الصفات الإثنى العشر لصنّاع المستقبل
إن النجاح وتحقيق مستقبل أفضل صناعة هؤلاء من ذوي العزائم الصلبة الذين عرفوا دربهم فساروا عليه. إننا في زمن كل شيء فيه يتغير ويتطور بسرعة يعجز العقل عن تصديقها وملاحظتها. إنه عصر التقنيات والمعلومات الذي يفرض علينا أن نجيد صناعة النجاح والتطور.
1- كن ذا رؤية مستقبلية:
فلا يجدر بالشخص أن يجعل الحياة تأخذه يمنة ويسرة دون أن يحرك ساكناً. فالرؤية الواضحة للمستقبل تحفز الإنسان على المضي قدماً لتحقيق أهدافه وتجعله على بصيرة بالعقبات التي قد تواجهه فلا يصاب باليأس أو القنوط وبالتالي لا يرضخ لأقوال المرجفين والمثبطين. وهذا يتطلب أن يجلس الإنسان مع نفسه جلسات للمصارحة وتحديد الهدف وليبدأ فيسأل نفسه "ما أهدافي في الحياة؟" وكيف أكون في عام 2010 مثلاً؟ ولابد أن يجيب عن الأسئلة فهو وحده الذي يملك أن يجيب عنه لا أحد غيره.
2- كن ذا إرادة قوية:
فالعلم وحده لا يكفي لتحقيق النجاح فكم من هؤلاء الذين لديهم شهادات رفيعة إلا أنهم غير ناجحين والموهبة كذلك لا تكفي وحدها فكم من الموهوبين فشلوا في أن يكون لهم موطئ قدم في دنيا العظماء. إنما يلزم مع العلم والموهبة أن يكون الإنسان ذا إرادة صلبة وعزيمة فتية تحركه وتكون باعثه الحقيقي للنجاح. يقول ابن القيم: "إنما كمال كل امرئ يكون بهمة ترقيه وعلم يبصره ويهديه"، ويقول كالفن كولدج: "ليس هناك شيء يمكن أن يحل محل الإصرار. حتى الموهبة لا تحل محل الإصرار فما أكثر الأشخاص الفاشلين الذين يمتلكون مواهب نادرة. ولا حتى العبقرية وحدها لا تحل محل الإصرار، فالعباقرة الذين لا يجيدون النجاح كثيرون، وحتى التعليم وحده لا يحل محل الإصرار فالعالم ملئ بالمتعلمين الفاشلين وترجح كفة الإصرار فالإصرار وحده هو الذي يجعلك عظيماً!!
3- إمسك بزمام الأمور:
إن الإنسان حينما يسير في دروب الحياة يكون كالقبطان الذي يقود السفينة في بحر متلاطم الأمواج، فإما أن يكون حكيماً مُلمّاً بظروف الطقس من حوله ويحاول أن يقود سفينته بمهارة حتى يصل إلى بر الأمان وإما أن يكون قائداً أهوج أرعن لا يخضع إلى نصح فيصل به أمره إلى الهلاك. يقول بيتر كابلان في كتابه (كيف تسيطر على الآخرين): "إن كل شخص يولد ولديه قوة طبيعية لأن يكون المسيطر على حياته وليس ضحية لهذه الحياة" فلتتحرك ولتكن أنت الشخص الذي يسيطر على أموره ويعرف كيف يسير وإلى أين ينتهي به المطاف.
4- طوّر أداءك بصفة مستمرة:
إذا لم يكن في زيادة فهو في نقصان، وإذا مرّ عليه يومه ولم يزدد فيه تطوراً وخبرة فهو خاسر. فيجدر بمن يريد أن يكون من العظماء أن يسعى لتطوير أدائه ومهاراته وخبراته ولا يجعل من تجارب الماضي الفاشلة التي مر بها أن تجره إلى الوراء فالخسارة ليست بالضرورة حكماً يستمر مدى الحياة بل على العكس من ذلك فالمرء قد يجعل من تجارب الفشل محفزاً الى التغيير وباعثاً إلى التطور. قالوا لتوماس إديسون: "إنك قد فشلت كثيراً حتى تكتشف المصباح الكهربي؟" ومعلوم في بعض الروايات أنه حاول 9999 مرة لاكتشافة؟، إلا أنه رد قائلاً: "إنني لم أفشل ولكنني كنت أحاول".
