أحياناً تشعر بالحنين الجارف إلى ذنب كنت تفعله و تبت منه...
و رغم صدقك في توبتك، و غلبة الاستقامة في أحوالك إلا أنك لا تستطيع مدافعة تلك الرغبة الجارفة، و التي تؤدي بك إلى الوقوع في الذنب فعلاً...
حسناً : دعني أسألك سؤالاً:
هل هل عندما يدفعك الحنين لذلك الذنب تتداعى معه صور من الماضي؟
هل تلح عليك أحداث و مواقف مرتبطة بذلك الذنب؟
مثلاً: تلك الأغنية القديمة: ألا ترتبط معك بموقف معين كنت تسمعها فيه؟ أو ترتبط في ذهنك بمرحلة من عمرك ظهرت هي فيه؟
هل تجلس معها وقتاً طويلاً تتأمل في ذلك الشريط الجميل: شريط ذكرياتك العذبة، عندما كنت خالي الذهن، قليل التوتر و الهم، و لا تعلم عن الدنيا إلا أنها مرتع للانطلاق و المرح؟
هل تستشعر معها برغبة جارفة للبكاء؟ و تخنقك العبرات، و تعتصرك تلك الغصة الجارفة في حلقك؟
حسناً يا صديقي لا تغتم...
هذه إحدى حالات الحنين إلى الماضي لا أكثر...
و هذا الحنين يصبح رغبة قاتلة جارفة في أوقات اشتداد التوتر و القلق ، و زيادة وطئة أعباء الحياة...
خاصة عندما تسير حياتك على وتيرة مملة لا تتغير، و تبتعد عن من يخففون عنك، أو يحملون عنك بعض عبئك الذي ناء به كاهلك.
هنا : الحنين إلى الماضي يكون تكتيكاً نفسياً تحاول به نفسك الترويح عن نفسها، و التخفيف من حالة الضغط المتوحش الذي يسحقها سحقاً...
فتأتي الذكريات الجميلة كنسمة رطبة في جوف صحراء لاهبة...
و ارتباط الذنب بهذا التيار الجارف من الذكريات هو ارتباط تاريخي محض، لا علاقة له في الواقع بمدى ارتباطك أنت به، و لا صدق توبتك منه.
فلا تسمح لنفسك الأمارة بالسوء و لا لشيطانك أن يستغل لحظة الضعف هذه...
فكثيرون ممن تساقطوا، و عادوا إلى ما تابوا عنه كانت تلك هي هفوتهم، و كان هذا هو منفذ الضعف الذي تسلل الخلل منه إلي نفوسهم.
فسقطوا و انهزموا نفسياً و استسلموا إلى القناعة أنهم عادوا إلى سابق عهدهم، و أن نقاء نفوسهم البيضاء قد خدش بلا أمل في العودة إلى الصفاء و النقاء مرة أخرى.
كل ما عليك:
ألا تستسلم لتلك الحالة: قم مرة أخرى من كبوتك... استغفر لذنبك ....جدد توبتك....
و حاول جاهداً التخفيف عن نفسك، جدد من رتابة حياتك...
افصل قليلاً عن قسوة واقعك... جدد عزمك و نشاطك....
جدد عهدك بربك...
و اعلم أن الذنب لم يطرق بابك...
إلا لما أهملت الوقوف في محرابك...!!
تعليق