إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!




    الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ،الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ
    الْحَمْدَ للهِ الَّذِي أرْسَلَ خَاتَمَ النَّبِيينَ وإمَامَ المُرْسَلينَ، مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم رحمَةً للعَالَمِين، بَشِيرًا لِمَنْ آمَنَ بهِ، واهْتَدَى بهَدْيهِ بالْفَوزِ الْمُبين،
    ونذيرًا لِمَن كَفَر بهِ وخَالَفَ سُنَّته بالعذابِ المُهين، وصَلِّ الَّلهُمَّ على مُحَمَّدٍ وأزواجه وذرياته كما صلَّيت على إبراهيم
    وبارِكْ على مُحَمَّد وأزواجه وذرياته كما باركَتَ على إبْرَاهِيم، صَلاة تَشْمَل آله ومَنْ تمَسَّكَ بسُنَّته إلى يوم الدِّين.


    بأبي أنت وأمي يا رسول الله


    صلَّى علَيكَ اللهُ يا عَلَمَ الهُدَى ... واسْتَبْشَرَتْ بقُدُومِك الأيَّامُ
    هَتَفَتْ لَكَ الأرْوَاحُ مِنْ أشْوَاقِهَا ... وازَّيَّنَــتْ بحَدِيثكَ الأقْلَامُ

    ما أحسن الاسم والمُسَمَّى، وهو النبي العظيم في سورة عمّ، إذا ذكرته هلَّت الدموع السواكب، وإذا تذكرته أقبلت الذكريات من كل جانب.

    وكنت إذا ما اشتدّ بي الشوق والجوى ... وكادت عُرى الصبر الجميل تفصمُ
    أُعلِّل نفسي بالتلاقي وقربــــه ... وأوهمــها لكنّــــها تتوهم

    المُتَعبِّد في غار حراء، صاحب الشريعة الغرَّاء، والمِلَّة السمحاء، والحنيفية البيضاء، وصاحب الشفاعة والإسراء، له المقامُ المحمود، واللواء المعقود،
    والحوض المورود، هو المذكور في التوراة والإنجيل، وصاحب الغُرَّة والتحجيل، والمُؤيَد بجبريل، خاتم الأنبياء، وصاحب صفوة الأولياء، إمام الصالحين،
    وقُدوة المُفلحِين ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) .


    السماوات شيّقات ظِمـــاءُ ... والفضــا والنجوم والأضواءُ
    كلها لهفة إلى العلَم الهــــا ... دي وشـوق لذاتــه واحتفـاءُ

    تُنظَم في مدحه الأشعار، وتُدبَجُ فيه المقامات الكبار، وتُنقَل في الثناء عليه السِيَر والأخبار، ثم يَبْقَى كنـزاً محفوظاً لا يُوفّيه حقَّه الكلام، وعلمًا شامخًا لا تُنصِفُه الأقلام، هو الرمز لكل فضيلة، وهو قُبَّة الفلك للخصال الجميلة، وهو ذُروة سِنام المَجد لكل خِلالٍ جَليلَة.




    يا خاتمَ الرُّسْلِ الكرامِ محمَّدٍ ... بالوحْيِ والقرآنِ كنتَ مُطَهَّرًا
    لكَ يا رسولَ اللهِ صِدْقُ محبَّةٍ ... وبِفَيْضِهَا شَهِدَ اللسانُ وعَبَّرَ
    لكَ يا رسولَ اللهِ صِدْقُ مَحبَّةٍ ... لا تَنتـهي أبـدًا ولَنْ تَتَغيَّرَ
    لكَ يـا رسولَ اللهِ منَّا نُصْرَةٌ ... بالفِعْلِ والأَقْوَالِ عمَّا يُفترى
    نفديك بالأرواح وهي رخيصةٌ ... من دون عِرضك بذلها والمشترى
    للشر شِرذمةٌ تطاول رسمُها ... لبِسَتْ بثوبِ الحقد لونًا أحمرا
    قَدْ سَوْلَتْ لهمُ نفُوسُهم التي ... خَبُثَتْ ومكرُ القومِ كان مُدبَّرا
    تبّتْ يدًا غُلَّتْ بِشرِّ رسومِها ... وفِعَالِها فَغدَت يمينًا أبترا

    الدِّينُ محفوظٌ وسنَّةُ أحمَدٍ ... والمسلمون يدٌ تُواجِه مَا جَرى
    أوَ ما دَرَىَ الأعداءُ كَمْ كُنَّــا ... إذا ما استهزؤوا بالدِّين جُندًا مُحضَرا
    الرحمةُ المهدَاةُ جَاءَ مُبَشِّرًا ... ولأفْضَلِ كُلّ الدِّيانَات قَامَ فَأنْذَرا
    [1]









    أمَّـــــا بعــــــد..


    فيــا إخواني وأبنائي الأحباء..
    حيَّاكم الله وبيَّاكم وجعل الجنَّة مثوانا ومثواكم


    أقولها لنفسي أولًا ثم لكم يا أحبائي في الله؛
    ماذا فعلنا لنصرة سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام؟!!
    هو شأننا كسائر المسملين من الأمة الإسلامية في أقطار الأرض، أخذتنا الحميَّة وقمنا جميعًا نهبُّ في كيان واحد
    نُظهِر إعتراضنا وإبائنا الشديد إزاء ما نشره أعداء الله في الغرب من إساءات متكررة بين حين وآخر،
    وماذا فعلنا بعد كل مرة؟!!

    سكون وهدوء، بل وأحيانا نسيان!! .. أهكذا تكون نصرتنا له صلى الله عليه وسلم؟!!
    نصرة المحبين المشتاقين لرؤيته، الآملين ورودهم على حوضه، يشربون من يده الشريفة صلى الله عليه وسلم
    !!
    لاشك أنها أكبر أمانينا وأمنياتنا؛ لكن بماذا؟!! ، ماذا قدمناه لنُثبِت محبتا هذه وأملنا هذا؟!!
    لاشك أننا مُقصِّرون وبشدَّة!!


    فالإساءة لنبينا عليه الصلاة والسلام من غير المسلمين ليس بدعًا ولا غريبًا، قال الله تعالى:
    ﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ﴾ آل عمران:١٨٦،

    وقال تعالى:
    ﴿ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا المزمل: ١٠

    لكنَّ الغريب كلَّ الغرابة!!
    أنَّ هناك من المسلمين من يسيء إليه صلى الله عليه وسلم!!
    عافانا الله وإياكم أن نكون منهم
    إنَّهم يدَّعون حبَّه، ويظنُّون أنَّهم متمسِّكون بسنته، ويغفلون عمَّا يفعلونه!!
    فهم يؤثرون الحكم بالقانون الوضعي على الحكم بما أنزل الله!!

    وهناك مسلمون يأكلون الربا، ويبيعون الخمر، ويروجون المخدرات، ويرتشون ويشهدون الزور، ويأكلون أموال اليتامى،
    وآخرون يعقُّون والديهم، ويغشون إخوانهم المسلمين ويخذلونهم، ويحبون أن تشيع الفاحشة بين إخوانهم كما يفعل أعداء الله من غير المسلمين.

    ناهيكم عن آفات وآفات لحقت بالمجتمعات الإسلامية من خلال أمثال هؤلاء!!
    مسلمين فقط بالإسم، والفعل يثبت خلاف ذلك!!

    أليست هذه إساءة عظيمة
    من بني جلدتنا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم؟!!
    يدَّعون حبَّه ويخالفونه بكل مالديهم من طاقات، فيعصون الله وينشروا الفساد والإفساد في الأرض!!

    أهذه محبَّة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟!!

    الأمــرُ واضِــحٌ وجَـلِــيٌّ
    فبرهان المحبة يكون بالإتباع والإقتداء، والأخذ بما أمر صلى الله عليه وسلم والإعراض عما نهى عنه.
    إنَّه برهان التسليم التام لأوامِر الله عزَّ وجلَّ في تحقيق قوله تعالى:
    ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ الحشر: ٧

    وقوله تعالى:
    ﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ آل عمران: ٣١

    وبرهان المحبة أيضًا يتحقق بتنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال:
    " لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ " [2].

    إخواني وأبنائي الأحباء، يامن تحبون الله ورسوله.. كلنا بفضل الله نحب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛
    لكن!! ليسأل كل واحد منا نفسه؛ ماهي درجة هذا الحب؟

    وكيف نصل إلى درجة الحب التي تحقق لنا تمام الإيمان؟، كما قال صلى الله عليه وسلم.

    لا شكَّ أن معرفة الحبيب جيدًا، ومعرفة كل شيء عنه تصل بنا إلى درجة عالية من الحب.

    ولأنَّ حبه صلى الله عليه وسلم عبادة لنا، يتم بها إيماننا؛ فلابد من التعرف عليه جيدًا ومعرفته جيدًا،
    بمعرفة سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، ليست المعرفة فقط، بل الدراسة والمدارسة؛
    فدراسة السيرة النبوية الشريفة واجِبةٌ علينا، يدرُسها ويتدارَسها كلٌّ منَّا،
    فنتعَهَّدها بالقراءة والحِفظ لئلا ننساها، ونتمَعَّنُ فِيهَا جيدًا، ونعُودُ إلَيْهَا في كل أوقاتنا، ونُطبقها في جميع مناحي حياتنا،
    ويتدَارسهَا كلٌّ منَّا مع الآخر، يُذكِّر بعضنا البعض بصفات وأخلاق وتعاملات النبي صلى الله عليه وسلم.