5- استفد من تجارب الآخرين:
إن الحكمة ضالّة المؤمن إن وجدها فهو أحق الناس بها. والحصيف هو الذي لا يدع تجربة تمر عليه دون أن يستفيد منها شيئاً جديداً ذا قيمة يكون زاداً ومحفزاً له تجاه تحقيق أهدافه في الحياة. ومما يساعدك في ذلك أن تتخذ أحد العظماء مثلاً تقتدي به وتسير على خطاه تتعلم كيف أصبح هؤلاء من عداد العظماء. يقول الشاعر:
تشبّه بالرجال إن لم تكن *** مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح
6- صوّب التركيز نحو الهدف:
فبعدما تحدد هدفك لابد أن تبدأ فوراً في التركيز على سبل تحقيقه. عليك أن تحلم بهدفك وانظر بعيداً وتخيل وضعك بعد تحقيقه ودائماً لا تنظر إلى نصف الكوب الممتلئ فتبدأ في اختلاق الأعذار التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن أنظر إلى النصف الفارغ والذي من خلاله سوف تدرك فسحة الأمل الباقي والذي يحفزك إلى تحقيق المزيد. وكن كلاعب مباريات الرماية الذي يحدد هدفه مسبقاً لكل مهارة ثم يبدأ في مرحلة الاستعداد والتهيئة النفسية للتصويب على الهدف وما أن يتم ذلك بمهارة حتى يتمكن فوراً من النجاح في مهمته.
ومن فوائد تحديد الأهداف هو أنه يحفّز الإنسان نحو المزيد من الإنجاز والعمل والإنتاج "فتحديد أهدافك وشعورك بأنك تنجزها واحداً بعد الآخر يحفزك على المزيد من الإنجاز والعمل والتخطيط، كما يعزز ثقتك بنفسك ويغمرك بمشاعر الإنجاز والنجاح. وقد أشارت الدراسات النفسية إلى أن شعور اتجاه هدفه أو أنه قريب منه يشحنه بروح قوية من الحماس والنشاط ويجعله يتذوق طعم النجاح وينتقل من نجاح إلى آخر".
7- اعرف كيف تحقق هدفك :
وظّف كل طاقاتك ومهاراتك إلى أقصى درجة ممكنة. فالعظماء يبادرون الى القيام بما يجب عليهم أولاً بأول دون انتظار وهذا ما يميزهم عن غيرهم من سائر البشر. كذلك يجدر بك أن تعرف نقاط قوتك فتنميها ونقاط ضعفك فتعالجها.
وتنص (قاعدة باريتو) على أنه:يمكنك أن تكون فعالاً بنسبة 80% إذا أنجزت 20% من الأهداف التي ترسمها لنفسك. فلو كانت لديك قائمة يومية بعشرة أهداف، فإن هذا يعني أن من الممكن أن تكون فعالاً بنسبة 80% إذا أنجزت أهم هدفين منها فقط. إن الفكرة الرئيسة هنا هي أن الشخص يمكن أن يكون فعالاً وذا كفاءة عالية إذا ركز على الأهداف الأكثر أهمية أولاً
فإذا ما أردت أن تنجز أهدافك فعليك بوضع خطة عمل لإنجاز تلك الأهداف المرسومة، بحيث تكون حياتك مبرمجة لتحقيق أهدافك المحددة.
8- رتب أولوياتك:
ترتيب الأولويات قاعدة هامة للتخطيط للمستقبل، فالإنسان الناجح هو من يستطيع أن يحقق أفضل النتائج في الوقت المتاح، ولن تتمكن من ذلك إلاباتباع قاعدة (ترتيب الأولويات) والتي تعني ترتيب الأهداف والمهام والأعمال بحسب الأهمية، الأهم فالمهم. وبذلك يستطيع الوصول لأهدافه المرسومة في أسرع وقت ممكن.
ومشكلة بعض الناس أنهم يبدأون بالمهم قبل الأهم، وبغير العاجل قبل العاجل، وبغير الضروري قبل الضروري؛ فتختلط الأمور، ويضيع الوقت بغير فائدة، أو بفائدة قليلة.
في حين أن الإنسان يجب أن يكون لديه رسالة واضحة في حياته، ويرسم لنفسه أهدافاً محددة، ويعمل على استثمار كل دقيقة من حياته في تحقيق أهدافه، وأن يبدأ بإنجاز واستثمار الأهم فالمهم كقاعدة لا غنى عنها لكل من يرغب في النجاح والتقدم والتطور.
وترتيب الأولويات شيء في غاية الأهمية حتى لا تضيع الجهود، أو تتبعثر الطاقات، ففي المجال الاقتصادي مثلاً يجب أن نراعي أولوياتنا الاقتصادية لا أن نبذر أموالنا في أمور كمالية وهامشية من دون أي تخطيط أو تفكير، حتى نجد أنفسنا وقد أصبحنا نعيش في أزمات اقتصادية خانقة، كان بإمكاننا الوقاية منها لو رتبنا أولوياتنا الاقتصادية بحسب قاعدة الأهم فالمهم.
