الفتح العربى فى الصين((معركة تلاس))بين المسلمين والصينيين
كان المسلمون يتطلعون لفتح الصين، ولكنهم وصلوا فقط إلى حدودها وخاضوا معركة واحدة.
وبالرغم من انتصارهم فيها فقد قرروا العودة.
كانت الفتوح الإسلامية ظاهرة تاريخية فذة ومدهشة من جوانب عدة.
وقد طرح الناس قديماً، ولا يزالون يطرحون - حتى الآن - أسئلتهم المندهشة حول هذه الفتوح :
من حيث اتساع مداها الجغرافى، وقصر مداها الزمنى، وبقاء نتائجها واستمرارها طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان.
ففى غضون مائة سنة ونصف كانت الدولة الإسلامية قد صارت من حقائق عالم القرن الثامن الميلادى الساطعة.
وكانت قد وصلت إلى حدودها التى بقيت ثابتة على مدى القرون الثلاثة التالية على أقل تقدير.
ولم يكن هناك فى عالم القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) قوة سياسية تضاهى الدولة الإسلامية سوى امبراطورية أسرة تانج فى الصين.
أما فى عالم البحر المتوسط الذى كان الرومان يسمونه «بحرنا» فقد دخلت الشواطئ الشرقية والجنوبية وشبه جزيرة إيبيريا تحت حكم الدولة الجديدة.
وفى الشرق كانت أراضى العراق وإيران، وبلاد ما وراء النهر والسند من أراضى هذه الدولة.
لقد كانت تلك مساحة شاسعة بلغة الجغرافية، وجه الدهشة أن السيطرة عليها لم تتم بالمعارك المباشرة والقتال فى معظم الأحيان.
فقد كانت معظم الجيوش الإسلامية تضم حوالى عشرة آلاف مقاتل، ولم تكن تزيد عن عشرين ألف مقاتل إلا فى حالات معدودة،
وكانت تلك الجيوش تزحف على الطرق الرئيسية، وقد فتح المسلمون بعض المدن بالقتال،
ولكن الكثير من المدن التى حاصروها «فتحت صلحًا». وفيما عدا ذلك كانت الفتوح «سلمية» إلى حد كبير.
ففى المناطق البعيدة عن الطرق الرئيسية التى كانت تربط بين بلاد عالم ذلك الزمان، كانت هناك بالضرورة، فى الجبال والوديان البعيدة،
جماعات كثيرة فى القرنين الأول والثانى بعد الهجرة (السابع والثامن) بعد الميلاد، لم يرْ واحد منهم مسلمًا على الإطلاق،
ولم يشاهدوا جيوش الفتح من قريب أو بعيد.
وربما مرّت على مثل هذه الجماعات شهور أو سنوات قبل أن يعرفوا أن سادتهم السابقين قد خضعوا لسلطة الخليفة الأموى فى دمشق،
أو الخليفة العباسى فى بغداد بعد ذلك.
وربما كانت جبال أذربيجان، وجبال منطقة جنوب بحر قزوين، وتلال كردستان فى الشرق مثالاً طيباً على ذلك.
فلم يظهر المسلمون فى هذه المناطق، إبان القرنين الأولين إلا نادراً. وفيما بعد كانت هناك أقليات من المسلمين :
من التجار والدعاة قد استوطنت هذه المناطق وأخذت تنشر الإسلام بين سكانها،
وهنا بدأ الناس يرتبطون بالسلطة السياسية للخلافة القائمة.
احتكاك محتوم
وعلى الرغم مما هو معروف من أن المسلمين لم يحاولوا غزو الصين قط،
فإن الظروف السياسية والعسكرية المضطربة فى أقاليم وسط آسيا آنذاك جعلت الاحتكاك بين الصين والمسلمين أمراً محتوماً.
ومن المؤكد، من ناحية أخرى، أن المسلمين كانوا يتطلعون إلى فتح الصين. وتحكى المصادر التاريخية أن
«الحجاج ابن يوسف الثقفى» وعد أن يعطى ولاية الصين لمن يصل إليها أولاً من ولاة المشرق.
ونعرف من المصادر الصينية أن وفدًا عربيًا وصل إلى بلاط الإمبراطور الصينى من أسرة تانج، وأن أفراد الوفد تسببوا فى مشكلة دبلوماسية
لأنهم رفضوا السجود للإمبراطور بالطريقة التقليدية عندما استقبلهم سنة 713م
فى سياق محاولات كل من المسلمين وأمراء الصغد (فى أوزبكستان الحالية) لكسب تأييد الصين فى الصراع بينهم.
وقد بقيت ذكريات هذه العلاقات الدبلوماسية بين الدولة الإسلامية وامبراطورية تانج فى المصادر الصينية
وسرديات غير مألوفة فى المصادر العربية تغلفها عناصر خيالية كثيرة.
