السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنهم يقرؤون ويتدبرون
إنهم يقرؤون ويتدبرون
1) ثلاث سنين قضيتها في العلاجات والأطباء والأعشاب ، لأرزق بطفل ، وفي يوم ما ، وبعد أن قاربتُ الوصول إلي اليأس ، كنت أقرأ : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } فقلتُ : إذا كان خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ، فهو قادر علي أن يخلق جنيناً في رحمي ، وما هي إلا أيام معدودات حتي حَمَلْتُ ، وأنعم الله عليَّ بطفلتي الجميلة ، فله الحمد والشكر .
2) بعد سلوكي طريق الإستقامة هجرني القرب ، ولامني البعيد ، وأحسستُ بالوحشة ، بدأت بلوم نفسي لعلي أخطأت الطريق ، وفي يوم بلغ الأمر مبلغه ، وأنا أقرأ حزبي من القرآن استوقفتني آية : { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا } فعاد السكونُ إلي قلبي ، وأحسست ببرد اليقين .
3) كثيراً ما أشعر بتأنيب لنفسي عند كسلي في القيام بما يجبُ علي مثلي وأنا أقرأ قوله تعالي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } فكنت إذا قلت قولاً ، ثم تكاسلت في فعله أهذِّب نفسي بهذه الآية فأفعل هذا الأمر من غير تكاسل ، ولله الحمد .
4) حَدَثَ بيني وبين أحد إخوتي سوءُ تفاهم ، فأرسلَ رسالةَ جوال تحمل اتهامات باطلة ، وظنوناً سيئة ، وكلمات مؤلمة ، فغضبتُ وكدت أن أدفعَ الإساءة بمثلها ، فقرأت قولَ أحد ابني آدم : { لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِين } فعلمت أن المؤمن يجب أن يجعل خوف الله نصب عينيه ، ولا تغلبه حظوظ النفس ، وتأخذه العزة بالإثم ، فآثرت كظم غيظي ، والعفو عنه ، والإحسان إليه .
5) حفظت القرآن وعمري ( 11 عاماً ) ثم ضَيَّعتُ ما حفظتُ ، ثم وقفتُ يوماً متدبراً لهذه الآية : { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } فعقدت العزم مستعيناً بالله فراجعت القرآن وأتقنته ، وحصلت علي إجازتين في الإقراء ، وأصبحت إماماً وخطيباً لأحد المساجد .
6) كنت أستغفر وأتوب استمرار ، فجاءني الشيطان قائلاً : كل هذا الاستغفار ! ولا فرج ولا إجابة ! فتركت وساوسه ، فقرأت رسالة عظيمة من ربي ، وهي قوله تعالي : { مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُ } فقلت : نعم ! والله إن ربي لغني عَنّا ، وعن تعديبنا ! إنما هي ذنوبنا التي نسينا كثيراً منها ، فأدمت الاستغفار ، والحمد لله .
7) كنت كثيرة العصيان في أوقات الخلوة ، وأشعر بالندم وأنا لوحدي ، وبعد فترة كنت مع رفقة صالحة ، وتذكرت أمري ، ودعوت الله أن يغفر لي ، وأمسكت المصحف فوقعت عيني علي قوله : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } فبكيت ، وعزمت علي تزكية نفسي ، لتكون أهلاً للمغفرة .
8) { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } هذه الآية كانت درساً لي ، عندما قرأتُها شعوت كأني المخاطبة .. أريد الجنة ، وأريد رؤية الله سبحانه ! لكن أين العمل ؟! ومن لحظتها قررت الاجتهاد في العمل الصالح .
9) من أعظم الأشياء التي كانت تصدني عن التوبة ، تلبيس الشيطان عليّ في القنوط من رحمة الله ، وأني صاحب ذنب لا يغتفر ، حتي قرأت : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَ } إلي : { أَأَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } فإذا كان الله فتح باب التوبة لمن نسب له الصاحبة والولد فكيف بمن دونه !
10) انا طالُبُ علم ، وذات مرة توقفت عند قوله تعالي : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ. } فبكيت كثيراً علي ضياع ليال كثيرة ، وأنا لم أُشرِّف نفسي بالإنتصاب قائماً لربي ولو لدقائق ، فكان هذا البكاء مفتاحاً لبداية أرجو أن لا تتوقف حتي ألقي ربي .
11) قد يضيق صدرك إذا سمعت ما يؤلمك ، وقد تحزن لذلك ، وقد تهتم كثيراً ، فتحتاج لمن يرأفُ بك علي قلبك ، ويُذهبُ ما اهمك ، تدبَّرت أواخر سورة الحجر : { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُون. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِين } فوجدتُ العلاجَ الشافي الكافي ، فيا لعظمة هذا القرآن وجميل لذته !
12) { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } أذْكُرُ أنني في ليلة اختلفت مع زوجي وغضبتُ ، وبعد أن خَرَج من المنزل أخذتُ المصحف لأقرأ ، وبدون تعمُّد فتحت صفحة وبدأت أقرأ ، حتي ممرت بهذا الآية ، ووالله لكأنني أول مرة أعلمُ أنها آية من كتاب الله ، فرددتها مراراً فوجدتُ بردَها علي قلبي ، وهدأ غضبي وقرَّرت الصَّفحَ عن شريكِ حياتي استجابةً لأمرِ ربي .
تعليق