    ومن هذا المنطلق ينبغي أن نستحضر عدة نوايا صالحة لدراسة السيرة النبوية العطرة، منها على سبيل المثال، بعض هذه النوايا:

    1- ننوي التقرب إلى الله بدراسة هذا العلم الشرعي................................................... .................................................. ...............................
    2- ننوي معرفة أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم لنقتدي به................................................... .................................................. ........
    3- ننوي معرفة مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم لنزداد له حبا................................................... ..................................................
    4- ننوي معرفة معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم لنزداد إيمانا................................................... ................................................
    5- ننوي الاطلاع على مواقف النبي صلى الله عليه وسلم في البلاء لنزداد ثباتا................................................... .....................
    6- ننوي الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، كدعاة إلى الله:.................................................. .................................................. ............
    ....................في عبادة ربة، وفي معاملة المسلمين،
    وكزوج في بيته، وفي حالتي الغنى والفقر، و في حالتي الصحة والمرض.
    7- ننوي معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم، للإقتداء به:.................................................. .................................................. ..............
    ..................في الطهارة والصلاة، وفي الجمعة والعيدين،
    وفي الكسوف والاستسقاء وصلاة الخوف، وفي الجنائز والدفن،
    ...................وفي الصيام والزكاة، وفي الحج والعمرة، وفي الهدايا والأضاحي، وفي النكاح والطلاق، وفي الطعام والشراب،
    ..................وفي البيع والشراء، وفي الإجارة والمسابقة،وفي العارية والوديعة، وفي اللقطة والهبة، وفي القصاص والديات،
    وفي الأيمان والشهادات، وفي معاملة المعاندين والمنافقين.
    8- ننوي من خلال دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم الاقتداء بالصحابة الكرام في مواقفهم البطولية،
    .......................
    وفي سرعة استجابتهم لأوامر الله تعالى، و
    في سرعة استجابتهم لأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    9- كما ننوي الاطلاع على أحوال المجتمع الإسلامي الأول: .................................................. .................................................. ..............
    من الإخاء والوفاء، والإيثار والتعاون، وصفاء القلوب، لنقتدي بهم في ذلك.
    10- ثم ننوي أن نحمل هذا العلم للناس، وندعوهم للعمل بما فيه، عملًا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:....
    " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا " [3].
    فتكون النية خالصة لله عزَّ وجلَّ أن نحمل هذا العلم للجميع.

    ولو فعل ذلك كل واحد منا، يُعلِّمُ السيرة لزوجته وأولاده، ومعارفه من الناس وذويه؛ لازداد الجميع قربًا لله،
    وبالنبي صلى الله عليه وسلم اقتداءًا، وللصحابة حبَّــًا، وسيزداد الجميع شغفًا لتحصيل العلم الشرعي الذي به تقوى الأمة الإسلامية.

    ولو إتخذنا هذا العلم وسيلة لتعليم الناس الخير، ووسيلة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سنكون بإذن الله من المفلحين، كما قال تعالى:
    ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ آل عمران: 104.

    فبالتعاون مع إخواننا المسلمين في نقل السيرة إلى واقع عملي في الحياة يبدأ من كل بيت، ثم ينتشر بين المجتمعات الإسلامية؛
    سنصل بعون الله لنا إلى قوة متماسكة، وسنقف على أرض صلبة ثابتة، كأمة واحدة تعرف سيرة نبيها وإمامها جيدًا،
    تحيا بالقرآن وتعمل به، وتقتدي بالنبي العدنان وتعمل بسنته، وتقتدي بالصحابة رضي الله عنهم.


    عندئذٍ سيوفقنا الله بفضله إلى الرد على المُشكِّكين في رسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم،
    وسينصرنا الله من عنده، فيرتعب منَّا الكافرون، ولن يجدوا عندهم جرأة كافية للإساءة بأي شكل من أشكالها وصورها.
    وحتَّى لو فعلوا -وهذا دأبُهم- فلن يجدوا منَّا إلا وقفة رجُلٍ واحدٍ؛ فنؤرقهم في حياتهم، بل ونستطيع حينها شلَّ حركاتهم.

    هكذا تكون نُّصرته صلى الله عليه وسلم، بالعلم والعمل





    صلَّوا على النبي المصطفى ... هو شَاهدٌ لكم بكلِّ صلاة
    مَنْ لَم يُصَلِّ عليه مُداوِمًا ... فمَا تُعَدُّ حيَاتُه بحَياة
    صلَّوا عليه وسلِّموا تسْليمَا ... بُشْرَاهُ مَنْ أحيَا بهَا دُنَّيَاة




    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ،
    اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ






    إخواني وأبنائي الأحباء..وأسعد ويسعد قلبي شوقًا وفرحًا يا أحبائي في الله، أن أتدارس معكم قبسًا من نور سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم،
    وللحديث بقية، فتابعونا بأمر الله تعالى...















    __________________________________
    [1] للشاعرة فوزية المطيري رحمها الله،
    .....استاذة النقد والبلاغة في جامعة الامام محمد بن سعود
    [2] رواه الإمام البخاري في صحيحه-الصفحة أو الرقم: 15
    [3] رواه الإمام مسلم في صحيحه (2674).
    المراجع:
    _________
    - الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية؛
    جمع وترتيب: الشيخ وحيد بن عبد السلام بالي.
    - من مقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، د. عائض القرنـي
    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

  • #2
    رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

    المشاركة الأصلية بواسطة د.عبدالله أخصائي أطفال
    جزاك الله خيراأخي الحبيب
    وجزاكم الله خير الجزاء أخي الحبيب
    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

    تعليق


    • #3
      رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

      سِيرَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ مِنَ الْمَوْلِدِ إلى الْمَبْعَثِ



      وُلِــدَ الهُــدى فَالكائِناتُ ضِيــاءُ
      ... وَفَمُ الزَمـــــانِ تَبَسُّمٌ وَثَـنــاءُ
      الروحُ وَالمَــلَأُ المَلائِكُ حَــولَهُ
      ... لِلـــدينِ وَالــدُنيــا بِهِ بُشَراءُ «1»
      وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
      ... وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ «2»
      وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
      ... بِالتُــرجُمـــانِ شَذِيَّةٌ غَنّـــاءُ «3»
      وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ
      ... وَاللَـــوحُ وَالقَلَمُ البَديــعُ رُواءُ «4»
      نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
      ... في اللَـوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ «5»
      اسمُ الجَلالَةِ في بَديـعِ حُروفِهِ
      ... أَلِــفٌ هُنالِكَ وَاســمُ طَـــهَ البــاءُ
      يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
      ... مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا [1]





      الكرام الأفاضل..
      هيا معًا نستعرض بإيجاز أول مراحل حياته صلى الله عليه وسلم، منذ مولده وبداية حياته في مرحلة الشباب وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم،


      فنبينــا صلى الله عليه وسلم:
      هــو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر
      بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

      وُلِـــدَ صلَّى الله عليه وسلَّم يتيمًا يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خَلَتْ من شهر ربيع الأول من عام الفيل.
      يقول صلى الله عليه وسلم:
      "إِنِّي عِنْدَ اللَّهِ مَكْتُوبٌ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ ، وَسَأُخْبِرُكُمْ بِأَوَّلِ أَمْرِي :
      دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ ، وَبِشَارَةُ عِيسَى ، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْنِي ، وَقَدْ خَرَجَ لَهَا نُورٌ أَضَاءَتْ لَهَا مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ
      " [2]


      و مُرضَعتُهُ صلى الله عليه وسلم هي حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، ولقد ظهر بوجوده عندها من البركات ما ظهر.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم أربع سنوات أتاه ملكان فشقا صدره وغسلا قلبه ثم أعاداه.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم ست سنوات ماتت أمه بالأبواء بين مكة والمدينة، فكفله جده عبد المطلب.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات توفي جده عبد المطلب وكفله عمه أبو طالب.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم الثانية عشرة خرج به عمه أبو طالب إلى الشام، فلما بلغوا بُصْرى رآه بُحَيْرَىَ الراهب،
      فتحقق فيه صفات النبوة فأمر عمه برَدِّه، فرجع.
      ولمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم الخامسة عشرة كانت حرب الفجار بين قريش وهوازن.
      ثم شهد صلى الله عليه وسلم حلف الفضول لنصرة المظلوم.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم الخامسة والعشرين تزوج خديجة رضي الله عنها.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم الخامسة والثلاثين اختلفت قريش فيمن يضع الحجر الأسود مكانه فحكم بينهم.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم الثامنة والثلاثين ترادفت عليه علامات نبوته، وتحدث بها الرهبان والكهان.
      و لمَّا بَلَغَ صلى الله عليه وسلم التاسعة والثلاثين، حبب إليه الخلوة، فكان يخلو بغار حراء شهر رمضان يتحنَّف (يتعبَّد) فيه.

      و قبل مبعثه بستة أشهر كان وحيه مناما، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.








      هَذِهِ وَمَضَات
      مُتَلأْلِئَة، سَريعَة مُبْرِقَة، مَرَرنَا مِنْ خِلَالِهَا لنَتعَرَّف على حياتهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في تِلك الفترة،

      نخرج منها بوقفات تأمُّل وتعرُّف أكثر، فبعد مرور سنوات من مولده صلى الله عليه وسلم، لما بلغ اثنتي عشرة سنة ،
      وفي صيف حار تحركت ركائب قريش نحو الشام ، فكانت قصة بُحَيْرىَ الراهب،

      و وقفتنا الأولى معها:

      ***********************************
      إرتحل عمه أبو طالب بقومه ومعه محمد صلى الله عليه وسلم، فلمَّا وصلوا إلى بُصْرَى نزل القوم للراحة [3]،
      فخرج إليهم بُحَيْرىَ ولم تكن من عادته الخروج إليهم، فتخلَّلهم حتى جاء إلى الفتى الصغير وأخذ بيده وقال:
      هذا سيد العالمين !! هذا رسول رب العالمين !! هذا يبعثه الله رحمة للعالمين !!.
      فقال أبو طالب وأشياخ قريش:
      وما علمك بذلك؟
      فقال :
      إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خرّ ساجدًا،
      ولا يسجدان إلا لنبي، وإنِّي أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنّا نجده في كتبنا.
      ثم سأل أبا طالب ألا يذهب به إلى الشام خوفا عليه من الروم واليهود، فردَّه أبو طالب بغلمان معه إلى مكة [4].





