إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )


    عدم أخذ الأجرة على الرقية لمصلحة الدعوة



    ثم إن الغلام لما قال له الأعمى: (ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني) فهنا بدأ الغلام يصحح عبارة خطأ، يوجد شيء خطأ في العبارة، قال: ( إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله عز وجل ) فوجهه هنا إلى الشافي الحقيقي وهو الله عز وجل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك) وفي رواية: (لا شافي إلا أنت وحدك لا شريك لك) فهذا درس لمعاشر الأطباء اليوم الذين يذهب إليهم المرضى يجب أن يستقر في عقل الطبيب وأن يكون من الأشياء التي يضعها نصب عينيه، أول ما يأتيه المريض ويعطيه العلاج يوضح الطبيب للمريض من الشافي حقيقة ومن الذي يشفي وإني أنا الطبيب لا أملك شيئاً ولا أملك شفاءً وهذه مجرد أسباب قد تصيب وقد تخيب، وإذا أصابت وشفت، فإن الله هو الذي شفى وهذا الدواء سبب فقط لكن الفاعل الحقيقي الذي شفى هو الله عز وجل، وقس على ذلك من الأشياء الكثيرة التي يحتاج العامة إلى توجيههم فيها. وفي إهمال الغلام لأمر الهدايا درسٌ عظيم في أن منهج الرسل في عرض الدعوة: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86] الواحد يعرض الدين على الناس لا ليسألهم أجراً ويأخذ منهم مالاً، لا يعظهم لكي يأخذ منهم أجراً، فأجره على الله عز وجل، فهنا الغلام كان من الممكن أن يأخذ، ولأجل أنها رقية قد يقال: ما فيها حرج، لأنه يجوز أخذ المال على الرقية، فهذا قرأ عليه أو دعا له شفي، لكن الغلام هنا هدفه عظيم أعظم من ذلك، بل إنه إذا أخذ المال سقطت هيبته وتقل عظمة الشيء الذي يدعو إليه، لذلك ترى الناس الآن عندما يموت لهم شخص فمن البدع أنهم يستأجرون قارئ قرآن ليقرأ في العزاء، فيجلس الناس الآن وبعض الناس يخشع مع الآيات، فإذا انتهى القارئ، طلب الحساب، وأعطاه وحاسبه، فماذا يكون موقف الناس الآن؟ تذهب كل التأثرات بمجرد ما رأوا القارئ يأخذ الفلوس فيذهب كل شيء، لأن القضية مادية بحتة، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (أكثر منافقي أمتي قراؤها) حديثٌ صحيح. (إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن به فشفاه الله عز وجل) قد يقول أحد: كيف أن الغلام يدخل من مدخل دنيوي؟ يقول: أنت إذا آمنت أدعو لك أن تشفى، ولم يقل له: عليك أن تؤمن بالله، فقط، فإذا آمن يقول له: تعال مادام أنك آمنت، لكنه قال: (إن آمنت بالله دعوت الله فشفاك) فهذا أسلوبٌ لا بأس فيه ولا حرج إن شاء الله، بل إن باباً من أبواب الزكاة: المؤلفة قلوبهم، فيُعطى بعض الناس من أموال الزكاة لكف شرهم أو استجلابهم إلى الإسلام، يعني: إذا كان الولد لا يصلي فإذا أعطيته فلوساً صلى، قد يقول أحد: لا تعطه فلوساً حتى لا يتعود فيصلي لأجل الفلوس، نقول له: لا. أعطه الفلوس، وإذا صلى كافئه مكافأة مادية، لماذا؟ لأنه الآن صحيح أنه يندفع من أجل شيء مادي، لكنه غداً في المستقبل عندما يدخل في الصلاة أكثر وأكثر، ويستشعر فائدة الصلاة، ويستشعر عظمة الله عز وجل وهو يصلي ستزول القضية المادية ويصبح يصلي حتى لو لم تعطه شيئاً، فالخلاصة: لا بأس أن يكون المدخل على الناس لكي يدخلوا في الإسلام أو استجلابهم إلى الدين أو تقريبهم إليه أن يكون في البداية شيئاً مادياً، لكن يستمر الإنسان الصافي النقي بحيث أن الناس في الأخير لا يعتمدون على المادة فقط، لكنه بابٌ على أية حال من أبواب الإسلام وهو: المؤلفة قلوبهم. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يدركون هذا الشهر، فيصومونه ويقومونه، ونسأله عز وجل أن يجعلنا وإياكم من المقبولين، وأن يجعلنا وإياكم من التائبين، وأن يكثر ثوابنا ويعلي درجاتنا في الجنة.




    http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

    تعليق


    • #17
      رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )

