إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

" تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

    رابط الدرس الصوتى للرساله الثالثه

    بسم الله

    وهذا هو ملخص الرساله

    بسم الله

    نفعكم الله بما انقله لكم
    ولا تنسونى من صالح دعائكم بارك الله فيكم

    { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
    سورة الرعد الآية 17

    تعليق


    • #17
      رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

      بارك الله فى عمرك أخى الحبيب
      مجهود أكثر من رائع
      اللهم اجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه اللهم فقهنا فى ديننا ووفقنا إلى ما تحبه وترضاه

      تعليق


      • #18
        رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

        الرساله الرابعه
        ما زال الحديث موصولاً حول ثمرات المعرفة
        ... وهذه السلسلة
        المباركة
        ... سلسلة " تعرّف "

        وهذا هو اللقاء الثالث ... وسوف نتذاكرُ فيه مقاماً محموداً ومقاماً عظيماً من مقاماتِ الإيمان ...
        قال أبو علي الدقاق: " المعرفة تُوجبُ السكينة في القلب، كما أن العلم يُوجبُ السكون فمن ازدادت معرفتهُ ازدادت سكينتهُ"
        لا يوجد أحد في هذا الزمان من لا يعاني من الهموم ومن عدم راحة البال ... الجميع تجدهم متعطشين للطمأنينة والراحة .. الجميع يبحث عن مُلطِّف يُلطِّف به أرجاء نفسه لتصفو ... الجميع تراه يطرق كل باب ليستطيع أن يترقَّى في درجات الفلاح ويعلو ،،
        فإلى الباحثين عن السكينة والطمأنينة ...
        تعالوا لنتعرف كيف تتحقق هذه الثمرة العظيمة للمعرفة ... كيف يمكننا أن نُحقق سكون القلب بالمعرفة بالله جلَّ وعلا،،
        في البداية تجد النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا عِظَمِ هذا المقام، كما في الحديث الذي رواه الطبراني وحسنه الألباني، قال صلى الله عليه وسلم "إن الهدي الصالح والسمت الصالح، جزءٌ من سبعين جزءًا من النبوة" [رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (1992)]
        وفسَّر أهل العلم هذا السمت الصالح بما يكون عليه حال المؤمن من الهدوء والطمأنينة والسكينة، فهذا من أعلى سمات السمت الصالح ..
        السمت الصالح فيم يتضح ؟
        في وقاره وفي سكونه، لاسيما سكون القلب بطبيعة الحال الذي يظهر أثره على الجوارح ..
        وفي حديث مناجاة موسى الذي رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد ..فيه "واعلم أنه لم يتزيّن لي العباد بزينة هي أبلغ من الزهد في الدنيا فإنها زينة المتقين ، عليهم منها لباس ..(ما هو لباس التقوى ؟) .. لباسٌ يُعرفون به ألا وهو: السكينة والخشوع "
        لباس التقوى:السكينة والخشوع ، فـ{..سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود ..} .. أولئك أوليائي حقًا .. فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك، وذلل لهم قلبك ولسانك
        إذاً السكينة ابتداءً هي: السمت الصالح
        ثانياً: هي زينة المتقين ولباس التقوى
        وكان ابن مسعود والأثر في النهاية لابن الأثير، كان يقول : "السكينة مغنم وتركها مغرم" .. السكينة غنيمة المؤمن، وتركها يوقع الإنسان في مفاسد وفي آفات يترتب عليها أمور عِظام ..
        ترى ابن القيم يتكلم عن هذا في (الفوائد)، فيضع فائدة في معنى قول الله جلَّ وعلا {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ..} [الحجر: 21] .. فيقول هذه الآية تتضمن لكنز من الكنوز ( استمع وافهم ) ..
        كنز السكينة كيف سيتحقق؟
        يقول الله جلَّ وعلا {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ..} [الحجر: 21]
        يقول أنه "متضمن لكنز من الكنوز، وهو أن كل شيء لا يطلب إلا ممن عنده خزائنه ومفاتيح تلك الخزائن بيده. وأن طلبه من غيره، طلب ممن ليس عنده ولا يقدر عليه.
        وقوله {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42].. متضمن لكنز عظيم .."
        اجمع معي الكنوز ..
        الكنز الأول:: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ..} [الحجر: 21]
        الكنز الثاني:: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42]
        هذا .."متضمن لكنز عظيم، وهو أن كل مراد إن لم يُرَد لأجله ويتصل به فهو مضمحلٌ منقطع فإنه ليس إليه المنتهى .."
        أين هي الآخرة ؟ أين هي نهاية الطريق ؟
        ستتعلق بسبب، وهذا السبب .. سِر معي حتى نهايته، ستجد في نهاية الأمر أن لحظة الختام، والخط الفاصل النهائي سينتهي عنده سبحانه وتعالى..
        "فإنه ليس إليه المنتهى وليس المنتهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه، فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوب لا يحب لأجله فمحبته عناء وعذاب. وكل عمل لا يُراد لأجله، فهو ضائع وباطل. وكل قلب لا يصل إليه، فهو شقي محجوب عن سعادته وفلاحه،
        فاجتمع ما يراد منه كله في قوله:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ..} [الحجر: 21]
        واجتمع ما يراد له كله في قوله: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42]
        فليس وراءه سبحانه غاية تطلب وليس دونه غاية إليها المنتهى"
        "وتحت هذا سرٌ عظيم من أسرار التوحيد "
        ها هو سكون القلب وهذه هي السكينة
        "وهو: أن القلب لا يستقر ولا يطمئن ويسكن إلا بالوصول إليه، وكل ما سواه مما يُحَبُّ فمرادٌ لغيره. وليس المراد المحبوب لذاته إلا واحد إليه المنتهى .."
        إذاً كل ما تُفنِي قلبك عليه، وكل ما أنت مشغول الهم به .. كله إلى زوال وكله لن يؤدي إلى الغاية؛ لأن المنتهى عنده وحده سبحانه وتعالى، ولأن الخزائن كلها بيده وحده سبحانه ..
        إذاً .. إذا كنت مشغولاً برزق فعنده الخزائن، وإذا كنت مشغولاً بالمستقبل فإليه المنتهى ..
        فلن يحدث سكون للقلب إلا بهذه المعرفة
        هل عرفتم من أين المعنى الذي ندور حوله اليوم؟ وسنظل طوال الجلسة نتحدث عن هذا المعنى وتحقيقه ..كيف يكون السكون ؟وفيم تتحقق السكينة ؟ وفيم ذكرها القرآن ؟ وما هي المواضع التي لابد أن نسكن فيها ونُحقق معنى أدب السكينة فيها؟ وفيما نتحرَّاها ؟ .. كل ذلك لنصل إلى هذا المعنى الإجمالي الذي يُشير إليه ابن القيم هنا ..
        المعرفة ستُحقق شيئان:
        المعرفة الأولى: بأن الخزائن بيده ..
        المعرفة الثانية: بأن إليه المنتهى ..
        بذلك يستقر ويطمئن ويسكن القلب، بغيره يتشتت ويتعذب بحب سواه، بالذل والخضوع لسواه، بالتعلق بسواه .. فستعيش في غمرات هذه الآفات من التعلقات الكاذبة والتشتُت في الدنيا وفنائها
        يقول : "ويستحيل أن يكون المنتهى إلى اثنين كما يستحيل أن يكون ابتداء المخلوقات من اثنين، فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره بَطُلَ عليه ذلك" .. لا يصح أن تعطي قلبك لاثنين،
        {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ..} [الأحزاب: 4]
        لن يجدي أن يكون الأمر هنا وهنا، أن تُشتت قلبك في اتجاهين مختلفين ..
        فلذلك يقول : "فمن كان انتهاء محبته ورغبته وإرادته وطاعته إلى غيره، بَطُلَ عليه ذلك وزال عنه ، وفارقه أحوج ما كان إليه. ومن كان انتهاء محبته ورغبته ورهبته وطلبه هو سبحانه، ظفر بنعمه ولذة القرب منه وبهجة ذلك وسعادة ذلك أبد الآباد"
        فيقول : (هذا هو المعنى الثاني نريد أن ننتبه له في معنى السكينة، الذي يلفت ابن القيم النظر إليه )
