله و إياكم من أهل الجنة آمين يارب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (آل عمران: 102)
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} (النساء: 1)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (الأحزاب:70-71)
أما بعد.. فإن خير الكلام كلام الله جل وعلا، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد..
أيها الإخوة المسلمين تخيل يا عبد الله لو أن الدنيا قد انتهت، والساعة قد قامت، والحساب اليسير قد انقضى، والعرض على الله قد انتهى، ثم أمر بك إلى جنة عرضها السماوات والأرض! كيف سيكون حالك؟
تخيل أيها الصائم! تخيل أيها القائم! تخيل أيها العبد الصالح! لو أن الله جل وعلا نظر إلى الخلق فمن عابدٍ للوثن ومن عابدٍ للصنم ومن عابدٍ للشمس والقمر ومن عابدٍ للصلبان ومن مشركٍ بربه جل وعلا، وظهرت أنت تفرد الواحد الديان بعبادة لا تعبد بها سواه، وظهرت أنت أيها الموحد الصائم القائم، وقيل للناس أيها الناس هلموا! إلى الجنان هلموا إلى النعيم!
{وَإِذَا رَأَيْتَ}(الإنسان: 20) من بعيد تراها نورٌ يتلألأ، ريحانة تهتز رائحتها تشم من مسافة كذا وكذا من عشرات السنين، رائحتها كيف بها لو رأيتها! {وَإِذَا رَأَيْتَ}(الإنسان: 20) أي جوع وعطش يعدل ذلك المنظر؟ أي طول قيام يعدل تلك اللحظات؟ {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً} (الإنسان: 20) قبل أن نصف شيئاً فيها آخر إنسان يدخلها؟ أقل أهل الجنة منزلة أقلهم نعيماً أتعرف من؟ أضعف واحد؟ أقل رجل إيماناً بالله جل وعلا يدخل إلى الجنة من هو؟ رجل يخرجه الله من النار فيكون عند طرفها على ضحضاحٍ منها يصيبه شيئاً من النار من لهيبها من حرها من سمومها لكنه قد خرج منها، فينظر من بعيد فإذا شجرة يشتهي أن يستظل بظلها فيقول: "رب أسالك أن تقربني إلى هذه الشجرة"، فيقول الله عز وجل: " عبدي هل عسيت إن أعطيتك إياها أن لا تسألني شيئاً غيرها"، -آخر سؤال آخر طلب آخر دعاء- يقول: "وعزتك وجلالك لا أسألك غيرها"، يهرب من النار فيجلس تحت ظل شجره هل هنالك نعيم أفضل من هذا؟ {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} (آل عمران: 185)، أرأيت الزحزحة الآن فإذا به يقول والله يحلف ما اسأل غيرها فيقربه الله عند الشجرة فيجلس تحت ظلها، فينظر من بعيد فإذا هي الجنة، الجنة يراها ربما الآن شمّ رائحتها ربما رأى النور يخرج منها فيقول: "رب قربني إليها" - لا أريد أن ادخل فقط قربني إليها، "ويحك يا ابن آدم ما أغدرك! ألم تعاهدني أن لا تسألني شيئاً"، قال: "وعزتك وجلالك لا أسألك غيرها". أرأيت كيف يحلف! قسم بعد آخر لكن ابن ادم ينسى حتى في اللحظات الأخيرة لازال فيه الغدر! -ابن آدم بشر خلقهم الله فيهم الضعف فيهم- فإذا به يقول: يارب آخر سؤال، هذا ويحلف فيقربه الله عند الجنة فإذا به ماذا يرى؟ يرى أهل الجنة يضحكون ويلعبون ويتزاورون ويتنعمون، يرى الأنهار تجري، يرى أنهار العسل، يرى أنهار الخمر، يرى أنهار اللبن، يرى أنهار الماء، ماذا يرى؟ يرى الحدائق والجنان ويرى الثمار، ويرى الناس يضحكون ويلعبون فإذا رأى لا يصبر يقول: "يارب أدخلني إلى الجنة أدخلني إلى الجنة"، "يا ابن آدم ويحك ما أغدرك ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها" فيقول: "رب والله لا اسألك غيرها" ماذا يريد بعد الجنة لا يوجد شيء بعدها، يقول: "والله يارب لا أسألك غيرها" فيقول الله عز وجل: "عبدي ادخل وتمنى"- ادخل الجنة وتمنى أرأيت القصور رأيت الأنهار تمنى، رأيت الحور تمنى- تخيل كل ما يراه في الجنة يتمناه فينسى أشياء، فيذكره الرب وتمنى هذا يتمنى وكل ما نسي يذكره الرب تمنى هذا ويتمنى و يتمنى و يتمنى، حتى إذا انتهى من الأمنيات قال الله عز وجل: "عبدي لك ما تمنيت وعشره وأمثاله" -عشر مرات، عشر مرات ما تمنيت- "ادخل الجنة يا عبدي" يدخل إلى جنة عرضها السماوات والأرض هذا من؟ هذا أقل إنسانٍ في الجنة نعيماً!
{وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً}(الإنسان: 12) كل سنة يصومون، كل سنة يزكون يتصدقون يصلون يتنفلون يقومون الليل، يختمون القرآن ألا يجزيهم الرب عز وجل؟ {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلَا زَمْهَرِيراً}(الإنسان: 12-13)
مع من تظنه لوحده؟ هو يتكأ مع الحورية وفي بعض الروايات يجلس معها عند نهر من عسل، أرجوك تخيل ما معنى نهراً من عسل؟ ما معنى نهراً من عسل يجري؟ هل رأيت في حياتك عسل يجري؟ هل تخيلت في يوم من الأيام لبن يجري؟ ليس في أخاديد بل يسكب على أرض الجنة سكباً! يجلس مع من مع الحورية تسقيه من الكؤوس وتجلس عنده، وما أدراك ما الحور العين إذا رأيتها كاللؤلؤة المكنونة تلبس الثياب يرى عظم ساقها من وراء الثياب واللحم والجلد من رقتها ونعومتها. في بعض الآثار أنه يعانق الحورية لا يدعها أربعين سنة، أي جمال هذا! أي حسن هذا! لو تبسمت لو ضحكت لأضاءت كل ما في الجنة، لو أطلعت على الأرض فقط إطلاله منها على الأرض تضيء ما بين السماء والأرض! خمارها!خمارها على رأسها خير من الدنيا وما فيها! {وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} (الواقعة:22-23) لمن هذا يارب؟ {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(الواقعة: 24) وهو معها تسقيه من الخمر ومن اللبن ومن العسل وهي تلهو معه وتلعب معه من شدة النعيم، ما هذا النعيم الذي أنا فيه؟ أي حياة التي أنا فيها الآن؟ تسأله سؤالاً تقول: "يا فلان حبيبي وقرة عيني أتعلم متى زوجنيك إياك الرب عز وجل؟" - تلهو معه تلعب معه تداعبه أتدري متى زوجني إياك الرب؟-، فيقول: "وما أدراني؟"، تقول: نظر الله إليك في يوم صائم يوم حار يوم طويل النهار وأنت صائم- عطش جوع حر تعب- نظر الله إليك وقال لملائكته يباهي بك الملائكة: "انظروا إلى عبدي ترك الطعام ترك الشراب ترك الشهوة" - من أجل من؟ من أجل الله فقط؟ لله جل وعلا! ما فعل هذا إلا لله- "انظروا إلى عبدي ترك هذا لأجل من لأجلي أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له" وتقول الحورية: "وزوجني إيـاك في ذلك اليوم".