وقد أورد الطبرى قصة طريفة عن هذه العلاقات مؤداها أن «ملك» الصين،
الذى لم يذكر اسمه، طلب من «قتيبة بن مسلم الباهلى»، الفاتح العظيم، أن يرسل إليه وفداً حتى يمكنه أن يعرف المزيد عن العرب ودينهم،
وتم اختيار عشرة رجال أقوياء ذوى منظر حسن. وعندما وصلوا إلى بلاط الإمبراطور الصينى دخلوا الحمام وخرجوا وقد ارتدوا ملابس بيضاء وتعطروا،
ثم دخلوا إلى حضرة الإمبراطور. ولم يتحدث أحد منهم أو من الصينيين، ثم انسحبوا خارجين.
وسأل الملك الحاضرين عن رأيهم، فأجابوه: «رأينا قومًا ما هم إلا نساء...»
وفى اليوم التالى لبس أعضاء الوفد العربى ثياب الوشى وعمائم الحرير، وملابس أنيقة، وقال عنهم رجال البلاط الصينى إنهم أشبه بالرجال.
وفى اليوم الثالث ذهبوا لرؤية الملك وقد لبسوا ملابس الحرب وتقلدوا السيوف وركبوا خيولهم «... فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة...» وخاف منهم.
وفى مساء ذلك اليوم قابل الإمبراطور رئيس الوفد فسأله عما حدث فى المرات الثلاث،
فقال له إنهم ارتدوا فى اليوم الأول ما يرتدونه فى بيوتهم وبين أسرهم، وفى اليوم الثانى فعلوا مثلما يفعلون عندما يحضرون مجلس الأمير،
أما فى اليوم الثالث فإنهم فعلوا ما يفعلونه إذا لقوا أعداءهم،
فقال الملك «... فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف فإنى قد عرفت حرصه وقلة أصحابه، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه،
قال له : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله فى بلادك وآخرها فى منابت الزيتون» ؟
ورد رئيس الوفد على تخويف الإمبراطور لهم: «إنهم لا يخافون الموت ولا يكرهونه»...
قال: «فما الذى يرضي صاحبك»؟ فذكر له أنه أقسم أن يطأ أرضهم ويختم ملوكهم ويأخذ منهم الجزية»
وتمضى القصة لتقول إن الإمبراطور توصل إلى حيلة لحفظ شرف الجميع وتجنب القتال فأعطاهم حفنة من تراب بلاده، وبعض المال.
اضطرابات وقلاقل
وربما تحمل هذه القصة ظلاً من الحقيقة، ولكنها بالتأكيد لاتحمل الحقيقة كلها. وعلى أي حال،
فإن المصادر التاريخية الصينية تتحدث عن أن أمراء بلاد الصغد، فيما وراء نهر أموداريا (جيحون) فى إقليم ما وراء النهر بأوزبكستان الحالية،
كانوا يرسلون سفارات منتظمة إلى بلاط الأباطرة الصينيين من أسرة تانج فى محاولة لإقناعهم بالتدخل لمساعدتهم ضد المسلمين.
وعلى الرغم من أن الصينيين لم يكونوا على استعداد للتدخل المباشر فى هذه المنطقة البعيدة عن مراكز قوتهم،
فإنهم قدموا بعض التشجيع للأتراك الطورانيين لمساندة أمراء الصغد ضد المسلمين.
ويبدو أن الأمور السياسية والعسكرية فى آسيا الوسطى كانت قد تطورت فى النصف الأول من القرن الثامن الميلادى،
بحيث بات من الضرورى حسم الصراع هناك. ومع أن المصادر التاريخية العربية سكتت عن المعارك الأخيرة التى حسمت هذا الصراع بشكل لافت للنظر،
فإن الحوليات والمؤرخات الصينية ساعدت على سد بعض الثغرات فى السياق التاريخى لهذه الأحداث.
فقد أدت التطورات العسكرية إلى دخول القوات الصينية إلى بلاد الشاش التى هرب أميرها طلبًا لمساعدة أبى مسلم الخراسانى،
الذى كان قد تمكن من توطيد نفوذه فى «سمرقند»، فأرسل واحداً من مساعديه هو «زياد بن صالح» لقتال الجيش الصينى وحلفائه.
وفى يوليو سنة 751م دارت المعركة بالقرب من «تراز»، أو «تلاس»، وكان النصر حليف المسلمين.
وكانت تلك المعركة الوحيدة التى اشتبكت فيها الجيوش الإسلامية مع الجيوش الصينية فى قتال مباشر.
معركة تلاس
وتكمن أهمية معركة تلاس فى أنها كانت علامة النهاية لحركة الفتوح الإسلامية الكبرى فى الشرق،
فلم يحدث بعدها أبدا أن توغلت جيوش المسلمين إلى شرق فرغانة أو شمال شرق بلاد الشاش.
