السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا انت/انتِ فى حاله حزن ،،نعلم انه منذ اسبوع حدث حادثه هزت الجميع
ولكن لا
انت/انتِ مسلم/ه
والله كل مسلم يتبرا من هذا الفعل المشين كما اننا احزننا ما حدث لاخ لنا فوالله ما نقول الا :-
انا لله وانا اليه راجعون
فصبراً ..صبراً فإن الموعد الجنة ... يارب إليك المشتكى ... ربنا إنا مظلومون فانتصر
الى كل مسلم
الى كل موحد
تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
«بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا. فطوبى للغرباء» [رواه مسلم 145].
وفي رواية عند أحمد: «طوبى للغرباء طوبى للغرباء طوبى للغرباء فقيل من الغرباء يا رسول الله قال: ناس صالحون في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» [رواه أحمد بإسناد حسن].
لا تحزنوا وانتم غرباء لا والله بل افرحوا واصبروا
فمن حكمة الله وتدبيره في خلقه أن خلق الحياة فتنة وابتلاء..
وجعل الجنّة مثوى من صبر في ذلك الابتلاء وجزاءً.. فقال -تعالى- للمؤمنين الصّابرين حين لقوه: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24].
فعاقبة الصّبر محمودة.. جنّةٌ عرضها السّماوات والأرض.. فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15].
الصّبر نصف الإيمان.. وما أُعطي أحدٌ عطاءً أوسع وخيرًا منه؛ لأنه عماد الثّبات، وأساس المجاهدة، وبه يتفاضل المتقون، ويتفاوت المؤمنون، وأهله يأخذون أجرهم بغير حساب.. {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، قال سليمان بن القاسم: "كل عمل يعرف ثوابه إلا الصّبر".
والصّبر لا يكون فقط على البلاء والمصائب..
وإنما الصّبر خلق المؤمن في الحياة يستعمله لمكابدة الصّعاب والمكاره.. ومغالبة أعدائه الّذين يصدونه عن الله.. وهم نفسه والدّنيا والهوى والشّيطان وأعوانه.. فلا تجده إلا محتسبًا على كل مكروه يصيبه لأجل طاعة الله.. صابرًا على الهمز والغمز.. غير عابئ بكثرة المخالفين لأمر الله.. لا تضره غربته في طريقه إلى الجنّة.. مستعينًا في ذلك بربّه.. حابسًا نفسه عن الشّهوات.. يعدها ويصبرها: اصبري فالموعد الجنّة.
الأجر على قدر المشقة
أجرك على قدر مشقتك.. {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} [الكهف:30].
فصبرك على المعصية عند اشتداد وطيس الفتن.. أجره عند الله عظيم.. وهو أعظم من صبر غيرك إن لم تفتنه فتنة.
فغضك للنّظر إلى المحرمات.. والنّاس ينظرون يورث لك حلاوة الإيمان في قلبك، ويعظم لك المثوبة عند ربّك.
وصبرك على الطّاعة بين أهل المعاصي يُضاعف أجره ويجزل ثوابه؛ لأن الطاعة بين كثرة أهل المعاصي تستلزم ثباتًا ويقينًا ومدافعة لغربة التّفرد بالدّين، وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا. فطوبى للغرباء» [رواه مسلم 145].
وفي رواية عند أحمد: «طوبى للغرباء طوبى للغرباء طوبى للغرباء فقيل من الغرباء يا رسول الله قال: ناس صالحون في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» [رواه أحمد بإسناد حسن].
وصبرك عن المعصية ودواعيها.. بين كثرة المقبلين عليها يضاعف أيضًا أجره عند الله.