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ}(الواقعة: 27) {فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ}(الواقعة: 28) سدر لايوجد فيه شوك {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}(الواقعة: 29-30) لا يوجد تكيف، ظل الله جعله في الجنة مع من؟ تجلس ربما مع زوجتك إن كانت صالحة في الدنيا، مع أمك وأبيك إن كانا من أهل الإيمان، مع ذريتك إن كانوا من أهل الإيمان، مع أقربائك مع أحبابك مع أصحابك {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}(يس: 56) تخيل أنك تجلس مع والديك وأجدادك وأولادك وأحفادك وأزواجك و إخوانك وأخواتك وأقربائك وتتذاكرون الدنيا بما فيها كلكم في عمر واحد أي متعة هذه أي جمال هذا؟ {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(الرعد:23-24) الأمر يحتاج إلى عمل إلى بذل.
أحد الصالحين اقسم قال: والله و الله لأتزوجن حورية في الجنة بثلاثين ختمة، نذر نذراً أن يختم لله ثلاثين مرة من أجل حورية في الجنة فقام الليل واجتهد في الليالي وختم تسعة وعشرين مرة ولم يكمل الثلاثين، وفي الختمة الثلاثين نام ولم يكمل يقول: فرأيت في المنام امرأة ما رأيت مثلها في الجمال فقالت لي وهي تركلني برجلها- تضربني برجلها- تقول لي:
أتطلب مثلي وعني تنام ونوم المحبين عنا حرام
لأنا خلقنا لكل امرئ كثير الصلاة براء الصيام
تريد مثلي وتنام؟ تريد مثلي وتضيع وقتك؟ تريد مثلي وتلهو وتلعب وتترك العبادة والطاعة؟ أي طلب هذا أي خطبة هذه أصلاً.
اسمع لأبي الدحداح كيف دخل الجنة؟ اسمع إليه كيف اشترى حدائق في الجنة؟ في يوم من الأيام يتيم صغير يريد نخلة فرأى نخله ظن أنها له فنظر إليها بجانب بيته، قال: هذه نخلتي، فقال الصحابي رضي الله عنه- جاره-، قال: لا والله هذه نخلتي، قال اليتيم: بل نخلتي، فقال: الرجل بل نخلتي أنا، فذهب اليتيم إلى الرسول عليه الصلاة و السلام يشتكي على هذا الرجل الذي أخد نخلته- يتيم مسكين- فقال: يا رسول الله فلان أخذ نخلةً مني، فذهب النبي يحكم بينهما فنظر إلى النخلة، الرجل يقول: نخلتي، واليتيم يقول: نخلتي، لكن النبي عليه الصلاة والسلام لا يحكم إلا بالعدل، أين النخلة؟ عند الرجل ليست لليتيم لم تكن لليتيم نظر إليها فقال النبي: "بل النخلة للرجل"، فدمعت عينا ذلك اليتيم - مسكين والله هذا اليتيم لكن الحكم حكم والعدل لا نرائي أحداً ولا نحابي أحداً- فقال النبي عليه الصلاة والسلام للرجل: "ما رأيك أن تعطيه النخلة ولك نخلة في الجنة"- أعطه ولك نخلة في الجنة الرجل؛ لأنه غضب كيف يشتكيني عند الرسول عليه الصلاة والسلام؟ كيف يذهب ويظلمني ويتهمني بالظلم ؟ قال: لا والله يا رسول الله-ومن حقه-،قال: النخلة نخلتي. لم يرض أن يعطيه النخلة فسمع أبو الدحداح نخلة في الجنة فذهب إلى الرجل قال: يا هذا ما رأيك أن تأخذ كل بستاني بما فيه من نخيل وأعناب وحدائق وثمار كلها لك بهذه النخلة ما رأيك؟ قال: أحقاً ما تقول؟ قال: نعم كل الحديقة كل البستان كل المزرعة، لكن أعطيني فقط هذه النخلة، قال: بهذه النخلة، قال: بهذه النخلة قال: بعت، قال: خذها فأخذ النخلة ثم جاء لليتيم أتريد النخلة؟ قال: نعم، قال: هي لك، وذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: اشتريت النخلة يا رسول الله وأعطيتها لليتيم قال عليه الصلاة والسلام: "لك بها نخلة في الجنة"، فذهب أبي الدحداح إلى المزرعة فنظر إلى زوجته وأولاده يأكلون قال: اخرجوا ما تأكلون -واخرجوا ما في فمكم حتى- وألقوا الثمار ودعوا الرطب فإني قد بعتها بنخلة في الجنة يا أم الدحداح فإني قد بعتها بنخلة في الجنة يا أم الدحداح، ومرت الأيام ويدخل أبي الدحداح غزوه أحد فيموت أبي الدحداح فيأتي النبي عليه الصلاة والسلام إليه وينظر إليه ويمسح الدمع عن وجهه ويقول: "كم من عِذْقٍ مذلل لأبي الدحداح في الجنة، كم من عِذْقٍ مذلل لأبي الدحداح في الجنة، كم من عِذْقٍ مذلل لأبي الدحداح في الجنة"
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}(الواقعة:10) سابق لا يرضى أحداً أن يختم أكثر منه، لا يرضى أحداً أن يقوم الليل أكثر منه، لا يرضى أحدً أن يرفع يديه يدعي أكثر منه، لا يرضى أحداً أن يتصدق أكثر منه، {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ} (الواقعة:10-14)
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من هذا القليل من الآخرين، وأن يجعلنا من أصحاب اليمين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم.
^^ ^^ ^^
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها الأخوة الكرام مضى عهد النوم وذهب عهد الكسل اجتهد لم يبقى إلا القليل، الدنيا ستزول والساعة قد اقتربت، وكل يوم يقربنا إلى قبرنا.
أخبرني أحد الأخوة قبل أيام أنه توفي له من أقربائه اثنان كلاهما من الشباب في سن صغير، وأخبرت في بلدٍ آخر أيضاً صبي لم يبلغ الحُلُم مات قبل أيام، حتى في رمضان يموت الإنسان، نعم في كل أيام العام يموت الإنسان لحظة! يموت بغتة! هنيئاً لمن شم رائحة الجنة وهو على فراش الموت والله هنيئاً له.
أحد الصالحين رأى فتى صغير كان مع أهله وأقربائه في رحلة والقصة حقيقية، أصيب الفتى في الرحلة بطلق ناري خطأً وكان شاباً صالحاً، أخذوه أمه وأبوه في الإسعاف بسرعة وصل الإسعاف وحمل في الإسعاف وأمه وأبوه معه، وأسرعوا به إلى المستشفى وإذا بهم ينظرون إلى الولد والمسعفون يحاولون إيقاف النزيف وإبقاء الروح في الجسد نظر إلى أمه وأبيه وقال لهما: يا أمي يا أبي إني أودعكما إني أشعر أن روحي تخرج، ويسأل المسعف فيقول له: ماذا تفعل؟ يقول له: اصمت اصمت إن شاء الله كل شيء خير، يقول له الشاب: لا تتعب نفسك لا تتعبوا أنفسكم ولا تحاولوا عبثاً يا أماه والله الذي لا إله غيره إني أشم رائحة الجنة إني أشم رائحة الجنة، تقول أمه: ما وصلنا إلى المستشفى إلا والروح قد خرجت. {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ }(الواقعة:27) ما هؤلاء الناس؟{مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} (الواقعة:27).