كما لم يحدث بعدها أبدا أن دخلت الجيوش الإسلامية على طريق الحرير الشهير عبر صحراء جوبى إلى سينكيانج داخل الأراضى الصينية،
ومن ناحية أخرى كانت تلك المرة الأخيرة التى وصلت فيها الجيوش الصينية إلى هذه المسافة البعيدة شرقا.
لقد كانت معركة تلاس فى الشرق شبيهة بمعركة تور- بواتييه (بلاط الشهداء) التى جرت على أرض فرنسا فى الغرب سنة 732م،
والتى هزم فيها «شارل مارتل» جيوش المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقى.
وعلى الرغم من أن معركة تلاس كانت انتصارًا للمسلمين، على حين كانت معركة تور- بواتييه هزيمة لهم،
فإنهما تشابهتا فى أمرين أساسيين: أولهما، أن المصادر العربية لم تتحدث عن كل منهما إلا قليلاً،
وثانيهما أن كلاً من المعركتين كانت علامة على نهاية الدور النشيط فى حركة الفتوح الإسلامية شرقاً وغرباً.
ولكن معركة تلاس ارتبطت بالتراث التاريخى العربى لأسباب مختلفة تمامًا،
فقد حملت قصص ذلك التراث روايات عن أن المسلمين أسروا فى هذه المعركة عددا من الصناع الصينيين
الذين جلبوا معهم تكنولوجيا صناعة الورق إلى العالم الإسلامى. ومن المؤكد أن الورق كان معروفاً فى الصين قبل هذا التاريخ،
بيد أنه لم يظهر فى العالم العربى إلا فى الربع الأخير من القرن الهجرى الثانى (الثامن الميلادى)
ففى سنة 178 ه تم تأسيس أول مصنع للورق فى بغداد، ليحل تدريجيا محل جلود الرَّق والبردى وغيرها من مواد الكتابة المعروفة آنذاك،
ولم يلبث أن صار مادة الكتابة الرئيسية وانتشر استخدامه بسبب رخص ثمنه وسهولة تصنيعه.
شهادة الأسير
ومما يدعو للأسف أننا لا نملك المصادر التاريخية التى تساعدنا على استجلاء الحقيقة التاريخية
فى الروايات التى تداولها التراث العربى عن الأسرى الصينيين الذين أسرهم المسلمون فى معركة تلاس سنة 751م،
ولكن ما نعرفه على وجه اليقين أن أحد أولئك الأسرى الذين تم نقلهم إلى العراق بعد المعركة بقى هناك على مدى إحدى عشرة سنة،
وكتب تقريرًا عن الحياة فى العراق، بعد أن تم إطلاق سراحه، وسُمح له بالعودة إلى بلاده سنة 762م.
وما كتبه هذا الأسير الصينى يلقى أضواء كاشفة على الحياة فى المجتمع الإسلامى بالعراق فى القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى)،
كما يعبر عن رؤية أحد المنتمين لثقافة مغايرة تماماً للدين والعادات والتقاليد فى مجتمع مسلم.
هذا الأسير الصينى كان اسمه «تو هوان»، وربما يكون مفيداً أن نقدم نص روايته كاملة:
«... العاصمة اسمها الكوفة، والملك العربى اسمه مومين وهو تحريف للقب أمير المؤمنين.
ويتحلى جميع الرجال والنساء بحسن الطلعة وطول القامة، كما أن ملابسهم لامعة نظيفة، وسلوكهم مهذب.
وعندما تخرج المرأة إلى العلن عليها أن تغطى وجهها مهما كانت مكانتها الاجتماعية سواء كانت تنتمى إلى الطبقة الراقية أو كانت من بنات الطبقات المتواضعة.
وهم يقيمون الصلاة خمس مرات يومياً. ويأكلون اللحم، ويصومون، ويعتبرون ذبح الحيوانات أمراً صحيحاً.
ويلبس الرجال حول أوساطهم أحزمة يعلقون بها خناجر من الفضة. ويحرمون شرب الخمر ويمنعون الموسيقى.
وعندما يتشاجر الناس فيما بينهم لايضربون بعضهم بعضاً.
وهناك قاعة احتفالات (يقصد المسجد الجامع) تتسع لعشرات الآلاف من الناس.
وكل سبعة أيام يخرج الملك للصلاة (صلاة الجمعة)، ويرتقى منبراً عالياً ليلقى على مسامع الجمع الحاشد خطبة يتناول فيها ما يتصل بالشريعة،
فيقول «إن الحياة الإنسانية صعبة للغاية، وطريق الاستقامة ليس سهلاً، والزنا خطيئة، وليس هناك ذنب أكبر من السرقة، أو النهب،
أو غش الناس، حتى وإن كان فى أتفه صورة، ولاذنب أفدح من أن يضمن المرء لنفسه الأمان بأن يجلب على غيره المخاطر،
وليس بعد خداع الفقير وقهر المسكين ذنب. وكل الذين قتلوا فى المعارك ضد الإسلام سوف يدخلون الجنة.