      وتمُرُّ الأيام ... وقد شبَّ النبي الكريم صلَّ الله عليه وسلم، ولم يكن له عمل معين في أول شبابه.

      وتأتي وقفتنا الثانية ،
      ********************************
      حيث جاءت الروايات وتوالت بأن مهنته كانت رعي الغنم:
      لقد كان يسير طوال نهاره خلف الغنم، فرعاها في بني سعد ابتداءً، ثم في مكة على قراريط لأهلها.

      كما قال صلَّى الله عليه وسلم:
      " مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ : وَأَنْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ " [5].

      إنَّ مهنة كهذه يُشترط لها أمانة مع طول نفس، ولعل ذلك -والله أعلم- لأن صورة القطيع شبيهة بسير سواد الأمم،
      والراعي قائد يتطلب عليه أن يبحث عن الأماكن الخصبة والآمنة، كما يتطلب ذلك حماية وحراسة لما قد يعترض قافلة السير.
      وهذه المهنة فيها ما فيها من قسوة ومتابعة، إلا أنها تُثمِرُ قلبًا عطوفًا رقيقًا، وواقع حال رعاة الغنم خير شاهد على ذلك.





      وبعيدا عن العمل وهمومه، وبعيدا عن كدح البحث عن لقمة العيش نقف لحظات،
      و...

      وقفتنا الثالثة
      *************************
      مع نوازع نفس محمد صلى الله عليه وسلم، يحدثنا النبي الكريم عن نفسه في تلك الفترة، فيقول:
      " مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَهُمُّونَ بِهِ , إِلَّا مَرَّتَيْنِ مِنَ الدَّهْرِ , كِلْتَيْهِمَا يَعْصِمُنِي اللَّهُ مِنْهُمَا ,
      قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى كَانَ مَعِي مِنْ قُرَيْشٍ بِأَعْلَى مَكَّةَ فِي أَغْنَامٍ لِأَهْلِهَا يَرْعَاهَا:
      " أَبْصِرْ إِلَى غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ ، كَمَا يَسْمُرُ الْفِتْيَانُ ", قَالَ : نَعَمْ ,
      فَخَرَجْتُ ، فَجِئْتُ أَدْنَى دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ ، سَمِعْتُ غَنَاءً , وَضَرْبَ دُفُوفٍ ، وَمَزَامِيرَ ، فَقُلْتُ: " مَا هَذَا "؟
      فَقَالُوا: فُلَانٌ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ, لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَهَوْتُ بِذَلِكَ الْغِنَاءِ وَبِذَلِكَ الصَّوْتِ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ,
      فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، قَالَ: مَا فَعَلْتَ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَفَعَلَ، فَخَرَجْتُ فَسَمِعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي مِثْلَ مَا قِيلَ لِي،
      فَلَهَوْتُ بِمَا سَمِعْتُ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي، فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ؟ قُلْتُ: " مَا فَعَلْتُ شَيْئًا "،
      قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَوَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهَا بِسُوءٍ مِمَّا يَعْمَلُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ بِنُبُوَّتِهِ "
      [6].

      إنها الرعاية الربانية ، تقف للحيلولة بينه وبين تلك النوازع ، ولذلك جاء في الأثر:
      " أدَّبَني ربِّي فَأَحْسَنَ تَأدِيبي" [7].





      يا خير من جاء الوجود، تحية ... من مرسلين إلى الهدى بك جاءوا

      صلى عليك الله ما صحب الدّجى ... حاد، وحنّت بالفلا وجناء «6» [1]











      ومازال للحديث بقية لنستكمل فيه وقفات أخرى، فتابعونا بأمر الله تعالى...




      _____________________________________
      «1» الروح الأمين: لقب جبريل. الملأ: الأشراف. الملائك: الملائكة. بشراء: جمع بشير.
      «2» يزهو: يشرق. سدرة المنتهى: يقال أنها شجرة نبق على يمين العرش.
      «3» الربا: جمع ربوة. وهي ما ارتفع من الأرض.
      «4» الرواء ماء الوجه وحسن المنظر.
      «5» الطغراء: ما يسميه العامة «طرة» وأصلها طغرى بالقصر، وهي التي تكتب بالقلم الغليظ في صدر الأوامر.
      «6» الوجناء: الناقة الشديدة.
      .................................................. .........................
      [1] همزية أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله.
      [2] صححه الإمام الألباني في
      تخريج مشكاة المصابيح-الصفحة أو الرقم: 5691.

      [3] بُصْرَى هي مدينة تاريخية تتبع محافظة درعا في سوريا، كانت بصرى عاصمة دينية ومركزا تجاريا هاما،
      وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، أثناء رحلاته التجارية إلى دمشق (الشام) قد مر ببصرى وقابل الراهب بحيرا المسيحي الذي تنبأ بنبوته.

      [4] سند هذا الخبر ورد في عدة روايات، وقداختلف بعض أهل العلم في هذا الخبر، على طريقين:
      الأول : فمنهم من قال بأنها منكرة وموضوعه كالذهبي رحمه الله.
      والثاني : من ذهب إلى تصحيح الخبر، ولكن قالوا: إن ذِكر أبا بكر وبلال خطأ في الرواية وعليه فباقي الحديث صحيح.
      كما حدَّث به الإمام الألباني رحمه الله عن
      أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، ومتن الأحاديث: هنـــــا
      وللفائدة إقرأ مقال الشيخ الألباني:
      حادثة الراهب المسمى ” بحيرا ” حقيقة لا خرافة
      وللفائدة أيضًا، إقرأ هذا الموضوع: مدى صحة قصة بحيرى الراهب ومعنى سجود الحجر والشجر

      [5] رواه الإمام البخاري
      [6] حسَّنه الإمام ابن حجر العسقلاني في: المطالب العالية-الصفحة أو الرقم: 4/361
      [7] صححه الإمام السيوطي في: الجامع الصغير-الصفحة أو الرقم: 310

      المراجع والنقل بتصرف:
      _______________________
      - من كتاب: الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية.
      ...........جمع وترتيب: الشيخ وحيد بن عبد السلام بالي حفظه الله.
      - من مقال: أربعون عاماً قبل النبوة، لعبد الملك الجاسر، المصدر: صيد الفوائد.

      إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
      والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
      يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

      الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

      تعليق


      • #4
        رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

        جزاكم الله خيرا
        اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ،
        اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
        رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ

        تعليق


        • #5
          رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

          المشاركة الأصلية بواسطة راجعلك يارب بجد 2 مشاهدة المشاركة
          جزاكم الله خيرا
          اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ،
          اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ

          وحزاكم الله خير الجزاء
          إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
          والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
          يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

          الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

          تعليق


          • #6
            رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

            لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً

            تعليق


            • #7
              رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

              المشاركة الأصلية بواسطة bermol مشاهدة المشاركة
              لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً
              صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
              جزاك الله خيرا
              إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
              والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
              يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

              الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

              تعليق


              • #8
                رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي جعلنا من أمة خير المرسلين، خاتم النبيين وإمام المتقين،
                صلَّى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


                وَمِمَّــا زَادَنِـي شَـرَفـــًا وَفَـخْــــرَاً ... وَكِــدْتُ بِأَخْمُـصِـــي أَطَـــأُ الْـثُّـــرَيـَّـــا
                دُخُــوْلِي تَحْتَ قَوْلِكَ: "يَا عِبَادِي"
                ... وَأَنْ صَيَّــرْتَ أحْمَــدَ لِي نَبِيَّـا




                في الوقفة السابقة كنَّا مع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصِفُ كيف حَمَاهُ اللهُ تعالى مِنْ صِغَرهِ مِنْ دَنَسِ الجاهلية، ومن كلِّ عيب.


                واللهِ ما خَلَقَ الإلَهَ ومَا بَرَىَ ... خَلْقاً ولَا خُلُـقَــــًا كَأَحْمَدَ فِي الْوَرَىَ
                فَعَلَيْهِ صَلَّىَ اللهُ مَاقَلَمٌ جَرَىَ ... أَوْ لَاحَ بَرْقٌ فِي الْأَبِاطِحِ أَوْ قَبَــا
                «1» [1]







                ومـــع
                وقفتنا
                الــرابـعــــــة
                **************
                *********************
                ولما بلغ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الخامسة والعشرين من عمره، خَــرج إلى تجارة الشام:
                وذلك في مالٍ لخديجة بنت خُويلِد رضي الله عنها، بعد أن سمعت بأخبار الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم.
                .
                كانت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أرملة ذات شرفٍ ومال، ولمَّا بلغها عن محمد صلى الله عليه وسلم؛
                صِـــدْق حَــدِيثــــه , وعِـظَـــم أمــانتــــه , وكَـــرَم أخْـــلاقـــــه؛
                عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام تاجرًا وتعطيه أفضل ما تعطي غيره من التجار، فقَبِل وسافر معه غلامها ميسرة، وقدِمَا الشام.

                .باع محمد صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد من السلع، فلما رجع إلى مكة وباعت خديجة ما أحضره لها تضاعف مالها.

                .لمَّا رأت خديجة رضي الله عنها في مالها من البركة ما لم تر قبل هذا، وأُخبِرَت بشمائله الكريمة، وجدت ضالتها المنشودة؛
                بعد أن حدَّثها ميسرة عن سماحة محمد صلى الله عليه وسلم وصدقه وكريم أخلاقه.