وإذا كان الصّبر على البلاء يثاب صاحبه بالنّصر ومغفرة الذّنب وتفريج الكرب، فإنّما أعظم منه الصّبر على التّمسك بالدّين وإليه أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث فقال: «إن من ورائكم أيام الصّبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبيّ الله أو منهم؟ قال: بل منكم»
فأنت اليومفيها ..وايامنا هذه هى ايام الصبر التى اخبر بها
لماذا انت/انتِ فى حاله حزن ،،نعلم انه منذ اسبوع حدث حادثه هزت الجميع
ولكن لا
انت/انتِ مسلم/ه
والله كل مسلم يتبرا من هذا الفعل المشين كما اننا احزننا ما حدث لاخ لنا فوالله ما نقول الا :-
انا لله وانا اليه راجعون
فصبراً ..صبراً فإن الموعد الجنة ... يارب إليك المشتكى ... ربنا إنا مظلومون فانتصر
الى كل مسلم
الى كل موحد
تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
«بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا. فطوبى للغرباء» [رواه مسلم 145].
وفي رواية عند أحمد: «طوبى للغرباء طوبى للغرباء طوبى للغرباء فقيل من الغرباء يا رسول الله قال: ناس صالحون في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» [رواه أحمد بإسناد حسن].
لا تحزنوا وانتم غرباء لا والله بل افرحوا واصبروا
فمن حكمة الله وتدبيره في خلقه أن خلق الحياة فتنة وابتلاء..
وجعل الجنّة مثوى من صبر في ذلك الابتلاء وجزاءً.. فقال -تعالى- للمؤمنين الصّابرين حين لقوه: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24].
فعاقبة الصّبر محمودة.. جنّةٌ عرضها السّماوات والأرض.. فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15].
الصّبر نصف الإيمان.. وما أُعطي أحدٌ عطاءً أوسع وخيرًا منه؛ لأنه عماد الثّبات، وأساس المجاهدة، وبه يتفاضل المتقون، ويتفاوت المؤمنون، وأهله يأخذون أجرهم بغير حساب.. {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10]، قال سليمان بن القاسم: "كل عمل يعرف ثوابه إلا الصّبر".
والصّبر لا يكون فقط على البلاء والمصائب..
وإنما الصّبر خلق المؤمن في الحياة يستعمله لمكابدة الصّعاب والمكاره.. ومغالبة أعدائه الّذين يصدونه عن الله.. وهم نفسه والدّنيا والهوى والشّيطان وأعوانه.. فلا تجده إلا محتسبًا على كل مكروه يصيبه لأجل طاعة الله.. صابرًا على الهمز والغمز.. غير عابئ بكثرة المخالفين لأمر الله.. لا تضره غربته في طريقه إلى الجنّة.. مستعينًا في ذلك بربّه.. حابسًا نفسه عن الشّهوات.. يعدها ويصبرها: اصبري فالموعد الجنّة.
الأجر على قدر المشقة
أجرك على قدر مشقتك.. {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا} [الكهف:30].
فصبرك على المعصية عند اشتداد وطيس الفتن.. أجره عند الله عظيم.. وهو أعظم من صبر غيرك إن لم تفتنه فتنة.
فغضك للنّظر إلى المحرمات.. والنّاس ينظرون يورث لك حلاوة الإيمان في قلبك، ويعظم لك المثوبة عند ربّك.
وصبرك على الطّاعة بين أهل المعاصي يُضاعف أجره ويجزل ثوابه؛ لأن الطاعة بين كثرة أهل المعاصي تستلزم ثباتًا ويقينًا ومدافعة لغربة التّفرد بالدّين، وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ غريبًا. فطوبى للغرباء» [رواه مسلم 145].
وفي رواية عند أحمد: «طوبى للغرباء طوبى للغرباء طوبى للغرباء فقيل من الغرباء يا رسول الله قال: ناس صالحون في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم» [رواه أحمد بإسناد حسن].
وصبرك عن المعصية ودواعيها.. بين كثرة المقبلين عليها يضاعف أيضًا أجره عند الله.
قال الفضيل بن عياض في قوله -تعالى-: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24]، قال: "صبروا على ما أُمروا به وصبروا عما نهو عنه".
