عندمـا تُصبحُ الأُخوة خــاروفـاً ننحـرُه بسكيـنِ العداوةِ و البغضاءِ التـي صنعناهـا بمحـددةِ الشِّـدةِ على أخينا المسلم حينهـا تتناثـرُ دمـاءٌ حرَّمهـا اللـه... و تتقـطعُ أوصـالٌ طالمـا تآخـت بأوصالِ قاتلهـا... و يسـودُ الوهـنُ حالَ الأمـةِ التي تخلفـتْ بعد أن خلف سادتها خلَـفٌ ورثوا الكتاب وعملوا بضِـدِّه...
فسـادتْ قوانيـنُ الغـاب بين العديـد من إخـوةِ الدِّيــن... و كان من هذه القوانين قاعـدةٌ عقائديـة و هي:
أعــزةٌ أشِـدَّةٌ على المؤمنيــن...
فصرنا نرى الأخَ - وأعني الأخ لالتزامه بالأحكام الظاهرة للشريعة- صرنا نراهُ عزيـزاً على إخوتـه... فإنْ أخطأَ بحقهِ أحدهـم فويـلٌ له مِن شـره... و لن يُطفـىءَ نارَ صـدرِه إلا انتقـامٌ يرى فيه صَغـارَ صاحبـه... بعد أنْ فتـرَ نـورُ الإيمان الذي كان يعلو قلبَـه...
ما بالُنـا صرنا نتكبـرُ على بعضنـا؟ فلا هـذا يرحـمُ هذا و لا ذاكَ يصفـحُ عن ذاك... أينَ رحلتْ " أحبك في اللـه" ؟ أتـرى أنَّ الحُـبَّ كلامٌ فحسـب؟ فما هي ديمومـةُ حُـبِّ الكلام إنْ ضدَّهـا الأفعـال؟
بربــكَ يا قارىءُ أخبرنـي لو أخطأَ أخـوكَ بحقـك فهل ستتناسـى العقيـدةَ لتحكمَ فيـه بما يبغـي إبليـس؟ لا أعنـي الصمتَ عن الباطل... لا فالنصيحة واجبـةٌ لإننكارِ منكره و أمرِه بالمعروف... إنما أعني طريقةَ التعامل معـه بأنْ يدخل الشيطانُ بينكَ و بينـه... فيسـود قانونُ الغـابِ و الانتقـام على معانـي الإسـلام...
================
ما أجمـلَ أنْ تعيشَ ذليـلاً لإخوتك المسلمين عزيـزاً على الكافريـن... حتى لو أخطأ بحقك مَن أخطا من إخوتك فيشفعُ لهم الحِلـمُ و الحُـبُ و ما عنـدَ اللـهِ مِن بُشـرى على لـذةِ الإنتقام وما يعقبها من مفاسـدَ بالدينِ و الدنيـا...
أنْ يكونَ المسلمُ خُفَّـاً لا خاروفـاً بقـدمِ أخيـه المسلم فهـو عِــزةٌ له في دينـه... فالعـزةُ للـه و لرسوله و للمؤمنيــن... فلو استعلـى الأخُ على أخيه ظاناً أنها عـزة فقد أخطـأ و أذنـبَ على استعلائـه...
المذلـةُ و الرحمـةُ بين المسلمين توثيـقٌ لعقيـدةِ الولاء التي لا تتفكـكُ باللمـمِ من الأخطـاء... الــولاءُ في اللـهِ و الحُبُّ في اللـهِ من شعائر الإسلام التي لو تزولُ بهبوبِ الرياح فسيُصيبُ القحـطَ قلوبنا لتكونَ صحـراءَ قاحلـة يكثرُ فيها الشـوك...
=================
ما أجمـلَ أنْ تــدوسَ على كبريائــكَ لتُحيــيَ عقيـدةَ الولاء... و نَعـم فالأمرُ هذا ليسَ بهيِّـنٍ لأن النفسَ عزيـزة... فـرسٌ جامحـةٌ يصعبُ ترويضُهـا... ولكـنْ بالصبـرِ على الأذى و استصغـارِه مُقابـلَ الأجرِ و الثوابِ من اللـه فإنه -مع التعود والوقت- يهـون...
هل فعـلاً أنتَ خُــفٌ لأخيكَ المسلم؟ حتـى لو داسَ عليك فإنه لا يتأذى منك و كأنكَ لِبـاسٌ له... هل تصبرُ عليه و على آذاه أم أنكَ تصمتُ و تترصـدُ له المصائب؟ أم تُقابلُ إساءته حربـاً لا تنطفـىءُ إلابإذلالـه لتشفيَ غليلكَ منـه؟
أين قولُ اللـه فينا :" إنَّما المؤمنونَ إخـوة"... " مُحمدٌ رسولُ اللـه و الذينَ معه أشداءُ على الكفارِ رُحماءُ بينهم"... " أذلةٍ على المؤمنين أعـزةٍ على الكافريـن "...
و قد جاء بأحاديثَ مختلفٌ في صحتها أنَّ أبا ذرٍ رضي اللـه عنه أخطأ بحقِ بلالَ ابن رباح فناداه بابنِ السوداء... حتى نهاهُ الرسولَ -صلى اللـه عليه وسلم - عن ذاك و أنها جاهليـة... فوضع أبو ذرٍ وجهه على التراب ليدوسَـه بلالُ برجلـه... رضي اللـهُ عنهما...
و الصورُ عديدةٌ في الرحمـةِ و المذلةِ فيما بين المؤمنيـن و التي تزيدُ في إيمانهم و ترفعُ شأنهم و تُميتٌ شيطانهم و عدوهـم...
اللهــم ألِّــف بين قلوبنا و اجمعنا على الحب فيك و اجعلنا رحماءُ فيما بيننا أشـداءُ على أعدائنـا...
تعليق