فاقتلوا عدوكم وسوف تنالون السعادة التى تفوق الوصف».
«لقد تغيرت الأرض عن بكرة أبيها، والناس يتبعون الدين الإسلامى مثلما يتبع نهر مجراه. ويجرى تطبيق القانون بالحسنى،
أما دفن الموتى فيتم بأسلوب بسيط دونما إسراف وسواء كان الناس يعيشون داخل أسوار مدينة كبيرة، أو فى رحاب قرية،
فإنهم لا يحتاجون إلى شيء مما تنتجه الأرض. إذ إن بلادهم محور العالم، حيث البضائع وافرة ورخيصة،
وحيث أقمشة القصب المطرزة الفاخرة، واللآلئ والنقود تملأ الحوانيت،
على حين تمتلئ الشوارع والأزقة بالجمال والخيول والحمير والبغال. وهم يقطعون الأقصاب لبناء الأكواخ التى تشبه الأكواخ الصينية.
وعندما يحتفلون بأحد الأعياد يجلب الأعيان عددًا لايحصى من أوانى الزجاج والأوانى النحاسية.
ولا يختلف الأرز الأبيض والدقيق الأبيض هنا عنهما فى الصين.
ومن بين الفواكه عندهم الخوخ والتمور التى هي من زرع النخيل الذى يحملها منذ ألف سنة.
واللفت عندهم كبير الحجم، مستدير وطعمه شهى جدا، ولكن الخضراوات الأخرى لديهم تشبه الخضراوات فى البلاد الأخرى.
وحبات العنب عندهم كبيرة فى حجم بيض الدجاج. وأكثر الزيوت قيمة بالنسبة لهم نوعان، أحدهما اسمه الياسمين، والثانى يسمى المرّ.
وقد عمل الصناع الصينيون الأنوال الأولى لنسج خيوط الحرير، كما كانوا أول من عمل فى صياغة الذهب والفضة،
وكانوا أوائل الرسامين».
مجتمع ناضج ومتحضر
هذا النص المدهش والنادر الذى كتبه الأسير الصينى «تو هوان» - فى منتصف القرن الثامن الميلادى -
يكشف عن مجتمع مسلم ناضج فى العراق آنذاك، وهو ما يتوافق مع الصورة التى نعرفها من المصادر التاريخية الأخرى.
والصورة التى رسمها قلم هذا الصينى النابه ترجع إلى السنوات الباكرة فى عمر الخلافة العباسية، وقبل بناء بغداد مباشرة.
ومن المعلوم أن بناء بغداد بدأ سنة 762م، أى فى السنة نفسها التى سُمح فيها للأسير الصينى بالعودة لبلاده.
ومن المؤكد أنه لم يكن الأسير الوحيد الذى أسره المسلمون فى معركة تلاس، فهو يشير إلى صناع صينيين آخرين عملوا فى العراق،
ولا نعرف هل عادوا كلهم، أم بقى بعضهم فى العراق، فلم يكتب أى منهم عن تجربته مثلما فعل «تو هوان»،
كما أن إشارته إلى صلاة الجمعة تتسق مع ما نعرفه من المصادر العربية
عن أن الخليفة المنصور العباسى كان مشهوراً بخطبه البليغة التى كان يلقيها فى صلاة الجمعة بالمساجد.
ومن المثير أن نرى هذا الصينى يهتم بما كان يرد فى خطب الخليفة عن إدانة الغش والكذب والقهر والظلم من ناحية،
والحث على الجهاد وثواب الجنة للشهداء من ناحية أخرى.
إن الصورة التى رسمتها رواية الأسير الصينى الموجزة تكشف عن صورة مجتمع مسلم تطهرى, حيث ترتدى النساء فيه الحجاب،
وتُحرم الخمور، وتُمنع الموسيقى (فى العلن على الأقل) بشكل واضح.
ومن ناحية أخرى، فالصورة صورة مجتمع رفاهية تنعم بازدهاره جميع الطبقات الاجتماعية سواء فى المدينة أو فى الريف.
وكانت الكوفة، بطبيعة الحال، مدينة إسلامية جديدة، ومن ثم كان المتوقع أن يكون فيها التزام شديد بالنظام الأخلاقى الإسلامى.
ولكن أهم ما يلفت النظر فيما كتبه «تو هوان» ذلك التوازن الذى يخلو من العداء،
كما لاتشوبه «الغرائبية»، التى تشوب مثل هذه الكتابات عادة.
ومن ناحية أخرى فهو يشير إلى تأثير الصناع الصينيين على بعض الصناعات فى العراق.
علاء الشامي
صيادلة الازهر
كان المسلمون يتطلعون لفتح الصين، ولكنهم وصلوا فقط إلى حدودها وخاضوا معركة واحدة.