                .وقد حصل النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة على فوائد عظيمة بالإضافة إلى الأجر الذي ناله:

                .1- فكانت رحلته سببًا لزواجه من خديجة رضي الله عنها. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصدقها عشرين بَكرة، «2»
                وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت رضي الله عنها.
                . .
                2- ومرَّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة التي هاجر إليها من بعد, وجعلها مركزًا لدعوته، وبالبلاد التي فتحها ونشر فيها دينه....

                تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأمنَّا الغالية خديجة رضي الله عنها، ورُزِقَ منها بغلا
                مين وأربع بنات،

                .وابناه هما:
                الْـقَــاسِـــم -وبه كان صلى الله عليه وسلم يُكنَّى-، و عَـبْــدُ الله، ويُلقَّب بالطَّاهِر والطَّيِّب.
                وقد مات القاسم بعد أن بلغ سِنًّا تُمكِّنُهُ من ركوب الدابَّة، ومات عبد الله وهو طفل، وذلك قبل البعثة.



                .أما بناته فهُنَّ:
                زَيْنـَـب و رُقـيَّــة
                و أُمُّ كُلْثـُـــوم و فَـاطِـمَــــة، وقد أسلَمْنَّ وهاجَرْنَّ إلى المدينة وتزوَّجْنَّ.

                هذا وقد كان عُمُر الرسول صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة رضي الله عنها خمسًا وعشرين سنة، وكان عُمُرِها أربعين سنة.


                وتمر الأيام والأعوام على ذلك البيت الهادئ الجميل،
                والنبي الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم؛
                يُقرِي الضيف، ويُعين الملهوف، وينصُر المظلوم، ويكون في حاجة أهله..









                ويجرف مكة سيل عرم وينحدر إلى البيت فيُصدّع جدرانه حتى أوشك على الوقوع والانهيار، وها هي


                وقفتنا الخامسة
                **************************
                حيث اتفقت قبائل قريش على إعادة بناء الكعبة، وتَبنِي قريش الكعبة بشرطٍ مسبوق:

                ." ألَّا يدخل في بنائها إلا طيِّبا؛ فلا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مَظْلَمةٌ لأحد من الناس ".

                ويشارك النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الخمس وثلاثين عاما في البناء، ويحمل الحجارة من الوادي مشاركا قومه في مثل هذا الحدث العظيم.

                .ويرتفع البناء، ويعود للبيت جلاله وهيبته، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود حصل الاختلاف،
                وتنازع القوم في شرف وضع الحجر الأسود أربع ليال أو خمس، حتى كادت الحال أن تتحول إلى حرب ضروس!!

                .إلَّا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يُحكِّموا فيما شجر بينهم أول داخلٍ عليهم من باب المسجد؛ فارتضى القوم ذلك.

                .فإذا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب يكون ذلك الداخل؛ فهتف القوم: أن رضينا بالأمين.

                .فطلب عليه الصلاة والسلام رداءً فوضع الحجر وسطه، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعا بأطراف ذلك الرداء، وأمرهم أن يرفعوه،
                حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه.

                .فرضي القوم بذلك، وانتهى نزاع كادت دمائه أن تصل إلى الركب!!

                وإذْ بَنَتْ قريشٌ البيتَ، اختلَفْ ... ملاؤهُمْ تنازعًا، حتى وقَفْ
                «3»
                أمرُهمُ فيمنْ يكونُ يَضَعُ ... ألحجرَ الأسودَ حيثُ يُوضعُ
                إذْ جــاءَ قالوا كلُّهُـمْ:
                رَضِينا ... لوضعِهِ مُحَمَّــــدَ الأمِينَـــا
                فحُطَّ في ثوبٍ وقال:
                يَــرْفَــعُ ... كُــلُّ قَبيــلٍ طَــرَفَـــًا، فَرَفَـعُــوا
                ثُمَّتَ أودَعَ الأمينُ الحَجَرا ... مكانَهُ، وقد رضُوا بما جرى
                «4» [2]




                ووقفتنا السادسة
                ؛
                **************
                ************
                تأتي بمرور الأيام، وغربة النبي صلى الله عليه وسلم تزداد يوما بعد يوم؛ فوجوهٌ يعرفها، وأحوالٌ يُنكِرُها.. كان ذا صمت طويل يزدَان بالتأمُّلِ والنَّظر.

                تلك هي الفِطَرة التي جُبِلَ عليها؛ فكانت تمنعه من أن ينحني لصنم، أو يَهَابُ وَثَـن؛ فاعتزل القوم لما رأى من سفاهة أحلامهم، وتفاهة عقولهم،
                فكان عليه الصلاة والسلام لا يحضر عيدا لوثَن، ولا يحلِف بالَّلات، ولا يتقرب لعُزَّى، ولا يأكل مذبوحًا على نُصب، فأبغض ذلك كله.


                ظَلَّ
                النبي صلَّى الله عليه وسلَّم معصومًا ومُنزَّهًا من كلِّ عيوب ورذائل البشر؛
                منذ ولادته ..
                في مُقتبل حياته .. في طفولته وصباه وشبابه ..
                قبل بعثته،
                وبعد نضوجه التامّ ببلوغه الأربعين ونزول الوحي عليه، ثم مواصلة حياته وهو يحمل همَّ الدعوة إلى عبادة الله وحده، وهداية الناس أجمعين.



                ظَلَّ
                النبي صلَّى الله عليه وسلَّم معصومًا بفضل الله الذي عصمهفي مراحل عُمره كلها، وزكَّاة بالخُلقِ العظيم.

                واللهِ ما خَلَقَ الإلَهَ ومَا بَرَىَ ... خَلْقاً ولَا خُلُـقَــــًا كَأَحْمَدَ فِي الْوَرَىَ
                فَعَلَيْهِ صَلَّىَ اللهُ مَاقَلَمٌ جَرَىَ ... أَوْ لَاحَ بَرْقٌ فِي الْأَبِاطِحِ أَوْ قَبَــا
                «1» [1]

                صلَّي. اللهُ. عليهِ. وعلَى. آلهِ. وصَحبِه. وسَــلَّم


                كان فضلُ الله عليه عظيمًا؛ فقبل بعثتة
                -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان مُنعَزِلًا عن أفعال قومه؛ فما شرِب خمرًا قطّ، وما عمِل فاحشة قطّ،
                وكان يعلم بأنَّهُم على باطِل، فلم يُشرِكْ باللهِ قطّ، ولم يَحضُر مجلس لهوٍ، أو يعمل شيئًا مما كان يعمله قومه من الفواحش والمُنكرات؛
                فقد
                نشأ في مجتمعٍ كَثُرت فيه المفاسد وعمَّت فيه الرذَائِل.

                فالشرِكُ بالله تعالى، ودعاء غيره معه، وقتل الأنفس بغير حق، والظلم، والبِغَاء، والاستبضاع، والزنى، والاعتداء على الأعراض والأموال والدماء،
                وشرب الخمر؛

                كلُّ ذلك كان شائعًا في قومه قبل الإسلام؛ لا يُنكِرُه أحد، ولا تُحارِبهُ جماعة، بالإضافة إلى وَأْدِ البناتِ، وقتل الأولاد خشية الفقر أو العار، ولعب الميسر.

                كلُّ هذه أمورٌ كانت تُعَدُّ في الجاهلية من المفاخر والتباهي، وليس شرطًا أن يرتكب المجتمع كلّه هذه الجرائم؛ إنَّما عدم إنكارها هو دليلٌ على الرضى بها؛
                لكنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يُعظِّم لهم صنمًا في عمره قط، ولم يحضر مشهدًا من مشاهد كُفرِهم، وكانوا يطلبونه بذلك فيمتنع، ويعصمه الله من ذلك.

                .فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يعمل أيَّ عَملٍ أو يُباشِر أيَّ خُلقٍ من هذه الأخلاق الرذيلة.
                .النبي صلى الله عليه وسلم أدَّبه ربُّهُ فأحسن تأديبه، وصفاته التي اتُّصِفَ بها قد عرفها قومه جيدًا؛
                ولهذا لُقِّبَ بين قومه " بمُــحَـمَّـــــدٍ الْأمِـيـِــــن".


                رَبَّاكَ ربُّكَ، جَلَّ مَنْ رَبَّاكَا ... ورَعَاكَ فِي كَنَفِ الْهُدَى وحَمَاكَا
                سُبْحَانَهُ أَعْطَاكَ فَيْضَ فَضَائِلٍ ...لَمْ يُعْطِهَا فِي الْعَالَمِيِنَ سِوَاكَا
                سَوَّاكَ فِي خُلُقٍ عَظِيمٍ وَارْتَقَى ... فِيِكَ الْجَمَالُ؛ فَجَلَّ مَنْ سَوَّاكَا
                [3]

                صلَّي. اللهُ. عليهِ. وعلَى. آلهِ. وصَحبِه. وسَــلَّم


                قال زيد بن حارثة رضي الله عنه:

                (
                ...فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ بِالَّذِي أَكْرَمَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ) [4]
                .


                فكان عليه الصلاة والسلام موحِدًا على ملَّةِ إبراهيم الخليل عليه السلام.