      وضوح المنهج في الدعوة إلى الله عز وجل



      الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. كنا قد بدأنا -أيها الإخوة- في المرة الماضية بحديث أصحاب الأخدود وقصة ذلك الغلام المؤمن الذي سخره الله عز وجل فجعله سبباً لهداية الناس، ونحن نتابع -أيها الإخوة- معكم في هذه الليلة إن شاء الله هذه القصة وما نستطيع أن نعرج عليه من فوائد وعظات وحكم تؤخذ من هذه القصة العظيمة، وهذه السيرة الفذة لتلكم الأمة التي أراد الله عز وجل لها أن تهتدي إلى دين الله تعالى. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فأتى الملك ) وهذا الذي أتى هو الأعمى، وقد سبق أن ذكرنا مختصر القصة أن ملكاً كان في بلد، وكان له ساحر، فأراد الساحر غلاماً يعلمه السحر، فانتقى له غلاماً ذكياً فصار يعلمه، وكان راهب على طريق الغلام، فتعلم منه الإسلام ثم إن الله أجرى على يد الغلام معجزات منها: قتل الدابة وشفاء المرضى بإذن الله عز وجل حتى سمع به جليسٌ للملك كان قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة، فعرض الغلام عليه الإسلام فأسلم هذا الرجل الجليس، ثم إن الله رد عليه بصره (فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟) استغرب الملك من هذا الأعمى الذي كان بالأمس لا يبصر واليوم يأتي ويجلس في المجلس يفتح ويرى: (فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي) يقول الجليس: ربي، وانظروا -أيها الإخوة- إلى هذا الوضوح في هذه الكلمة، قال: ربي، الوضوح هنا في الإجابة هو نتيجة طبيعية للوضوح في التلقي، لما كان تلقي هذا الجليس واضحاً بأن الله عز وجل هو الذي يشفي وهو الخالق، فكانت إجابته واضحة في سؤال الملك الذي قال له: (من رد عليك بصرك؟! قال: ربي) فإذاً أيها الإخوة ينبغي أن يكون تلقينا للإسلام فيه وضوح يجب أن تكون الفكرة واضحة، يجب أن يكون المنهج الذي يتربى عليه المسلمون واضحاً حتى تكون الإجابات على الشبهات والتساؤلات التي تطرح إجابات واضحة، أما إذا كان هناك غبش في الإسلام الذي يدرس طبعاً في طريقة عرض الإسلام، فإنه لن تكون هناك إجابات واضحة عن الشبهات والتساؤلات التي تطرح من قبل أعداء الإسلام (قال: ربي، قال: ولك ربٌ غيري؟!) هذا الملك الكافر الطاغية كان مستبداً، كان مدعياً الألوهية، فيقول بكل تبجح ووقاحة يقول: (ولك ربٌ غيري؟! قال الجليس: ربي وربك الله) وهذه النفسية -أيها الإخوة- التي تصل إلى حد ادعاء الألوهية من دون الله عز وجل ينبغي أن يتوقف عندها أهل الحق ليروا طبيعة هذه النفسية المماثلة لنفسية فرعون لعنه الله الذي قال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38] نفس المنطق، وهذا هنا يقول: ( ولك ربٌ غيري؟! ) نفس المنطق ادعاء الألوهية وفي رواية الإمام أحمد بسياق مشابه، لكن في تفصيل أكثر لهذه النفسية يقول: (من رد عليك بصرك؟! قال: ربي، قال: أنا؟! قال: لا، قال: ولك ربٌ غيري؟! قال: نعم) انظر كيف يقول هذا: أنا؟! فيقول له: لا. ربي وربك الله، فإذاً قد يصل الكفر في مرحلة من مراحله لدرجة أن يدعي أناسٌ الألوهية من دون الله، وقد يكون هذا الادعاء قولاً ولفظاً مثلما قال هذا، وقد يكون حكماً وواقعاً، فإذا كان هناك أناس يشرعون للناس من دون الله عز وجل، فهذا ادعاءٌ للألوهية من دون الله تعالى بالفعل، قد لا يكون واضحاً بالقول، ولكنه على أية حال منازعة لله عز وجل في حقٍ عظيمٍ من حقوق الألوهية، وهو التشريع. (فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام) أُخذ هذا الجليس، فصُب عليه العذاب حتى دل على الغلام (فجيء بالغلام) وهنا هذا الطاغية لم يقتل الجليس مباشرةً، هو ينوي قتله كما سنرى، لكن ما قتله مباشرة؛ لأنه أراد أن يعرف من وراءه، ومن أين أتى بهذا الكلام استقصاء لكل من يحمل العقيدة الصحيحة. (فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل؟!).




      http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

      تعليق


      • #18
        رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )


        الطغاة يستميلون أهل الحق إما بالترغيب أو الترهيب



        انظر إلى هذه العبارة العجيبة أولاً: استهلت بكلمة عاطفية، (أي بني)، يريد هذا الطاغية أن يستجلب الغلام ويستميله، فيأتي له بهذه العبارة أو بهذه الكلمة التي فيها نوع من العطف -أي بني- وهذا ليس أبوه، لا أبوة نسب، ولا أبوة تربية أو تعليم، فهذه الألفاظ المعسولة التي تستخدم في استمالة أهل الحق لعلهم يرجعون عن حقهم، (أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل). فإذاً هنا هذا الطاغية ينسب إبراء الأكمة والأبرص إلى السحر لماذا؟ لأنه يريد أن يُعمي الحقائق ويُضيع هذه المبادئ التي استقرت في نفس الغلام، يريد أن يحرف الطريق ويقول للغلام: إن هذا الإبراء الذي أنت تفعله ليس من عند الله، وإنما هو بسبب السحر، يقول: بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل، إلى هذه الدرجة وصل بك السحر، أي: كأنه من باب الإعجاب، ولكن أهل الباطل دائماً يريدون أن يفسروا الحق بأي شيء باطل دون الحق. ولذلك بماذا فسر أنصار قريش القرآن؟ القرآن المعجز الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بماذا فسروه؟ قالوا: ساحر، كاهن، شاعر، مجنون، أي سبب، المهم إلا أن يكون القرآن من عند الله، فهم دائماً يريدون أن يفسروا الحق ويعزوا الحق إلى أي شيء آخر، إلا المصدر الصحيح للحق. وكأن هذا الرجل يريد أن يقول لهذا الغلام: إن عندك قدرة ذاتية تشفي بها المرض، يريد أن يثير في نفس الغلام نوعاً من التكبر والغطرسة، ويصرف هذا الغلام عن السبب الحقيقي في الشفاء، لكن أنى له ذلك، وقد استقر في نفس الغلام أن الشفاء من عند الله، قال: فقال: ( إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله ). هنا يأتي الرد من الغلام على هذه الشبهة والفرية، فالغلام ما سكت، بل قال: إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله، فرد الشفاء إلى الشافي وهو الله عز وجل، لذلك يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث: (اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت) وفي رواية: (لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر بلاءً ولا سقماً) هذا الدعاء الذي يدعى به للمريض، يدعى به لمن كان به مرض. فإذاً: الشافي هو الله عز وجل: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] ولقد كان هذا الغلام -أيها الإخوة!- له أفعال كثيرة، وجهود كبيرة حتى إن هذا الملك سمع بها، فقال: تفعل وتفعل، أي: تفعل هذه الأشياء، فقد كان يسمع عن أخبار هذا الغلام، (إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب).




        http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

        تعليق


        • #19
          رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )

          بداية الابتلاء الحقيقي



          هنا أيها الإخوة! تأتي نقطة هامة، وهي: صفة البشرية التي هي ملازمة لكل إنسان، فالإنسان بشر، والبشر من صفاتهم أنهم ضعفاء: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:28] في مراحل ضعف، وهناك حدٌ معين يصل إليه الإنسان ولا يستطيع أن يتحمل أكثر منه. هذا الغلام صغير ماذا يستطيع أن يقف أمام هذه القوة الباطشة والتعذيب الكبير، وإلى أي درجة يستطيع أن يتحمل؟ لا يستطيع أن يتحمل كثيراً، لأنه بشر، صحيح أن الراهب كان قد أوصاه، قال له: فإن ابتليت فلا تدل عليَّ، هذا صحيح، والغلام يودّ ألا يخبر عن الراهب، لأنه يعلم بأنه إذا أخبر عنه فإن الراهب سيقتل. لكن أمام هذا التعذيب، ما استطاع أن يصمد، وليست خيانة، فما أخبر به على سبيل أن يُوصل إلى ذلك الرجل فيقتل، لا، لكن ما استطاع أن يتحمل أكثر من ذلك، لأنه بشر!! إذاً: الناس -أيها الإخوة!- يعذرون إذا سلط عليهم شيءٌ أكثر من طاقتهم فلابد أن نعذرهم فيما يتعرضون له، وهذا الاعتراف الذي أدلى به الغلام لا يحط من قدره، لا يأتي أحد يقول: إن هذا الغلام انتهى وسقط الآن، ما دام أنه اعترف على الراهب، إذاً صار ليس له قيمة، لا تبقى له قيمته، بل تبقى له شخصيته، وتبقى له جهوده الكبيرة جداً، والتي لم تنتهِ بعد، فما سيأتي أعظم مما مضى، وما سيأتي بعد الاعتراف أعظم مما قبله. (فجيء بالراهب فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى) فعلم بأن هذا هو مصدر العقيدة الصحيحة، (فدعا بالمنشار فوضع المنشار على مفرق رأسه فشقه بالمنشار حتى وقع شقاه) وهو صامد لم يتزحزح ولم يتراجع، ولم يتخل عن هذه العقيدة التي اعتقدها واستقرت في قلبه، (ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه). هذا الجليس كم له منذ أن أسلم؟ هنا العجب أيها الإخوة! شخص كافر يعرض عليه الإسلام غلامٌ فلما تبين له الحق اعتنقه، وجاء في اليوم الثاني وجلس وهو مسلم، ثم عذب حتى دل على الغلام، وأتي بالغلام حتى دل على الراهب، وأتي بالراهب فشق نصفان، أمام هذا الجليس، أي: أن مدة إسلام الجليس قليلة وقتل صابراً محتسباً. فالشاهد من الكلام أن العقيدة الصحيحة إذا استقرت في النفوس، فإنها لا تحتاج إلى فترة طويلة جداً حتى تتصف بصفة الثبوت، بل إنها قد تتصف بصفة الثبات إذا توفرت فيها الشروط، فاستقر الإيمان في سويداء القلب، ولذلك ورد في السيرة النبوية أن رجلاً كافراً أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأسلم والرسول صلى الله عليه وسلم في معركة، أسلم ودخل الإسلام فكان أول واجب أن يقاتل، لأنه في وقت جهاد، فدخل المعركة فقاتل وقتل وهو ما سجد لله سجدة واحدة، يدخل في الإسلام ثم يقتل في لحظات! يقتل على هذا الدين، صابراً على هذا الدين، لأن الإسلام -أيها الإخوة!- لما دخلت العقيدة في هذه القلوب ما كان دخولاً بارداً. وإنما كان دخولاً حاراً بأدلة وإثباتات وبراهين نابعة من الفطرة، فإذاً كثيرٌ من المسلمين اليوم لا يثبتون مع أنهم صاروا مسلمين أربعين سنة، أو ثلاثين سنة، أو عشرين سنة، لا يثبتون، يزل أمام الشهوات والأهواء، وربما يعتقد عقائد فاسدة، مع أنه صارت له ثلاثون أو عشرون سنة مسلماً، وهذا الآن رجل أمامنا ما صار له إلا أيام حين اعتنق الإسلام يرى أمامه رجل يشق نصفين، ويعلم أنه سيلاقي نفس المصير، ومع ذلك يثبت.




          http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

          تعليق


          • #20
            رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )


            السر في قتل الغلام بطريقة أخرى



            ثم جيء بالغلام، لماذا أخر الغلام يا ترى؟ لماذا لم يُقتل الغلام في البداية؟ لعل هذا الطاغية أراد أن يرى الغلام بعينيه مصرع الاثنين، مصرع الراهب ثم مصرع الجليس، لعله إذا رأى بعينيه مصرع اثنين أمامه وهو صغير فقد يتراجع، أليس كذلك؟ فلذلك أخر الغلام للنهاية، (ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى، فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه)، وكلمة نفر: أي: جماعة من الناس، وهذه من الكلمات في اللغة العربية التي لا واحد لها إلا من لفظها، يعني: كلمة نفر جمع ليس لها مفرد. إفهناك كلمات في اللغة العربية مفرد ليس لها جمع، أو جمع ليس له مفرد، هذه منها (فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه)، هذا الملك دفع الغلام إلى نفرٍ -مجموعة من الجنود- من أصحابه، فقال: (اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا) سمى لهم جبلاً معيناً مرتفعاً (فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه) خذوه الآن إلى الجبل واصعدوا الجبل، في قمة الجبل اعرضوا عليه الرجوع فإن رجع عن دينه وإلا فألقوه من فوق الجبل. إذاً: لماذا لم يُقتل الغلام بنفس الطريقة التي قتل بها من قبله؟ لماذا لم يُنشر الغلام بالمنشار وإنما أعطي إلى هؤلاء الجنود ليذهبوا به إلى الجبل ويطرحوه من فوق الجبل؟ الذي يفكر في هذه النقطة يجد أن هناك أسباباً: منها: أن هذا الغلام الآن بعدما صار يداوي الناس من الأمراض، صارت له شعبية كبيرة بين الناس، فإذاً ليس من مصلحة هذا الطاغية في هذه الحالة أن يُقتل الغلام هذه القتلة وإنما يكون هنا من المصلحة إن صحت تسميتها بهذا الاسم أن يُذهب به إلى مكان بعيد ويقتل قتلة يظن الناس أنها طبيعية، فقد ذهب يتمشى وانزلق من فوق الجبل ومات. كذلك أن الطاغية أراد من هذا الغلام أن يكسبه إلى صفه، يريد أن يبقيه حتى آخر لحظة لعله يرجع؛ لأن الغلام عنده قدرات متميزة، ومن مصلحة هذا الطاغية أن يكسب هذا الرجل صاحب القدرات إلى صفه، فهو يريد أن يعطيه فرصة أكبر، اذهبوا به إلى جبل كذا ثم صعدوا به الجبل وهذا يأخذ وقتاً، ثم من فوق الجبل هددوه، لعله في طريق الذهاب وصعود الجبل في هذه الفترة قد يراجع نفسه، وقد يعود إلى ما يريده ذلك الكافر. كذلك إذا نُشر الغلام بالمنشار فإن هذه قتلة سيستبشعها الناس لماذا؟ لأنه غلام صغير وينشر بالمنشار؟! هذه بشعة تثير الناس لذلك لا بد من إحضار وسيلة غير مستبشعة، تردى من جبل، سقط من جبل، كأنها تبدو بغير فعل فاعل، (ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبى). فالمهم أن هؤلاء الجنود أخذوه فذهبوا به وصعدوا به الجبل، فوقفوا الآن على قمة الجبل وهذا الغلام يُساوم على عقيدته قالوا له: ارجع عن دينك فما رجع عن دينه، فالآن سيطرحوه بالتأكيد أنهم سيلقوه، ماذا يملك هذا الغلام الأعزل؟ لا قوة جسدية فهو واحد أمام هذا الجمع من الناس لا يملك شيئاً، عندما يقف المؤمن أعزل أمام عدد من الكفرة الطغاة ماذا يملك؟ لا يملك إلا اللجوء إلى الله عز وجل.