وبالرغم من انتصارهم فيها فقد قرروا العودة.
كانت الفتوح الإسلامية ظاهرة تاريخية فذة ومدهشة من جوانب عدة.
وقد طرح الناس قديماً، ولا يزالون يطرحون - حتى الآن - أسئلتهم المندهشة حول هذه الفتوح :
من حيث اتساع مداها الجغرافى، وقصر مداها الزمنى، وبقاء نتائجها واستمرارها طوال أربعة عشر قرنًا من الزمان.
ففى غضون مائة سنة ونصف كانت الدولة الإسلامية قد صارت من حقائق عالم القرن الثامن الميلادى الساطعة.
وكانت قد وصلت إلى حدودها التى بقيت ثابتة على مدى القرون الثلاثة التالية على أقل تقدير.
ولم يكن هناك فى عالم القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى) قوة سياسية تضاهى الدولة الإسلامية سوى امبراطورية أسرة تانج فى الصين.
أما فى عالم البحر المتوسط الذى كان الرومان يسمونه «بحرنا» فقد دخلت الشواطئ الشرقية والجنوبية وشبه جزيرة إيبيريا تحت حكم الدولة الجديدة.
وفى الشرق كانت أراضى العراق وإيران، وبلاد ما وراء النهر والسند من أراضى هذه الدولة.
لقد كانت تلك مساحة شاسعة بلغة الجغرافية، وجه الدهشة أن السيطرة عليها لم تتم بالمعارك المباشرة والقتال فى معظم الأحيان.
فقد كانت معظم الجيوش الإسلامية تضم حوالى عشرة آلاف مقاتل، ولم تكن تزيد عن عشرين ألف مقاتل إلا فى حالات معدودة،
وكانت تلك الجيوش تزحف على الطرق الرئيسية، وقد فتح المسلمون بعض المدن بالقتال،
ولكن الكثير من المدن التى حاصروها «فتحت صلحًا». وفيما عدا ذلك كانت الفتوح «سلمية» إلى حد كبير.
ففى المناطق البعيدة عن الطرق الرئيسية التى كانت تربط بين بلاد عالم ذلك الزمان، كانت هناك بالضرورة، فى الجبال والوديان البعيدة،
جماعات كثيرة فى القرنين الأول والثانى بعد الهجرة (السابع والثامن) بعد الميلاد، لم يرْ واحد منهم مسلمًا على الإطلاق،
ولم يشاهدوا جيوش الفتح من قريب أو بعيد.
وربما مرّت على مثل هذه الجماعات شهور أو سنوات قبل أن يعرفوا أن سادتهم السابقين قد خضعوا لسلطة الخليفة الأموى فى دمشق،
أو الخليفة العباسى فى بغداد بعد ذلك.
وربما كانت جبال أذربيجان، وجبال منطقة جنوب بحر قزوين، وتلال كردستان فى الشرق مثالاً طيباً على ذلك.
فلم يظهر المسلمون فى هذه المناطق، إبان القرنين الأولين إلا نادراً. وفيما بعد كانت هناك أقليات من المسلمين :
من التجار والدعاة قد استوطنت هذه المناطق وأخذت تنشر الإسلام بين سكانها،
وهنا بدأ الناس يرتبطون بالسلطة السياسية للخلافة القائمة.
احتكاك محتوم
وعلى الرغم مما هو معروف من أن المسلمين لم يحاولوا غزو الصين قط،
فإن الظروف السياسية والعسكرية المضطربة فى أقاليم وسط آسيا آنذاك جعلت الاحتكاك بين الصين والمسلمين أمراً محتوماً.
ومن المؤكد، من ناحية أخرى، أن المسلمين كانوا يتطلعون إلى فتح الصين. وتحكى المصادر التاريخية أن
«الحجاج ابن يوسف الثقفى» وعد أن يعطى ولاية الصين لمن يصل إليها أولاً من ولاة المشرق.
ونعرف من المصادر الصينية أن وفدًا عربيًا وصل إلى بلاط الإمبراطور الصينى من أسرة تانج، وأن أفراد الوفد تسببوا فى مشكلة دبلوماسية
لأنهم رفضوا السجود للإمبراطور بالطريقة التقليدية عندما استقبلهم سنة 713م
فى سياق محاولات كل من المسلمين وأمراء الصغد (فى أوزبكستان الحالية) لكسب تأييد الصين فى الصراع بينهم.
وقد بقيت ذكريات هذه العلاقات الدبلوماسية بين الدولة الإسلامية وامبراطورية تانج فى المصادر الصينية
وسرديات غير مألوفة فى المصادر العربية تغلفها عناصر خيالية كثيرة.