        "فالعبد دائماً مُتقلب بين أحكام الأوامر وأحكام النوازل، فهو مُحتاج بل مضطر إلى العون عند الأوامر وإلى اللطف عند النوازل .."
        استمع مرة ثانية : أنت مطلوب منك شيء ويقع عليك أثر للقدر ، تنزل بك نازلة وفي نفس الوقت مطلوب منك أمر شرعي مُكلَّف به .. الأمر المطلوب منك الذي تحتاج إليه هو العون فتحتاج أن تستعين، والأمر الذي يقع عليك أنت تحتاج اللطف فيه .. واسمعوا في معنى هذا اللطف فائدة في الحاشية ..
        الأولى : انظر إلى قول الله تعالى في سورة الشورى ..يقول الله جلَّ وعلا {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى:19 ] .. بعد أن ذكر الإشفاق من الساعة ومن أهوالها، كان الخطاب فيه شيء من الزجر، فقال {اللَّهُ لَطِيفٌ ..}.. وجدت عندالألوسي معنى رقراق، يقول : "اللطيف هو الذي يلطف بعباده يوم القيامة فيُنسيهم الذنب؛ حتى لا يتحسروا" .. أتعرف ما معنى هذا ؟ .. أي أن تقف أمامه ويقول: يا عبدي فعلت كذا يوم كذا، فتقول له : نعم ، فينتهي الموقف .. في الأصل حينما تقول له ذلك، ستتحسر وتكون في قمة الخجل، لكنه سيُقررك فقط .. بدلاً من أن ينفطر قلبك وأنت ترى .. {..وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ..} [الكهف:49]
        اللطيف::يستر على عبده فيلطف بهم، فيُنسيهم الذنب حتى لا يتحسروا ..
        فهذا معنى عالي جداً، يحتاج تأمل غالي جداً .. انظر الآية: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى:19]
        ما الذي أتى بصفة الجلال مع هذا الكلام الجميل الرقراق؟؟
        رزق ولُطف .. فهذه هي القاعدة:
        تضاعف ما استطعت؛ فإن اللطف مع الضعف أكثر
        لأنه قويّ حقها ذل، إذاً ذل وضعف يُحقق اللطف ..
        إذاً عند النوازل أنت تحتاج إلى اللطف، واللطف يحتاج إلى ضعف وذل ، أظهر له ضعفك وأظهر له ذُلَّك ..
        يقول: "وعلى قدر قيامه بالأوامر يحصُل له من اللطف عند النوازل"
        أتنتبهون للربط ؟ .. يقول : لدينا أوامر ولدينا نوازل، أنت عليك أن تستعين حال الأوامر، إذا عَمِلت سيلطف بك عند النوازل ..
        "فعلى قدر قيامه بالأوامر يحصُل له من اللطف عند النوازل، فإن كَمُلَ القيام بالأوامر ظاهراً وباطنا ناله اللطف ظاهراً وباطناً"
        والشاهد على ذلك من القرآن، قوله: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27]
        لمَّا ذكر كرامات المتقين وعلو منزلتهم، قال: {لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ ..}[الأنبياء:27] .. على معنى أنه لا اختيار لهم مع اختياره .. {.. وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27] .. قالوا: هذا باتباع السُنَّة في الظاهر، وبالمراقبة في الباطن.
        هل فهمتم الثلاثة؟ ..
        هذا يبلغكم درجة التقوى العلى ..
        1) ليس لك اختيار مع اختياره
        2) الظاهر .. على إتِّباع
        3) الباطن .. مراقبة
        حققت الثلاثة تُبَلَّغ ذلك ..
        و هو يقول : "فإن كمل القيام بالأوامر ظاهرًا .." .. بماذا؟ بالاتباع .. "وباطنًا" .. بماذا؟ بالمراقبة .. "ناله اللطف ظاهرًا و باطنًا" ..
        "وإن قام بصورها دون حقائقها" .. مثل الملتزمين في هذا الزمن، يكون محققًا لظاهرها ومُتبع وملتحي ويرتدي كذا ويحافظ على الجماعة ويحضر الدروس ويقرأ في المصحف و... فهو محقق لمعنى تحقيق الأمر في الظاهر ..
        فيقول: "وإن قام بصورها دون حقائقها وبواطنها، ناله اللطف في الظاهر وقل نصيبه من اللطف في الباطن" .. ولهذا لا يكون عنده السكينة ..
        عرفتم الآن يا ملتزموا هذا الزمن لماذا ليس لديكم سكينة مع أنكم مُؤَدِّين للأمر في الظاهر؟؟ .. هل وصلت رسالة ابن القيم؟
        لماذا ليس لدي هذه السكينة مع أنني أصلي وأذكر وأحافظ على كذا وكذا وكذا ؟؟ ..
        لكن ليس لدي هذا الهدوء وهذا السكون، وليس عندى هذه المعانى القلبية من خشوع وإخبات و...
        لهذا ترى الناس عطشى جدًا لهذه المعاني المهجورة تمامًا في الحياة ..
        لماذا تجد الناس مهتمة بصور الأعمال ومهتمة بتقييم الناس على الصور ؟ ..
        القصة قصة قلب، قصة بــاطن يلطُف به اللطيـــف
        يقول : "فإن قلت: وما هو اللطف الباطن؟" .. علمنا ابن القيم فقال :
        "هو ما يحصل للقلب عند النوازل من السكينة والطمأنينة وزوال القلق والإضطراب والجزع"
        عرفتم ما هو اللطف الباطن؟ هذا هو موضوعنا ..
        هل رأيتم السكينة ؟
        السكينة هي السمت الصالح .. السكينة هي تلك الغنيمة .. السكينة لباس التقوى .. السكينة هي اللطف الباطن.
        عرفتم كيف تتحقق؟
        قال: "فإذا كنت بين يدى سيدك ذليلاً، له مستكينًا، ناظرًا إليه بقلبك، ساكنًا إليه بروحك وسرك، قد شغلك مشاهدة لطفه بك عن شدة .."
        لو ظللت مشغولاً بمعنى اسمه اللطيف وأنت مبتلى، و مشغول بألطافه وكرمه وفضله عليك، وقمت له بمقام الذل و الانكسار حالةَإذ .. فإن هذا يغيبه عن شهود تلك البلايا ..
        "فيغيبه عن شهود ذلك معرفته بحسن اختياره له، وأنه عبد محض يجرى عليه سيده بأحكامه فيرضى أو يسخط، فإن رضي نال الرضا وإن سَخِط فحظه السَخَط ..
        فهذا هو اللطف الباطن ثمرة تلك المعاملة البــــاطنة، يزيد بزيادتها وينقص بنقصانها"
        أريد أن أركز على كلمة المعاملة الباطنة ..
        قال ابن قدامة في (المختصر) وبالتالي هذا كلام الغزَّالي ومن بعده ابن الجوزى .. يقول: أن علم العلوم هو علم المعاملة، و أن أعظم العلوم ليس هو علم العقيدة المجرَّد ولا علم الفقه ولا علم الأصول ولا علم اللغة لا سائر هذه العلوم، وإنما أعلى العلوم هو علم المعاملة .. لأن كل هذه العلوم تُخَدِّم على هذا المعنى::
        كيف تعامل ربَّك؟
        هذه من غير استطراد -لأنها تحتاج درسا كاملا- :
        تكوين الحال مع الله .. كيف أكوِّن حالي؟
        حين تحدثت عن معنى قسوة القلب جاءني طيلة الأسبوع شكاوى الناس .. أحد شكاوى بعض الناس اليوم، وقصة انتكاس مُرَّة من دعوة وكذا وكذا ، ويشار إلينا بالبنان وقد حفظنا قدرًا من القرآن .. إلى أسفل سافلين.
        الشاهد::
        كيف استحضر قلبي؟ كيف أكوِّن هذه المعاملة الباطنة؟ كيف أكوّن حال؟
        قلت:
        أول شيء يُكَوَّن به الحال هو الدعــــــــــــــاء ..
        الدعاء الذي يكون فيه مناجـــــاة وليس طلب .. أنا أقول طلب، لكن الذى يشغل بالي هو شعوري أن الله قريب ..
        وأنا أقول له أنا متعب ومُحتـــاجٌ إليـــك .. أنا لا أساوي شيئاً بدونك وليس لى ربٌّ سواك، و ليس لي إله غيرك، وأنت سيدي ومولاي وقرة عيني وأنت حبيـــب قلبي و أنت وأنت وأنت ..
        حتى استجمعتُ القلب على شهود الرب، و بعدها بدأتُ أشعر بالمعيَّة، وبدأت أشعر أنني الآن في جواره وبدأت أنــاجيــه عن قرب ..
        إنما الذي يتعامل مع الله عزَّ وجلَّ عن بُعد، تكون هذه مشكلة دائمًا .. هو يعظِّم تعظيم يظنه هو التعظيم والإجلال المطلوب، لكنه و هو يعظمه -للأسف- تجده يقول لك هذا ربَّنا .. هو لا يريد ذلك!
        إنما حين تشعر أنه قريب منك تمامًا، يبدأ يتكوَّن الحال من هنا .. تجده يتحدث مع الله، تجده دائم الاستخارة، تجده دائم التواصل وفي نفس الوقت هو يحتاج معها إلى::
        الذكر ..
        لماذا؟
        لأن تكوين الحال يحتاج منّي أن أزيل حجاب من الحُجب العشرة على القلب، والتي تحدث عنها ابن القيم
        وهي:: حجاب الغفلة .. وقد ذكرناها حين تدارسنا هذا المعنى أكثر من مرة، حين ذكرنا هذه الآية::
