المخانيث ...... السرطان....حقوق المرأة
كنت قد آويت لفراشي مبكرا في هذه الليلة رغم أنني مرتبط بموعدي اليومي في الساعة الحادية عشر مساء لكن الإرهاق كان يمزق أعصابي لذا قررت أن أنام بعد صلاة العشاء مباشرة و أقوم بضبط المنبه لعله يُوقظني و الحقيقة أنني رحت في سبات عميق و لم أشعر بما يدور حولي حتى أتاني صوت والدتي يقطع نومي وينبهني أني قد تأخرت حوالي أربعين دقيقة عن موعدي فاستيقظت من النوم مفزوعا و نظرت لأمي في شفقة و أخذت أرمق وجهها الجميل الذي أثرت فيه عوامل الدهر و شدة المرض و أنا أدري مدى الخوف الذي ينتابها و القلق الذي يعتريها من هذا الموعد اليومي ، قمت سريعا و ارتديت معطفي نظرا لبرودة الطقس في هذه الليالي الشتوية القارصة ثم نظرت لأمي و قلت : حضرتك مستعدة ؟؟ أوامت برأسها معلنة بدأ رحلة العلاج اليومي .
أصيبت أمي بمرض السرطان منذ ما يقرب من عام و هذه للعلم المرة الثانية التي تصاب فيها بهذا المرض الخبيث و هي على هذا صابرة محتسبة ترسم على شفتيها ابتسامة لطيفة و تتمتم بكلمات الرضا و الحمد و تردد القرآن بصوتها الشجي تصبر نفسها و تحتسب ألمها عند ربها ( أسأل الله أن يرزقها الإخلاص ) لكنها أولا و أخيرا بشر تبكي تارة و تحزن تارة و تمضي الحياة ، و لقد صاحبت أمي في رحلة علاجها- التي أسأل الله أن يتمها عليها بخير – طوال هذا العام من مستشفى لأخرى و من طبيب لأخر مرورا بعملية ضخمة خطيرة و علاج كيماوي شاق للغاية و الآن هي تخضع للعلاج الإشعاعي فأقوم باصطحابها يوميا للمستشفى لتلقي جلسات العلاج على نفقة الدولة و هي رحلة مؤلمة فموعدها متأخر للغاية نعود للمنزل في بعض الأوقات بعد الثانية من منتصف الليل عموما ليست هذه القضية فقد علمتني الحياة أن التجارب القاسية تخفي في طياتها معاني عظيمة و أنا كثير من الأمور التي تخفى عن أعيننا تتضح في البلايا و المصائب فمنذ أصيبت والدتي الحبيبة بهذا المرض و أنا أتابع ليس حالة والدتي و لكن كل الحالات المماثلة التي أراها في المستشفيات فأرى نفسي مدفوعا لعقد المقارنات و تحليل الواقع الذي نعيش فيه في محاولة لاستغلال هذا البلاء كمنحة ربانية قد أزالت عن بصري غطاء كثيف صنته آلة إعلامية إجرامية ضخمة يديرها مخانيث دولتنا فمصر تتعرض منذ ما يقرب من قرن لرياح تغريب عاتية قد هزت القيم و المبادئ و الأخلاقيات العامة و التصورات و الأفكار ناهيك عن الهدف الرئيسي لهذه الرياح التغريبية التي يتولى كبرها مخانيث الفكر و الفن فكان هدفهم المباشر دين الإسلام ، فهذه الموجة قد جاءت لاقتلاع الدين من جذوره و استبداله بمنهج غربي لا أخلاقي و قاموا بتزيين الوجه القبيح لتلك الدعوة القذرة بشعارات زائفة مثل حقوق المرأة و تحرير الفكر من رواسب الجهل و نشر نور الحضارة الغربية و غيرها من تلك الألفاظ الرنانة التي انخدعت بها الجماهير الغفيرة و انساقت ورائها دون وعي حتى اجتالت الكثير منهم عن دينه كما جاء في الحديث الصحيح ((إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا )) و كم من شيطان قد تخفى في صورة آدمي و خرج على الناس بأفكار صنعها البشر زعما منهم بأنها الطريق الأمثل لهداية البشر و كذبوا في زعمهم و الانهيار الخلقي المريع الذي يعاني من العالم بآسره المتحضر و المتأخر إنما هو النتاج الطبيعي لزبالة الأفكار التي ينشرها المخانيث في كل مكان .