وإذا كان الصّبر على البلاء يثاب صاحبه بالنّصر ومغفرة الذّنب وتفريج الكرب، فإنّما أعظم منه الصّبر على التّمسك بالدّين وإليه أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث فقال: «إن من ورائكم أيام الصّبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، قالوا: يا نبيّ الله أو منهم؟ قال: بل منكم»
فأنت اليومفيها ..وايامنا هذه هى ايام الصبر التى اخبر بها
-صلى الله عليه وسلم-.. سنته فيها غريبة والتّمسك بالدّين فيها منعوت.. خارج عن المألوف وفي ذلك تكمن غربته.
لله رجال قد صبروا***وبسعدهم سبق القدرُ
قاموا لله بأمر الله***ولولا الله لما قدروا
كسروا بالذل نفوسهم***جبروا والله وما كسروا
بحديثهم وبذكرهم ***المسك يفوح وينتشر
ولذلك فإن الصّبر على الطّاعة في هذه الأيام.. هو وسامٌ شرفٍ لك.. إذ تفردت بها لمّا تخلف عنها النّاس.. وقمت بها لما تقاعس عنها النّاس.. وعرفت ربك إذ غفل عنه النّاس.
قال ميمون بن مهران: "الصبر صبران: فالصّبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصّبر على المعصية".
وقال ابن القيم: "مشقة الصّبر بحسب قوة الدّاعي على الفعل وسهولته على العبد، فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمران، كان الصّبر عنه أشق شيء على الصّابر، ولهذا كان صبر السّلطان على الظّلم، وصبر الشّاب عن الفاحشة، وصبر الغنيّ عن تناول اللذات والشّهوات: عند الله بمكان [أي: أجرها عند الله عظيم]، ولذلك استحق المذكورون في الحديث، الّذي يظلهم الله في ظل عرشه، لكمال صبرهم ومشقته، فإن صبر الإمام المتسلط على العدل في قسمه وحكمه، ورضاه وغضبه، وصبر الشّاب على عبادة الله ومخالفة هواه، وصبر الرّجل على ملازمة المسجد، وصبر المتصدق على إخفاء الصّدقة حتى عن بعضه، وصبر المدعو إلى الفاحشة مع كمال جمال الدّاعي ومنصبه، وصبر المتحابين في الله على ذلك في حال اجتماعهما وافتراقهما، وصبر الباكي من خشية الله على كتمان ذلك وعدم إظهاره للنّاس؛ من أشق الصّبر، ولهذا كانت عقوبة الشّيخ الزّاني والملك الكذاب، والفقير المختال أشد عقوبة؛ لسهولة الصّبر عن هذه الأشياء المحرمات عليهم، لضعف دواعيها في حقهم، فكان تركهم الصّبر عنها مع سهولته عليهم دليلًا على تمردهم على الله وعتوهم عليه، ولهذا كان الصّبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصّبر" (عدة الصّابرين ص 66- 67).
صبرًا .. أخي فإن الجنة غالية.. ثمنها صبر على المكاره.. ومجاهدة للشّهوات.. وحبس النّفس عن الزّيغ والانحراف.. ففي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لما خلق الله الجنّة والنّار أرسل جبرئيل إلى الجنّة، فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فجاءها فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، قال: فرجع إليه قال: فوعزتك لا يسمع بها أحدٌ إلا دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره، فقال: ارجع إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فرجع إليها فإذا هي حفت بالمكاره، فرجع إليه. فقال: وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد. قال: اذهب إلى النّار! فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضًا، فرجع إليه، فقال: وعزتك لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشّهوات، فقال: ارجع إليها فرجع إليها، فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحدٌ إلا دخلها» [رواه التّرمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقال الألباني: حسن صحيح].
فقدم فدتك النّفس نفسك إنها***هي الثّمن المبذول حين تسلم
فما ظفرت بالوصل نفس مهينة***ولا فاز عبد بالبطالة ينعم
صبر ساعة.. يورثك نعيم خالد..
وما هي إلا ساعة سوف تنقضي***ويدرك غب السّير من هو صابر
الجنّة تستلزم الهمّة
وعلى قدر همتك.. تكون في الجنّة منزلتك.. فإن الجنّة درجات.. وفيها السّابقون المقربون.. وفيها أهل اليمين.. ولكل منزلته بحسب أعماله وصبره في الدّنيا.