        {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (*) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ..} [الأعراف: 179,180]
        إذًا، أعظم سبب من الأسباب التى سيتكون بها الحال، و سيستشعر فيها هذه المعانى، وسيعرف اسم الله الرقيب، اسم الله القريب، السميع البصير واللطيف ..
        كيف سيستشعرها؟
        سيستشعرها بهذا الاحساس، أن يتفكَّر في هذه المعانى ويتذكرها ..
        فمعرفته بأسمائه وصفاته ودوام ذكره لها، يٌكَوِّن الحال ..
        فتكون هناك معاملة باطنة .. أنا أشعر بقربه، فقلبي خاشع، قلبي ســـاجد الآن ..
        وإن كانت الجوارح ليست محققة للمعنى .. قلبى ساجد بين يديه؛ لأنه مكسور ومستشعر الآن كأن القلب في صلاة أخرى .. الذى يظل يتعامل بهذه المعاملة ..
        كيف يكونها؟ ..بالدعــاء والذكر، وبعد ذلك يرتقي لمقام الكلام.
        ففي المعنى الأول: استجمع القلب وأضع نفسى فى حضرة الرب
        وبعد ذلك في المعنى الثانى: يبدأ يحدث نوع من الكلام ..
        هذه المرة لست أنا من سيتكلم ، هذه المرة القلب سيسمع، وتأتي منزلة التعامل مع القرآن بهذا الشكل .. فنيته في القراءة ليست التدبُّر للمعاني فى حد ذاتها، وإنما سماع القلب لكلام الربِّ .. ولأن القلب متعطش ومستشعر بدأ يسمع ، فبدأ يشعر بمعنى آخر تمامًا .. فهو يستمع إلى كلام سيده وحبيبه .. كلام ربِّي ..كلامُ ربِّي ..كلامُ ربِّي .. فالقلب هنا يسكُن، و هذا هو معنى السكينة الذى أتحدث عنه، وهذه هي المعاملة الباطنة التي نريد أن نصل إليها ..
        يسكُن القلب هكذا .. {.. أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]
        وقال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ..} [الإسراء: 82]
        وكل هذه المعاني التي ندندن حولها، تتحقق هكذا ..
        هناك قراءة غير القراءة التى نقرأها .. نحن نقرأ ورد، ونكمل جزء وجزأين ، صليت بكذا.. ليست هذه، ليست مثلما أن تظل طول الليل تقول {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..}[الشورى: 19] .. وقلبك يكاد يطير من الفرح؛ لأنه قد استشعر معنى اللطف .. {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..} .. {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ..} .. وظل يستشعر هذه المعاني الجميلة في معنى اللطف ..
        فطار القلب وفُكَ من أسره، وسَكَنْ واطمأن، وهدأ بتلك المعاملة الباطنة ..
        هناك درجات أعلى، لكن نجعلها في درس مستقل .. بداية تكوين الحال تبدأ من هنا .. هل فهمتم هذا المعنى؟
        إذًا، تعالوا نرى معنى السكينة من بدايته ..
        ما معنى السكينة ؟ ودرجات السكينة فى القرآن ؟ وما وصايا العلماء بها ؟
        بعد الصورة الإجمالية التى أعطيتها لكم في الجزء الأول من هذه المحاضرة ..
        معنى السكيــــنة لغةً
        يقول العلماء أن السكينة لغةً: هي خلاف الإضطراب والحركة، وهذا المعنى هو بالضبط الذي سندندن حوله .. ألا وهو شعار الساكن دائمًا::
        {..وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} [الحجر: 65]
        لا يتحرك يمنة و لا يسرة ولا يضطرب فؤاده بل يثبت ويسكن، تجده عند البلايا ثابت راسخ لا يعرف زوغان القلب .. أي أن درسنا اليوم يقول: أريد أن يتحقق فيك معنى::
        {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ..} [آل عمران: 8]
        تريد أن تكون بمنأى عن هذا النوع من الزيغ والانحراف ؟ .. كيف يتحقق هذا المعنى؟؟
        يتحقق هنا .. عندما تتنزل هذه السكينة على الواحد منا .. في القرآن، الله جلَّ وعلا يقول {..فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ..} [الفتح: 26]، قالوا : "أنزل الله السكينة، أي: الطمأنينة والوقار، فثبَّتهم على الرضا والتسليم" .. لاحظوا ثبَّتهم، وليس رضَّاهم وجعلهم مستسلمين ، لا..هم تلقوا الموضوع إبتداءً برضا وتسليم، لكن لكي يُكمِل ويثبت؛ هذا هو الذى جاء من قِبَل الله سبحانه وتعالى ..
        وهذا الذى سيفرِّق بين مقام السكينة، ومقام الرضا، ومقام التسليم نفسه، ومقام التوكل ..
        في البداية أنا أستقبل بمقام الرضا والتسليم والتفويض لأمر الله سبحانه وتعالى، لكن لكى تثبت قدمي فى هذا الميدان أنا أحتاج سكينة ..
        وهذه تكون منحة من قِبَل الله لهذه القلوب الراضية المستسلمة ..
        معنى السكيــــنة اصطلاحًا
        بعد أن تعرفنا على تفسير العلماء اللغوي، انظروا إلى كلام أهل العلم عندما فسروها اصطلاحا، يقولوا:
        يقول الجوزاني في (التعريفات) "السكينة: هى ما يجده القلب من الطمأنينة عند تنزُّل الغيب"
        دائمًا تكون هناك فجأة لأمر .. دائما تكون هناك نازلة من النوازل، فيحدث له شيءٌ من الطمأنينة ..
        "وهى نورٌ في القلب يسكن إليه شاهده ويطمئن، وهي زوالٌ للخوف والرعب".
        يقول ابن القيم في (المدارج): "هي الطمأنينة والوقار والسكون، الذى ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة الخوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان وقوة اليقين والثبات" ..
        هذه ثمرات السكينة::
        زيادة الإيمان .. قوة اليقين .. والثبـــات.
        وإذا تناولناهم من أسفل لأعلى .. يكون لدينا
        ت ينشأ عنه
        ينشأ عنه
        وكل واستسلام وإذعان ورضاسكونيقين
        هل فهمتم كيف تسير المعادلة؟
        السكينة طمأنية القلب واستقراره .. أصلها في القلب وتفيض بعد ذلك على الجوارح .. فترى على جوارح الإنسان المطمئن بذكر الله، أثر السكينة والهدوء والخشوع ..
        وهذا كان معنى السكينة لغةً واصطلاحاً.
        درجــــــات السكيــــنة
        ما هي درجات السكينة ؟
        درجات السكينة ثلاث::
        1) سكينة الخشوع .. 2) وسكينة عند المعاملة .. 3) وسكينة توجب الرضا.
        1) سكينة الخشوع .. هذه التي تنزلت على قلب النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، سكينة تكسر القلب فتجعله خاشع .. وهذا الخشوع وهذه السكينة تنشأ عن ماذا؟
        يقول الله جلَّ وعلا {..وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة: 45]
        من هم يا رب الخاشعين؟
        {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة: 46]
        فإذا تحقق هذا المعنى في القلب، يخشع وينكسر ويفوِّض ويستسلم ويرضى ويعيش هذه المقامات كلها.
        2) السكينة عند المعاملة .. وتتحقق بثلاث:
        1) محاسبة النفس .. 2) وملاطفة الخلق .. 3) ومراقبة الحق.
        في السكينة عند المعاملة، سيعامل الفرد ثلاثة:
        1) سيعامل ربَّ .. 2) وسيعامل نفسه .. 3) وسيعامل الناس.
        أثناء معاملته لنفسه، سيحاسبها .. أثناء معاملته للناس، سيتلطف معهم ، وهذا أثر اسمه اللطيف ..
        أُلطف يُلطَف بك.
        فيلطف بهم ليعامله الله باللطف، فيكون من أثر ذلك أن يحدث له اللطف الباطني فيسكن ..
        3) مراقبة الحق ..هذه المراقبة كيف تأتي؟ ..
        عندما سيكون القلب موصول، وفيه عين البصيرة وسيبصر سيراقب ..
        لذا أثرها .. تأتى من أي شئ؟؟ تأتى من انفتاح عين البصيرة في القلب ، وهذا كيف يحدث؟
        عين البصيرة هذه كيف تأتي ؟ .. تأتي بأمور، منها ..
        أولاً: يبدأ من تحسُس القلب ..أن تجعله يعمل، فمثلا إذا كان لديك -مع الفرق في المثال- لديك نظارة مكبرة لا تستخدمها، بإمكانك أن ترى من خلالها عن بُعد، واضطررت أن تستخدمها لترى شيئاً من خلالها .. وطوال إهمالك لاستخدامها، سيكون مد البصر لديك قليل جدًا .. لكن حينما استخدمت العدسة المُكبِّرة، بدأت ترى آفاق أوسع وأعلى ..

