الغدر
كان صديقان يحب أحدهما الآخر وكان كل واحد منهما يقدر الآخر ويحترمه ويشكو له همومه ويبث له أسراره، وكان أحدهما لديه مال يحتفظ به وأما الآخر فكان فقيرا لا يملك درهما ولا دينارا، وكان صاحب المال يضع نقوده في مكان لا يعلمه أحد من الناس إلا صديقه، وكان الزمن زمن شح وقحط وكانت النقود عزيزة، لذلك كان صاحب المال حازما يقظا وكان يحذر أن تسرق نقوده.
كان صديقه يفكر في حاله وكيف يحصل على نقود يتمتع بها مثل غيره، فسولت له نفسه سرقة أموال صاحبه فهو يعلم أين يضع أمواله. وأخذ يفكر في رسم خطة يستطيع بها أن يسرق أموال صديقه دون أن يشعر به وبذلك يستولي على النقود دون علم صاحبه، وأخذ يتحين الفرصة، وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة والمطر يهطل والوحل كثير وكان صاحب المال نائما هو وزوجته وبينهما نام طفلهما، وفي حوش الدار كان صديقه يفكر كيف يتسنى له الحصول على النقود فهو يعلم أن صديقه يضع النقود في حفرة صغيرة تحت فراشه الذي ينام عليه هو وزوجته فكيف يصل إلى النقود؟! فكان لا بد أن يبعدهما عن الفراش كي يسهل عليه أخذ النقود وهنا خطرت له فكرة خبيثة وبدأ بتنفيذها فورا دون تردد فأخذ يحبو بخفة وحذر على يديه كي لا يشعرا بحركته، ووسط هذا الجو البارد الممطر أخذ يزحف تارة ويقف أخرى، ولما أيقن أنهما مستغرقان في النوم التقط الطفل من بينهما بخفة دون أن يحسا به وخرج به إلى فناء الدار والحوش ووضعه وسط الوحل والمطر ينهمل عليه وعاد إلى مكانه وجلس بهدوء عند باب الغرفة منتظرا ماذا سيحدث، لقد كان ينتظر بكاء الطفل كي يستيقظ أبواه ويخرجا، من الغرفة عندها يدخل هو ويلتقط النقود ويهرب ولا يشعر به أحد، لقد رتب هذا الماكر كل شيء، وفعلا صرخ الطفل صراخا عاليا وقفزت الأم فزعة ووضعت يدها تبحث عن طفلها فلم تجده فأيقظت الأب فقفز من فراشه مذعورا فقالت له: "إن الطفل يبكي خارج الغرفة فهيا لنأتي به"، وخرجا معا وما إن خرجا حتى دخل الصديق اللص مسرعا ورفع الفراش وانتشل النقود بسرعة، وما إن أمسكت يده كيس النقود حتى انهارت عليه الغرفة وأطبقت عليه، والتفت الأبوان إلى مصدر الصوت وهما يحضنان طفلهما فإذا الغرفة عبارة عن كومة من الحجارة، فنظر كلمنهما للآخر وهما يضحكان ويتعجبان ويحمدان الله تعالى إذ نجا طفلهما من موت محقق، وسمعا أنينا منبعثا من الغرفة المنهارة وتشجع الزوج وقصد مصدر الصوت وأخذ يبحث بين أكوام الحجارة وأخشاب السقف المنهار وفي الطين عن مصدر الصوت وسأله من أنت؟!
وبعد جهد جهيد استطاع أن يعرف صاحب الصوت إنه صديقه وحاول أن يزيح عنه الأنقاض لكنه لم يستطع بسبب الظلام الحالك وشدة المطر ووحولة الأرض ووعده أن يحاول إنقاذه عندما يأتي بمن يعينه على إزاحة الأنقاض من عليه.