وقد أورد الطبرى قصة طريفة عن هذه العلاقات مؤداها أن «ملك» الصين،
الذى لم يذكر اسمه، طلب من «قتيبة بن مسلم الباهلى»، الفاتح العظيم، أن يرسل إليه وفداً حتى يمكنه أن يعرف المزيد عن العرب ودينهم،
وتم اختيار عشرة رجال أقوياء ذوى منظر حسن. وعندما وصلوا إلى بلاط الإمبراطور الصينى دخلوا الحمام وخرجوا وقد ارتدوا ملابس بيضاء وتعطروا،
ثم دخلوا إلى حضرة الإمبراطور. ولم يتحدث أحد منهم أو من الصينيين، ثم انسحبوا خارجين.
وسأل الملك الحاضرين عن رأيهم، فأجابوه: «رأينا قومًا ما هم إلا نساء...»
وفى اليوم التالى لبس أعضاء الوفد العربى ثياب الوشى وعمائم الحرير، وملابس أنيقة، وقال عنهم رجال البلاط الصينى إنهم أشبه بالرجال.
وفى اليوم الثالث ذهبوا لرؤية الملك وقد لبسوا ملابس الحرب وتقلدوا السيوف وركبوا خيولهم «... فنظر إليهم صاحب الصين فرأى أمثال الجبال مقبلة...» وخاف منهم.
وفى مساء ذلك اليوم قابل الإمبراطور رئيس الوفد فسأله عما حدث فى المرات الثلاث،
فقال له إنهم ارتدوا فى اليوم الأول ما يرتدونه فى بيوتهم وبين أسرهم، وفى اليوم الثانى فعلوا مثلما يفعلون عندما يحضرون مجلس الأمير،
أما فى اليوم الثالث فإنهم فعلوا ما يفعلونه إذا لقوا أعداءهم،
فقال الملك «... فانصرفوا إلى صاحبكم فقولوا له ينصرف فإنى قد عرفت حرصه وقلة أصحابه، وإلا بعثت عليكم من يهلككم ويهلكه،
قال له : كيف يكون قليل الأصحاب من أول خيله فى بلادك وآخرها فى منابت الزيتون» ؟
ورد رئيس الوفد على تخويف الإمبراطور لهم: «إنهم لا يخافون الموت ولا يكرهونه»...
قال: «فما الذى يرضي صاحبك»؟ فذكر له أنه أقسم أن يطأ أرضهم ويختم ملوكهم ويأخذ منهم الجزية»
وتمضى القصة لتقول إن الإمبراطور توصل إلى حيلة لحفظ شرف الجميع وتجنب القتال فأعطاهم حفنة من تراب بلاده، وبعض المال.
اضطرابات وقلاقل
وربما تحمل هذه القصة ظلاً من الحقيقة، ولكنها بالتأكيد لاتحمل الحقيقة كلها. وعلى أي حال،
فإن المصادر التاريخية الصينية تتحدث عن أن أمراء بلاد الصغد، فيما وراء نهر أموداريا (جيحون) فى إقليم ما وراء النهر بأوزبكستان الحالية،
كانوا يرسلون سفارات منتظمة إلى بلاط الأباطرة الصينيين من أسرة تانج فى محاولة لإقناعهم بالتدخل لمساعدتهم ضد المسلمين.
وعلى الرغم من أن الصينيين لم يكونوا على استعداد للتدخل المباشر فى هذه المنطقة البعيدة عن مراكز قوتهم،
فإنهم قدموا بعض التشجيع للأتراك الطورانيين لمساندة أمراء الصغد ضد المسلمين.
ويبدو أن الأمور السياسية والعسكرية فى آسيا الوسطى كانت قد تطورت فى النصف الأول من القرن الثامن الميلادى،
بحيث بات من الضرورى حسم الصراع هناك. ومع أن المصادر التاريخية العربية سكتت عن المعارك الأخيرة التى حسمت هذا الصراع بشكل لافت للنظر،
فإن الحوليات والمؤرخات الصينية ساعدت على سد بعض الثغرات فى السياق التاريخى لهذه الأحداث.
فقد أدت التطورات العسكرية إلى دخول القوات الصينية إلى بلاد الشاش التى هرب أميرها طلبًا لمساعدة أبى مسلم الخراسانى،
الذى كان قد تمكن من توطيد نفوذه فى «سمرقند»، فأرسل واحداً من مساعديه هو «زياد بن صالح» لقتال الجيش الصينى وحلفائه.
وفى يوليو سنة 751م دارت المعركة بالقرب من «تراز»، أو «تلاس»، وكان النصر حليف المسلمين.
وكانت تلك المعركة الوحيدة التى اشتبكت فيها الجيوش الإسلامية مع الجيوش الصينية فى قتال مباشر.
معركة تلاس
وتكمن أهمية معركة تلاس فى أنها كانت علامة النهاية لحركة الفتوح الإسلامية الكبرى فى الشرق،
فلم يحدث بعدها أبدا أن توغلت جيوش المسلمين إلى شرق فرغانة أو شمال شرق بلاد الشاش.