        يتبع...
        { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
        سورة الرعد الآية 17

        تعليق


        • #19
          رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

          تابع الرساله الرابعه
          هذه هي عين القلب، وهي التي لا نستخدمها ونتجاهلها،،
          أولاً: تحسس قلبك وأعمِل عين البصيرة فيه .. ولكي يتحقق ذلك عندك، لابد أن تنظِّف العدسة المكبرة لهذا القلب وإلا لن ترى من خلالها .. لا يصح أن تترك عليها غطاءها، وتمسك بها وتتساءل لماذا الدنيا مظلمة ؟! أليس من المُفترض أن ترى عن بُعد ؟! .. وأنت في الأصل تضع غطاءها ولم تزيل الغطاء ،
          هذا الغطاء هو الحجاب الحاجز لك عن النظر،،
          إذًا، قم بتركيبها وتنظيفها تمامًا وضعها وركِز حتي تصل وتلتقط، وتبدأ تري ..
          هذه هي عين البصيرة، وهي التي تحقق مراقبة الحق ..
          الإنسان عندما يكون عنده عين البصيرة يبدأ يرى، فيستشعر القرب، يستشعر المعانى التي نتحدث عنها .. فيراقب ويعلم أنه ُمراقب وكل شئ يٌسَجَّل عليه .. وماذا يحدث للقلب ؟
          القلب حين يشعر بالقرب يسكن،
          فمثلاً: أنا أتعامل بشئ من الطيش فى غياب ولي أمري، وفور سماعي لصوته بدأت أُعَدِّل من تصرفاتى، بدأت أسكن ولا أتحرك هذه التحركات؛ لأن له بداخلي هيبة .. هذا هو ..
          ا ينشأ عنه
          ينشأ عنها
          لقرب يُحدث هذه الهيبة .. فيحدث المراقبة .. فيحدث سكون القلب،،
          ا ينشأ عنها
          لقربهيبةمراقبة الحقسكون القلب
          3) سكينة توجب الرضا بما قسم الله عزَّ وجلَّ .. وتمنع من الشطح الفاحش ..
          وهذه ستتحقق كأثر من الآثار -ذكرناها قبل قليل- ، أن الله ألقى في قلبه هذا النوع من السكون، فتجده دائمًا يتلفظ بمعانى وكلام مثل أَحَبُّه إلىّ .. أَحَبُّه إلىّ ، قدر الله أحب إليَّ من بصري .. لا يوجد لديه مشكلة في هذا كله؛ لأنه يقرأه بعين البصيرة ، يقرأها بشكل مختلف ..
          قرأتها بقلبي، ولم اقرأها بأعين الناس،،
          ليس كمن يقول: ماذا حدث لي ؟! لماذا يحدث لي كل هذا ؟ ولماذا هذا ؟ ولماذا هذا ؟ .. فهذا يؤدي به إلى الشطح الفاحش ، فهو يشطح أي يستخدم معنى الشطح في هذا الالتفات وفي هذا الاعوجاج ، وفي التفاتات القلب تلك .. بينما الساكن تجده يقف مطأطيء الرأس وهادئ وليس لديه مشكلة
          نفس الكلام الذي ذكرناه حينما تحدثنا عن محن الرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكرنا كلام بن الجوزى فى الصيد وهو يقول : الرسول صلى الله عليه وسلم يحدث له كذا وكذا وتطلق بناته ويوضع عليه سلا الجذور، وهو ساكن هادئ راضى بما يعامله به مولاه ، هذا هو سكون المعاملة الذي نتحدث عنه ..
          سكون يوجب الرضا بما قسم الله عزَّ وجلَّ، ويمنع من الشطح،،
          هذه درجات السكينة الثلاث ..
          ورود السكينة في القرآن ..
          لماذا السكينة فى القرآن؟ .. لتلك الفائدة الذهبية التي سيذكرها لنا ابن القيم ..
          ذكرت فى القرآن في ستة مواضع::
          يقول ابن القيم -وسأقرأ لكم من (المدارج)رأساً- : "وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول والقوى عن حملها، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة .."
          وهذا الكلام لكي نريح من يقول أننا مسحورين وملبوسين، وأن هناك من يسحر للأخوة .. يقول: شيخ الإسلام أنه جاءته في آخر عمره نوع من المقاومة الشديدة لهذه الأمور، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة ..
          قال : "فلما اشتد عليَّ الأمر، قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة"
          قال : "ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قَلَبَة" .. أي: لم يحدث لي أي مشكلة ..
          ويقول ابن القيم : "وقد جربت أنا أيضًا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرِد عليه، فرأيت لها تأثيراً عظيمًا في سكونه وطمأنينته "اهـ كلام ابن القيم رحمه الله من مدارج السالكين _ منزلة السكينة ( 2 / 502 )
          وقبل أن أتحدث .. لأن الأخوة سيقولون هذا كلام ابن القيم في المدارج، وهم رجال ونحن رجال، و ابن القيم يخطيء ويصيب، ليس لدينا مشكلة ، ولكن المعاني التي يتحدث فيها الأخوة نتفق معها كأصول، لكن في التطبيق نفهم عن الرجل ونلتمس له حتي ولو عذر ..
          أولاً: هل قام شيخ الإسلام اليوم بعمل رسالة قال فيها ورد الطائفة التيمية بقراءة آيات السكينة عند اضطراب القلب خمس مرات وعشرين مرة حتى يحدث كذا ؟! أم أن هذا يندرج تحت أصل عام قد ذكرنا تواً .. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ..}[الإسراء: 82]
          إذًا، القرآن فيه شفاء ..
          ثانيًا: نحن إن قلنا على معنى الرقية الشرعية .. "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك"[رواه مسلم] .. لا تكون هناك مشكلة، ونأتي لمن يرقي في أمراض القلوب وتقولوا عليه مشكلة؟!
          عدّوها من باب الرقى، مندرجة تحت أصل عام ومندرجة تحت أصل خاص لكي لا يكون فيها مشكلة.
          ثالثًا: أنه في الأمور التجريدية هذه، ما زال الناس يُحدِث لهم ذلك أشياء .. أنا عندما أبدأ القراءة في سورة كذا أو كذا أشعر بمعانى لا أشعر بها فى سائر السور .. وهذا شأنى أنا .. وأحيانًا أنقل تجربتى لغيرى فأقول له: دائمًا حين أقرأ هذا الورد وهذه الآيات أو أصلي بها، أشعر بكذا ويحدث كذا ..
          لعلها تنفعك لكن قد لا تنفع كثيرين، وهذا الذي يفرِّق بين البدعة الإضافية وبين سُنيِّة الأمر .. أو ما دخل تحت المخالفة أو المحذور الشرعى .. ما الفرق؟
          إن النبى صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئًا يقربنا إلى الجنة إلا ودلّنا عليه، المعنى هنا أن وصفة شيخ الاسلام لن تنفع كل المسلمين .. وأقولها بملء الفم ، لأنها لو كانت تنفع كل المسلمين لنصَّ عليها الأمين صلى الله عليه وسلم، لكنها ستنفع أناساً أحوالهم قد تكون قريبة من هذا الحال ..
          فالاستشفاء بآيات القرآن قد ذكره العلماء، و هذا تأصيل ثالث لها .. وقد ذكرنا أن هجر القرآن على خمس منها: هجر الاستشفاء، ولذلك فإن تأصيلها العلمى مهم قبل أن ندخل فى ثنايا المعاني ..
          ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه، في ستة مواضع :
          أولاً: قول الله تعالى في سورة البقرة .. لاحظوا الآيات : ثلاث آيات في سورة الفتح، آيتين في سورة التوبة، آية في سورة البقرة ..
          الآية الأولى ..قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ ..} [البقرة: 248]
          وهذه الآية التي اختُلف في تفسير معنى السكينة فيها، ورد عن ابن عباس -وتجدوا هذا في القرطبى وغيره - أنه كان يقول: "كل سكينةٌ في القرآن فهي طمأنية، إلا التي في سورة البقرة" .. على أن بعض المفسرين -واسمعوا مثلا كلام الشيخ ابن العثيمين وهو يوجه هذه الآية- قال :التابوت: ( وهو معروف بأنه شئ من الخشب أو العاج يشبهالصندوق ) فكان ينزل ويصطحبونه معهم، وفيه السكينة : يعنى أنه كالشئ الذى يُسَكِّنُهويطمئنون إليه" ..
          فعلى هذا التوجيه لا توجد فيها مشكلة، يعني كأنه شئ كان له هذا الأثر عليهم، فإذا رأوا هذا التابوت كانت تسكن قلوبهم وتنشرح صدورهم .. علي هذا التوجيه فكل الآيات فيها الطمأنينة ..
          الآية الثانية: قول الله تعالى في سورة التوبة : {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 26]
          هذا في يوم حنين، فى تلك الساعات الحرجة التى قال الله عنها: {..وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}[التوبة: 25] .. ثم قال الله {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 26]
          الآية الثالثة: الآية الأربعون في سورة التوبة ..عندما اجتمع المشركون على الكيد للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان مكان إدبان وقت الهجرة، فلو نظر أحد المشركين إلى ما تحت قدمه فى يوم الهجرة لرأى النبى وصاحبه ..
          قال الشيخ السعدى "فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما، فأنزل الله عليهما من نصره ما لم يخطر لهم على بال ..فقال :
          {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40]
          الآية الرابعة: ونبدأ بآيات سورة الفتح الملأى بهذه السكينة من بدايتها ..انظر ثلاث مواضع في سورة الفتح، وكأن من فتح الله عزَّ وجلَّ على عبده أن يتنزَّل على قلبه بذلك ، والآية تقول هذا:
          {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الفتح: 4]
          ففى يوم الحديبية تزلزلت القلوب من تحكم الكفار فنزلت فى تلك اللحظات السكينة، والظاهر -والله أعلم- بأن الحديبية كانت من أشد المواقف التى امتحن فيها المسلمون، ويدل على ذلك اختصاص هذا الموقف بالذكر فى ثلاث مواضع بأن تتنزل السكينة فيها ..
          بالطبع يوم الحديبية وموقف سيدنا عمر أكبر مثال يوضح لنا الاضطراب الذي من الممكن أن يحدث، لمَ نُعطى الدنية فى ديننا ؟ ..ونحن في هذه المحن منذ عشرين سنة، وجاءتنا اللحظة التي يمكن أن نفتك بهم وننتصر عليهم ويكون لنا الغلبة، وأنت تداهنهم .. أو يظهر له أنه يقوم بمقام الضعيف! .. فيقول: على هذا كانت هذه الحادثة من أشد الحوادث التى أبتلى بها المؤمنون.