ومن لا همّة له.. فذلك الظّالم لنفسه.. التّابع هواها.. فتنته الدّنيا فغفل عن الآخرة.. ونسي حظه فيها.. فجزاؤه بحسب ظلمه.. قال -تعالى-: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السّجدة : 18-20].
فيا حزن المسيء لشؤم ذنب***وبعد الحزن يكفيه جواه
ويندم حسرة من بعد فوت***ويبكي حيث لا يجزي بكاه
يعض يديه من ندم وحزن***ويندم حسرة ما قد عراه
والهمّة تستلزم منك الصّبر والطّموح..
والمكابدة والمجاهدة والعمل.
ولذلك ورد لفظ المكابدة والجهاد والعمل في كتاب الله وسنّة رسوله وأنه من أعمال أهل الجنّة كما قال -تعالى-:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}
[آل عمران: 142]،
وقال -تعالى-: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
[ آل عمران: 136]،
وقال -تعالى-: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24]،
وقال -تعالى-: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وقال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]،
وقال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النّحل: 97].
فهذه الآيات كلها تدل على أن الجنّة تنال بالعمل والمجاهدة فضلًا من الله ورحمةً..
قال ابن القيم -رحمه الله- في قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، قال: "علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل النّاس هداية أعظمهم جهادًا، وأفرض الجهاد: جهاد النّفس وجهاد الهوى، وجهاد الشّيطان، وجهاد الدّنيا، فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنّته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد" (الفوائد، لابن القيم ص91).
أخي: إن بينك وبين الجنة عقبة.. قد وقف لك فيها أربعة أعداء: نفسك والشّيطان ودنياك وهواك!
قال الإمام الجليل الحسن البصري في تفسير قوله -تعالى-: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11] "هي والله عقبة شديدة: مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه والشّيطان".
إني بليت بأربع يرمينني***بالنّبل قد نصبوا على شراكا
إبليس والدنيا ونفسي والهوى***من أين أرجو بينهن فكاكا
يا رب ساعدني بعفو إنني** أصبحت لا أرجو لهن سواكا
فمن أطاع مولاه، وجاهد نفسه وهواه، وخالف شيطانه ودنياه، كانت الجنّة مأواه.
ومن تمادى في غيّه وطغيانه، وأعطى الدّنيا زمام عصيانه، ووافق نفسه في لذاته ومناه، وأطاع شيطانه في منشطه وبلواه، كانت النّار أولى به.
قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النّازعات: 37-41].
وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أن «حفت الجنّة بالمكاره. وحفت النّار بالشّهوات» [صحيح مسلم]، فلا طريق إلى الجنّة إلا طريق الصّبر على المكاره، ولا نجاة من النار إلا بمدافعة الشّهوات.
فصبرًا مع المكاره والفاقة فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر يومًا بأهل الصّفة فقال لهم: «لو تعلمون ما لكم عند الله عز وجل لأحببتم لو أنكم تزدادون حاجة وفاقة» [رواه الألباني بإسناد حسن].
واصبر على الأذى، فإنه ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من الخلق الحسن.
واصبر على النّوافل والقربات، فإن الصّدقة برهان والصّيام جنّة من عذاب النّيران، والكلمة الطّيبة صدقة، وصلة الرّحم رحمة، وبرّ الوالدين نجاة، والسّعي على الأرملة والمسكين موجبات لمعية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:6-8].
أخي: لا تنس أنك في أرض امتحان، تبتلي فيها بالأعمال، وأنه ينتظرك داران ومنزلان، دار نعيم مقيم، ودار نار وحميم ، منزل حبور ومنزل سرور {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]، فإن كنت ممن يؤمن بالجنّة حقًّا، وكنت ممن يريدها صدقًا، فهيئ لها صبرًا جميلًا وأقطع أصل البقاء في الدّنيا، واحمل نفسك على الطّاعة مكابدًا هواها ووساوسها وزيغها، مستعينًا بالله من اتباع أمره، واجتناب نهيه، حتى يفك الله من الدّنيا أسرك، ويؤتيك أجرك!