كما لم يحدث بعدها أبدا أن دخلت الجيوش الإسلامية على طريق الحرير الشهير عبر صحراء جوبى إلى سينكيانج داخل الأراضى الصينية،
ومن ناحية أخرى كانت تلك المرة الأخيرة التى وصلت فيها الجيوش الصينية إلى هذه المسافة البعيدة شرقا.
لقد كانت معركة تلاس فى الشرق شبيهة بمعركة تور- بواتييه (بلاط الشهداء) التى جرت على أرض فرنسا فى الغرب سنة 732م،
والتى هزم فيها «شارل مارتل» جيوش المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقى.
وعلى الرغم من أن معركة تلاس كانت انتصارًا للمسلمين، على حين كانت معركة تور- بواتييه هزيمة لهم،
فإنهما تشابهتا فى أمرين أساسيين: أولهما، أن المصادر العربية لم تتحدث عن كل منهما إلا قليلاً،
وثانيهما أن كلاً من المعركتين كانت علامة على نهاية الدور النشيط فى حركة الفتوح الإسلامية شرقاً وغرباً.
ولكن معركة تلاس ارتبطت بالتراث التاريخى العربى لأسباب مختلفة تمامًا،
فقد حملت قصص ذلك التراث روايات عن أن المسلمين أسروا فى هذه المعركة عددا من الصناع الصينيين
الذين جلبوا معهم تكنولوجيا صناعة الورق إلى العالم الإسلامى. ومن المؤكد أن الورق كان معروفاً فى الصين قبل هذا التاريخ،
بيد أنه لم يظهر فى العالم العربى إلا فى الربع الأخير من القرن الهجرى الثانى (الثامن الميلادى)
ففى سنة 178 ه تم تأسيس أول مصنع للورق فى بغداد، ليحل تدريجيا محل جلود الرَّق والبردى وغيرها من مواد الكتابة المعروفة آنذاك،
ولم يلبث أن صار مادة الكتابة الرئيسية وانتشر استخدامه بسبب رخص ثمنه وسهولة تصنيعه.
شهادة الأسير
ومما يدعو للأسف أننا لا نملك المصادر التاريخية التى تساعدنا على استجلاء الحقيقة التاريخية
فى الروايات التى تداولها التراث العربى عن الأسرى الصينيين الذين أسرهم المسلمون فى معركة تلاس سنة 751م،
ولكن ما نعرفه على وجه اليقين أن أحد أولئك الأسرى الذين تم نقلهم إلى العراق بعد المعركة بقى هناك على مدى إحدى عشرة سنة،
وكتب تقريرًا عن الحياة فى العراق، بعد أن تم إطلاق سراحه، وسُمح له بالعودة إلى بلاده سنة 762م.
وما كتبه هذا الأسير الصينى يلقى أضواء كاشفة على الحياة فى المجتمع الإسلامى بالعراق فى القرن الثانى الهجرى (الثامن الميلادى)،
كما يعبر عن رؤية أحد المنتمين لثقافة مغايرة تماماً للدين والعادات والتقاليد فى مجتمع مسلم.
هذا الأسير الصينى كان اسمه «تو هوان»، وربما يكون مفيداً أن نقدم نص روايته كاملة:
«... العاصمة اسمها الكوفة، والملك العربى اسمه مومين وهو تحريف للقب أمير المؤمنين.
ويتحلى جميع الرجال والنساء بحسن الطلعة وطول القامة، كما أن ملابسهم لامعة نظيفة، وسلوكهم مهذب.
وعندما تخرج المرأة إلى العلن عليها أن تغطى وجهها مهما كانت مكانتها الاجتماعية سواء كانت تنتمى إلى الطبقة الراقية أو كانت من بنات الطبقات المتواضعة.
وهم يقيمون الصلاة خمس مرات يومياً. ويأكلون اللحم، ويصومون، ويعتبرون ذبح الحيوانات أمراً صحيحاً.
ويلبس الرجال حول أوساطهم أحزمة يعلقون بها خناجر من الفضة. ويحرمون شرب الخمر ويمنعون الموسيقى.
وعندما يتشاجر الناس فيما بينهم لايضربون بعضهم بعضاً.
وهناك قاعة احتفالات (يقصد المسجد الجامع) تتسع لعشرات الآلاف من الناس.
وكل سبعة أيام يخرج الملك للصلاة (صلاة الجمعة)، ويرتقى منبراً عالياً ليلقى على مسامع الجمع الحاشد خطبة يتناول فيها ما يتصل بالشريعة،
فيقول «إن الحياة الإنسانية صعبة للغاية، وطريق الاستقامة ليس سهلاً، والزنا خطيئة، وليس هناك ذنب أكبر من السرقة، أو النهب،
أو غش الناس، حتى وإن كان فى أتفه صورة، ولاذنب أفدح من أن يضمن المرء لنفسه الأمان بأن يجلب على غيره المخاطر،
وليس بعد خداع الفقير وقهر المسكين ذنب. وكل الذين قتلوا فى المعارك ضد الإسلام سوف يدخلون الجنة.