          الموقف الثانى الذي ذكر الله فيه تنزُّل السكينة في الحديبية، عند بيعة الرضوان في سورة الفتح الآية 18 ..
          قال الله جلَّ وعلا : {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]
          وهذه الآية مفتاح الدرس بأكمله::
          {.. فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ..}
          فإذا كان في قلبك جهاز الاستقبال هذا ستنزل السكينة، أما إذا كان قلبك فاسد لا يصلح أن تتنزل عليه السكينة سيلتفت ويضل السبيل ..
          {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18]
          وهذا هو الربط بين معنى السكينة ، ومعنى الفتح في هذه الآية.
          بعد ذلك الآية السادسة والعشرين .. وهى الآية السادسة والأخيرة من آيات السكينة ، والثالثة التى ذكر فيها السكينة فى يوم الحديبية ..
          قوله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الفتح: 26]
          فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ .. بهذا التعبير يرسم السكينة كإنها تنزل في هدوء ووقار، تنزل وتوضع في القلب بمنتهى الهدوء والوقار، لتُحدث هذا الأثر، تضفي على القلوب الحارة المتحمسة المتأهبة المنفعلة برداً وسلاماً وارتياحاً وطمأنينةً .. فإن دل ذلك على شئ فإنما يدل على أهمية السكينة، وأن بعض المواقف تحتاج إلى تنزُّل هذه السكينة أكثر من مرة .. فكما رأينا ثلاث مرات وثلاث آيات فى سورة واحدة تتحدث عن نفس الموقف، تنزل في ثلاثة أنواع من السكينة مختلفة في ثلاثة مواقف في حدث واحد .. فهذا يدل على أن بعض المواقف تحتاج إلى تنزُّل السكينة أكثر من مرة، لأهميتها فى تجاوز ذلك الموقف ، والموَفَق من وفقه الله
          إذًا، عندما تنزل بك الساعات الحرجة ولحظات الاضطراب، تأمل فى حساسية المواقف التى تنزل عليك، وادعوا الله عز وجل أن ينزل أثر السكينة في قلبك لتثبت نفسك ويسكن قلبك، وحالة إذ تخرج من هذه النوازل سالماً معافى محققاً للمعاملة الباطنة، آخذاً اللطف الباطني.
          هذه الآيات الست كلها تدور في معنى واحد وفي فلك واحد .. مواقف صعبة، تنزُّل السكينة فيها هو من أعظم الأسباب لتثبيت القلب ..
          الواجب العملي:حفظ هذه الآيات والتعبُّد لله عزَّ وجلَّ بتمريرها على القلب وتسكين النفس بها، حتى نأخذ هذا الأثر.
          وما ذكرناه من التجربة العملية لابن القيم وشيخ الإسلام بن تيمية ، هذه ترجع إلى كل واحد منكم أن يتداوى بها أو يستعملها على حسب حالته وعلى حسب استقباله لهذه المعاني.
          مواضع تحقيق السكيــــنة
          السكينة كما ذكرنا وردت فى القرآن فى هذه الست مواضع ، وقدطُولِبنا فى مواضع ، وهذا كما فى سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن نحقق معنى السكينة ، لدينا أكثر من ست أو سبع مواضع نحتاج أن نحقق فيهم السكينة ..
          أوَّل هذه المواطن:: الصلاة ..
          السكينة تنزل حال الصلاة .. وتحتاج أنت أن تسأل الله عزَّ وجلَّ هذا ابتداءً، إنك فى البداية لابد أن تأخذ في اعتبارك أن تكون ساكنًا، لا تلتفت، لا تزوغ عينك، لا ينشغل قلبك بكذا وكذا، لا تذهب إلى الصلاة مهرولاً؛ لأن هذا يسبب عدم الخشوع ولا يجعلك تُحصِل المعنى الأساس في الصلاة .. فإذا حققت هذا وأخذت بالأسباب، تنزل عليك السكينة المطلوبة التي ينبغي أن تجدها أثناء الصلاة ..
          فالسكينة تنزل حال الصلاة، فينبغي للعبد أن يحرص عليها ..
          بهذا جاء فى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" [متفق عليه]
          إذًا، نحن لدينا معنى مختلف .. تجد الأخ يريد أن يدرك تكبيرة، الإحرام فيمكن أن يذهب مهرولاً لا مشكلة، وإن دخل في الصلاة وظل ينهج طوال الركعة الأولى لكنه أدرك تكبيرة الإحرام هكذا يهدأ .. لكنه لم يحقق السُنَّة ولم يحقق الهدف، نحن للأسف الشديد ظاهريين حتى في معاملة الله عزَّ وجلَّ ..
          النبي صلى الله عليه وسلم -وأمره أهم من أي شئ آخر- يقول : "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة .." لا تجري إلى الصلاة ، سِر كعادتك في السير، ويمكن أن تزيد خطوتك شيئا ما لكن ليس في هذا ما أرشدنا إليه النبي، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يركض الإنسان إلى الصلاة ، وأمرنا أن نأتي إلى الصلاة وعلينا هذا المقام العظيم – مقام السكينة - ، لأن العبادة ينبغي أن تتحقق بهدوء وبطمأنينة نفس ..
          أما الإنسان الذي يلهث من شدة الركض والعناء، فإنه لا يُقبِل على صلاته كما ينبغي ..
          لهذا جاء في البخاري من حديث أبى بكرة: أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال "زادك الله حرصًا ولا تعد" [صحيح البخاري]
          جاء أبي بكرة، والرسول صلى الله عليه وسلم راكع، فأسرع وقد حَفَزَهُ النفس ثم ركع ولحق النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم سأل: من الذي أتى وهو راكع؟، قال: أنا يا رسول الله، فذكر له الحال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" زادك الله حرصا ولا تعد " ..لا تعد لمثل هذا ، وائتِ إلى الصلاة وعليك السكينة والوقار ..
          لانه أحيانا ونحن نحقق المعاني العالية -وهذا للأسف الشديد عندنا في الفكر بشكل عام- يمكن أن تجد بعض الإخوة مثلاً مجتمعين على معنى تعظيم لقدر الصلاة في أول الوقت وإدراك تكبيرة الإحرام ووو ...، فإذا دخل أحدهم الصلاة ولم يدرك تكبيرة الإحرام تكون مشكلة .. لماذا ؟ لأنه يريد أن يدخل ويدرك الصلاة وبهذا يكون أدي الصلاة، وتجد النظرات إليه ومنظره أمام المصلين كيف يأتي متأخرا ؟! .. على الرغم من أن آخر من الممكن أن يكون قد صلى الأربع ركعات وهو شارد الذهن،لكنه حققهم وصلاهم من تكبيرة الإحرام فالجميع سيشجعه!
          الأول من الممكن أن يظل حزينًا علي الركعة التي فاتته وينكسر قلبه، هذا لا يصح أبدًا .. وليس معنى ذلك أن نقول للآخرفرِّطوانكسر، على أساس أن التفريط هو ما سيجلب لك الإنكسار !!، لا هذا ولا ذاك ، المهم قلبك وما يحمله في داخله، هل أنت ذاهب إلى الصلاة لكي تحقق المعنى ؟
          ولذلك تشعر بينك وبين نفسك -حتي دون نظر الناس- بمراءاة النفس ،فتقول لنفسك: اليوم عندي خمس صلوات وقد صليتهم من الركعة الأولى كنت خاشع أو غافل هذه ليست قصتي، أنا لدي الحديث آخذ بظاهره
          "من صلى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأولى، كتبت له براءتان براءة من النار وبراءة من النفاق" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
          هذا فهم مغلوط، ولن يحدث أن تأخذ براءة من النار وبراءة من النفاق وأنت في الأصل لست خاشع ولا خاضع ولم تحقق أي معنى في قلبك .. إذًا أنت واهم ..
          هل تدركون المعنى ؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى هذا المعنى وقال لا تعد ..
          عن عبد الله بن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال "لا تقوموا حتى تروني، وعليكم السكينة" [صحيح البخاري]
          معني الحديث:أن جماعة المصلين لا يقومون عند الإقامة إلا حين يرون أن الإمام قام للإمام، أي عندما يقوم يقومون عنده .. المسألة فيها خلاف فقهي ليس محله الآن ، لكن المهم:: "وعليكم السكينة" ، ادخل الصلاة وأنت ساكن ..
          إذًا، هذا أول مقام نحقق فيه السكينة .. حال الصلاة
          المقام الثاني:: حال الحج
          لما أفاض النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة وكان عليه السكينة ، وكان معه ما يزيد علي مائة ألف حاج، فكان يقول " يا أيها الناس عليكم بالسكينة" [رواه البخاري] .. رويدكم .. رويدكم .. كل الناس الآن مقبلة وذاهبين إلى مزدلفة، ويوم شاق جدًا على عرفة، والكل يريد أن يجري إلى مزدلفة ليبيت بها ويرتاح .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم"أيها الناس عليكم بالسكينة، عليكم بالسكينة، عليكم بالسكينة " .. فأفاض النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أصحابه بالسكينة وبالهدوء الذي يتناسب مع حُرمة الحج وحُرمة العبادة .. فالسكينة مطلوبة من العبد في كل حال، وينبغي للإنسان أن يحرص عليها في هذه النسك خاصةً .. إذًا، هذا الأمر الثاني حال الحج.
          المقام الثالث:: عند تلاوة ومدارسة القرآن
          النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه الوحي تغشَّته السكينة، عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة، فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سُرِيَّ عنه، فقال "أكتب"، فكتبت في كتف: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .. وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ..}إلى آخر الآية .. فقام ابن أم مكتوم وكان رجلاً أعمى لما سمع فضيلة المجاهدين، فقال: يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟، فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة، فوقعت فخذه على فخذي ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولي، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "اقرأ يا زيد"، فقرأت: لا يستوي القاعدون من المؤمنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {.. غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ..} [النساء: 95]الآية كلها .. قال زيد: فأنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف. [رواه أبو داوود وقال الألباني: حسن صحيح، صحيح أبو داوود (2507)]