            http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

            تعليق


            • #21
              رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )

              أهمية لجوء الداعية إلى الله عند اشتداد الكرب



              يجب أن يكون لجوء المؤمن إلى الله عز وجل دائماً في ساعات الشدة والمحنة والرخاء وفي جميع الأوقات يجب أن يكون اللجوء إلى الله عز وجل، وهنا يتجه هذا الغلام إلى السند الحقيقي، إلى ركنٍ شديد، لا يُوجد أشد منه، إلى المعتمد الأول والأخير وهو الله عز وجل، فيقول متوجهاً لربه عز وجل: ( اللهم اكفنيهم بما شئت ) يرفع ويدعو ( اللهم اكفنيهم بما شئت ) اللهم أنت تكفي من الشر فاكفني هؤلاء، كلمات معدودات، بالطريقة التي تريد وبما تشاء يا رب! اكفني هؤلا ء الناس ( فرجف بهم الجبل ) هذه نتيجة الدعاء وهذه نتيجة اللجوء وصدق اللجوء إلى الله عز وجل (فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك) سبحان الله العظيم! قدرة الله عز وجل ليس لها حد، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو على كل شيء قدير، أناس على الجبل والغلام معهم فيرجف الجبل ويسقطوا كلهم إلا هو يسلم من السقوط، ويأتي يمشي فيدخل مرة أخرى، هذه النتيجة لصدق التوجه إلى الله عز وجل. أيها الإخوة! وهنا درسٌ عظيم، أن الناس إذا عجزوا عن الوسائل فلا ييأسوا من رحمة الله، لأن الإنسان قد تنحل المشكلة الكبيرة عنده بدعاء. لذلك تسمع كثيراً من القصص واحد يقول انتهينا، كل الأطباء عجزوا وما بقي أمل مطلقاً، الرجل على فراش الموت وقال الأطباء: ودعوا صاحبكم انتهت المسألة، ثم بعد ذلك بقدرة الله عز وجل يشفى هذا الرجل ويقوم من فراشه وسط ذهول الأطباء، كيف حدث هذا؟! إنها قدرة الله عز وجل، ورحمة الله تعالى المحيطة بكل شيء، والله لا يعجزه شيء، لا يقف أمامه أحد، هذه الجزئية من جزئيات العقيدة كم هي ضعيفة اليوم في نفوس كثيرٍ من المسلمين، وإلا لو أن الناس آمنوا بأن الله على كل شيءٍ قدير لما أذلهم ولما استضعفهم أحد. وجاء يمشي إلى الملك فلماذا لم يهرب؟ ويقول: هذه فرصة ما دام أني نجوت أنفذ بجلدي، لماذا جاء يمشي إلى الملك؟ لأن الغلام لديه مهمة، عنده رسالة لم تنته بعد، لا بد من عرض الإيمان على الناس ولا بد من إيضاح الحق، فقد يتراجع هذا الطاغية عندما يرى قدرة الله ويسمع بها، فقد يؤمن، (وجاء يمشي إلى الملك). لو أن واحداً فينا مكان هذا كان قال: فرصة أني الآن أنجو (وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله) علماً أن هذا الطاغية لا يريد أن ينسب الهزيمة إلى نفسه؛ لأنه واضح أنه صار فيه هزيمة، فما قال: ما فعل أصحابي أو ما فعل جنودي، ولكن قال: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله فقط، هنا ما أبرز الغلام عضلات وقال: أنا فعلت طريقة وعملت حيلة فالمهم أني تخلصت منهم وجئت وأنا الآن أتحداك، لا، لم يكن هذا، إن تواضع المؤمن لا يزال ملازماً له حتى في لحظات الانتصار، وهو متواضع لا يفتخر بقوته وليس له من الأمر شيء، قال: (كفانيهم الله) الله عز وجل هو الذي يكفي، الله عز وجل هو الذي كفاني هؤلاء (فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور -سفينة- وتوسطوا به البحر -اذهبوا إلى الوسط حتى لا يصير أي احتمال للنجاة- فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه حتى يغرق ويموت) فأخذوه ونفذوا الأمر فذهبوا به في وسط البحر، كل ما حوله ماء، وعرضوا عليه أن يرجع عن دينه فأبى فأرادوا أن يقذفوه مرة أخرى. ما حيلة الغلام؟ لا شيء، ماذا يستطيع أن يفعل؟ لا شيء، هل هناك وسيلة للنجاة؟ لا، فالبحر من جميع الجهات (فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت) نفس الدعاء: (اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك)، وهنا قدرة الله عز وجل تتراءى مرة أخرى، وتظهر عياناً، تنقلب السفينة ويغرقوا كلهم ويأتي هذا الغلام يمشي مرة أخرى إلى الملك، وهذه هي معجزة طبعاً الذي هو المشي على الماء، لأنه لا بد أن يأتي من وسط البحر على الماء وهذا الغلام صارت له أكثر من خارقة من الخوارق، وهذه من أعظمها، وجاء يمشي إلى الملك، مرة أخرى ما انتهت الرسالة، لم تنته المهمة، لا بد من إكمال الطريق، وهنا أيها الإخوة! يلفت نظرنا شيء، كيف أن الغلام الآن يريد أن ينجو ويقول: اللهم اكفنيهم بما شئت، فلما ينجو يرجع مرة أخرى ويأتي إلى مصدر الشر الذي يريد أن يهلكه، أي: كيف يأتي موقف يدعو فيه بالخلاص وبعد ذلك يأتي مرة أخرى إلى مصدر الخطر؟ هنا نتعلم درساً مهماً في متى يُلقي الإنسان بنفسه في المهالك، ومتى يحاول أن يتخلص من المهالك. فعندما كان فوق الجبل وفي وسط البحر، إذا قتل الآن هل حصلت الفائدة الكبرى؟ لا. فإذاً هو يريد أن ينجو لأن الرسالة ما انتهت بعد، فلذلك دعا الله بالخلاص، ولكن عاد للمهلكة مرة أخرى وجاء يمشي إلى الملك وهذه فيها مهلكة؛ لأن الغلام يعلم أنه سيعيد الكرة وقد ينجح الملك ويقتله، لكنه جاء وأوصل نفسه إلى مصدر الخطر مرة أخرى، لأي شيء؟ هنا في هذه الحالة المسألة تستاهل أنه يرجع إلى الملك؛ لأن القضية ما انتهت، ما زال يعرض الدعوة، فهناك خطٌ بين الشجاعة والتهور، فهناك حالة من الحالات يكون إلقاؤك بنفسك في هذا المكان تهوراً ولا تستفيد منه أي شيء. وهناك حالة أخرى يكون إتيانك إلى الخطر شجاعة، فالثبات على الحق في أوقات المحنة شجاعة، والثبات أمام الطغيان شجاعة، فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أعظم الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره ونهاه فقتله) فهذان الرجلان أفضل الشهداء عند الله عز وجل.