قال الفضيل بن عياض -يصور حال المؤمن في هذه الدّار-: "المؤمن في الدّنيا مهموم حزين.. همّه مرمة جهازه، ومن كان كذلك فلا هم له إلا التّزود بما ينفعه عند العود إلى وطنه، فلا ينافس أهل البلد الّذي هو غريب بينهم في عزهم ولا يجزع من الذّل عندهم".
وقال بعض الزهاد: "ما علمت أن أحدًا سمع بالجنّة والنّار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها، بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان، فقال له رجل: إني أكثر البكاء، فقال: إنك إن تضحك مقرًّا بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك وإن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه، فقال: أوصني. فقال: دع الدّنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها، وكن في الدّنيا كالنّحلة إن أكلت أكلت طيبًا، وإن أطعمت أطعمت طيبًا، وإن سقطت على شيء لم تكسره، ولم تخدشه" (الفوائد ص 153).
صبرًا في هذه السّاعات المعدودات.. فإن البشرى للصّابرين عظيمة، {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25].
أخي: لو اطلعت على نعيم الجنّة.. وعاينت حسنه وبناءه وجماله؛ لعلمت أن نيله هو محض فضل الله ورحمته، وأن صبرك في الدّنيا لا يرقى لأن يكون ثمنًا للشّراء، وإنما هو الله يجزي على القليل كثيرًا، فالجنّة «لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وبلاطها المسك، وترابها الزّعفران، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت» [رواه الألباني وقال: حسن لغيره].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ولقاب قوس أحدكم، أو موضع قدم من الجنّة، خير من الدّنيا وما فيها، ولو أن امرأةً من نساء أهل الجنّة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها -يعني الخمار- خير من الدّنيا وما فيها» [رواه البخاري].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله -تعالى-: أعددت لعبادي الصّالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فاقرؤوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السّجدة: 17]» [ رواه البخاري].
وصلى الله علي نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
لله رجال قد صبروا***وبسعدهم سبق القدرُ
قاموا لله بأمر الله***ولولا الله لما قدروا
كسروا بالذل نفوسهم***جبروا والله وما كسروا
بحديثهم وبذكرهم ***المسك يفوح وينتشر
ولذلك فإن الصّبر على الطّاعة في هذه الأيام.. هو وسامٌ شرفٍ لك.. إذ تفردت بها لمّا تخلف عنها النّاس.. وقمت بها لما تقاعس عنها النّاس.. وعرفت ربك إذ غفل عنه النّاس.
قال ميمون بن مهران: "الصبر صبران: فالصّبر على المصيبة حسن، وأفضل منه الصّبر على المعصية".
وقال ابن القيم: "مشقة الصّبر بحسب قوة الدّاعي على الفعل وسهولته على العبد، فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمران، كان الصّبر عنه أشق شيء على الصّابر، ولهذا كان صبر السّلطان على الظّلم، وصبر الشّاب عن الفاحشة، وصبر الغنيّ عن تناول اللذات والشّهوات: عند الله بمكان [أي: أجرها عند الله عظيم]، ولذلك استحق المذكورون في الحديث، الّذي يظلهم الله في ظل عرشه، لكمال صبرهم ومشقته، فإن صبر الإمام المتسلط على العدل في قسمه وحكمه، ورضاه وغضبه، وصبر الشّاب على عبادة الله ومخالفة هواه، وصبر الرّجل على ملازمة المسجد، وصبر المتصدق على إخفاء الصّدقة حتى عن بعضه، وصبر المدعو إلى الفاحشة مع كمال جمال الدّاعي ومنصبه، وصبر المتحابين في الله على ذلك في حال اجتماعهما وافتراقهما، وصبر الباكي من خشية الله على كتمان ذلك وعدم إظهاره للنّاس؛ من أشق الصّبر، ولهذا كانت عقوبة الشّيخ الزّاني والملك الكذاب، والفقير المختال أشد عقوبة؛ لسهولة الصّبر عن هذه الأشياء المحرمات عليهم، لضعف دواعيها في حقهم، فكان تركهم الصّبر عنها مع سهولته عليهم دليلًا على تمردهم على الله وعتوهم عليه، ولهذا كان الصّبر عن معاصي اللسان والفرج من أصعب أنواع الصّبر" (عدة الصّابرين ص 66- 67).