فاقتلوا عدوكم وسوف تنالون السعادة التى تفوق الوصف».
«لقد تغيرت الأرض عن بكرة أبيها، والناس يتبعون الدين الإسلامى مثلما يتبع نهر مجراه. ويجرى تطبيق القانون بالحسنى،
أما دفن الموتى فيتم بأسلوب بسيط دونما إسراف وسواء كان الناس يعيشون داخل أسوار مدينة كبيرة، أو فى رحاب قرية،
فإنهم لا يحتاجون إلى شيء مما تنتجه الأرض. إذ إن بلادهم محور العالم، حيث البضائع وافرة ورخيصة،
وحيث أقمشة القصب المطرزة الفاخرة، واللآلئ والنقود تملأ الحوانيت،
على حين تمتلئ الشوارع والأزقة بالجمال والخيول والحمير والبغال. وهم يقطعون الأقصاب لبناء الأكواخ التى تشبه الأكواخ الصينية.
وعندما يحتفلون بأحد الأعياد يجلب الأعيان عددًا لايحصى من أوانى الزجاج والأوانى النحاسية.
ولا يختلف الأرز الأبيض والدقيق الأبيض هنا عنهما فى الصين.
ومن بين الفواكه عندهم الخوخ والتمور التى هي من زرع النخيل الذى يحملها منذ ألف سنة.
واللفت عندهم كبير الحجم، مستدير وطعمه شهى جدا، ولكن الخضراوات الأخرى لديهم تشبه الخضراوات فى البلاد الأخرى.
وحبات العنب عندهم كبيرة فى حجم بيض الدجاج. وأكثر الزيوت قيمة بالنسبة لهم نوعان، أحدهما اسمه الياسمين، والثانى يسمى المرّ.
وقد عمل الصناع الصينيون الأنوال الأولى لنسج خيوط الحرير، كما كانوا أول من عمل فى صياغة الذهب والفضة،
وكانوا أوائل الرسامين».
مجتمع ناضج ومتحضر
هذا النص المدهش والنادر الذى كتبه الأسير الصينى «تو هوان» - فى منتصف القرن الثامن الميلادى -
يكشف عن مجتمع مسلم ناضج فى العراق آنذاك، وهو ما يتوافق مع الصورة التى نعرفها من المصادر التاريخية الأخرى.
والصورة التى رسمها قلم هذا الصينى النابه ترجع إلى السنوات الباكرة فى عمر الخلافة العباسية، وقبل بناء بغداد مباشرة.
ومن المعلوم أن بناء بغداد بدأ سنة 762م، أى فى السنة نفسها التى سُمح فيها للأسير الصينى بالعودة لبلاده.
ومن المؤكد أنه لم يكن الأسير الوحيد الذى أسره المسلمون فى معركة تلاس، فهو يشير إلى صناع صينيين آخرين عملوا فى العراق،
ولا نعرف هل عادوا كلهم، أم بقى بعضهم فى العراق، فلم يكتب أى منهم عن تجربته مثلما فعل «تو هوان»،
كما أن إشارته إلى صلاة الجمعة تتسق مع ما نعرفه من المصادر العربية
عن أن الخليفة المنصور العباسى كان مشهوراً بخطبه البليغة التى كان يلقيها فى صلاة الجمعة بالمساجد.
ومن المثير أن نرى هذا الصينى يهتم بما كان يرد فى خطب الخليفة عن إدانة الغش والكذب والقهر والظلم من ناحية،
والحث على الجهاد وثواب الجنة للشهداء من ناحية أخرى.
إن الصورة التى رسمتها رواية الأسير الصينى الموجزة تكشف عن صورة مجتمع مسلم تطهرى, حيث ترتدى النساء فيه الحجاب،
وتُحرم الخمور، وتُمنع الموسيقى (فى العلن على الأقل) بشكل واضح.
ومن ناحية أخرى، فالصورة صورة مجتمع رفاهية تنعم بازدهاره جميع الطبقات الاجتماعية سواء فى المدينة أو فى الريف.
وكانت الكوفة، بطبيعة الحال، مدينة إسلامية جديدة، ومن ثم كان المتوقع أن يكون فيها التزام شديد بالنظام الأخلاقى الإسلامى.
ولكن أهم ما يلفت النظر فيما كتبه «تو هوان» ذلك التوازن الذى يخلو من العداء،
كما لاتشوبه «الغرائبية»، التى تشوب مثل هذه الكتابات عادة.
ومن ناحية أخرى فهو يشير إلى تأثير الصناع الصينيين على بعض الصناعات فى العراق.
علاء الشامي
صيادلة الازهر
تعليق