هذا جزاء الغدر والخيانة، لقد أمنه صديقه على سره إلا أن الطمع أعمى بصره وطمس على بصيرته فأراد أن يغدر بصاحبه فكانت نهايته مثل نيته سيئة وكان جزاؤه من جنس عمله. قال الشاعر:
أخلق بمن رضي الخيانة شيمـــــــة *** أن لا يرى إلا صريع حوادث
مازالت الأرزاء تُلحق بؤسها *** أبدا بغادر ذمة أو ناكث
قال الله تعالى: {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (1).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به، يقال: هذه غدرة فلان» (2
كان صديقه يفكر في حاله وكيف يحصل على نقود يتمتع بها مثل غيره، فسولت له نفسه سرقة أموال صاحبه فهو يعلم أين يضع أمواله. وأخذ يفكر في رسم خطة يستطيع بها أن يسرق أموال صديقه دون أن يشعر به وبذلك يستولي على النقود دون علم صاحبه، وأخذ يتحين الفرصة، وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة والمطر يهطل والوحل كثير وكان صاحب المال نائما هو وزوجته وبينهما نام طفلهما، وفي حوش الدار كان صديقه يفكر كيف يتسنى له الحصول على النقود فهو يعلم أن صديقه يضع النقود في حفرة صغيرة تحت فراشه الذي ينام عليه هو وزوجته فكيف يصل إلى النقود؟! فكان لا بد أن يبعدهما عن الفراش كي يسهل عليه أخذ النقود وهنا خطرت له فكرة خبيثة وبدأ بتنفيذها فورا دون تردد فأخذ يحبو بخفة وحذر على يديه كي لا يشعرا بحركته، ووسط هذا الجو البارد الممطر أخذ يزحف تارة ويقف أخرى، ولما أيقن أنهما مستغرقان في النوم التقط الطفل من بينهما بخفة دون أن يحسا به وخرج به إلى فناء الدار والحوش ووضعه وسط الوحل والمطر ينهمل عليه وعاد إلى مكانه وجلس بهدوء عند باب الغرفة منتظرا ماذا سيحدث، لقد كان ينتظر بكاء الطفل كي يستيقظ أبواه ويخرجا، من الغرفة عندها يدخل هو ويلتقط النقود ويهرب ولا يشعر به أحد، لقد رتب هذا الماكر كل شيء، وفعلا صرخ الطفل صراخا عاليا وقفزت الأم فزعة ووضعت يدها تبحث عن طفلها فلم تجده فأيقظت الأب فقفز من فراشه مذعورا فقالت له: "إن الطفل يبكي خارج الغرفة فهيا لنأتي به"، وخرجا معا وما إن خرجا حتى دخل الصديق اللص مسرعا ورفع الفراش وانتشل النقود بسرعة، وما إن أمسكت يده كيس النقود حتى انهارت عليه الغرفة وأطبقت عليه، والتفت الأبوان إلى مصدر الصوت وهما يحضنان طفلهما فإذا الغرفة عبارة عن كومة من الحجارة، فنظر كلمنهما للآخر وهما يضحكان ويتعجبان ويحمدان الله تعالى إذ نجا طفلهما من موت محقق، وسمعا أنينا منبعثا من الغرفة المنهارة وتشجع الزوج وقصد مصدر الصوت وأخذ يبحث بين أكوام الحجارة وأخشاب السقف المنهار وفي الطين عن مصدر الصوت وسأله من أنت؟!
وبعد جهد جهيد استطاع أن يعرف صاحب الصوت إنه صديقه وحاول أن يزيح عنه الأنقاض لكنه لم يستطع بسبب الظلام الحالك وشدة المطر ووحولة الأرض ووعده أن يحاول إنقاذه عندما يأتي بمن يعينه على إزاحة الأنقاض من عليه.
هذا جزاء الغدر والخيانة، لقد أمنه صديقه على سره إلا أن الطمع أعمى بصره وطمس على بصيرته فأراد أن يغدر بصاحبه فكانت نهايته مثل نيته سيئة وكان جزاؤه من جنس عمله. قال الشاعر:
أخلق بمن رضي الخيانة شيمـــــــة *** أن لا يرى إلا صريع حوادث
مازالت الأرزاء تُلحق بؤسها *** أبدا بغادر ذمة أو ناكث
قال الله تعالى: {وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} (1).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به، يقال: هذه غدرة فلان» (2
تعليق