و لقد كان لمرض والدتي هذا و تحركي في أوساط المرضى خاصة النساء منهم أثره البالغ في نفسي فلقد علا صراخ المخانيث في كل مكان مطالبين بحقوق المرأة حقوق العري و المثلية الجنسية و الاختلاط و السفور و المساواة في الميراث و منع الختان علما بأنهم لا يذكرون حرية اختيار العقيدة حتى يشوشوا على جرائمهم القذرة في حق المسلمات الآتي دخلن في الإسلام طوعا و رددن إلى الكفر كرها و ظلما ( وما تقوم به الكنيسة المصرية خير دليل على سفالة المخانيث و دعوتهم الكاذبة ) ، و كلما أدرت التلفاز أو تصفحت جريدة ترى بأم عينيك و تسمع بأذنيك صراخا و ضجيجا و لجاجة و سفاهة و كل هذا الهراء ينطوي تحت شعار حقوق المرأة حتى أن بعض الدعاة الكبار للآسف و الأدعياء الصغار قد ركبوا هذه الموجة فصارت البرامج الدينية تتحدث عن حقوق المرأة و لنا هنا وقفات لكني اقتبس منها لضيق الوقت ( ربما نتناقش لاحقا في حقوق لا يذكرها المخانيث بل يتعمدوا طمسها و التشويش عليها ) حق المرأة المريضة و الفقيرة التي تعالج في دولتنا لماذا لم يخرج علينا المخانيث بكلمة واحدة تمس هذا الحق من قريب أو بعيد هل فكر يوما هؤلاء المخانيث أن يجوبوا المستشفيات ليروا كم الظلم الواقع على النساء خاصة الفقيرات من سوء معاملة و نقص الدواء و التكشف أمام الأجانب بدون غرض علمي و كأنهن جرذان تجارب علما بأنه يوجد طبيبات يمكنهن القيام بهذا العمل ( هذه النقطة تسعد هؤلاء المخانيث فهم يبذلون قصارى جهدهم لتعرية نساء الأمة كلها أبطل الله كيدهم و رده في نحورهم ) أين دعاة الحقوق من قذارة الأسرة التي ينام عليها المرضى و رداءة الطعام المقدم للمرضى و بذاءة بعض الأطباء أين الملايين التي تنفق في الأعمال الدرامية الملوثة التي يندى لها الجبين و الحفلات الماجنة و الأفلام الساقطة أين تذهب هذه الأموال و أين حق المرأة المريضة من هذه الأموال ؟ و أين المخانيث الذين يطالبون ليلا و نهارا بوأد الظلاميين الإسلاميين لأنهم يدعون للعفة و الأخلاق بينما يغض المخانيث طرفهم عن الذين أتوا بالأسمدة المسرطنة لمصر ؟ و إذا نظرت لهؤلاء المخانيث و هم يتكلمون عن الحجاب ترى أعينهم قد امتلأت دموعا كدموع التماسيح حزنا و أسفا على فتيات مصر اللواتي ارتدين حجاب الرأس و العقل ( كما زعموا كبرت كلمة تخرج من أفواههم ) بينما لا يتحرك لهم ساكنا لفتيات في مقتبل العمر يصارعن مرض السرطان دون أن تُمد لهم يد العون و لكن لا غضاضة في هذا فما الذي تنتظره الأمة من مخانيث قد تربوا في أحضان الماركسية و الوجودية و الأفكار الإلحادية ما الذي تنتظره الأمة من دعاة الشذوذ و العري و النجاسة ما الذي تنتظره الأمة ممن ساروا على درب أسلافهم الأنجاس و لسان حالهم يقول (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) ؟!
حقوق المرأة و المخانيث و السرطان و أمة ضاعت في غياهب التيه منذ خرجت تطالب بحقوق وهمية صنعها المخانيث و الغرب لهدم هذه الأمة وتضييع هويتها وطمس معالم حضارتها، ونست الأمة أو تناست أن تطالب بحقوقها الأصيلة في تحكيم دين الله في كل نواحي الحياة و هذه هي القضية.
تعليق