بدأ الجميع بنفض ايديهم بعد الانتهاء من ردم القبر..
كان اهل رامى مستمرين ف البكاء..لا تنقطع دموعهم على فراق ذلك الشاب الذى كان فى ريعان شبابه ومقتبل حياته..
تلك الوفاة المفاجئه كانت صدمة بالنسبة لهم..
فكغيره من الشباب..كانت ابوب الحياة مفتحة امام رامي..وينتظره مستقبل يظنه الجميع مشرقا ..حيث كان مع عدم التزامه فى احد كليات القمه ..ومن بيت من بيوت الاثرياء.. ولكن انتهى كل شئ.. انتهى كل شئ..!!
ولن ينفع اليوم المال ولا الكليات ولا المناصب..لن ينفع رامى الا ما قدمه من عمل صالح فى دنياه..
وبينما الجميع فى بكائهم..اذا بصوت يشق اصوات البكاء ويرتفع عاليا ..
(( بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول لله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..ثم اما بعد..))
انه صوت معاذ..
استطرد معاذ فى خطابه..
اخوانى الكرام..ابائي الافاضل..عن البراء بن عازب قال : "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بل الثرى ثم قال يا إخواني لمثل هذا فأعدوا"
اخوانى..لمثل هذا القبر فاعدوا.. لمثل هذا القبر فاعدوا.. لمثل هذا القبر فاعدوا..
والله ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا فراق اخينا رامي لمحزنون..ولا نقول الا ما يرضى ربنا..انا لله وانا اليه راجعون..اللهم اجرنا فى مصيبتنا واخلفنا خيرا منها..لله ما اخذ..ولله ما اعطى ..وكل شئ عنده باجل مسمى..
كان هدي النبى صلى الله عليه وسلم اذا فرغ من دفن الميت ان يقول استغفروا لاخيكم وأسألوا له التثبيت فانه الان يُسأل..
باذن الله كل واحد هيدعى للميت سرا بان يرحمه الله ويعفو عنه ويثبته فى قبره..
بدا الجميع فى الدعاء سرا وتعالت اصوات البكاء اكثر واكثر..
وفى هذه الاثناء كان عبد الرحمن لا يزال واقفا..لسانه بنطق بالدعاء للميت..ولكن عقله كان فى عالم اخر..!!
كانت هناك العديد من الاسئله التى تراكمت فى راس عبد الرحمن بعد خروجه من القبر..جعلت ذهنه يشرد قليلا..
: مينفعش لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الجلوس على المقابر كده فقال " لأن يجلسَ أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خيرٌ من أن يجلسَ على قبر "
وما أن قال معاذ الحديث حتى ارتعد جسد المرأة والتفتت إليه
و
قالت : هوَ قال كده
معاذ
: آه وقال كمان " لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلّواإليها"
فإذا بها تنهض من على القبر فجأة وتقول: معلش يابنى محدش قاللى الكلام ده قبل كده أصلى متعلقة بالقبر ده أوى
تعجب عبد الرحمن من استجابة المرأة بسهولة
فمن يرى بكاؤها على القبر لقال إنهم لو قتلوها
لن تقوم
ولذلك إذا به
يقول: شكله لحد عزيز عليكى أوى
وكأن كلامه وقع عليها كالصاعقة فلم تجد رداً إلاالبكاء
ولما رأى معاذ جزعها
قال : أهدى بس كده يا أمى وقولى لى إيه إللى حصل ولمين القبر ده
ذهبت المرأة لتجلس فى مكان آخر لكنه ليس ببعيد عن القبر