              http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

              تعليق


              • #22
                رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )


                التركيز على قضية توحيد الألوهية



                ثم قال: (وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ماذا فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله) تتردد العبارة مرة أخرى، لاحظوا أيها الإخوة! انتقال العبارات -كفانيهم الله- مرة ثانية، أي: يزيد ويعيد في العبارات لعل هذا الرجل يهتدي، وأنت إذا استعرضت كلام الغلام في القصة تجد أنه متركز تركزاً عجيباً وإصراراً كبيراً على عرض قضية الألوهية فتراه مثلاً يقول: ( إني لا أشفي أحداً إنما يشفي الله ) (إن أنت آمنت بالله دعوت الله لك فشفاك) ( ربي وربك الله ) ( اللهم اكفنيهم بما شئت ) (كفانيهم الله) (بسم الله رب الغلام) كما سيأتي بعد قليل. فكل العبارات تدور حول القضية الأساسية في الدعوة وهي عرض حقيقة الألوهية، فلذلك كل عبارات الغلام تدور حول هذه المسألة، عرض حقيقة الألوهية التي ضاعت في وسط هؤلاء الناس، إذاً انتقاء العبارات في التركيز على القضية التي يحتاج إليها الناس مهمة، فيجعلها الإنسان هي المحور الذي يدور حوله، يجعل الداعية المسألة الأساسية التي يريد أن يدعو الناس إليها هي المحور الذي يدور حوله، فتؤثر هذه القضية في عباراته، وتنتقى الكلمات المناسبة لخدمة هذا الغرض.




                التضحية من أجل مصلحة دعوة الناس إلى الدين



                الآن الملك قد عجز، وهو في لحظات تحير، ويفكر ماذا يفعل؟! وهنا يقول الغلام: (فقال الغلام للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيدٍ واحد.. إلخ) هنا عبارة عجيبة، إنه غلام وحيد أمام رجل جبار باطش عنده من القوة شيء كبير يقول له في تحدٍ: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ماذا؟ هل قال حتى تفعل ما أخبرك به؟! حتى تتبع الطريقة التي سأشرحها لك؟! لا، وإنما قال: (حتى تفعل ما آمـرك به). انظروا فالقضية ليست سهلة، غلام يقول لهذا الطاغية وهو الكبير: حتى تفعل ما آمرك به، حتى تفعل ما أمليه عليك، هنا إظهار عزة الإسلام وعزة المسلم أمام الطغيان من القضايا المهمة. ولذلك يفرض الحل فرضاً على هيئة أمر، وربما يكون هذا هو الأمر الوحيد الذي تلقاه الملك طيلة حياته، فلا يتصور أن يأتي أحد يأمر هذا الطاغية، لكن هنا يحصل! إنه إظهار عزة المسلم وإثبات عجز ذلك الطاغية وأنه يتقلى الأوامر من واحد مسلم: (قال: ما هو) فالآن هذا يريد أن يتخلص بأي طريقة: (قال: تجمع الناس في صعيدٍ واحد -الصعيد: هي الأرض الخالية الفضاء البارزة- وتصلبني على جذعٍ -الصلب: هو ربط الإنسان الذي يراد قتله، ربطه على شيء، يسمى صلباً، وتصلبني يعني: تشد صلبي أي: ظهري على جذع فرع من فروع النخلة- ثم خذ سهماً من كنانتي -والكنانة: هي التي تجمع فيها السهام- ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام). إذاً تجمع الناس في صعيدٍ واحد فما هو الهدف؟ إن الطغاة قد يغيرون الحقائق، ولو تمت هذه المعركة، أو هذا المشهد، في وسط منغلق لم يره أحد من الناس فإنه بمقدور هذا الطاغية أن يقلب الحقائق، ويصور المسألة بأي عبارة يريدها بعد ذلك وقد يصدقه الغافلون. لكنه أراد هذا الغلام أن تعرض القضية أمام الناس كلهم، أن تعرض هذه المسألة أمام جميع الناس على صعيدٍ واحد يجمع الناس كلهم حتى لا يكون هناك مجال لقلب الحقائق بعد ذلك (وتصلبني على جذع) وهو منظر مثير لشفقة الناس غلام مصلوب على جذع (ثم خذ سهماً من كنانتي) انظر لهذا الغلام الذي يريد أن يكون للملك ولا (1%) من الأسباب أي: ليس عنده ولا شيء من الوسائل التي تقتل، فالسهم سهم الغلام، ومن كنانة الغلام، ثم إن هذا الغلام يعلمه فيقول له: (ثم ضع السهم في كبد القوس) علماً بأن السهم أصلاً إذا أريد أن يطلق أين يوضع؟ في كبد القوس، وهو شيء طبيعي أن يوضع في كبد القوس، لكن هذا الغلام يريد أن يقول لذلك الرجل: ليس لك أي شيء بالموضوع أبداً، فالسهم من عندي وكنانتي، وتفعل الشيء الذي أقوله لك، وتضع السهم في كبد القوس وأنا الآن أرشدك على كل شيء حتى الأشياء المعروفة أنا أعلمك إياها (وتضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمِ) طبيعي أن يرمي لكن الغلام..، سبحان الله!! ومع ذلك يقول: (ثم ارم) أي: حتى التصرف الطبيعي المتوقع حدوثه، أو ليس هناك غيره فلا بد أن يرمي، ثم يقول له: (ثم ارمِ فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني). فجمع الناس في صعيدٍ واحد، فما كان أمام هذا الطاغية إلا هذا الحل؛ لأنه لو ترك الغلام يدعو بعد فترة المجتمع كله سينقلب إلى مجتمع مسلم، لو أنه استمر في عملية اختراع طرق القتل من عنده سيفشل مثلما فشلت الطرق التي سبقت وسيزداد الناس إعجاباً بالغلام وانجذاباً إليه، وتأثراً به.