                هَـذَا هُوَ
                النَبِيُّ مُحَمَّد، صَلَّىَ عَلَيْهِ اللهُ وسَلَّمَ
                هُوَ النَبِيُّ الْمُجْتَبَىٰ، الصَّادِقُ الْأمِينُ الْمُنْتَقىٰ، هُوَ النَبِيُّالمُصْطَفَىٰ
                صَلُّوا عليه وسَلِّمُوا، بُشْـــرَاهُ مَنْ بِهِ اقْتَــدَىَ

                صلَّي
                . اللهُ. عليهِ.
                وعلَى. آلهِ. وصَحبِه. وسَــلَّم

                شبَّ النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حتى بلغ الأربعين مُتميزًا بخصاله التي بهرت مَنْ حَولَه،
                فقد كان قويُّ الفِطْنَة، طيِّبُ المَعْشَر، جَمِيلُ السِّيرَة، سلِيمُ السَرِيرَة، كامِلُ الخَلْقِ والخُلُق، تامُّ المُروءَة، عالِي الهمَّة طويلُ الصَّمت في التأمُّلِ والتَفكِير،
                مُحبِّـــًا للخُلوَة، مُعتزِلًا للَّهو والعَبَث، هاجِرًا للأوثان، مُطْمَئنَّ القلب، سَامِيَ النَّفْس، حتَّى إذا كان قريب عَهْدٍ من النُبوَّة حُبِّبَّ إليه الخَلَاء.
                فكان يخلو بنفسه في غار حِراء يتحنَّثُ فيه، مُتــَــــأمِّـــــــلًا مُتــدَبـِّـــــرًا. [5]

                هَـذَا هُوَالنَبِيُّ المُصْطَفَىٰ، الصَّادِقُ الْأمِينُ الْمُجْتَبَىٰ

                لقد جمع الصَّادِقُ الأمين مِنَ الأوصاف والشمائل ما جعلت مَحبتُهُ لا تقِف عند البشر، بل تتعداه إلى الحجر والشجر،
                يقول عليه الصلاة والسلام بعد أن أكرمه الله بالرسالة:
                " إنِّي لأعْرِفُ حَجَـرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسلِّمُ عَليَّ قَبْلَ أنْ أُبْعَثَ. إنِّي لأعْرِفهُ الآن " [6]

                أَنْتَ الَّذيِ حَنَّ الْجَمَادُ لِعَطْفِهِ
                ... وَشَكَا لَكَ الْحَيَوانُ يَوْمَ رَآكَا
                وَالْجِــذِعُ يُسْمَـعُ بِالْحَنِيِنِ أَنِينُهُ ... وَبُكَــاؤُهُ شَـوْقَـــــًا إِلَىَ لُقْيَـــاكَــا
                [3]

                صلَّي. اللهُ. عليهِ. وعلَى. آلهِ. وصَحبِه. وسَــلَّم

                صَلُّوا عَلَىَ النَبِيِّ المُصْطَفَىَ ... هُوَ شَاهِدٌ لَكُمْ بِكُلِّ صَلاة

                مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ مُدَاوِمـَــــــــًا ... فَمَـــا تُعَدُّ حَيَاتُهُ بِحَيَاة
                صَلُّوا
                عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيِمَا ... بُشْرَاهُ مَنْ أحْيَــا بِهَا دُنَّيَاة

                وتمر الأيام... حتى بدأ طَوْرٌ جديدٌ من حياتهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فكان يرى الرؤية ثم لا يلبث حتى يراها واقعًا مشهودًا أمامه،
                فكان ذلك بداية بُشرى النُبوَّة والرسالة والاصطفاء، وهو يخلو في غَارِ حِرَاء ليتعبَّد فيه الليالي، فتارة عشرة, وتارة أكثر من ذلك إلى شهر، ثم يعود إلى بيته؛
                فلا يكاد يمكث فيه قليلا حتى يتزوَّد من جديد لخُلوةِ أخرى، ويعودُ الكرَّة إلى غارِ حِرَاء، وهكذا إلى أن جاءه الوحي وهو في إحدى خَلوَاتهِ تلك.

                ففي يوم الإثنين من رمضان من العام الأربعين من مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه الوحي وظهر له جبريل عليه السلام،
                فكان ذلك بداية مرحلة البعثة مدوِّيَّة في حياته صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك إيذانا ببدء الاتصال بين السماء والأرض، بين الملأ الأعلى وبين البشرية،
                وما اختلفوا في ذلك الرجل الكامل الذي لم يوجد في البشرية أحد أكمل منه ولا أطهر ولا أحسن.

                صلَّى
                .الله. عليكَـ.يا سيدي .يا رسول الله ، وعلى. آلِكَـ. وصَحبِكَـ. وسَلَّم

                .





                ____________________________________
                «1» الْأَبِاطِحِ جمع أباطِحُ وبِطاح ، أرض مُنْبِسطة فسيحة الأرجاء. ومنه أَبطح مكَّة.
                قَبَا البِنَاءَ : رَفَعَهُ ، عَلاَّهُ ، أَوْ جَعَلَهُ عَلَى هَيْئَةِ قُبَّةٍ.
                «2» البَكْرُ بالفتح الفتى من الإبل والأنثى : بكرة
                «3» ملاؤهم: أغنياؤهم أو رؤساؤهم.
                «4» ثُمَّتَ: حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي في الزمن ، أصله ثُمّ ، زيدت عليها التاء
                .................................................. ...................
                [1] للشيخ على القرني
                [2]الفية السيرة النبوية / للعراقي، الحافظ أبو الفضل
                [3]محمد بن عبد الرحمن المقرن
                [4] صححه الإمام الألباني في:صحيح السيرة النبوية
                روى البيهقي في: دلائل النبوة، عن زيد بن حارثة قال:

                (كَانَ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ، يُقَالُ لَهُ: إِسَافٌ، أَوْ نَائِلَةُ، يَتَمَسَّحُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا، فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطُفْتُ مَعَهُ،
                فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
                " لا تَمَسَّهُ " ،
                قَالَ زَيْدٌ: (
                فَطُفْتُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لأَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَكُونُ، فَمَسَحْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَمْ تُنْهَ ؟ )
                قُلْتُ: زَادَ فِيهِ غَيْرُهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بِإِسْنَادِهِ، قَالَ زَيْدٌ:
                (فَوَالَّذِي هُوَ أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمَ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ)
                [5] من بحث عن السيرة النبوية/موقع وزارة الأوقاف السعودية
                [6] رواه الإمام مسلم في صحيحه-الصفحة أو الرقم: 2277
                .
                المراجع والنقل بتصرف:
                ________________________

                - من كتاب: رَحمةٌ للعَالَمِين مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سَيِّدُ النَّاسِ أَجمَعِين، للدكتور سعيد القحطاني
                - من مقال: أربعون عاماً قبل النبوة، لعبد الملك الجاسر، المصدر: صيد الفوائد.
                - من كتاب:
                السِّيرةُ النّبوية - عرضُ وقائع وَتحليل أحدَاث، لعلي محمد محمد الصَّلاَّبي
                إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                تعليق


                • #9
                  رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                  جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الرائع وهذا الجمع والترتيب الموفق بفضل الله ومنه عليك ، وأرجوا أن تربط الواقع المعاصر بدروس السيرة النبوية اللاحقة لتعم الفائدة ويتخذ القارئ منها نبراسا في طريق سيره إلى الله وسط بيئته المحيطة به ليساعده في حل مشكلاته وتوجه واقعه في ضوء ما يفهمه من شرحك لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليعم النفع وجزاكم الله خيرا
                  من أقوال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
                  خير الغنى غنى النفس وخير الزاد التقوى
                  وشر العمى عمى القلب
                  واعظم الخطايا الكذب
                  وشـر المكاسب الربا وشر المآكل اليتيم
                  ومن يعف يعف الله عنه ومن يغفر يغفر الله له

                  تعليق


                  • #10
                    رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                    المشاركة الأصلية بواسطة سيد البنا مشاهدة المشاركة
                    جزاكم الله خيرا على هذا المجهود الرائع وهذا الجمع والترتيب الموفق بفضل الله ومنه عليك ، وأرجوا أن تربط الواقع المعاصر بدروس السيرة النبوية اللاحقة لتعم الفائدة ويتخذ القارئ منها نبراسا في طريق سيره إلى الله وسط بيئته المحيطة به ليساعده في حل مشكلاته وتوجه واقعه في ضوء ما يفهمه من شرحك لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليعم النفع وجزاكم الله خيرا
                    جزاكم الله خير الجزاء أخي الكريم وبارك فيك
                    وهذا ما كنت أنويه بأمر الله تعالى، إستكمالًا لهذا الموضوع
                    ؛ فأسأكم الدعاء
                    الله المستعان
                    إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                    والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                    يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                    الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                    تعليق


                    • #11
                      رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                      الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد..

                      فإنَّ السيرة النبوية هي السبيل إلى فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم -من خلال حياته التي عاشها-، لِنَحذُوا حَذوَهُ ونجعله قدوتنا الحسنة،
                      فنقتدي به ونتبع هديه؛ فالاقتداء به صلى الله عليه وسلم أمر من الله تعالى للناس، القائل في كتابه:
                      ﴿
                      لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا الأحزاب: ٢١.

                      هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله؛
                      وعلى كل مسلم أن
                      يستفيد ويتعلم من مُعلِّم البشرية وقدوتها ومؤدبها ومربيها، وأن يسير على نهجه صلى الله عليه وسلم؛
                      فلن ينصلح حال الأمة إلا إذا رجعت إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

                      وخير مُعين للأمة الإسلامية على فهم الكتاب والسنة: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم،
                      التي من خلالها يأتي
                      الفهم الصحيح للنصوص، وعدم الانحراف في الفهم والتطبيق، والتي فيها القدوة العملية للأجيال المسلمة على مر العصور،
                      فهي تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه،
                      كما تقدم النموذج الرائع للمسلم الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولرئيس الدولة الذي يسوس الأمور بحكمة بالغة،
                      وللزوج المثالي في حسن معاملته لأهله، وللأب في حنو عاطفته، وللقائد الحربي الماهر، والسياسي الصادق الحكيم.