          قال الله تعالى {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}[المزمل: 5]، كان صلى الله عليه وسلم يتغشاه من شدة الوحي شيء عظيم حتى يتفصَّد من جبهته .. أي:يعرق عرقًا شديدًا، وإن كان في اليوم الشاتي من ثقل الوحي عليه.
          الشاهد:: أن السكينة كانت تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الملك، كذلك عند قراءة القرآن ..
          حديث أسيد بن حضير الذي في الصحيحين أبلغ مثال علي ذلك :
          "بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة ، وفرسه مربوط عنده ، إذ جالت الفرس ، فسكت فسكتت ، فقرأ فجالت الفرس ، فسكت وسكتت الفرس ، ثم قرأ فجالت الفرس ، فانصرف ، وكان ابنه يحيى قريبا منها ، فأشفق أن تصيبه ، فلما اجتره رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها ، فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( اقرأ يا ابن حضير ، اقرأ يا ابن حضير ) . قال : فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى ، وكان منها قريبا ، فرفعت رأسي فانصرفت إليه ، فرفعت رأسي إلى السماء ، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح ، فخرجت حتى لا أراها ، قال : ( وتدري ما ذاك ) . قال : لا ، قال : ( تلك الملائكة دنت لصوتك ، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها ، لا تتوارى منهم " [صحيح البخاري]
          كان أسيد من كبار الأنصار وكان ذات ليلة يصلي صلاة الليل في مربد له فقرأ سورة البقرة - وفي رواية في الصحيحين أنه قرأ سورة الكهف- ، وكان الخيل مربوطة قريبة منه، فقرأ ورفع صوته بالقرآن ، وكان أسيد حسنًا جميل الصوت، فجالت الفرس وبدأت تذهب وتُقبل وتدبر حتى خشي أن تفك رباطها، وكان ولده يحيى إلى جنبه وكان طفلاً صغيرًا ، فخشي عليه من الخيل فسكت عن قراءة القرآن فسكنت الخيل، فعاود القراءة بعد ذلك فجالت الفرس وبدأت تُقبِل وتُدبِر حتى خشي على ولده فسكت، فرفع صوته بالقرآن مرة أخرى، فتحركت الخيل هكذا وجالت حتى خشي على ولده فسكت، ثم صلى فرفع رأسه إلى السماء، فإذا مثل الظلة فوق رأسه، وإذا فيها أمثال المصابيح. فلما أصبح غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله إنه حصل البارحة كذا وكذا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ يـابن حضير اقرأ، قال: فقرأت يا رسول الله، فجالت الخيل حتى خشيت على ولدي يحيى فسكت، قال: اقرأ أبا يحيى قال: فقرأت يا رسول الله، حتى جالت الفرس، فخشيت على ولدي فسكت، قال: اقرأ أبا يحيى، قال: قرأت يا رسول الله حتى خشيت على ولدي فسكت، قال صلى الله عليه وسلم: "تلك السكينة -وفي رواية: تلك الملائكة- تنـزلت لقراءة القرآن ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها، لا تتوارى عنهم" .
          أي: إن أكملت واستمريت في القراءة، كانت الناس إذا استيقظت ستجد هذه السحابة ويراها الجميع .. فنـزلت السكينة، ونـزلت الملائكة لقراءة أُسيد بن حُضيررضي الله عنه القرآن .. فهكذا شأن القرآن.
          إذًا، تتنزَّل السكينة بذلك .. وعلي هذا ففي هذا الموطن ينبغي أن يكون الإنسان ساكنًا ..
          ينبغي أن يكون الإنسان حاضر القلب حال قراءة القرآن،،
          هناك جزئية يذكرها العلماء تعليقاً على حادثة أسيد، يقولوا ما السبب في نزول الملائكة ؟
          قالوا عدة أشياء من باب اللطيفة العلمية ..
          السبب الأول قالوا: هو عَظَمَةُ ما قرأ ..بعض الناس قالت أنه قرأ البقرة أو قرأ سورة الكهف ، فأما سورة الكهف فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر: أنه من قرأها في جمعة أضاءت له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وأما سورة البقرة فمعلومة أنها هي الزهراء .. التي لا يستطيعها البَطَلَة ولا يدخل الشيطان بيتاً يُقرأ فيه هذا ، فهذه أو تلك .. إذًا، علي هذا التوجيه من فضائل سورة البقرة والكهف.
          السبب الثاني : قالوا: أن القارئ كان يفهم معنى ما يقرأ ويتأثر به ويخشع له ..فكان هذا هو السبب لنـزول الملائكة ونـزول السكينة. وهذا ما يفيدنا نحن ، لأنه إن كان على هذا التوجيه نجد أنه
          كلما كان الإنسان أكثر تدبراً وأكثر خشوعاً وأكثر انكساراً، تتنزل الرحمة وتتنزّل السكينة بذلك.
          السبب الثالث: قالوا: أنه كان يرفع صوته بقراءة القرآن ..وكأنه -والله أعلم- كان حسن الصوت بالقرآن، فكما كان أبو موسى الأشعري واستمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إلى قراءته، فأنصت وأُعجب بقراءته أيما إعجاب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود" [صحيح مسلم] .. أي: صوتك بالقرآن جميلٌ جميل.. فقال: يا رسول الله، والله لو علمت أنك تسمعني؛ لحبَّرته لك تحبيراً.
          الملائكة تحب سماع القرآن فنزلوا لذلك ، هذا توجيه .. لكن طبعا التوجيه الثاني هو ما يهمنا أو حتي الأول بالاعتناء بهاتين السورتين ..
          هكذا أخذنا موطن الصلاة ، وموطن الحج ، وموطن قراءة القرآن.
          المقام الرابع:: حال الجنائز
          الموطن الرابع الذي ينبغي أن نكون فيه ساكنين، وتتنزل فيه السكينة: حال الجنائز ..
          قال أبو قُلابة " كانوا يعظمون الموت بالسكينة " .. لأنه عادة يكون وقت هلع، وأناس يبكون، وآخر يصرخ وآخر شارد وآخر يسأل عن مكان المدافن وو … فيغيب معني التذكُّر في هذه المواطن، فلذلك ينبغي أن يكون الإنسان أهدأ ما يكون في هذه الأوقات ، لا سيما وهو يشيِّع جنازة أو نحو من هذا، إن كان يريد منها العبرة والعظة لنفسه ، فبالتالي عليكم أن تستنزلوا تلك السكينة بسكونكم حال هذا الموطن.
          المقام الخامس:: حال الجهــاد
          خامسًا: في الجهاد .. حال الجهاد في سبيل الله كما حدث في يوم الحديبية، وكما ذكرنا في الآيات التي في سورة الفتح، كلها كانت تدور حول معنى الثبات والجلَّد والصبر؛ حتى يستدفع الإنسان ما يكون في هذه المواطن وهذه الأوقات من همِّ وقلق يصيب الناس .. وذكرنا قصة سيدنا عمر المشهورة وكيف أن الله عزَّ وجلَّ أنزل السكينة على قلوب المؤمنين وعلي قلب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن؛ ليكون في ذلك طمأنينة لهم حتي لا يصيبهم الفزع والقلق والخوف.
          فالنبي صلى الله عليه وسلم ، والحديث رواه أبو داود عن سمرة أنه قال : " سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلنا - في الجهاد -خيل الله " لماذا؟ .. لأنها الخيل التي أوقفت في القتال في سبيل الله، وحملت المجاهدين الصابرين الذابين عن حوزة الإسلام ،" وكان يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر والسكينة " [رواه أبو داوود وضعفه الألباني] .. فهذا أمرٌ من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتحلّى الإنسان بهذا،
          أولاً: الجماعة فلا يشرد، وثانيًا: تحقيق مقام الصبر والسكينة ،
          وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كانوا في حال المعارك يرتجزون بالشعر، يسألون الله تعالى أن ينـزل عليهم السكينة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يجيبهم:
          "والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
          فأنزلن سكينةً علينا وثبِّت الأقدام إن لاقينا
          إن الأولى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا"
          فكان النبي صلى الله عليه وسلم يردد وراءهم : " أبينا أبينا " [متفق عليه] .. صلَّ الله علي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ..
          فهكذا تكون السكينة حال المقام ، مقام الجهاد في سبيل الله،،
          المقام السادس:: عند القيام بمقام العبودية ..
          مقام من مقامات العبودية .. ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " .. وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده .."[رواه مسلم]
          فقالوا: إن السكينة تنزل على أتباع الأنبياء، هذه السكينة تنزل عليهم عند القيام بوظائف العبودية بشكل عام
          لذلك ختمنا بتحقيق معنى من معاني العبودية سواء: في الذكر، في الصلاة، فى الصيام، فى النسك ، في سائر هذه الأمور ..
          إذا كان العبد قائمًا لله بمقام الخشوع والذل وغض الطرف واجتماع القلب، فإن السكينة تنزل على العبد حالة إذ،،
          هذه هى المواطن ..
          كيف نُحقق السكينة ؟
          هذا هو أهم ما فى الدرس، كيف نحققه ؟ .. استمعوا إلى هذا الأثر المهم الذي ذكره ابن أبى الدنيا في كتاب (العقل وفضله) .. وأريد منكم التركيز لأنه يعطينا المعادلة، و أنا أحب الذي يعطينا المعادلة التراكمية (إذا عملنا كذا يتحقق كذا ، يتحقق كذا )، يقول: قال وهب ابن منبه: "المؤمن مُفكِّر مُذَّكِّر ، فمن ذكَّر تفكَّر .."
          إذًا، تابع معي.. ما هى البداية ؟
          الذكر يزيل الغفلة ،
          بعد ذلك ماذا يحدث ؟
          تفكر،
          "فعلتهُ السكينة .." ..
          ف يورث
          يترتب عليه
          تورث
          السكينة تتحقق بعد التفكر ، "وقنع فلم يهتم" .. تورث القناعة وتورث الثبات .. "ورفض الشهوات فصار حرًا، وألقى الحسد فظهرت له المحبة، وزهد في كل فان فاستكمل العقل، ورغب فى كل شئ باقٍ فعقل المعرفة"
          ذكرتفكُّرالسكينةالقناعة والثبات