                http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

                تعليق


                • #23
                  رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )

                  قوة الإيمان وعمقه في نفوس المؤمنين والصبر على البلاء من أجله



                  إذاً ما هو الحل الأخير؟ الحل الأخير هو قتل الغلام بالطريقة التي يقولها الغلام، ولذلك اضطر الطاغية أن يلجأ لهذا الحل، يريد أن يقتله بأي وسيلة؛ لأن بقاء هذا الغلام مصدر خطرٍ على هذا الجبار المتكبر، (فجمع الناس في صعيدٍ واحد وصلبه على جذعٍ وأخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس -وتر القوس- ثم قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه ) وقع السهم وقع في صدغ الغلام، والصدغ منطقة بين العين وشحمة الأذن، فهل مات الغلام؟ في الرواية تقول: (فوضع يده في صدغه فمات)، يعني سبحان الله! حتى موت هذا الغلام ما جاء إلا بعد ماذا؟ ليس مجرد إطلاق ذلك السهم وإنما (وضع الغلام يده في صدغه فمات) أي: يستبين إلى آخر لحظة أن ذلك الرجل ليس له من الأمر شيء مطلقاً. وأنها كلها حصلت بإرادة الله عز وجل، (فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات الغلام)، مات الغلام فما هي النتيجة، وما هو الأثر على هؤلاء الناس المتجمعين كلهم الذين عرفوا بأن الغلام ما استطاع هذا الطاغية أن يقتله أبداً، وما قتل إلا بعدما نُفذ كلامه حرفياً ومن ضمن هذه الخطوات قول الملك وهو يرمي السهم: بسم الله رب الغلام، فماذا عرف الناس؟ عرفوا أن هناك فعلاً رباً للغلام هو الذي لما شاء أن الغلام لا يقتل فما قُتل، ولما شاء أن يقتل الغلام قتل فإذاً هناك محيي، وهناك مميت، وهو الله عز وجل فصارت القضية واضحة جداً الآن وليس فيها خفاء، وأثر موت الغلام على الحق، دفع الغلام نفسه ثمناً لأي شيء؟ لكي يؤمن الناس، ثمناً للدعوة إلى الله. إن التضحية بالنفس أمام الناس مؤثرة جداً، لأن الناس سيقولون ما قتل هذا نفسه ولا أتى بنفسه إلى موضع الهلكة إلا وهو على الحق، ولما تبينوا بأنفسهم أن هناك رباً يُميت ويدفع الضر آمنوا (فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام ثلاث مرات). دلالة وتأكيداً على أصالة وعمق الإيمان في نفوسهم، أعلنوها واضحةً أمام الجميع، آمنا برب الغلام، (فأُتِيَ الملك -أتاه أعوان السوء- فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس) وفي رواية الترمذي التي سبق أن تكلمنا عليها: (قالوا له: أجزعت أن خالفك ثلاثة فهذا العالم كلهم قد خالفوك). وهنا ما هو الحل؟ فالناس آمنوا أي: الشيء الذي كان محذوراً قد وقع، والذي كان خائفاً منه قد حصل، فما هو الحل؟ لم يبق إلا الحل البشع أو الحل الجنوني والحل الانتقامي وهو القتل الجماعي، الإبادة الجماعية: (فأمر بأخدود بأفواه السكك -الطرقات- فخدت) والأخدود: هو الشق في الأرض. (وأضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ففعلوا) ففعلوا حتى جعل الناس يتدافعون في الخنادق المضرمة فيها النيران، لأن الإيمان صار إيماناً قوياً جداً، ما أثَّر لهيب النار.. ألقوا أنفسهم بالنار لكي يحصلوا على مرضاة الله عز وجل، في سبيل الله الذي آمنوا به: (حتى جاءت امرأة ومعها صبيٌ لها فتقاعست أن تقع فيها) معها صبي وفي رواية الإمام أحمد (فجاءت امرأة بابنٍ لها ترضعه) أي: هذا الصبي رضيع صغير، والطفل الذي يرضع هل من عادته أن يتكلم بالكلام الواضح؟ لا! (حتى جاءت امرأة ومعها صبيٌ لها فتقاعست أن تقع فيها) لأن الله عز وجل خلق في المرأة عاطفة الأمومة التي ترحم بها ولدها الصغير، ولولا هذه الأمومة لما أرضعت امرأة ولداً، ولما عطفت عليه ولما ضمته إلى صدرها. فالله خلق في هذه الأم العاطفة نحو الولد، والمرأة الآن مؤمنة ومحتسبة وصابرة، وليس عندها إشكال أن ترمي نفسها في النار، وتموت من أجل العقيدة؛ لكن جذبها شيء ومانع في نفسها، وهو هذا الغلام الصبي الصغير الذي معها، كيف تفعل به؟ أي: رحمته وأشفقت عليه أن يحترق بالنار، فتقاعست أي: ترددت أن تقع فيها من أجل الغلام لا من أجلها هي (فقال لها الغلام: يا أمه! اصبري فإنك على الحق) أنطق الله هذا الصبي الرضيع (فقال: يا أمه! اصبري فإنك على الحق فرمت نفسها). هذا المقطع فيه فائدة كبيرة وهي أن الناس إذا اعتنقوا العقيدة الصحيحة فإن الله يثبتهم بأشياء لا تخطر ببالهم، أي: أن الناس إذا تجردوا لله وعرفوا الحق وأرادوا أن يثبتوا عليه فإن الله يثبتهم بأشياء من عنده ليست من عندهم، يمدهم الله بطاقات جديدة، هذه المرأة ما كانت تتوقع أن ينطق الغلام بهذه العبارة المثبتة ( يا أمه! اصبري فإنك على الحق ) من الذي أنطقه؟ إنه الله عز وجل فإذاً: جاءت وسائل التثبيت من عند الله.