                      إنَّ السيرة النبوية هي القدوة العملية للمسلم الجامع بين واجباته وعبادته لربه،
                      فالسيرة النبوية هي الطريق الوحيد المؤدي للمعاملة الحسنة؛ بمعاملة ومعاشرة الأهل والأصحاب وكل الناس بالإخلاق الحسنة.



                      ليسَ الطريقُ سِوَى طريق محمد ... فهي الصِّراط المستقيم لمن سلك

                      من يمشي في طُرقاتهِ فقد اهتدى ... سُبَل الرَّشاد، ومَن يزِغْ عنها هلك [1]

                      إن حاجتنا لدراسة السيرة النبوية شديدة، إذ أنها تُعمِّق حب النبي صلى الله عليه وسلم في القلوب، وتحيي في الأمَّة روح العزَّة والمجد والشرف،
                      وتُصلح ما فسد من أخلاقها وآدابها، وتُقدم القدوة وتُبرز الجوانب الإنسانية والأخلاقية في أرفع نموذج وأتم صورة للاقتداء به واتباعه صلى الله عليه وسلم.

                      هكذا كانت حياة الصحابة والتابعين -وهم قدوتنا أيضًا- تخلَّقوا بالأخلاق الحسنة،

                      مُستنِدين في ذلك إلى ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

                      قال ابن مسعود رضى الله عنه:
                      [أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل الأمة، أبرَّها قلوبًا، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصُحبة نبيه، ولإقامة دينه،
                      فاعرفوا لهم فضلهم، واتَّبعوهم على أثرهم، وتمسَّكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم
                      ] [2]



                      وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى:
                      [
                      لن يُصلح اللهُ آخرَ هذه الأمة إلا بما أصلحَ به أولها ].


                      فما أحوج أمتنا الإسلامية الآن إلى التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم، والتخلق بالأخلاق الحسنة،

                      والأمة الإسلامية عِمادُها ورَكيزتُها هم الشباب، بهم تقوى الأمة إذا ما اقتدوا بمُعلِّم الإنسانية وقدوتها محمد صلى الله عليه وسلم.

                      وإسقاطًا على حياتنا المعاصرة الآن، مما سبق عرضه من وقفات سريعة كانت مع حياته صلى الله عليه وسلم في بعض مراحل شبابه وقبل بعثته،
                      نلقي الضوء على بعض الدروس والعبر؛ لنستفيد منها جميعًا،
                      وبالأخصّ.. ليستفيد منها شبابنا الواعد.

                      فهيا معًا يا إخواني وأبنائي الأحباء نُفنِّد بعض هذه الدروس، سائلًا المولى تبارك وتعالى أن يوفقني لما فيه الفائدة والنفع،
                      فأقول وبالله التوفيق..


                      لصلاح أحوال الأمة الإسلامية؛ يجب أن يبدأ الإصلاح من داخل كل بيت إسلامي،

                      وأول وسائل الإصلاح أو الدعامة الرئيسية لها؛ هي الرجوع إلى أخلاقنا الإسلامية الحسنة..
                      ولا شك بكل المقاييس أن المسلم يستقي هذه الأخلاق الحسنة من القرآن والسنة النبوية المطهرة.
                      فمن القرآن.. أول ما نأخذ به ونحن نتكلم عن الدروس المستفادة من سيرته صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى:
                      { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم: 4

                      و
                      من السنة النبوية، وهي أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم، فعندما نحرص على الأخذ بها؛
                      يجب أن ندرس سيرته صلى الله عليه وسلم، ليكتمل لدينا الفهم،
                      ولنتعرف على خُلُقه صلى الله عليه وسلم، ثم نسعى للتحلِّي بها.

                      و الخُلق في اللغة: هو العادة، والسجيَّة، والطَّبع، والمروءة، والدِّين.

                      أمَّا
                      موضوع الأخلاق الحسنة الذي نحتاج إليه الآن في واقعنا المعاصر:
                      فهو كل ما يتصلُ بعمل المسلمِ ونشاطهِ وما يتعلقُ بعلاقتهِ بربهِ، وعلاقتهِ مع نفسهِ، وعلاقته مع غيرهِ من بني جنسه، وما يحيطُ به من حيوانٍ وجمادٍ.

                      قال الإمام ابن قيم الجوزية: ( الدين كلُّه خُلُق، فمن زادَ عليك في الخُلق زاد عليك في الدين ).


                      فعلى المسلم أن يكون في مجتمعه إيجابيًا فاعلاً، لا أن يكون رقمًا من الأرقام على هامش الأحداث في بيئته ومجتمعه.


                      و
                      الأخلاق الحسنة تقوم على أربعة أركان أساسية:
                      ..
                      1- الصبــــــــــر؛ بالحلم والأناة والرفق، وحبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخط والشكاية لأقداره، والتحمل وكظم الغيظ.
                      ..
                      2- الـعـفـــــــــــة؛ بالحياء -وهو رأس كل خير-، واجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل.
                      ..

                      3- الشجاعة؛ بعِزَّة النفس، والإقدام على المكاره والمهالك عند الحاجة إلى ذلك، وثبات الجأش عند المخاوف، والاستهانة بالموت.
                      ..

                      4- العـــــــــدل؛ باعتدال الأخـلاق، والقصد في الأمور؛ باستعمالها في مواضعها، وأوقاتها، ووجوهها، ومقاديرها؛ من غير سرف ولا تقصير.

                      ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة.

                      وخير من تجمعت فيه جميع الأخلاق الفاضلة هو سيدنا وإمامنا محمد صلى الله عليه وسلم..

                      فهو الذي تجمعت فيه محاسن الأخلاق كاملة
                      هو سَيـِّـــــدٌ للأولين والآخرين في الدنيا قاطبة
                      صلوا عليه وسلموا تسليما


                      فــــــــ الصَّبْر
                      و العفة و الشَّجَاعَة و العَدْل و الأمَانَة و الصِّدْق ،
                      و الإحْسَان و الأُلْفَة و الإيثَار و البِرُّ والبَشَاشَة و التَّأنِّي (الأناة) و التَّضْحية و التَّعاون و التَّواضُع و التَّودُّد و الجُود و الكَرَم و السَّخاء و البَذْل
                      و
                      حسن الظَّن و الحِكْمَة و الحِلْم و الحَيَاء و الرَّحْمَة و الرِّفق و السَّتْرُ و السَّكِينَة و سلامة الصَّدر و السَّمَاحة و الشَّفَقَة و الشهامة و الصَّمْت
                      و العِزَّة و العَزْم و العَزِيمَة و العفو و الصفح و عُلُو الهِمَّة و الغَيْرة و الفِرَاسَة و الفَصَاحة و الفِطْنَة و الذَّكاء و القَنَاعَة و كتمَان السِّرِّ و كَظْم الغَيْظ
                      و المحبَّة و المدَاراة و المروءَة و المزاحُ و النُّبْل و النَّزَاهَة و النَّشَاط و النُّصْرَة و النَّصِيحَة و الوَرَع و الوَفَاء بالعَهْد و الوَقَار.


                      كل هذه الأخلاق حباه الله بها، صلى الله عليه وسلم، ولنا فيه الأسوة الحسنة.
                      فهلَّا درسنا كل خلق من هذه الأخلاق، من خلال سيرته صلى الله عليه وسلم، لنتعلمه جيدًا ونطبقه في حياتنا؛ على أنفسنا أولًا، ثم لمن حولنا.

                      وللحديث بقية بأمر الله تعالى، فتابعونا...



                      _______________________
                      [1] لابن يوسف الياسوفي(شذرات الذهب 6 / 308)
                      [2] أخرجه أبو عمر ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (97/ 2).
                      ...................
                      المراجع:
                      - إسلام ويب
                      - مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ، للمؤلف: خالد الخراز
                      إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                      والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                      يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                      الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                      تعليق


                      • #12
                        رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                        الكرام الأفاضل.. يا من تحبون الله ورسوله
                        كما رأينا كيف كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه، وكيف كانت محطّ أنظار مجتمعه، فصار مضرب المثل فيهم،
                        ولقبوه
                        بــــ الأمـيــــــــن؛ بسبب الخُـلــــق الـكـــريــــم الذي حباه الله به،
                        وهذا يعطينا صورة حية عن قيمة الأخلاق في المجتمع، وعن احترام صاحب الخلق ولو في المجتمع المنحرف..

                        يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا ... مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
                        لَو لَم تُقِم دينًا لَقامَت وَحدَها ... دينًا تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ
                        زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ ... يُغرَىَ بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ
                        [1]

                        صلوا عليه وسلموا تسليما

                        فـــ أخلاقه صلى الله عليه وسلم فرضت على قومه التعامل معه بخلاف غيره من الشباب؛
                        وكان ذو شأن عظيم بينهم، وكانوا يأتمنونه أكثر من غيره.


                        وكما قرأنا معًا في وقفتنا الرابعة، عندما خَــرج صلى الله عليه وسلم إلى تجارة الشام وهو في الخامسة والعشرين من عمره،
                        فتعالوا معًا نخرج بدروس وعبر لنستفيد بها...
                        فها هي أمنا خديجة رضي الله عنها لم ترضى بغيره من الرجال أن يتجر بمالها.

                        ولأن الأمانة والصدق أهم مواصفات التاجر الناجح -وهذه صفتة صلى الله عليه وسلم-؛ فهي التي رغَّبَت السيدة خديجة في أن تعطيه مالها
                        ليتاجر به ويسافر به إلى الشام، فبارك الله لها في تجارتها، وفتح الله لها من أبواب الخير ما يليق بكرم الكريم.


                        فالأمانة والصدق كانتا سببًا في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها، بتقدير الله تعالى،
                        ولقد اختار الله سبحانه وتعالى لنبيه زوجة تُناسِبُه وتُؤازِرُه، وتُخفِّف عنه ما يُصيبه، وتُعينهُ على حمل تكاليف الرسالة وتعيش همومه.