رجل آخر كثير الصلاة والقيام والقرآن والعبادة شيخ كبير من أهل الطائف، خرج من الطائف محرماً إلى بلد الله الحرام إلى مكة يريد العمرة أهله وأقربائه كانوا معه يقولون: وصلنا إلى مكة وقد انقضت صلاة الجماعة محرمين كلهم يريدون العمرة، شيخ كبير من أهل القرآن من أهل العبادة قضى عمره في طاعة الله يقولون: دخلنا إلى المسجد يقول صلى بنا إماماً، يقول: أفضلنا في القرآن لا أحد أفضل منه فصلى بنا إماماً فقرأ {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}(الضحى:1-3) يقول فإذا به يشعر بإختناق، {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى}(الضحى:4)يقولون: شهق ولم ندري ماذا نفعل؟ إمام شهق! يقول فقرأ قول الله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}(الضحى:5) فسقط من فوره وقبض الله عز وجل روحه. في الحرم يصلي! يقرأ القرآن! محرم! في طاعة الله {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} وبإذنه سوف يعطيه ربه ويرضى، ويبعث عند الله يقرأها {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} تخيل إذا قدم على الكريم وهو يقرأ هذه الآية تخيل إذا وقف عند ربه وهو يقرأ {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}(الضحى:5)
نختم بهذا الموقف: اسمع أهل الجنة في نعيمهم في لهوهم في شربهم في طعامهم فواكه لحم طير مما يشتهون طعام شراب نعيم تزاور، يوم من الأيام لحظة من اللحظات تناديهم الملائكة: "يا أهل الجنة يا أهل الجنة"ينظرون يشرأبون ماذا يحدث؟ ماذا يوجد؟ "يا أهل الجنة إن ربكم يستزيركم" -يطلب زيارتكم- الله يريد أن تزوروه الله جل وعلا يناديكم للزيارة! فتاتي النجائب -المراكب الوثيرة- فيركبوا عليها ذاهبون أين ؟ عند الوادي الأفيح المليء بالرائحة والمسك فيجلس كم واحد؟ مليارات من البشر مليارت منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة من أهل الإيمان، يجلسون كلهم على كثبان المسك بعضهم على منابر من نور، بعضهم على منابر من ذهب وفضة ومسك ونور كل واحد يجلس في مكانه المخصص، فجأة يسمعون الصوت! صوت من؟ الرب عز وجل يسلم عليهم يقول: "لهم يا أهل الجنة" - فقط صوت الله الآن- "السلام عليكم" فيرد أهل الجنة بصوتٍ واحد: اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام"- اللهم أنت السلام كل أهل الجنة يردون- ثم يسألهم الرب عز وجل: "عبادي تريدون شيئاً" هل يوجد شيئاً ينقصكم؟ هل يوجد شيئاً تريدونه بعد؟ فيقولون: "ربنا ألم تبيض وجوهنا وتنجنا من النار وتدخلنا الجنة"، ماذا نريد أكثر عبادي تذكروا أتريدون شيئاً؟ يارب لا يوجد أفضل من هذا! فجأه إذ سطع نور من أين النور هذا؟ إذ ظهر شيء لهم! نظر أهل الجنة إلى الأعلى فإذا بهم قد كشف الرب عز وجل عن الحجاب ونظر أهل الجنة إلى وجه الرحمن فلما نظروا إليه نسوا نعيم الجنة بأكمله {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ}(القيامة:22) حتى الوجوه تتغير، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ}(القيامة:22) إلى من؟ {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}(القيامة:23) إلى من كانوا يصلون له، إلى من كانوا يسجدون له، إلى من كانوا يصومون له، إلى من كانوا يقرؤون كلامه، {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}(القيامة:22-23) هذا هو المزيد الذي ذكره الله في القرآن عباد الله من أراد جنة كهذه فليعمل في هذه الدنيا، فليعمل في هذا الزمن، فليجتهد فليبذل كل ما عنده من أوقات وأعمار وجهد، فليتصبب العرق وليجع البطن ولتحرم النفس نفسها من ملذاتها كل هذا لما؟ لجنة عرضها السماوات والأرض تستقبلهم فيها الملائكة فتقول: {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}(الرعد: 24)
اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة، اللهم إنا نسألك الجنة، وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك من النار، اللهم إنا نعوذ بك من النار، وما قرب إليها من قول أوعمل، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
قولوا هذا القول وأقم الصلاة.
تعليق