صبرًا .. أخي فإن الجنة غالية.. ثمنها صبر على المكاره.. ومجاهدة للشّهوات.. وحبس النّفس عن الزّيغ والانحراف.. ففي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لما خلق الله الجنّة والنّار أرسل جبرئيل إلى الجنّة، فقال: انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فجاءها فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها، قال: فرجع إليه قال: فوعزتك لا يسمع بها أحدٌ إلا دخلها، فأمر بها فحفت بالمكاره، فقال: ارجع إليها فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، قال: فرجع إليها فإذا هي حفت بالمكاره، فرجع إليه. فقال: وعزتك لقد خفت أن لا يدخلها أحد. قال: اذهب إلى النّار! فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضًا، فرجع إليه، فقال: وعزتك لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فأمر بها فحفت بالشّهوات، فقال: ارجع إليها فرجع إليها، فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحدٌ إلا دخلها» [رواه التّرمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وقال الألباني: حسن صحيح].
فقدم فدتك النّفس نفسك إنها***هي الثّمن المبذول حين تسلم
فما ظفرت بالوصل نفس مهينة***ولا فاز عبد بالبطالة ينعم
صبر ساعة.. يورثك نعيم خالد..
وما هي إلا ساعة سوف تنقضي***ويدرك غب السّير من هو صابر
الجنّة تستلزم الهمّة
وعلى قدر همتك.. تكون في الجنّة منزلتك.. فإن الجنّة درجات.. وفيها السّابقون المقربون.. وفيها أهل اليمين.. ولكل منزلته بحسب أعماله وصبره في الدّنيا.
ومن لا همّة له.. فذلك الظّالم لنفسه.. التّابع هواها.. فتنته الدّنيا فغفل عن الآخرة.. ونسي حظه فيها.. فجزاؤه بحسب ظلمه.. قال -تعالى-: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [السّجدة : 18-20].
فيا حزن المسيء لشؤم ذنب***وبعد الحزن يكفيه جواه
ويندم حسرة من بعد فوت***ويبكي حيث لا يجزي بكاه
يعض يديه من ندم وحزن***ويندم حسرة ما قد عراه
والهمّة تستلزم منك الصّبر والطّموح..
والمكابدة والمجاهدة والعمل.
ولذلك ورد لفظ المكابدة والجهاد والعمل في كتاب الله وسنّة رسوله وأنه من أعمال أهل الجنّة كما قال -تعالى-:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}
[آل عمران: 142]،
وقال -تعالى-: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}
[ آل عمران: 136]،
وقال -تعالى-: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:24]،
وقال -تعالى-: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وقال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]،
وقال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النّحل: 97].
فهذه الآيات كلها تدل على أن الجنّة تنال بالعمل والمجاهدة فضلًا من الله ورحمةً..
قال ابن القيم -رحمه الله- في قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، قال: "علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل النّاس هداية أعظمهم جهادًا، وأفرض الجهاد: جهاد النّفس وجهاد الهوى، وجهاد الشّيطان، وجهاد الدّنيا، فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنّته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد" (الفوائد، لابن القيم ص91).
أخي: إن بينك وبين الجنة عقبة.. قد وقف لك فيها أربعة أعداء: نفسك والشّيطان ودنياك وهواك!
قال الإمام الجليل الحسن البصري في تفسير قوله -تعالى-: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد: 11] "هي والله عقبة شديدة: مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه والشّيطان".
إني بليت بأربع يرمينني***بالنّبل قد نصبوا على شراكا
إبليس والدنيا ونفسي والهوى***من أين أرجو بينهن فكاكا
يا رب ساعدني بعفو إنني** أصبحت لا أرجو لهن سواكا
فمن أطاع مولاه، وجاهد نفسه وهواه، وخالف شيطانه ودنياه، كانت الجنّة مأواه.