                        إن التجارة مورد من موارد الرزق التي سخرها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة, وقد تدرب النبي صلى الله عليه وسلم على فنونها،
                        وبيَّن لنا أن التاجر الصدوق الأمين في هذا الدين يُحشر مع الصديقين والشهداء والنبيين، وهذه المهنة مهمة للمسلمين،
                        ولا يقع صاحبها تحت إرادة الآخرين واستعبادهم وقهرهم وإذلالهم, فهو ليس في حاجة إليهم, بل هم في حاجة إليه وبحاجة إلى خبرته وأمانته وعفته.


                        ودعونا نقف هنا وقفة مُطوَّلة قليلًا عند هذا الخُلق العظيم، لسيد الأولين والآخرين، صلَّى الله عليه وسلَّم..
                        الأَمَــانـَــةُ والـصـِّــــدْقُ

                        فــــ
                        الأمانة والصدق من الأخلاق الإسلامية الحسنة التي يجب أن يتحلى بها المسلم، أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم،
                        بعد الإمتثال لأمر الله تعالى في قوله سبحانه:
                        ﴿ ...وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ... ﴾ الطلاق: ٢, ٣

                        فالأمانة والصدق من التقوى، والتقوى تفتح للعبد أبواب الرزق من حيث لا يحتسب، قال الإمام السعدي رحمه الله في تفسيره:
                        [ والآية، وإن كانت في سياق الطلاق والرجعة، فإن العبرة بعموم اللفظ،
                        فكل من اتقى الله تعالى، ولازم مرضاة الله في جميع أحواله، فإن الله يثيبه في الدنيا والآخرة،
                        ومن جملة ثوابه أن يجعل له فرجًا ومخرجًا من كل شدة ومشقة،
                        وكما أن من اتقى الله جعل له فرجًا ومخرجًا
                        ، فمن لم يتق الله، وقع في الشدائد والآصار والأغلال، التي لا يقدر على التخلص منها والخروج من تبعتها ].


                        فـــ الأمانة كلمة واسعة المفهوم، وهي ضد الخيانة، ويدخل فيها أنواع كثيرة، منها على سبيل المثال:
                        .

                        1- الأمـــانــــة العُـظـمـــــى ، وهي الدين والتمسك به ، قال تعالى:
                        .....
                        ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ الأحزاب: ٧٢.
                        قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: الأمانة تعُمّ جميع وظائف الدين.

                        وقد رأينا في وقفتنا السادسة أمانته العظمى صلى الله عليه وسلم وهو في شبابه، في عزوفه عن كل ما فيه شرك بالله، وخروجه للتعبد في غار حراء.
                        هذه فطرة الله التي فطر الناس عليها.. فطرة الإسلام التي أنعم الله بها على الأنبياء والرسل قبل تكليفهم بالرسالة، وعصمهم بفضله،
                        وكان نبينا الهادي محمد صلى الله عليه وسلم على الفطرة في شبابه قبل البعثة؛ بعصمة الله له.. الذي لا عاصم غيره.

                        فسبحان الذي عصمنا بفضله ورحمته وجعلنا من المسلمين، من أمة خير خلق الله أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

                        هذه الفطرة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الإمام البخاري:
                        "
                        ما من مولودٍ إلا يُولَدُ على الفطرةِ ، فأبواه يُهوِّدَانِه ، ويُنصرِّانِه ،... الحديث "

                        فكل مولود يولد وهو قابل لدين الإسلام لأن فطرته تتقبل هذا، ولكن الفطرة قد تتغير بسبب التربية السيئة،
                        فإمَّا يربيه أبوه على اليهودية، أو النصرانية، أو المجوسية؛ فالذي يُحرِّف الفطرة السليمة هو التربية السيئة والتربية الخبيثة.

                        فأنت أيها الوالد المسلم،
                        الفاضل الكريم.. قد أنعم عليك ربك العظيم بنعمة الإسلام والدين القويم،

                        فلتحرص على المحافظة على فطرة أولادك الدينية، فتأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله، وتربيهم تربيةً إسلامية توافق فطرتهم.

                        وأنت أيها الشاب المسلم، الفاضل الكريم.. قد أنعم عليك ربك العظيم بعصمته لك بالدين القويم،
                        فلتحرص على المحافظة على نعمة الله لك، التي عصمك بها من فضله، وأنشأك في بيت إسلامي على فطرة الله تعالى
                        فلتحرص كل الحرص يا ولدي الكريم على التخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وتتمسك بالأمانة العظمى.

                        2- كل ما أعطاك الله من نعمة
                        فهي أمانة لديك يجب حفظها واستعمالها وفق ما أراد منك المُؤتَمن، وهو الله جل وعلا،
                        ...
                        فالبَصَرُ أمانة، والسَّمعُ أمانة، واليْدُ أمانة، والرِجْلُ أمانة، والِّلسَانُ أمانة، والمَالُ أمانة أيضاً، فلا يُنفَقُ إلا فيما يُرضِي الله.

                        وهذا ما تعلمناه جيدًا في وقفتنا الثالثة ، والسادسة، كيف حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على جميع جوارحه من كل الرذائل.

                        سيقول قائل: إن الله تعالى عصَمَهُ في شبابه؛ لأنَّه خصَّه بالرسالة والنبوة، وكان يعدّه لذلك.
                        والجواب:
                        نعم هذه عِصْمَةُ الله لهُ صلى الله عليه وسلم، كما عَصَمَ جميع الأنبياء والرسل؛
                        لكن.. ألا يعصم الله عباده المتقين أيضًا؟!
                        ألم نقرأ معًا جزاء من يتقي الله سبحانه وتعالى؟!
                        فما بالكم بمن حبس نفسه عن الشهوات المُحرَّمة، خشيةً لله وتقواه، وظلَّ صابرًا مستعينًا بالله عزَّ وجلَّ؛
                        ألا يعصمه الله تعالى من الوقوع في الرذائل؟!!

                        ما بالكم بعبدٍ قد حَفِظَ الله، فوجد الله تُجَاهَه؟!!
                        [2]

                        حفظنا وعصمنا الله وإياكم من الفواحش ما ظهر منها وما بطن.

                        3- العرض أمانة، فيجب عليك أن تحفظ عرضك ولا تضيعه، فتحفظ نفسك من الفاحشة، وكذلك كل من تحت يدك، وتحفظهم عن الوقوع فيها.

                        4- الـولـد أمـانـة ، فحفظه أمانة ، ورعايته أمانة ، وتربيته أمانة.
                        فأمانة العرض والولد يجب أن نستنبطها من وقفاتنا الثالثة والرابعة والسادسة؛
                        ففي شبابه صلَّى الله عليه وسلَّم
                        حماه الله وعصمه، وكان عفيف النفس حافظًا لعرضه من كل الرذائل،
                        وفي زواجه صلَّى الله عليه وسلَّم من السيدة خديجة رضي الله عنها، جمع الله بين:
                        مَنْ كان مُنزَّهًا مِنَ العيوب والرذائل، وسيدة قومها،
                        ..
                        فزواج
                        الأميـــــن بــــ الطَّاهــــرة، كما لُقِّبا في الجاهلية؛ لابد وأن يكون زواجًا مثاليًا..
                        بالمحافظة على العرض، والمحافظة على الولد؛ بالرعاية التامَّة، والتربية الحسنة،
                        ثم المحافظة على أسمى صور الحياة الأسرية، والمثل الأعلى المتكامل الذي نحتاج لفهمه في أبواب وأبواب من البحث والدراسة.

                        5- العمل الذي تُوكَّل به أمانة، وتضييعه خيانة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
                        .
                        " إذا ضُيِّعَت الأمانةُ فانتظِرِ السَّاعةَ " ، قال : كيف إضاعتُها يا رسولَ الله ؟ قال : " إذا أُسنِدَ الأمرُ إلى غيرِ أهلِه فانتظِرِ السَّاعة " [3]
                        وأمانة العمل.. تبدو واضحةً جليةً في وقفتنا الثانية والرابعة؛
                        .أولًا: لما كان يعمل صلى الله عليه وسلم برعي الغنم.. فمن البديهي أنه لولا أمانته لما طالبه بعض أهل مكة برعي أغنامهم.
                        ثانيًا: لما خرج للشام في تجارة للسيدة خديجة رضي الله عنها.. ما كانت لتختاره صلى الله عليه وسلم إلَّا لأمانته وصدقه.

                        6- السر أمانة، وإفشاؤه خيانة، ولو حصل بينك وبين صاحبك خصام فهذا لا يدفعك لإفشاء سره، فإنه من لؤم الطباع، ودناءة النفوس،
                        قال صلى الله عليه وسلم :
                        "
                        إذا حدَّثَ الرجلُ بحديثٍ ، ثمَّ التفتَ فهي أمانةٌ ". [4]

                        ومعنى الحديث:
                        إذا تحدَّث الرجل عند أحدٍ بحديث يريد إخفاءه، ثم التفت يمينًا وشمالًا احتياطًا؛ فذلك الحديث أمانةً عند من حَدَّثهُ
                        أي: حُكْمُهُ حُكْمُ الأمانة؛ فلا يجوز إضاعتها بإشاعتها بين الناس.
                        قال ابن رسلان: لأن التفاتهُ إعلَامٌ لِمَن يُحدِّثُهُ أنَّه يخافُ أن يسمعَ حديثه أحد، وأنَّه قد خصَّهُ سرَّه، فكان الالتفات قائما مقام: اكْتُمْ هذا عنِّي،
                        أي: خُذْهُ عنِّي واكْتُمْهُ، وهُوَ عندك أمانة.
                        [5]

                        وهذا النوع من خلق أمانة حفظ السر؛ لاشك أنَّه صَاحَبَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم منذ نشأته وفي صباه وفي شبابه قبل بعثته،
                        إلى أن لقبه قومه بالأمين.. كما رأينا ذلك في
                        كل وقفاتنا السابقة.