                  إذا أراد الله شيئاً غير ما يريده الكفار لم تنفع خططهم



                  إذاً هذه القصة أيها الإخوة! التي عرضنا تفاصيلها والتي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم جرى فيها قدر الله العجيب المذهل! هذا الغلام الذي أرادوا منه أن يكون وسيلة للغواية، أرادوا أن يكون منه ساحر المستقبل، أرادوا منه في البداية أن يكون ساحراً هذه خططهم، وهذه أساليبهم، وهذه نواياهم وإراداتهم، وهم يريدون شيئاً وأراد الله شيئاً آخر، هم يريدون أن يجعلوا الغلام كافراً، أرادوا أن يجعلوا منه وسيلة للضلال وإغواء الناس، وأراد الله شيئاً آخر أن يحاربهم بنفس السلاح الذي أرادوا أن يحاربوه به، وعكس مقصودهم عليهم، منقوضاً، فجعل هذا الغلام بدلاً من أن يكون وسيلة غواية صار وسيلة هِداية، بدلاً من أن يكون وسيلة إضلال صار وسيلة إصلاح وتعليم للناس. فإذاً أعداء الإسلام يخططون ويريدون، ولكن إذا أراد الله شيئاً آخر لا تنفع خططهم أبداً، بل إن الله قد يحاربهم بنفس السلاح الذي يحاربونه به، وإذا أراد الله أن يرد سهام هؤلاء ردها في نحورهم، إذا سلطوها على عباد الله المؤمنين، فإن الله قادرٌ على أن يرجعها إلى نحورهم.




                  http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

                  تعليق


                  • #24
                    رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )


                    العاقبة والانتصار الحقيقي للمؤمنين



                    ثم إن لـسيد رحمه الله تعالى كلاماً جميلاً ينبغي أن نذكره يقول: في حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة أسيفة أليمة، أي: في الحسابات الأرضية الآن تبدو هذه النهاية نهاية مؤسفة، أي: أن الناس كلهم قتلوا إبادة جماعية، وتذهب الفئة المؤمنة مع آلام الاحتراق في الأخاديد، بينما الفئة الباغية قاعدة تتفرج على المؤمنين وهم يحترقون: قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ [البروج:4-5] ذات الاشتعال إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ [البروج:6] هؤلاء الطغاة يتفرجون وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ [البروج:7]. ويتلذذون بصرخات المؤمنين وهم يحترقون، عندما يكون الضلال أو الكفرة إذا وصلوا إلى مراحل أي: يصبح تعذيب الناس فيه لذة لهم، ولكن صحيح أن في حساب الدنيا هذه النتيجة مؤسفة وأليمة، وقد يعتبرها بعض الناس هزيمة، أي: قُتل الناس وما استفدنا شيئاً، لكن عند الله عز وجل في حساب الآخرة النتيجة أكبر من ذلك بكثير، النتيجة عظيمة جداً كيف؟ الآن ما هو الهدف من خلق الناس؟ إنه عبادة الله، وما هو الهدف من الدعوة إلى الله؟ أن يدخل الناس في دين الله، فهل الغرض من الدعوة والعبادة الانتصار؟ لا. إن الانتصار هو -لا شك- هدف يسعى إليه كل مسلم، ولكن هل هو الهدف الرئيسي الذي إذا لم يتحقق فشلنا وانتهت المسألة هكذا بدون ثمن؟ لا. إن النتيجة قد تحققت، فما هو الهدف من خلق الناس؟ إنه عبادة الله، وما هو الهدف من الدعوة إلى الله؟ إنه دخول الناس في الدين، أليسوا قد دخلوا في دين الله، أليسوا قد عبدوا الله عز وجل؟ أليسوا قد صبروا على دين الله، أليسوا قد قدموا أنفسهم في سبيل الله عز وجل؟ نعم. إذاً هذا هو الانتصار الحقيقي، الانتصار الحقيقي: أن يدخل الناس في الدين فهذا هو الهدف، لا نريد أكثر من هذا، ليس هناك أعظم من أن يدخل الناس في دين الله، وبعد ذلك انتصر المسلمون أو لم ينتصروا هذه قضية أخرى، صحيح أنها هدف جميل، وصحيح أنها مطمح طيب أن يطمع إليه المسلمون، لكن لو لم يحصل هل يعتبر أننا فشلنا وانتهينا وصارت جهودنا هباءً منثوراً؟! لا. الانتصار الحقيقي: هو انتصار الإيمان على الفتنة والطغيان، وليس كل الانتصار هو قضية الغلبة في الدنيا، لا، الانتصار الحقيقي: هو الفرق بين قول الله عز وجل: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] وبين: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:196-197]. هذه المسألة تحتاج إلى تفسير من أهل الإيمان: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] لا تحسبن أن القضية انتهت وهؤلاء ماتوا وفشلوا وراحت جهودهم هباءً منثوراً، والغلام والراهب والجليس والناس: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] هؤلاء الذين في الظاهر عندما انتصروا وأحرقوا كل المسلمين وأبادوهم إبادة جماعية ما هي حقيقة أمرهم؟