ومن تمادى في غيّه وطغيانه، وأعطى الدّنيا زمام عصيانه، ووافق نفسه في لذاته ومناه، وأطاع شيطانه في منشطه وبلواه، كانت النّار أولى به.
قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النّازعات: 37-41].
وإذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبر أن «حفت الجنّة بالمكاره. وحفت النّار بالشّهوات» [صحيح مسلم]، فلا طريق إلى الجنّة إلا طريق الصّبر على المكاره، ولا نجاة من النار إلا بمدافعة الشّهوات.
فصبرًا مع المكاره والفاقة فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر يومًا بأهل الصّفة فقال لهم: «لو تعلمون ما لكم عند الله عز وجل لأحببتم لو أنكم تزدادون حاجة وفاقة» [رواه الألباني بإسناد حسن].
واصبر على الأذى، فإنه ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من الخلق الحسن.
واصبر على النّوافل والقربات، فإن الصّدقة برهان والصّيام جنّة من عذاب النّيران، والكلمة الطّيبة صدقة، وصلة الرّحم رحمة، وبرّ الوالدين نجاة، والسّعي على الأرملة والمسكين موجبات لمعية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:6-8].
أخي: لا تنس أنك في أرض امتحان، تبتلي فيها بالأعمال، وأنه ينتظرك داران ومنزلان، دار نعيم مقيم، ودار نار وحميم ، منزل حبور ومنزل سرور {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]، فإن كنت ممن يؤمن بالجنّة حقًّا، وكنت ممن يريدها صدقًا، فهيئ لها صبرًا جميلًا وأقطع أصل البقاء في الدّنيا، واحمل نفسك على الطّاعة مكابدًا هواها ووساوسها وزيغها، مستعينًا بالله من اتباع أمره، واجتناب نهيه، حتى يفك الله من الدّنيا أسرك، ويؤتيك أجرك!
قال الفضيل بن عياض -يصور حال المؤمن في هذه الدّار-: "المؤمن في الدّنيا مهموم حزين.. همّه مرمة جهازه، ومن كان كذلك فلا هم له إلا التّزود بما ينفعه عند العود إلى وطنه، فلا ينافس أهل البلد الّذي هو غريب بينهم في عزهم ولا يجزع من الذّل عندهم".
وقال بعض الزهاد: "ما علمت أن أحدًا سمع بالجنّة والنّار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها، بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان، فقال له رجل: إني أكثر البكاء، فقال: إنك إن تضحك مقرًّا بخطيئتك خير من أن تبكي وأنت مدل بعملك وإن المدل لا يصعد عمله فوق رأسه، فقال: أوصني. فقال: دع الدّنيا لأهلها كما تركوا هم الآخرة لأهلها، وكن في الدّنيا كالنّحلة إن أكلت أكلت طيبًا، وإن أطعمت أطعمت طيبًا، وإن سقطت على شيء لم تكسره، ولم تخدشه" (الفوائد ص 153).
صبرًا في هذه السّاعات المعدودات.. فإن البشرى للصّابرين عظيمة، {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:25].
أخي: لو اطلعت على نعيم الجنّة.. وعاينت حسنه وبناءه وجماله؛ لعلمت أن نيله هو محض فضل الله ورحمته، وأن صبرك في الدّنيا لا يرقى لأن يكون ثمنًا للشّراء، وإنما هو الله يجزي على القليل كثيرًا، فالجنّة «لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وبلاطها المسك، وترابها الزّعفران، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت» [رواه الألباني وقال: حسن لغيره].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ولقاب قوس أحدكم، أو موضع قدم من الجنّة، خير من الدّنيا وما فيها، ولو أن امرأةً من نساء أهل الجنّة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحًا، ولنصيفها -يعني الخمار- خير من الدّنيا وما فيها» [رواه البخاري].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله -تعالى-: أعددت لعبادي الصّالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. فاقرؤوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السّجدة: 17]» [ رواه البخاري].
وصلى الله علي نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
تعليق