وتبعها معاذ وعبد الرحمن
ثم قالت : بالله عليك يابنى متقلبش عليّة المواجع
عبد الرحمن
: بس أنتى فضفضلنا مين عالم يمكن نساعدك
وفكرت المرأة قليلا
من يستطيع مساعدتى
من يُداوى الجراح
من يستطيع حبس دمعها
زادت عليها الأحزان وتكالبت فوجدت فى الحديث معهم بعدالتسرى
والمواساة
فإذا بها تعتدلُ فى جِلستها واعتدل معها الفتيان يُنصتان لِماستقول
:
القبر دا يابنى لأعز واحد عندى فى الدنيا
القبر دا لعبد الله أبنى
كان شاب زى القمر كان طول عمره بيسمع كلامى ويطعنى
ربيته أحسن تربية
لغاية ما دخل الكلية وأتعرف على بنت من بنات اليومين دول ربنا يصلح حالهم وبقى رايح جاى معاها لغاية ما قلبت كيانه والليل والنهار بأى عنده واحد بأى بيحبها حب جنونى حاولت أنصحه وأكلمه لكن مفيش فايدة
وكانت النهاية وكنت عارفة إن دا هيحصل
البنت أتقدم لها عريس وسابته
وإن كانت دى نهاية العلاقة إللى بينهم
لكن كانت بداية المصيبةإللى أنا فيها دلوقتى
مبآش طايق يكلم حد ولا حد يكلمه
وإللى زاد همى موت أبوهفى نفس السنة
وبعدها بأى يدخل ويخرج مع صحابه براحته ومبأتش عارفة عنه حاجة وبأى يعاملنى زى أىّ كرسى محطوط فى البيت لا بيسأل ولا بيطمن عليّه زىزمان بعد ما كان بيبوس إيدى وأما أكلمه يزعق فى وشى ويتنرفز
ورغم كل دا بقيت أدعيله فى كل ليلة إن ربنايهديه
لغاية ما فى يوم من الأيام كنت بصلى قبل الفجر
سمعت خبط على الباب جامد اتفزعت ورحت افتح
الباب لقيته
..........
لم تتمالك الأم نفسها فتحشرج صوتها
وانهمر الدمعُ منعينها
ثم عادت لتُكمِل
:
لقيته .... وصحابه شايلينه مغمى عليه
سألتهم فى إيه محدش رد عليّه رموه على أقرب سرير ومشوا لدرجة إنى كان هيغمى عليّه جنبه وأنا مشعارفه ماله جبتله الدكتور قال معندوش حاجه وكتبله على شوية أدوية جبتهاله
فضل يتألم شهر وأنا بألف بيه على المستشفيات
ومش عارفين عندهإيه كان بيصرخ من الألم كل يوم وأنا جنبه بتألم لألمه
لغاية ما جاء فى يوم وقال لى
إنه يعاهد ربنا لو شفاه هيتوب ومش هيرجع لصحاب السوء تانى
بس يشفيه ....وهينسى كل إللى فات وهيبدأ صفحة جديدة وساعتها كنت هموت من الفرح وقعدت ادعيله أن ربنايشفيه
وفعلا ممرش أسبوع إلا وهو كويس وبيقدر يمشى زى الأول
لكن للأسف
نسى فعلا إللى فات ونسى عهده مع ربنا ومعايا
رجع أشد من الأول وابتدى ياخد فلوس منى من غير ما أعرف
وعرفت بعدها أنه دخل لطريق المخدرات حذرته وفكرته بالعهد لكن بدأ صوته يعلى ويقل فى أدبه
والله يابنى ما تعرفش أد إيه كان قلبى بيتقطع لمّا بشوفه
كل يوم قدامى بالحالة دى
لكن ...............
لكن شاء ربنا إنه ........ إنه يموت على نفس الحالة إللى عاهده عليها أنه هيتوب
فى نفس الوقت والله يابنى قبل الفجر سمعت خبط على الباب
ولمّا حصل كده أفتكرت إللى حصل فى المرة إللى فاتت ومن كتر خوفى مكنتش قادرة أقوم أفتح الباب لكن استعنت بالله وفتحت ولقيت إللى كنت خايفة منه حصل ................