          يتبع....

          { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
          سورة الرعد الآية 17

          تعليق


          • #20
            رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

            درس الزهادة



            1) يتحرر من الشهوات .. 2) تخلص من آفات القلب (الحسد) .. 3) حب راسخ في الوجدان



            استكمل العقل
            عَقِل المعرفة بالله تعالى.

            إذًا ذكر يترتب عليه تفكُّر، التفكر ماذا يورث؟ السكينة .. يحدث له بعد ذلك القناعة .. فلا يعد يهتم بتلك الابتلاءات و لا بكلام الناس ولا بمشاغل الحياة فلم يعد يهتم .. ويقنع بما يعطيه الله إياه، فلما يقنع يتعلم درس الزهادة .. فأول شئ يرفض الشهوات فيتحرر، ولا يكون فيه الآن عبودية لا لمال ولا لنساء ولا جاه، و لا تعس عبد الدرهم و لا تعس عبد الخميصة و لا شئ من قبل هذا ، فيرفض الشهوات فيصير حرا
            و إذا تحرر القلب تخلص من آفاته ، و من أخطر آفاته الدفينة الحسد .. فيلقى الحسد فتظهر المحبة، وكأن المحبة فى باطن القلب و عليها غلاف اسمه الحسد و النظر إلى الناس و الاهتمام بهم والدنيويات .. و{.. أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ..} .. وهذه المعاني ، فإذا زال غلاف الحسد ظهر الحب الراسخ فى الوجدان وفي الغريزة، فيزهد فى كل فاني ، فبالتالي يستكمل العقل ، فيبقى هذا هو صاحب اللب و صاحب العقل الرزين ، فإذا رغب فى كل شئ باقي، يعقل المعرفة بالله تبارك و تعالى.
            و كأننا قلنا- سبحان الملك- نفس المعادلة التي كنا نقولها الآن : معرفة تؤدى إلى معرفة ، معرفة ستوصلنا إلى السكينة، المعرفة الأولى هذه ذكر وتفكر، ووصلنا فى النهاية للمعرفة الأم التي نرجو الوصول لها::
            معرفة الله تبارك و تعالى.
            إذًا، أول سبب تتحقق به السكينة هو الذكر والفكر .. هذا الكلام الذي تناولناه هو الكلام النظرى ، كيف نحققه عمليا ؟
            الكلام الذي ذكرناه تواً - ونحن نتحدث عن تكوين الحال- أول ما ذكرنا قلنا أيضًا، الذكر و الدعاء و التفكر في معاني الأسماء والصفات تحقق هذه المقامات ..
            قلنا كيف ننفذها؟
            {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]
            استشعر القرب و استشعر المعاني ، انك تزيل حجب الغفلة وغيرها ، يلين لك قلبك و تتنزل عليك السكينة.



            المفتاح الثاني: مفتاح الانكسار والتواضع .. تكلُّف ذلك حتى يصير الإنسان هكذا، انظروا إلى هذا الحديث -وربما يمر هكذا وليس مشهور، لكنه مهم لأنه فى الصحيحين و اللفظ فى البخارى- قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان والحكمة يمانية" [صحيح البخاري]
            كلنا نحفظ آخر الحديث تقريبا، لكننا نقول طالما ذكر الفدادين و أهل الغنم إذن لا يخصّني، لكن مغزاه يخصنا ..
            من هم الفدادين؟
            الإمام النووي يقول: "الفدادين بتشديد الدال جمع فدَّاد، بدالين أولاهما مشددة، و هذا قول أهل الحدث واللغة".. ما هو الفدّاد؟ .. "هو الصوت الشديد ، بمعنى أن تعلو أصواتهم في إبلهم وخيلهم وحروثهم" ..
            وعلي سبيل المثال: أنت تجلس في مزرعتك أو شقتك أو سيارتك الموديل كذا، ووجدت أحدهم يُضيِّق عليك فيبدأ يعلو صوتك وتقول له: أنت لا تعرف بكم هذه السيارة ؟ أنت لن تغرم ما سأغرمه أنا في قطع غيارها ..وكذا وكذا ، فأنت ترى نفسك في عز، عز السيارة وعز المسكن وعز المقام الذي أنت فيه، وكذا وكذا، لذلك قال: الفخر و الخيلاء؛ لأن الكبر فى الطبقات الارستقراطية موجود بكثرة – بدون أن نتأول و دون أن نحاول الدخول في الحديث يمينًا ويسارًا، ونقول لا .. أبداً هذا يتعامل بأسلوب جيد لأنه يفهم أن الكبر ...-
            ما زلت أردد أن الكبر ليس غمط الناس فقط، بل إن الكبر يمكن أن يكون في شخص اجتماعي جدا ويتحدث جيدًا، ولا يضع أنفه فى السماء ولا شيء من هذا ، بل إنه شخص عادي ويحبه الناس ..
            لكن .. أين بطر الحق ؟ أين أنك تتكلف هذه المعانى ، فأين وأين وأين … ، لا تجده يتحقق ، و تظل تشرح له أن هناك ما يسمى ضروريات و ما يسمى حاجيات و ما يسمى تحسينيات ، لماذا تشغل نفسك بهذه التحسينيات كلها وتتعب قلبك بسببها ولماذا ولماذا ولماذا ؟ .. تجده في النهاية يقول لك لا أستطيع ،كل من حولى هكذا ومن الصعب جدا أن أحقق هذا المعنى ، فتجده عنده الجزء الخاص به، والكل يقول نفس الكلام .. فمن غير استطراد فيها ..
            الشاهد:: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الفخر و الخيلاء هذه تؤدى إلى كبر .. "الفخر والخيلاء فى الفدادين أهل الوبر" .. فهذا هو، أما أهل الغنم .. فتَصَوَّر أن أحدهم يركب سيارة بتعبيرنا -سيارة 127 أو متواضعة - هذا الذي هو من أهل الغنم ، هذا المسكين من أهل العشوائيات ، هذا الذي يفترض أنه تحت الصفر، السكينة تنزل على هذا، هذا هو الحل للموضوع كله.
            فالسكينة فى أهل الغنم ، وقالوا لأجل ذلك رعى النبى صلى الله عليه وسلم الغنم ..
            قال "وإنما خصَّ أهل الغنم بذلك؛ لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسعة والكثرة" .. فليس عندهم فخر أو خيلاء، بل تتحقق عندهم معاني الانكسار و التواضع ، هذا هو..
            تريد أن تتنزل عليك السكينة ؟
            السكينة فى هؤلاء .. في أهل الغنم، أي:
            في المنكسرين، في المتواضعين، فيمن لا يرون لهم وزناً ولا قيمة،
            ولا هو يعتمد على مركز اجتماعي ولا على رصيد في بنك ولا على شقة في مكان محترم ولا على كذا وكذا .. إذا تحقق هذا المعنى .. إذًا، تتنزل السكينة.
            السكينة تتنزل ثالثا ..
            السبب الثالث: بجمع الشمل .. انظروا إلى هذا الحديث ، ربما تسمعوه لأول مرة بهذا اللفظ، وسبحان الله فى الصحيحين واللفظ لمسلم، قال النبى صلى الله عليه وسلم "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَسَكِّنُوا وَلَا تُنَفِّرُوا" [صحيح مسلم]
            ما معنى يسروا ؟ ..أي: اصرفوا وجوه الناس إلى الله فى الرغبة إليه، و ردوهم في طلب الحوائج إلى الله .. معنى جميل وقفت عليه في أحد الشروح
            قالوا عن معنى التيسير .. أي اجعلوا الناس تحب الله ، اجعلوا الناس عندما يكون لديهم أي حاجة لا يطلبونها إلا من الله، و ردوهم فى جميع أحوالهم على الله فإن اليسر كله عند الله.
            قال تعالى {..يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ..} [البقرة: 185] .. وقال{..مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ..} [المائدة: 6].
            و"لا تُعَسِّرُوا " : أي لا تردوهم إلى المخلوقين في طلب الحوائج وقضائها من عندهم، فإنهم محتاجون إلى مثل ما يُحتاج إليهم فيه .. هم أيضا محتاجين مثل الآخرين فكأنهم يتجاذبون شيئًا بينهم، هل سأذهب إلى من هو في الأصل محتاج ؟! .. فيُعَسِّر عليكم ويَعسُر عليكم الوصول لأنه فى النهاية يوجد شئ ما لا أحد يستطيع أن يأخذه إلا من قبل الله تبارك وتعالى ، نفس الكلام الذي ذكرناه فى بداية الدرس ، حين ذكرنا أن الخزائن كلها بيده سبحانه و تعالى.
            "وَسَكِّنُوا" : تصديقًا لما ذكرنا بأن السكون هو الطمأنينة، والله عزَّ وجلَّ يقول {.. أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: 28] .. فلا يزال قلب المؤمن في اضطراب في نيل ما يرجوه، و كذلك ما يريده حتى يرد إلى الله .. فمعنى سَكِّنُوا: أي ردوهم إلى الله فيسكن اضطراب قلوبهم ضرورة واختيارا .. ضرورة أي لن تجد غيره ، و اختياراً أن تعلم أن هذا طريقك وليس لك غيره، سكّنوا أي تسكين القلب.
            و"وَلَا تُنَفِّرُوا" :أي لا تفرقوهم في دلالتهم على غير الله، وردوهم إلى من سواه، فإذا فعلتم ستتفرق بهم المذاهب وتختلف عليهم المسالك والطرق .. فحينئذ تحدث الفرقة وحينئذ يكون الشتات ..
            فالسكون يكون بجمع الشمل، وجمع الشمل يكون بأن تردوا الناس الى الله،،
            انظروا إلى المعنى، عجيب عجيب بمعنى الكلمة .. وسبحان الله، نُسيِت أن أذكر لكم المرجع لأنني أول مرة أرجع إليه في التفسير ..
            عرفنا الآن ثلاثة أسباب أساس يتحقق بها معنى السكون ، عرفنا من خلال هذا الكلام كله أن:
            1) السكينة علامة رضا الله عن العبد ..كما نصّت على ذلك الآيات،
            2) والسكينة سمة العلماء وصفة الأولياء .. والمتشبه بهم إن شاء الله يكون في زمرتهم ،
            3) والسكينة علامة اليقين و ثقة المرء برب العالمين .. وهي فيها طاعة لله وتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم،
            4) والسكينة تثبت قلوب المؤمنين وتزيدهم ثقةً وإيماناً،
            5) والسكينة تؤدي إلى الرضا بما قسم الله عزَّ وجلَّ، و تمنع من الغلو و الشطط،
            6) والسكينة عند معاملة الخلق تؤدي إلى اللطف في هذه المعاملة وتجلب المحبة وتشيع الألفة،
            7) والسكينة تثمر الخشوع و تجلب الطمأنينة وتلبس صاحبها ثوب الوقار،
            8) والسكينة تجعل صاحبها ينطق بالحكمة والصواب، وتحول بينه و بين اللغو والفحش وكل باطل،
            9) وأخيرًا، السكينة من الأمور التي تُسَكِّن الخائف وتسلى الحزين و الضَجِِر .
            ولا تنسوا ما ذكرناه ابتداء فى فضائلها فهي:
            1) السكينة السمت الصالح
            2) السكينة لباس التقوى
            3) السكينة مغنم ، هي غنيمة المؤمن الباردة
            4) السكينة هي اللطف الباطني
            أسأل الله تبارك وتعالى أن يعلمنا ما جهلنا وأن يرزقنا هذا المقام العالي الغالي، وأن يرزقنا السكينة والوقار والطمأنينة ..
            وأن يجمعنا و إياكم في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله ..
            فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمرى إلى الله ..
            سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
            اللهم صلِّ على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
            { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
            سورة الرعد الآية 17