وكذلك الطالب في دراسته عليه أن يلاحظ ما يحتاج إليه مجتمعه من كفاءات، وما ينقصه من تخصصات علمية. وبمعنى أدق: يجب أن يلاحظ ما يحتاج له سوق العمل، فيتوجه إلى التخصصات ذات الحاجة وذات الأهمية لأنها تمثل أولوية له ولمجتمعه ولسوق العمل. وكذلك الحال بالنسبة للإنسان العابد في عبادته، إذ لايصح له أن يترك الأعمال الواجبة ويأتي بالأعمال المستحبة بدلاً عنها!
وهكذا، يجب أن ندرب أنفسنا على الاهتمام بترتيب الأولويات، ومراعاة الأهم فالمهم حتى نستطيع الوصول لأفضل النتائج بما يضمن لنا النجاح في الحاضر والمستقبل.
9- تحمل نتيجة أفعالك:
الكثير من الناس يجيد ثقافة الشكوى. فما أن يصيبه مكروه أو شيء لا يتمناه حتى يبدأ في إلقاء اللوم على الظروف الاجتماعية أو النظام السياسي أو الناس يكرهونني أو الاستاذ لا يحبني ولذلك أعطاني درجات غير جيدة بالامتحان وغير ذلك. والقلة هي التي تعترف بالخطأ وتحاول تصحيحه فعلاً. وهؤلاء هم الناجحون فعلاً. ومن هنا عليك أن تتحمل نتيجة اختياراتك وأفعالك لأن ذلك سوف يكسبك ثقة الآخرين بك وبقدراتك ويجعلهم يقبلون على التعامل معك بكل حب وتقدير.
10- بادر إلى حل مشاكلك:
فكن ايجابياً ولا تنتظر من يحل لك مشاكلك. تقدم وامسك بزمام المبادرة. فأنت أقدر الناس على حل مشاكلك. لا تنتظر العصا السحرية أو الفانوس السحري ليأتي ويحل لك مشاكلك. وهذا يتطلب الواقعية في التعامل مع الأحداث. ونحن لسنا ضد الاستشارة: فما خاب من استخار ولا ندم من استشار، ما من مشكلة إلا ولها أكثر من حل. قد تكون المشكلة في عينك أنت فقط.
11- اتخذ قرارك بنفسك:
فبعد دراسة المشكلة بتأن لابد أن تتخذ القرار المناسب. فالعظماء يتميزون بإمعان النظر في الأمور التي تواجههم ومن ثم يتخذون قراراتهم بمنتهى الحكمة والتروي. ولابد من المرونة في تغيير القرار عند اكتشافك عدم صحته وجدواه. فالأمر ليس مجرد التشدد والتنطع بل الذكي هو الذي يعرف أين مصلحته فيدور وراءها. احذر أن تشغلك صغائر الأمور عن المضي قُدماً تجاه تحقيق أهدافك كما رسمتها لنفسك. تذكر أن عمرك هو رأس مالك الحقيقي فلا تضيعه في التردد!!
12- وضع خطة تنفيذية قابلة للتطبيق:
كي لا تتحول أهدافنا وتطلعاتنا إلى مجرد أمنيات تراوح مكانها لابد لنا من وضع خطة عملية واقعية، تحدد الأساليب والوسائل العملية للوصول إلى الأهداف المحددة، وإلا فمجرد أن يكون لدى الواحد منا مجموعة من الأهداف الكبيرة لايحقق له أي شيء إذا لم يُتْبع ذلك بخطوات عملية، وسعي متميز، وعمل دؤوب من أجل الوصول إلى الأهداف المرسومة. فالشخص الكسول والمسوّف للأعمال، والخامل عن العمل لن يحقق أي شيء من طموحاته؛ وإن وضع لنفسه أكبر الأهداف، وأفضل التطلعات.
ومن جهة أخرى يجب أن نقسم الخطة العملية بحسب الأهداف التي نطمح إلى تحقيقها، فنضع خطة لأهدافنا اليومية، وخطة لأهدافنا الأسبوعية، وخطة لأهدافنا الشهرية، وخطة لأهدافنا السنوية، وخطة لأهدافنا لمدة خمس سنوات...وهكذا يجب أن تكون لدينا أكثر من خطة للأهداف المرسومة، إذ ينبغي أن يكون لدينا خطة للأهداف القريبة الأجل ، وثانية للأهداف المتوسطة الأجل، وثالثة للأهداف البعيدة الأجل. ومع ذلك، ومن أجل تحقيق الأهداف والتطلعات والطموحات يجب أن نعمل على تأهيل أنفسنا علمياً وعملياً، وإيجاد المقدمات الضرورية واللازمة للوصول إلى أفضل النتائج، وأحسن الأعمال.
ا/عبد السلام بيومى
تعليق