                    ترك الاغترار بالكافرين



                    قال سبحانه وتعالى: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ [آل عمران:196] هذا خطاب آخر سورة آل عمران للرسول صلى الله عليه وسلم ولكل مؤمن، لا يغرنك يا أيها المؤمن انتصار هؤلاء انتصاراً ظاهرياً، أو غلبتهم الغلبة الظاهرية، لا يغرنك تقلبهم وتحكمهم في مقاليد الأمور في البلاد، وما هو هذا؟ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ [آل عمران:197-198] ويقول الله عز وجل: وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ [إبراهيم:42-43]. فإذاً رغم كل ما حدث فإن الدعوات التي سبقتنا انتهت نهايات كثيرة، وقد عرض القرآن نماذج لنهايات كثيرة انتهت فيها الدعوات، فقد عرض الله مثلاً مصارع الطغاة، وانتصار المؤمنين في قوم نوح وهود وصالح، وموسى لما غرق فرعون، فانتهى الطغاة وانتصر المؤمنون، والرسول صلى الله عليه وسلم هذا نموذج، نتيجة الجهود المباركة انتصر المؤمنون وهزم الكفرة، لكن كان لا بد من عرض صورة أخرى قد لا ينتصر فيها المؤمنون ولا يغلبون الكفرة، وتكون نهاية الغلبة للكفرة، فجاءت مثل هذه القصة؛ لتعرض هذا الأنموذج الذي يمكن أن يقع. حتى لا يستغرب المؤمنون أبداً إذا ما حصل شيء من هذا القبيل، ويعرف الناس بأن الانتصار الحقيقي هو انتصار الإيمان، وهو أن يموت الناس على طاعة الله وعلى التوحيد.




                    http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

                    تعليق


                    • #25
                      رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )


                      لابد من العمل للإسلام دون النظر إلى النتيجة



                      إذاً هذه المسألة تقودنا إلى نقطة، قبل النقطة الأخيرة في موضوعنا نقول: من وظيفة القرآن أن ينشئ قلوباً يعدها لحمل الأمانة والرسالة، قلوباً فيها القوة والتجرد لله عز وجل متجهة إلى الآخرة، ومن شروط الإعداد أن يستقر في هذه الأنفس أنه ليس هناك ثمن للدعوة مادي ودنيوي، وأن الناس عندما يعملون للإسلام وهم الدعاة إلى الله لا ينتظرون ثمناً دنيوياً حتى لو كان انتصاراً، لا ينتظرونه وإنما يعملون لله عز وجل، حتى لو ماتوا وهم في قهر، وهم تحت وطأة العذاب، فإنهم لا بد أن يعملوا؛ لأن الذي يعمل لكي يرى نتيجة العمل الآن في حياته بعد فترة طويلة من الزمن، إذا ما رأى النتيجة ماذا سيحدث؟ تثبيط وانهيار في المعنويات، لكن عندما يتربى الإنسان المسلم على أن لا يرى النتيجة أنه ليس من المهم أن يرى النتيجة، قد يراها وقد لا يراها، كثيرٌ من الدعاة الآن يدعون إلى الله عز وجل، قد يرون النتيجة، ويبزغ فجر الإسلام من جديد، وينتشر الإسلام في الأرض وينهزم كل الكفار، قد يرون هذا؛ لكن قد لا يرون هذا. فإذاً نوع التربية وهدف التربية التي يتلقاها الإنسان المسلم، هو الذي يحدد ماذا سيكون موقفه في حال الهزيمة وفي حال الانتصار، فالغرض أيها الإخوة! إذاً: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] المهم أن نعمل، لو حصلت النتيجة الحمد لله، لو ما حصلت الحمد لله على كل حال، يموت الإنسان وهو مستريح أنه قد عمل للإسلام.




                      المعركة بين المسلمين والكفار معركة عقيدة



                      ختاماً: يجب أن نعلم -أيها الإخوة- أن المعركة بين المسلمين والكفار هي أولاً وأخيراً معركة عقيدة، وإن تلبست بلبوسٍِ من أنواعٍ مختلفة، لكنها تبقى معركة عقيدة، قد يظن بعض الناس أن الخلاف بين المسلمين والكفار معركة اقتصادية، أو معركة عسكرية، أو معركة سياسية، لا، ولا شيء من هذا، المعركة حقيقةً بين المسلمين وأعدائهم هي معركة عقيدة وهذه قصة شاهد قوي جداً في هذا الموضوع، لأن الله يقول في سورة البروج: قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:4-8]. أي: ما فعلوا هذا الكلام ولا هذا الإحراق ولا هذا التعذيب ولا هذا الاضطهاد! لماذا؟ ما هو السبب؟ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8] فقط، لماذا أحرقوهم؟ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [البروج:8]. إذاً المعركة معركة عقيدة، وأعداء الإسلام يصورون أن المعركة ليست معركة عقيدة بل معركة مطامع دنيوية واقتصادية وسيطرة.. لكن الحقيقة أنها معركة عقيدة، إنهم لا يحاربوننا من أجل أشياء مادية فقط! بل يحاربوننا من أجل عقيدتنا، والذي يعرف هدف المعركة، يعرف كيف تسير الأمور. أما الذي يُضَلَّلَ بالأشياء الكاذبة ويُذَرُّ الرماد في عينه، فإنه لا يعرف كيف يسير ولا يعرف النهاية الحقيقية للمعركة، إذاً لا بد أن نعمل لكي تنتصر العقيدة، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم أيها الإخوة! من جنده وأتباع نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا من أهل الحق السائرين على طريق الله تعالى، وأن يجعلنا من المجاهدين في سبيل الله، وأن يختم بالصالحات أعمالنا، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل لنا بلاغاً إلى خير، وأن يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأن يجعل عقيدتنا عقيدة سليمة، نحارب من أجلها، ونثبت عليها إلى يوم نلقاه عز وجل، والحمد لله أولاً وآخراً.




                      http://www.islamway.com/?iw_s=Schola...&scholar_id=32

                      تعليق


                      • #26
                        رد: ( الغلام المؤمن وأصحاب الأخدود )

                        جزاك الله خيرا اخى الحبيب على هذا المجهود الطيب
                        جعلة الله فى ميزان حسناتكم

                        تعليق

                        يعمل...
                        X