                        فإفشاء السر آفة من أشد الآفات خطورة على المجتمع،
                        ومن أشد ذلك؛ إفشاء السر بين الزوجين، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال:
                        قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
                        "
                        إنَّ من أعظَمِ الأمانةِ عندَ اللَّهِ يومَ القيامةِ: الرَّجلَ يُفضي إلى امرأتِهِ وتُفضي إليْهِ ثمَّ ينشُرُ سرَّها ".[6]

                        7- الأمانة، بمعنى الوديعة، وهذه يجب المحافظة عليها، ثم أداؤها كما كانت.

                        وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هو خير من يحافظ على الودائع ويؤديها كما كانت، وهذا أيضًا مارأيناه في وقفتنا الثانية والرابعة؛
                        .أولًا: لما كان يعمل صلى الله عليه وسلم برعي غنم بعض أهل مكة.
                        ثانيًا: لما خرج للشام في تجـارة للسيدة خديجة رضي الله عنها.





                        صلَّي. اللهُ. عليهِ. وعلَى. آلهِ. وصَحبِه. وسَــلَّم


                        الصَّبْر و العفة و الشَّجَاعَة و العَدْل

                        ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة.

                        وخير من تجمعت فيه جميع الأخلاق الفاضلة هو سيدنا وإمامنا محمد صلى الله عليه وسلم..




                        وأخيرًا، وفي وقفتنا الثانية؛ نرى أنه صلَّى الله عليه وسلَّم كيف اكتسب من رعيه للغنم عدة خصال تربوية.. منها:
                        1 - الصبر:
                        على الرعي من طلوع الشمس إلى غروبها، نظرا لبطء الغنم في الأكل، فيحتاج راعيها إلى الصبر والتحمل، وكذا تربية البشر.

                        2 - التواضع:
                        في خدمة الغنم, والإشراف على ولادتها، والقيام بحراستها والنوم بالقرب منها، فيبعد بذلك عن نفسه الكبر والكبرياء، ويرتكز في نفسه خلق التواضع.

                        3 - الشجاعة:
                        فطبيعة عمل الراعي الاصطدام بالوحوش المفترسة، فلا بد أن يكون على جانب كبير من الشجاعة تؤهله للقضاء على الوحوش ومنعها من افتراس أغنامه.

                        4 - الرحمة والعطف:
                        بمساعدة الغنم إذا مرِضَت أو كُسِرَت أو أُصيبَت، والعطف عليها وعلاجها والتخفيف من آلامها, فمن يرحم الحيوان يكون أشد رحمة بالإنسان.

                        5 - حب الكسب من عرق الجبين:
                        إنَّ الله قادر على أن يُغني محمدًا صلى الله عليه وسلم عن رعي الغنم، ولكن هذه تربية له ولأمته للأكل من كسب اليد وعرق الجبين.

                        الكرام الأفاضل.. هلَّا تعلَّمنا منه صلَّى الله عليه وسلم وتخلَّقنا بأخلاقه؟


                        فهو الذي تجمعت فيه محاسن الأخلاق كاملة
                        هو سَيـِّـــــدٌ للأولين والآخرين في الدنيا قاطبة
                        صلوا عليه وسلموا تسليما



                        إخواني وأبنائي الكرام..
                        هيا بنا نشحذ هِمَمَنا ونعقِدُ العزمُ ونُخلِصُ النية لله تعالى، ونبدأ من الآن بالتخلق بأخلاقنا الإسلامية الحسنة؛
                        أسوة بنبينا ومعلمنا ومربينا محمد صلَّى الله عليه وسلم، الذي علَّمنا فضيلة
                        الأمانة و الصِّدْق؛ فـقــــال:

                        " لا إيمانَ لمنْ لا أمانةَ لهُ، ولا دينَ لمنْ لا عهدَ لهُ " [7]

                        أمَّا الصِّدق، وهو الطريقُ الأقوى المؤدِّي إلى رِضوانِ الله سبحانه؛
                        فمَن سلَكه كان مِن الواصلين الناجين، ومَن حاد وانحرَف عنه كان مِن المُنقطعين الهالكين؛

                        فالصِّدق مِفتاح الصِّديقيَّة ومؤدَّاها؛ كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم:
                        " عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا ،
                        وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَالْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا
                        ".
                        [8]


                        وباب الكلام عن الصدق والأمانة يحتاج لكلام لا ينتهي، ولا يكفي له عدة مواضيع
                        فأوصي نفسي وإياكم يا أحبائي في الله.. يا إخواني وأبنائي الأفاضل الكرام
                        بالتمسك بهدي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، والتخلق بأخلاقه العظيمة؛ التي هي سبب كل فلاح ونجاح في الدنيا والآخرة.


                        صلَّى .الله. عليكَـ.يا سيدي .يا رسول الله ، وعلى. آلِكَـ. وصَحبِكَـ. وسَلَّم

                        يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا ... مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
                        لَو لَم تُقِم دينًا لَقامَت وَحدَها ... دينًا تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ
                        زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ ... يُغرَىَ بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ

                        أَمّا الجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ
                        ... وَمَلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَياءُ
                        وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ ... ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَماءُ
                        فَإِذا سَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى ... وَفَعَلتَ ما لا تَفعَلُ الأَنواءُ
                        وَإِذا عَفَوتَ فَقادِرًا وَمُقَدَّرًا ... لا يَستَهينُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
                        وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ ... هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ
                        وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ ... في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
                        وَإِذا رَضيتَ فَذاكَ في مَرضاتِهِ ... وَرِضا الكَثيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
                        وَإِذا خَطَبتَ فَلِلمَنابِرِ هِزَّةٌ ... تَعرو النَدِيَّ وَلِلقُلوبِ بُكاءُ
                        وَإِذا قَضَيتَ فَلا ارتِيابَ كَأَنَّما ... جاءَ الخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
                        وَإِذا حَمَيتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو ... أَنَّ القَياصِرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ
                        وَإِذا أَجَرتَ فَأَنتَ بَيتُ اللهِ لَم
                        ... يَدخُل عَلَيهِ المُستَجيرَ عَداءُ
                        وَإِذا مَلَكتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها
                        ... وَلَوَ اَنَّ ما مَلَكَت يَداكَ الشاءُ
                        وَإِذا بَنَيتَ فَخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً
                        ... وَإِذا ابتَنَيتَ فَدونَكَ الآباءُ
                        وَإِذا صَحِبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّمًا
                        ... في بُردِكَ الأَصحابُ وَالخُلَطاءُ
                        وَإِذا أَخَذتَ العَهدَ أَو أَعطَيتَهُ
                        ... فَجَميعُ عَهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ
                        وَإِذا مَشَيتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ
                        ... وَإِذا جَرَيتَ فَإِنَّكَ النَكباءُ
                        وَتَمُدُّ حِلمَكَ لِلسَفيهِ مُدارِيًا
                        ... حَتّى يَضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ
                        في كُلِّ نَفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ
                        ... وَلِكُلِّ نَفسٍ في نَداكَ رَجاءُ [1]



                        __________________________
                        [1] قصيدة وُلِــدَ الهُـــدى للشاعر أحمد شوقى
                        [2] عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا، قال:
                        " يا غلامُ، إني أعلِّمُك كلماتٍ: احفَظِ اللهَ يحفَظْك، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ،
                        واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك،
                        وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ "
                        للفائدة إقرأ هذه الخطبة بعنوان (احفظ الله يحفظك): هنــــا
                        صححه الإمام الترمذي في سننه-الصفحة أو الرقم: 2516
                        [3] رواه الإمام البخاري-الصفحة أو الرقم: 6496
                        [4] صححه الإمام السيوطي في: الجامع الصغير-الصفحة أو الرقم: 561
                        [5] بتصرف من شرح المباركفوري في: عون المعبود.
                        [6] رواه الإمام مسلم في صحيحه-الصفحة أو الرقم: 1437
                        [7]صححه الإمام السيوطي في: الجامع الصغير-الصفحة أو الرقم: 9704
                        [8] رواه الإمام البخاري-الأدب المفرد
                        ...................
                        المراجع:
                        - السِّيرةُ النّبوية،
                        للمؤلف: عَلي محمد محمد الصَّلاَّبي
                        - مَوْسُوعَةُ الأَخْلَاقِ، للمؤلف: خالد الخراز
                        - من مقال: الأمانة وأنواعها، لعلي بن عبدالعزيز الراجحي
                        إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                        والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                        يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                        الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                        تعليق


                        • #13
                          رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                          جزاك الله خير الجزاء

                          لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ



                          تعليق


                          • #14
                            رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                            المشاركة الأصلية بواسطة ~ الراجي عفو ربه ~ مشاهدة المشاركة
                            جزاك الله خير الجزاء

                            وجزاك الله كل الخير وبارك فيك
                            إنّ من جملة الهجر أن يهجر المرء الإعتقاد الفاسد إلى الإعتقاد الصحيح،
                            والسلوك الفاسد إلى السلوك الصحيح، والفقه الفاسد إلى الفقه الصحيح،
                            يهجُر البدعة إلى السنة، ويهجر المعصية إلى الطاعة.

                            الشيخ/ أبو اسحق الحويني ، حفظه الله

                            تعليق


                            • #15
                              رد: هل حققنا شروط نصرته؟!! ، وهل حققنا تدارس سيرته؟!!

                              عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                              جزاك الله عنا كل خير شيخنا
                              ونفع الله بك وبارك الله فيك

                              تعليق

                              يعمل...
                              X