            تعليق


            • #21
              رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

              الدرس الصوتى للرساله الرابعه

              من هنا

              بسم الله

              لا تنسونى من صالح دعائكم
              { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
              سورة الرعد الآية 17

              تعليق


              • #22
                رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

                ماشاء الله لا قوة الا بالله
                جزاك الله خيرا اخى الحبيب ونفع بك
                متابعين لما تدرج بالموضوع

                تعليق


                • #23
                  رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

                  المشاركة الأصلية بواسطة أبو السائب المصرى مشاهدة المشاركة
                  ماشاء الله لا قوة الا بالله
                  جزاك الله خيرا اخى الحبيب ونفع بك
                  متابعين لما تدرج بالموضوع
                  عوداً حميد يا ابو السائب يا حبيب

                  لعلك بخير اخى الحبيب واتمنا انى اشوف قريباً على الايميل

                  نورت الموضوع والمنتدى كله يا حبيبى فى الله
                  { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
                  سورة الرعد الآية 17

                  تعليق


                  • #24
                    رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

                    ملخص الخامس
                    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم اليوم .....
                    محو العلائق


                    قال الشبليّ: ليس لعارفٍ عِلاقة، ولا لمحبٍ شكوى، ولا لعبدٍ دَعوى، ولا لخائفٍ قرار، ولا لأحدٍ من الله فِرار.


                    ليس لعارفٍ عِلاقة: إذن القلب ليس متعلّق بسواه. ولا لمحبٍ شكوى...هو يقول العلامات، علامة العارِف.. علامة من فَهِم.. علامة الذي بلغ المنزِل:"ألا يكون في قلبه أدنى تعلُّق بسواه سبحانه وتعالى".
                    والمُحِبّ لا تراه يشتكي، وهذا يتماشى مع كلام ذو النّون عندما تكلَّم عن أعلام الرّضا فقال : أعلام الرضا ثلاثة قال: "لا اختيار له قبل القضاء" ولا يجد مرارة بعد القضاء" فقدان المرارة بعد القضاء" وقال: وأن يهيج الحب
                    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم


                    هيجان الحب في حشو البلاء" هيجان الحب في حشو البلاء معناه أنه وهو مُبتلى لا تجده يشتكي...
                    يحبّه.. هذا هو من يقول: أحبُّه إليه أحبُّه إليّ. فيصعد لأعلى المنازل: منزلة الرضا. ولهذا: ولا
                    لمحبٍ شكوى. ولا لعبدٍ دعوى
                    لو أنا قائِم بمقام العبودية إذن لن أدّعي، لن أعترض حتى يكون متماشيا مع الذّل والانكسار الذي هو
                    معنى العبودية :كمال الحب مع تمام الذّل والانكسار لله سبحانه وتعالى.
                    ولا لخائفٍ قرار: لو تجده في الطريق محلَّك سِر لا يتقدَّم، لا يقيم هذا القانون الذّهبي عند أهل السنة: أنّ الإيمان يزيد وينقص فإن لم يكن يزيد فإنه ينقص. لو تجده واقِف في الطريق فإنّ هذا ليس خائفاً.
                    ولا لأحدٍ من الله فِرار،
                    {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ}التكوير .
                    { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} الذاريات 51


                    مدخل الدرس في هذه الآية
                    { وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ }
                    ما هي الألوهية ؟ الله سبحانه وتعالى الإله أي المعبود، المألوه المحبوب لذاته الذي يُذَلّ ويُنقاد إليه ويُخضع له سبحانه... جميل ... فعندما يقول: { { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}لا تدخل إلى طريق آخر، بل اجري في هذا الطريق وابتعد وفِرّ لأن هناك أشياء ستتمسّك بك، هناك أشياء ستتخطفك، هناك أشياء ستتعلق بِك، ستجد دنيا تسحبك، ستجد شغل ،وزوجة، ومنصب، وهدف دنيوي، وبيئة محيطة تشد، فيقول لك: { { فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}ابتعِد، { إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَر}فكّ العلائق، لأنه عندما يذكر " إله " فابحث مباشرة في هذا المحل.. لأنه يتكلم عن قضية تمس الذل وتمس الحب.
                    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فيقول لك: { وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَر}، إيّاك أن تحبّ أحدا مثله. إياك أن تُعلِّق قلبك بأحد مثله. إياك أن تَذِلّ لشهوة أو لإنسان أو لأي شيء... لا تذِلّ لأحد، لا تذِلّ إلا له.
                    {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَر}هنا نبدأ من خلال هذه الآية عرض هذا الموضوع الذي هو من أخطر الموضوعات التي على السّالِك إلى الله أن يعتني بها، ويعرِف المزالِق التي توقِع النّاس في شراكِها.
                    قال الإمام ابن القيِّم في الفوائد:
                    المطلب الأعلى موقوف حصوله على شيئين-

                    انتبه ... المطلب الأعلى... ما هو مطلوبك ؟ما هو هدفك ؟
                    همةٌ عالية. :
                    نيةٌ صحيحة.:


                    فمن فقدهما تعذَّر عليه الوصول إليه.


                    إن مصطلح علو الهمة هذا مصطلح شرعي لا يُطلق إلا على عُمَّال الآخرة



                    ، الناس المُعلَِّقة قلوبها بالسماء، بينما الناس المتعلقة قلوبها بالدنيا لا يُسمى هذا بعلو همة، فيجب أن يكون عندنا ضبط في المصطلحات.
                    يقول ابن القيِّم: الهمة إذا كانت عالية شرطها أن يكون القلب متعلِّق بالله دون غيره، لا يرى غير هذا، وإذا كانت النية صحيحة سلك العبد الطريق المُوصِّل إليه


                    انظروا إلى هاتين الكلمتين وافهموها واكتبوها وانقشوها.


                    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فالنيَّة تُفرِد له الطريق: الذي هو الصراط المستقيم.
                    { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ }
                    سورة الرعد الآية 17

                    تعليق


                    • #25
                      رد: " تعرف " تعرف " تعرف" أدخل وانت تعرف "

                      جزاك الله كل خير أخى الحبيب وبارك فيك
                      ولكن لا تغب عنا كثيراً
                      أعانك الله ووفقك فى الدين والدنيا وإلى ما يحبه ويرضاه وجعلك الله من الناجحين المتفوقين اللهم آمين

                      تعليق

                      يعمل...
                      X