وهنا توقفت المرأة عن الحكى
توقفت وكأنها لا تريد أن تذكر ماحدث
وهى تستعرضه أمام عينها وكأنه حدث بالأمس القريب
أغمضت عينها ثم فتحتها ثانية ً
وكأنها عزمت على الإكمال
لعلها تستمد من هذان الشابان قوة تصبرها على مصيبتها بعد أن نظرت إليهما وقد اغرورقت عيناهما بالدموع
وبالفعل بدأت المرأه استكمال الحديث : رحت يابنى وأنا برتجف من الخوف وفتحت الباب لقيت صحابه شايلينه مغمى عليه لكن حالته كانت أسوء من المرة إللى فاتت رموه على الأرض وهربوا كأنهم همّا إللى قتلوه حاولت أسأل واحد منهم ، حاول يهرب لكنى مسكت إيده وشديت عليه وقلت : يابنى بالله عليك قول لى ماله ...... كنت ممكن أنتَ إللى تبقى مكانه دلوقتى
فرد عليّه وياريته ما رد قال : أبقى مكانه .... ليه هو أنا غبى زيّه ... قلنا له متخدش جرعه زياده مفيش فايده فيه عايز ينسى كأنه أول واحد يحب .
قربت منه، كنت خايفة، خايفة من منظره، خايفه ليموت، خايفه عليه،
قرّبت ................... وبدأت أفوقه بإيدى وأهزه يمكن يسمعنى وفعلا بدأ يفتح عينه وأول ما شافنى أتفزع فزعة خلعت قلبى وبدأ يصيح ويصرخ ويقول : مقدرش ، مقدرش ....... مقدرش
قعد يرددها وبدأ صوتهميتسمعش سألته : متقدرش إيهيابنى قال لى : مقدرش .......... مقدرش أقابله
- هومين
قال : ر .... ب ....... ن ....... ا
الله
حاولت أفوقه تانى لكن المرة دى كان خلاص .............
راودها البكاء فلم تستطع منعه رغم انه كان سهلٌ عليها منع صوتها من الخروج لوصف أصعب لحظات حياتها
لم تستطع التحدث لكن فاجأهاعبد الرحمن بسؤال فقال : خلاص إيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ماااااااااااات
ورغم شدة السؤال على قلبها إلا أنها فاجأته بإجابتها فقالت : ياريته مات على كده كانت أهون عليه وعليّه لكن للأسف يابنى حاولت ...........
ثم سكتت لتلتقط أنفاسها بعد أن أنهكها التعب
فقال عبد الرحمن: حاولتى إيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إيه إللى حصل؟؟؟؟؟؟؟
كل هذا ومعاذ صامت لا يتحرك لسانه من أثرِ ما يسمع
فقالت : فى اللحظة دى حسيت إن دى آخرمرة هشوفه فيها
حاولت أفوقه تانى .........
قربت من أذنه وقلت : قول لا إله إلا الله
حسيت إن دى آخر حاجة ممكن أعملها له
كررتها عليه كتير إلا إنه لمّاسمعها
فزع وارتجف وقاللى
:
أناعارف قصدك
لكن مقدرش ......... مقدرش........ مق.... در ..... ش
وما أن أغمضت عيناها وأخفت وجهها بين كفيها والتفتت عنهم
كادت عينى أن تطرف بالدموع
ما قالته هذه الأم المكينه زاد قلبى حزنا فوق حزنا
وخوفا فوق خوف من سوء الخاتمه
اللهم إنا نعوذ بك من سوء الخاتمه
اللهم إنا نسألك أن تحسن خاتمتنا أجمعين
اللهم إختم لنا بخاتمه السعاده أجمعين
وأتمم لنا اللذة يارب بالنظر إلى وجهك الكريم
بارك الله فيك يا دكتور
كادت عينى أن تطرف بالدموع
ما قالته هذه الأم المكينه زاد قلبى حزنا فوق حزنا
وخوفا فوق خوف من سوء الخاتمه
اللهم إنا نعوذ بك من سوء الخاتمه
اللهم إنا نسألك أن تحسن خاتمتنا أجمعين
اللهم إختم لنا بخاتمه السعاده أجمعين
وأتمم لنا اللذة يارب بالنظر إلى وجهك الكريم
بارك الله فيك يا دكتور
اللهم آمين
إن لله عبــادا فـــطــــــنا *** طلقوا الدنيا وخافـوا الفتــنا
نظــروا فيهـا فلما علموا *** أنـها ليـست لــحي وطنـــــا
جــعلوها لجــة واتخــذوا *** صالح الأعمـال فيها سـفــنا
تعليق